مشاهدة النسخة كاملة : الدولة الاسلامية هل هي دينية أم مدنية
حبيبي محمد
12-02-2011, 09:16 PM
في الحقيقة لقد دار بيني و بين أحد أفراد الاخوان المسلمين ,, جدل طويل عريض حول هذين المصطلحين
(( الدولة الدينية , الدولة المدنية )) و مع علمي يقينا بأن مصطلح الدولة المدنية لا يحتمل التأويل بأنه يعني فصل الدين عن الحياة .... الاّ أن مصطلح الدولة الدينية يظل حاملا للغز لا يمكن فكاكه و هو : ارتباط هذا المصطلح بمصطلح الدولة الثيوقراطية التي كانت قائمة عند النصارى في العصور الوسطى !!
ارجوكم ما هو القول الفصل في موضوع الدولة الدينية .. هل تنطبق على دولة الاسلام أم لا ؟؟؟
ابو العبد
12-02-2011, 11:20 PM
في الحقيقة لقد دار بيني و بين أحد أفراد الاخوان المسلمين ,, جدل طويل عريض حول هذين المصطلحين
(( الدولة الدينية , الدولة المدنية )) و مع علمي يقينا بأن مصطلح الدولة المدنية لا يحتمل التأويل بأنه يعني فصل الدين عن الحياة .... الاّ أن مصطلح الدولة الدينية يظل حاملا للغز لا يمكن فكاكه و هو : ارتباط هذا المصطلح بمصطلح الدولة الثيوقراطية التي كانت قائمة عند النصارى في العصور الوسطى !!
ارجوكم ما هو القول الفصل في موضوع الدولة الدينية .. هل تنطبق على دولة الاسلام أم لا ؟؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم
1- قامت في أوروبا في القرون الوسطى حكومات دينية كانت تقف حائلاً بين المجتمع وبين التقدم المادي، وكانت ترجع بالمجتمع الأوروبي إلى الوراء كلما حاول أن يتقدم إلى الامام، وكانت تستخدم القوة في سبيل الحجر على العقول وعلى الأفكار وفي منع الرقي المادي، فكانت محاكم التفتيش وبيوت النيران والقتل والصلب جزاء لكل من يفكر ويستعمل عقله ولكل من حاول السير بالإنسان إلى الأمام مادياً.
وقد أدى ضغط هذه الحكومات الدينية إلى ثورة فكرية أدت إلى ثورات دموية انتهت بانتصار العقل من ناحية مادية وانهزام الكهنوتية وتركيز الفلسفة الرأسمالية التي هي فصل المادة عن الروح وفصل الدين عن الدولة، وسلّم رجال الدين والكهنة بهذه الفلسفة واتخذوا من قول الانجيل "أعط لقيصر ما لقيصر وما لله لله" تفسيراً يبرر لهم الرضا بهذه الفلسفة الرأسمالية والخضوع للمبادئ التي قامت عليها تلك الثورات.
2- وطبيعي أن تكون الدولة الدينية بالمعنى الروحي حسب المفهوم الغربي رجعية حائلة دون تقدم المجتمع لأن الفلسفة التي كانت تقوم عليها هذه الدولة الدينية هي الكهانة، وكان مفهوم الروح عندهم أنها مقابل المادة، فقد كانوا يعتقدون أن الإنسان مركب مزيج جسد وروح وأن الروح متصلة بالسماء وأن الجسد متصل بالأرض وبالشيطان وأن كلا منهما في كفة ميزان فإذا رجحت كفة المادة خفّت كفة الروح وكان الإنسان شريراً وإذا رجحت كفة الروح خفّت كفة المادة وكان الإنسان خيّراً، وأن الإقبال على الدنيا يؤدي إلى الشر، ولذلك كان لا بد من السيطرة على الإنسان حتى ترجح فيه الكفة الروحية، ولأجل ذلك لا بد أن يكون السلطان من الكهنة ورجال الدين حتى يرجّحوا كفة الروح على المادة حتى يبقى الإنسان خيّراً، فإذا ذهب السلطان من يد الكهنة رجحت كفة المادة وأصبح الإنسان شريراً. وبناء على هذه الفلسفة أو هذا المفهوم لمعنى الروح تمسَّك الكهنة بالسلطان والحكم حتى نُزع سهم القوة والثورة وأُجبروا على إعطاء تفسيرات دينية تبرر شرعية نزع الحكم منهم وتؤكد وجوبه.
