مشاهدة النسخة كاملة : تأثير الفكر الاسلامي في صياغة الشريعة
ابواحمد
01-05-2011, 08:09 PM
انسنة الشريعة: منقول عن موقع مكنوب (مشاركات القراء)
بسم الله الرحمن الرحيم هذه مقالة تقدم موقفا جديدا عن علي الصيغ التي هي عليها الآن كتبها الأستاذ المحاضر في جامعة عبدالله بن ياسين أنسنة الشريعة
يمتاز الخطاب القرآني المتعلق بالمفاهيم الشرعية، بالتنوع والخصوبة، وهو بما أنه خطاب الله عز وجل، ينفذ بطريقة خاصة إلى القلوب فيؤثر تأثيرا قويا على المتلقي. من هذا التنوع أننا إذا أخذنا الصلاة والزكاة نجد أن الآيات حولهما تتميز بالخصوبة والتنوع.
ففي الصلاة قال الله عز وجل:”يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا، نصفه أو انقص منه قليلا، أو زد عليه، ورتل القرآن ترتيلا.” و قال الله عز وجل: “ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسي أن يبعثك ربك مقاما محمودا”. وقال عز وجل: “أقم الصلاة لدلوك الشمس إاي غسق الليل” وقال عز وجل: “ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم” وقال في الآية الأخرى: “ومن الليل فسبحه وإدبار السجود” ...
وعن الزكاة قال الله عز وجل: “والذين في أموالهم حق للسائل والمحروم” وقال في الآية الأخرى: “والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم” وقال عز وجل: “فلا اقتحم الحم العقبة؟ وما أريك ما العقبة؟ فك رقبة، أو إطعام في يوم ذي مسغبة، يتيما ذا مقربة، أو مسكينا ذا متربة” وقال الله: “وآتوا حقه يوم حصاده” وقال: “خذ من أموالهم صدقة تزكيهم بها” وقال: “لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون”.
هذا التنوع في صياغة المفاهيم أثر في المسلمين أيما تأثير. واستجاب المسلمون لهذا الخطاب دون زيادة أو نقص. مما أدى إلى قيام أمة اعتبرت خير أمة أخرجت للناس. ونلاحظ أن الآيات القرآنية لا تقدم صيغة واحدة للصلاة والزكاة، ففي الزكاة أمر الله بأن نعطي أعز ما نملك، ولكنه اعتبر بالمقابل أن إطعام يتيم في يوم ذي مسغبة هو أيضا صدقة وزكاة لها مكافأتها. في هذه المرحلة كان القرآن والقرآن فقط هو المصدر الخلاق للمفاهيم الشرعية. وكان المسلمون منفعلين لا فاعلين، ومتلقين لا ملقين، والتزموا بما قال الغزالي بأن من تلقى السمع تترتب عليه أمور من بينها السكوت والإنصات والتسليم والاعتبار بالعجز.
لكن النفس البشرية تواقة إلى التأثير في ما يحيط بها، والمشاركة فيما تقوم به. لذلك لم يمر زمن طويل بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا والمسلمون يتشوفون لوضع القوانين للمفاهيم الشرعية. وكان لهذا التشوف عدة عوامل من بينها:
أولا: اتساع رقعة الإسلام لتدخل فيه شعوب وأمم كانت لها أعرافها وتقاليدها الدينية، وهذا الموضوع لم يعط من الاهتمام ما ينبغي ولم يتم البحث بجدية عن تأثير الديانتين اليهودية والمسيحية علي الشريعة الإسلامية وما تحويه من عبادات ومعاملات منهما.
فإذا كان الإسلام قد ظهر في بيئة وثنية هي مكة المكرمة، لكنه اكتمل في المدينة حيث أتباع الديانة اليهودية، وقد دخل في الإسلام أتباع هاتين الديانتين مثل عبد الله بن سلام من الديانة اليهودية وسلمان الفارسي من الديانة المسيحية. وهذا الأخير سئل عنه علي رضي الله عنه فقال: بأنه يعلم العلم الأول والعلم الأخر.. ومثل هذان الرجلان مصدرا للمعرفة الإسلامية في صورتها المبكرة. فلما حضر معاذ بن جبل الموت قيل له يا أبا عبد الرحمن أوصنا؟ قال أجلسوني إن الفهم والإيمان مكانهما، من ابتغاهما وجدهما، يقول ذلك ثلاث مرات التمس العلم عند أربعة رهط عند عويمر بن أبي الدرداء، وعند سلمان الفارسي، وعند عبد الله بن مسعود وعند عبد الله بن سلام.» وتذكر كتب التاريخ أن خالدا بن الوليد لما فتح عين التمر بالعراق وجد فيها عشرين كاهنا مسيحيا، فوزعهم على البلاد الإسلامية، وكان من بينهم والد محمد بن سيرين وقد تتلمذ أبو هريرة على كعب الأحبار، وتتلمذ مالك بن أنس علي ابن هرمز في مدة تفوق علي عشر سنين، يأتيه من الصباح حتي هوي من الليل، ولا نعرف موضوع الجلسات إذا لم يكن هو شرح تقاليد وعادات الديانات القديمة.
