عبد الواحد جعفر
15-07-2011, 11:57 AM
بسم الله الرحمن الرحيم الكلمة الشهرية
تفاصيل المشروع الأميركي
لدمقرطة الشرق الأوسط ودور الأمة الإسلامية وحملة الدعوة في التصدي له
انتهت الإدارة الأميركية مؤخرا من تطوير مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي حمل عنوان "الشرق الأوسط الموسع"، وقد قامت بإبلاغه عددا من البلدان وما تسميهم أميركا بحلفائها الأوروبيين للمشاركة معها في تنفيذ بنود المشروع المقدم. والذي يعني إحداث تغييرات جذرية على خريطة المنطقة لإعادة صياغتها وتأهيلها من جديد لضمان المحافظة على مصالحها وحمايتها بيد من حديد. وتشمل الصياغة الجديدة للمنطقة جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتتلاءم مع ما تريده من خلال تنفيذ هذا المشروع.
وقد قام بالإشراف على هذا المشروع الجديد فريق عمل فني برئاسة "بوب بلاكويل" مساعد مستشارة الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي "كوندوليزا رايس"، ومن المتوقع أن يقوم الرئيس "جورج بوش" بالإعلان عن تفاصيل الصيغة المعدلة لهذه المبادرة، والتي استغرق إعدادها حوالي أربعين يوما خلال الفترة الماضية، وبخاصة أنه كان قد أشار إلى هذه المبادرة وبشكل عابر في خطابه الذي ألقاه مؤخرا أمام المعهد القومي الأميركي للديموقراطية.
وقد تولت "كوندوليزا رايس" الترويج لصيغة المشروع خلال حفل عشاء جرى في العاصمة لندن مؤخرا أثناء زيارة الرئيس "جورج بوش" إلى العاصمة البريطانية، فقامت بعرض المشروع على عدد من كبار المسؤولين في الدول الأوروبية.
وحتى يتأكد ما أشار إليه الحزب عبر العديد من نشراته بما تدبره أميركا العدو اللدود للإسلام والمسلمين من مؤامرات لقلع الإسلام من نفوس المسلمين كما جاء في الكتيب الذي أصدره الحزب عام 1996م "الحملة الأميركية للقضاء على الإسلام"، وحتى يتأكد مدى حتمية الصراع الذي أشار إليه الحزب في الخطة التي رسمها لمحاولة أخذ قيادة الأمة حتى يتأكد الصراع بين الإسلام والكفر، سأعرض ما جاء في هذا المشروع الخطير لمنطقة العالم الإسلامي ومنه "الشرق الأوسط" على وجه التحديد.
تشير المعلومات إلى أن المشروع الجديد يسعى لتكتيل ائتلاف أميركي أوروبي لإجبار دول المنطقة على تطبيق المشروع الجديد لتحقيق ما يسمى بالديموقراطية. حيث يقوم هذا الائتلاف على فكرة أنه في حال قيام واشنطن بمنع المساعدات أو المنح الاقتصادية عن أي دولة لا تطبق معايير الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان تقوم كذلك الدول الأوروبية بتطبيق القرار ذاته، وتوقف مشروعاتها الاقتصادية وتعلق اتفاقات الشراكة مع الدول المعنية في هذا الشأن.
وليس غريبا أن تجتمع أميركا والدول الأوروبية لتكتيل ائتلاف ضاغط على منطقة العالم الإسلامي، لأن الفكرة الرأسمالية التي تعتنقها أميركا والدول الأوروبية تجعل مقياس الأعمال قائما على تحقيق المصالح والمنافع. وهم يجدون المصلحة والمنفعة في ائتلافهم ما دام الأمر يتعلق بالمسلمين وبلادهم.
