سياسي
28-11-2010, 12:47 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
كيف يحصل الانحراف في الحزب
الحزب هو تكتل مبدئي و تكتل آمن أفراده به يراد إيجاده في المجتمع ، في بقعة من الأرض ثم في جميع أنحاء العالم ، و حزب التحرير ينطبق عليه هذا التعريف للحزب ، و هو تكتل يقوم على الإسلام بوصفه مبدأ و يراد إيجاده في واقع العالم الإسلامي ثم تركيزه و حمايته و نشره في جميع أنحاء العالم و السير به في الطريق التصاعدي و للحيلولة دون تأويله أي- المبدأ- و دون هبوط المجتمع الإسلامي .
يتبنى حزب التحرير أفكارا و أحكاما من الشرع الإسلامي و يدعو لها و يعمل على تطبيقها و تبنيه لها ليس بناء على المصلحة و لا على حسب صلاحيتها للمعالجة و إنما يأخذها و يتبناها باعتبارها جاء بها الوحي أو مستنبطه مما جاء بها الوحي ، و لذلك تبناها حسب قوة الدليل ليس غير ، فإذا كان دليلهم قويا تبناها ، و إذا كان دليلها ضعيفا نبذها و لو كانت شائعة لدى المسلمين و لو كانت تعالج المشكلة و لو كانت المصلحة في تبنيها لان تبني الحزب للأفكار و الأحكام إنما هو مبني على قوة الدليل أي على كونها جاء بها الوحي أو مستنبطه مما جاء به الوحي.
و الحزب يقوم على الفكرة وحدها أي على مبدأ الإسلام حسب فهمه هو لأفكاره و أحكامه ، فالفكرة وحدها هي التي يقوم عليها ، فهي سر حياته ، و هي وحدها التي تجعله حيا ، و تجعل حياته دائمة بل خالدة ، فهو لا يقوم على الأشخاص مهما أوتوا من العلم و الجاه و القوة و لا يهتم بكثرتهم أو قلتهم و لا يقوم على تأييد الناس لهم قل هذا التأييد أو كثر و لا يقوم على ما يوفر القدرة على العمل مهما كانت هذه القدرة مغرية بالتيسير و التسهيل و التقدم و الارتفاع و لا يقوم على ما يقربه من الحكم أو يسهل له أن يتولاه و إنما يقوم وحده على الفكرة و يعتبر هذه الفكرة سر حياته أي روحه التي يحيا بها و التي إذا فقدها مات فالفكرة هي أساس وجوده و هي أساس حياته و هي أساس سيره و لذلك يعنى بالفكرة وحدها و يوجه همه كله نحو الفكرة و يعتبر جل أعماله متعلقة بالفكرة سواء من حيث التبني أو من حيث النشر أو من حيث التطبيق أو من حيث ما يتطلب بناء المجتمع و يستلزم إقامة الدولة أو يقتضي إنهاض آلامه أو يستوجب حمل الرسالة إلى العالم و إذا كان يعمل لإقامة الدولة و بناء المجتمع و إنهاض للامه و حمل الرسالة إلى العالم فانه يعمل بالفكرة و من اجل الفكرة و الفكرة هي كل شيء في حزب التحرير .
و هو يقصد بالفكرة ، الفكرة الإسلامية من حيث كونها عقيدة مبنية على الأساس الروحي و من حيث كونها فكرة سياسية لا فكرة دونية روحيه فحسب و لا فكرة تشريعيه فقط و لا فكرة عقليه محضة و لذلك فهو حزب سياسي مبدئه الإسلام و لا يصح أن يوصف بغير هذا الوصف .
و حزب التحرير قد وضع قاعدة لتبني الأفكار و الأحكام فبالنسبة إلى الأفكار المتعلقة بالعقائد لا يتبناها إلا إذا قام الدليل القاطع على صحتها و صدقها سواء أكان الدليل مما جاء به الوحي أو دليلا عقليا حسب فهمه لمعنى العقل و أما الأحكام فلا يشترط ثبوتها بشكل قاطع فيكفي أن يغلب الظن على صحتها و صدقها و هو لا يكتفي بالنصوص و لا بفهم هذه النصوص و إنما يشترط بجانب ذلك انطباقها على الواقع الذي جاءت به النصوص .
