المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤال عن تعريف الجهاد وواقع المسلمون اليوم



عبدالعلي
12-01-2011, 05:59 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخوتي الكرام ..

قرأت الكتيب (الجهاد في الإسلام) والآن لدي سؤال وهو:

المسلمون الذين يقاتلون عن الإحتلال في العراق وأفغانستان وغيره وينوي دفع العدو من بلادنا هل هذا العمل في تعريف الجهاد؟ أ هو صحيح أن نسماهم مجاهدين؟

أرجو أن سؤالي كان واضحا ومفهزما

سياسي
14-01-2011, 04:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أجوبة أسئلة
لدي سؤال أود توجيهه للحزب وأتمنى منكم الإجابة عليه جزاكم الله خيرا
الناظر إلى واقع الأنظمة في البلدان الإسلامية اليوم يرى أنها جميعا عميلة تسير على ما يرسم لها الغرب من مخططات بإرادتها أو رغما عنها وان النظام الإسلامي غائب عن الحكم وان الناس يقودها النظام الرأسمالي عن طريق عملاء جاءوا إلى السلطة عن طريق انقلاب أو انتخاب. والداعي إلى التغيير يرى أن أمامه واحداً من طريقين:
الأول هو التغيير الفكري وواقع هذا التغيير هو وجود نظام غير إسلامي ولم يكن إسلاميا على المدى القريب أي أن الناس لم تشهد فيه التغيير في الحكم من الإسلام إلى الكفر وهذا هو واقع البلدان الإسلامية اليوم فيُعمل فيها للتغير الفكري بإيجاد المفاهيم والمقاييس والقناعات عند الناس بالإسلام. والقيام بالتغيير بالقوة في هذه الحالة غير صحيح لا من الناحية الشرعية ولا الواقعية لان الإسلام لا يمكن أن يقوم إلا إذا وجدت القناعة به عند الناس.
والثاني هو التغيير بالقوة ويكون في حال وجود تغيير في نظام الحكم من الإسلام إلى غيره تطبيقا لسؤال الصحابة لرسول الله عليه الصلاة والسلام (أفلا ننابذهم بالسيف؟) حيث قال: (لا، ما أقاموا فيكم الصلاة) أي انه حسب معنى الحديث كان على الناس في عهد كمال أتاتورك أن يغيروه بالقوة.
بقي لدينا مسالة واحدة وهي حالة غزو الكفار لبلاد المسلمين أو لدار الإسلام. هل هناك فرق بين الحالتين؟ أفسر أكثر
في حالة غزو الكفار لدار الإسلام وكما نعلم فان وجود الدار يحتم سيادة الفكر الإسلامي في المجتمع وفي هذه الحالة فان على المسلمين في تلك البلاد والبلاد المجاورة لها أن تعمل على تجهيز نفسها لجهاد الدفع لإعادة السلطان للإسلام إذا كان الغزو اسقط الدولة، كما حصل في العصر العباسي عند غزو المغول لبغداد أما إذا كان الغزو على جزء منها فعلى الخليفة تجهيز الجيش وطرد الغزاة وإعادة تلك الرقعة إلى دار الإسلام
أما في حالة غزو الكفار لبلاد المسلمين وليس دار الإسلام كما يحصل الآن في العراق أو إقامة المعسكرات كما يحصل في الكثير من البلدان الإسلامية ومنها بلدان الخليج فان السائد في هذه المجتمعات هو الفكر الرأسمالي وان الحاكم فيها هو الغربي الذي ولى نيابة عنه حسني مبارك أو نوري المالكي بإرادة أغلبية الشعب ولا يوجد فكر إسلامي في الواقع ولاحظنا من تجارب سابقة أن الأمة الإسلامية قد تم استغلالها بحجة تحرير البلاد وقتل منها في بعض البلدان المليون ولم نرَ اثر التحرير على الأمة بل سارت الأمة من سيء إلى أسوأ ولذلك وجد حزب التحرير وسمي حزب التحرير نسبة إلى التحرير الفكري. فهل الحل لمشاكل هذه الدول يختلف عن غيرها؟ أي هل هناك فرق بين العراق والكويت من ناحية العمل الفكري أو العسكري؟
وبالمختصر هل جهاد الدفع يكون عندما يغزو العدو (البلد الإسلامي) أم (دار الإسلام)؟

