المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجامعة الاسلامية



سليم
27-06-2008, 06:31 PM
السلام عليكم
أول من فكر في إنشاء الجامعة الاسلامية هو السلطان العثماني عبد الحميد,بعد أن رأى المسلمين قد تألبوا عليه وأبرزوا له ظهر المجن وخاصة العرب منهم ,وبعد ان أيقن من تغلغل الكفار بين صفوف المسلمين وخاصة الانكليز ,فيقول السلطان في مذكراته:"الأنجليز قد أفسدوا عقول المصريين، لأن البعض أصبح يقدم القومية على الدين. ويظن أنه يمكن مزج حضارة مصر بالحضارة الأوروبية، وإنجلترا تهدف من نشر الفكر القومي في البلاد الاسلامية الى هز عرشي ... وأن الفكر القومي قد تقدم تقدماً ملموساً في مصر. والمثقفون المصريون أصبحوا من حيث لا يشعرون ألعوبة في يد الانجليز إنهم بذلك يهزون اقتدار الدولة الاسلامية ويهزون معها اعتبار الخلافة",وقد بين السلطان رحمه الله بعض الاشخاص الذين تمكن منهم الانكليز وسخروهم:أمثال جمال الدين الأفغاني، ومصطفى كامل من مصر، وأبي الهدى الصيادي من سوريا، وعبدالرشيد إبراهيم من سيبريا، والحركة السنوسية في ليبيا وغيرها.
فيقول عن جمال الدين وعلاقته مع الانكليز:"وقعت في يدي خطة أعدها في وزارة الخارجية الإنكليزية مهرج اسمه جمال الدين الأفغاني وإنكليزي يُدعى بلنت قالا فيها بإقصاء الخلافة عن الاتراك. واقتراحا على الانكليز إعلان الشريف حسين أمير مكة خليفة على المسلمين".وقد حاول السلطان جلبه الى جانبه وإحضراه الى استانبول:"كنت أعرف جمال الدين الأفغاني عن قرب. كان في مصر، وكان رجلاً خطيراً. اقترح عليّ ذات مرة -وهو يدّعي المهدية- أن يشير جميع مسلمي آسيا الوسطى. وكنت أعرف أنه غير قادر على هذا. وكان رجل الانكليز ، ومن المحتمل جداً أن يكون الانكليز قد أعدوا هذا الرجل لاختباري فرفضت فوراً ، فاتحد مع بلنت.استدعيته الى استانبول عن طريق أبي الهدى الصيادي الحلبي ، الذي كان يلقي الاحترام في كل البلاد العربية".
وهكذا بحنكة وذكاء السلطان عبد الحميد روّض كثيرًا من معارضيه,وسعى حثيثًأ في جمع ولم شمل المسلمين ,وقد شعر غصه من موقف ايران إزاء الخلافة فيقول:"عدم وجود تفاهم مع ايران أمر جدير بالتأسف عليه وإذا أردنا أن نفوّت الفرصة على الانجليز وعلى الروس فإنا نرى فائدة تقارب إسلامي في هذا الأمر".
وقد تكلم في مذكراته عن ضرورة العمل على تدعيم أواصر الأخوة الاسلامية بين كل مسلمي العالم في الصين والهند وأواسط أفريقيا وغيرها، وحتى ايران ورغم إختلاف وجهات النظر,وقد سعى بكل ما أوتي من عزم وسلطان لتحقيق ما كان يصبو اليه وحتى أنه قام بمحاولة اتخاذ اللغة العربية لأول مرة في تاريخ الدولة العثمانية، لغة للدولة أو مايسمى بالتعبير المعاصر "تعريب" الدولة العثمانية وذلك لكسب ثقة العرب وعلماء الاسلام,وأحب اللغة العربية كثيرًا فيصفها قائلاً:"اللغة العربية لغة جميلة. ليتنا كنا اتخذناها لغة رسمية للدولة من قبل. لقد اقترحت على (خير الدين باشا -التونسي- عندما كان صدراً أعظم أن تكون اللغة العربية هي اللغة الرسمية، لكن سعيد باشا كبير أمناء القصر أعترض على اقتراحي هذا. وقال : (إذا عرّبنا الدولة فلن يبقى -للعنصر التركي- شيء بعد ذلك". ,وفتح مراكز اسلامية في كافة انحاء الدولة العثمانية وتعليم اللغة العربية وربطها في الاسلام وعدم الفصل بينهما.وقد أدرك خطر التوغل الغربي في بلاده وسعيهم الى القضاء على كل ما يمِت للإسلام بصلة,فيقول عن الانكليز ونصرانيتهم:"الإسلام والميسيحية نظرتان مختلفتان ولايمكن الجمع بينهما في حضارة واحدة",وكان على وعي شديد بما يدور غلى الساحة السياسية العالمية وبالتحديد ما يدور بخلد الانكليز:"يجب أن تصبح الجزيرة العربية تحت الحماية الانكليزية، ويجب على انكلترا أن تسيطر على مدن المسلمين المقدسة ... إن إنجلترا تعمل لهدفين : إضعاف تأثير الاسلام وتقوية نفوذها وبالتالي .. لذلك أراد الانجليز أن يكون الخديوي في مصر خليفة للمسلمين ولكن ليس هناك مسلم صادق واحد يقبل أن يكون الخديوي أميراً للمؤمنين لأنه بدأ دراسته في جنيف وأكملها في فيينا وتطبع بطابع الكفار".وكان يدرك صعوبة وثقل هذا الامر وأن الدولة العثمانية تضم أجناساً وشعوبًا مختلفة ومتنوعة:"أن الدولة العثمانية تضم أجناساً متعددة من أتراك وعرب وألبان وبلغار ويونانيين وزنوج وعناصر أخرى، ورغم هذا فوحدة الاسلام تجعلنا أفراد أسرة واحدة".