كما اطلع المسلمون في وقت مبكر على الكتب المقدسة للديانتين اليهودية والمسيحية. ويبين لنا هذا المقطع من سيرة ابن إسحاق المتوفى سنة 153هـ دقة ترجمة تلك الكتب قال ابن إسحاق عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإنجيل: “وقد كان فيما بلغني عما كان وضع عيسى ابن مريم فيما جاءه من الله في الإنجيل من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. مما أثبت يحنس الحواري لهم حين نسخ لهم الإنجيل، عن عهد عيسى عليه السلام، في رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، أنه قال: من أبغضني فقد أبغض الرب، ولولا أني صنعت بحضرتهم صنائع لم يصنعها أحد من قبل، ما كانت لهم خطيئة ولكن من الآن بطروا، وظنوا أنهم يعزونني، وأيضا للرب ، لكن لابد من أن تتم الكلمة في الناموس، أنهم أبغضوني مجانا –أي باطلا- فلو قد جاء المنحمنا هذا الذي يرسله الله إليكم من عند الرب ، وروح القدس هذا الذي من عند الرب خرج فهو شهيد علي وأنتم أيضا ،لأنكم قديما كنتم معي في هذا قلت لكم لكيما لا تشكو” ثم عقب ابن إسحاق قائلا: “المنحمنا محمد وهو بالرومية البرقليس صلى الله الله عليه وسلم.”
ابواحمد
01-05-2011, 08:12 PM
هذه الفقرة من سيرة ابن هشام لا تدل على استيعاب المسلمين المبكر لنصوص المسيحية فحسب، بل تدل أيضا على دقة هذا الاستيعاب والتطور الكبير في الترجمة والمعلومات.
إذا كان لمن يسمون بمسلمة أهل الكتاب تأثير على التقاليد الإسلامية خصوصا أن هؤلاء أخذوا زمام المبادرة في المعرفة الإسلامية في وقت مبكر، قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم لما مات العبادلة عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر بن العاص وعبد الله بن مسعود، صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي، كان فقيه أهل مكة ابن أبي رباح، وفقيه أهل اليمن طاووس، وفقيه أهل اليمامة يحي بن كثير، وفقيه أهل الكوفة إبراهيم، وفقيه اهل البصرة الحسن، وفقيه أهل الشام مكحول، وفقيه أهل خراسان عطاء الخراساني، إلا المدينة فإن الله خصها بقرشي، سعيد بن المسيب” . وقد ضاق المسلمون الأوائل بهم ذرعا، وقال عروة ابن الزبير: “ما زال أمر بني إسرائيل معتدلا حتى نشأ فيهم المولدون أبناء سبايا الأمم فأخذوا فيهم بالرأي فأضلوهم. “
أما العامل الثاني إلى وضع القوانين للمفاهيم الشرعية، فيتجلى في الإرادة السياسية للخلفاء الأوائل. فضبط الأفراد وتوجيههم سياسيا، كان يتطلب ضبط انقياداتهم الإيمانية وتصرفاتهم الدينية، وقد بدأ أول تدخل للسياسة في الأحكام الدينية في الزكاة، وهو الخلاف بين أبي بكر الصديق وبين بني حنيفة ، فأبو بكر رضي الله عنه يريد أن يتصرف في زكاة المسلمين كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبنو حنيفة ربطوا الحكم بمحله، ومنعوها محتجين بأن الزكاة أعطوها للرسول بمقابل، وهو صلاته التي هي سكن لهم، وأبو بكر صلاته ليست كذلك بالنسبة لهم. فمع هذا الخليفة أخذت الزكاة معاني جديدة، وفي عهد عمر بن الخطاب طرأ نظام جديد لصلاة الجماعة وهو صلاة التراويح وعلق عليها قائلا: (نعمت البدعة هذه).
وقد بدأ عصر التدوين للمفاهيم الشرعية حقا وصدقا مع عمر بن عبد العزيز، وكان الدافع إلى ذلك هو حادثة الصلاة الشهيرة بينه وبين عروة بن الزبير. فعن مالك عن ابن شهاب: (أن عمر بن عبد العزيز أخر الصلاة يوما، فدخل عليه عروة بن الزبير، فقال ما هذا يا عمر؟ أليس قد علمت أن جبريل صلوات الله عليه وسلامه عليه نزل فصلى ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم نزل فصلى، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نزل فصلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم نزل فصلى فصلى رسول الله صلى عليه وسلم. ثم قال بهذا أمرت، فقال عمر لعروة: أعلم ما تحدث به، أو أن جبريل هو أقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقت الصلاة، قال عروة كذلك كان بشير ابن أبي مسعود يحدث عن أبيه” ، إن سياق الحديث هنا يشير إلى أن كمية الصلاة هي العدد الخمس وكأن عمر بن عبد العزيز لم يكن على علم كاف بهذه الكمية، أو ينقصها الدليل عنده، فجاءه عروة ليقدم له الدليل عن بشير عن أبيه أن جبريل نزل خمس مرات ليصلي برسول الله صلي الله عليه وسلم. وهناك سياقات أخرى للحديث تجعله يتمحور حول أوقات الصلاة أي حول الكيفية لا حول الكمية.
