أبوحفص
26-10-2008, 10:51 AM
بالنسبة للبحث حول الازمة المالية سيكون جاهزا في غضون ايام باذن الله .. و ستكون من اول من يطلع عليه ان شاء الله ..
و يسرني جدا ان اشاركك في البحث ، ولكن اصبر ريثما يكون ما عندي جاهزا و تطلع عليه كاملا .
بالنسبة لسؤالك ، نقاط سريعة :
كل من كتب حول تفسير التاريخ وقع في خطأ منهجي خطير ، و دعنا ابتداء نؤكد على حقيقة ان التاريخ ليس علما ، و الانسب ان يقال دراسات التاريخ ، و هذا هو مذهب المدرسة الالمانية في العلوم الانسانية . و الفرق ان اعتبار التاريخ علما له قوانينه الموضوعية الثابتة ، التي تتجاوز الظروف ، و المعطيات ، و تستمر في الفعل في كل الاحوال يجعل التاريخ علما صحيحا exact science تماما كالفيزياء ، بل أكثر صرامة من الفيزياء ، و بالتالي تصبح المنظومة system التي يتناولها التاريخ بالبحث - وفق هذا التصور - منظومة سببية بسيطة ، تتاثر فيها العناصر بالاسباب و العلل وفق علاقات سببية بسيطة محكمة ، و مترابطة تصاعديا نحو هدف نهائي للتاريخ ،و تصبح قوانين التاريخ وفقا لهذا التصور قوانين مطلقة ، لا تنتظر شرطا موضوعيا كي تصبح فاعلة ، كل ما تحتاجه هو وجود انساني اجتماعي !!!! حتى الفيزياء لم تدعي شيئا كهذا !! . و لنعطي مثلا يوضح الطرح اعلاه : الجدلية التاريخية - و هي اكثر المذاهب صرامة في وضع قوانين مفترضة على التاريخ !! - تجعل وسائل الانتاج سببا وحيدا لكل حدث في التاريخ ، حتى الانسان محكوم لوسائل الانتاج : طبقة العمال التي تعمل على تطوير ذاتها بتطوير وسائل الانتاج ، تصطدم مع الطبقة المسيطرة على علاقات الانتاج ، اي البرجوازية ، و فجأة ينحني التاريخ !! .. إذا ما اخذنا المشهد اعلاه في سياق التصور الماركسي كاملا سنلحظ ان قوانين التاريخ الجدلية ذهبت خطوة إلى الامام في الفكر الانساني ، و قدمت تفسيرا - و قيدا - على الفعل الانساني بالاستناد إلى جملة مباديء فكرية اساسية ، و لعل هذا هو سبب الجاذبية في المارسكية : ادعائها امتلاك تفسير للتاريخ ، بل للوجود ، باللجوء إلى حفنة من الافكار الاساسية !! قوانين الفيزياء قوانين شرطية ، و ليست فاعلة بشكل مطلق ، فمثلا : قانون الجاذبية يفسر لنا - او بالاحرى يصف لنا - الانجذاب الحاصل بين جسمين بكتلتين معينتين اذا وضعا على مسافة معينة ، و لكنه لا يقول لنا لماذا وضع الجمسان على تلك المسافة !؟ او لماذا امتلك الجسمان تلكما الكتلتين !؟ نحن بحاجة إلى جملة قوانين اخرى مختلفة كليا للاجابة على اسئلة كهذه . اذا حتى الفيزياء تقدم تفسيرا شرطيا ، محكوما بالظروف و المعطيات ، اما تفسيرات التاريخ قاطبة فإنها - بمزيد من الغرور - ادعت انها قادرة على وصف و تفسير حركة التاريخ ، و التنبؤ بمستقبل الامم ، بل بسمتقبل البشرية .
و هاهنا ياتي الاسلام بعبقريته ليقول لنا ان المعارف التي لا يقع موضوعها تحت الحس مباشرة يقدم الاسلام فيها الخطوط العريضة التي يباشر العقل على اساسها تكوين مفهومه الخاص - واشدد على الخاص - عنها . ومثال ذلك التاريخ ، فإن موضوع التاريخ من حيث تفسيره لا يقع عليه الحس مباشرة ، وإن كان يقع على جزء مهم منه . هنا يقدم لنا الاسلام اسس التفسير الاسلامي للتاريخ ، ويترك للعقل بعدها أن ينطلق . فالاسلام- مثلا- يقول لنا ان ثمة صلة للتاريخ بالغيب و ان القدرة الالهية تتدخل في عالم الحس ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ) و لكنه لا يحدد لنا سيناريو معينا ثابتا للاحداث ، بل يترك لنا تطبيق القاعدة الكلية عند اكتمال شروط تطبيقها ، و الاسلام يقول لنا ان الامم التي لا تبني حضارتها على اساس روحي تنتهي إلى زوال ( سنة الله التي قد خلت ) . و الاسلام يقول لنا في مجال الغيب ان الناس كانو امة واحدة ....إلخ . و بناء افكارنا على هذا النط المطرد في القران يقودنا - مثلا - إلى التوصل إلى سنة تاريخية ثابته ، و هي ان السلطة تتغير او تنتقل بتغير المفاهيم و المقاييس و القناعات في المجتمعات .. و هكذا ..
