المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفاصيل المشروع الأميركي لدمقرطة الشرق الأوسط



عبد الواحد جعفر
15-07-2011, 11:57 AM
بسم الله الرحمن الرحيم الكلمة الشهرية
تفاصيل المشروع الأميركي
لدمقرطة الشرق الأوسط ودور الأمة الإسلامية وحملة الدعوة في التصدي له
انتهت الإدارة الأميركية مؤخرا من تطوير مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي حمل عنوان "الشرق الأوسط الموسع"، وقد قامت بإبلاغه عددا من البلدان وما تسميهم أميركا بحلفائها الأوروبيين للمشاركة معها في تنفيذ بنود المشروع المقدم. والذي يعني إحداث تغييرات جذرية على خريطة المنطقة لإعادة صياغتها وتأهيلها من جديد لضمان المحافظة على مصالحها وحمايتها بيد من حديد. وتشمل الصياغة الجديدة للمنطقة جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتتلاءم مع ما تريده من خلال تنفيذ هذا المشروع.
وقد قام بالإشراف على هذا المشروع الجديد فريق عمل فني برئاسة "بوب بلاكويل" مساعد مستشارة الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي "كوندوليزا رايس"، ومن المتوقع أن يقوم الرئيس "جورج بوش" بالإعلان عن تفاصيل الصيغة المعدلة لهذه المبادرة، والتي استغرق إعدادها حوالي أربعين يوما خلال الفترة الماضية، وبخاصة أنه كان قد أشار إلى هذه المبادرة وبشكل عابر في خطابه الذي ألقاه مؤخرا أمام المعهد القومي الأميركي للديموقراطية.
وقد تولت "كوندوليزا رايس" الترويج لصيغة المشروع خلال حفل عشاء جرى في العاصمة لندن مؤخرا أثناء زيارة الرئيس "جورج بوش" إلى العاصمة البريطانية، فقامت بعرض المشروع على عدد من كبار المسؤولين في الدول الأوروبية.
وحتى يتأكد ما أشار إليه الحزب عبر العديد من نشراته بما تدبره أميركا العدو اللدود للإسلام والمسلمين من مؤامرات لقلع الإسلام من نفوس المسلمين كما جاء في الكتيب الذي أصدره الحزب عام 1996م "الحملة الأميركية للقضاء على الإسلام"، وحتى يتأكد مدى حتمية الصراع الذي أشار إليه الحزب في الخطة التي رسمها لمحاولة أخذ قيادة الأمة حتى يتأكد الصراع بين الإسلام والكفر، سأعرض ما جاء في هذا المشروع الخطير لمنطقة العالم الإسلامي ومنه "الشرق الأوسط" على وجه التحديد.
تشير المعلومات إلى أن المشروع الجديد يسعى لتكتيل ائتلاف أميركي أوروبي لإجبار دول المنطقة على تطبيق المشروع الجديد لتحقيق ما يسمى بالديموقراطية. حيث يقوم هذا الائتلاف على فكرة أنه في حال قيام واشنطن بمنع المساعدات أو المنح الاقتصادية عن أي دولة لا تطبق معايير الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان تقوم كذلك الدول الأوروبية بتطبيق القرار ذاته، وتوقف مشروعاتها الاقتصادية وتعلق اتفاقات الشراكة مع الدول المعنية في هذا الشأن.
وليس غريبا أن تجتمع أميركا والدول الأوروبية لتكتيل ائتلاف ضاغط على منطقة العالم الإسلامي، لأن الفكرة الرأسمالية التي تعتنقها أميركا والدول الأوروبية تجعل مقياس الأعمال قائما على تحقيق المصالح والمنافع. وهم يجدون المصلحة والمنفعة في ائتلافهم ما دام الأمر يتعلق بالمسلمين وبلادهم.