ما يلاحظ هو أنه في عهد هذا الخليفة كرست الدولة الإسلامية كل طاقتها لصناعة المفاهيم. ولأن العمل قيد التنفيذ يوصف بالعمل الجلل، كان لابد من قرارات حاسمة لتوحيد الجبهة الداخلية، فاستدعى هذا الخليفة الجيش المرابط على الحدود مع البيزنطيين في الشمال، وأقام صلحا مع الخوارج والقرامطة ، مما هيأ الطريق للتفرغ لوضع القوانين.
يؤكد على هذا الكلام الأحاديث التالية: فيروى عنه أنه قال: “سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سننا الأخذ بها تصديق لكتاب الله ، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، من عمل بها فهو مهتد، ومن استنصر بها منصور، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى وأصلاه جنهم وساءت مصيرا.” وكتب إلى عدي بن عدي: (إن للإيمان فرائض وشرائع وحدودا وسننا، فمن استكملها استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان، فإن اعش فسأبينها لكم حتى تعملوا بها، وإن أمت فما أنا على صحبتكم بحريص.) وفي حديث آخر أن ابنه عبد الملك قال له: (مالك لا تنفذ الأمور؟ فوالله ما أبالي لو أن القدور غلت بي وبك في الحق؟ قال له عمر: لا تعجل يا بني فإن الله ذم الخمر في القرآن مرتين، وحرمها في الثالثة. وإني أخاف أن أحمل الحق على الناس جملة فيدفعوه جملة ويكون من ذا فتنة) .
فعمر بن عبد العزيز يتحدث عن سنن وفرائض وشرائع يريد أن يبينها، وليت شعري ما هي هذه الشرائع والفرائض سوى صيغ جديدة يراد أن تلصق بالمفاهيم الشرعية. لذلك لعل هذا من الأسباب التي رفعت من شأن عمر بن عبد العزيز وأحاطته بهالة التقديس ورفعته إلى مرتبة الخلفاء الراشدين.
ومن أجل بلوغ هذا الهدف، تشوف هذا الخليفة إلى السنة كمصدر سلس يساعد على بناء هذه القوانين. فكتب إلى عامله بالمدينة أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن (أنظر ما كان من حديث رسول الرسول الله صلى الله عليه وسلم، أو سنة ماضية، أو حديث عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، فاكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب أهله.)
في الحقيقة لا يمكن أن يعتبر القرآن موضوعا لاستخراج هذه القوانين، لأنه كتاب محفوظ غير قابل للزيادة أو النقصان، ولكن السنة يمكن استفادة القوانين منها لأنها ليست محفوظة، وبالتالي يمكن أن نجعل الحديث الصحيح حديثا ضعيفا وبالعكس. إذن انصب الاهتمام عند هذا الخليفة إلى جمع السنة، وكان من أثر جهده ظهور كتب الموطآت في الحديث، وبقي أشهرها وهو موطأ مالك، وكلمة الموطا هنا تشهد على ما نقول من أن المقصود هو توطئة وتوطيد قوانين معينة من أجل المفاهيم.
ابواحمد
01-05-2011, 08:13 PM
إذن لم يكن اللجوء إلى جمع السنة وتدوين الحديثمن أجل ما يقال من ضرورة اتباع أقوال وأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم للحصول علىطاعة الله. بل كان المقصود منه هو بناء القوانين كمطلب أول وأخير.
لم يكن الأمريتعلق بجمع السنة من أجل السنة، بل كان من أجل دوافع أيديولوجية، ومعرفية، تتمثل فيصياغة القوانين في معاني موحدة حتى لا يترك تمثيلها تابع للأفراد وأهوائهم،فيتمثلها كل منهم حسب فهمه الخاص، مما يؤدي إلى فوضوية العبادات والمعاملاتالشرعية. هذا الهدف حدد الأفراد المرجعية الذين تستقي منهم المعرفة، وخاصة الأحاديثالنبوية. كما أنه أوقع تقسيما في السنة فما كان منها يتلاءم مع القوانين استقبل فيدرجة الصحيح، وما كان على خلاف ذلك رفض بهذا الشكل أو ذاك من أساليبالرفض.
