المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل هذا هو الوجدان؟



أبو زكريّا
11-04-2010, 12:21 AM
إنّ الوجدان هو مجموع المشاعر التي إكتسبها الإنسان والتي حددتها مفاهيمه عن الحياة. ويتكوّن الوجدان عند الإنسان في مرحلة أولى عند الصغر فالآباء والمحيط الذي يكبر فيه الإنسان, نظرا لثقته الفطرية بهم, يكون لهم الدور الرئيسي في تكوين مفاهيمه الأولى عن الحياة وتكوين المشاعر المتعلقة بهذه المفاهيم. ويحصل غالبا عند الأكثرية الإطمئنان لما تلقّوه وهم صغار ثمّ يبنون على ما تكوّنت عندهم من مشاعر ومفاهيم. فيضمون الفكرة التي يطمئن لها الوجدان. والأقلية هي التي تعاود النظر فيما تلقّوه.
وما يحصل واقعيّا حين التصديق بفكرة أنّ الوجدان يلعب دورا رئيسا في ضم تلك الفكرة إذا تحقّق الإرتياح والإطمئنان ، فيشدّها إليه ، ويوافقه العقل على ذلك ولو موافقة تسليم .
أمّا الاعتقاد أو الإيمان بفكرة فهو تصديق جازم من قِبَل الوجدان بشرط موافقة العقل. ويتحقق الجزم بوجود دليل الفكرة التي ضمها الوجدان إليه ، وهذا الدليل هو الذي يوجِد تسليم العقل بالفكرة . وقد لا يحصل في هذا التصديق الجازم مطابقة الفكرة للواقع وقد يحصل ما يوهم المعتقِد مطابقة معتقَدِه للواقع ، أو قد يوجد دليل يحقق الجزم ويكون الدليل فاسداً أو قد يكون دليلاً شعورياً ، لكنه أقنع صاحبه بوجه من الوجوه واطمأن إليه فأحدث الجزم عنده. فكل من يتوفر عنده ذلك يكون معتقداً أي مؤمناً بالفكرة التي ضمّها الوجدان إليه. والاعتقاد على هذه الصورة موجوداً وجوداً حسيّاً عند جميع البشر.
ويجدر التنبيه على أن هناك فرقاً بين الفكر والإيمان. فالعقل يبحث في الأفكار بدراسة واقعها وقد يدركها ، لكن لا يلزم من إدراكه لواقعها أن يتحول ذلك الإدراك إلى تصديق ، لأن قبول الوجدان للفكرة شرط في حصول التصديق ، أي لا بدّ من تجاوب الوجدان مع الفكرة وارتياحه إليها حتى يضمّها إليه وينعقد عليها . فإذا لم يتجاوب الوجدان مع الفكرة ولم يرتح إليها فإنه يرفضها مهما كان عمق الإدراك.
إعتمدت سؤال جواب : التطابق العقلي والشرعي في تعريف الإيمان 15/12/1998

ابو كفاح
11-04-2010, 10:07 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الاصل في معنى الوجدان هو غريزة التدين ,وهو الشعور بالنقص والاحتياج للخالق المبر ,اي هو الشعور بأن هناك قوة تستحق التقديس والخضوع, وهذا الشعور ان ترك دون تحكم العقل به فأنه يؤدي الى تقديس غير الخالق ,ويؤدي الى الكفر والضلال , ومن الاعتماد على الوجدان وجدت عبادة الاصنام ,وعبادة الكواكب.وصار الانسان يقدس المخلوقات بدل تقديس الخالق ,ولذلك لا يصح الاعتماد على الوجدان في في تقديس الخالق وعبادته .