أبوحفص
18-07-2010, 08:55 PM
عن «حزب التحرير» بمناسبة «مؤتمر البريستول» .. عريب الرنتاوي
كنت أنوي المشاركة في مؤتمر لحزب التحرير كان من المقرر عقده في فندق البريستول في بيروت الأحد المقبل ، تلبية لدعوة تلقيتها من عثمان بخاش مدير المكتب الإعلامي المركزي للحزب ، للاطلاع على "مواقف الحزب من القضايا الدولية والإقليمية الساخنة" ، ولأنني أقف على مسافة كبيرة ، سياسيا وفكريا من الحزب ، ستطبع بلا شك كتاباتي ومناقشاتي في المؤتمر وعنه ، فقد قبلت الدعوة شاكراً ، على أن أتكفل شخصيا بتكاليف السفر والإقامة.
لكن تفاعلات الساعات الثماني والأربعين الماضية في لبنان ، قد تضع مصير الحزب و"شرعيته" و"ترخيصه" على المحك ، وليس مصير "مؤتمر البريستول" فحسب ، فمجلس الأمن المركزي اللبناني راجع وضعية الحزب القانونية والامنية ، وأوصى مجلس الوزراء بإجراء مراجعة مماثلة لوضعية حزب نال الموافقة على "طلب العلم والخبر" رقم 182 ـ اد بتاريخ 11 أيار 2006 ، زمن وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت أحد أبرز صقور تيار المستقبل وأشد خصوم حزب الله وسوريا.
ملف الحزب والمؤتمر استقر الآن في يد وزير الداخلية والبلديات زياد بارود المحسوب على "كوتا رئيس الجمهورية" ، وثمة من المعلومات التي تداولتها الصحف ووسائل الإعلام اللبنانية ، ما يكفي للاعتقاد بأن المؤتمر سيُلغى ، وأن الحزب سيواجه بعد حين ، قد لا يكون بعيداً ، قرار الحل.
في خلفية العلاقة بين الحزب المحظور في مختلف الدول العربية من جهة والحكومة اللبنانية من جهة ، بات مؤكداً أن فتفت وتياره إنما أيدوا "شرعنة" حزب التحرير لا حباً به ولا شغفاً بالتعددية والديمقراطية ، وإنما "نكاية بالطهارة" كما يقول المثل الشعبي الذي يحظر قانون المطبوعات نشره كاملاً ، فقد جاءت موافقة حكومة السنيورة على ترخيص الحزب في ذروة الصدام مع حزب الله بما يمثل ومن يمثل ، وبعد 15 شهراً فقط من اغتيال الحريري ، وقد ظن هؤلاء من منظور "مذهبي سني ضيق الأفق" ، أن هذا الحزب سيصب الحب صافياً في طاحونتهم الفئوية ، فإذا بالسحر ينقلب على الساحر ، والحزب الذي ظل على طروحاته منذ تأسيسه على يد تقي الدين النبهاني عام 1953 ، يبدو عصياً على الانصياع للمستقبل والتطوع لخدمة أجندته السياسية.
ويمكن القول الآن ومن دون تردد ، أن استراتيجية إعادة التوجيه (Redirection) التي تحدث عنها سيمور هيرش بالتفصيل في تحقيقه في "النيويوركر" ، افترضت من ضمن ما افترضت ، توظيف حزب التحرير وليس التيار السلفي فحسب ، في مواجهة إيران وحلفائها وأصدقائها وأعوانها ، سيمور هيرش موضع "فتح الإسلام" في مندرجات هذه الاستراتيجية ولم يدرج حزب التحرير - ربما لأنه غير مسلح - في سياقاتها ، وها نحن نفعل هذا بدورنا.
واللافت حقاً في توقيت "يقظة" الحكومة اللبنانية ومجلسها المركزي على "خطورة" حزب التحرير وتهديده الأمني ، أنها تأتي متزامنة مع حملة عالمية ضد الحزب ، لا أحد يزعم أنها منسّقة ، ولكن لا أحد يستطيع أن يجزم بأنها ليست كذلك ، وقد أوردت صحيفة الأخبار اللبنانية بالأمس أن الحزب لم يجد فندقا أمريكيا واحداً يقبل باستضافة مؤتمر له ، وأن حملة ملاحقة واعتقالات لأعضاء الحزب في عدة دول قد بدأت في عدة دول: ففي فلسطين ، منعت السلطة الفلسطينية أنصار الحزب من دخول مسجد يصلون فيه عادة. أما في غزة ، فاعتقلت الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس مجموعة من شباب الحزب كانوا يعدّون لنشاط. ومن فلسطين إلى بنغلادش ، اعتقلت السلطات هناك قبل أربعة أيام أربعة شباب ، مدعية وجود علاقة بين الحزب و"جماعة الإسلام" رغم تأكيد حزب التحرير أنه لا علاقة به بالمسلحين أو بمجرمي الحروب. الصحيفة التي تحدثت عن انتشار واسع للحزب في عدد من الدول العربية والإسلامية ، قالت أن عدد معتقليه في أوزبكستان وحدها يناهز السبعة آلاف معتقل.
