ابواحمد
01-02-2011, 07:26 PM
من التاريخ السري لجماعة الأخوان المسلمين د.كمال خلف الطويل (http://www.freewebs.com/islamicworldnews/ikhwan3.html)
نجح عبدالناصر فى التوصل لاتفاقية جلاء كامل مع البريطانيين.. إلا أن المخابرات البريطانية لم يهدأ لها بال حيث أخذت فى استعراض القوى التى يمكن أن تناوئ عبدالناصر وتشكل خطرا حقيقيا ينقلب عليه ويتخلص منه فى النهاية.. وجدت المخابرات البريطانية أن الإخوان المسلمين هم أفضل قوة لتنفيذ هذا المخطط وخصوصا بعد انقلاب عبدالناصر عليهم.
ووجدت المخابرات البريطانية فرصتها السانحة فى المدعو سعيد رمضان الذى كان قد انضم للإخوان المسلمين فى 1940 وتتلمذ على يد حسن البنا وتزوج ابنته فى 1949 وبعد مقتل رئيس الوزراء النقراشي والقبض على عدد كبير من الإخوان المسلمين هرب سعيد رمضان إلى باكستان وقام بتأسيس محطتين إذاعيتين موجهتين للبلاد العربية.
ويقول الكتاب إن سعيد رمضان أصبح متعاملا فيما بعد مع المخابرات البريطانية والأمريكية وحتى السويسرية وخصوصا بعد أن استقر به المقام فيما بعد فى جنيف.. وفى جنيف وبالتعاون مع سعيد رمضان قام ضابطا المخابرات البريطانية نيل ماكلين وجوليان آمري بتنظيم حركة مضادة لعبد الناصر من الإخوان المسلمين ومستغلة فى ذلك تدهور العلاقة بين عبدالناصر والإخوان وخصوصا بعد أن عارضوا خططه فى الإصلاح الزراعى.. علاوة على ذلك كان هناك تنسيق مع عدد آخر من جماعة الإخوان ممن لجأوا للسعودية لتنظيم خطة المخابرات البريطانية الانقلابية ضد عبدالناصر.. وقد علم عبدالناصر ببعض ما يفعله سعيد رمضان - كما يقول الكتاب - فقام بسحب الجنسية المصرية منه وكان ان قامت ألمانيا الغربية - التى كانت غاضبة من عبدالناصر فى ذاك الوقت لاعترافه بألمانيا الشرقية - باعطاء جواز سفر ألمانى لسعيد رمضان.
وقد اتجه سعيد رمضان بالجواز الألمانى إلى ميونخ بألمانيا ثم عاد لسويسرا واستقر به المقام فى جنيف حتى توفى عام 1995.. وفى جنيف - يقول الكتاب - أسس رمضان المركز الإسلامى وقام بالتنسيق مع المدعو يوسف ندا لتأسيس بنك التقوى.
كانت سويسرا عندما انتقل سعيد رمضان اليها تعرف انه عميل للمخابرات البريطانية والأمريكية وانه أصبح يقوم بنشاط موجه بالتنسيق معهما ضد عبدالناصر، ولكن - وكما يقول الكتاب مستندا للأرشيف المخابراتى السويسرى - ان أجهزة المخابرات السويسرية تركته على أساس ان جماعته لا تعكس اتجاهات معادية للغرب وفيما بعد استخدمته لصالحها.. قام سعيد رمضان بالتنسيق مع حسن الهضيبى من خلال تريفور إيفانز المستشار الشرقى للسفارة البريطانية للتخطيط لعملية اغتيال عبدالناصر.. وأخيرا فى 26 أكتوبر وأثناء قيام عبدالناصر بالقاء خطاب فى الاسكندرية أطلق أحد أعضاء الإخوان 8 رصاصات عليه ولم تصبه وفشلت محاولة الاغتيال التى دبرها سعيد رمضان فشلا ذريعا وليزداد بعدها حنق المخابرات البريطانية على عبدالناصر ونظامه.
وفى 1955 كان التفكير فى إنشاء حلف بغداد وضم مصر إليه.. فقام إيدن فى محاولة أخيرة لإخضاع عبدالناصر بزيارة لمصر فى نوفمبر 1955 وكان لقاء إيدن مع عبدالناصر بمثابة فشل ذريع وخصوصا بسبب الأسلوب المتعالى الذى تعامل به إيدن مع عبدالناصر.. فى 4 أبريل 1955 - وقبل أن يصبح إيدن رئيسا للوزراء بيوم واحد - تم توقيع حلف بغداد بدون انضمام مصر اليه، لم يعد لدى البريطانيين ورق كثير للعب مع عبدالناصر بعد توقيع اتفاق الجلاء سوى الأسلحة التى كانوا هم والفرنسيون يوردونها اليه.