3- وقد كان لفصل المادة عن الروح وفصل الدين الروحي عن الدولة أثر كبير جداً في تقدم الحياة مادياً عند الغربيين لأنه جاء نتيجة نزع السلطان من يد الكهنة ورجال الدين، وكانت ثمرات ذلك تلك الثورة الصناعية في أوروبا وذلك التقدم الفكري عند الغربيين مما أوجد الإبداع والاختراع وتقدم العلم والمدنية، فتركزت في أذهان الغربيين القيادة الفكرية الرأسمالية التي هي فصل الدين عن الدولة وأخذوا يحملونها للعالم.
4- ولمّا كانت الدولة العثمانية هي الدولة الإسلامية في العالم، كانت الأمّة الإسلامية بمختلف شعوبها تُحكم في جملتها مِن قِبلها، خلا جزءاً صغيراً كان يكتفي بحمل الولاء لها باعتبارها دولة الإسلام. غير أن هذه الدولة بلغت بعد الثورة الصناعية في أوروبا من الانحطاط المادي والتدهور الفكري حداً كبيراً، وكانت تسيء تطبيق الإسلام لسوء فهمها له، فأدى ذلك إلى الانحطاط العام فكرياً وعلمياً وسياسياً واقتصادياً، حتى كان المجتمع الإسلامي خالياً من مقومات التقدم، فكان تربة صالحة للغزو الثقافي الأوروبي وللتأثر بقيادته الفكرية.
حتى إذا زالت الدولة العثمانية وخضعت جميع البلدان الإسلامية إلى حكم الدول الرأسمالية وفرضت عليها أفكارها وتشريعها تنفذه الحكومات القائمة في البلاد الإسلامية على المسلمين، ومنهم العرب، حتى إذا كان ذلك، خضع العالم الإسلامي برمته إلى طريقة الغربيين في الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية، وصار يسير عليها ويتخذها نبراساً يسير على ضوئه محاكاة وتقليداً، وتأيّد هذا كله بالبرامج التعليمية والمناهج التبشيرية باسم العلمانية، فنشأت عن ذلك طائفة من الناس منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى اليوم هي طائفة المثقفين في البلاد الأجنبية والمدارس التبشيرية وعلى المناهج الاستعمارية في عهد الانتداب والحماية وفي عهد الاستقلال المربوطة بالمعاهدات السياسية الاستعمارية، يضاف إليهم طائفة أخرى من المخضرمين تربّوا في أحضان الاستعمار منذ أواخر الدولة العثمانية إلى الآن، ولسوء الحظ فإن أكثر الذين يتولون شؤون المسلمين، سواء أكان في التعليم أو الاقتصاد أو السياسة والحكم أو المحاماة والقضاء هم من هؤلاء جميعاً لأنهم تثقفوا ثقافة تناقض الإسلام كان لها الأثر الأكبر في تكوين عقلياتهم تكويناً يتناقض مع مفاهيم الإسلام لأنهم تربوا على مناهج الاستعمار، إذ أن الاستعمار قد وضع مناهج التعليم والثقافة على أساس فلسفة ثابتة هي أن يجعل شخصيته هو الأساس الذي تنتزع منه الثقافة في البلاد الإسلامية ومنها العربية، وحضارته ومفاهيمه ومكونات بلاده وتاريخه وبيئته المصدر الأصلي لما تُحشى به أدمغة المسلمين ومنهم العرب، وقد قام الاستعمار على وضع هذه المناهج في المدارس التبشيرية قبل الحرب العالمية الأولى حينما كان يشن غزوته التبشيرية على البلاد الإسلامية، وتولى بنفسه وضع هذه المناهج في جميع البلاد الإسلامية بعد الحرب العالمية الأولى حين وضع يده على البلاد