الأجوبة:
أولاً: الجهاد هو بذل الوُسْع في القتال في سبيل الله مباشرة أو معاونة بمال أو رأي أو تكثير سواد أو غير ذلك. فالقتال لإعلاء كلمة الله هو الجهاد. وهو فرض كفاية على المسلمين، وفرض عين في حال غزو الكفار للمسلمين.
ثانياً: جعل الشرع قتال الكفار في حال غزوهم للمسلمين جهاداً، قال تعالى وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين. كما جعل الشرعُ القتالَ دون المستضعفين من الرجال والنساء والولدان جهاداً، قال تعالى {فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة، ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما، ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها}، وجعل القتال دون الذين ظُلموا وأُخرِجُوا من ديارهم جهاداً، فجعل القتال دون الإخراج من الديار جهاداً، قال تعالى {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله}، كما أنه جعل من القتال ابتداءً لنشر الإسلام جهاداً، فقال {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله}.
ثالثاً: إن آيات الجهاد كلها التي وردت في القرآن الكريم ظاهر فيها العموم والإطلاق فتكون دليلاً على أن الجهاد هو قتال الكفار، سواء أكان مبادأة بالقتال أم كان دفاعاً عن المسلمين أو عن بلاد الإسلام، فهي تشمل الحرب الدفاعية والحرب الهجومية وكل نوع من أنواع الحروب من غير أي تخصيص أو تقييد لعدم وجود ما يخصص هذا العام أو يقيد ذلك المطلق.
رابعاً: الجهاد بشقيه _جهاد الطلب وجهاد الدفع_ فرض على المسلمين، إلا أن جهاد الطلب (الحرب الهجومية) فرض على الكفاية؛ أي يسقط الإثم عن الباقين حال حصول الكفاية للقيام بجهاد الطلب. أما جهاد الدفع (الحرب الدفاعية) فهو فرض عين على المسلمين الذين غزاهم الكفار، فإذا لم يقدروا على دفع العدو انتقل الفرض من الأقرب فالأقرب.
خامساً: جعل الإسلام الجهاد ومنه جهاد الطلب (الحرب الهجومية) فرضاً جماعياً وأن يكون مع الأمير؛ أي أن الجماعة لا بد أن تنصب عليها أميراً، والمجاهدون لا بد أن يكون لهم أمير؛ لأن الغاية من الجهاد هي إعلاء كلمة الله؛ أي تسييد الإسلام على سائر البشر، ولذلك لا بد أن يكون للمسلمين أمير يطبق الإسلام في الداخل، ويحمله عن طريق الجهاد إلى الخارج. أما في حال جهاد الدفع (الحرب الدفاعية) فإن الإسلام لم يشترط وجود الأمير لوجوب الجهاد، إذ أوجب القتال على المسلمين جميعاً، حتى أن الرجل يخرج دون إذن والديه، والعبد دون إذن سيده، وقد ذهب الفقهاء إلى سقوط استئذان الإمام في حال مفاجأة العدو للمسلمين؛ لأن من المتعذر استئذان الإمام لدفع العدو حال نزوله بساحتهم، وكون الشرع قد أسقط استئذان الأمير حال مفاجئة العدو للمسلمين فإن ذلك يعني أن وجود الأمير ليس فرضا للقيام بجهاد الدفع.
سادساً: في حال مداهمة العدو لبلد من بلاد المسلمين فإن القتال يصبح حينها غير مرتبط بوجود الإمام، فإن كان هناك إمام فإنه يقاتل من ورائه ويتقى به، وإن لم يكن هناك إمام يقاتل خلف كل أمير مسلم عدلا كان أم فاجراً. لأنه لا يجوز للمسلمين أن يتركوا الكفار يسفكون دماءهم ويزهقون أرواحهم من قبل عدو كاسر بحجة عدم وجود الإمام، فالقتال هنا لا يؤخر لأن بتأخيره تفوت مصلحته. بل يجب على المسلمين أن يقاتلوا عدوهم وأن يردوه عن بلادهم بأي طريقة كانت.