فى مايو 1955 وبعد نصيحة من الرئيس اليوغوسلافى تيتو قام ناصر بعقد صفقة أسلحة سرية مع الروس من خلال تشيكوسلوفاكيا.. لم تعلم المخابرات البريطانية بهذه الصفقة السرية سوى فى 26 سبتمبر وعندما علمت بها جن جنون أنتونى إيدن وخصوصا أن الأمريكان كانوا على علم بها.. وفى 27 سبتمبر بدأت أجهزة التجسس البريطانية تلتقط سيل المراسلات بين القاهرة وبراج حول الصفقة التى اتضح أن قيمتها 400 مليون دولار وكانت تشمل توريد 80 طائرة ميج مقاتلة، و45 مقاتلة قاذفة قنابل أليشون و150 دبابة.. كما حصلت المخابرات البريطانية على تفاصيل أكثر عن هذه الصفقة عن طريق عميل مصرى اسمه محمد حمدي كان يعمل فى القسم التجارى للسفارة المصرية فى براج.. وكما يقول الكتاب كان محمد حمدي فى الستين من العمر وكان يهوى النساء بشدة ولذلك نجحت عميلة للمخابرات البريطانية جاءت خصيصا من فيينا لاصطياده فى شهر عسل وتجنيده.. وبسرعة وبنجاح بالغ - كما يقول الكتاب - وقع محمد حمدي فى الفخ.. ومن خلال هذا المحمد حمدي نجحت المخابرات البريطانية فى الإلمام بجزء كبير من خبايا صفقة الأسلحة المصرية التشيكية أو بالأحرى صفقة الأسلحة المصرية السوفيتية.. على أية حال كان لابد من تحرك بريطانى طلب إيدن من وزارة الخارجية والمخابرات البريطانية تدبير خطط جديدة للخلاص من عبدالناصر، وتراوحت هذه الخطط بين محاولات لتدبير تفجيرات فى عدد من المدن المصرية لإرهاب عبدالناصر أو رشوته بصورة مباشرة وحتى تدبير انقلاب ضده.. كان هناك تفكير لدى المخابرات البريطانية أن يقود على ماهر رئيس الوزراء السابق هذا الانقلاب ولكن كان ذلك شبه مستحيل ليس فقط لعدم شعبية على ماهر ولكن لكبره فى السن.. كل هذه المحاولات باءت بالفشل لأن التقديرات داخل الأجهزة البريطانية كانت متضاربة علاوة على أنها كانت تجمع على أن ناصر لن يصبح متحالفا مع السوفييت والشيوعيين.. ويقول أحد تقارير المخابرات البريطانية فى 28 نوفمبر 1955 إنه لو تبين أن عبدالناصر سيصبح دمية شيوعية فإن الأسلوب الأمثل للتعامل معه هو قلب نظام حكمه وليس تقديم رشوة هائلة له ولم يعد بعد كل هذا أية أوراق لإغراء ناصر سوى تمويل السد العالى الذى كان يطمع عبدالناصر فى أن يحقق به جزءا كبيرا من أحلام المصريين فى التنمية.