الإسلامية. وقد جعل المغالطة متعمدة في وضع يده على البلاد الإسلامية وقد جعل المغالطة متعمدة في وضع هذه المناهج وعَكَس عليها الصورة الاستعمارية وذلك بجعله للثقافة علماً تؤخذ كما يؤخذ العلم، ثم تدخّل في تفصيلات هذه المناهج حتى لا تخرج جزئية من جزئياتها عن هذا المبدأ العام. وبهذا أصبح هؤلاء المتخرجون على هذه المناهج الاستعمارية مثقفين ثقافة تعلمهم كيف يفكر غيرهم ولَم تعلمهم كيف يفكرون هم، لأنها ليست مستمدة من مبدئهم وبيئتهم ومفاهيمهم، وبذلك أصبحوا بوصفهم مثقفين، غرباء عن الأمّة غير واعين على أنفسهم ولا على أمّتهم، وطبيعياً كانوا غير واعين على محيطهم ولا على حاجاتهم، فكان من جراء هذه الثقافة أن تركّّز في أذهانهم قياس حال مجتمعهم وأمّتهم ودينهم على المجتمع الأوروبي والشعوب الأوروبية والدين المسيحي قياساً شمولياً مغلوطاً لمجرد الاشتراك في ألفاظ الأسماء، ولذلك قاموا ينادون بفصل الدين عن الدولة وبأن الدولة الإسلامية رجعية، على اعتبار أنها دولة دينية روحية تتمثل فيها الكهانة التي تحُول دون التقدم والعلم.
ابو العبد
12-02-2011, 11:29 PM
- والحقيقة أن هناك فرقاً بين الدولة الدينية بالمعنى الروحي وبين الدولة الإسلامية، وأنه لا يوجد أي تشابه بينهما مطلقاً، بل بينهما التناقض، وذلك لأن الدولة الدينية الروحية دولة إلهية مقدسة تستمِد سلطتها من الله ولا يجوز لأحد محاسبتها لأن أوامرها مع كونها صادرة منها فهي في رأيها إلهية لا تقبل المناقشة، بخلاف الدولة الإسلامية فإنها ليست إلهية ولا مقدسة وتستمد سلطتها من الأمّة، لأن السيادة وإن كانت للشرع ولكن الحكم والسلطان هو للأمّة تنيب عنها به الدولة وهي منفِّذة للشرع وليست حاكماً مقدساً، فإن لكل مسلم محاسبتها فيما تقوم به من أعمال، وأوامر الدولة الإسلامية هي نبع كونها أحكاماً شرعية تتبناها من الفقه الإسلامي فليست مقدسة لا تقبل جدلاً بل هي آراء وأفكار وأحكام إسلامية تقبل المناقشة، بل هي قابلة للتغيير والتعديل والإلغاء باجتهاد صحيح، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هناك بوناً شاسعاً بين معنى الروح في الإسلام وبين معناها في الدولة الدينية الروحية بل في النظام الرأسمالي بأكمله.
فالروح في الإسلام هي إدراك الإنسان صلته بالله من كونه مخلوقاً لله الخالق، وهذا الإدراك عقلي محض، وهو الذي يجعل الإنسان يقوم بأفعاله في الحياة حسب أوامر الله ونواهيه، هذه الأوامر والنواهي التي جعلها الله صلة الحياة بما قبلها، فالإنسان ليس مركّباً من جسم وروح، بل الإنسان مادة فقط، وأعماله مادية فحسب، والروح بالنسبة إليه هي الاعتراف بكونه مخلوقاً لخالق. وهذا الاعتراف "أي كونه مخلوقاً لله" خارج عن الإنسان، والروح في أفعال الإنسان هي إدراك الإنسان لصلته بالله حين القيام بهذه الأفعال. وهذا الإدراك خارج عن الإنسان أي ليس جزءاً من تركيبه، وعلى ذلك فالروح إدراك عقلي لصلة المخلوق بالخالق أي صلة العبد بربه، وهي التي تسيِّر أعمال الإنسان.