ولذلك فإن ممارسة الضغط على أنظمة دول المنطقة كما جاء في المشروع ومحاولة إدخال الأوروبيين ليكونوا حلفاء لأميركا في تنفيذه، هو من أجل إحكام تنفيذ المشروع بحيث لا يجد أية معوقات تقف في وجهه. وعلى الرغم من أن أميركا تدرك أن الأوروبيين نشطوا في محاولاتهم لإيجاد موطئ قدم لهم في المنطقة عن طريق الشراكة الأوروبية المتوسطية، فإنها لا تستطيع أن تتجاهلهم في تنفيذ هذا المشروع، وهي القادرة على تنفيذه بمعزل عن الأوروبيين باعتبارها الدولة المتفردة الآن في الموقف الدولي والسياسة الدولية، وباعتبار أن دول المنطقة سائرة مع أميركا قلبا وقالبا فيما ترسمه أميركا من سياسات وما تخطط له من مؤامرات لاستحقاقات المرحلة القادمة. نعم إن أميركا لا تستطيع أن تتجاهل الأوروبيين في تنفيذ هذا المشروع، وفي المقابل فإنها لن تسمح بفتح المجال أمامهم للبحث عن مكان لهم في الموقف الدولي عن طريق دول المنطقة والذي من الممكن أن يحصل لهم ذلك إذا ما قاموا بأعمال سياسية على مستوى الطموح والأطماع المتأصلة في القارة العجوز، وهو ما لا يلوح في الأفق حتى الساعة.
لقد سعت أميركا لإشراك الأوروبيين في تنفيذ هذا المشروع بعد أن درست الأثر الأوروبي الاقتصادي على دول المنطقة من خلال الشراكة الأوروبية المتوسطية، كون دول المنطقة تتعامل مع الدول الأوروبية باعتبارها بديلا عن التعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة، مما يخفف ضغط العقوبات التي تقوم بها أميركا في حق بعض دول المنطقة التي تتباطأ في تنفيذ المشروع الأميركي، أي أن التعامل الاقتصادي مهما كان بين دول المنطقة والأوروبيين يجعل هناك زيادة في الاستثمار والتبادل التجاري مع الشريك الأوروبي. ولذلك لجأت أميركا لأوروبا لاستكمال حلقات الضغط على دول المنطقة من أجل الإسراع في تنفيذ ما يطلب منها.
وبناء على المشاركة الفعلية والحقيقية للأوروبيين في تنفيذ المشروع، قام البرلمان الأوروبي بإصدار قرارات تتعلق بانتهاكات واضحة في كل من مصر والسعودية وسوريا واليمن ودول أخرى. وعلى الرغم من أن هذه القرارات لم تأخذ طريقها فعليا للتنفيذ إلا أنها تشكل جزءا من عملية الضغط على دول المنطقة حتى تسير في الإصلاحات التي طالبتهم بها أميركا ومعها أوروبا في اتجاه الديموقراطية وحقوق الإنسان، ولتفعيل عملية الضغط لتنفيذ المشروع فإن من المقرر أن يتم تشكيل لجنة عمل برلمانية مشتركة من الكونغرس الأميركي والبرلمان الأوروبي يطلق عليها "لجنة العمل الدولية لاحترام حقوق الإنسان والتطبيق الديموقراطي" ويعتبر جزءا من عمل هذه اللجنة قيامها بزيارات مفاجئة إلى دول المنطقة وأن تتولى هذه اللجنة بنفسها مراجعة كل ما يتعلق بالتطبيق الديموقراطي وحقوق الإنسان، مثل زيارة السجون ومراجعة سجلات حقوق الإنسان والاستماع إلى ممثلي منظمات "المجتمع المدني" وعقد ندوات ومؤتمرات ولقاءات مشتركة مع هذه المنظمات، على أن تقوم هذه اللجنة في بداية عملها بإعداد مذكرة شارحة للإجراءات الواجب اتباعها للتطبيق الديموقراطي الصحيح في دول المنطقة، والعمل على تلافي كل السلبيات القائمة التي تكرس من الأوضاع السيئة لانتشار انتهاكات حقوق الإنسان.