ولذلك فإنه يدرس الواقع دراسة اجتهاد و يدرس النص دراسة اجتهاد ، ثم يطبق الحكم الذي استنبطه من النص على الواقع الذي درسه فإن انطبق عليه أخذه ، و إن لم ينطبق عليه تركه ، و بحث عن الحكم الذي ينطبق عليه حتى يجده ، فإن انطبق عليه تبناه ، و إن لم ينطبق عليه و لم يعرف حكما ينطبق على هذا الواقع ، فإما أن لا يتبناه ، و إما أن يتبنى لأنه ليس من أحكام الإسلام و هنا نقطة يجب الانتباه إليها فالحزب مثلا لا يتبنى وجوب الشورى على الحاكم ، و لكنه لا يقول على هذا الحكم أنه ليس من أحكام الإسلام أما حكم الصيام عن الكلام فإن الحزب لا يتبناه و يتبنى انه ليس من الإسلام لأنه من شرع من قبلنا .
و طريقة التبني في الحزب هي أخذها من المجتهد على شرط الحزب ، و لما الفكرة الإسلامية قد أصابها من عوامل التغشية ما أصابها ، و تعرضت بالغزو الثقافي و الغزو السياسي إلى ما تعرضت له من أنواع التضليل ، ولما كانت الفكرة روح الحزب , كان لازما عليه أن يتبنى من الأفكار و الأحكام ما يعتقد انه وحده هو الحق بالنسبة لما يتعلق بالعقائد ، و ما يغلب على ظنه أنه وحده الصواب فيما يتعلق بالأحكام .
إلا انه بالرغم من الفكرة حسب فهم الحزب هي سر حياته ، و غاية وجوده ، فإنه لم يتبنى جميع اللازمة للمسلم ، بل تبنى فقط ما يلزم لما يعمل له ، فهو لم يتبن من العقائد إلا ما كانت أعماله تستوجب التبني فيها ، ولم يتبن في العبادات إلا ما كان لا بد منه من نشر الأفكار ، لنشر الأفكار ، كأحكام الجهاد , و لم يتبن من التشريع إلا ما كان أخذه للسلطة يستوجبه .
و حزب التحرير باعتباره حزبا سياسيا ، و ليس مدرسة فكرية أو مذهبا من المذاهب ، فإنه يتبع طريقة النبي الأمي ، ويسير على هداه ، و لا يقتدي إلا به ، و لا يقيم وزنا لسواه من جميع الأنام .
و هو جزء من الأمة و كواحد من المسلمين لا يتميز عن أصغر مسلم بشىء ، إلا أنه أثقل الناس حملا ، و أكثرهم طمعا في رضوان الله ، فالأمة الإسلامية التي هو جزء لا يتجزأ منها هي التي تمثل الإسلام ، و هي تعتبر جماعة المسلمين ، و ليس الحزب و لا أي تكتل من التكتلات .
و تبني الأفكار التي تبنها الحزب جميعها فكرا فكرا كل فكر بعينه كما تبنتاه الحزب، هو الذي يجعل الفرد جزء من الحزب ، أي هو الذي يجعله عضوا في الحزب ، و بدونه لا تحصل له العضوية ولا يكون جزءا في الحزب ، و لهذا الشخص الذي لا يتبنى أفكار الحزب لا يكون دخل الحزب و لا صار جزءا منه و لو انتسب إليه ، لأن شرط جزئية الحزب تبني ما تبناه ، أي قيام الشخص على نفس الفكر الذي قام عليه الحزب ، و إذا لم يقم عليه لا يكون منه و لا بوجه من الوجوه ، و من لا يتبنى ما تبناه الحزب يكون قد خرج من جزئية الحزب ، و لو بفكر واحد ، و صار غير جزء من الحزب أي غير عضو فيه .