وعلى ذلك فلا يوجد في تركيب الإنسان شيء يسمى الروح وهو سماوي، وشيء يسمى المادة وهو أرضي، فلا يوجد شيئان في كفتين يرجح أحدهما على الآخر، وإنما يوجد شيء واحد مادي هو الإنسان وأفعاله التي يقوم بها في الحياة، وشيء في الحياة يسمى الإدراك العقلي لصلة الإنسان بالله وهو الذي يعيّن للإنسان كيف تسيّر هذه الأعمال حسب وجهة نظر معينة تبين له طريقته في الحياة ليعيش وفق هذه الطريقة، فهو الضابط لأعمال الإنسان حتى تنتج نتائج معينة.
وعلى ذلك فلا توجد روح مقابل الجسم في الإنسان، وأمّا الروح التي يحيا بها الجسم فليست بمقابله وهي لا يعرف الإنسان عنها شيئاً (يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلا)، ومن هنا لم يكن في الإسلام شيء يسمى الدين وشيء يسمى الدنيا، ولا حاجة إلى كهنة ولا إلى رجال دين، بل كانت ضرورة الحياة المادية تقضي بمحاربة وجود الكهانة ورجال الدين بين الناس، لأن الروح إدراك عقلي لصلة الإيمان بالله، وهو مِلك لجميع بني الإنسان وليس لأحدهم فضل على الآخر فيه. ومن هنا لم يوجد في الإسلام كهنة أو رجال دين، بل جاء الإسلام لمحاربة هذه الأشياء كلها، فانعدمت فيه الناحية الكهنوتية ولم توجد عنده سلطة روحية، ومن الطبيعي لم توجد لديه الدولة الدينية بالمعنى الروحي بالمفهوم الغربي.
6- والدولة الإسلامية ليست دولة دينية بالمعنى الروحي بالمفهوم الغربي، وهي ليست سلطة روحية قائمة لترجيح كفة الروح "جزء الإنسان" على الجسد "جزئه الآخر"، ولا هي سلطة زمنية قائمة لترجيح كفة الجسد على الروح، وإنما هي دولة للحكم قائمة على عقيدة ثابتة وقيادة فكرية تنبثق عنها أنظمة الحياة التي تنفذها الدولة وتقوم بتشريع أحكامها التفصيلية باجتهاد صحيح حسب نصوصها وقواعدها العامة. وهي دولة لها حضارة معينة هي طريقتها في الحياة، ولها عمل أصلي "وظيفة لازمة" وُجدت من أجله وهو تطبيق الإسلام وحمل الدعوة الإسلامية، فهي تقوم على أساس أن الكون والإنسان والحياة لها خالق خلقها من عدم وأن هذه الحياة "وهي مادة فقط" يوجد ما قبلها وهو الله الذي خلقها، ويوجد ما بعدها هو يوم القيامة، وأن هذه الحياة متصلة بما قبلها ومتصلة بما بعدها لأن صلتها بما قبلها هي أوامر الله ونواهيه التي تعيّن للإنسان طريقته التي يسير عليها في الحياة ويعيش حسبها، وصلتها بما بعدها هي تصوّر الحساب على كل عمل يقوم به الإنسان في هذه الحياة يحاسبه الله عليه يوم القيامة، فالإنسان يحيا في الكون، وحياة الإنسان في هذا الكون مقيَّدة بهذه الصلة التي تصل الحياة بما قبلها وبما بعدها.
