سليم
29-06-2008, 03:00 PM
السلام عليكم
يقول الله تعالى في سورة المائدة:"لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"...
فالذين يقولون أن الله هو ثالث ثلاثة كفار بدليل قوله تعالى:"لَّقَدْ كَفَرَ"...وقد للتحقيق...
قال إبن عاشور في تفسيرها:"ومعنى قولهم: { إنّ الله ثالث ثلاثة } أنّ ما يعرفُه النّاسُ أنّهُ اللّهُ هو مجموع ثلاثةِ أشياء، وأنّ المستحقّ للاسم هو أحد تلك الثّلاثة الأشياء. وهذه الثّلاثة قد عبّروا عنها بالأقانِيم وهي: أقنوم الوجود، وهو الذات المسمّى الله، وسمّوه أيضاً الأبَ؛ وأقنوم العِلم، وسمَّوه أيضاً الابنَ، وهو الّذي اتّحد بعيسى وصار بذلك عيسى إلهاً؛ وأقنوم الحياة وسَمَّوه الرّوحَ القُدُس. وصار جمهورهم، ومنهم الرَّكُوسية طائفة من نصارى العرب، يقولون: إنّه لمّا اتّحد بمريم حينَ حمْلها بالكلمة تألَّهَتْ مريم أيضاً، ولذلك اختلفوا هل هي أمّ الكلمة أم هي أمّ الله.
فقوله: { ثالث ثلاثة } معناه واحد من تلك الثّلاثة، لأنّ العرب تصوغ من اسم العدد من اثنين إلى عشرة، صيغة فاعِل مضافاً إلى اسم العدد المشتقّ هُو منه لإرادة أنّه جزء من ذلك العَدد نحو
{ ثاني اثنين }
[التوبة: 40]، فإن أرادوا أنّ المشتقّ له وزنُ فاعل هو الّذي أكْمَلَ العدد أضافوا وزنَ فاعل إلى اسم العدد الّذي هو أرقَى منه فقالوا: رابِعُ ثلاثة، أي جَاعل الثلاثة أربعة.
وقوله: { وما من إله إلاّ إله واحد } عطف على جملة { لقد كفر } لبيان الحقّ في الاعتقاد بعد ذكر الاعتقاد الباطل.
ويجوز جعل الجملة حالاً من ضمير { قالوا } ، أي قالوا هذا القول في حال كونه مخالفاً للواقع، فيكون كالتّعليل لكفرهم في قولهم ذلك، ومعناه على الوجهين نفي عن الإله الحقّ أن يكون غير واحد فإنّ (مِن) لتأكيد عموم النّفي فصار النّفي بــ { ما } المقترنة بها مساوياً للنّفي بــ(ـلا) النّافية للجنس في الدلالة على نفي الجنس نصّاً.
وعدل هنا عن النّفي بلا التبرئة فلم يُقل (ولا إله إلاّ إله واحد) إلى قوله: { وما من إله إلاّ إله واحد } اهتماماً بإبراز حرف (مِن) الدالّ بعد النّفي على تحقيق النّفي، فإنّ النّفي بحرف (لا) ما أفاد نفي الجنس إلاّ بتقدير حرف (من)، فلمّا قصدت زيادة الاهتمام بالنّفي هنا جيء بحرف (مَا) النّافية وأظهر بعده حرف (من). وهذا ممّا لم يتعرّض إليه أَحدٌ من المفسّرين.
وقوله: { إلاّ إله واحد } يفيد حصر وصف الإلهيّة في واحد فانتفى التثليث المحكي عنهم. وأمّا تعيين هذا الواحد مَن هو، فليس مقصوداً تعيينه هنا لأنّ القصد إبطال عقيدة التثليث فإذا بطل التثليث، وثبتت الوحدانيّة تعيّن أنّ هذا الواحد هو الله تعالى لأنّه متّفق على إلهيّته، فلمّا بطلت إلهيّة غيره معه تمحّضت الإلهيّة له فيكون قوله هنا { وما من إله إلاّ إله واحد } مساوياً لقوله في سورة آل عمران :" وما من إله إلاّ الله ",إلاّ أنّ ذكر اسم الله تقدّم هنا وتقدّم قول المبطلين (إنّه ثالث ثلاثة) فاستغني بإثبات الوحدانيّة عن تعيينه."اهـ
يقول الله تعالى في سورة المائدة:"لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"...