فى 14 ديسمبر 1955 قرر البريطانيون والأمريكان تقديم عرض لعبدالناصر بتمويل السد العالى من خلال البنك الدولى.. وفى يناير 1956 كانت تقديرات المخابرات البريطانية أن الشرق الأوسط قد يصبح على حافة انفجار فى هذا العام، تم تعيين سلوين لويد وزيرا للخارجية البريطانية.. عمل لويد كل ما فى وسعه منذ بدء تعيينه على التنسيق مع الأمريكان فى كل ما يخص عبدالناصر، كان هناك اقتناع فى هذه الفترة بين أجهزة الحكم والمخابرات فى بريطانيا وأمريكا بأنه لابد من عمل شيء تجاه عبدالناصر ولكن التناقض فى الشخصيات والسياسات وسوء التحليلات لم يؤد إلى سياسة فعالة، ولكن بحلول فبراير 1956 كان هناك تنسيق بين المخابرات البريطانية والأمريكية لاغتيال عبدالناصر.. كانت خطة الاغتيال - التى أعدتها أساسا المخابرات البريطانية - أشبه بأفلام جيمس بوند ولذلك لم يوافق عليها الأمريكان وبالتالى فشلت، ثم تطورت الأمور للأسوأ بقيام الملك حسين فى 1 مارس بإقالة جلوب باشا القائد البريطانى للفيلق العربى فى الأردن وإعلانه الانحياز لعبدالناصر، هذا القرار أصاب إيدن بحالة جنون وجعله يفكر من جديد فى خطة اغتيال عبدالناصر.. فى 15 مارس 1956 كتب إيدن مذكرة للرئيس الأمريكى أيزنهاور يقول فيها إن لديه معلومات مؤكدة أن عبدالناصر يسعى لتأسيس ولايات عربية متحدة بعد العمل على إسقاط الملكيات الحاكمة فى العالم العربى وخصوصا فى ليبيا والعراق والأردن، علاوة على تدمير إسرائيل وكل هذا يصب فى صالح الاتحاد السوفيتى فى النهاية. كان إيدن يسعى من خلال هذا الخطاب لكسب التوجه الأمريكى من جديد ضد العمل على إسقاط عبدالناصر أو اغتياله.. ثم تطورت الأمور على النحو المعروف بعد قرار البنك الدولى بسحب عرضه لتمويل السد العالى ثم الرد من جمال عبدالناصر فى 26 يوليو فى الإسكندرية بتأميم شركة قناة السويس.. ويحكى الكتاب جهود المخابرات البريطانية ضد عبدالناصر فى هذه الفترة من خلال القيام بعملية دعاية ضخمة موجهة من راديو القاهرة الذى كان يبث من قبرص وليبيا وعدن فى اليمن.. وأخيرا طرحت فكرة اغتيال عبدالناصر من جديد.. قام إيدن باستدعاء جورج يانج مدير الإم آى سكس ووقع طلبا مكتوبا باغتيال عبدالناصر! ولم يكن هناك مفر من تحقيق هذا الطلب وكان الاتجاه هذه المرة أمام المخابرات البريطانية هو التنسيق مع الموساد الإسرائيلى والمخابرات الفرنسية.. الأكثر من هذا قام إيدن بالاتصال تليفونيا مع ديفيد بن جوريون رئيس وزراء إسرائيل وحتى مع مدير الموساد أيسر هاريل وعلاوة على ذلك الاتصال بالفرنسيين للتنسيق.. وأصبح ضابط المخابرات البريطانية الشهير جوليان آمري هو المنسق العام للخطة والمسئول عن الاتصال مع المعارضة المصرية المؤيدة لإسقاط ناصر وأغلبهم من الأسرة الملكية أو مصريين ساخطين على عبدالناصر.
وبدءا من 27 أغسطس 1956 عقد آمري ومعه ضابط مخابرات بريطانية سلسلة لقاءات مع شخصيات مصرية ضمت ممثلين عن حزب الوفد ومقربين من رئيس الوزراء الوفدى السابق مصطفى النحاس باشا، كما قاموا بتنشيط اتصالاتهم من جديد بسعيد رمضان فى جنيف، وكانت هناك خطة تقوم على أنه أثناء عملية ضرب وغزو مصر تقوم المخابرات البريطانية باخراج اللواء محمد نجيب من محبسه المنزلى وتوليته الرئاسة وتعيين صلاح الدين وزير الخارجية المصرى فى الفترة من 1950 الى 1952 رئيسا للوزراء، كما طرح اسم على ماهر وطرحت مجموعة أخرى من المتآمرين يقودها - حسب زعم الكتاب - اللواء حسن صيام قائد سلاح المدفعية فى ذلك الوقت ومعه مجموعة من ضباط الجيش المتقاعدين ممن كانوا ساخطين على عبدالناصر، كما عاد امري للخطة المحبوبة لدى المخابرات البريطانية وهى أنه بعد الغزو والخلاص من عبدالناصر يتم تعيين الأمير محمد عبدالمنعم - ابن الخديو عباس حلمى الثانى - ملكا على مصر وتعيين أحمد مرتضى المراغى رئيسا للوزراء والذى كان قد غادر مصر فى يونيو واستقر فى بيروت.. ويدعى الكتاب أن آمري نجح فى جذب عدد من العناصر المصرية وراء خطة المخابرات البريطانية للإطاحة بعبدالناصر واغتياله ومن هؤلاء ضابط مخابرات مصرى يدعى عصام الدين محمود خليل وكان نائب رئيس المخابرات الجوية.. وقد تم الالتقاء به أثناء زيارة قام بها إلى روما من قبل محمد حسين خيرى حفيد السلطان حسين كامل الذى حكم مصر فى الفترة من 1914 الى 1917، وقد وافق خليل على الانضمام للخطة البريطانية وسافر بعد أسابيع فعلا إلى بيروت.. ويقول الكتاب إن خيري حفيد السلطان حسين كان يعمل نائب رئيس المخابرات الحربية قبل ثورة يوليو وبعد الثورة تم عزله وإحالته للاستيداع فسافر للخارج حانقا على عبدالناصر ونظامه.. طوال هذه الفترة لم يكن لدى المصريين علم بما يفعله خليل وكان التخطيط أن تقوم المخابرات البريطانية بتقديم بعض المعلومات له فى بيروت عن إسرائيل لتقديمها للقيادة فى مصر مبررا بها سفره الدائم إلى بيروت.