ولذلك فإن ممارسة الضغط على أنظمة دول المنطقة كما جاء في المشروع ومحاولة إدخال الأوروبيين ليكونوا حلفاء لأميركا في تنفيذه، هو من أجل إحكام تنفيذ المشروع بحيث لا يجد أية معوقات تقف في وجهه. وعلى الرغم من أن أميركا تدرك أن الأوروبيين نشطوا في محاولاتهم لإيجاد موطئ قدم لهم في المنطقة عن طريق الشراكة الأوروبية المتوسطية، فإنها لا تستطيع أن تتجاهلهم في تنفيذ هذا المشروع، وهي القادرة على تنفيذه بمعزل عن الأوروبيين باعتبارها الدولة المتفردة الآن في الموقف الدولي والسياسة الدولية، وباعتبار أن دول المنطقة سائرة مع أميركا قلبا وقالبا فيما ترسمه أميركا من سياسات وما تخطط له من مؤامرات لاستحقاقات المرحلة القادمة. نعم إن أميركا لا تستطيع أن تتجاهل الأوروبيين في تنفيذ هذا المشروع، وفي المقابل فإنها لن تسمح بفتح المجال أمامهم للبحث عن مكان لهم في الموقف الدولي عن طريق دول المنطقة والذي من الممكن أن يحصل لهم ذلك إذا ما قاموا بأعمال سياسية على مستوى الطموح والأطماع المتأصلة في القارة العجوز، وهو ما لا يلوح في الأفق حتى الساعة.
لقد سعت أميركا لإشراك الأوروبيين في تنفيذ هذا المشروع بعد أن درست الأثر الأوروبي الاقتصادي على دول المنطقة من خلال الشراكة الأوروبية المتوسطية، كون دول المنطقة تتعامل مع الدول الأوروبية باعتبارها بديلا عن التعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة، مما يخفف ضغط العقوبات التي تقوم بها أميركا في حق بعض دول المنطقة التي تتباطأ في تنفيذ المشروع الأميركي، أي أن التعامل الاقتصادي مهما كان بين دول المنطقة والأوروبيين يجعل هناك زيادة في الاستثمار والتبادل التجاري مع الشريك الأوروبي. ولذلك لجأت أميركا لأوروبا لاستكمال حلقات الضغط على دول المنطقة من أجل الإسراع في تنفيذ ما يطلب منها.
وبناء على المشاركة الفعلية والحقيقية للأوروبيين في تنفيذ المشروع، قام البرلمان الأوروبي بإصدار قرارات تتعلق بانتهاكات واضحة في كل من مصر والسعودية وسوريا واليمن ودول أخرى. وعلى الرغم من أن هذه القرارات لم تأخذ طريقها فعليا للتنفيذ إلا أنها تشكل جزءا من عملية الضغط على دول المنطقة حتى تسير في الإصلاحات التي طالبتهم بها أميركا ومعها أوروبا في اتجاه الديموقراطية وحقوق الإنسان، ولتفعيل عملية الضغط لتنفيذ المشروع فإن من المقرر أن يتم تشكيل لجنة عمل برلمانية مشتركة من الكونغرس الأميركي والبرلمان الأوروبي يطلق عليها "لجنة العمل الدولية لاحترام حقوق الإنسان والتطبيق الديموقراطي" ويعتبر جزءا من عمل هذه اللجنة قيامها بزيارات مفاجئة إلى دول المنطقة وأن تتولى هذه اللجنة بنفسها مراجعة كل ما يتعلق بالتطبيق الديموقراطي وحقوق الإنسان، مثل زيارة السجون ومراجعة سجلات حقوق الإنسان والاستماع إلى ممثلي منظمات "المجتمع المدني" وعقد ندوات ومؤتمرات ولقاءات مشتركة مع هذه المنظمات، على أن تقوم هذه اللجنة في بداية عملها بإعداد مذكرة شارحة للإجراءات الواجب اتباعها للتطبيق الديموقراطي الصحيح في دول المنطقة، والعمل على تلافي كل السلبيات القائمة التي تكرس من الأوضاع السيئة لانتشار انتهاكات حقوق الإنسان.