وإذا نزل العدو بقومٍ من المسلمين فإن الجهاد لا يؤخَّر لأن بتأخيره تفوت مصلحته، وهي هنا حفظ وسلامة أرواح المسلمين وممتلكاتهم، ففي هذه الحالة يتعين الجهاد على المسلمين، فيجب عليهم قتال هذا العدو الأقرب منهم فالأقرب، وأمر الجهاد في هذه الحالة يكون موكولا للإمام إن وجد، وفي حالة غياب الإمام وجب دفع العدو كيفما أمكن، فقد يتفق المسلمون على قائد لهم يكون أميرا للقتال، ينظم صفوفهم ويقاتل الأعداء بهم حتى يجلوهم عن المسلمين وديارهم، ففي غزوة مؤتة قُتل أمراء الحرب الثلاثة الذين عينهم رسول الله ، فاختار المسلمون خالد بن الوليد قائدا لهم واستمر القتال إلى أن انسحب بالجيش.
سابعاً: إذا غزا العدو الكافر بلداً من بلاد المسلمين فالحكم الشرعي هو وجوب مقاتلته لرده، وهذا الواجب عيني على جميع المسلمين في ذلك البلد، فإذا لم يقدروا على رده انتقل الفرض إلى من يليهم من المسلمين الأقرب فالأقرب. أما إن قهر العدو المسلمين في ذلك البلد وتمكن من فرض سيطرته عليه، وأصبح هو القوة الغالبة في البلد، فإن القتال على أهل هذا البلد يصبح جائزاً، وتنتقل الفرضية إلى بقية المسلمين الأقرب منهم فالأقرب.
ثامناً: إن غزو الكفار للمسلمين يكون لقتل المسلمين وتشتيتهم وضرب قوتهم وهدم دولتهم، ويكون لاحتلال أرضهم ونهب خيراتهم واستعباد رجالهم ونسائهم، وقد يكون للأمرين معاً. وفي جميع الحالات يكون ذلك غزواً للمسلمين. ولذلك لا فرق بين غزو العدو لـ"بلد إسلامي" أم لـ"دار الإسلام" ففي الحالتين هو غزو للمسلمين، ويكون الحكم الشرعي المتعلق بالحالتين واحداً، إذا هما أمر واحدٌ في الحقيقة، وهو غزو كفار لمسلمين. وبالتالي فإن قتال الكفار حال غزوهم لبلد من بلاد المسلمين، سواء كان دار إسلام أم لم يكن، يكون فرضاً على جميع أهل هذا البلد، فإذا لم يقدروا على دفع العدو انتقل الفرض إلى من يليهم من المسلمين الأقرب فالأقرب، كما سبق بيانه.
تاسعاً: بالنسبة للعمل في البلد المحتل فعلاً أو المحتل حكماً، كما هو الواقع في العراق حيث الاحتلال الأميركي الفعلي والمباشر، وكما هو في الكويت حيث الاحتلال الأميركي غير المباشر؛ أي الاحتلال الحكمي للكويت من قبل أميركا، فإن وقوع البلد تحت الاحتلال العسكري المباشر يجعل المحتل هو المتصرف بالشؤون، وهو السلطة الحاكمة فعلا، وبوجود الاحتلال كسلطة عسكرية حاكمة فإنه يسقط العمل السياسي، إذ العمل السياسي هو عمل موجه ضد السلطة السياسية التي ترعى شؤون الناس، وليس ضد السلطة العسكرية التي تحكم قبضتها بالقوة على البلد. أما السلطة العسكرية فإن إسقاطها يكون عن طريق قوة أقوى منها تقوم بإسقاطها وتحرير البلد المحتل منها، كما يكون إضعافها عن طريق استنزافها وإشغالها بالقيام بعمليات عسكرية بحسب القدرة الفعلية على تنفيذها بحيث يجري استنزافها وإضعافها.
ولذلك لا يقام بالأعمال السياسية لقلع الاحتلال، وإنما يزول الاحتلال بالعمل العسكري الذي تتبناه دولة، ويقوم به جيش منظم ومدرب.



15/ربيع الأول/1429هـ
23/3/2008م