كان المطلوب من خليل أن يعمل على تكوين خلية سرية من ضباط الجيش للعمل ضد عبدالناصر وكانت شروط خليل أن يكون هو القناة الوحيدة بين البريطانيين والخلية وأن يحصل على كميات هائلة من المال لتغطية مصاريفه وخدماته.. ثم قامت المخابرات البريطانية بعد ذلك باصطحاب مرتضى المراغى وترتيب مقابلة له مع وزير الخارجية البريطانى سلوين لويد لزيادة طمأنته من أن هذه الخطة برعاية الحكومة البريطانية.. كان هدف المخابرات ليس فقط الإطاحة بعبد الناصر على يد الخلية العسكرية ولكن أن تقوم هذه الخلية بقتل عبدالناصر لأن ذلك هدف أساسى لأنتونى إيدن إلا أن هذه الخطة انضمت للخطط الفاشلة السابقة عندما تأكد للمخابرات والخارجية البريطانية أنها لن تؤدى إلى شيء لأنه ببساطة - كما يقول الكتاب - كان عبدالناصر يتمتع بشعبية جارفة داخل الجيش وبين شعبه.
نجح عبدالناصر فى التوصل لاتفاقية جلاء كامل مع البريطانيين.. إلا أن المخابرات البريطانية لم يهدأ لها بال حيث أخذت فى استعراض القوى التى يمكن أن تناوئ عبدالناصر وتشكل خطرا حقيقيا ينقلب عليه ويتخلص منه فى النهاية.. وجدت المخابرات البريطانية أن الإخوان المسلمين هم أفضل قوة لتنفيذ هذا المخطط وخصوصا بعد انقلاب عبدالناصر عليهم.
ووجدت المخابرات البريطانية فرصتها السانحة فى المدعو سعيد رمضان الذى كان قد انضم للإخوان المسلمين فى 1940 وتتلمذ على يد حسن البنا وتزوج ابنته فى 1949 وبعد مقتل رئيس الوزراء النقراشي والقبض على عدد كبير من الإخوان المسلمين هرب سعيد رمضان إلى باكستان وقام بتأسيس محطتين إذاعيتين موجهتين للبلاد العربية.
ويقول الكتاب إن سعيد رمضان أصبح متعاملا فيما بعد مع المخابرات البريطانية والأمريكية وحتى السويسرية وخصوصا بعد أن استقر به المقام فيما بعد فى جنيف.. وفى جنيف وبالتعاون مع سعيد رمضان قام ضابطا المخابرات البريطانية نيل ماكلين وجوليان آمري بتنظيم حركة مضادة لعبد الناصر من الإخوان المسلمين ومستغلة فى ذلك تدهور العلاقة بين عبدالناصر والإخوان وخصوصا بعد أن عارضوا خططه فى الإصلاح الزراعى.. علاوة على ذلك كان هناك تنسيق مع عدد آخر من جماعة الإخوان ممن لجأوا للسعودية لتنظيم خطة المخابرات البريطانية الانقلابية ضد عبدالناصر.. وقد علم عبدالناصر ببعض ما يفعله سعيد رمضان - كما يقول الكتاب - فقام بسحب الجنسية المصرية منه وكان ان قامت ألمانيا الغربية - التى كانت غاضبة من عبدالناصر فى ذاك الوقت لاعترافه بألمانيا الشرقية - باعطاء جواز سفر ألمانى لسعيد رمضان.