بل لا بد من من ادراك العقل لواقع التقديس والعباده حتى لا يضل الانسان ,وحتى لا يعبد غير الله (الخالق المدبر)الذي يستحق العباده ,فالوجدان كثيرا ما يضيف لما آمن به الانسان اشياء غير حقيقيه ,وانما تصورها الانسان وجدانا صفاتا لما آمن به الانسان, فأدى ذلك الى الخرافات والترهات للتصور المتعلق بمن يستحق العباده والتقديس, فلا يصح ترك الوجدان وحده الطريق الموصل للايمان حتى لا يجعل لله صفاتا تتناقض مع صفات الالوهيه ,او يجعل امكانية تجسد الخالق في امور ماديه او بشريه ,او ان يقوم بعبادته كما يريد ويحلو له , فترك الامر للوجدان وحده يؤدي الى الكفر والضلال والاشراك ,ويؤدي للوهم والخرافات التي يرفضها الايمان الصادق ,ومن اجل هذا اوجب الاسلام استعمال العقل مع الوجدان حين يدخل الانسان في الاسلام , فلا يقبل الايمان ما لم يستند الى العقل والذي يتوافق مع غريزة التدين اي مع الوجدان ,وقد حرم الله التقليد في العقيده ,وذلك لكون التقليد في العقيده يتنافى مع استعمال العقل ,ولكون العقل حكم في الايمان بالاسلام, ومن هنا نجد ان خطاب القرآن اشتمل على عشرات الايات التي تطلب وتوجب ان يكون الايمان عن عقل وبينه , وتطلب من الانسان النظر والتفكر لادراك سننه وابداعاته حتى نتوصل من خلال ذلك للايمان بالخالق المدبر ,ولقد جاءت الآيات تطلب من الانسان التمحيص في كل ما عرفه ولا يقبل منه التسليم بما سلم به ابواه دون تمحيص منه وثقة منه بمبلغه من الحق ومطابقة الواقع ,فالاسلام يريد الايمان المبني على العقل ,وليس الايمان الذي يسلم به الرء دون تمحيص وهو ما يطلق عليه ايمان العجائز ,بل ايمان المستنير المتيقن الذي انعم النظر واعمل العقل فوصل من خلال النظر والفكر الى الايمان واليقين بالله جلت قدرته .
الاخ الكريم ابو زكريا بامكانك ان توصل ما تريد كتابته الى الشباب او لمن هم مشرفي المنتدى للتدقيق فيم تكتبه ليخرج باذن الله على احسن شكل ومضمون , ولك ان تنشر فكر وثقافة الحزب دون علمه لان حقوق الطبع والنشر ليست محفوظة في الاسلام ,ومن المستحسن الاشاره الى المصادر التي اخذ منها البحث في كتابك حتى تحصل امكانية الرجوع للاصل اذا اراد الانسان التوسع . واخيرا جزاك الله كل خير على هذا الجهد ولك جزيل الشكر على هذه الثقه لهذا الموقع , واخيرا لا تلتفت لكل قول يقال لك .

أبو زكريّا
11-04-2010, 02:36 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
بوركت أخي أبو كفاح
إنّ في تعليقك الخير الكثير ويدل على إستنارة في الفهم والتفكير. اللّهم زد وبارك.
نصائحك على راسي من فوق كما يقولون. أنت الأستاذ وأنا التلميذ.
عندي بعض الإستِضاحات إن سمحت*:
أولا: قولك الاصل في معنى الوجدان هو غريزة التدين, هل هذا يعني أنّ غريزة التدين هي وحدها الباعث على وجود أو تكوين الوجدان.
ثانيا: قرنت الوجدان فقط بإثبات وجود الخالق. فهل للوجدان دور آخر في حياة الإنسان أعني أيّ إنسان؟
بمعنى لو أخذنا مثلا أحد من الشباب المسنيرين-مثلك أنت- فهل للوجدان دور آخر بعدما ثبت وجود الله عقلا وتقبّل الوجدان هذا التصديق والإيمان؟
ثالثا: كيف أفهم مثلا أنّ مسلما آمن بوجود الله عقليّا, تراه يقول مثلا أنّ هذا الإبداع والدقّة في نظام الكون ورائه من خلقه -من قبيل البعرة تدلّ على البعير- ثمّ تراه يؤمن أيضا أنّ الوليّ المدفون في قريته يهب الذكور دون الإناث إن قدمت له قربان أو غير ذلك. ألا تراه أنّ وجدانه مهيّء لتصديق أنّ في قرية أخرى هناك وليّ يبرء مرض من الأمراض. وهذا رغم سماعه في خطب الجمعة وإدراكه
أنّ الأولياء ليس بيدهم نفعا ولا ضرا. أم أنّ فهمي فيه خلل؟
أفدني, أفادك الله.