ما فعله فتفت والمستقبل في لبنان ، فعلته السلطة والمنظمة في رام الله ، في السياق نفسه ، وضمن استراتيجية إعادة التوجيه ذاتها ، ظناً منها أن الحزب قد يشكل رديف احتياطي في حرب السلطة على حماس والإخوان ، لكن الحزب برهن من جديد أنه يفضل خوض معاركه منفردا ومستقلا ، ضد حماس حركة وحكومة ، وضد السلطة والمنظمة على حد سواء ، ما جعله هدفا مشتركاً لأجهزة الأمن وهرواتها في غزة والخليل على حد سواء ، وربما يكون "العداء لحزب التحرير" الآن ، هو القاسم المشترك الوحيد بين سلطة رام الله وحكومة غزة؟،.
قد لا يكون من السهل الاقتراب من حزب التحرير وفهم "جوّانيّاته" ، وقد يكون استمراره كحزب نخبوي طوال هذه العقود الستة برغم القمع والحظر والاعتقال والملاحقة أمراً محيّرا ، وقد يكون انتشاره الآسيوي الواسع الذي تسبب في حظره في روسيا وألمانيا إلى جانب معظم الدول العربية والإسلامية لغزاً عصياً على التفكيك ، وقد تكون مواقفه التي ظلت على حالها برغم تعاقب الأنظمة والمعسكرات والإيديولوجيات وخرائط القوى وموازينها على الساحتين الإقليمية والدولية ، أمراً مثيراً للفضول المعرفي ، وقد تكون "مشتركاته الفكرية" مع "القاعدة" خصوصا لجهة "تكفير" الأنظمة والحكومات أمراً جالباً للشبهات ، وقد يكون امتناعه عن ممارسة أي شكل من أشكال المقاومة في فلسطين ضد الاحتلال والاستيطان أمراً جالباً للاتهامات ، وقد يكون.. وقد يكون.
ولقد كنت من باب الفضول المعرفي ، أرغب في مناقشة هذا المسائل وكثير غيرها مع قادة الحزب ومفكريه ، لكن مقتضيات "مرحلة ما بعد فشل استراتيجية إعادة التوجيه" ، قد لا تسمح لنا بذلك ، فإلى مناسبة أخرى.
http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac...16_id252085.htm
كنت أنوي المشاركة في مؤتمر لحزب التحرير كان من المقرر عقده في فندق البريستول في بيروت الأحد المقبل ، تلبية لدعوة تلقيتها من عثمان بخاش مدير المكتب الإعلامي المركزي للحزب ، للاطلاع على "مواقف الحزب من القضايا الدولية والإقليمية الساخنة" ، ولأنني أقف على مسافة كبيرة ، سياسيا وفكريا من الحزب ، ستطبع بلا شك كتاباتي ومناقشاتي في المؤتمر وعنه ، فقد قبلت الدعوة شاكراً ، على أن أتكفل شخصيا بتكاليف السفر والإقامة.
لكن تفاعلات الساعات الثماني والأربعين الماضية في لبنان ، قد تضع مصير الحزب و"شرعيته" و"ترخيصه" على المحك ، وليس مصير "مؤتمر البريستول" فحسب ، فمجلس الأمن المركزي اللبناني راجع وضعية الحزب القانونية والامنية ، وأوصى مجلس الوزراء بإجراء مراجعة مماثلة لوضعية حزب نال الموافقة على "طلب العلم والخبر" رقم 182 ـ اد بتاريخ 11 أيار 2006 ، زمن وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت أحد أبرز صقور تيار المستقبل وأشد خصوم حزب الله وسوريا.
ملف الحزب والمؤتمر استقر الآن في يد وزير الداخلية والبلديات زياد بارود المحسوب على "كوتا رئيس الجمهورية" ، وثمة من المعلومات التي تداولتها الصحف ووسائل الإعلام اللبنانية ، ما يكفي للاعتقاد بأن المؤتمر سيُلغى ، وأن الحزب سيواجه بعد حين ، قد لا يكون بعيداً ، قرار الحل.
في خلفية العلاقة بين الحزب المحظور في مختلف الدول العربية من جهة والحكومة اللبنانية من جهة ، بات مؤكداً أن فتفت وتياره إنما أيدوا "شرعنة" حزب التحرير لا حباً به ولا شغفاً بالتعددية والديمقراطية ، وإنما "نكاية بالطهارة" كما يقول المثل الشعبي الذي يحظر قانون المطبوعات نشره كاملاً ، فقد جاءت موافقة حكومة السنيورة على ترخيص الحزب في ذروة الصدام مع حزب الله بما يمثل ومن يمثل ، وبعد 15 شهراً فقط من اغتيال الحريري ، وقد ظن هؤلاء من منظور "مذهبي سني ضيق الأفق" ، أن هذا الحزب سيصب الحب صافياً في طاحونتهم الفئوية ، فإذا بالسحر ينقلب على الساحر ، والحزب الذي ظل على طروحاته منذ تأسيسه على يد تقي الدين النبهاني عام 1953 ، يبدو عصياً على الانصياع للمستقبل والتطوع لخدمة أجندته السياسية.