وبما أن أميركا وأوروبا في هجمتهم الجديدة على الإسلام والمسلمين يريدون أنظمة تابعة تحوي تمثيلا أكبر لشرائح المجتمع بما فيها ما يسمى بـ"منظمات المجتمع المدني" مع استبعاد الإسلام من الحياة السياسية في المجتمع وعلمنة مناحي الحياة جميعها، فإن ما يسمى بالانتخابات التي تم إجراؤها في المنطقة ضمن ما يسمى بالعملية الديموقراطية وخيار الشعب في اختيار حكامه وممثليه في البرلمانات لا بد أن يسير وفق ما ترسمه أميركا. ولذلك طرحت فكرة تغيير قانون الانتخاب في عدد من دول المنطقة واستبداله بقوانين تسمح بمشاركة أصحاب الأفكار السياسية المرتبطة بالفكر الغربي على ترشيح أنفسهم في هذه الانتخابات ودعمهم بالمال والمساندة المعنوية لتمكينهم من احتلال أغلبية المقاعد في المجالس والمواقع الهامة، وبحيث تسمح هذه القوانين الجديدة للعملية الانتخابية أن تكون خاضعة للإشراف الدولي والذي في الغالب سيتكون من مراقبين أميركيين وأوروبيين. وأن هؤلاء المراقبين سوف يستعينون بمساعدين لهم من ممثلي بعض منظمات "المجتمع المدني"، وفي مصر مثلا قد يتم الاستعانة بمركز ابن خلدون والذي يرأسه سعد الدين إبراهيم العلماني القذر، وبعض منظمات حقوق الإنسان التي لها ارتباطات خاصة بالولايات المتحدة وبعض دول أوروبا للإشراف الجزئي والأولي على هذه الانتخابات.
والخطورة تكمن في أن هذه الرؤية وهذا المشروع قد يلاقي صداه عند بعض الناس من الذين انبهروا بالأفكار الغربية وما هم عليه، غير مدركين للأبعاد الحقيقية التي ترمي إليها أميركا وأوروبا من خلال تنفيذ مثل هذا المشروع، ففي الوقت الذي تحمل فيه المقترحات الأميركية شعار الانتخابات النظيفة والنزيهة نجدها تضع آليات من شأنها أن تعزز نتائج موجهة لصالح فئات وأحزاب بعينها. وفي المقابل ستقوم أميركا وأوروبا بإعداد قوائم أولية حول الأفراد الذين ينتمون إلى منظمات تتبنى أفكاراً (إرهابية أو متطرفة) ومنعهم من المشاركة في أي انتخابات قد تجري في دول المنطقة، وبمساعدة الأجهزة الأمنية وبعض منظمات "المجتمع المدني" والتي عندها الخبرة والدراية الكافية بهذه الشخصيات ومدى خطورتها والعمل على منعها من القيام بأي نشاط له تأثير في الانتخابات. وعلى الرغم من أن بعض المسؤولين الأوروبيين اعتبروا أن ذلك الشرط سيصعب تنفيذه، إلا أن رايس أكدت لهم أنها على ثقة من أن نجاح الائتلاف الأميركي الأوروبي سيجعل ذلك ممكنا، وأن الدول في المنطقة ستقبل في النهاية بهذه الشروط الجديدة.
ويتضمن مشروع الشرق الأوسط الأوسع أو الموسع فكرة أميركية حول مفهوم خريطة التغيير لطريق جديد، وهي تعني أن تكون هناك استراتيجية موحدة لعمل ثلاث وزارات هامة هي الإعلام والتعليم والأوقاف، بحيث يتم دمج عمل هذه الوزارات وتلزم بتنفيذ التزاماتها وفقا لاستراتيجية مشتركة تدور حول التعليم الديموقراطي والإعلام الديموقراطي والدين القائم على الحوار والتعايش مع الآخرين بما يفضي إلى علمنة التعليم في جميع المراحل، وأن يجري تغيير مفاهيم الإعلام السائد، أما الدين فلا مكان له في مؤسسات الدولة نهائيا، بل يجب التركيز على الإطلاق الكامل لحرية المعتقدات ودون أية عوائق.
وللمساهمة في مفهوم خريطة التغيير لطريق جديد تسعى أميركا لإنشاء مؤسسات تبشير غربية تطرح من خلالها أفكار السلام والتعاون بين الجميع، وسوف تحصل هذه المؤسسات على تمويل مالي غربي كبير للقيام بأدوارها الاجتماعية والاقتصادية مع ضمان عدم جواز ـوتحت أي إدعاءـ مصادرة ما تسميه واشنطن بحرية الاعتقاد والانتقال من ديانة إلى ديانة أخرى بشرط ألا يؤدي الوضع الجديد إلى أية أفكار جديدة حول التطرف الديني. والمعنى المطروح في هذا الإطار هو أن هذه المؤسسات ستقوم على أساس ديني غربي، وأنه سيكون من حقها القيام بأي نوع من الأنشطة، في حين أن المساجد ستلتزم بأداء الصلوات فقط، وأنه سيتم منعها من ممارسة أية أدوار اجتماعية أو ثقافية، وإنما ستقوم الوزارة المسؤولة عن الشؤون الدينية بهذه الأنشطة وسيمتنع أيضا في هذا الإطار أن تقوم المساجد بجمع التبرعات أو أموال الزكاة أو غيرها من المسائل التي تدخل في نطاق النشاط الاجتماعي خشية أن تصل هذه الأموال إلى أيدي الجماعات الإرهابية كما تدعي.