ولك جزيل الشكر وجزاك الله كل خير

ابو كفاح
11-04-2010, 08:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
بوركت أخي أبو كفاح
إنّ في تعليقك الخير الكثير ويدل على إستنارة في الفهم والتفكير. اللّهم زد وبارك.
نصائحك على راسي من فوق كما يقولون. أنت الأستاذ وأنا التلميذ.
عندي بعض الإستِضاحات إن سمحت*:
أولا: قولك الاصل في معنى الوجدان هو غريزة التدين, هل هذا يعني أنّ غريزة التدين هي وحدها الباعث على وجود أو تكوين الوجدان.
ثانيا: قرنت الوجدان فقط بإثبات وجود الخالق. فهل للوجدان دور آخر في حياة الإنسان أعني أيّ إنسان؟
بمعنى لو أخذنا مثلا أحد من الشباب المسنيرين-مثلك أنت- فهل للوجدان دور آخر بعدما ثبت وجود الله عقلا وتقبّل الوجدان هذا التصديق والإيمان؟
ثالثا: كيف أفهم مثلا أنّ مسلما آمن بوجود الله عقليّا, تراه يقول مثلا أنّ هذا الإبداع والدقّة في نظام الكون ورائه من خلقه -من قبيل البعرة تدلّ على البعير- ثمّ تراه يؤمن أيضا أنّ الوليّ المدفون في قريته يهب الذكور دون الإناث إن قدمت له قربان أو غير ذلك. ألا تراه أنّ وجدانه مهيّء لتصديق أنّ في قرية أخرى هناك وليّ يبرء مرض من الأمراض. وهذا رغم سماعه في خطب الجمعة وإدراكه
أنّ الأولياء ليس بيدهم نفعا ولا ضرا. أم أنّ فهمي فيه خلل؟
أفدني, أفادك الله.
ولك جزيل الشكر وجزاك الله كل خيربسم الله الرحمن الرحيم
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام (الدين النصيحه,قلنا لمن يا رسول الله ,قال لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) هذا هو الدافع لمناقشة الموضوع ,وليس اي امر آخر,ونحن نتعلم من بعضنا البعض من خلال مناقشة الافكار, ولا نبغي المدح او الشكر مطلقا , فنحن اخوه لا يوجد بيننا استاذ وطالب ,فنحن جميعا عالة على هذا الفكر ,اي الفكر الاسلامي .
ان معنى الوجدان هو الشعور الطبيعي الموجود لدى كل انسان , وهذا الشعور ناتج عن غريزة التدين ليس غير , وهو شعور النقص والعجز والاحتياج الموجود لدى كل انسان ,هذا الشعور او الاحساس لا بد من مشاركة العقل له في تصور الخالق او عبادته , ولا يصح ترك الوجدان وحده (الشعور والاحساس)لآيجاد التصور للمعتقدات ,او كيفية العباده , لان هذا يؤدي بالانسان الى الكفر والضلال , وذلك لكون الانسان لا يستطيع ادراك الخالق وانما يدرك فقط وجوده ,وتصور هذه المعتقدات وما يليق بالخالق لا يكون ولا بوجه من الوجوه متروك للوجدان وحده ,فلو كان بمقدور الانسان ادراك الخالق لجاز للوجدان ان يكون له آيجاد التصور الاعتقادي للخالق وما يليق بهذا الخالق ,فالاصل في الوجدان هو غريزة التدين ,وهو امر فطري في كل انسان ,لا يمكن لاي من البشر انهاء هذا الشعور من الانسان , وانما يمكن كبت هذا الشعور او تحويله لامر خاطىء ,والاصل في الانسان جعل العقل (التفكير) اساسا لاحساسات الوجدان ,والعقل بهذا المعنى هو الضمانه الوحيده لتوجه الانسان لخالقه الحقيقي وبعد ذلك يأتي دور الرسل والانبياء,وتسهل مهمة الرسول في حال استطاع جعل الناس يستخدمون عقولهم ,ولا يعتمدون على ما الفوه من تصور ومعتقد .