و الحزب شخصية معنوية يتألف كيانها من مجموع المفاهيم و المقاييس القناعات،
و من مجموعة من الناس تجمعها مع بعضها و مع المفاهيم و المقاييس والقناعات ،
عقيدة واحدة وثقافة واحدة ، ويصبح لهذه الشخصية بعد تكوينها إرادة عامة ، و هي إرادة كل فرد رضي فيها رضي بالعقيدة و الثقافة الجامعتين . و من حيوية هذا الكيان كون الإرادة العامة نافذة ، بحيث تدمج الشخصية الخاصة لكل فرد في الحزب الشخصية العامة و تسير بمسيرها و تخضع لإرادتها . غير أن كل فرد يمكنه بوصفه إنسانا أن يكون ذا إرادة مخالفة للإرادة العامة , و يمكنه أن يحمله كيانه المطلق و المستقل بحكم الطبيعة على مواجهة ما يجب عليه من التزامات بالتساهل , فيتركها على اعتبار أن ضياعها أقل ضررا بالحزب م ثقل ضررها عليه، فيتقي نفسه بتركها ، و بأنه ما زال عضوا في الحزب منسجما مع نفسه في هذا الكل الفكري الشعوري ، وهذه الفتوى تستر عن عينيه تغلب شخصيته الخاصة على الشخصية العامة ، فظن انه لا يزال عضوا في الحزب ، و الحقيقة أن عضويته جزء من كل غير قابلة للتجزئة ، و لذلك فهي لا تتجزأ مطلقا . فإذا غلب شخصيته الخاصة في مسألة مهما كانت صغيرة ، فقد غلب شخصيته الخاصة على الشخصية المعنوية ، و يكون قد فصل شخصيته الخاصة على الشخصية العامة أي أخرج نفسه من الحزب . فبقاء اعتباره عضوا في الحزب هو فوق اعتبارا لوهم بأنه حقيقة ، يضعف الإرادة العامة ، و بالتالي يضعف الشخصية المعنوية ، فإذا تكرر هذا مع عدة أشخاص ، ازداد ضعف الإرادة العامة ، فإذا ظل الاستمرار على ذلك أدى إلى هلاك الشخصية المعنوية ، و لذلك وجب أن يبادر إلى تنبيه من تتغلب لديه شخصيته الخاصة على الشخصية المعنوية عند بروز هذا التغلب في أي مظهر من مظاهره . فإن لم يرتدع و ظلت شخصيته الخاصة متغلبة فإنه ينبغي أن يبعد عن الحزب ، لأنه إذا لم يبعد عن الحزب انتقل مرضه بالعدوى الى غيره . فلأجرب يعدي السليم حتما .
و من طبيعة كل كتلة أن يحصل في خلاياها شيء من العفونة ، فلا بد لها من عملية تطهير دائمية ، و إذا استطاعت الكتلة أن يحصل فيها التطهير طبيعيا بأن تتساقط الثمرة من نفسها دون قطعها و رميها يكون أحسن و إلا كان لا بد من قطع الثمرة العفنة لحفظ جسم الكتلة عن التعفن ، أما انشطار الحزب إلى حزبين و أحزاب فسببه أن الأفكار مع نمو الكتلة و سيرها في الحياة يحصل فيها تقارب ، ثم يحصل اختلاف في الفهم ، و يجوز ذلك عندما يكون الانضباط الحزبي ضعيفا ، فيؤدي الاختلاف في الأفكار و الفهم إلى انشطار التكتل ، إلا أن هذا يحصل عندما يكون الاختلاف في الأفكار حقيقيا لا مصطنعا ، و حين يكون الاختلاف في الأفكار المتعلقة بالفكرة و الطريقة ، لا الأفكار المتعلقة بالأساليب , فاختلاف الأشخاص في نوع الأساليب لا يحصل منه انشطار .
