ابو طلال
13-07-2010, 09:10 AM
أربعة أسباب للامتناع عن أسلمة الصراع العربي مع اسرائيل
السبب الأول هو حقيقة أن صراعنا كعرب، ونحن بكل تأكيد نضم بين صفوفنا خليطا من المنتمين للإسلام والمسيحية واليهودية، ليس مع اليهود كأتباع ديانة بل من جهة مع إسرائيل كدولة فصل عنصري، والعنصر المضطهد بها هو العربي الفلسطيني وليس الديني المسلم، ومن جهة ثانية معها كدولة احتلال مارست وتمارس حكوماتها المتعاقبة عنفا مستمرا ضد الفلسطينيين وتسلبهم جميعا على اختلاف انتماءاتهم الدينية حق تقرير المصير.
السبب الثاني هو أن أسلمة الصراع العربي مع إسرائيل تعني تحويله إلى صراع وجودي لا نهاية له بين "المسلمين" و"اليهود" (اللغة هنا هي لغة إما نحن أو هم الحدية) والإقصاء المطلق والكامل لإمكانية التوصل إلى حلول وسط مشتركة (أما هنا فاللغة هي لغة المشترك بيننا وبينهم) تضمن التعايش السلمي للقوميات والديانات المختلفة على أرض فلسطين التاريخية. أدرك مدى انجذاب قطاعات معتبرة في المجتمعات العربية والإسلامية إلى النزوع نحو أسلمة صراعنا مع إسرائيل والقضية الفلسطينية وكاريزما الرمزية الخلاصية والشعارات الدينية المرتبطة به، فليس من قبيل المصادفة أن شعارات من شاكلة "خيبر خيبر يا يهود، جيش محمد سوف يعود" ترددها حناجر العرب وغير العرب من المسلمين حين التظاهر من أجل فلسطين أو ضد إسرائيل. إلا أنني على يقين من أن ثمة إمكانية للعيش السلمي والمشترك بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بينهم وبيننا كفلسطينيين وكعرب بمسلمينا ومسيحيينا ويهودنا شريطة تغير إسرائيل من دولة فصل عنصري واحتلال وعنف إلى دولة ديمقراطية حقيقية تحترم حق الفلسطينيين في تقرير المصير وتنسحب من الأراضي العربية المحتلة لبناء علاقات صداقة وتعاون مع جوارها الإقليمي. مثل هذه الإمكانية الإنسانية، والدعوة لحل "الدولة العلمانية الواحدة" التي بدأت أصدائها تتجدد اليوم في بعض دوائر اليسار في إسرائيل وبين الفلسطينيين تشكل تعبيرا أكثر رقيا عن الجوهر الإنساني للبحث عن العيش المشترك وإن كان بحسابات اللحظة الراهنة أكثر استحالة، ينتفي معناها تماما وتختفي مضامينها حال أسلمة الصراع وأسلمة إدراكنا للقضية الفلسطينية.
السبب الثالث هو أن القضية الفلسطينية إنما هي قضية شعب وأرض وتاريخ وثقافة ومقدسات ورمزية، وأن كل هذا لا يقتصر بأي حال من الأحوال على المكون الإسلامي. فاختزال فلسطين إلى تحرير القدس ثم اختزال القدس بمقدساتها المسيحية والإسلامية إلى استعادة المسجد الأقصى، كما يدفع النزوع نحو أسلمة القضية الفلسطينية عموم العرب للاعتقاد، خطأ عظيم يرتب في التحليل الأخير اختصار حق الفلسطينيين الشامل والمبدئي في تقرير المصير إلى استعادة مقدسات دينية، تظل على أهميتها الكبرى ورمزيتها الطاغية أحد وليس كل مكونات قضية الشعب الذي هجر وأجبر على الحياة تحت سلطة محتل عنصري، قضية الأرض التي فقدت، قضية تاريخ القهر الطويل الذي آن له أن ينتهي.