انا لم اقرن الوجدان فقط بما يتعلق بالايمان بوجود الخالق , وانما الوجدان هو نتاج الاحساس بالعجز والنقص والاحتياج الناتج من غريزة التدين, واصلها هو الشعور بالعجز والاحتياج للخالق المدبر, فالاصل هو ما يتعلق بالخالق ,فاذا ترك الوجدان يقرر تصور الانسان للخالق ادى ذلك الى توجه الانسان لغير خالقه وما عبادة الاصنام والشمس والحيوان الا دليلا على خطأ ترك ذلك للوجدان ,فالشعور بالنقص والعجز والاحتياج يجب ان يكون مقرونا بالعقل في كل الاوقات ,فيمكن ان يضل الانسان بالرغم من ايمانه بالخالق عقلا ,وذلك اذا لم يجعل العقل والتفكير الاساس في كل شيء, كمن يظن ان الله يتجسد في امور ماديه ,او كمن يصور نفسه انه نبي بعد محمد عليه السلام , فالوجدان هو الشعور الناتج عن غريزة التدين ,التي اولها واساسها وجود الخالق .
ان استعمال العقل والوجدان للايمان لا يعني ان البرهان على الاسلام امر كبير ,وانما هو في متناول كل انسان. ومن قال ان البعرة تدل على البعير وان الاثره تدل على السير فسماء ذات ابراج تدل على وجود الخالق القدير هو مفكر مستنير ,وانه استخدم الوجدان والعقل للتوصل للايمان بالله, فليس للانسان استخدام العقل في هذا الامر الهام والاساس , ثم يتوجه بالسؤال لغير الله , بل لا بد ان يكون الوجدان والعقل معا وجنبا الى جنب سواء فيما يخص التصور للخالق او كيفية العباده , ومن هنا كانت حاجة الناس للرسل لان كيفية العباده لا تكون الا من الرسل , فالانسان بعقله يمكن ان يعبد غير الله ويمكن ان لا يقبل عبادة غير الخالق , ولكن كيفية العباده لا تكون بشكل صحبح وسليم الا بالوحي للرسل والانبياء,وهذا هو الاصل ولكن قد يضل الانسان ويتيه , فاذا حصل هذا فلا بد من ارشاد الانسان الى العوده للاصل ,وان عدم رجوعه قد يؤدي به للخروج من الاسلام , وهذا كله يبين لنا اهمية العقل وانه لا يصح ان يقرر مصير الانسان اساس غير مأمون العاقبه .