وبما أن أميركا وأوروبا في هجمتهم الجديدة على الإسلام والمسلمين يريدون أنظمة تابعة تحوي تمثيلا أكبر لشرائح المجتمع بما فيها ما يسمى بـ"منظمات المجتمع المدني" مع استبعاد الإسلام من الحياة السياسية في المجتمع وعلمنة مناحي الحياة جميعها، فإن ما يسمى بالانتخابات التي تم إجراؤها في المنطقة ضمن ما يسمى بالعملية الديموقراطية وخيار الشعب في اختيار حكامه وممثليه في البرلمانات لا بد أن يسير وفق ما ترسمه أميركا. ولذلك طرحت فكرة تغيير قانون الانتخاب في عدد من دول المنطقة واستبداله بقوانين تسمح بمشاركة أصحاب الأفكار السياسية المرتبطة بالفكر الغربي على ترشيح أنفسهم في هذه الانتخابات ودعمهم بالمال والمساندة المعنوية لتمكينهم من احتلال أغلبية المقاعد في المجالس والمواقع الهامة، وبحيث تسمح هذه القوانين الجديدة للعملية الانتخابية أن تكون خاضعة للإشراف الدولي والذي في الغالب سيتكون من مراقبين أميركيين وأوروبيين. وأن هؤلاء المراقبين سوف يستعينون بمساعدين لهم من ممثلي بعض منظمات "المجتمع المدني"، وفي مصر مثلا قد يتم الاستعانة بمركز ابن خلدون والذي يرأسه سعد الدين إبراهيم العلماني القذر، وبعض منظمات حقوق الإنسان التي لها ارتباطات خاصة بالولايات المتحدة وبعض دول أوروبا للإشراف الجزئي والأولي على هذه الانتخابات.
والخطورة تكمن في أن هذه الرؤية وهذا المشروع قد يلاقي صداه عند بعض الناس من الذين انبهروا بالأفكار الغربية وما هم عليه، غير مدركين للأبعاد الحقيقية التي ترمي إليها أميركا وأوروبا من خلال تنفيذ مثل هذا المشروع، ففي الوقت الذي تحمل فيه المقترحات الأميركية شعار الانتخابات النظيفة والنزيهة نجدها تضع آليات من شأنها أن تعزز نتائج موجهة لصالح فئات وأحزاب بعينها. وفي المقابل ستقوم أميركا وأوروبا بإعداد قوائم أولية حول الأفراد الذين ينتمون إلى منظمات تتبنى أفكاراً (إرهابية أو متطرفة) ومنعهم من المشاركة في أي انتخابات قد تجري في دول المنطقة، وبمساعدة الأجهزة الأمنية وبعض منظمات "المجتمع المدني" والتي عندها الخبرة والدراية الكافية بهذه الشخصيات ومدى خطورتها والعمل على منعها من القيام بأي نشاط له تأثير في الانتخابات. وعلى الرغم من أن بعض المسؤولين الأوروبيين اعتبروا أن ذلك الشرط سيصعب تنفيذه، إلا أن رايس أكدت لهم أنها على ثقة من أن نجاح الائتلاف الأميركي الأوروبي سيجعل ذلك ممكنا، وأن الدول في المنطقة ستقبل في النهاية بهذه الشروط الجديدة.
ويتضمن مشروع الشرق الأوسط الأوسع أو الموسع فكرة أميركية حول مفهوم خريطة التغيير لطريق جديد، وهي تعني أن تكون هناك استراتيجية موحدة لعمل ثلاث وزارات هامة هي الإعلام والتعليم والأوقاف، بحيث يتم دمج عمل هذه الوزارات وتلزم بتنفيذ التزاماتها وفقا لاستراتيجية مشتركة تدور حول التعليم الديموقراطي والإعلام الديموقراطي والدين القائم على الحوار والتعايش مع الآخرين بما يفضي إلى علمنة التعليم في جميع المراحل، وأن يجري تغيير مفاهيم الإعلام السائد، أما الدين فلا مكان له في مؤسسات الدولة نهائيا، بل يجب التركيز على الإطلاق الكامل لحرية المعتقدات ودون أية عوائق.
