Abu Taqi
16-02-2010, 06:33 AM
هذه مقالة للأستاذ أحمد بن عمر، نقلها لنا الأخ مهند من موقع الناطق الإعلامي لحزب المهندس عطا، وقد كانت تحت تحليل الواقع السياسي للجزائر فرأيت نقلها لهذا القسم.
محاضـرة كان من المفروض تقديمـها
ضمـن فعاليات الذكـرى الـ 83 لهـدم «الخلافـة الإسلاميـة»
03 مارس 1924م – 03 مارس 2007م
بقلم الأستاذ/ أحمـــد بن عمــر
السـلام عليكـم ورحمـة الله تعالـى وبركاتـه...
أمـا بعـد أيـها الحضـور الكـرام:
إنّ الله سبحانه لم يُنزل القرآن على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم ليكون الإسلام ديناً كهنوتياً مقتصراً على العبادات، والتخلق بالأخلاق الفاضلة، وإنما أنزله نظاماً عالمياً للبشرية كافة، ينظم كل شأن من شؤون الحياة، من عبادات وأخلاق، وحكم وإقتصاد وإجتماع وتعليم وسياسة خارجية وداخلية، ومعاملات وعقوبات، وغير ذلك من شؤون الحياة. وفرض على المسلمين تطبيقه في دولة وحمله بالدعوة والجهاد رسالة إلى العالم. وقد طبقه المسلمون تطبيقاً فعلياً وكلياً، من أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي أيام الخلفاء الراشدين من بعده، وحملوه رسالة إلى العالم بالدعوة والجهاد. واستمر تطبيقه وحمله بعد عصر الخلفاء الراشدين من الأمويين والعباسيين والعثمانيين، إلى أن تمكنت –بعد الحرب العالمية الأولى- رأس الكفر والإستعمار إنجلترا، ومعها حليفاتها بالقضاء على دولة الخلافـة على يد عميلها مصطفى كمال أتاتورك ومكافأته بإقامة جُمهوريّـة تركية له وتنصيبه على رأسها. ومنذ ذلك التاريخ أُزيلت الدولة الإسلامية من الدنيا، بعد أن استمرت أكثر من 13 قرناً، وغاض الحكم بالإسلام من الوجود، وأصبحت أنظمة الكفر من الإشتراكية، الجُمهوريّـة الديمقراطية،...إلخ. هي التي تُطبَّق على المسلمين في جميع الأرض.
ثم مُزّق شمل المسلمين إلى كيانات هزيلة، وانتهى المسلمون كدولة إسلامية، وكدولة عظمى، وكقوة دولية تؤثر في الموقف الدولي، وفي مصائر الأمم والشعوب، وأصبحوا خاضعين لسيطرة الكفار المستعمرين ونفوذهم مباشرة في أول الأمر، ثم خضعوا لنفوذ الكفار المستعمرين عن طريق عملائهم من حكام المسلمين، ولا زالوا لهذه الساعة خاضعين لنفوذهم عن طريق هؤلاء الحكام العملاء، الذين اقتدوا بالخائن مصطفى كمال أتاتورك، وأقاموا جُمهوريّات على طول البلاد الإسلامية وعرضها.
إن بلدنا الجزائر، البلد الإسلامي الطيب، والذي غالبية أهله العظمى من المسلمين، والذي هو جزء من البلاد الإسلامية، قد أصابه من البلاء ما أصاب غيره من بقية البلاد الإسلامية، فقد احتلته فرنسا الكافرة المستعمرة في سنة 1830م، وأقصت الإسلام فيه عن الحياة، وطبّقت عليه مباشرة النظام الرأسمالي-الديمقراطي، فتحوّل إلى دار كفر-بالرغم من بقاء أهله مسلمين- وبعد أن تحرّر من الإستعمار العسكري الفرنسي الكافر سنة 1962م، أقيمت فيه ما سُمِّيت بـ"الجُمهوريّـة الجزائرية الديمقراطية الشعبية" مباشرة بعد الإستقلال، إلا أن هذه الجُمهوريّـة تَرَكَتْ، ثُمَّ أَبْعَدَتْ الإسلام عن موضع التطبيق والتنفيذ، رُغم أنه -أي الإسلام- هو السبب وهو الدافع لتحرّر البلاد من الإستعمار العسكري الفرنسي الكافر، ورغم أن في الإسلام جميع أنظمة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية...إلخ. فقد ترك حكام هذا البلد، ثم أبعدوا الإسلام عن الحكم، وأخذوا بالنظام الجُمهوريّ اقتداءاً بمصطفى كمال أتاتورك، وطبقوا التشريعات والقوانين الغربية حرفياًّ وبخاصة الفرنسية منها، التي هي تشريعات وقوانين كفر.