فالأساس الذي تقوم عليه الدولة الإسلامية هو عقيدتها "العقيدة الإسلامية" وهي قيادة فكرية يجب على الدولة أن تحملها للعالم دعوة إسلامية، وعلى ذلك فأساس الدولة الإسلامية الذي تقوم عليه هو تعيين موقف الإنسان في الحياة من الحياة نفسها فيقيّد أعماله بتلك الصلة التي تربطها بما قبلها وما بعدها، ومتى تعيّن الموقف من الحياة للدولة سهُل على الدولة أن تسير لرقي الحياة أو تقدمها وأن تزيل جميع الحواجز التي تقف دون هذا الرقي، ولذلك كانت القيادة الفكرية التي تقوم عليها الدولة الإسلامية العامل الفعال الذي يرفع هذه الدولة في الحياة ويرفعها نحو الرقي المادي الذي يسخّر المادة لرقي الإنسان ورفاهيته وسعادته. وعن هذه العقيدة أو القيادة الفكرية تنبثق أنظمة الحياة، لأن هذه العقيدة تلزم الإنسان في الحياة أن يتقيد بما هو الصلة الوحيدة لهذه الحياة بما قبلها وهي أوامر الله ونواهيه، أو بعبارة أخرى هي شريعة الله التي أنزلها على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
وعليه فإن الإنسان في الحياة يعالج مشاكله بشريعة الله فقط لأن لها السيادة عليه، فإذا عرضت له مشكلة استنبط حكمها من الكتاب والسنّة، والدولة هي التي تتبنى هذا الحكم المستنبَط وتنفذه. ومن هنا كان للدولة تشريع كامل لمعالجة المشاكل الإنسانية كلها في هذه الحياة، وكان هذا التشريع متسعاً لاستنباط القواعد الجديدة والأحكام الجديدة والمسائل الجديدة اتساعاً يوجَد فيه الحل تلو الحل لكل مشكلة مهما تجددت وتعددت على اختلاف الظروف والأزمان.
وعلى ذلك كانت معالجات مشاكل الحياة جميعها لكافة شؤون الإنسان موجودة في التشريع الذي تقوم الدولة على تنفيذه وعلى تبني تشريعه لضمان حل مشاكل الإنسان وتوفير الطمأنينة له في الحياة.
وأمّا الحضارة التي للدولة الإسلامية أو طريقة الدولة الإسلامية في الحياة فتتميز بثلاثة أمور: أولها الأساس الذي تُبنى عليه، والثاني تصويرها للحياة، والثالث تفسيرها لمعنى السعادة.
فأساس الحضارة الإسلامية هو العقيدة الإسلامية لأن مفاهيمها عن الحياة مصدرها القرآن الكريم والسنّة النبوية، وتعتمد على الاستنباط العقلي لكافة المفاهيم سواء أكانت آراء أو أفكاراً أو أحكاماً.
وأمّا تصويرها الحضارة الإسلامية للحياة فإنه تصوير فيه السمو الروحي والرقي المادي، لأن الحضارة الإسلامية تصور الحياة بأنها مزج المادة بالروح أي جعل أعمال الإنسان مسيَّرة بأوامر الله ونواهيه، وبالتالي بالتشريع الذي تقوم الدولة على تنفيذه، ويقوم الإنسان بتنفيذه طواعية واختياراً إجابة لأمر الله، وليس على أساس المنفعة، وهذا أبدع تصوير لأنه يجعل الحياة مطمئنة راقية مرفهة تضمن فيها سعادة بني الإنسان، لأنها تجعل السيادة للشرع على الجميع، والشرع يهدف إلى جعل المجتمع في صورة مثالية بالغة من الكمال أعلى ما يصل إليه الكمال الإنساني، وذلك بنظمه وتشريعاته وحلوله لمشاكل الحياة. فهذا التصوير يجعل الإنسان يسير وفق الشرع سيراً دائمياً طوعياً من نفسه أو قسرياً بتنفيذ الدولة. والحياة الراقية هي التي يكون قياسها التشريع المنبثق عن العقيدة الإسلامية.