وللمساهمة في مفهوم خريطة التغيير لطريق جديد تسعى أميركا لإنشاء مؤسسات تبشير غربية تطرح من خلالها أفكار السلام والتعاون بين الجميع، وسوف تحصل هذه المؤسسات على تمويل مالي غربي كبير للقيام بأدوارها الاجتماعية والاقتصادية مع ضمان عدم جواز ـوتحت أي إدعاءـ مصادرة ما تسميه واشنطن بحرية الاعتقاد والانتقال من ديانة إلى ديانة أخرى بشرط ألا يؤدي الوضع الجديد إلى أية أفكار جديدة حول التطرف الديني. والمعنى المطروح في هذا الإطار هو أن هذه المؤسسات ستقوم على أساس ديني غربي، وأنه سيكون من حقها القيام بأي نوع من الأنشطة، في حين أن المساجد ستلتزم بأداء الصلوات فقط، وأنه سيتم منعها من ممارسة أية أدوار اجتماعية أو ثقافية، وإنما ستقوم الوزارة المسؤولة عن الشؤون الدينية بهذه الأنشطة وسيمتنع أيضا في هذا الإطار أن تقوم المساجد بجمع التبرعات أو أموال الزكاة أو غيرها من المسائل التي تدخل في نطاق النشاط الاجتماعي خشية أن تصل هذه الأموال إلى أيدي الجماعات الإرهابية كما تدعي.
والخطورة في هذه النقطة تكمن في أن النشاط الذي ستقوم به هذه المؤسسات الغربية ينصب على تغيير عقيدة المسلمين وجعلهم يعتنقون العقيدة الرأسمالية الغربية، أي أنهم سيعملون على تغيير معتقد كل مسلم_لا قدر الله_ تحت شعار "حرية الاعتقاد" وستكون كل الخيارات مفتوحة أمام هذه المؤسسات للعمل وبحرية تامة بعيدا عن أية ضغوطات قد تتعرض لها وتحت شعارات ومسميات وذرائع عديدة. وإنه لمن المعلوم من الدين بالضرورة أن الإسلام يحرم على المسلم أن يرتد عن دينه، ومن يرتد عن دين الإسلام فإن الشرع قد جعل عقوبته شديدة وهي القتل لقوله تعالى في سورة البقرة " ... ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " 217 ولقوله تعالى " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " 85 آل عمران. ولقوله صلى الله عليه وسلم " من بدّل دينه فاقتلوه " ولذلك فإن هذه المؤسسات وما ستقوم به من أنشطة قذرة تحتاج من المسلمين ومن حملة الدعوة أن يدركوا خطورتها وخطورة المشاريع التي أتت لتحقيقها ليقفوا في وجهها وفي وجه كل المنافقين والمضبوعين الذين يمهدون لها.
وعليه فإن الغاية من خريطة التغيير كما جاء في المذكرة هو تغيير الأفكار القائمة في هذه المنطقة، وهي الأفكار التي فشلوا في التعامل معها على مدار السنوات الماضية وبخاصة التي تحمل طابعا عدائيا للسياسة الأميركية وبعض السياسات الأوروبية.

عبد الواحد جعفر
15-07-2011, 11:59 AM
وأما عن مفهوم الحريات كما يورده المشروع الأميركي الجديد فهو يعني أن تكون الحريات الشخصية مصونة ويجب حمايتها من أي تدخل حكومي حتى لو كانت هذه الحريات الشخصية ستصطدم في بعض الأحيان ببعض الأفكار والأحكام الشرعية التي استقرت عند المسلمين لعقود بل لقرون متوالية، بما في ذلك أشكال الحريات الجنسية، فهذه الحريات ستجعل الأفراد أحرارا في التعبير عن أنفسهم بالشكل الذي يختاره هؤلاء الأفراد. وتؤكد وتشدد المذكرة على ضرورة تبني المفهوم الغربي للحريات مؤكدة أن هناك مشكلة أساسية في تأويل مفهوم الحريات ليكون تعبيرا عن مساندة بعض الأنظمة السياسية في المنطقة مما يجعل الحريات خالية من أي مضمون حقيقي، وتقول المذكرة: "إن بعض دول المنطقة تؤكد حرية التعبير الإعلامي إلا أن الإعلام في هذه الدول موجه بصفة مباشرة لخدمة النظم السياسية وأن بعض منظمات "المجتمع المدني" إذا حاولت التمرد أو ممارسة حرية تعبير حقيقية ضد النظام فإنها تقع في أخطاء قاتلة وتكون قد ارتكبت جريمة نكراء في تصديها للنظام فتصبح على إثرها مستهدفة من النظام السياسي في هذه الدول وكذلك الأمر بالنسبة لمفهوم احترام حقوق الإنسان الذي يجب أن يتماشى مع المفاهيم الدولية السائدة"، ولا يعني ذلك أن هذه النظم تعادي فعلا هذه المنظمات بسبب دعوتها للحريات الغربية، وإفساد المجتمع، وإنما بسبب الخطورة التي تشكلها دعوات هذه المنظمات على تلك الأنظمة.