والخطورة في هذه النقطة تكمن في أن النشاط الذي ستقوم به هذه المؤسسات الغربية ينصب على تغيير عقيدة المسلمين وجعلهم يعتنقون العقيدة الرأسمالية الغربية، أي أنهم سيعملون على تغيير معتقد كل مسلم_لا قدر الله_ تحت شعار "حرية الاعتقاد" وستكون كل الخيارات مفتوحة أمام هذه المؤسسات للعمل وبحرية تامة بعيدا عن أية ضغوطات قد تتعرض لها وتحت شعارات ومسميات وذرائع عديدة. وإنه لمن المعلوم من الدين بالضرورة أن الإسلام يحرم على المسلم أن يرتد عن دينه، ومن يرتد عن دين الإسلام فإن الشرع قد جعل عقوبته شديدة وهي القتل لقوله تعالى في سورة البقرة " ... ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " 217 ولقوله تعالى " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " 85 آل عمران. ولقوله صلى الله عليه وسلم " من بدّل دينه فاقتلوه " ولذلك فإن هذه المؤسسات وما ستقوم به من أنشطة قذرة تحتاج من المسلمين ومن حملة الدعوة أن يدركوا خطورتها وخطورة المشاريع التي أتت لتحقيقها ليقفوا في وجهها وفي وجه كل المنافقين والمضبوعين الذين يمهدون لها.
وعليه فإن الغاية من خريطة التغيير كما جاء في المذكرة هو تغيير الأفكار القائمة في هذه المنطقة، وهي الأفكار التي فشلوا في التعامل معها على مدار السنوات الماضية وبخاصة التي تحمل طابعا عدائيا للسياسة الأميركية وبعض السياسات الأوروبية.
تفاصيل المشروع الأميركي
لدمقرطة الشرق الأوسط ودور الأمة الإسلامية وحملة الدعوة في التصدي له
انتهت الإدارة الأميركية مؤخرا من تطوير مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي حمل عنوان "الشرق الأوسط الموسع"، وقد قامت بإبلاغه عددا من البلدان وما تسميهم أميركا بحلفائها الأوروبيين للمشاركة معها في تنفيذ بنود المشروع المقدم. والذي يعني إحداث تغييرات جذرية على خريطة المنطقة لإعادة صياغتها وتأهيلها من جديد لضمان المحافظة على مصالحها وحمايتها بيد من حديد. وتشمل الصياغة الجديدة للمنطقة جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتتلاءم مع ما تريده من خلال تنفيذ هذا المشروع.
وقد قام بالإشراف على هذا المشروع الجديد فريق عمل فني برئاسة "بوب بلاكويل" مساعد مستشارة الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي "كوندوليزا رايس"، ومن المتوقع أن يقوم الرئيس "جورج بوش" بالإعلان عن تفاصيل الصيغة المعدلة لهذه المبادرة، والتي استغرق إعدادها حوالي أربعين يوما خلال الفترة الماضية، وبخاصة أنه كان قد أشار إلى هذه المبادرة وبشكل عابر في خطابه الذي ألقاه مؤخرا أمام المعهد القومي الأميركي للديموقراطية.
وقد تولت "كوندوليزا رايس" الترويج لصيغة المشروع خلال حفل عشاء جرى في العاصمة لندن مؤخرا أثناء زيارة الرئيس "جورج بوش" إلى العاصمة البريطانية، فقامت بعرض المشروع على عدد من كبار المسؤولين في الدول الأوروبية.