وقد اتجه سعيد رمضان بالجواز الألمانى إلى ميونخ بألمانيا ثم عاد لسويسرا واستقر به المقام فى جنيف حتى توفى عام 1995.. وفى جنيف - يقول الكتاب - أسس رمضان المركز الإسلامى وقام بالتنسيق مع المدعو يوسف ندا لتأسيس بنك التقوى.
كانت سويسرا عندما انتقل سعيد رمضان اليها تعرف انه عميل للمخابرات البريطانية والأمريكية وانه أصبح يقوم بنشاط موجه بالتنسيق معهما ضد عبدالناصر، ولكن - وكما يقول الكتاب مستندا للأرشيف المخابراتى السويسرى - ان أجهزة المخابرات السويسرية تركته على أساس ان جماعته لا تعكس اتجاهات معادية للغرب وفيما بعد استخدمته لصالحها.. قام سعيد رمضان بالتنسيق مع حسن الهضيبى من خلال تريفور إيفانز المستشار الشرقى للسفارة البريطانية للتخطيط لعملية اغتيال عبدالناصر.. وأخيرا فى 26 أكتوبر وأثناء قيام عبدالناصر بالقاء خطاب فى الاسكندرية أطلق أحد أعضاء الإخوان 8 رصاصات عليه ولم تصبه وفشلت محاولة الاغتيال التى دبرها سعيد رمضان فشلا ذريعا وليزداد بعدها حنق المخابرات البريطانية على عبدالناصر ونظامه.
وفى 1955 كان التفكير فى إنشاء حلف بغداد وضم مصر إليه.. فقام إيدن فى محاولة أخيرة لإخضاع عبدالناصر بزيارة لمصر فى نوفمبر 1955 وكان لقاء إيدن مع عبدالناصر بمثابة فشل ذريع وخصوصا بسبب الأسلوب المتعالى الذى تعامل به إيدن مع عبدالناصر.. فى 4 أبريل 1955 - وقبل أن يصبح إيدن رئيسا للوزراء بيوم واحد - تم توقيع حلف بغداد بدون انضمام مصر اليه، لم يعد لدى البريطانيين ورق كثير للعب مع عبدالناصر بعد توقيع اتفاق الجلاء سوى الأسلحة التى كانوا هم والفرنسيون يوردونها اليه.
فى مايو 1955 وبعد نصيحة من الرئيس اليوغوسلافى تيتو قام ناصر بعقد صفقة أسلحة سرية مع الروس من خلال تشيكوسلوفاكيا.. لم تعلم المخابرات البريطانية بهذه الصفقة السرية سوى فى 26 سبتمبر وعندما علمت بها جن جنون أنتونى إيدن وخصوصا أن الأمريكان كانوا على علم بها.. وفى 27 سبتمبر بدأت أجهزة التجسس البريطانية تلتقط سيل المراسلات بين القاهرة وبراج حول الصفقة التى اتضح أن قيمتها 400 مليون دولار وكانت تشمل توريد 80 طائرة ميج مقاتلة، و45 مقاتلة قاذفة قنابل أليشون و150 دبابة.. كما حصلت المخابرات البريطانية على تفاصيل أكثر عن هذه الصفقة عن طريق عميل مصرى اسمه محمد حمدي كان يعمل فى القسم التجارى للسفارة المصرية فى براج.. وكما يقول الكتاب كان محمد حمدي فى الستين من العمر وكان يهوى النساء بشدة ولذلك نجحت عميلة للمخابرات البريطانية جاءت خصيصا من فيينا لاصطياده فى شهر عسل وتجنيده.. وبسرعة وبنجاح بالغ - كما يقول الكتاب - وقع محمد حمدي فى الفخ.. ومن خلال هذا المحمد حمدي نجحت المخابرات البريطانية فى الإلمام بجزء كبير من خبايا صفقة الأسلحة المصرية التشيكية أو بالأحرى صفقة الأسلحة المصرية السوفيتية.. على أية حال كان لابد من تحرك بريطانى طلب إيدن من وزارة الخارجية والمخابرات البريطانية تدبير خطط جديدة للخلاص من عبدالناصر، وتراوحت هذه الخطط بين محاولات لتدبير تفجيرات فى عدد من المدن المصرية لإرهاب عبدالناصر أو رشوته بصورة مباشرة وحتى تدبير انقلاب ضده.. كان هناك تفكير لدى المخابرات البريطانية أن يقود على ماهر رئيس الوزراء السابق هذا الانقلاب ولكن كان ذلك شبه مستحيل ليس فقط لعدم شعبية على ماهر ولكن لكبره فى السن.. كل هذه المحاولات باءت بالفشل لأن التقديرات داخل الأجهزة البريطانية كانت متضاربة علاوة على أنها كانت تجمع على أن ناصر لن يصبح متحالفا مع السوفييت والشيوعيين.. ويقول أحد تقارير المخابرات البريطانية فى 28 نوفمبر 1955 إنه لو تبين أن عبدالناصر سيصبح دمية شيوعية فإن الأسلوب الأمثل للتعامل معه هو قلب نظام حكمه وليس تقديم رشوة هائلة له ولم يعد بعد كل هذا أية أوراق لإغراء ناصر سوى تمويل السد العالى الذى كان يطمع عبدالناصر فى أن يحقق به جزءا كبيرا من أحلام المصريين فى التنمية.