و حتى يدرك أن الطريقة التي تسلكها الكتلة هي نفس الطريق التي سلكها الرسول(( صلى الله عليه و سلم )) يجب أن يفرق بين ما هو من الأحكام الشرعية, و ما هو من الأساليب ، حتى يكون الإقتداء صحيحا و حتى لا يحصل خطأ في السير أو انحراف في الطريق . فإذا جعل أسلوب من الأساليب محل إقتداء كان خطأ في الإقتداء . فالانحراف يقع في ترك محل إقتداء و أخذ حكم غيره ، أو اعتباره أسلوبا و قد يحصل الانحراف في إتباع أسلب يتنافى مع الحكم الشرعي ، كالطلب الجزئيات التي لا يجوز طلبها ، كأن بطلب من حاكم لا يعترف له شرعا بحق رعاية الشؤون بأن يسن قانونا إسلاميا فهذا الأسلوب يناقض مع أحكام الإسلام ، فإتباعه انحراف و لو كان أسلوبا ، و مما يخشى منه أيضا استعمال الأساليب في غير محلها ، فمثلا كل شخص يستطيع أن يلقي محاضرة في أي مكان ومعى ذلك أن لكل شخص أن يخطب في كل مكان ، و عليه يمكن أن يفهم منه أنه يخطب في المظاهرات و يخطب في المؤتمرات لأنها أمكنة عامة و هذا خطأ ، إذ الخطاب في المظاهرة أو المؤتمر اشتراك فيهما حتما دون حاجة إلى تفسير أو تأويل ، و الاشتراك لا يجز لأعضاء حزب الحرير ، لذلك لا يجوز أن يخطب في هذه المظاهرات و المؤتمرات .
و يجب على الكتلة أن تطبق سيرة الرسول على كل عمل يحصل إن كان من الأفكار و الأحكام ، و أن يبدع في الأساليب و الوسائل ، فإذا حاولت التأويل التفسير بغير ما يفيده الفهم التشريعي من عمل الرسول أو قوله فقد انحرفت .
و عليه فإنه لا يخشى على الكتلة التشدد في التقيد في السيرة , و إنما يخشى على الكتلة من الانحراف عن طريق الرسول (( صلى الله عليه وسلم )) بالتأويل و التفسير .
و لذلك توجب الحرص على الفكرة و الطريقة و الحرص على الأساليب المتبناة ما لم يظهر خطؤها ، أما إذا ظهر خطؤها فإنها تترك و يتبنى الحزب غيرها ، كما أن الحزب يترك فهمه لأي فكر من الفكرة و الطريقة إذا ظهر له خطؤه ، و لذلك يعتبر الاجتهاد في تنفيذ أي فكر متبنى سوأ أكان من الفكرة أو الطريقة أو أي أسلوب متبنى و خطأ فادح إن لم يكن عن تعمد ، وانحراف مقصود إن كان عن تعمد و إصرار ، ولذلك لا يجوز أن يبقى أي تموجان في الآراء عند أي حزب سواء كانت هذه الآراء فكرية أم سياسية أم إدارية ، و يجب أن يستمر الحزب بفكرته و طريقته و أساليبه ، في صلابة يزعزع بها الثقة بغيره ، و يحافظ على قيمه الذاتية محافظة تامة . و المراد بالقيم الذاتية للكتلة هي القيم الرفيعة حسب مفاهيم الإسلام ، فإذا حصل ما يتنافى مع القيم الرفيعة و تكرر و فشا على مستوى الحزب و قيادته ، تعالج الكتلة علاجا يرجع الأمور إلى ما كانت عليه من المحافظة القيمة الذاتية .
اما إبداع القيادة فهو تطبيق الفكرة على الوقائع المتجددة و التقيد بها مهما اختلفت الوقائع و تباينت فإذا اضرب التطبيق أو دخل التأويل ، يكون الإبداع قد ضعف ، و تكون القيادة هدفا للانهيار و الانحراف ...... و القيادة المبدعة يجب أن تكون ملتزمة بالواقع مقيدة فيه تماما ، و لكنها تتقيد لتتحكم به فتغيره ، لا أن يتحكم الواقع بها و تتغير بحسبه كما يحصل في القيادة الإصلاحية .