المستخلف
13-04-2010, 12:18 AM
عندي تساؤل آخر على هامش الموضوع، بخصوص ما ورد في ثقافتنا من اثبات صحة عقيدة الاسلام بكون الاسلام العظيم يملأ العقل قناعة والقلب طمأنينة في حين غيره ليس كذلك، والتساؤل هو ما الداعي لذكر كون العقيدة الصحيحة لا بد أن تكون موافقة لفطرة الانسان؟ ألا يكفي الدليل العقلي وملؤها للعقل قناعة وطرح الوجدان جانبا؟؟

ابو كفاح
13-04-2010, 01:09 AM
عندي تساؤل آخر على هامش الموضوع، بخصوص ما ورد في ثقافتنا من اثبات صحة عقيدة الاسلام بكون الاسلام العظيم يملأ العقل قناعة والقلب طمأنينة في حين غيره ليس كذلك، والتساؤل هو ما الداعي لذكر كون العقيدة الصحيحة لا بد أن تكون موافقة لفطرة الانسان؟ ألا يكفي الدليل العقلي وملؤها للعقل قناعة وطرح الوجدان جانبا؟؟ بسم الله الرحمن الرحيم
ان الوجدان هو امر فطري في الانسان ,وهو الشعور الفطري بالعجز والنقص والاحتياج , وهذا الشعور هو مظهر من مظاهر غريزة التدين , وهو شعور لا يتأتى محوه او كبته نهائيا , بل يمكن فقط تحويله الى وجهة خاطئه لتقديس الاشخاص من الابطال او العظماء او غير ذلك , ومن هنا كان لا بد من استخدام العقل الى جانب الوجدان في حل العقده الكبرى عند الانسان ,والاصل في التساؤلات هو الشعور او الاحساس ,الناتج عن الوجدان ,فلا يترك الوجدان وحده يقرر المعتقدات اي حل العقده الكبرى للانسان ,لان تركه دون العقل يؤدي بالانسان الى الكفر والضلال واى الترهات والاوهام ,فالوجدان وحده يضفي على الخالق صفات تتنافى مع الالوهيه , ويجعل الانسان يتوجه بالعباده لغير الله ,ولذلك لابد من تحكم العقل في الوجدان عند حل العقده الكبرى ,ومن هنا كان الحل الصحيح هو الحل الذي يتجاوب مع الوجدان اي مع غريزة التدين ,باعتبارها هي الدافع للتساؤل ,وكذلك يجب ان يكون الحل مقنعا للعقل ,اي ان لا يخالف المسلمات العقليه ,فاذا كان الحل لا يتجاوب مع غريزة التدين اي ينفي او يلغي الشعور بالنقص والعجز والاحتياج للخالق المدبر فلا يكون حلا صحيحا ,وكذلك لابد ان يكون الحل مقنعا للعقل اي ان لا يخلف المسلمات العقليه ,وذلك بالبراهين العقليه , فالحل الصحيح هو الحل الذي يملؤ العقل قنعه والقلب طمأنينه,ولا يكون الحل صحيحا اذا لم يوافق الفطره اي شعور الوجدان , ولم يقنع العقل .
فلا يكفي القول ان اقناع العقل كاف لذلك ,لكون البرهان العقلي قد يكون غير صحيح ,والمنكرون لوجود الله يدعون ان لديهم ادله عقليه وعلميه على انكارهم ,فهذان الشرطان ضروريان لاعتبار الحل حلا صحيحا , لان الحل الصحيح هو الذي ينهي كافة التساؤلات عند الانسان ,فيحصل الاطمئنان والاقتناع بالحل ,مما يؤدي لراحة الانسان وانطلاقه في الحياه .

أبو زكريّا
13-04-2010, 04:47 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
بوركت أخي أبو كفاح
صحيح إنّ الإنسان مفطور على الشعور بالعجز والنقص والاحتياج كما هو مفطور أو مبرمج على الإدراك العقلي إذا إكتسب معلومات سابقة. لذلك فإنّ الشعور بالعجز والنقص والاحتياج يأتي ضرورة بعد الإدراك أي بعد إكتساب بعض المفاهيم عن الحياة. أي الباعث على وجود الوجدان هو من غريزة التديّن والإدراك. فبدون إدراك لا وجود عقلا لغريزة التدين بل فقط إدراك غريزي ومعرفة حسيّة متعلقة بيُشبع او لا يُشبع , ويضر وينفع. فلا يمكن أن يقوم بتساؤلات.
تأمّل ما جاء في كتاب التفكير:
- فالإنسان يحس نفسه انه وجد ويحس الحياة التي فيه ويحس الكون الذي يحيا فيه . فهو منذ يميّز الأمور والأشياء يبدأ يتساءل هل قبل وجوده ووجود أمه وأبيه ومن قبلهما إلى أعلى جد يوجد شيء أم لا ، ويتساءل هل هذه الحياة التي فيه والتي في غيره من بني الإنسان يوجد قبلها شيء أم لا ، ويتساءل هل هذا الكون الذي يراه من ارض وشمس وما يسمع به من كواكب يوجد قبلها شيء أم لا ، أي هل هي أزلية وجدت هكذا من الأزل أم قبلها شيء أزلي . ثم يتساءل هل هذه الأشياء الثلاثة يوجد بعدها شيء أم لا ، أي هل هي أبدية تظل هكذا ولا تفنى أم لا .