السبب الرابع هو أننا، وكما دلل مشهد أسطول الحرية بنشطائه متنوعي الانتماءات الدينية والقومية وأثبتت كذلك ردود أفعال المجتمعات المدنية خارج العالم العربي والإسلامي على جريمة الحكومة الإسرائيلية ضد الأسطول، نشهد اليوم تناميا ملموسا للتعاطف الإنساني العالمي مع الفلسطينيين إزاء عنف وعنصرية تل أبيب واتساعا بينا لقاعدة التضامن الشعبي والمدني معهم على أرضية تأييد حقهم المشروع في تقرير المصير وضرورة حمايتهم بمحاسبة دولة إسرائيل وإنهاء وضعيتها الخاصة كدولة فوق القانون. هذه التطورات، وشيء من تداعياتها الإيجابية يظهر في التحول الواضح في اتجاهات الرأي العام في المجتمعات التي دوما ما تعاطفت مبدئيا مع إسرائيل وامتنعت عن معارضة سياساتها العنيفة كالولايات المتحدة وكندا وأوروبا الغربية، تعني أن حاضنة القضية الفلسطينية كقضية شعب وأرض وتاريخ لم تعد تقتصر على الدول العربية والإسلامية بل باتت تتمدد تدريجيا على نحو يتخطى الحواجز الدينية والقومية وأن هذا التمدد الإنساني الرائع مرشح للاستمرار في الفترة القادمة. وغني عن البيان أن ما يجمع نشطاء اليسار الأوروبي ودعاة حقوق الإنسان الأمريكيين وأعضاء الحركات المناهضة للعنصرية والاستعمار الجديد في أفريقيا وأمريكا اللاتينية مع النشطاء المتضامنين مع فلسطين من إندونيسيا وماليزيا وتركيا والمجتمعات العربية ليس هو النظر إلى قضية فلسطين كقضية إسلامية أو دينية، بل كقضية إنسانية لشعب مضطهد ومقهور يتوق للحرية وتقرير المصير.
مركز كارنيغي للشرق الأوسط
السبب الأول هو حقيقة أن صراعنا كعرب، ونحن بكل تأكيد نضم بين صفوفنا خليطا من المنتمين للإسلام والمسيحية واليهودية، ليس مع اليهود كأتباع ديانة بل من جهة مع إسرائيل كدولة فصل عنصري، والعنصر المضطهد بها هو العربي الفلسطيني وليس الديني المسلم، ومن جهة ثانية معها كدولة احتلال مارست وتمارس حكوماتها المتعاقبة عنفا مستمرا ضد الفلسطينيين وتسلبهم جميعا على اختلاف انتماءاتهم الدينية حق تقرير المصير.
السبب الثاني هو أن أسلمة الصراع العربي مع إسرائيل تعني تحويله إلى صراع وجودي لا نهاية له بين "المسلمين" و"اليهود" (اللغة هنا هي لغة إما نحن أو هم الحدية) والإقصاء المطلق والكامل لإمكانية التوصل إلى حلول وسط مشتركة (أما هنا فاللغة هي لغة المشترك بيننا وبينهم) تضمن التعايش السلمي للقوميات والديانات المختلفة على أرض فلسطين التاريخية. أدرك مدى انجذاب قطاعات معتبرة في المجتمعات العربية والإسلامية إلى النزوع نحو أسلمة صراعنا مع إسرائيل والقضية الفلسطينية وكاريزما الرمزية الخلاصية والشعارات الدينية المرتبطة به، فليس من قبيل المصادفة أن شعارات من شاكلة "خيبر خيبر يا يهود، جيش محمد سوف يعود" ترددها حناجر العرب وغير العرب من المسلمين حين التظاهر من أجل فلسطين أو ضد إسرائيل. إلا أنني على يقين من أن ثمة إمكانية للعيش السلمي والمشترك بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بينهم وبيننا كفلسطينيين وكعرب بمسلمينا ومسيحيينا ويهودنا شريطة تغير إسرائيل من دولة فصل عنصري واحتلال وعنف إلى دولة ديمقراطية حقيقية تحترم حق الفلسطينيين في تقرير المصير وتنسحب من الأراضي العربية المحتلة لبناء علاقات صداقة وتعاون مع جوارها الإقليمي. مثل هذه الإمكانية الإنسانية، والدعوة لحل "الدولة العلمانية الواحدة" التي بدأت أصدائها تتجدد اليوم في بعض دوائر اليسار في إسرائيل وبين الفلسطينيين تشكل تعبيرا أكثر رقيا عن الجوهر الإنساني للبحث عن العيش المشترك وإن كان بحسابات اللحظة الراهنة أكثر استحالة، ينتفي معناها تماما وتختفي مضامينها حال أسلمة الصراع وأسلمة إدراكنا للقضية الفلسطينية.