كيف يحصل الانحراف في الحزب
الحزب هو تكتل مبدئي و تكتل آمن أفراده به يراد إيجاده في المجتمع ، في بقعة من الأرض ثم في جميع أنحاء العالم ، و حزب التحرير ينطبق عليه هذا التعريف للحزب ، و هو تكتل يقوم على الإسلام بوصفه مبدأ و يراد إيجاده في واقع العالم الإسلامي ثم تركيزه و حمايته و نشره في جميع أنحاء العالم و السير به في الطريق التصاعدي و للحيلولة دون تأويله أي- المبدأ- و دون هبوط المجتمع الإسلامي .
يتبنى حزب التحرير أفكارا و أحكاما من الشرع الإسلامي و يدعو لها و يعمل على تطبيقها و تبنيه لها ليس بناء على المصلحة و لا على حسب صلاحيتها للمعالجة و إنما يأخذها و يتبناها باعتبارها جاء بها الوحي أو مستنبطه مما جاء بها الوحي ، و لذلك تبناها حسب قوة الدليل ليس غير ، فإذا كان دليلهم قويا تبناها ، و إذا كان دليلها ضعيفا نبذها و لو كانت شائعة لدى المسلمين و لو كانت تعالج المشكلة و لو كانت المصلحة في تبنيها لان تبني الحزب للأفكار و الأحكام إنما هو مبني على قوة الدليل أي على كونها جاء بها الوحي أو مستنبطه مما جاء به الوحي.
و الحزب يقوم على الفكرة وحدها أي على مبدأ الإسلام حسب فهمه هو لأفكاره و أحكامه ، فالفكرة وحدها هي التي يقوم عليها ، فهي سر حياته ، و هي وحدها التي تجعله حيا ، و تجعل حياته دائمة بل خالدة ، فهو لا يقوم على الأشخاص مهما أوتوا من العلم و الجاه و القوة و لا يهتم بكثرتهم أو قلتهم و لا يقوم على تأييد الناس لهم قل هذا التأييد أو كثر و لا يقوم على ما يوفر القدرة على العمل مهما كانت هذه القدرة مغرية بالتيسير و التسهيل و التقدم و الارتفاع و لا يقوم على ما يقربه من الحكم أو يسهل له أن يتولاه و إنما يقوم وحده على الفكرة و يعتبر هذه الفكرة سر حياته أي روحه التي يحيا بها و التي إذا فقدها مات فالفكرة هي أساس وجوده و هي أساس حياته و هي أساس سيره و لذلك يعنى بالفكرة وحدها و يوجه همه كله نحو الفكرة و يعتبر جل أعماله متعلقة بالفكرة سواء من حيث التبني أو من حيث النشر أو من حيث التطبيق أو من حيث ما يتطلب بناء المجتمع و يستلزم إقامة الدولة أو يقتضي إنهاض آلامه أو يستوجب حمل الرسالة إلى العالم و إذا كان يعمل لإقامة الدولة و بناء المجتمع و إنهاض للامه و حمل الرسالة إلى العالم فانه يعمل بالفكرة و من اجل الفكرة و الفكرة هي كل شيء في حزب التحرير .
و هو يقصد بالفكرة ، الفكرة الإسلامية من حيث كونها عقيدة مبنية على الأساس الروحي و من حيث كونها فكرة سياسية لا فكرة دونية روحيه فحسب و لا فكرة تشريعيه فقط و لا فكرة عقليه محضة و لذلك فهو حزب سياسي مبدئه الإسلام و لا يصح أن يوصف بغير هذا الوصف .
و حزب التحرير قد وضع قاعدة لتبني الأفكار و الأحكام فبالنسبة إلى الأفكار المتعلقة بالعقائد لا يتبناها إلا إذا قام الدليل القاطع على صحتها و صدقها سواء أكان الدليل مما جاء به الوحي أو دليلا عقليا حسب فهمه لمعنى العقل و أما الأحكام فلا يشترط ثبوتها بشكل قاطع فيكفي أن يغلب الظن على صحتها و صدقها و هو لا يكتفي بالنصوص و لا بفهم هذه النصوص و إنما يشترط بجانب ذلك انطباقها على الواقع الذي جاءت به النصوص .