هذه التساؤلات أو الأسئلة ترد عليه كثيرا وكلما كبر تزداد هذه التساؤلات فتكوّن عنده عقدة كبرى يسعى لحلها . فهذا التساؤل أو الأسئلة هي بحث في واقع ، أي هي نقل واقع بواسطة الحواس إلى الدماغ فيظل يحس بهذا الواقع ولكن ما لديه من معلومات لا تكفي لحل هذه العقدة الكبرى ويكبر وتزداد المعلومات ويحاول أكثر من مرة تفسير هذا الواقع بواسطة المعلومات التي لديه فان استطاع تفسير هذا الواقع تفسيرا قطعيا لا يعيد هذه التساؤلات فانه حينئذ يحل العقدة الكبرى . وإذا لم يستطع تفسير هذا الواقع تفسيرا قاطعا فانه يظل يتساءل فقد يحلها مؤقتا ولكن التساؤلات تعود إليه فيعرف انه لم يحلها وهكذا يواصل بشكل طبيعي سلسلة التساؤلات حتى يصل إلى الجواب الذي تصدقه فطرته أي يتجاوب مع الطاقة الحيوية التي لديه أي يتجاوب مع عاطفته . وحينئذ يوقن بأنه حل العقدة الكبرى حلا جازما وتنقطع عنه التساؤلات . وإذا لم تحل لديه هذه العقدة الكبرى فان التساؤلات تظل تتوارد عليه وتظل تزعجه وتظل العقدة الكبرى في نفسه ، ويظل في حالة انزعاج وفي حالة قلق على مصيره حتى يحصل هذا الحل سواء أكان حلا صحيحا أوحلا خاطئا ما دام يطمئن إليه .

- إلا أن الناس على حتمية تساؤلهم وحتمية القيام بمحاولات متعددة ومتلاحقة في الوصول إلى الإجابة أي في الوصول إلى حل العقدة الكبرى فإنهم يختلفون في الاستجابة لهذه الملاحقة فمنهم من يهرب من هذه الأسئلة ومنهم من يواصل طلب الإجابة عليها . اما وهم صغار دون سن البلوغ يتلقون الإجابة عن أسئلتهم من آبائهم . فهم يولدون خالين من هذه الأسئلة ولكن حين يبدأون يميزون ما حولهم تبدأ هذه الأسئلة ترد عليهم فيتولى آباؤهم الإجابة عليها ونظرا لثقتهم بآبائهم أو من يتولى شؤونهم يسلمون بالأجوبة تسليما ويطمئنون لهذا التسليم لأنه تسليم لمن يثقون به . فإذا ما بلغوا سن الرجولة أي بلغوا الحلم فان الأكثرية الساحقة منهم تظل عند حد الإجابة التي تلقوها والأقلية هي التي تعود لها هذه التساؤلات لعدم اطمئنانها للأجوبة التي تلقوها وهم صغار . ولذلك تعيد النظر فيما تلقوها من حل هذه العقدة الكبرى ، ويحاولون حلها بأنفسهم .