وبما أنه لا بد من احترام الحريات وجعلها مصونة جاءت المذكرة للتحدث عن قمع الأنظمة في المنطقة للشواذ جنسيا ومنع زواج المثليين (الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة) ففي هذا كما ترى المذكرة انتهاك صارخ لحقوق الإنسان تتوجب مراجعته وضمان هذه الحقوق.
إنه ومن خلال هذه الرؤية لتطبيق المفهوم الغربي للحريات فإن المشروع الأميركي يستهدف أعراض المسلمين استهدافا مباشرا بفتح المجال أمام النساء والرجال على حد سواء لممارسة الرذيلة تحت غطاء مفهوم "الحرية الشخصية"، وستعمل أميركا وأوروبا على جعل "الحرية الشخصية" في دول منطقة العالم الإسلامي ومنه الشرق الأوسط مصونة ومحمية بالقانون وسيمنع في هذا الإطار أن تقوم أية جهة دينية أو غيرها بالتصدي لهذا المفهوم وهذه الرؤية واعتبارها مخالفة للقانون الذي سيردع أمثال هؤلاء من التدخل في حريات الآخرين.
والإسلام يحرم تحريما قطعيا الزنا واللواط ومقدماتهما ونهى المسلم نهيا جازما عن ارتكاب مثل هذه الفواحش، وقد عدها الإسلام من الجرائم التي يُوقع على مرتكبيها عقوبات زاجرة ورادعة، وهدد كل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم والمعاصي قال تعالى "ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا" الإسراء "32" وقال تعالى "والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين" المعارج "29ـ30" وقال تعالى "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهم مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين، الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين" النور "2ـ3" فأي مصير ينتظر المسلمين بعد تنفيذ هذا المشروع الخطير "لا قدّر الله" ؟
وأما عن آلية تطبيق هذا المشروع فقد جعلت أميركا كل الخيارات مفتوحة لتطبيقه، وأن لجان الكونغرس كانت قد أوصت بفرض أنواع مختلفة من العقوبات الاقتصادية والسياسية على البلدان المخالفة، إلا أن عدم التعاون الأوروبي جعل الولايات المتحدة تبحث عن تطبيق معايير حقيقية والتزامات واضحة ضد هذه الدول على اعتبار أن فرض هذه العقوبات على مثل هذه الدول المخالفة سيكون من طرف واحد هي الولايات المتحدة، مما سيتيح المجال أمامها للتعاون الاقتصادي الأوروبي والشراكة الأوروبية، وهذا يجعل العقوبات الأميركية غير ذات تأثير بمعزل عن أوروبا التي سعت لإشراكها في تنفيذ هذا المشروع.
وبما أن الأهداف المرجوة من تنفيذ هذا المشروع تتفق عليها الولايات المتحدة والدول الأوروبية ولكون المستهدف من هذا المشروع هي الأمة الإسلامية في جميع بلاد المسلمين فقد بات التعاون الأميركي الأوروبي مؤكدا في ظل المرحلة القادمة، وبخاصة أن الأوربيين يعتبرون أن الإرهاب الأوسطي طال الأراضي الأوروبية. من هنا أصبح التعاون الأوروبي الأميركي مطلبا أساسيا حتى يمكن إيجاد ائتلاف قوي لمتابعة التطبيق الديموقراطي في دول الشرق الأوسط.