السبب الثالث هو أن القضية الفلسطينية إنما هي قضية شعب وأرض وتاريخ وثقافة ومقدسات ورمزية، وأن كل هذا لا يقتصر بأي حال من الأحوال على المكون الإسلامي. فاختزال فلسطين إلى تحرير القدس ثم اختزال القدس بمقدساتها المسيحية والإسلامية إلى استعادة المسجد الأقصى، كما يدفع النزوع نحو أسلمة القضية الفلسطينية عموم العرب للاعتقاد، خطأ عظيم يرتب في التحليل الأخير اختصار حق الفلسطينيين الشامل والمبدئي في تقرير المصير إلى استعادة مقدسات دينية، تظل على أهميتها الكبرى ورمزيتها الطاغية أحد وليس كل مكونات قضية الشعب الذي هجر وأجبر على الحياة تحت سلطة محتل عنصري، قضية الأرض التي فقدت، قضية تاريخ القهر الطويل الذي آن له أن ينتهي.
السبب الرابع هو أننا، وكما دلل مشهد أسطول الحرية بنشطائه متنوعي الانتماءات الدينية والقومية وأثبتت كذلك ردود أفعال المجتمعات المدنية خارج العالم العربي والإسلامي على جريمة الحكومة الإسرائيلية ضد الأسطول، نشهد اليوم تناميا ملموسا للتعاطف الإنساني العالمي مع الفلسطينيين إزاء عنف وعنصرية تل أبيب واتساعا بينا لقاعدة التضامن الشعبي والمدني معهم على أرضية تأييد حقهم المشروع في تقرير المصير وضرورة حمايتهم بمحاسبة دولة إسرائيل وإنهاء وضعيتها الخاصة كدولة فوق القانون. هذه التطورات، وشيء من تداعياتها الإيجابية يظهر في التحول الواضح في اتجاهات الرأي العام في المجتمعات التي دوما ما تعاطفت مبدئيا مع إسرائيل وامتنعت عن معارضة سياساتها العنيفة كالولايات المتحدة وكندا وأوروبا الغربية، تعني أن حاضنة القضية الفلسطينية كقضية شعب وأرض وتاريخ لم تعد تقتصر على الدول العربية والإسلامية بل باتت تتمدد تدريجيا على نحو يتخطى الحواجز الدينية والقومية وأن هذا التمدد الإنساني الرائع مرشح للاستمرار في الفترة القادمة. وغني عن البيان أن ما يجمع نشطاء اليسار الأوروبي ودعاة حقوق الإنسان الأمريكيين وأعضاء الحركات المناهضة للعنصرية والاستعمار الجديد في أفريقيا وأمريكا اللاتينية مع النشطاء المتضامنين مع فلسطين من إندونيسيا وماليزيا وتركيا والمجتمعات العربية ليس هو النظر إلى قضية فلسطين كقضية إسلامية أو دينية، بل كقضية إنسانية لشعب مضطهد ومقهور يتوق للحرية وتقرير المصير.
مركز كارنيغي للشرق الأوسط