فى 14 ديسمبر 1955 قرر البريطانيون والأمريكان تقديم عرض لعبدالناصر بتمويل السد العالى من خلال البنك الدولى.. وفى يناير 1956 كانت تقديرات المخابرات البريطانية أن الشرق الأوسط قد يصبح على حافة انفجار فى هذا العام، تم تعيين سلوين لويد وزيرا للخارجية البريطانية.. عمل لويد كل ما فى وسعه منذ بدء تعيينه على التنسيق مع الأمريكان فى كل ما يخص عبدالناصر، كان هناك اقتناع فى هذه الفترة بين أجهزة الحكم والمخابرات فى بريطانيا وأمريكا بأنه لابد من عمل شيء تجاه عبدالناصر ولكن التناقض فى الشخصيات والسياسات وسوء التحليلات لم يؤد إلى سياسة فعالة، ولكن بحلول فبراير 1956 كان هناك تنسيق بين المخابرات البريطانية والأمريكية لاغتيال عبدالناصر.. كانت خطة الاغتيال - التى أعدتها أساسا المخابرات البريطانية - أشبه بأفلام جيمس بوند ولذلك لم يوافق عليها الأمريكان وبالتالى فشلت، ثم تطورت الأمور للأسوأ بقيام الملك حسين فى 1 مارس بإقالة جلوب باشا القائد البريطانى للفيلق العربى فى الأردن وإعلانه الانحياز لعبدالناصر، هذا القرار أصاب إيدن بحالة جنون وجعله يفكر من جديد فى خطة اغتيال عبدالناصر.. فى 15 مارس 1956 كتب إيدن مذكرة للرئيس الأمريكى أيزنهاور يقول فيها إن لديه معلومات مؤكدة أن عبدالناصر يسعى لتأسيس ولايات عربية متحدة بعد العمل على إسقاط الملكيات الحاكمة فى العالم العربى وخصوصا فى ليبيا والعراق والأردن، علاوة على تدمير إسرائيل وكل هذا يصب فى صالح الاتحاد السوفيتى فى النهاية. كان إيدن يسعى من خلال هذا الخطاب لكسب التوجه الأمريكى من جديد ضد العمل على إسقاط عبدالناصر أو اغتياله.. ثم تطورت الأمور على النحو المعروف بعد قرار البنك الدولى بسحب عرضه لتمويل السد العالى ثم الرد من جمال عبدالناصر فى 26 يوليو فى الإسكندرية بتأميم شركة قناة السويس.. ويحكى الكتاب جهود المخابرات البريطانية ضد عبدالناصر فى هذه الفترة من خلال القيام بعملية دعاية ضخمة موجهة من راديو القاهرة الذى كان يبث من قبرص وليبيا وعدن فى اليمن.. وأخيرا طرحت فكرة اغتيال عبدالناصر من جديد.. قام إيدن باستدعاء جورج يانج مدير الإم آى سكس ووقع طلبا مكتوبا باغتيال عبدالناصر! ولم يكن هناك مفر من تحقيق هذا الطلب وكان الاتجاه هذه المرة أمام المخابرات البريطانية هو التنسيق مع الموساد الإسرائيلى والمخابرات الفرنسية.. الأكثر من هذا قام إيدن بالاتصال تليفونيا مع ديفيد بن جوريون رئيس وزراء إسرائيل وحتى مع مدير الموساد أيسر هاريل وعلاوة على ذلك الاتصال بالفرنسيين للتنسيق.. وأصبح ضابط المخابرات البريطانية الشهير جوليان آمري هو المنسق العام للخطة والمسئول عن الاتصال مع المعارضة المصرية المؤيدة لإسقاط ناصر وأغلبهم من الأسرة الملكية أو مصريين ساخطين على عبدالناصر.