ولذلك فإنه يدرس الواقع دراسة اجتهاد و يدرس النص دراسة اجتهاد ، ثم يطبق الحكم الذي استنبطه من النص على الواقع الذي درسه فإن انطبق عليه أخذه ، و إن لم ينطبق عليه تركه ، و بحث عن الحكم الذي ينطبق عليه حتى يجده ، فإن انطبق عليه تبناه ، و إن لم ينطبق عليه و لم يعرف حكما ينطبق على هذا الواقع ، فإما أن لا يتبناه ، و إما أن يتبنى لأنه ليس من أحكام الإسلام و هنا نقطة يجب الانتباه إليها فالحزب مثلا لا يتبنى وجوب الشورى على الحاكم ، و لكنه لا يقول على هذا الحكم أنه ليس من أحكام الإسلام أما حكم الصيام عن الكلام فإن الحزب لا يتبناه و يتبنى انه ليس من الإسلام لأنه من شرع من قبلنا .
و طريقة التبني في الحزب هي أخذها من المجتهد على شرط الحزب ، و لما الفكرة الإسلامية قد أصابها من عوامل التغشية ما أصابها ، و تعرضت بالغزو الثقافي و الغزو السياسي إلى ما تعرضت له من أنواع التضليل ، ولما كانت الفكرة روح الحزب , كان لازما عليه أن يتبنى من الأفكار و الأحكام ما يعتقد انه وحده هو الحق بالنسبة لما يتعلق بالعقائد ، و ما يغلب على ظنه أنه وحده الصواب فيما يتعلق بالأحكام .
إلا انه بالرغم من الفكرة حسب فهم الحزب هي سر حياته ، و غاية وجوده ، فإنه لم يتبنى جميع اللازمة للمسلم ، بل تبنى فقط ما يلزم لما يعمل له ، فهو لم يتبن من العقائد إلا ما كانت أعماله تستوجب التبني فيها ، ولم يتبن في العبادات إلا ما كان لا بد منه من نشر الأفكار ، لنشر الأفكار ، كأحكام الجهاد , و لم يتبن من التشريع إلا ما كان أخذه للسلطة يستوجبه .
و حزب التحرير باعتباره حزبا سياسيا ، و ليس مدرسة فكرية أو مذهبا من المذاهب ، فإنه يتبع طريقة النبي الأمي ، ويسير على هداه ، و لا يقتدي إلا به ، و لا يقيم وزنا لسواه من جميع الأنام .
و هو جزء من الأمة و كواحد من المسلمين لا يتميز عن أصغر مسلم بشىء ، إلا أنه أثقل الناس حملا ، و أكثرهم طمعا في رضوان الله ، فالأمة الإسلامية التي هو جزء لا يتجزأ منها هي التي تمثل الإسلام ، و هي تعتبر جماعة المسلمين ، و ليس الحزب و لا أي تكتل من التكتلات .
و تبني الأفكار التي تبنها الحزب جميعها فكرا فكرا كل فكر بعينه كما تبنتاه الحزب، هو الذي يجعل الفرد جزء من الحزب ، أي هو الذي يجعله عضوا في الحزب ، و بدونه لا تحصل له العضوية ولا يكون جزءا في الحزب ، و لهذا الشخص الذي لا يتبنى أفكار الحزب لا يكون دخل الحزب و لا صار جزءا منه و لو انتسب إليه ، لأن شرط جزئية الحزب تبني ما تبناه ، أي قيام الشخص على نفس الفكر الذي قام عليه الحزب ، و إذا لم يقم عليه لا يكون منه و لا بوجه من الوجوه ، و من لا يتبنى ما تبناه الحزب يكون قد خرج من جزئية الحزب ، و لو بفكر واحد ، و صار غير جزء من الحزب أي غير عضو فيه .