فدراسات التاريخ هي دراسة لحقائق التاريخ ، و لا يجوز البحث عن قوانين ناظمة للتاريخ عند تناول سيرورة البشرية .
على أنه يمكن التنبؤ بسلوك منظومة حضارية او سياسية ما بناء على الظروف و الشروط المعطاة ، بالاستفادة من حقائق التاريخ . فمثلا : كل من تابع واقع الدولة الاسلامية في اخر 50 عام من تاريخها كان بامكانه ان يتنبا بسهولة بسقوطها . و كل من تابع واقع الاتحاد السوفييتي في العشرين سنة الاخيرة من عمره تنبأ بسقوطه ، ومنهم الشيخ تقي رحمه الله ، على الرغم من انه كان يتصور ان الاتحاد السوفييتي سينتصر على امريكا ، و سيبسط سيطرته على اوروبا . لكنه - رحمه الله- غير من تصوره لما طرأ من تغييرات في حالة الاتحاد السوفييتي ، التذي تحول من دولة مبدئية عالمية ، إلى ما يشبه القيصرية الروسية ، و تخلى عن غايته بنقل الثورة العمالية إلى العالم . و رضي ان يكون شريكا لامريكا .
بالنسبة للراسمالية ، فإن طبيعة النظام ذاتيا تفرض علينا تصورا معينا في التنبؤ بمستقبله القريب ، فمثلا : الليبرالية الاقتصادية تنتج بشكل حتمي تفاوتا كبيرا في توزيع الثروة في المجتمع ، و يفرض علينا هذا الاستنتاج طرحا مفاده أن ازدياد الفقر سيؤدي إلى ضآلة الاقبال على الاستهلاك ، و بالتالي أنهيارات متتالية في الكارتيلات الانتاجية . و مثلا : نظرية الليبراليون الجدد حول انهاء عهد الكينزية ، و رفع سيطرة الدولة عن السوق ، و اطلاق حرية السوق على اخرها ، يؤدي بشكل قطعي إلى الاستثمار الزائد عما يحتمله المجتمع ، و بالتالي انهيارات سريعة في قطاعات الانتاج الكبرى في اللحظة التي يظهر فيها حجم السوق الفعلي - وهذا هو تماما ما حصل في الازمة الاقتصادية الراهنة - .
على اية حال ، تاريخ الراسمالية هو سيرورة التدمير الخلاق ، هذا ما يؤمن به مفكروا الراسمالية ، اي ان تاريخ الراسمالية ينتج طبيعيا ازمات تؤدي إلى تدمير الشكل السابق للراسمالية ، و الخروج بشكل اكثر فاعلية . و هذا هو الموضوع الاكثر سخونة في الغرب الان : كيف نعيد صياغة الراسمالية العالمية ؟؟
في كل الاحوال ، انهيار الراسمالية لا يعبر عن نفسه بازمات اقتصادية ، او اعادة صياغة شكل النظام ، او الالفاف على النظام بتدخل الدولة على شكل تاميمات ، او قيود اقتصادية على السوق او ما شاكل - و ان كان هذا قد شكل أزمة اديولوجية في الغرب عموما - انهيار الراسمالية يكون بتخلي الشعوب عن اسس المبدأ : العلمانية ، الحريات ، الديموقراطية ، الاستعمار . و هذا ما لا نراه قريبا . انهيار الرسمالية بحاجة إلى أمرين : الاول انهيارها موضوعا بتحطيم اضلاع النظام الاقتصادي ، و ضرب الاستعمار و السيطرة على الشعوب ، و ثانيا : انهيارها ذاتا بكفران الشعوب الغربية باسس الميدأ الراسمالي . و كلا الامرين بحاجة إلى مقابل مبدئي عالمي-دولي ، و نحن - بطبيعة الحال - لا نرى مرشحا لهذه المهمة سوى الاسلام ، وامة الاسلام ، و بالتحديد حزب التحرير . و في انتظار نضوج الظروف ، يبقى التحليل حبرا على ورق .