عبد الواحد جعفر
15-07-2011, 12:00 PM
وأما عن المقترحات التي تقدمت بها الولايات المتحدة لآلية التطبيق لهذا المشروع ومن خلال المذكرة التي قدمتها فإنها تقضي باقتراح اختيار أحد البديلين التاليين:
الأول: العمل على إنشاء مكاتب أميركية أوروبية مشتركة لها حصانات لازمة وكاملة لممارسة أعمالها ومتابعة تطبيق المعايير الديموقراطية في المنطقة، على أن تكون رئاسة هذه المكاتب مشتركة بين الأوربيين والأميركيين ومهمتها الرئيسية هي إعداد تقارير دورية شهرية وسنوية لتقييم كل ما يتعلق بمجالات تطبيق أو انتهاك الديموقراطية في هذه البلدان، وسوف تكون هذه التقارير بمثابة السند الأساسي للقرارات والعقوبات التي سيتخذها الكونغرس الأميركي والبرلمان الأوروبي ضد هذه البلدان، وسيكون جزءا من عمل هذه المكاتب إجراء اتصالات مباشرة مع الشخصيات المهمة أو منظمات المجتمع أو أعضاء البرلمانات وستوجه تقارير المكاتب الدورية كل شهر أو كل ثلاثة أشهر إلى وزارة الخارجية في الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية، وأما التقرير السنوي فيتم توجيهه إلى الكونغرس الأميركي والبرلمان الأوروبي إضافة إلى وزراء الخارجية.
الثاني: أن تتولى مكاتب حلف شمال الأطلسي (الناتو) في دول المنطقة كل الاختصاصات السابقة المشار بشأنها إلى المكاتب الأميركية الأوروبية المشتركة. وعلى هذا الأساس تدعو المذكرة الأميركية إلى التوسع في إنشاء مكاتب حلف شمال الأطلسي (الناتو) لتشمل كل دول المنطقة.
على أن يتم إضافة ثلاثة أقسام رئيسية للأقسام الموجودة أصلا في هذه المكاتب (قسم الأمن العسكري، قسم متابعة شؤون الناتو) وهذه الأقسام الثلاثة هي:
1_ قسم التطبيق الديموقراطي 2_ قسم تطبيق معايير احترام حقوق الإنسان 3_ قسم الحريات
ولتقييم حالة الديموقراطية في دول المنطقة اقترحت المذكرة أن يكون هناك اجتماع سنوي يضم مستشار الأمن القومي الأميركي ووزير الخارجية ومستشاري الأمن القومي في دول أوروبا ووزراء الخارجية، والهدف من هذا الاجتماع تحليل هذه التقارير والنتائج لتسريع التطبيق الديموقراطي واتخاذ قرارات صارمة في حق الدول التي تتباطأ في تنفيذ التطبيق إما بفرض عقوبات جديدة أو تجديد عقوبات قائمة من أجل إجبار هذه الدول جميعها على الانصياع التام للخطة.
والانصياع التام من قبل دول المنطقة لتنفيذ المشروع الأميركي يصطدم بعقبة "قضية الشرق الأوسط" فحتى تكون أميركا عملية هي والأوربيون في تنفيذ هذا المشروع كان لا بد من تذليل هذه العقبة، وكان لا بد من تسليط الضوء على العلاقات العربية الإسرائيلية، والعمل على تكييف هذه العلاقات لتصب في إطار التطبيق الديموقراطي واحترام حقوق الإنسان، والعمل على البدء في تنفيذ المخطط السياسي المرسوم والموضوع أميركيا لحل "قضية الشرق الأوسط" والعمل على عقد اتفاقات للعمل الاقتصادي والثقافي المشترك بين إسرائيل والدول العربية والوصول إلى تحقيق التعاون الإسرائيلي مع دول المنطقة في أن يكون الشرق الأوسط الموسع خاليا من كافة أنواع الصراعات السياسية والعسكرية وبناء نماذج جديدة للتعاون الأوسطي على معايير البناء والتفاهم المشترك ومنها التعاون العسكري من حيث إن هذا التعاون يمثل البداية الفعلية لإزالة الشكوك المتبادلة وسوء الفهم حول مسائل الثقة في الالتزامات الجديدة التي تمليها خريطة التغيير لطريق جديد.