لقد تقلص ظلّ دولة الخلافـة (العثمانية) عن الجزائر منذ سنة 1830م وحتى هدم الخلافـة سنة 1924م، من جراء احتلال الجُمهوريّـة الفرنسية الكافرة المستعمرة لها، والذي استمر حتى سنة 1962م؛ أي أنه طيلة 132 سنة والجزائر تعيش وفق نمط حياة الجُمهوريّـة الفرنسية الكافرة المستعمرة. وها هي الجزائر اليوم في بداية القرن 21م وبعد 45 سنة من استقلالها المزعوم (1962م-2007م) ما زالت ترزح تحت وطأة الإستعمار الأوروبي (وبخاصة الفرنسي والإنجليزي) الكافر، وإن كان هذه المرة ليس بالقوات العسكرية الفرنسية، وإنما باللغة الفرنسية (والإنجليزية) والثقافة الغربية (وبخاصة الفرنسية) والتشريعات القوانين الغربية (وبخاصة الفرنسية)، تحت شعار "الجُمهوريّـة الجزائرية الديمقراطية الشعبية".
وعليه فهذا البلد الطيب حُكِمَ منذ 177 سنة (1830م-2007م)، بغير ما أنزل الله، بإسم الجُمهوريّـة الفرنسية تارة وبإسم الجُمهوريّـة الجزائرية تارة أخرى، حتى أن هذه الأخيرة قد أَلْزَمَتْ بـ"مشروع الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية" الشعب الجزائري بالعِرْفَانِ، إلى الأبد، لصُنَّاعِ نجدتها من الإسلام (السِيَاسِيِّ)، ونَصَّتْ في أمر "تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية" من خلال الفصل السادس على إجراءات تجسيد عِرْفَان الشعب الجزائري لهم.
أيـها الحضـور الكـرام:
منذ أن احتلت فرنسا الكافرة المستعمرة بلادنا في 1830م وحتى السنة الجارية 2007م وأحكام الكفر تطبق على البلاد، فقد قضت على سلطان الإسلام وأحكام الشرع وأقامت مكانها أحكام الكفر، فقد جعلت الحكم يقوم على أساس فصل الدين عن الدولة، وجعلت التشريع قوانين مستمدة من التشريع الفرنسي، ولم تترك أي أثر للإسلام لا في التشريع ولا في السلطة، ولمّا نِلْناَ الاستقلال (الوهمي) وخرجت فرنسا سنة 1962م من عندنا، وتسلّم السلطة أبناؤنا، كان يجب أن تُزال أحكام الكفر، ولكن الذي حصل أن الحكام ساروا على نفس الحكم الذي كان تسير عليه فرنسا، فأقاموا جُمهوريّـة وجعلوا عقيدة فصل الدين عن الدولة أساسها، واستمروا على تطبيق القوانين التي خلفتها فرنسا، أي استمرت أحكام الكفر التي كان تطبقها فرنسا فصار يطبقها أبناؤنا بالنيابة عن الكفر. وكان أول ما يجب عليهم فعله إزالة عقيدة فصل الدين عن الدولة من البلاد وإقامة الحكم على العقيدة الإسلامية وإلغاء القوانين التي شرعتها فرنسا وجعْل الأحكام الشرعية، وبوصفها أحكاماً شرعية، قوانين للبلاد، ولكن لم يحصل شيء من ذلك، بل استمرت أحكام الكفر تتحكم في المسلمين.
واليوم بعد أن عانت الجزائر ما عانت من أزمة الحكم، ونير أحكام الكفر، وضلالة أفكاره، وبخاصة ونحن نعيش اليوم الذكرى الـ 83 لهدم الخلافـة الإسلامية، فقد آن الأوان لنا أن نتخلّص من هذا النظام الجُمهوريّ وفكرته وأحكامه من جهة، والعمل جدِّياًّ لإعادة نظام الخلافـة من جهة أخرى، إذ أنّ الغرب الكافر المستعمر قد غَشَّى على بَصَرِ الأمَّةِ الإسلاميةِ بفِكْرِهِ عن الحياة بِعامةٍ وعن الحكم بِخاصةٍ، فكانت فكرة الجُمهوريّـة غِشَاوَة على بصر الأمَّة، فَعَمِيَتْ هذه الأخيرة عن طريق الخلافـة ثم عَمَهَتْها.