و الحزب شخصية معنوية يتألف كيانها من مجموع المفاهيم و المقاييس القناعات،
و من مجموعة من الناس تجمعها مع بعضها و مع المفاهيم و المقاييس والقناعات ،
عقيدة واحدة وثقافة واحدة ، ويصبح لهذه الشخصية بعد تكوينها إرادة عامة ، و هي إرادة كل فرد رضي فيها رضي بالعقيدة و الثقافة الجامعتين . و من حيوية هذا الكيان كون الإرادة العامة نافذة ، بحيث تدمج الشخصية الخاصة لكل فرد في الحزب الشخصية العامة و تسير بمسيرها و تخضع لإرادتها . غير أن كل فرد يمكنه بوصفه إنسانا أن يكون ذا إرادة مخالفة للإرادة العامة , و يمكنه أن يحمله كيانه المطلق و المستقل بحكم الطبيعة على مواجهة ما يجب عليه من التزامات بالتساهل , فيتركها على اعتبار أن ضياعها أقل ضررا بالحزب م ثقل ضررها عليه، فيتقي نفسه بتركها ، و بأنه ما زال عضوا في الحزب منسجما مع نفسه في هذا الكل الفكري الشعوري ، وهذه الفتوى تستر عن عينيه تغلب شخصيته الخاصة على الشخصية العامة ، فظن انه لا يزال عضوا في الحزب ، و الحقيقة أن عضويته جزء من كل غير قابلة للتجزئة ، و لذلك فهي لا تتجزأ مطلقا . فإذا غلب شخصيته الخاصة في مسألة مهما كانت صغيرة ، فقد غلب شخصيته الخاصة على الشخصية المعنوية ، و يكون قد فصل شخصيته الخاصة على الشخصية العامة أي أخرج نفسه من الحزب . فبقاء اعتباره عضوا في الحزب هو فوق اعتبارا لوهم بأنه حقيقة ، يضعف الإرادة العامة ، و بالتالي يضعف الشخصية المعنوية ، فإذا تكرر هذا مع عدة أشخاص ، ازداد ضعف الإرادة العامة ، فإذا ظل الاستمرار على ذلك أدى إلى هلاك الشخصية المعنوية ، و لذلك وجب أن يبادر إلى تنبيه من تتغلب لديه شخصيته الخاصة على الشخصية المعنوية عند بروز هذا التغلب في أي مظهر من مظاهره . فإن لم يرتدع و ظلت شخصيته الخاصة متغلبة فإنه ينبغي أن يبعد عن الحزب ، لأنه إذا لم يبعد عن الحزب انتقل مرضه بالعدوى الى غيره . فلأجرب يعدي السليم حتما .
و من طبيعة كل كتلة أن يحصل في خلاياها شيء من العفونة ، فلا بد لها من عملية تطهير دائمية ، و إذا استطاعت الكتلة أن يحصل فيها التطهير طبيعيا بأن تتساقط الثمرة من نفسها دون قطعها و رميها يكون أحسن و إلا كان لا بد من قطع الثمرة العفنة لحفظ جسم الكتلة عن التعفن ، أما انشطار الحزب إلى حزبين و أحزاب فسببه أن الأفكار مع نمو الكتلة و سيرها في الحياة يحصل فيها تقارب ، ثم يحصل اختلاف في الفهم ، و يجوز ذلك عندما يكون الانضباط الحزبي ضعيفا ، فيؤدي الاختلاف في الأفكار و الفهم إلى انشطار التكتل ، إلا أن هذا يحصل عندما يكون الاختلاف في الأفكار حقيقيا لا مصطنعا ، و حين يكون الاختلاف في الأفكار المتعلقة بالفكرة و الطريقة ، لا الأفكار المتعلقة بالأساليب , فاختلاف الأشخاص في نوع الأساليب لا يحصل منه انشطار .