والرؤية التي تنطلق منها أميركا لحل قضية الشرق الأوسط هي في ممارسة الضغط على الفلسطينيين و"الإسرائيليين" للقبول بما رسمته أميركا من حل والاستعداد لتقديم تنازلات من جانب الطرفين. فحتى تتفرغ أميركا لحل المسارات الأخرى مع سوريا ولبنان كان لا بد من الانتهاء من المسار الفلسطيني الإسرائيلي، ويتمثل حل أميركا على هذا المسار بإقامة دولة للفلسطينيين مقابل دولة إسرائيل حسب "خريطة الطريق" وبعد الانتهاء من حل هذا المسار سيكون من السهل عليها استمكال تنفيذ ما رسمته كل بقية المسارات بعد اتفاقيات مشتركة بين الأطراف المعنية، وبذلك تكون أميركا بإغلاق هذا الملف الشائك الذي استمر مفتوحا لعقود طويلة، وتكون قد فتحت المجال أمام التعاون الاقتصادي وإنشاء مؤسسات التعاون الاقتصادي الجديدة والتي ستحقق المفهوم الأوسع للشرق الأوسط الآمن.
إن أميركا بخاصة والغرب الكافر بعامة يدركون تمام الإدراك وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي _والذي لم يكن انهياره انهيار دولة بقدر ما كان انهيار مبدأ_ أن الخطر الحقيقي الذي يتهدد الرأسمالية كمبدأ والدول والشعوب التي تعتنقه هو الإسلام باعتباره عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام. وأن الصحوة التي بدأت تدب في الأمة الإسلامية في تطلعها لأن تحكم بالإسلام بعد أن جربت كل شيء بعد سقوط الخلافة العثمانية باتت هي الهاجس الذي يقض مضاجع القادة والسياسيين وصناع القرار في "العالم الحر". ولذلك لم يكن غريبا أن تستنفر كل قوى الشر للتصدي والوقوف في وجه هذه الصحوة وهذا التطلع للحكم بما أنزل الله، ولم يكن غريبا كذلك أن يدرك الغرب حقيقة القوة الفكرية والعقائدية الموجود في الإسلام تمام الإدراك, ولهذا نجد العالم كله يتخبط بالتفكير الأعمى للحيلولة دون وصول المخلصين من أبناء الأمة الإسلامية إلى إقامة الدولة التي ستأخذ وضعها الطبيعي في هذا العالم الذي يرزح تحت نير الكفر والذي أشقى البشرية بظلمه وتسلطه وجبروته.
وعليه فإن الغرب الكافر عموما وأميركا على وجه الخصوص يدركون أنهم يواجهون في منطقة الشرق الأوسط عدوا جديدا لم يكن قائما من قبل وهو ما يسمونه "التعصب والتشدد الديني" وهو ما تعبر عنه بعض الأوساط بلغة "الدين العنيف" أو "الإسلام السياسي". وأميركا تعتبر أن الإسلام القائم في أذهان المتشددين والمتعصبين (الإرهابيين) هو امتداد لما سبق من الديانة الإسلامية في صورتها الأولى. وعلى الرغم من أن أميركا تعلن وتدعي أنها تحترم الإسلام كدين يعتنقه ملايين من شعوب العالم الإسلامي والذي تدعي احترامها لهم، قال تعالى { كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا} نراها تعمل جاهدة لأن تبعد الإسلام عن أن يكون مصدرا للتعاملات أو أساسا لها أو أن يكون فرعا في بناء العلاقات بين الغرب وبين العالم الإسلامي.
ولذلك فإنها تطرح وبكل قوة تقليص دور الدين في الحياة العامة في المنطقة وأن لا يكون أي مجال للدين في الأحاديث أو التعامل إلا في نطاق أداء الشعائر الدينية والعمل على حصر نفوذ "رجال الدين" أو الذين يحاولون خلط الدين بالسياسة وهم يحاولون استبعاد الإسلام من العلاقات في الحياة العامة؛ أي العمل على إبقاء فصل الدين عن الحياة أساسا للتعاملات بين المسلمين، وأن يأخذوا بتجربة الغرب التي حصرت الدين في الكنيسة فقط. باعتبارها تجربة مثالية.
إن أميركا وأوروبا تدركان أن أفكار الإسلام وأحكامه تشكل عائقا حقيقيا أمام التطبيقات الديموقراطية وأفكار حقوق الإنسان، ولذلك فإن أميركا وأوروبا سيبذلون كل جهد وسيقدمون كل ما يتطلب لإبعاد المسلمين عن دينهم والعمل على تحويل أفكارهم ومفاهيمهم عن الإسلام لأن تصبح أفكارا ومفاهيم غربية على الطريقة الأميركية.
