المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في ظلال الهجرة ... منقول



عبد الواحد جعفر
18-01-2011, 06:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الكرام،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ونحن على أبواب عام هجري جديد يقبل محملا بما فيه، وعلى أعقاب عام هجري مودع يمضي بما استودعناه نقف متذكرين هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم... إنها ذكرى الاعتبار والاتعاظ لا ذكرى الاحتفال والابتداع. إنها وقفة نستقرئ فيها فصلاً من فصول الحياة خطه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه.. كان للهجرة النبوية أهمية شرعية، وتاريخية، وحضارية من أهم أحداث الإسلام قاطبة. وهي مرحلة جديدة شهد معها العالم تحولات حضارية عميقة وشاملة عن طريق إعادة التوازن المفقود للحياة الإنسانية.
إن من أعظم دروس الهجرة وأجَلِّ عِبراتها «صناعة الأمل» نعم. إن الهجرة تعلم المؤمنين فن صناعة الأمل.. الأمل في موعود الله.. الأمل في نصر الله.. الأمل في مستقبل مشرق ل «لا إله إلا الله».. الأمل في إقامة دولة الإسلام.. الأمل في الفرج بعد الشدة، والعزة بعد الذلة، والنصر بعد الهزيمة.
لقد رأيتم كيف صنع ستة أنفار من يثرب أمل النصر والتمكين وإقامة الدولة الإسلامية. وهاهو رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع الأمل مرة أخرى حين عزمت قريش على قتله. وهكذا تعلمنا الهجرة في كل فصل من فصولها كيف نصنع الأمل، ونترقب ولادة النور من رحم الظلمة، وخروج الخير من قلب الشر، وانبثاق الفرج من كبد الأزمات.
ما أحوجنا ونحن في هذا الزمن، زمن الهزائم والانكسارات والجراحات إلى تعلم فن صناعة الأمل.
فمن يدري؟ ربما كانت هذه المصائبُ باباً إلى خير مجهول، وربَّ محنة في طيها منحة، أو ليس قد قال الله: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}.
لقد ضاقت مكة برسول الله ومكرت به فجعل نصره وتمكينه في المدينة.
وأوجفت قبائل العرب على أبي بكر مرتدة، وظن الظانون أن الإسلام زائل لا محالة، فإذا به يمتد من بعد ليعم أرجاء الأرض.
وهكذا يعقب الفرج الشدة، ويتبع الهزيمة النصر، ويؤذن الفجر على أذيال ليل مهزوم... فلم اليأسُ والقنوط؟
إن اليأس والقنوط ليسا من خلق المسلم، قال سبحانه: {وَلاَ تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}.
لم تأت النصرة والحماية والتمكين للدولة الإسلامية من تلك القبائل العظيمة ذات المال والسلاح، وإنما جاءت من ستة أنفار جاءوا على ضعف وقلة.
الدولة الإسلامية ليست حلم الجبناء.. ولا غاية المغامرين.. إنها أمل الأمة من هذه الصنائع الاستعمارية التي أوردتنا موارد الهلاك
«إنها التقادير يوم يأذن الله بالفرج من عنده، ويأتي النصر من قلب المحنة، والنور من كبد الظلماء، والله تعالى هو المؤيد والناصر، والبشر عاجزون أمام موعود الله».. ستة انفار من أهل يثرب كلهم من الخزرج دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ولم يكن يتوقع منهم نصرة وإنما أراد دعوتهم فآمنوا وأسلموا.
بقي أن نقول: التخطيط: هو رسالة مستفادة لنا من الهجرة النبوية مؤداها أن نتلافى القرارات اللحظية مع التوكل على الله. والهجرة خطة محكمة، وتنظيم عملي لم يترك شيئا للصدفة فهذا درس مستفاد للأجيال المسلمة. والسرية والكتمان وما أحوجنا هذه الأيام إلى تحقيق هذه الفكرة بعد انتشار الفضائيات، والتقنيات الرقمية، ووسائل الاتصال، وشبكة الإنترنت.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته