طارق بن زياد
07-07-2011, 06:24 PM
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير مبعوث لخير أمة أخرجت للناس، وعلى آله الأطهار الطيبين وأصحابه الأخيار الغر الميامين، ومن سار على هديهم بإحسان إلى يوم الدين.
تمر الأمة الإسلامية في هذه الأيام بمرحلة بالغة الخطورة، فقد تداعت عليها الأمم واجتمعت عليها الأحزاب، واشتد القتل في أبنائها، وكشر الأعداء عن أنيابهم، ونهبوا خيراتها على مدى عقود، وسخروا عملائهم من حكام المسلمين وعلماءهم والمضبوعين بثقافتهم لخدمة مصالحهم، وهاهم الآن يستعدون ليوجهوا لها الضربة القاضية لا سمح الله.
نعم إن الأمر جلل والحال خطير لم يعد يحتمل السكوت، وما من مسلم إلا والنار تغلي بين أضلاعه غيرة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وحزناً على ما أصاب إخوانه، وليس من مسلم إلا على أهبة الاستعداد للقيام بعمل من شأنه أن يرفع عن المسلمين الذلة والمهانة ويرتقي بها إلى حياة العز والكرامة.
إلا أن ما يجري على ألسنة الناس هو السؤال الشائع " وماذا بوسعي أن أفعل أنا؟ وهل أستطيع أنا الفرد الأعزل أن أغير العالم؟"
إن حجم التحدي المطروح وهول المصيبة، وشراسة الهجمة يجعل هذه التساؤلات مشروعة، لذلك الناس محقون حين يتسألون عن مدى تأثير قدراتهم وإمكاناتهم الفردية على تغيير الواقع أو إصلاحه، والمشاهد أن الفرد قد يعجز أحيانا عن إصلاح أهل بيته. فكيف يمكن أن نطلب ممن يعجز عن هذا أن يصلح العالم؟
لكن هل يعفي هذا العجز الظاهري المسلم من المسؤولية ويسوغ له التخلي عنها؟
كلا، إن المسلم مسؤول عن تغيير هذا الواقع الفاسد، وما ينقصه إلا البحث والدراسة للأعمال الكفيلة بتحقيق الغاية المنشودة، والناظر في المسألة يجد أن عجز الفرد عن القيام بمهمة ما، لا يعني استحالة أدائها فقد يستعين عليها بفرد آخر أو بمجموعة من الأفراد، فيسهل حينئذ قضاؤها، والعمل مهما كان صعباً يمكن القيام به إذا تم الاستعانة بعدد كاف من العاملين.
فدفع شاحنة مثلاً عمل يعجز عنه الفرد، لكن اشتراك أفراد بعددٍ كاف يجعل من المسألة أمراً بسيطاً، وكذلك قيادة سفينة كبيرة من قبل فرد واحد سيبدو أمرا من قبيل الخيال، لكن اشتراك جهود الصانع والميكانيكي والملاح وغيرهم من الأشخاص يجعل قيادة السفينة لا يتطلب أكثر من ضغطة على زر.
وهكذا فكل أمر مهما بدا صعباً، يمكن أن يتحول إلى أمر بسيطٍ للغاية بشرط أن تحشد له الطاقات و الخبرات والمواهب اللازمة.
وكما تنطبق هذه القاعدة على دفع شاحنة وقيادة سفينة وغيرها من الأعمال فإنها تنطبق على واقعنا. فالتغيير مهما تصورنا صعوبته فإنه يكفي أن توجد جماعة تملك الخبرات والطاقات والمواهب اللازمة كي يصبح الأمر سهلاً أو على الأقل ليس بالصعوبة التي يتخيلها الناس.
إذن فالتغيير ممكن لكن بشرط العمل الجماعي، فالجماعة تكمل نقص الفرد، ويكمل أعضاؤها عمل بعضهم البعض. لذلك فالعمل الجماعي شيء لا بد منه لمن كان يرغب بجدية في العمل لتغيير الواقع.
وقد حض الله تعالى المسلمين على العمل الجماعي عندما دعا إلى إنشاء جماعة للدعوة إلى الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال عز وجل: ((وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ)) . فهكذا بصيغة الجمع يأمر الله تعالى أن نقيم على الأقل جماعة واحدة يكون عملها الدعوة إلى الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إذن فالعمل الجماعي ضرورة عقلية وشرعية.
ولهذا نقول إن مسؤولية العمل الجماعي الملقاة على عاتق المسلمين تقتضي منهم ليس فقط العمل داخل جماعة ولكن فهم وإدراك واقع العمل الجماعي، أي إدراك السنن والقوانين التي تتحكم في هذا العمل، فإذا صار العمل على هذا الصعيد فسوف تستطيع الجماعة تحقيق غايتها المنشودة في أسرع وقت وبأقل جهد وتكلفة. وبالعكس فالجماعة التي لا تدرك ما يتطلبه العمل الجماعي وتقتصر فقط على العمل مهما كان نوعه، فإنها لن تستطيع أن تحقق غايتها بل قد تحقق نتائج سلبية على عملها، حيث قد تستنزف طاقات وجهود ومواهب ولا يتحقق شيء من الغاية المرسومة.
إذن فما المطلوب منا كي نحسن العمل الجماعي ونحقق غايتنا في أسرع وقت وبأقل جهد وتكلفة؟
إن هذا الأمر لن يتم إلا إذا حددنا واقع العمل الجماعي، فما هو واقع هذا العمل؟
يتبع .