وأما عن التوصيات الأميركية التي تهدف إلى تحويل المفاهيم عند المسلمين وإغراقهم في التفاهات وإبعادهم عن التفكير الجاد لإيجاد الإسلام في معترك الحياة والدولة والمجتمع فإنها تتمثل في:
1. تهميش دور الدين في الحياة العامة للناس، وذلك عن طريق إغراق شعوب المنطقة بأنماط مختلفة من الحياة العصرية الغربية وحيازة التكنولوجيا الحديثة ذات الطابع الترفيهي.
2. التقريب بين الديانات الثلاث؛ الإسلام واليهودية والنصرانية (حوار الأديان) والعمل على تشكيل لجان لتبصير الشعوب بأهمية التقارب بين الأديان الثلاثة.
3. العمل على تحويل المسجد إلى مؤسسة اجتماعية تتضمن حدائق للأطفال والسيدات وأن يتم إسناد الإشراف عليها لشخصية غير دينية ناجحة، والغرض من ذلك هو إفقاد المسجد خصوصيته وهيبته.
4. إخضاع خطباء المساجد وبالذات خطباء الجمعة تحت رقابة أجهزة الأمن في الدولة، وأن يتم إبعاد الدين عن السياسة في الخطبة أو تعرضها للجانب الحياتي بمنع الخطباء من الحديث عن اليهود والأميركان باعتبارهم أعداء أو الحديث عن الجهاد وتغيير الأنظمة القائمة.
5. أن يسمح للمرأة بالاختلاط مع الرجال والمشاركة في التدريب على الانتخابات لتعليم المرأة الديموقراطية.
6. إلغاء مادة التربية الإسلامية وكل ما يتصل بأفكار الإسلام وأحكامه، مع تخصيص يوم كامل للقيم الأخلاقية الإنسانية والتحرر من الاعتقاد أن المسلمين هم خير أمة أخرجت للناس.
وكما جاء على لسان مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط "وليام بيرنز" في مؤتمر (مركز دراسة الإسلام والديموقراطية) الذي انعقد في واشنطن يوم 16/5/2003م " إن التحول إلى الديموقراطية يعني تغييرا تدريجيا وإن كان حقيقيا شاملا، وإن هذا التغيير يتضمن أكثر من مجرد إجراء انتخابات، إنه يشمل عملية بناء المؤسسات السليمة وحكم القانون والمجتمعات المدنية النابضة بالحياة والنشاط برمتها، وهي عملية مؤلمة صعبة متدرجة متطورة وأحيانا محفوفة بالمخاطر".
وكما جاء على لسان الرئيس الأميركي بوش في خطابه المهم في جامعة "ساوث كارولاينا" في التاسع من مايو 2003م: "إن الولايات المتحدة مصممة على أن تقود بنشاط جهود السعي إلى تحقيق جميع هذه الأهداف، بمشاركة قيادات وزعامات المنطقة".
إن هذا المشروع الخطير والذي تسعى أميركا وعملاؤها وحلفاؤها لفرضه وتطبيقه على دول وشعوب المنطقة يعتبر حلقة من حلقات الصراع بين الإسلام والكفر بين المسلمين والكفار، ولذلك فإن على حملة الدعوة أن يدركوا خطورة مسؤوليتهم عن الإسلام بأفكاره وأحكامه في التصدي لأميركا وعملائها والوقوف أمام هذا المشروع وغيره من المشاريع الخطيرة التي تحاك ضد الأمة الإسلامية وأن يعملوا على تكثيف الاتصالات والزيارات لأبناء الأمة الإسلامية وحثهم على الوقوف إلى جانب الحزب في صراعه مع الكفر والكافرين وأن هذه المعركة ليست معركة الحزب فحسب، بل هي معركة الأمة الإسلامية، فكل مسلم مطالب بأن يكون له موقف واضح من هذه الهجمة، وأن يدرك طبيعة الدور الذي يجب أن يقوم به في معركة الإسلام مع الكفر، وأن التصدي لهذا المشروع الخطير لا يكون بالأماني والتمني وإنما وكما جاء في الحديث الشريف " أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك " فهل نكون على مستوى المسؤولية؟.
قال تعالى  إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
16/2/2004م
25/ذي الحجة/1424هـ