مشاهدة النسخة كاملة : حقيقة الاتصال بالجن وحقيقة السحر
نمر سالم الشريم
24-02-2010, 03:14 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اود ان اسال عن حقيقة الاتصال بالجن وحقيقة تاثير السحر لما لذلك من علاقة بالتخلف والارتقاء ؟ مع الشكر الجزيل
السلام عليكم
غلب على كثير من الناس أن الجن يؤثر في الإنسان _غير الوسوسة_وقد يصرعه أي يجعله مجنونأً...وشاع بين الناس تعبير لبسه الجن..فما هي حقيقة علاقة الجن بالإنس؟
من صريح آيات القرآن يظهر لنا وبكل جلاء حقيقة هذه العلاقة والتي قالها الشيطان عندما رفض السجود لآدم وغوى وعصى الله حيث قال الله تعالى في سورة الحجر:"قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ",وقال رب العزة في سورة ص:"قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ"...فهذه هي أس العلاقة بين الجن والإنس...الإغواء...فما هو الإغواء؟
الإغواء من الغواية وتعني الضلال والمعنى: ولأضلنّهم. وإغواء الناس كلهم هو أشد أحوال غاية المغوي إذ كانت غوايته متعدية إلى إيجاد غواية غيره.
وتضليل الشيطان للبشر يكون عن طريق الوسوسة وقد ورد في القرآن الكريم هذا بعدة طرق:
1.يقول الله تعالى في سورة الآعراف:"فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ".
2.ويقول في سورة طه:"فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى".
3.ويقول الله في سورة الناس:"الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ".
فهذه الآيات تبين حقيقة العلاقة بالوسوسة...والوسوسة من قِبل الشيطان بتزيين وتبهير الامرو ومحاولة إظهارها بمظهرها الجسن,وقد جاء في القرآن كيف يوسوس الشيطان, يقول الله تعالى:" لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ".ويقول الله في آية آخرى:"وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ"...وكل الآ يات تظهر بوضوح وسوسة الشيطان للإنس وتزينه أعمالهم القبيحة.
وقد استشهد كثير من الناس بآية الربا في تأثير الشيطان على الانسان بقصد صرعه وإيذائه وخاى قتله,يقول الله تعالى في سورة البقرة(275):"ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ ٱلرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيْطَانُ مِنَ ٱلْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْبَيْعُ مِثْلُ ٱلرِّبَا وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلْبَيْعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَا فَمَن جَآءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ فَٱنْتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى ٱللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ".
قال الرازي في تفسير هذه ألاية:"لمسألة الثانية: قال الجبائي: الناس يقولون المصروع إنما حدثت به تلك الحالة لأن الشيطان يمسه ويصرعه وهذا باطل، لأن الشيطان ضعيف لا يقدر على صرع الناس وقتلهم ويدل عليه وجوه:
أحدها: قوله تعالى حكاية عن الشيطان:" وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَـٰنٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِى "
[إبراهيم: 22] وهذا صريح في أنه ليس للشيطان قدرة على الصرع والقتل والإيذاء والثاني: الشيطان إما أن يقال: إنه كثيف الجسم، أو يقال: إنه من الأجسام اللطيفة، فإن كان الأول وجب أن يرى ويشاهد، إذ لو جاز فيه أن يكون كثيفاً ويحضر ثم لا يرى لجاز أن يكون بحضرتنا شموس ورعود وبروق وجبال ونحن لا نراها، وذلك جهالة عظيمة، ولأنه لو كان جسماً كثيفاً فكيف يمكنه أن يدخل في باطن بدن الإنسان، وأما إن كان جسماً لطيفاً كالهواء، فمثل هذا يمتنع أن يكون فيه صلابة وقوة، فيمتنع أن يكون قادراً على أن يصرع الإنسان ويقتله الثالث: لو كان الشيطان يقدر على أن يصرع ويقتل لصح أن يفعل مثل معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وذلك يجر إلى الطعن في النبوّة الرابع: أن الشيطان لو قدر على ذلك فلم لا يصرع جميع المؤمنين ولم لا يخبطهم مع شدة عداوته لأهل الإيمان، ولم لا يغصب أموالهم، ويفسد أحوالهم، ويفشي أسرارهم، ويزيل عقولهم؟ وكل ذلك ظاهر الفساد".اهـ
فحقيقة المس هي اللمس وهنا استعملت مجازًا في وسوسة الجن للإنس...والذي يؤيد هذه الكلام هو قول الله تعالى على لسان النبي ايوب:"أَنّى مَسَّنِىَ ٱلشَّيْطَـٰنُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ "..أي أن الشيطان يمسّه بوسوسته المؤذية التي يحدث عندها الصرع.(الرازي).