وأمّا معنى السعادة في الحضارة الإسلامية فهو نوال رضوان الله، لأن السعادة في الحياة هي المثل الأعلى الذي يسعى الإنسان لبلوغه، وهو لا بد أن يكون واحداً غير متعدد ليتوحد توجيه الإنسانية نحوه. كما أنه لا بد أن يكون ثابتاً غير متغير لئلا يصبح قلقاً متزعزعاً، وأن لا يكون مادياً بل يجب أن يكون فوق المادية حتى لا تفسده المادة ولا تجعله ضيقاً ينتهي عند غاية يطلب بعدها غيرها حتى تغدو وسيلة، لأن المثل الأعلى يجب أن يكون غاية الغايات التي لا غاية وراءها. ولذلك كان المثل الأعلى في الحضارة الإسلامية رضوان الله لا إرضاء الضمير، لأن الضمير أو الوجدان يتغير بتغير الدوافع ويختلف باختلاف الأمزجة ويتعدد بتعدد الأفراد "إذ الضمير أو الوجدان هو إدراك شعوري ناتج عن الغرائز وما عند الإنسان من نتائجها من مفاهيم"، ولا هو حُسن الخُلُق ولا إشباع جوعات الجسد ولا غير ذلك مما فيه من قابلية التعدد أو التغير أو التحديد أو إمكانية جعله وسيلة لغيره حين بلوغه بعد السعي إليه.
وعلى ذلك تكون العقيدة الإسلامية وسيادة الشرع على أعمال الإنسان وجعل المثل الأعلى "رضوان الله" غاية الغايات وفوق المادة- يكون ذلك طريقة الحياة في الدولة الإسلامية- وهو حضارتها. وأمّا العمل الأصلي للدولة ووظيفتها التي وُجدت من أجلها فإنها تنفيذ للمبدأ عقيدة ونظاماً في داخل حدودها وحمل دعوته إلى باقي العالم قيادة فكرية بالدعوة وبالقوة المادية التي تحمي هذه الدعوة وتزيل الحواجز المادية التي تقف في طريقها.
هذه هي العناصر الأساسية التي تقوم عليها الدولة الإسلامية، وهي المقومات الحقيقية للدولة، وهي مفقودة في الدولة الدينية ومستكملة الوجود في الدولة الإسلامية مما يجعلها تتاقض مع الدولة الدينية وتبعد عنها أي مسحة روحية بالمعنى الكهنوتي المعطل للحياة.7- ان الحضارة الإسلامية في الدولة الإسلامية أو الطريقة التي تقوم عليها الدولة الإسلامية في الحياة تجعلها سائرة نحو المدنية، لأن مفهومها عن الحياة "بأن الأصل في الأشياء –الطارئة من أشكال الحياة مهما كانت- الإباحة ما لم يرد دليل التحريم" يجعلها تتقدم نحو الأشياء على أسس ثابتة ويدفعها للإقبال عليها، فهي دافعة للتقدم المادي والإبداع فيه.
وهذا يناقض كل المناقضة للدولة الدينية ولمفهومها عن الحياة،
ولذلك كان من الظلم الفادح أن تقاس الدولة الإسلامية بالدولة الدينية التي كانت قائمة في القرون الوسطى قياساً شمولياً مغلوطاً، وكان من سوء صنيع المسلمين بأنفسهم أن يتأخروا عن إقامة الدولة الإسلامية، فكيف بوقوفهم للحيلولة دون قيامها؟8- ولمّا كان المجتمع في البلاد الإسلامية، ومنها العربية، يقوم على أسس تناقض الإسلام، ويحيا حياة غير إسلامية، كان لا بد له من قيام دولة إسلامية تستأنف الحياة الإسلامية وتحمل الدعوة إلى العالم.
وعلى هذا الأساس قام حزب التحرير يحمل الدعوة الإسلامية ويدعو العالم الإسلامي، ومنه العربي، لاستئناف الحياة الإسلامية بواسطة الدولة الإسلامية الواحدة التي تطبق الإسلام وتحمل دعوته للعالم.