تمر الأمة الإسلامية في هذه الأيام بمرحلة بالغة الخطورة، فقد تداعت عليها الأمم واجتمعت عليها الأحزاب، واشتد القتل في أبنائها، وكشر الأعداء عن أنيابهم، ونهبوا خيراتها على مدى عقود، وسخروا عملائهم من حكام المسلمين وعلماءهم والمضبوعين بثقافتهم لخدمة مصالحهم، وهاهم الآن يستعدون ليوجهوا لها الضربة القاضية لا سمح الله.
نعم إن الأمر جلل والحال خطير لم يعد يحتمل السكوت، وما من مسلم إلا والنار تغلي بين أضلاعه غيرة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وحزناً على ما أصاب إخوانه، وليس من مسلم إلا على أهبة الاستعداد للقيام بعمل من شأنه أن يرفع عن المسلمين الذلة والمهانة ويرتقي بها إلى حياة العز والكرامة.
إلا أن ما يجري على ألسنة الناس هو السؤال الشائع " وماذا بوسعي أن أفعل أنا؟ وهل أستطيع أنا الفرد الأعزل أن أغير العالم؟"
إن حجم التحدي المطروح وهول المصيبة، وشراسة الهجمة يجعل هذه التساؤلات مشروعة، لذلك الناس محقون حين يتسألون عن مدى تأثير قدراتهم وإمكاناتهم الفردية على تغيير الواقع أو إصلاحه، والمشاهد أن الفرد قد يعجز أحيانا عن إصلاح أهل بيته. فكيف يمكن أن نطلب ممن يعجز عن هذا أن يصلح العالم؟
لكن هل يعفي هذا العجز الظاهري المسلم من المسؤولية ويسوغ له التخلي عنها؟
كلا، إن المسلم مسؤول عن تغيير هذا الواقع الفاسد، وما ينقصه إلا البحث والدراسة للأعمال الكفيلة بتحقيق الغاية المنشودة، والناظر في المسألة يجد أن عجز الفرد عن القيام بمهمة ما، لا يعني استحالة أدائها فقد يستعين عليها بفرد آخر أو بمجموعة من الأفراد، فيسهل حينئذ قضاؤها، والعمل مهما كان صعباً يمكن القيام به إذا تم الاستعانة بعدد كاف من العاملين.
فدفع شاحنة مثلاً عمل يعجز عنه الفرد، لكن اشتراك أفراد بعددٍ كاف يجعل من المسألة أمراً بسيطاً، وكذلك قيادة سفينة كبيرة من قبل فرد واحد سيبدو أمرا من قبيل الخيال، لكن اشتراك جهود الصانع والميكانيكي والملاح وغيرهم من الأشخاص يجعل قيادة السفينة لا يتطلب أكثر من ضغطة على زر.
وهكذا فكل أمر مهما بدا صعباً، يمكن أن يتحول إلى أمر بسيطٍ للغاية بشرط أن تحشد له الطاقات و الخبرات والمواهب اللازمة.
وكما تنطبق هذه القاعدة على دفع شاحنة وقيادة سفينة وغيرها من الأعمال فإنها تنطبق على واقعنا. فالتغيير مهما تصورنا صعوبته فإنه يكفي أن توجد جماعة تملك الخبرات والطاقات والمواهب اللازمة كي يصبح الأمر سهلاً أو على الأقل ليس بالصعوبة التي يتخيلها الناس.
إذن فالتغيير ممكن لكن بشرط العمل الجماعي، فالجماعة تكمل نقص الفرد، ويكمل أعضاؤها عمل بعضهم البعض. لذلك فالعمل الجماعي شيء لا بد منه لمن كان يرغب بجدية في العمل لتغيير الواقع.
وقد حض الله تعالى المسلمين على العمل الجماعي عندما دعا إلى إنشاء جماعة للدعوة إلى الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال عز وجل: ((وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ)) . فهكذا بصيغة الجمع يأمر الله تعالى أن نقيم على الأقل جماعة واحدة يكون عملها الدعوة إلى الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إذن فالعمل الجماعي ضرورة عقلية وشرعية.
ولهذا نقول إن مسؤولية العمل الجماعي الملقاة على عاتق المسلمين تقتضي منهم ليس فقط العمل داخل جماعة ولكن فهم وإدراك واقع العمل الجماعي، أي إدراك السنن والقوانين التي تتحكم في هذا العمل، فإذا صار العمل على هذا الصعيد فسوف تستطيع الجماعة تحقيق غايتها المنشودة في أسرع وقت وبأقل جهد وتكلفة. وبالعكس فالجماعة التي لا تدرك ما يتطلبه العمل الجماعي وتقتصر فقط على العمل مهما كان نوعه، فإنها لن تستطيع أن تحقق غايتها بل قد تحقق نتائج سلبية على عملها، حيث قد تستنزف طاقات وجهود ومواهب ولا يتحقق شيء من الغاية المرسومة.
إذن فما المطلوب منا كي نحسن العمل الجماعي ونحقق غايتنا في أسرع وقت وبأقل جهد وتكلفة؟
إن هذا الأمر لن يتم إلا إذا حددنا واقع العمل الجماعي، فما هو واقع هذا العمل؟
يتبع .