و حتى يدرك أن الطريقة التي تسلكها الكتلة هي نفس الطريق التي سلكها الرسول(( صلى الله عليه و سلم )) يجب أن يفرق بين ما هو من الأحكام الشرعية, و ما هو من الأساليب ، حتى يكون الإقتداء صحيحا و حتى لا يحصل خطأ في السير أو انحراف في الطريق . فإذا جعل أسلوب من الأساليب محل إقتداء كان خطأ في الإقتداء . فالانحراف يقع في ترك محل إقتداء و أخذ حكم غيره ، أو اعتباره أسلوبا و قد يحصل الانحراف في إتباع أسلب يتنافى مع الحكم الشرعي ، كالطلب الجزئيات التي لا يجوز طلبها ، كأن بطلب من حاكم لا يعترف له شرعا بحق رعاية الشؤون بأن يسن قانونا إسلاميا فهذا الأسلوب يناقض مع أحكام الإسلام ، فإتباعه انحراف و لو كان أسلوبا ، و مما يخشى منه أيضا استعمال الأساليب في غير محلها ، فمثلا كل شخص يستطيع أن يلقي محاضرة في أي مكان ومعى ذلك أن لكل شخص أن يخطب في كل مكان ، و عليه يمكن أن يفهم منه أنه يخطب في المظاهرات و يخطب في المؤتمرات لأنها أمكنة عامة و هذا خطأ ، إذ الخطاب في المظاهرة أو المؤتمر اشتراك فيهما حتما دون حاجة إلى تفسير أو تأويل ، و الاشتراك لا يجز لأعضاء حزب الحرير ، لذلك لا يجوز أن يخطب في هذه المظاهرات و المؤتمرات .
و يجب على الكتلة أن تطبق سيرة الرسول على كل عمل يحصل إن كان من الأفكار و الأحكام ، و أن يبدع في الأساليب و الوسائل ، فإذا حاولت التأويل التفسير بغير ما يفيده الفهم التشريعي من عمل الرسول أو قوله فقد انحرفت .
و عليه فإنه لا يخشى على الكتلة التشدد في التقيد في السيرة , و إنما يخشى على الكتلة من الانحراف عن طريق الرسول (( صلى الله عليه وسلم )) بالتأويل و التفسير .
و لذلك توجب الحرص على الفكرة و الطريقة و الحرص على الأساليب المتبناة ما لم يظهر خطؤها ، أما إذا ظهر خطؤها فإنها تترك و يتبنى الحزب غيرها ، كما أن الحزب يترك فهمه لأي فكر من الفكرة و الطريقة إذا ظهر له خطؤه ، و لذلك يعتبر الاجتهاد في تنفيذ أي فكر متبنى سوأ أكان من الفكرة أو الطريقة أو أي أسلوب متبنى و خطأ فادح إن لم يكن عن تعمد ، وانحراف مقصود إن كان عن تعمد و إصرار ، ولذلك لا يجوز أن يبقى أي تموجان في الآراء عند أي حزب سواء كانت هذه الآراء فكرية أم سياسية أم إدارية ، و يجب أن يستمر الحزب بفكرته و طريقته و أساليبه ، في صلابة يزعزع بها الثقة بغيره ، و يحافظ على قيمه الذاتية محافظة تامة . و المراد بالقيم الذاتية للكتلة هي القيم الرفيعة حسب مفاهيم الإسلام ، فإذا حصل ما يتنافى مع القيم الرفيعة و تكرر و فشا على مستوى الحزب و قيادته ، تعالج الكتلة علاجا يرجع الأمور إلى ما كانت عليه من المحافظة القيمة الذاتية .
اما إبداع القيادة فهو تطبيق الفكرة على الوقائع المتجددة و التقيد بها مهما اختلفت الوقائع و تباينت فإذا اضرب التطبيق أو دخل التأويل ، يكون الإبداع قد ضعف ، و تكون القيادة هدفا للانهيار و الانحراف ...... و القيادة المبدعة يجب أن تكون ملتزمة بالواقع مقيدة فيه تماما ، و لكنها تتقيد لتتحكم به فتغيره ، لا أن يتحكم الواقع بها و تتغير بحسبه كما يحصل في القيادة الإصلاحية .