عذرا على الاختصار ، لي مرور اخر على الموضوع خلال ايام قليلة .
مودتي
و يسرني جدا ان اشاركك في البحث ، ولكن اصبر ريثما يكون ما عندي جاهزا و تطلع عليه كاملا .
بالنسبة لسؤالك ، نقاط سريعة :
كل من كتب حول تفسير التاريخ وقع في خطأ منهجي خطير ، و دعنا ابتداء نؤكد على حقيقة ان التاريخ ليس علما ، و الانسب ان يقال دراسات التاريخ ، و هذا هو مذهب المدرسة الالمانية في العلوم الانسانية . و الفرق ان اعتبار التاريخ علما له قوانينه الموضوعية الثابتة ، التي تتجاوز الظروف ، و المعطيات ، و تستمر في الفعل في كل الاحوال يجعل التاريخ علما صحيحا exact science تماما كالفيزياء ، بل أكثر صرامة من الفيزياء ، و بالتالي تصبح المنظومة system التي يتناولها التاريخ بالبحث - وفق هذا التصور - منظومة سببية بسيطة ، تتاثر فيها العناصر بالاسباب و العلل وفق علاقات سببية بسيطة محكمة ، و مترابطة تصاعديا نحو هدف نهائي للتاريخ ،و تصبح قوانين التاريخ وفقا لهذا التصور قوانين مطلقة ، لا تنتظر شرطا موضوعيا كي تصبح فاعلة ، كل ما تحتاجه هو وجود انساني اجتماعي !!!! حتى الفيزياء لم تدعي شيئا كهذا !! . و لنعطي مثلا يوضح الطرح اعلاه : الجدلية التاريخية - و هي اكثر المذاهب صرامة في وضع قوانين مفترضة على التاريخ !! - تجعل وسائل الانتاج سببا وحيدا لكل حدث في التاريخ ، حتى الانسان محكوم لوسائل الانتاج : طبقة العمال التي تعمل على تطوير ذاتها بتطوير وسائل الانتاج ، تصطدم مع الطبقة المسيطرة على علاقات الانتاج ، اي البرجوازية ، و فجأة ينحني التاريخ !! .. إذا ما اخذنا المشهد اعلاه في سياق التصور الماركسي كاملا سنلحظ ان قوانين التاريخ الجدلية ذهبت خطوة إلى الامام في الفكر الانساني ، و قدمت تفسيرا - و قيدا - على الفعل الانساني بالاستناد إلى جملة مباديء فكرية اساسية ، و لعل هذا هو سبب الجاذبية في المارسكية : ادعائها امتلاك تفسير للتاريخ ، بل للوجود ، باللجوء إلى حفنة من الافكار الاساسية !! قوانين الفيزياء قوانين شرطية ، و ليست فاعلة بشكل مطلق ، فمثلا : قانون الجاذبية يفسر لنا - او بالاحرى يصف لنا - الانجذاب الحاصل بين جسمين بكتلتين معينتين اذا وضعا على مسافة معينة ، و لكنه لا يقول لنا لماذا وضع الجمسان على تلك المسافة !؟ او لماذا امتلك الجسمان تلكما الكتلتين !؟ نحن بحاجة إلى جملة قوانين اخرى مختلفة كليا للاجابة على اسئلة كهذه . اذا حتى الفيزياء تقدم تفسيرا شرطيا ، محكوما بالظروف و المعطيات ، اما تفسيرات التاريخ قاطبة فإنها - بمزيد من الغرور - ادعت انها قادرة على وصف و تفسير حركة التاريخ ، و التنبؤ بمستقبل الامم ، بل بسمتقبل البشرية .
و هاهنا ياتي الاسلام بعبقريته ليقول لنا ان المعارف التي لا يقع موضوعها تحت الحس مباشرة يقدم الاسلام فيها الخطوط العريضة التي يباشر العقل على اساسها تكوين مفهومه الخاص - واشدد على الخاص - عنها . ومثال ذلك التاريخ ، فإن موضوع التاريخ من حيث تفسيره لا يقع عليه الحس مباشرة ، وإن كان يقع على جزء مهم منه . هنا يقدم لنا الاسلام اسس التفسير الاسلامي للتاريخ ، ويترك للعقل بعدها أن ينطلق . فالاسلام- مثلا- يقول لنا ان ثمة صلة للتاريخ بالغيب و ان القدرة الالهية تتدخل في عالم الحس ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ) و لكنه لا يحدد لنا سيناريو معينا ثابتا للاحداث ، بل يترك لنا تطبيق القاعدة الكلية عند اكتمال شروط تطبيقها ، و الاسلام يقول لنا ان الامم التي لا تبني حضارتها على اساس روحي تنتهي إلى زوال ( سنة الله التي قد خلت ) . و الاسلام يقول لنا في مجال الغيب ان الناس كانو امة واحدة ....إلخ . و بناء افكارنا على هذا النط المطرد في القران يقودنا - مثلا - إلى التوصل إلى سنة تاريخية ثابته ، و هي ان السلطة تتغير او تنتقل بتغير المفاهيم و المقاييس و القناعات في المجتمعات .. و هكذا ..