ويمكن القول الآن ومن دون تردد ، أن استراتيجية إعادة التوجيه (Redirection) التي تحدث عنها سيمور هيرش بالتفصيل في تحقيقه في "النيويوركر" ، افترضت من ضمن ما افترضت ، توظيف حزب التحرير وليس التيار السلفي فحسب ، في مواجهة إيران وحلفائها وأصدقائها وأعوانها ، سيمور هيرش موضع "فتح الإسلام" في مندرجات هذه الاستراتيجية ولم يدرج حزب التحرير - ربما لأنه غير مسلح - في سياقاتها ، وها نحن نفعل هذا بدورنا.
واللافت حقاً في توقيت "يقظة" الحكومة اللبنانية ومجلسها المركزي على "خطورة" حزب التحرير وتهديده الأمني ، أنها تأتي متزامنة مع حملة عالمية ضد الحزب ، لا أحد يزعم أنها منسّقة ، ولكن لا أحد يستطيع أن يجزم بأنها ليست كذلك ، وقد أوردت صحيفة الأخبار اللبنانية بالأمس أن الحزب لم يجد فندقا أمريكيا واحداً يقبل باستضافة مؤتمر له ، وأن حملة ملاحقة واعتقالات لأعضاء الحزب في عدة دول قد بدأت في عدة دول: ففي فلسطين ، منعت السلطة الفلسطينية أنصار الحزب من دخول مسجد يصلون فيه عادة. أما في غزة ، فاعتقلت الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس مجموعة من شباب الحزب كانوا يعدّون لنشاط. ومن فلسطين إلى بنغلادش ، اعتقلت السلطات هناك قبل أربعة أيام أربعة شباب ، مدعية وجود علاقة بين الحزب و"جماعة الإسلام" رغم تأكيد حزب التحرير أنه لا علاقة به بالمسلحين أو بمجرمي الحروب. الصحيفة التي تحدثت عن انتشار واسع للحزب في عدد من الدول العربية والإسلامية ، قالت أن عدد معتقليه في أوزبكستان وحدها يناهز السبعة آلاف معتقل.
ما فعله فتفت والمستقبل في لبنان ، فعلته السلطة والمنظمة في رام الله ، في السياق نفسه ، وضمن استراتيجية إعادة التوجيه ذاتها ، ظناً منها أن الحزب قد يشكل رديف احتياطي في حرب السلطة على حماس والإخوان ، لكن الحزب برهن من جديد أنه يفضل خوض معاركه منفردا ومستقلا ، ضد حماس حركة وحكومة ، وضد السلطة والمنظمة على حد سواء ، ما جعله هدفا مشتركاً لأجهزة الأمن وهرواتها في غزة والخليل على حد سواء ، وربما يكون "العداء لحزب التحرير" الآن ، هو القاسم المشترك الوحيد بين سلطة رام الله وحكومة غزة؟،.
قد لا يكون من السهل الاقتراب من حزب التحرير وفهم "جوّانيّاته" ، وقد يكون استمراره كحزب نخبوي طوال هذه العقود الستة برغم القمع والحظر والاعتقال والملاحقة أمراً محيّرا ، وقد يكون انتشاره الآسيوي الواسع الذي تسبب في حظره في روسيا وألمانيا إلى جانب معظم الدول العربية والإسلامية لغزاً عصياً على التفكيك ، وقد تكون مواقفه التي ظلت على حالها برغم تعاقب الأنظمة والمعسكرات والإيديولوجيات وخرائط القوى وموازينها على الساحتين الإقليمية والدولية ، أمراً مثيراً للفضول المعرفي ، وقد تكون "مشتركاته الفكرية" مع "القاعدة" خصوصا لجهة "تكفير" الأنظمة والحكومات أمراً جالباً للشبهات ، وقد يكون امتناعه عن ممارسة أي شكل من أشكال المقاومة في فلسطين ضد الاحتلال والاستيطان أمراً جالباً للاتهامات ، وقد يكون.. وقد يكون.
ولقد كنت من باب الفضول المعرفي ، أرغب في مناقشة هذا المسائل وكثير غيرها مع قادة الحزب ومفكريه ، لكن مقتضيات "مرحلة ما بعد فشل استراتيجية إعادة التوجيه" ، قد لا تسمح لنا بذلك ، فإلى مناسبة أخرى.
http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac...16_id252085.htm