وحتى يتأكد ما أشار إليه الحزب عبر العديد من نشراته بما تدبره أميركا العدو اللدود للإسلام والمسلمين من مؤامرات لقلع الإسلام من نفوس المسلمين كما جاء في الكتيب الذي أصدره الحزب عام 1996م "الحملة الأميركية للقضاء على الإسلام"، وحتى يتأكد مدى حتمية الصراع الذي أشار إليه الحزب في الخطة التي رسمها لمحاولة أخذ قيادة الأمة حتى يتأكد الصراع بين الإسلام والكفر، سأعرض ما جاء في هذا المشروع الخطير لمنطقة العالم الإسلامي ومنه "الشرق الأوسط" على وجه التحديد.
تشير المعلومات إلى أن المشروع الجديد يسعى لتكتيل ائتلاف أميركي أوروبي لإجبار دول المنطقة على تطبيق المشروع الجديد لتحقيق ما يسمى بالديموقراطية. حيث يقوم هذا الائتلاف على فكرة أنه في حال قيام واشنطن بمنع المساعدات أو المنح الاقتصادية عن أي دولة لا تطبق معايير الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان تقوم كذلك الدول الأوروبية بتطبيق القرار ذاته، وتوقف مشروعاتها الاقتصادية وتعلق اتفاقات الشراكة مع الدول المعنية في هذا الشأن.
وليس غريبا أن تجتمع أميركا والدول الأوروبية لتكتيل ائتلاف ضاغط على منطقة العالم الإسلامي، لأن الفكرة الرأسمالية التي تعتنقها أميركا والدول الأوروبية تجعل مقياس الأعمال قائما على تحقيق المصالح والمنافع. وهم يجدون المصلحة والمنفعة في ائتلافهم ما دام الأمر يتعلق بالمسلمين وبلادهم.
ولذلك فإن ممارسة الضغط على أنظمة دول المنطقة كما جاء في المشروع ومحاولة إدخال الأوروبيين ليكونوا حلفاء لأميركا في تنفيذه، هو من أجل إحكام تنفيذ المشروع بحيث لا يجد أية معوقات تقف في وجهه. وعلى الرغم من أن أميركا تدرك أن الأوروبيين نشطوا في محاولاتهم لإيجاد موطئ قدم لهم في المنطقة عن طريق الشراكة الأوروبية المتوسطية، فإنها لا تستطيع أن تتجاهلهم في تنفيذ هذا المشروع، وهي القادرة على تنفيذه بمعزل عن الأوروبيين باعتبارها الدولة المتفردة الآن في الموقف الدولي والسياسة الدولية، وباعتبار أن دول المنطقة سائرة مع أميركا قلبا وقالبا فيما ترسمه أميركا من سياسات وما تخطط له من مؤامرات لاستحقاقات المرحلة القادمة. نعم إن أميركا لا تستطيع أن تتجاهل الأوروبيين في تنفيذ هذا المشروع، وفي المقابل فإنها لن تسمح بفتح المجال أمامهم للبحث عن مكان لهم في الموقف الدولي عن طريق دول المنطقة والذي من الممكن أن يحصل لهم ذلك إذا ما قاموا بأعمال سياسية على مستوى الطموح والأطماع المتأصلة في القارة العجوز، وهو ما لا يلوح في الأفق حتى الساعة.
لقد سعت أميركا لإشراك الأوروبيين في تنفيذ هذا المشروع بعد أن درست الأثر الأوروبي الاقتصادي على دول المنطقة من خلال الشراكة الأوروبية المتوسطية، كون دول المنطقة تتعامل مع الدول الأوروبية باعتبارها بديلا عن التعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة، مما يخفف ضغط العقوبات التي تقوم بها أميركا في حق بعض دول المنطقة التي تتباطأ في تنفيذ المشروع الأميركي، أي أن التعامل الاقتصادي مهما كان بين دول المنطقة والأوروبيين يجعل هناك زيادة في الاستثمار والتبادل التجاري مع الشريك الأوروبي. ولذلك لجأت أميركا لأوروبا لاستكمال حلقات الضغط على دول المنطقة من أجل الإسراع في تنفيذ ما يطلب منها.