فدراسات التاريخ هي دراسة لحقائق التاريخ ، و لا يجوز البحث عن قوانين ناظمة للتاريخ عند تناول سيرورة البشرية .
على أنه يمكن التنبؤ بسلوك منظومة حضارية او سياسية ما بناء على الظروف و الشروط المعطاة ، بالاستفادة من حقائق التاريخ . فمثلا : كل من تابع واقع الدولة الاسلامية في اخر 50 عام من تاريخها كان بامكانه ان يتنبا بسهولة بسقوطها . و كل من تابع واقع الاتحاد السوفييتي في العشرين سنة الاخيرة من عمره تنبأ بسقوطه ، ومنهم الشيخ تقي رحمه الله ، على الرغم من انه كان يتصور ان الاتحاد السوفييتي سينتصر على امريكا ، و سيبسط سيطرته على اوروبا . لكنه - رحمه الله- غير من تصوره لما طرأ من تغييرات في حالة الاتحاد السوفييتي ، التذي تحول من دولة مبدئية عالمية ، إلى ما يشبه القيصرية الروسية ، و تخلى عن غايته بنقل الثورة العمالية إلى العالم . و رضي ان يكون شريكا لامريكا .
بالنسبة للراسمالية ، فإن طبيعة النظام ذاتيا تفرض علينا تصورا معينا في التنبؤ بمستقبله القريب ، فمثلا : الليبرالية الاقتصادية تنتج بشكل حتمي تفاوتا كبيرا في توزيع الثروة في المجتمع ، و يفرض علينا هذا الاستنتاج طرحا مفاده أن ازدياد الفقر سيؤدي إلى ضآلة الاقبال على الاستهلاك ، و بالتالي أنهيارات متتالية في الكارتيلات الانتاجية . و مثلا : نظرية الليبراليون الجدد حول انهاء عهد الكينزية ، و رفع سيطرة الدولة عن السوق ، و اطلاق حرية السوق على اخرها ، يؤدي بشكل قطعي إلى الاستثمار الزائد عما يحتمله المجتمع ، و بالتالي انهيارات سريعة في قطاعات الانتاج الكبرى في اللحظة التي يظهر فيها حجم السوق الفعلي - وهذا هو تماما ما حصل في الازمة الاقتصادية الراهنة - .
على اية حال ، تاريخ الراسمالية هو سيرورة التدمير الخلاق ، هذا ما يؤمن به مفكروا الراسمالية ، اي ان تاريخ الراسمالية ينتج طبيعيا ازمات تؤدي إلى تدمير الشكل السابق للراسمالية ، و الخروج بشكل اكثر فاعلية . و هذا هو الموضوع الاكثر سخونة في الغرب الان : كيف نعيد صياغة الراسمالية العالمية ؟؟
في كل الاحوال ، انهيار الراسمالية لا يعبر عن نفسه بازمات اقتصادية ، او اعادة صياغة شكل النظام ، او الالفاف على النظام بتدخل الدولة على شكل تاميمات ، او قيود اقتصادية على السوق او ما شاكل - و ان كان هذا قد شكل أزمة اديولوجية في الغرب عموما - انهيار الراسمالية يكون بتخلي الشعوب عن اسس المبدأ : العلمانية ، الحريات ، الديموقراطية ، الاستعمار . و هذا ما لا نراه قريبا . انهيار الرسمالية بحاجة إلى أمرين : الاول انهيارها موضوعا بتحطيم اضلاع النظام الاقتصادي ، و ضرب الاستعمار و السيطرة على الشعوب ، و ثانيا : انهيارها ذاتا بكفران الشعوب الغربية باسس الميدأ الراسمالي . و كلا الامرين بحاجة إلى مقابل مبدئي عالمي-دولي ، و نحن - بطبيعة الحال - لا نرى مرشحا لهذه المهمة سوى الاسلام ، وامة الاسلام ، و بالتحديد حزب التحرير . و في انتظار نضوج الظروف ، يبقى التحليل حبرا على ورق .
عذرا على الاختصار ، لي مرور اخر على الموضوع خلال ايام قليلة .
مودتي