بالنسبة للأفراد استقي أغلب الحديث من صغار الصحابة مثل عبد الله بن عباسوعبد الله عمر، وأبي هريرة رضي الله عنهم، وقد انتقد النظام كثرة الرأي عندالعبادلة وقال متهكما عليهم: (كأنهم كانوا أعرف من آبائهم) فأكثر الأحاديث صادرة عنصغار الصحابة دون كبارهم، وذكر ابن القيم الجوزية أن “أصحاب ابن عباس يقولون ابنعباس أعلم من عمر ومن علي ومن عبد الله ويعدون ناسا فيشب عليهم الناس، فيقولون: لاتعجلوا علينا، إنه لم يكن أحد من هؤلاء إلا وعنده من العلم ما ليس عند صاحبه، وكانابن عباس قد جمعه كله.” كان الوعي بالهدف هو الذي يمكن من بلوغ الصدارة في المعرفة،ووجد الحرس القديم من الصحابة أنفسهم عاجزين عن مقاومة التيار، فاعتزل البعض منهمكأبي ذر الغفاري، بينما التزم البعض الآخر بالسكوت، “فكان أكثر التابعين يفتون فيالدين، ويستفتيهم الناس، وأكابر الصحابة حاضرون يجوزون لهم ذلك. “ والسبب في ذلكأننا أمام هدف معين ما كل احد يعيه. و لهذا قال مالك بأنه أدرك سبعين ممن يحدث كلواحد منهم عن الصحابة مباشرة ولم يأخذ عن واحد منهم، رغم أنهم عدول لكنهم ليسواأهلا لهذا الشأن. أي أنهم لم يستوعبوا الهدف الذي يطلبه مالك من وضع قوانين معنيةمن أجل المفاهيم.
أما بالنسبة لأثر هذا الهدف في السنة، فقد اختزلت السنة فينسبة قليلة جدا وتم إلغاء أكثريتها الساحقة رغم صحتها.
وبالنسبة لرواة الحديث،فقد أقروا بأنهم لم يحدثوا بجميع ما يعرفون من السنة. فقد روى البخاري عن أبي هريرةرضي الله عنه أنه قال: «حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاء ين، أما أحدهمافبثثته، وأما الأخر فلو بثثته لقطع هذا الحلقوم ، فلعل أحد هذين الوعائين هو السنةالتي تتعارض مع القوانين المراد إثباتها » وعن أنس بن مالك أنه قال «إنه ليمنعني أنأحدثكم حديثا كثيرا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كذب على متعمدا فليتبوأمعقده من النار .» وقال مالك ابن أنس إعلم أنه ليس يسلم رجل حدث بكل ما سمع، ولايكون إماما أبدا وهو يحدث بكل ما سمع ، وقيل لشعبة بن الحجاج: مالك لا تروى عن عبدالملك ابن أبي سليمان وهو حسن الحديث؟ فقال من حسنها فررت. وقال مسلم «ليس كل شيءعندي صحيح وضعته ههنا، إنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه 2» وقال أهل الحديث في علمالاصطلاح: قولنا حديث صحيح أي صحيح على شروطنا وقد لا يكون كذلك في نفس الأمر،وكذلك القول في الحديث غير الصحيح.
ابواحمد
01-05-2011, 08:19 PM
وبالنسبة للمؤلفين في الحديث فقد رووا أقلجدا مما جمعوا، فيروى أن مالكا روى مائة ألف حديث ، جمع منها في الموطإ عشرة آلاف،ثم لم يزل يعرضها علي الكتاب والسنة ويختبرها بالآثار والأخبار حتى رجعت إلىخمسمائة. في هذا الكلام أن الحديث يعرض على السنة، ومعلوم أن السنة هي الحديثوبالتالي فالسنة في العبارة السابقة هي القوانين المرشحة لصنع المفاهيم.
وجمعالبخاري مائتي ألف حديث، ومسلم ثلامائة ألف حديث بينما كتبهما تشتمل على أربعة آلافحديث أصول دون المكرر.
ومما يدل أخيرا، على أن المقصود بالسنة ليس سنة رسولالله صلى الله عليه وسلم بإطلاق، بل السنة كما تتماشى مع القوانين المرشحة للعمل مايذكر من رفض الأئمة أنفسهم أحاديث صحيحة رووها برواية صحيحة.
فرد مالك حديث غسلالإناء من ولوغ الكلب سبعا، وقال: جاء الحديث ولا أدري ما حقيقته، وكان يضعفه ويقوليؤكل صيده فكيف يكره لعابه، ورد حديث خيار المجلس، وقال: ليس لهذا عندنا حد معروف،ولا أمر معمول به فيه. ورد أبو حنيفة هذا الحديث أيضا كما رد خبر القرعة.