ولذلك فإننّا لا نكلّف شيئاً مَنْ نُطالبه –من أبناء هذا البلد- بإمعان النظر في فكرة الخلافـة ليجد أنّها في فترتها (683م- 1830م) ابتداءاً بـالخلافـة الأموية، فالعباسية، وأخيراً العثمانية، قد:
- حَمَلَتِ الخلافـة (الأموية) إلى الشعب الجزائري خير دين على الإطلاق، دين الله الإسلام، الذي قال الله تعالى عنه:{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ} (سورة آل عمران الآية 19)، ورَضِيَهُ له ديناً:{وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} (سورة المائدة الآية 3)، ليُنْجِيهِ في الآخرة:{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (سورة آل عمران الآية 85). فقد غَرَسَتِ الخلافـة في قلب وعقل الشعب الجزائري عقيدة لا إله إلا الله محمد رسول الله، ووَهَبَتْهُ، خَيْرَ هُوِيَّة، الهُوِيَّة الإسلامية، أساسها العقيدة الإسلامية التي وافقت فطرته وأقنعت عقله، فأخْرَجَتْهُ من ظلمات الشرك والكفر إلى نور الإيمان:{الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (سورة إبراهيم الآية 1).
- وضَمَّتِ الخلافـة الشعب الجزائري إلى خير الأمم على الإطلاق، الأمة الإسلامية التي قال الله تعالى فيها:{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} (سورة آل عمران الآية 110)، أمة الوَسَط التي كلفها الله بمسؤولية هداية ورعاية البشر إلى يوم الدين:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (سورة البقرة الآية 143)، فجَعَلَتْهُ جزءاً لا يتجزأ منها، لا فرق بينه وبين أيٍّ من شعوبها، فأَنْقَذَتْهُ الخلافـة (الأموية) من عُبُودِيَتِهِ لبيزنطة، وفَتَحَتْ به الأندلس حتى وصلتْ إلى سهول بْوَاتِيه الفرنسية. وحَرَّرَتْهُ الخلافـة (العثمانية) من الإسبان، ودفعت عنه شرور الدول الأوروبية؛ فقد كانت دِرْعه لما يقارب الثلاثة قرون ضد أوروبا. وأعَانَتْهُ الأمة الإسلامية معنوياً ومادياً للتحرّر من الإستعمار العسكري الفرنسي الكافر.
كما أننّا لا نكلّف شيئاً مَنْ نُطالبه –من أبناء هذا البلد- بإمعانِ النظرِ في فكرةِ الجُمهوريّـة (الجزائرية) ليجد أن فترتها (1962م-2007م) قد رَسَّخَت نفس الأوضاع السياسية والإقتصادية والثقافية التي تركتها الجُمهوريّـة الفرنسية الكافرة المستعمِرة، حيث:
- اغْتَصَبتْ سلطان الإسلام في بلده هذا؛ بِفَصْلِهِ عن حياة الشعب الجزائري، وحَشْرِهِ في الزوايا والمساجد لا يَتَخَطَّاها، وحَكَمَت وفق التشريعات والقوانين الغربية وبخاصة الفرنسية منها. فتَهاَفَتَ بعض أبنائه في نيران الإلحاد والتنصير.
- رَسَّخَتْ حدود الإستعمار الفرنسي وحافظت عليها (خط شال وخط موريس) باعتبارها ملجأً لها، حتى كان من أهم شعاراتها:«الجزائر أولاً وقبل كل شيء»، و«الجزائر أولاً، الجزائر ثانياً، الجزائر أبداً»، أي أصبحت هذه الجُمهوريّـة تعلو كل شيء بما فيها دين الله الإسلام.
- أَلْحَقَتِ الشعب الجزائري بأبغض الدول إليه، الدولة الفرنسية. فصار تابعاً لها في اللغة والثقافة إدارياً وتعليمياً، وفي الإقتصاد زراعةً وتجارةً وصناعةً وسياحةً.