وبدءا من 27 أغسطس 1956 عقد آمري ومعه ضابط مخابرات بريطانية سلسلة لقاءات مع شخصيات مصرية ضمت ممثلين عن حزب الوفد ومقربين من رئيس الوزراء الوفدى السابق مصطفى النحاس باشا، كما قاموا بتنشيط اتصالاتهم من جديد بسعيد رمضان فى جنيف، وكانت هناك خطة تقوم على أنه أثناء عملية ضرب وغزو مصر تقوم المخابرات البريطانية باخراج اللواء محمد نجيب من محبسه المنزلى وتوليته الرئاسة وتعيين صلاح الدين وزير الخارجية المصرى فى الفترة من 1950 الى 1952 رئيسا للوزراء، كما طرح اسم على ماهر وطرحت مجموعة أخرى من المتآمرين يقودها - حسب زعم الكتاب - اللواء حسن صيام قائد سلاح المدفعية فى ذلك الوقت ومعه مجموعة من ضباط الجيش المتقاعدين ممن كانوا ساخطين على عبدالناصر، كما عاد امري للخطة المحبوبة لدى المخابرات البريطانية وهى أنه بعد الغزو والخلاص من عبدالناصر يتم تعيين الأمير محمد عبدالمنعم - ابن الخديو عباس حلمى الثانى - ملكا على مصر وتعيين أحمد مرتضى المراغى رئيسا للوزراء والذى كان قد غادر مصر فى يونيو واستقر فى بيروت.. ويدعى الكتاب أن آمري نجح فى جذب عدد من العناصر المصرية وراء خطة المخابرات البريطانية للإطاحة بعبدالناصر واغتياله ومن هؤلاء ضابط مخابرات مصرى يدعى عصام الدين محمود خليل وكان نائب رئيس المخابرات الجوية.. وقد تم الالتقاء به أثناء زيارة قام بها إلى روما من قبل محمد حسين خيرى حفيد السلطان حسين كامل الذى حكم مصر فى الفترة من 1914 الى 1917، وقد وافق خليل على الانضمام للخطة البريطانية وسافر بعد أسابيع فعلا إلى بيروت.. ويقول الكتاب إن خيري حفيد السلطان حسين كان يعمل نائب رئيس المخابرات الحربية قبل ثورة يوليو وبعد الثورة تم عزله وإحالته للاستيداع فسافر للخارج حانقا على عبدالناصر ونظامه.. طوال هذه الفترة لم يكن لدى المصريين علم بما يفعله خليل وكان التخطيط أن تقوم المخابرات البريطانية بتقديم بعض المعلومات له فى بيروت عن إسرائيل لتقديمها للقيادة فى مصر مبررا بها سفره الدائم إلى بيروت.
كان المطلوب من خليل أن يعمل على تكوين خلية سرية من ضباط الجيش للعمل ضد عبدالناصر وكانت شروط خليل أن يكون هو القناة الوحيدة بين البريطانيين والخلية وأن يحصل على كميات هائلة من المال لتغطية مصاريفه وخدماته.. ثم قامت المخابرات البريطانية بعد ذلك باصطحاب مرتضى المراغى وترتيب مقابلة له مع وزير الخارجية البريطانى سلوين لويد لزيادة طمأنته من أن هذه الخطة برعاية الحكومة البريطانية.. كان هدف المخابرات ليس فقط الإطاحة بعبد الناصر على يد الخلية العسكرية ولكن أن تقوم هذه الخلية بقتل عبدالناصر لأن ذلك هدف أساسى لأنتونى إيدن إلا أن هذه الخطة انضمت للخطط الفاشلة السابقة عندما تأكد للمخابرات والخارجية البريطانية أنها لن تؤدى إلى شيء لأنه ببساطة - كما يقول الكتاب - كان عبدالناصر يتمتع بشعبية جارفة داخل الجيش وبين شعبه.