إذنتمثلت أنسنة الشريعة في درجة أولى، في المكانة التي أعطيت للسنة على حساب القرآن،وذلك في مرحلة أولى لتقريب المفاهيم من الإرادة البشرية، إذ اعتبرت السنة هي دستورالقرآن. فتبين مجمله، وتقيد مطلقه، وتخصص عمومه. قال الشافعي: «فكل من قبل عن اللهفرائضه في كتابه قبل عن رسول الله سننه بفرض الله طاعة رسوله على خلقه وأن ينتهواإلى حكمه، ومن قبل عن رسول الله فعن الله قبل، لما افترض الله من طاعته » فالقرآنجاء بعناوين المفاهيم، كالنص على وجوب الصلاة، والزكاة، وتحريم الزنا والسرقة،بينما قامت السنة بوضع حدود لهذه المفاهيم، لذلك في المقارنة بين القرآن والسنةاعتبرت السنة في مجال الأحكام أهم من القرآن، فقال عمران بن حصين لرجل اعترض علىالسنة: «إنك رجل أحمق، أتجد في كتاب الله الظهرأربعا، لا يجهر فيها بالقراءة، ثمعدد إليه الصلاة والزكاة ونحو هذ،ا ثم قال أتجد هذا في كتاب الله مفسرا إن كتابالله أبهم هذا وإن السنة تفسير ذلك »
وقيل لمطرف ابن عبد الله ابن الشخير: لاتحدثونا إلا بالقرآن فقال مطرف: والله ما نريد بالقرآن بدلا، ولكن نريد من هو أعلمبالقرأن منا. وقال الأوزاعي القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن.
إذن فيالمرحلة الأولى من الأنسنة تم تحييد القرآن لتحل السنة مكانه، والسنة هنا ليس كلالسنة، بل السنة حسب حدود معينة كما مر سابقا، ولذلك اعتبر القرآن في الرسالةللشافعي ظني ومحتمل، كما اعتبر مع الأصوليين عمومات ظنية تحتاج إلى بيان من السنة. أما في المرحلة اللاحقة من الأنسنة فستبين الاجتهادات عند الأئمة السنة نفسها وتحلمحلها كما حلت السنة محل القرآن.
وهكذا، فإذا كانت السنة تبين القرآن، فإناجتهادات الأئمة تمثل بالنسبة للسنة ما تمثله السنة بالنسبة للقرآن، فهي تخصصعمومها وتقيد مطلقها وتبين مجملها، وفي مرحلة لاحقة أيضا سيمثل مجتهدو المذاهب نفسالدور بالنسبة لمذاهب أئمتهم في سلسلة من النفي ونفي النفي، وكما تدين تدان.
وهكذا فإذا كانت نسبة القرآن في بيان المفاهيم قليلة جدا بالنسبة للسنة، فإننسبة بيان هذه الأخيرة قليلة جدا بالنسبة لاجتهادات الأئمة. فما حصل هو أنه بعدتحييد القرآن من أجل السنة وقع تحييد السنة أيضا من أجل رؤى ومواقف واجتهادات الأئمة.
ابوعبدالرحمن حمزة
02-05-2011, 02:57 PM
المدقق في المقال يجد ان الطرح ليس فهما للاسلام او لنصوص شرعية وانما هو اطلاق لاحكام على تاريخ التشريعي عند المسلمين وعلى نوايا المسلمين حكاما وفقهاء من بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وللعلم فان هذا الطرح هو في الاصل طرح للمستشرقين .
وهذان مقالان الاول من كتاب الفكر الاسلامي والثاني من كتاب الشخصية الاسلامية الجزء الثاني اضعهما هنا لاني أراهما يعالجان هذا الطرح الذي اراه من أخبث الاساليب في محاولة تميع الاسلام :
(تأخذ عملية صرف المسلمين عن التقيد بالحكم الشرعي صنوفاً من الأساليب، ومن أخبث هذه الأساليب ما يزعمه أفراد من الناس من أن رأي الأئمة المجتهدين كالشافعي أو جعفر الصادق أو أبي حنيفة ليس حكماً شرعياً وإنّما هو رأي له ولا يَلزم التقيد به، ويدّعون أن الحكم الشرعي هو نص القرآن أو الحديث فقط. ويترتب على هذا حصر الأحكام الشرعية فيما ورد به النص صراحة، ويُفهم منه بمجرد القراءة. وعلى ذلك تبقى مشاكل عديدة متجددة، ومسائل مختلفة طارئة لم يَرِد بها نص شرعي، فلا يوجد لها حكم شرعي، وإنّما يسير فيها كلٌّ برأيه، ويتحكم فيها العقل فيضع الحل الذي يراه، والحكم الذي يوافق هواه. وهذا لعمر الحق إثم مبين، وافتراء على الشريعة الإسلامية، وتعطيل للاجتهاد، وصرف للناس عن أحكام الإسلام، لأن الكتاب والسنّة وهما مصدر الشريعة الإسلامية، قد جاءا خطوطاً عريضة، ومعاني عامة، وقد جاءت نصوصهما ألفاظاً تشريعية، تدل على واقع ووقائع، فتُفهم فهماً تشريعياً، ويؤخذ فيها بمنطوقها وهو المعنى الذي دل عليه اللفظ، وبمفهومها وهو المعنى الذي دل عليه معنى اللفظ، وباقتضائها وهو المعنى الذي يقتضيه المنطوق والمفهوم. وهذه الألفاظ لها معان لغوية، ومعان تشريعية، ولها نصوص أخرى من الكتاب والسنّة تخصصها في حالة العموم، وتقيدها في حالة الإطلاق، وقرائن تعيّن المعنى المراد منها، والحكم الذي تقتضيه في دلالة الأمر على الوجوب أو الندب أو الإباحة، ودلالة النهي على التحريم أو الكراهة، وكونها خاصة في حادثة أو عامة في كل شيء، إلى غير ذلك مما تحويه نصوص القرآن أو الحديث. ولذلك تُفهم فهماً تشريعياً، لا فهماً ظاهرياً، ولا فهماً منطقياً. ولذلك يحصل الاختلاف من فهم النص الواحد، فيُعطى فيه رأيان مختلفان أو متناقضان.