وعلى ما تقدم لا لبس ولا تلبيس للجن على الإنس إلا بالوسوسة ومجراها من الإنسان كمجرى الدم في عروقه.
قد يقول قائل:" أن الأحكام تؤخذ من القرآن والسنة معا، ولا نقتصر في الفهم على أحدهما... وقد يقول آخر:" أن بعض المفسرين ذهب الى القول بلبس الجن الإنس.
وقبل أن أجيب أود ان أذكر وأوضح طبيعة العلاقة بين الجن والإنس...
خلق الله الجن قبل الإنسان ,وبعد أن خلق الله آدم وامر الله الملائكة والشيطان السجود له_لآدم_ تكبر وعصى ربه ظنًا منه أنه أفضل من الإنسان ,والله سبحانه وتعالى فضل الإنس على الجن بمجرد أن امر الملائكة والشيطان بالسجود مما جعل الشيطان يخرج عن امر ربه ,وأصبح الإنسان العدو الأول والوحيد للشيطان وطلب من الله أن يمهله ويجعل له قدرة الوسوسة في قلب الإنسان...وعالم الجن والملائكة من الغيبيات, ولا يمكننا أن نحكم على هذه العالم إلا من خلال القرآن والسنه,وقد أخبرنا القرآن وكذلك السنة عن طبيعة هذه العلاقة ...وهي علاقة حقد وعداوة من قِبل الشيطان للإنس ..وعلاقة غواية وضلال ...وعلاقة وسوسة وإيحاء.
والله سبحانه وتعالى قد أعطى الشيطان خاصية تميز بها عن الإنسان وتعينه على إمضاء غوايته ووسوسته , يقول الله تعالى في سورة الآعراف:"إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ ",فالآية تبين أن للشيطان مصدر قوة تنبع من كونهم يرون الإنسان ولا يستطيع الإنسان أن يراهم وفي هذا إظهاراً للتّفاوت بين جانب كيدهم وجانب حذر النّاس منهم، فإنّ جانب كيدهم قويّ متمكّن وجانب حذر النّاس منهم ضعيف، لأنّهم يأتون المكيد من حيث لا يدري, والشيطان سهل عليه أن يأتي الإنسان على حين غرة ويفاجئه ويراه في كل أحواله ويعرف كل صغيرة وكبيرة عن ذلك الإنسان.
والآن القول عن أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام في لبس الجن...فالأحاديث في هذه الصدد هي أحاديث آحاد , والجن وتأثيره على الإنس أمر غيبي يتطلب أدلة قطعية...والأحاديث التي يتناقلوها من يقول بلبس الجن..حديث المرأة التي تصرع وكانت تتكشف ,وطلبت من الله ان لا يدعها تتكشف,وليس في هذا الحديث ما يدل على اللبس!...وفي هذا المعنى قال الإمام النووي في شرحه للحديث : " حَدِيث الْمَرْأَة الَّتِي كَانَتْ تُصْرَع وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الصَّرْع يُثَاب عَلَيْهِ أَكْمَلَ ثَوَاب".
وحديث آخر هو قول النبي علية السلام:"ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان غير مريم وابنها "...فهذا لا يدل على لبس الجن الإنس..فالمولود يصرخ عند مس الشيطان له ...ولا يصرع, ثم لاحظ قوله عليه السلام :"غير مريم وابنها "...وهذا يعني أن باقي لبشر قد مسه الجن ولبسه وحتى الأنبياء _غير عيسى وأمه الصديقة_...وهذا ينافي الحقيقة والواقع.