ويُعبر عبدالحميد الثاني عن ثقته في وحدة العالم الاسلامي بقوله: "يجب تقوية روابطنا ببقية المسلمين في كل مكان، يجب أن نقترب من بعضنا البعض أكثر وأكثر، فلا أمل في المستقبل إلا بهذه الوحدة. ووقتها لم يحن بعد لكنه سيأتي. سيأتي اليوم الذي يتحد فيه كل المؤمنين وينهضون فيه نهضة واحدة ويقومون قومة رجل واحد وفيه يحطمون رقبة الكفار".
كان يأمل من هذه الجامعة الاسلامية أن يحقق أهدافًا أهمها:
1-مواجهة أعداء الاسلام المثقفين بالثقافة الغربية، والذين توغلوا في المراكز الادارية والسياسية الحساسة، في أجهزة الدول الاسلامية عموماً، وفي أجهزة الدولة العثمانية خصوصاً، عند حدهم، عندما يجدون أن هناك سداً إسلامياً ضخماً وقوياً يقف أمامهم.
2- محاولة إيقاف الدول الاستعمارية الأوروبية وروسيا، عند حدها عندما تجد أن المسلمين ، قد تكتلوا في صف واحد، وقد فطنوا الى أطماعهم الاستعمارية ووقفوا ضدها بالوحدة الاسلامية.
3- إثبات أن المسلمين يمكن أن يكونوا قوة سياسية عالمية، يحسب له حسابها في مواجهة الغزو الثقافي والفكري والعقدي الروسي -الأوروبي النصراني.
4- تأخذ الوحدة الاسلامية الجديدة دورها في التأثير على السياسة العالمية.
5- تستعيد الدولة العثمانية بوصفها دولة الخلافة قوتها وبذلك يمكن إعادة تقويتها، وتجهيزها بالأجهزة العلمية الحديثة، في الميادين كافة وبذلك تستعيد هيبتها وتكون درساً تاريخياً. يقول : "إن العمل على تقوية الكيان السياسي والاجتماعي الاسلامي، أفضل من إلقائه أرضاً، وتكوين كيان غريب فكرياً واجتماعياً على نفس الأرض".
6- إحياء منصب الخلافة، ليكون أداة قوية، وليس صورياً كما حدث لفترة . وبذلك لا يكون السلطان وحده فقط هو الذي يقف في مواجهة أطماع الغرب وعملائه في الداخل، وإنما هي وحدة شعورية بين شعوب المسلمين جميعاً. يكون هو الرمز والموجّه والموحّد والقدوة في حمل الدعوة الاسلامية.
وقد اشار الى هذا المؤرخ الانكليزي (ارنولد توينبي):"إن السلطان عبدالحميد ، كان يهدف من سياسته الاسلامية، تجميع مسلمي العالم تحت راية واحدة، وهذا لايعني إلا هجمة مضادة، يقوم بها المسلمون ضد هجمة العالم الغربي التي استهدفت عالم المسلمين".
الا أنه أقترف بعض الاخطاء في سبيل انشاء هذه الجامعة الاسلامية اهمها:
1-اعتماده على بعض الشخصيات العربية (المحروقة) اسلامياً في انشاء الجامعة الاسلامية وتعزيز موقفه.
2-عدم عزله للوزراء وأمناء القصر السلطاني ، الذين كانوا يختلفون عنه في التفكير، وأنهم متأثرون بالغرب وبالافكار القوميةوالغربية.
ورغم ما صدر عنه من هفوات وأخطاء سيبقى رمزًا اسلاميًا ساطعًا ومن ألمع الشخصيات الاسلامية في القرن العشرين,وشاهدًا على التاريخ.