- افْتَعَلَتْ في تاريخها مرحلتي «الإرهاب» و«المصالحة» لاستخدامهما كسلاح استراتيجي لاستئصالِ شَأْفَةِ الإسلامِ (السِيَاسِيِّ) عسكرياً وسياسياً.
يتبع
محاضـرة كان من المفروض تقديمـها
ضمـن فعاليات الذكـرى الـ 83 لهـدم «الخلافـة الإسلاميـة»
03 مارس 1924م – 03 مارس 2007م
بقلم الأستاذ/ أحمـــد بن عمــر
السـلام عليكـم ورحمـة الله تعالـى وبركاتـه...
أمـا بعـد أيـها الحضـور الكـرام:
إنّ الله سبحانه لم يُنزل القرآن على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم ليكون الإسلام ديناً كهنوتياً مقتصراً على العبادات، والتخلق بالأخلاق الفاضلة، وإنما أنزله نظاماً عالمياً للبشرية كافة، ينظم كل شأن من شؤون الحياة، من عبادات وأخلاق، وحكم وإقتصاد وإجتماع وتعليم وسياسة خارجية وداخلية، ومعاملات وعقوبات، وغير ذلك من شؤون الحياة. وفرض على المسلمين تطبيقه في دولة وحمله بالدعوة والجهاد رسالة إلى العالم. وقد طبقه المسلمون تطبيقاً فعلياً وكلياً، من أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي أيام الخلفاء الراشدين من بعده، وحملوه رسالة إلى العالم بالدعوة والجهاد. واستمر تطبيقه وحمله بعد عصر الخلفاء الراشدين من الأمويين والعباسيين والعثمانيين، إلى أن تمكنت –بعد الحرب العالمية الأولى- رأس الكفر والإستعمار إنجلترا، ومعها حليفاتها بالقضاء على دولة الخلافـة على يد عميلها مصطفى كمال أتاتورك ومكافأته بإقامة جُمهوريّـة تركية له وتنصيبه على رأسها. ومنذ ذلك التاريخ أُزيلت الدولة الإسلامية من الدنيا، بعد أن استمرت أكثر من 13 قرناً، وغاض الحكم بالإسلام من الوجود، وأصبحت أنظمة الكفر من الإشتراكية، الجُمهوريّـة الديمقراطية،...إلخ. هي التي تُطبَّق على المسلمين في جميع الأرض.
ثم مُزّق شمل المسلمين إلى كيانات هزيلة، وانتهى المسلمون كدولة إسلامية، وكدولة عظمى، وكقوة دولية تؤثر في الموقف الدولي، وفي مصائر الأمم والشعوب، وأصبحوا خاضعين لسيطرة الكفار المستعمرين ونفوذهم مباشرة في أول الأمر، ثم خضعوا لنفوذ الكفار المستعمرين عن طريق عملائهم من حكام المسلمين، ولا زالوا لهذه الساعة خاضعين لنفوذهم عن طريق هؤلاء الحكام العملاء، الذين اقتدوا بالخائن مصطفى كمال أتاتورك، وأقاموا جُمهوريّات على طول البلاد الإسلامية وعرضها.
إن بلدنا الجزائر، البلد الإسلامي الطيب، والذي غالبية أهله العظمى من المسلمين، والذي هو جزء من البلاد الإسلامية، قد أصابه من البلاء ما أصاب غيره من بقية البلاد الإسلامية، فقد احتلته فرنسا الكافرة المستعمرة في سنة 1830م، وأقصت الإسلام فيه عن الحياة، وطبّقت عليه مباشرة النظام الرأسمالي-الديمقراطي، فتحوّل إلى دار كفر-بالرغم من بقاء أهله مسلمين- وبعد أن تحرّر من الإستعمار العسكري الفرنسي الكافر سنة 1962م، أقيمت فيه ما سُمِّيت بـ"الجُمهوريّـة الجزائرية الديمقراطية الشعبية" مباشرة بعد الإستقلال، إلا أن هذه الجُمهوريّـة تَرَكَتْ، ثُمَّ أَبْعَدَتْ الإسلام عن موضع التطبيق والتنفيذ، رُغم أنه -أي الإسلام- هو السبب وهو الدافع لتحرّر البلاد من الإستعمار العسكري الفرنسي الكافر، ورغم أن في الإسلام جميع أنظمة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية...إلخ. فقد ترك حكام هذا البلد، ثم أبعدوا الإسلام عن الحكم، وأخذوا بالنظام الجُمهوريّ اقتداءاً بمصطفى كمال أتاتورك، وطبقوا التشريعات والقوانين الغربية حرفياًّ وبخاصة الفرنسية منها، التي هي تشريعات وقوانين كفر.