وكما أن الملاحظ أن أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام في بيان العلاقة بين الجن والإنس أكثر ما تكون في التفريق بين المرء وزوجه...عن جابر عن النبي عليه الصلاة والسلام: "أن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة, يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا فيقول: ما صنعت شيئا, فيجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته, فيدنيه ويقول: نعم أنت".
فهذا الحديث إن دل على شئ فأنما يدل على مقدرة الشيطان على وسوسة الإنس وقوة إيحائه...فالشيطان يزين او يقبح شكل الزوج في عيون الآخر بإيحائه أن أمرأة جارك_مثلاً_ أجمل من زوجك أو أعذب أو أغنى أو..أو..أو.., والنفس البشرية تواقة الى ما هو جميل وبعيد وهكذا...
وأما الأحاديث الواردة عن الرسول عليه الصلاة والسلام في قبضه الشيطان وتقييده...فهو في الرسول لما أعطاه الله من معجزات وقدرات... وهذا الامر غير اللبس, بل هنا كان الشيطان هو المتأثر وليس المؤثر, ولم يذكر أن قام غير الرسول بمثل هذا العمل _إلا سيدنا سليمان لما سخر الله له الجن_.
وأما القول عن المفسرين الذين قالوا بلبس الجن للإنس منهم البغوي:" لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ أي الجنون. يقال مس الرجل فهو ممسوس إذا كان مجنونا"اهـ
فهذا التفسير لا يدل على أن الشيطان يلبس الجن بدليل قول البغوي"يقال مس الرجل فهو ممسوس إذا كان مجنونا".
وكذلك قول إبن كثير:"الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ أي لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له وذلك أنه يقوم قياما منكرا"...وهذا ايضًا لا يدل على اللبس,فقول الأمام إبن كثير جاء على سبيل التشبيه وعلل كلامه بقوله:" وذلك أنه يقوم قياما منكرا"...
والحقيقة أن الإمام القرطبي هو الذي قال بوضوح بتأثير الجن على الإنس وصرعه إياه.
ولكن هناك امر آخر في تعبير (يتخبطه الشيطان من المس), فالعرب رغم طول باعهم في اللغة والبلاغة فقد كانوا يعزون كل امر جلل وحادث غامض مبهم ,وكل قبيح وشاذ الى الجن ,ويزعمون أن الجن يؤثر في الإنس وفي قدراته حتى أنهم زعموا ان للشعر شيطانأ, فيقولون جاءه شيطان شعره, وأن الاودية يسكنها الجن وغير ذلك من زعماتهم ,وكانوا يعزون السرعة والنشاط الى لبس الجن للشئ . قال الأعشى يصف ناقته بالنشاط وسرعة السير، بعد أن سارت ليلاً كاملاً:
وجاء في القرآن على هذه الصبغة كما في قوله تعالى:"طَلْعُها كأنّه رُؤوس الشياطين".
وقولهم خَبَطه إذا ضربه ضرباً شديداً فاضطرب له، أي تحرّك تحرّكاً شديداً، ولما كان من لازم هذا التحرّك عدم الاتّساق، أطلق التخبّط على اضطراب الإنسان من غير اتّساق.
والذي يتخبّطه الشيطان هو المجنون الذي أصابه الصرع. فيضطرب به اضطرابات، ويسقط على الأرض إذا أراد القيام، فلما شبهت الهيأة بالهيأة جيء في لفظ الهيأة المشبه بها بالألفاظ الموضوعة للدلالة عليها في كلامهم وإلاّ لَما فهمت الهيأة المشبّه بها.(إبن عاشور).