فالذين يقولون أن الله هو ثالث ثلاثة كفار بدليل قوله تعالى:"لَّقَدْ كَفَرَ"...وقد للتحقيق...
قال إبن عاشور في تفسيرها:"ومعنى قولهم: { إنّ الله ثالث ثلاثة } أنّ ما يعرفُه النّاسُ أنّهُ اللّهُ هو مجموع ثلاثةِ أشياء، وأنّ المستحقّ للاسم هو أحد تلك الثّلاثة الأشياء. وهذه الثّلاثة قد عبّروا عنها بالأقانِيم وهي: أقنوم الوجود، وهو الذات المسمّى الله، وسمّوه أيضاً الأبَ؛ وأقنوم العِلم، وسمَّوه أيضاً الابنَ، وهو الّذي اتّحد بعيسى وصار بذلك عيسى إلهاً؛ وأقنوم الحياة وسَمَّوه الرّوحَ القُدُس. وصار جمهورهم، ومنهم الرَّكُوسية طائفة من نصارى العرب، يقولون: إنّه لمّا اتّحد بمريم حينَ حمْلها بالكلمة تألَّهَتْ مريم أيضاً، ولذلك اختلفوا هل هي أمّ الكلمة أم هي أمّ الله.
فقوله: { ثالث ثلاثة } معناه واحد من تلك الثّلاثة، لأنّ العرب تصوغ من اسم العدد من اثنين إلى عشرة، صيغة فاعِل مضافاً إلى اسم العدد المشتقّ هُو منه لإرادة أنّه جزء من ذلك العَدد نحو
{ ثاني اثنين }
[التوبة: 40]، فإن أرادوا أنّ المشتقّ له وزنُ فاعل هو الّذي أكْمَلَ العدد أضافوا وزنَ فاعل إلى اسم العدد الّذي هو أرقَى منه فقالوا: رابِعُ ثلاثة، أي جَاعل الثلاثة أربعة.
وقوله: { وما من إله إلاّ إله واحد } عطف على جملة { لقد كفر } لبيان الحقّ في الاعتقاد بعد ذكر الاعتقاد الباطل.
ويجوز جعل الجملة حالاً من ضمير { قالوا } ، أي قالوا هذا القول في حال كونه مخالفاً للواقع، فيكون كالتّعليل لكفرهم في قولهم ذلك، ومعناه على الوجهين نفي عن الإله الحقّ أن يكون غير واحد فإنّ (مِن) لتأكيد عموم النّفي فصار النّفي بــ { ما } المقترنة بها مساوياً للنّفي بــ(ـلا) النّافية للجنس في الدلالة على نفي الجنس نصّاً.
وعدل هنا عن النّفي بلا التبرئة فلم يُقل (ولا إله إلاّ إله واحد) إلى قوله: { وما من إله إلاّ إله واحد } اهتماماً بإبراز حرف (مِن) الدالّ بعد النّفي على تحقيق النّفي، فإنّ النّفي بحرف (لا) ما أفاد نفي الجنس إلاّ بتقدير حرف (من)، فلمّا قصدت زيادة الاهتمام بالنّفي هنا جيء بحرف (مَا) النّافية وأظهر بعده حرف (من). وهذا ممّا لم يتعرّض إليه أَحدٌ من المفسّرين.
وقوله: { إلاّ إله واحد } يفيد حصر وصف الإلهيّة في واحد فانتفى التثليث المحكي عنهم. وأمّا تعيين هذا الواحد مَن هو، فليس مقصوداً تعيينه هنا لأنّ القصد إبطال عقيدة التثليث فإذا بطل التثليث، وثبتت الوحدانيّة تعيّن أنّ هذا الواحد هو الله تعالى لأنّه متّفق على إلهيّته، فلمّا بطلت إلهيّة غيره معه تمحّضت الإلهيّة له فيكون قوله هنا { وما من إله إلاّ إله واحد } مساوياً لقوله في سورة آل عمران :" وما من إله إلاّ الله ",إلاّ أنّ ذكر اسم الله تقدّم هنا وتقدّم قول المبطلين (إنّه ثالث ثلاثة) فاستغني بإثبات الوحدانيّة عن تعيينه."اهـ