لقد تقلص ظلّ دولة الخلافـة (العثمانية) عن الجزائر منذ سنة 1830م وحتى هدم الخلافـة سنة 1924م، من جراء احتلال الجُمهوريّـة الفرنسية الكافرة المستعمرة لها، والذي استمر حتى سنة 1962م؛ أي أنه طيلة 132 سنة والجزائر تعيش وفق نمط حياة الجُمهوريّـة الفرنسية الكافرة المستعمرة. وها هي الجزائر اليوم في بداية القرن 21م وبعد 45 سنة من استقلالها المزعوم (1962م-2007م) ما زالت ترزح تحت وطأة الإستعمار الأوروبي (وبخاصة الفرنسي والإنجليزي) الكافر، وإن كان هذه المرة ليس بالقوات العسكرية الفرنسية، وإنما باللغة الفرنسية (والإنجليزية) والثقافة الغربية (وبخاصة الفرنسية) والتشريعات القوانين الغربية (وبخاصة الفرنسية)، تحت شعار "الجُمهوريّـة الجزائرية الديمقراطية الشعبية".
وعليه فهذا البلد الطيب حُكِمَ منذ 177 سنة (1830م-2007م)، بغير ما أنزل الله، بإسم الجُمهوريّـة الفرنسية تارة وبإسم الجُمهوريّـة الجزائرية تارة أخرى، حتى أن هذه الأخيرة قد أَلْزَمَتْ بـ"مشروع الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية" الشعب الجزائري بالعِرْفَانِ، إلى الأبد، لصُنَّاعِ نجدتها من الإسلام (السِيَاسِيِّ)، ونَصَّتْ في أمر "تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية" من خلال الفصل السادس على إجراءات تجسيد عِرْفَان الشعب الجزائري لهم.
أيـها الحضـور الكـرام:
منذ أن احتلت فرنسا الكافرة المستعمرة بلادنا في 1830م وحتى السنة الجارية 2007م وأحكام الكفر تطبق على البلاد، فقد قضت على سلطان الإسلام وأحكام الشرع وأقامت مكانها أحكام الكفر، فقد جعلت الحكم يقوم على أساس فصل الدين عن الدولة، وجعلت التشريع قوانين مستمدة من التشريع الفرنسي، ولم تترك أي أثر للإسلام لا في التشريع ولا في السلطة، ولمّا نِلْناَ الاستقلال (الوهمي) وخرجت فرنسا سنة 1962م من عندنا، وتسلّم السلطة أبناؤنا، كان يجب أن تُزال أحكام الكفر، ولكن الذي حصل أن الحكام ساروا على نفس الحكم الذي كان تسير عليه فرنسا، فأقاموا جُمهوريّـة وجعلوا عقيدة فصل الدين عن الدولة أساسها، واستمروا على تطبيق القوانين التي خلفتها فرنسا، أي استمرت أحكام الكفر التي كان تطبقها فرنسا فصار يطبقها أبناؤنا بالنيابة عن الكفر. وكان أول ما يجب عليهم فعله إزالة عقيدة فصل الدين عن الدولة من البلاد وإقامة الحكم على العقيدة الإسلامية وإلغاء القوانين التي شرعتها فرنسا وجعْل الأحكام الشرعية، وبوصفها أحكاماً شرعية، قوانين للبلاد، ولكن لم يحصل شيء من ذلك، بل استمرت أحكام الكفر تتحكم في المسلمين.
واليوم بعد أن عانت الجزائر ما عانت من أزمة الحكم، ونير أحكام الكفر، وضلالة أفكاره، وبخاصة ونحن نعيش اليوم الذكرى الـ 83 لهدم الخلافـة الإسلامية، فقد آن الأوان لنا أن نتخلّص من هذا النظام الجُمهوريّ وفكرته وأحكامه من جهة، والعمل جدِّياًّ لإعادة نظام الخلافـة من جهة أخرى، إذ أنّ الغرب الكافر المستعمر قد غَشَّى على بَصَرِ الأمَّةِ الإسلاميةِ بفِكْرِهِ عن الحياة بِعامةٍ وعن الحكم بِخاصةٍ، فكانت فكرة الجُمهوريّـة غِشَاوَة على بصر الأمَّة، فَعَمِيَتْ هذه الأخيرة عن طريق الخلافـة ثم عَمَهَتْها.