نمر سالم الشريم
24-02-2010, 11:50 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تحياتي لك اخي السيد سليم وللاخوة جميعا :
بارك الله بك على ما اوضحته ، واحسب ان لديك المزيد ، واذا امكن ان تتحفنا برايك حول النقاطتان التاليتان في موضوع الاتصال بالجن :
1- يتناقل الناس ان الجن يمكن ان يتشكل بصورة غير صورته ، ولا ادري علام يستندون من ادلة الدين ؟ ولكن قولهم هذا يخرجهم من نفي رؤيتنا للجن (من حيث لا ترونهم ) ليثبتوا بذلك اتصال الجن بالانس او العكس .
2- الايات في صدر سورة الجن تثبت وجود صلة اخرى غير ما تفضلت بذكره ( وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن ...) فهل هناك من دليل يثبت انقطاع مثل هذه الصلة بعد بعثة سيدنا محمد عليه السلام كما ذكر لي بعض الاخوة سابقا .
السلام عليكم
وبارك الله فيك أخي الكريم نمر ,الحقيقة أنني ناقشت هذه المسائل في غير هذا المنتدى وسوف أنقلها إليكم هناوفي عروض متعددة.
ابوعبدالرحمن حمزة
27-02-2010, 10:37 AM
(موضوع الجن)
لقد دل الدليل القطعي على الإيمان بوجود الجن عند المسلمين ، ومعلوم أن معنى الإيمان هو: التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل. و ذلك لأن التصديق عن غير دليل لا يكون إيماناً، إذ لا يكون تصديقاً جازماً إلاّ إذا كان ناجماً عن دليل. فإن لم يكن له دليل لا يتأتى فيه الجزم، فيكون تصديقاً فقط لخبر من الأخبار فلا يعتبر إيماناً. وعليه فلا بد أن يكون التصديق عن دليل حتى يكون جازماً أي حتى يكون إيماناً. ومن هنا كان لا بد من وجود الدليل على كل ما يُطلب الإيمان به، حتى يكون التصديق به إيماناً. فوجود الدليل شرط أساسي في وجود الإيمان بغض النظر عن كونه صحيحاً أو فاسدا.
والدليل إما أن يكون عقلياً وإما أن يكون نقلياً. والذي يعيّن كون الدليل عقلياً أو نقلياً هو واقع الموضوع الذي يُستدل به عليه للإيمان به. فإذا كان الموضوع واقعاً محسوساً تدركه الحواس فإن دليله يكون عقلياً حتماً وليس نقلياً. وإن كان مما لا تدركه الحواس فإن دليله نقلي. ولمّا كان الدليل النقلي نفسه هو مما تدركه الحواس أي أن كونه دليلاً يدخل تحت الحس وتدركه الحواس، كان لا بد من أن يكون اعتبار الدليل النقلي دليلاً يصلح للإيمان متوقفاً على ثبوت كونه دليلاً بالدليل العقلي.
إن الإشكال في هذا الموضوع (الجن ) وغيره من القضايا العقدية التي راجت بين المسلمين إنما كان نتيجة للتساهل في القاعدة الأنفة الذكر أعني أن العقائد يجب أن يكون دليلها قطعي على كل حال فإنني سأتناول هذه القضية ملتزما بان العقائد يجب أن يكون دليلها قطعي .
أولا: من البديهي أن الجن من عالم الغيب وبالتالي فهو واقع غير محسوس فلا مدخل للعقل في إثبات وجوده وعليه فإن الدليل على وجوده هو النقل وليس العقل والإيمان بوجود الجن ، لم يختلف فيه المسلمون أي اختلاف والدليل على وجوده هو الآيات العديدة التي ذكرت في القرآن الكريم
قال تعالى: (( فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلاَّ دابةُ الأرض تأكل منسأته فلما خرَّ تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين )) وقال :(( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا)) وقال عز وجل: (( وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون )) الى غيرها من الآيات الكثيرة بل إن هناك سورة كاملة اسمها الجن.