هذا من ناحية الفهم أي من ناحية دلالة اللفظ. علاوة على الاختلاف في ثبوت نص الحديث من حيث اعتباره وعدم اعتباره، فيحصل الخلاف أيضاً في اعتبار الحكم الذي يؤخذ منه، وعدم اعتباره. وينتج عن هذا كله اختلاف في الآراء: في كون المعنى الفلاني هو الحكم الشرعي، أو المعنى المخالف له أو المغاير له، وكلها يدل عليها النص الشرعي، فكلها حكم شرعي، مهما تعددت واختلفت أو تناقضت، لأن الحكم الشرعي هو "خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد". وخطاب الشارع الذي جاء به الوحي يحتاج إلى فهم من المخاطَب حتى يصبح حكماً شرعياً في حقه، لأن النص يحتاج إلى فهم حتى يصبح موضع عمل. فخطاب الشارع يصبح حكماً شرعياً حين يُفهم من مدلول النص بعد أن يثبُت النص أنه قرآن أو حديث. وقبل ثبوت النص وفهم دلالته لا يعتبر حكماً شرعياً. وعليه فالذي جعل النص خطاب شارع هو فهمه. فالحكم الشرعي هو الرأي الذي يؤخذ من النص، وهو الذي يعتبر خطاب الشارع. ومن هنا كان رأي المجتهد حكماً شرعياً ما دام يستند فيه إلى الكتاب والسنّة، أو إلى ما دل عليه الكتاب والسنّة من الأدلة الشرعية.
وعليه، فآراء المجتهدين السابقين من أصحاب المذاهب وغيرهم، أحكام شرعية، وآراء المجتهدين اليوم أحكام شرعية، وآراء المجتهدين في المستقبل في كل مكان وزمان أحكام شرعية، ما داموا قد استنبطوها باجتهاد صحيح، مستندين فيها إلى الأدلة الشرعية. وقد أقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم اعتبار فهم النص هو الحكم الشرعي، وأقر الاختلاف فيه. فإنه على اثر ذهاب الأحزاب في غزوة الخندق أمر عليه السلام مؤذناً فأذّن في الناس (من كان سامعاً مطيعاً فلا يُصلينّ العصر إلاّ في بني قريظة)، ففَهِم بعضهم ترك صلاة العصر في المدينة، فلم يُصلّوا حتى وصلوا إلى بني قريظة، وفَهِم البعض الآخر أن المقصود هو الإسراع فصلّوا العصر وذهبوا إلى بني قريظة بعد أداء صلاة العصر، وقد عرضوا ذلك على الرسول صلى الله عليه وسلم فأقرّ الفهميْن واعتبرهما. وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يختلفون في فهم القرآن والحديث، ولهم في ذلك آراء مختلفة، وكل رأي من آرائهم حكم شرعي، وقد أجمعوا على أن الرأي الذي يفهمه أي مجتهد من النص حكم شرعي.
وعلى ذلك، فالسنّة وإجماع الصحابة يدلان على أن الرأي الذي يستنبطه أي مجتهد يعتبر حكماً شرعياً يجب التقيد به على مستنبِطه، وعلى كل من أقرّه على هذا الفهم، أو قلّده فيه.)