ولذلك فإننّا لا نكلّف شيئاً مَنْ نُطالبه –من أبناء هذا البلد- بإمعان النظر في فكرة الخلافـة ليجد أنّها في فترتها (683م- 1830م) ابتداءاً بـالخلافـة الأموية، فالعباسية، وأخيراً العثمانية، قد:
- حَمَلَتِ الخلافـة (الأموية) إلى الشعب الجزائري خير دين على الإطلاق، دين الله الإسلام، الذي قال الله تعالى عنه:{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ} (سورة آل عمران الآية 19)، ورَضِيَهُ له ديناً:{وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} (سورة المائدة الآية 3)، ليُنْجِيهِ في الآخرة:{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (سورة آل عمران الآية 85). فقد غَرَسَتِ الخلافـة في قلب وعقل الشعب الجزائري عقيدة لا إله إلا الله محمد رسول الله، ووَهَبَتْهُ، خَيْرَ هُوِيَّة، الهُوِيَّة الإسلامية، أساسها العقيدة الإسلامية التي وافقت فطرته وأقنعت عقله، فأخْرَجَتْهُ من ظلمات الشرك والكفر إلى نور الإيمان:{الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (سورة إبراهيم الآية 1).
- وضَمَّتِ الخلافـة الشعب الجزائري إلى خير الأمم على الإطلاق، الأمة الإسلامية التي قال الله تعالى فيها:{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} (سورة آل عمران الآية 110)، أمة الوَسَط التي كلفها الله بمسؤولية هداية ورعاية البشر إلى يوم الدين:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (سورة البقرة الآية 143)، فجَعَلَتْهُ جزءاً لا يتجزأ منها، لا فرق بينه وبين أيٍّ من شعوبها، فأَنْقَذَتْهُ الخلافـة (الأموية) من عُبُودِيَتِهِ لبيزنطة، وفَتَحَتْ به الأندلس حتى وصلتْ إلى سهول بْوَاتِيه الفرنسية. وحَرَّرَتْهُ الخلافـة (العثمانية) من الإسبان، ودفعت عنه شرور الدول الأوروبية؛ فقد كانت دِرْعه لما يقارب الثلاثة قرون ضد أوروبا. وأعَانَتْهُ الأمة الإسلامية معنوياً ومادياً للتحرّر من الإستعمار العسكري الفرنسي الكافر.
كما أننّا لا نكلّف شيئاً مَنْ نُطالبه –من أبناء هذا البلد- بإمعانِ النظرِ في فكرةِ الجُمهوريّـة (الجزائرية) ليجد أن فترتها (1962م-2007م) قد رَسَّخَت نفس الأوضاع السياسية والإقتصادية والثقافية التي تركتها الجُمهوريّـة الفرنسية الكافرة المستعمِرة، حيث:
- اغْتَصَبتْ سلطان الإسلام في بلده هذا؛ بِفَصْلِهِ عن حياة الشعب الجزائري، وحَشْرِهِ في الزوايا والمساجد لا يَتَخَطَّاها، وحَكَمَت وفق التشريعات والقوانين الغربية وبخاصة الفرنسية منها. فتَهاَفَتَ بعض أبنائه في نيران الإلحاد والتنصير.
- رَسَّخَتْ حدود الإستعمار الفرنسي وحافظت عليها (خط شال وخط موريس) باعتبارها ملجأً لها، حتى كان من أهم شعاراتها:«الجزائر أولاً وقبل كل شيء»، و«الجزائر أولاً، الجزائر ثانياً، الجزائر أبداً»، أي أصبحت هذه الجُمهوريّـة تعلو كل شيء بما فيها دين الله الإسلام.
- أَلْحَقَتِ الشعب الجزائري بأبغض الدول إليه، الدولة الفرنسية. فصار تابعاً لها في اللغة والثقافة إدارياً وتعليمياً، وفي الإقتصاد زراعةً وتجارةً وصناعةً وسياحةً.
- افْتَعَلَتْ في تاريخها مرحلتي «الإرهاب» و«المصالحة» لاستخدامهما كسلاح استراتيجي لاستئصالِ شَأْفَةِ الإسلامِ (السِيَاسِيِّ) عسكرياً وسياسياً.
يتبع