ثانيا: العلاقة بين الإنس والجن لم يرد أي دليل(طبعا قطعي)على وجود علاقة تواصل عبر أية حاسة من الحواس بل على العكس الأدلة تدل أنه لا تواصل بينهما قال تعالى: (( قل أُوحي إليَّ أنه استمع نفر من الجن )) فالرسول علم أن نفرا من الجن استمعوا له وهو يقرأ القرآن بوحي الله له، وقال سبحانه :(يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُون).فالأية صريحة في الدلالة على أننا لا نرى الشيطان وقبيله وهم ذريته وجنوده من الجن .وقد ذكر القرآن الكريم بإن الجن يوسوس (( الذي يوسوس في صدور الناس * من الجنة والناس )) وقال: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) ويزين للإنسان قال تعالى: ( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) ( تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ) وهو ينزغ بين الناس والنزغ هو إيقاع الشر وإفساد ذات البين قال سبحانه: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)) (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا)
وهو ينسي الإنسان قال (وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) (وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ) ويعد ويستفززأي يستزل (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا) أما كيف يقع منه كل ذلك من الوسوسة والتزين والنزغ .....الخ فلا علم لنا بذلك ولكن الذي نعلمه ونتيقن منه أنه ليس عليه سلطان علي الإنسان إلا أن يدعوه قال تعالى: (( وقال الشيطان لما قضي الأمر إنَّ الله وعدَكُم وعْدَ الحق ووعدْتُّكم فأخلفتُكم وما كان لي عليكم من سلطان إلاَّ أنْ دعوتكم فاستجبتم فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم ولا أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبلُ إنَّ الظالمين لهم عذاب أليم )).
ثالثا: ما ورد في القرآن الكريم من تسخير الجن لسليمان عليه السلام ،إنما هي معجزة له صلى الله عليه وسلم ومن البديهي أن المعجزات خاصة بالأنبياء والرسل قال تعالى: (( وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون )) وقال عزوجل: (( قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أنْ تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين )) والروايات التي ذكرت فيها حوادث وقعت بين رسولنا صلى الله عليه و آله وسلم بين الجن والشيطان على فرض ثبوتها إنما هي أيضا معجزة للرسول وعليه فكل من يدعي القدرة على تسخير الجن فهو مجرد ادعاء لا دليل عليه.
بقيت مسئلة المس فكثيرا ما نسمع من الناس أن فلان به مس من الجن ويقولون لبسه الجن ويحاولون أن يستدلوا بذلك بالأية الكريمة:( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) فنقول قوله تعالى : { لاَ يَقُومُونَ } أكثر المفسرين قالوا : المراد منه القيام يوم القيامة ، وقال بعضهم : المراد منه القيام من القبر، وسيد قطب رحمه الله في ظلاله يرى انها تنطبق في الدنيا على واقع المرابين.
قوله تعالى : { إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الذى يَتَخَبَّطُهُ الشيطان مِنَ المس }
التخبط معناه الضرب على غير استواء ، ويقال للرجل الذي يتصرف في أمر ولا يهتدي فيه : إنه يخبط خبط عشواء ، وخبط البعير للأرض بأخفافه ، وتخبطه الشيطان إذا مسّه بخبل أو جنون لأنه كالضرب على غير الاستواء في الادهاش ، وتسمى إصابة الشيطان بالجنون والخبل خبطة ، ويقال : به خبطة من جنون ، والمس الجنون ، يقال : مس الرجل فهو ممسوس وبه مس ، وأصله من المس باليد ، كأن الشيطان يمس الإنسان فيجنه ، ثم سمي الجنون مساً ، كما أن الشيطان يتخبطه ويطؤه برجله فيخبله ، فسمي الجنون خبطة ، فالتخبط بالرجل والمس باليد ، أما قول الناس بأن المصروع إنما حدثت به تلك الحالة لأن الشيطان يمسه ويصرعه فهذا باطل ، لأن الشيطان ضعيف لا يقدر على صرع الناس وقتلهم ويدل عليه وجوه :
أحدها : قوله تعالى حكاية عن الشيطان { وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن سلطان إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِى } [ إبراهيم : 22 ] وهذا صريح في أنه ليس للشيطان قدرة على الصرع والقتل والإيذاء.