يتبع
ابوعبدالرحمن حمزة
02-05-2011, 02:59 PM
المقال الثاني : (خرافة تأثير الفقه الروماني في الفقه الإسلامي
يزعم بعض المستشرقين الحاقدين على الإسلام، المُبغِضين للمسلمين، أن الفقه الإسلامي في العصور الأولى حين اندفع المسلمون في الفتوحات قد تأثر كثيراً بالفقه الروماني، والقانون الروماني. وقالوا إن هذا الفقه الروماني كان مصدراً من مصادر الفقه الإسلامي، وقد استمد منه بعض أحكامه. وهذا يعني أن بعض الأحكام الشرعية التي استُنبطت في عصر التابعين ومَن بعدهم هي أحكام رومانية أخذها المسلمون عن الفقه الروماني. ويَستدل هؤلاء المستشرقون على قولهم هذا بأنه كان في بلاد الشام مدارس للقانون الروماني عند الفتح الإسلامي في قيصرية على سواحل فلسطين وبيروت. وكان في بلاد الشام أيضاً محاكم تسير في نظامها وأحكامها حسب القانون الروماني، واستمرت هذه المحاكم في البلاد بعد الفتح الإسلامي زمناً، مما يدل على إقرار المسلمين لها وأخذِهم عنها، وسيرهم حسب قوانينها ونظامها. وأيّدوا نظرتهم هذه بافتراضات من عندهم، فقالوا من الطبيعي أن قوماً لم يأخذوا من الحضارة بحظ وافر كالمسلمين، إذا فتحوا بلاداً ممدَّنة كبلاد الشام التي كانت تحت حكم الرومان نظروا ماذا يفعلون؟ وبم يحكمون؟ ثم اقتبسوا من أحكامهم. ثم قالوا إن المقارنة بين بعض أبواب الفقه الإسلامي وبعض أبواب الفقه الروماني والقانون الروماني تُرينا التشابه بين الاثنين، بل تُرينا بعض الأحكام نُقلت كما هي عن الفقه الرماني مثل "البيِّنة على من ادّعى واليمين على من أنكَر"، ومثل كلمتي القه والفقيه. بل ذهب هؤلاء المستشرقون إلى أن الفقه الإسلامي أخذ عن التلمود أحكاماً كان التلمود أخذها عن الفقه الروماني، فيكون الفقه الإسلامي على حد زعمهم أخذ عن الفقه الروماني مباشرة من مدارس الشام ومحاكمها، وأخذ عنه بواسطة التلمود في نقله عن التلمود.
هذا ما يزعمه المستشرقون دون أن يُقيموا أي دليل عليه سوى مجرد الافتراض. وهذه الأقوال من هؤلاء المستشرقين فاسدة لعدة أسباب منها:
أولاً- لم يَروِ أحد عن المسلمين، لا المستشرقون ولا غيرهم، أن أحداً من المسلمين فقهاء أو غير فقهاء، قد أشار أية إشارة إلى الفقه الروماني، أو القانون الروماني، لا على سبيل النقد، ولا على سبيل التأييد، ولا على سبيل الاقتباس، ولم يذكره أحد لا بالقليل ولا بالكثير، مما يدل على أنه لم يكن موضع حديث، فضلاً عن أن يكون موضع بحث. وإن بعض المسلمين ترجموا الفلسفة اليونانية، ولكن الفقه الروماني لم تُترجم منه أية كلمة أو جملة فضلاً عن كتاب، مما يبعث إلى الجزم أنه قد أُلغي وطُمس من البلاد بمجرد فتحها.
ثانياً- أنه في الوقت نفسه الذي يزعم المستشرقون أنه كان في بلاد الشام مدارس للفقه الروماني، ومحاكم تحكم بالقانون الروماني، كانت الشام غاصة بالمجتهدين من علماء وقضاة وحكام، فكان الطبيعي إذا حصل التأثر فإنه يحصل عند هؤلاء الفقهاء. ولكن الواقع أننا لا نجد في فقه هؤلاء المحفوظ عنهم أي تأثر للفقه الروماني أو ذِكر له، بل فقههم وأحكامهم مستنِدة إلى الكتاب والسنّة وإجماع الصحابة. ومن أشهر المجتهدين الإمام الأوزاعي، فقد عاش في بيروت التي يزعمون أنها موطن أكبر المدارس الرومانية في الشام، وقضى حياته فيها، ومات فيها. وقد دُوّنت آراؤه في كثر من كتب الفقه المعتبَرة، ففي الجزء السابع من كتاب "الأم" للشافعي أحكام كثيرة للأوزاعي. ويتبين من قراءتها لأي إنسان بُعد الأوزاعي عن الفقه الروماني بُعد الأرض عن السماء، حتى أن مذهب الأوزاعي كما يتبين من فقهه نفسه، ومما رُوي عنه، هو من مذهب أهل الحديث، ويعتمد على الحديث أكثر من اعتماده على الرأي. ومثل الأوزاعي غيره من الفقهاء. فلو كان هنالك أي تأثر لظهر في هؤلاء الفقهاء.