وبناء على المشاركة الفعلية والحقيقية للأوروبيين في تنفيذ المشروع، قام البرلمان الأوروبي بإصدار قرارات تتعلق بانتهاكات واضحة في كل من مصر والسعودية وسوريا واليمن ودول أخرى. وعلى الرغم من أن هذه القرارات لم تأخذ طريقها فعليا للتنفيذ إلا أنها تشكل جزءا من عملية الضغط على دول المنطقة حتى تسير في الإصلاحات التي طالبتهم بها أميركا ومعها أوروبا في اتجاه الديموقراطية وحقوق الإنسان، ولتفعيل عملية الضغط لتنفيذ المشروع فإن من المقرر أن يتم تشكيل لجنة عمل برلمانية مشتركة من الكونغرس الأميركي والبرلمان الأوروبي يطلق عليها "لجنة العمل الدولية لاحترام حقوق الإنسان والتطبيق الديموقراطي" ويعتبر جزءا من عمل هذه اللجنة قيامها بزيارات مفاجئة إلى دول المنطقة وأن تتولى هذه اللجنة بنفسها مراجعة كل ما يتعلق بالتطبيق الديموقراطي وحقوق الإنسان، مثل زيارة السجون ومراجعة سجلات حقوق الإنسان والاستماع إلى ممثلي منظمات "المجتمع المدني" وعقد ندوات ومؤتمرات ولقاءات مشتركة مع هذه المنظمات، على أن تقوم هذه اللجنة في بداية عملها بإعداد مذكرة شارحة للإجراءات الواجب اتباعها للتطبيق الديموقراطي الصحيح في دول المنطقة، والعمل على تلافي كل السلبيات القائمة التي تكرس من الأوضاع السيئة لانتشار انتهاكات حقوق الإنسان.
وبما أن أميركا وأوروبا في هجمتهم الجديدة على الإسلام والمسلمين يريدون أنظمة تابعة تحوي تمثيلا أكبر لشرائح المجتمع بما فيها ما يسمى بـ"منظمات المجتمع المدني" مع استبعاد الإسلام من الحياة السياسية في المجتمع وعلمنة مناحي الحياة جميعها، فإن ما يسمى بالانتخابات التي تم إجراؤها في المنطقة ضمن ما يسمى بالعملية الديموقراطية وخيار الشعب في اختيار حكامه وممثليه في البرلمانات لا بد أن يسير وفق ما ترسمه أميركا. ولذلك طرحت فكرة تغيير قانون الانتخاب في عدد من دول المنطقة واستبداله بقوانين تسمح بمشاركة أصحاب الأفكار السياسية المرتبطة بالفكر الغربي على ترشيح أنفسهم في هذه الانتخابات ودعمهم بالمال والمساندة المعنوية لتمكينهم من احتلال أغلبية المقاعد في المجالس والمواقع الهامة، وبحيث تسمح هذه القوانين الجديدة للعملية الانتخابية أن تكون خاضعة للإشراف الدولي والذي في الغالب سيتكون من مراقبين أميركيين وأوروبيين. وأن هؤلاء المراقبين سوف يستعينون بمساعدين لهم من ممثلي بعض منظمات "المجتمع المدني"، وفي مصر مثلا قد يتم الاستعانة بمركز ابن خلدون والذي يرأسه سعد الدين إبراهيم العلماني القذر، وبعض منظمات حقوق الإنسان التي لها ارتباطات خاصة بالولايات المتحدة وبعض دول أوروبا للإشراف الجزئي والأولي على هذه الانتخابات.
والخطورة تكمن في أن هذه الرؤية وهذا المشروع قد يلاقي صداه عند بعض الناس من الذين انبهروا بالأفكار الغربية وما هم عليه، غير مدركين للأبعاد الحقيقية التي ترمي إليها أميركا وأوروبا من خلال تنفيذ مثل هذا المشروع، ففي الوقت الذي تحمل فيه المقترحات الأميركية شعار الانتخابات النظيفة والنزيهة نجدها تضع آليات من شأنها أن تعزز نتائج موجهة لصالح فئات وأحزاب بعينها. وفي المقابل ستقوم أميركا وأوروبا بإعداد قوائم أولية حول الأفراد الذين ينتمون إلى منظمات تتبنى أفكاراً (إرهابية أو متطرفة) ومنعهم من المشاركة في أي انتخابات قد تجري في دول المنطقة، وبمساعدة الأجهزة الأمنية وبعض منظمات "المجتمع المدني" والتي عندها الخبرة والدراية الكافية بهذه الشخصيات ومدى خطورتها والعمل على منعها من القيام بأي نشاط له تأثير في الانتخابات. وعلى الرغم من أن بعض المسؤولين الأوروبيين اعتبروا أن ذلك الشرط سيصعب تنفيذه، إلا أن رايس أكدت لهم أنها على ثقة من أن نجاح الائتلاف الأميركي الأوروبي سيجعل ذلك ممكنا، وأن الدول في المنطقة ستقبل في النهاية بهذه الشروط الجديدة.