بيان حزب التحريرالمقدم للحكومة الأردنية
بتاريخ 19 رمضان سنة 1372 الموافق 1 حزيران 1953
ابوعبدالرحمن حمزة
12-02-2011, 11:34 PM
الدولة الدينية من ناحية اللغة العربية لا تعني سوى الدولة التي يكون الدين هوالمسير للحياة فيها عكس الدولة غير الدينية التي تفصل الدين عن الحياة. ولكن كمصطلح تم ربط الدولة الدينية بمعنى الدولة الثيوقراطية، والتي تقوم على الحكم بالحق الإلهي المطلق، حيث يزعم الحاكم أنه يحكم نيابة عن الله، وأنه مفوض منه. والدولة الدينية بهذا المعنى مخالف لما جاء به الإسلام، فالدولة الأسلامية كما هو معلوم دولة بشرية ولكن تم صياغة هذا المصطلح لتكوين صورة سلبية ولتميع و ابعاد فكرة الدولة الأسلامية (الخلافة).
وعليه فهذا المصطلح مثله مثل كل المصطلحات التي تخالف ما جاء به الأسلام لا يجوز اسـخدامه مثله مثل مصطلح الدولة المدنية والتي تعني كما تفضلت أنها دولة تفصل الدين عن الحكم وعن الحياة .
(فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ
سيفي دولتي
13-02-2011, 11:33 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , وبعد
بالمختصر المفيد للأخ صاحب السؤال ... الدولة الإسلامية لا هي دينية ولا مدنية بل أعتبرها دولة مبدئية
تستند إلى الحكم الشرعي في الفصل بين الخصومات وفي رعاية شؤون رعاياها مسلمين كانوا أم غير مسلمين
أخي الكريم لا تتعب نفسك بنقاش من تلوث فكرهم ولوثوا من إخوان مسلمين لأنني خبرتهم من الداخل وعانيت معهم طوال 8 سنوات كانوا يحبون الكذب والنفاق والتدليس في ديننا ما ليس فيه ويقدسون الأشخاص على حساب
الأفكار والمفاهيم ...
ابو عمر الحميري
24-02-2011, 01:35 PM
الدولة الدينية من ناحية اللغة العربية لا تعني سوى الدولة التي يكون الدين هوالمسير للحياة فيها عكس الدولة غير الدينية التي تفصل الدين عن الحياة. ولكن كمصطلح تم ربط الدولة الدينية بمعنى الدولة الثيوقراطية، والتي تقوم على الحكم بالحق الإلهي المطلق، حيث يزعم الحاكم أنه يحكم نيابة عن الله، وأنه مفوض منه. والدولة الدينية بهذا المعنى مخالف لما جاء به الإسلام، فالدولة الأسلامية كما هو معلوم دولة بشرية ولكن تم صياغة هذا المصطلح لتكوين صورة سلبية ولتميع و ابعاد فكرة الدولة الأسلامية (الخلافة).
وعليه فهذا المصطلح مثله مثل كل المصطلحات التي تخالف ما جاء به الأسلام لا يجوز اسـخدامه مثله مثل مصطلح الدولة المدنية والتي تعني كما تفضلت أنها دولة تفصل الدين عن الحكم وعن الحياة .
(فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ
صدقت اخي الكريم الدولة الاسلامية ليست دولة دينية وليست دولة الهية لأن رئيس الدولة لا ينوب عن الله فليس هو ظل الله في الأرض وكذلك ليست دولة مدنية لأن مفهوم الدولة المدنية يعني انها قائمة على عقيدة فصل الدين عن الحياة بل هي دولة بشرية تطبق الاسلام بعقيدته ونظامه بفكرته وطريقته فالخليفة هو بشر قد يحسن التطبيق وقد يسيء فلا رجال دين في الاسلام
vBulletin® v4.0.2, Copyright ©2000-2025, Jelsoft Enterprises Ltd.