والثاني: لو كان الشيطان يقدر على أن يصرع ويقتل لصح أن يفعل مثل معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وذلك يجر إلى الطعن في النبوّة الثالث : أن الشيطان لو قدر على ذلك فلم لا يصرع جميع المؤمنين ولم لا يخبطهم مع شدة عداوته لأهل الإيمان ، ولم لا يغصب أموالهم ، ويفسد أحوالهم ، ويفشي أسرارهم ، ويزيل عقولهم؟ وكل ذلك ظاهر الفساد ، واحتج القائلون بأن الشيطان يقدر على هذه الأشياء بوجهين الأول : ما روي أن الشياطين في زمان سليمان بن داود عليهما السلام كانوا يعملون الأعمال الشاقة على ما حكى الله عنهم أنهم كانوا يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجوابي وقدور راسيات . والجواب عنه : أنه تعالى كلفهم في زمن سليمان فعند ذلك قدروا على هذه الأفعال وكان ذلك من المعجزات لسليمان عليه السلام والثاني : أن هذه الآية وهي قوله { يَتَخَبَّطُهُ الشيطان } صريح في أن يتخبطه الشيطان بسبب مسّه .
والجواب عنه : أن الناس يضيفون الصرع إلى الشيطان وإلى الجن ، فخوطبوا على ما تعارفوه من هذا ، وأيضاً من عادة الناس أنهم إذا أرادوا تقبيح شيء أن يضيفوه إلى الشيطان ، كما في قوله تعالى : { طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤوسُ الشياطين } [ الصافات : 65 ] .
وعليه فالآية هي صورة بيانية لمن يأكلون الربا بأنهم يقومون كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس أي كالمجنون .
أما القول بأن الايات في صدر سورة الجن ( وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن ...) تثبت وجود صلة بين الأنس والجن ، فهذا قول غير صحيح وذلك أن تفسير الآية مغاير لهذا الإدعاء ذلك أن العرب في الجاهلية كانوا إذا نزلوا بواد قالوا: نعوذ بأعز أهل هذا المكان يريدون كبير الجن ؛ قال الله:( فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) : أي إثما هذا ما تدل عليه الآية.
على أن بداية الآيات تدل بشكل واضح لا لبس فيه أن الجن مغيبين عن الأنس فالرسول وهو رسول لم يعلم باستماعهم له إلا بوحى الله له وعليه فإن الإستدلال بالآية
( وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن ...) على وجود الصلة غير صحيح.
(فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ) والله من وراء القصد.
نمر سالم الشريم
28-02-2010, 06:52 PM
بسم اللع الرحمن الرحيم
اشكر الاخوين الكريمين الاستاذ سليم والاستاذ ابو عبد الرحمن حمزة على رديهما الرائعين ، حيث ما زال الاستاذ سليم يتحفنا بالمعلومات والافكار حول الموضوع ، اكرر شكري لهما ، وابدي اعجابي بالمستوى الراقي الذي وصلا اليه من دقة الرد وشموله ، فهما بحق يتمتعان بعقل المفكر النبيه ، وسعة افق العالم البصير.
Abu Taqi
06-03-2010, 12:53 AM
هذه مشاركة للاخ سليم وضعها في مكان مستقل فنقلتها لهذا الموضوع.
السلام عليكم
هذا بحث قصير عن السحر وأنواعه وبيان رأي الإسلام فيه:
http://www.4shared.com/file/23509266...f/_online.html
muslem
06-03-2010, 05:08 AM
هذه مشاركة للاخ سليم وضعها في مكان مستقل فنقلتها لهذا الموضوع.
السلام عليكم
هذا بحث قصير عن السحر وأنواعه وبيان رأي الإسلام فيه:
http://www.4shared.com/file/23509266...f/_online.html
جزاك الله خير اخي و لكن الرابط الذي وضعت لا يعمل
The file link that you requested is not valid.
جزاك الله خير اخي و لكن الرابط الذي وضعت لا يعمل
The file link that you requested is not valid.
وهذا هو الرابط :
السحر (http://www.4shared.com/file/235092667/4d0e44bf/_online.html)
vBulletin® v4.0.2, Copyright ©2000-2024, Jelsoft Enterprises Ltd.