ويتضمن مشروع الشرق الأوسط الأوسع أو الموسع فكرة أميركية حول مفهوم خريطة التغيير لطريق جديد، وهي تعني أن تكون هناك استراتيجية موحدة لعمل ثلاث وزارات هامة هي الإعلام والتعليم والأوقاف، بحيث يتم دمج عمل هذه الوزارات وتلزم بتنفيذ التزاماتها وفقا لاستراتيجية مشتركة تدور حول التعليم الديموقراطي والإعلام الديموقراطي والدين القائم على الحوار والتعايش مع الآخرين بما يفضي إلى علمنة التعليم في جميع المراحل، وأن يجري تغيير مفاهيم الإعلام السائد، أما الدين فلا مكان له في مؤسسات الدولة نهائيا، بل يجب التركيز على الإطلاق الكامل لحرية المعتقدات ودون أية عوائق.
وللمساهمة في مفهوم خريطة التغيير لطريق جديد تسعى أميركا لإنشاء مؤسسات تبشير غربية تطرح من خلالها أفكار السلام والتعاون بين الجميع، وسوف تحصل هذه المؤسسات على تمويل مالي غربي كبير للقيام بأدوارها الاجتماعية والاقتصادية مع ضمان عدم جواز ـوتحت أي إدعاءـ مصادرة ما تسميه واشنطن بحرية الاعتقاد والانتقال من ديانة إلى ديانة أخرى بشرط ألا يؤدي الوضع الجديد إلى أية أفكار جديدة حول التطرف الديني. والمعنى المطروح في هذا الإطار هو أن هذه المؤسسات ستقوم على أساس ديني غربي، وأنه سيكون من حقها القيام بأي نوع من الأنشطة، في حين أن المساجد ستلتزم بأداء الصلوات فقط، وأنه سيتم منعها من ممارسة أية أدوار اجتماعية أو ثقافية، وإنما ستقوم الوزارة المسؤولة عن الشؤون الدينية بهذه الأنشطة وسيمتنع أيضا في هذا الإطار أن تقوم المساجد بجمع التبرعات أو أموال الزكاة أو غيرها من المسائل التي تدخل في نطاق النشاط الاجتماعي خشية أن تصل هذه الأموال إلى أيدي الجماعات الإرهابية كما تدعي.
والخطورة في هذه النقطة تكمن في أن النشاط الذي ستقوم به هذه المؤسسات الغربية ينصب على تغيير عقيدة المسلمين وجعلهم يعتنقون العقيدة الرأسمالية الغربية، أي أنهم سيعملون على تغيير معتقد كل مسلم_لا قدر الله_ تحت شعار "حرية الاعتقاد" وستكون كل الخيارات مفتوحة أمام هذه المؤسسات للعمل وبحرية تامة بعيدا عن أية ضغوطات قد تتعرض لها وتحت شعارات ومسميات وذرائع عديدة. وإنه لمن المعلوم من الدين بالضرورة أن الإسلام يحرم على المسلم أن يرتد عن دينه، ومن يرتد عن دين الإسلام فإن الشرع قد جعل عقوبته شديدة وهي القتل لقوله تعالى في سورة البقرة " ... ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " 217 ولقوله تعالى " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " 85 آل عمران. ولقوله صلى الله عليه وسلم " من بدّل دينه فاقتلوه " ولذلك فإن هذه المؤسسات وما ستقوم به من أنشطة قذرة تحتاج من المسلمين ومن حملة الدعوة أن يدركوا خطورتها وخطورة المشاريع التي أتت لتحقيقها ليقفوا في وجهها وفي وجه كل المنافقين والمضبوعين الذين يمهدون لها.
وعليه فإن الغاية من خريطة التغيير كما جاء في المذكرة هو تغيير الأفكار القائمة في هذه المنطقة، وهي الأفكار التي فشلوا في التعامل معها على مدار السنوات الماضية وبخاصة التي تحمل طابعا عدائيا للسياسة الأميركية وبعض السياسات الأوروبية.