ابو كفاح
15-04-2010, 11:32 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخ المحترم ابو زكريا ـ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ان الانسان بطبيعته البشريه لديه الغرائز والحاجات العضويه , وكذلك هو كائن مفكر بما حباه الله من دماغ صالح للربط , والانسان يتلقى المعلومات السابقه من والديه , وهم الذين يعطوه الاجابات حول التساؤلات الموجوده لديه , وفي الغالب يسلم الانسان بالاجابات التي تلقاها ممن يثق بهم , ولذلك نجد الرسول يقول (كل مولود يولد على الفطره ,فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه ) فهذا الحديث يبين بشكل صريح وواضح ان كل انسان يولد على الفطره ,والتي هي الشعور بالعجز والاحتياج للخالق المدبر ,وان الوالدان او من يهيأهذا الطفل هو الذي يحرفه عن فطرته التي فطر عليها , فالاصل ان يكون الحل حلا فكريا , باعطاء هذا المولود ما يلزمه من افكار تمكنه من التفكير بشكل صحيح , لا ان يكون الحل حلا تسليميا , الدافع لقبوله الثقه بالوالدين او القبو بما عليه المجتمع , ولذلك نجد القرآن قد ذم الذين قبلوا والفوا ما عليه المجتمع دون محاكمة للعقل , ولا يقبل من المسلم الا ان يعلم انه لا اله الا الله , فحرم التقليد في العقائد , ولا يوجد اي خلاف ان الدافع للحل هو الوجدان والفكر , وما قصدته من الترتيب هو بيان اصل القضيه وليس اهمال دور الفكر , اما الحديث عن التمييز الشعوري , وهو الذي يتساوى فيه الانسان والحيوان , فهذا ايضا من حيث اصل القضيه , وهو ان الانسان دون عقل ودون فكر يميز غريزيا ما يخص غرائزه وجاجاته العضويه , وبما انه انسان مفكر لا يشبع غرائزه وجاجاته العضويه , الا بالافكار والمفاهين الموجوده لديه , بغض النظر هل الاشباعات صحيحه ام خاطئه ام شاذه , هل بنيت هذه الاشباعات على حل صحيح يوافق فطرة الانسان ويقنع العقل ,ام بنيت على حل غير صحيح وباطل ,فبحث اقناع العقل متعلق باصل الحل , من حيث ان الحل مبني على المسلمات العقليه , ومنها ان الانسان يعجز عن وضع النظام لنفسه لاسباع غرائزه وحاجاته العضويه , ومن ذلك عجزه في وضع النظام لعبادة الخالق ,لانه لا يدرك ذات الخالق المدبر , بل يدرك فقط وجوده ,فانا لم اقصد بالقول ان الوجدان هو الدافع لحل التساؤلات دون فكر, بل الموضوع هو تصور القضيه بشكل طبيعي .

مؤمن
15-04-2010, 02:54 PM
عرف الحزب الوجدان بأنه : "إدراك شعوري ناتج عن الغرائز وما عند الإنسان من نتائجها من مفاهيم"
فالوجدان أخي هو شعور داخلي أو احساس غريزي يتحرك بوجود واقع محسوس يتجاوب معه أو التفكير بما يثير الشعور ، ويحصل هذا الشعور الداخلي إما بدافع مشاعري مقرون بمفاهيم غريزية
إما يتحرك بدفع مشاعري او بدافع فكري مقرون بمشاعر حركها نفس الفكر الدافع.
اي بحيث يكون هذا الدافع الفكري مقرون بمشاعر غريزة التدين وهي الاحساس بالحاجة والنقص للخالق المدبر.
وهذه الاحساس الداخلي والشعور يقوى و يضعف بحسب المفاهم المربوطة بالمشاعر.
ويتأثر الوجدان سلبا وإيجابا بالواقئع المحسوسة وتبعا بالتفكير بما يثير هذه المشاعر وما يخدمها.
ولذلك الوجدان تعتريه حالات القوة و الضعف بحسب الواقع والتفكير فيكون قويا ويكون ضعيفا.
أما عن الايمان :فالعقيدة هي ما انعقد عليه القلب والقلب يطلق على العق ويطلق على القلب المعروف ويراد منه في هذه الحالة الوجدان ومعنى انعقاد القلب عليها هو احتواؤه لها؛ وضمها إليه ضما كاملا وأكيدا بارتياح وهذا يعني أن يأخذ الوجدان هذه الفكرة ويشدها إليه ويوافقه العقل على ذلك ولو موافقة تسليم فالاعتقاد أصله انعقاد القلب على موافقة العقل لها لهذا التصديق فقد حصل انعقاد القلب أي حصلت العقيدة بمعنى الاعتقاد .
وهنا نلاحظ أن هناك أمرين يتضافران لحصول الاعتقاد أي الإيمان عند الإنسان
وهما : القلب أي الوجدان ؛ والعقل .