ثالثاً- أن المسلمين يعتقدون أن الله خاطب في الشريعة الإسلامية جميع البشر. وأرسل سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس (وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً)، ويَعتبرون أن كل من لا يؤمن بالشريعة الإسلامية كافر، فهم يعتقدون أن أي حكم غير حكم الإسلام، هو حكم كفر يحرم عليهم أخذه. فمَن يعتقد هذا الاعتقاد ويعمل به لا يمكن أن يأخذ غير حكم الإسلام، ولا سيما في العصر الأول عصر الفتوحات، حيث كان المسلمون حَمَلة رسالة الإسلام يفتحون البلدان ليَحملوا دعوة الإسلام إليها. فهم يفتحون البلاد لإنقاذ أهلها من حكم الكفر، فكيف يفتحونها ليأخذوا حكم الكفر الذي جاءوا ليزيلوه ويضعوا مكانه حكم الإسلام؟
رابعاً- أنه ليس بصحيح أن المسلمين حين فتحوا البلاد كانوا أقل حضارة من البلاد المفتوحة. ولو كان ذلك صحيحاً لتَركوا حضارتهم وأخذوا حضارة البلاد المفتوحة، لأن الفكر الأقوى هو الذي يؤثر لا الفكر الأضعف. والمشاهَد المحسوس أن البلاد التي كان يحكمها الرومان كانت تحمل أفكاراً عن الحياة مناقِضة للإسلام. فحين فتحها المسلمون ولم يُكرِهوا أهلها على اعتناق الإسلام، بل اكتفوا بأخذ الجزية من أهلها، ولكن قوة الفكر الإسلامي وسُموّ الحضارة الإسلامية، ما لبثت أن تغلبت على الأفكار الرومانية والحضارة الرومانية وأزالتها، وأصبح أهل البلاد مسلمين يعتنقون الإسلام، ويعيشون على طريقته عن رضا واطمئنان، مما يدل على أن أفكار الإسلام قد محت الفقه الروماني والأفكار الرومانية وحلّت محلها. وهذا الواقع الناطق يُكذِّب المستشرقين في أن الحضارة الرومانية أقوى من الحضارة الإسلامية، ويكذِّبهم في أن الفقه الإسلامي تأثر بالفقه الروماني.
خامساً- أن كلمة فقه وفقيه، قد وردت في القرآن الكريم وفي الحديث الشريف. ولم يكن المسلمون قد عرفوا أي اتصال تشريعي بالرومان، قال تعالى: (فلولا نَفَرَ من كل فرقة منهم طائقة ليتفقهوا في الدين)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من يُرِد الله به خيراً يفقهه في الدين)، وسؤال الرسول لمعاذ حين أرسله إلى اليمن بِمَ تحكُم وأجابه معاذ بكتاب الله ثم بسنّة رسول الله ثم أجتهد رأيي، هو فقه. وكذلك إرساله باقي الولاة ثم أقضية الصحابة، مدة تزيد على ربع قرن، هي فقه. فكيف يُزعم أن كلمة فقه وفقيه أُخذت عن الرومان؟ أمّا كلمة "البينة على من ادّعى واليمين على من أنكَر" فهي حديث قاله الرسول قبل أن يحصل أي اتصال تشريعي بالرومان، ووردت في كتاب عمر لأبي موسى في البصرة. ومعلوم أن عمر لم يحصل منه أي اتصال تشريعي بالرومان، فكيف يُزعم أن المسلمين أخذوا كلمة فقه وفقيه، وقاعدة "البينة على من ادّعى واليمين على من أنكَر"، عن الفقه الروماني وهم قالوها ووُجدت عندهم منذ فجر الإسلام؟!
فمِن هذا يتبين أن خرافة تأثر الفقه الإسلامي بالفقه الروماني لا أصل لها مطلقاً، وأنها دَسّ من المستشرقين المعادين للإسلام الذين يأكل الحقد صدورهم على المسلمين.
أمّا مسألة أخذ الفقه الإسلامي عن التلمود، فإن بطلانها ظاهر في حَمْلة القرآن على اليهود، وعلى تحريفهم التوراة والإنجيل المنزَليْن على سيدنا موسى وسيدنا عيسى، وإن ما بأيديهم كتبوه من عند أنفسهم، وليس هو من عند الله، فهو كذب محرف عن التوراة والإنجيل. وهذه الحمْلة يدخل فيها الحمْلة على التلمود وأنه من كتابتهم، وليس من عند الله، وذلك يناقض الأخذ عنه، علاوة على أن اليهود كانوا قبائل منفصلين عن المسلمين، لا يعيشون مع المسلمين، بل لا يختلطون بهم، فضلاً عن العداوة الدائمة بينهم وبين المسلمين، والحروب المتواصلة التي كان يشنها المسلمون عليهم حتى أخرجوهم من بينهم. وهذا يتناقض مع فكرة الأخذ عنهم.
والحقيقة، والواقع المحسوس، أن الفقه الإسلامي أحكام مستنبَطة مستنِدة إلى الكتاب والسنّة، أو إلى ما أرشد إليه الكتاب والسنّة من أدلة، وأن الحكم إذا لم يكن مستنداً أصله إلى دليل شرعي، لا يعتبَر من أحكام الإسلام، ولا يُعتبر من الفقه الإسلامي. )
واخيرا فان اخذ الاسلام والايمان به بناءا على العقل وابراز ان الاسلام عقيدة واحكاما يعالج الانسان العلاج الصادق في جميع نواحي الحياة كفيل باسقاط كل هذه الترهات والاباطيل .
ابواحمد
02-05-2011, 07:55 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي الكريم ،واتفق مع ماذكرت . وبارك الله فيك على جهدك وزادك الله من فضلة.دمت
vBulletin® v4.0.2, Copyright ©2000-2025, Jelsoft Enterprises Ltd.