ابواحمد
12-02-2010, 07:48 PM
تقرير واشنطن – حنان سليمان
يأمل كثيرون مع قدوم الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى البيت الأبيض في إعادة إحياء التعاون عبر ضفتي الأطلنطي، بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتجاوز مرحلة التوتر خاصة على المسرح الشرق أوسطي باعتباره منطقة تشتعل بالصراعات التي تختلف حولها الرؤى الأمريكية والأوروبية، وليس أدل على ذلك من حرب العراق (مارس 2003) التي سببت انقسامًا وتصدعًا حادًّا حتى في الأوساط الأوروبية ذاتها، وأحدثت توترًا في العلاقات على ضفتي الأطلنطي.
لكن الحقيقة هي أن الخلاف الأمريكي ـ الأوروبي أعمق من حرب العراق بكثير، فهو يحمل جذورًا لا علاقة لها بالقوة العسكرية بل بالنهج المختلف لكل طرف فيما يتعلق بقضايا الديمقراطية والإصلاح في الشرق الأوسط. وللوقوف على مدى التشابه أو الاختلاف في الاستراتيجية الأمريكية والأوروبية لنشر الديمقراطية، أصدر مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط Saban Center for Middle East Policy بمؤسسة بروكينجز Brookings Institution منذ بضعة أسابيع دراسة تحليلية بعنوان "أوروبا، الولايات المتحدة وديمقراطية الشرق الأوسط : إصلاح الصدع" Europe, the United States, and Middle Eastern Democracy: Repairing the Breach.
نشر الديمقراطية بين أمريكا وأوروبا
تشرح الدراسة التي أعدها الباحثان تمارا كوفمان Tamara Cofman Wittes بمؤسسة بروكينجز Brookings Institution، ومديرة مشروع ديمقراطية وتنمية الشرق الأوسط، وريتشارد يانجز Richard Youngs منسق مؤسسة العلاقات الدولية والحوار الأجنبيFoundation for International Relations and Foreign Dialogue (FRIDE) مبادئ الاستراتيجيتين المختلفتين. فبينما تنطلق الفرضية الأوروبية على أساس أن الأوروبيين هم أكثر دراية بالمنطقة وشعوبها من الأمريكيين نظرًا لتاريخهم الاستعماري في الشرق الأوسط مقابل سياسة أمريكية تحمل درجة عالية من السذاجة، تنطلق الاستراتيجية الأمريكية من منطلق التغير التدريجي الرافض للإجراءات العقابية وتفضيل عرض الحوافز بدلاً من تبني لهجة خطابية حادة، في إشارة إلى أن السياسة التي اتبعتها الإدارة الأمريكية السابقة كانت سياسة شاذة عن النهج الأمريكي.
توضح الدراسة أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اختلفا على قضايا بارزة تتعلق بالإصلاح في المنطقة بما أثر على العلاقات بين الطرفين وجعلها تفتقر للثقة في مرحلة ما بعد هجمات سبتمبر 2001 عندما وجدت إدارة جورج بوش حاجة ملحة في نشاط دبلوماسي لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط في سياق معركة كسب القلوب والعقول ضمن الحرب على الإرهاب.
وبالرغم من إعلان أمريكا وأوروبا التزامهما القوي بدعم الديمقراطية العربية باعتبارها دعامة أساسية لضمان أمن الدول الغربية، إلا أن هذه الالتزامات سرعان ما تلاشت بفوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير 2006، ليعود الطرفان من جديد لسياستهما القديمة القاضية بدعم أنظمة "الحكم الاستبدادية" في العالم العربي مع إبداء قدر من الاهتمام بالحوار مع جماعات المعارضة الإسلامية وإن كان ذلك الحوار قد تم في مراحل مختلفة.
مبادرات إدارة بوش تغرد خارج السرب
وفي معرض تحليلها لسياسة نشر الديمقراطية التي انتهجتها إدارة بوش، ذكرت الدراسة أن الإدارة الأمريكية السابقة غالبًا ما وجهت انتقادات حادة للأنظمة العربية في هذا الخصوص كما أنها اتخذت قضية الديمقراطية في بعض الأحيان ذريعة لتبرير عزل الحكومات "غير الصديقة" أو غير الموالية لها.
وأضحت أن السياسة الأمريكية في ذلك الوقت أكثر ميلاً إلى استخدام العصي أي لغة التهديد والوعيد مقارنة بأوروبا التي قدمت الجزر أي الحوافز الاقتصادية والسياسية لتحقيق انجازات محددة على صعيد الديمقراطية والحرية.
ومن هذا المنطلق، أطلقت إدارة بوش مبادرة "الشرق الأوسط الكبير" أو The Greater Middle East Initiative عام 2004 على أمل تبنيها في ختام مشاورات مجموعة الدول الثماني الصناعية G8، إلا أنها قوبلت بجملة من الاعتراضات الأوروبية التي اعتبرت أن واشنطن تسعى لاستغلال التواجد والخبرة الأوروبية في المنطقة لصالحها في محاولة لانتزاع السيطرة على القضية فتستأثر وحدها بالمبادرات الفعالة. كما عبرت الاعتراضات الأوروبية أيضًا عن رفض استبعاد الحكومات العربية أو المجتمعات المدنية في هذه المنطقة من المشاورات لأخذ رأيهم في الاعتبار عند وضع بنود المبادرة، ليتغير اسم المبادرة بعد ذلك إلى مبادرة الشرق الأوسط الأوسع وشمال إفريقيا Broader Middle East and North Africa (BMENA) بعد تشاور الأوروبيين مع الحكومات العربية واستبعاد باكستان وأفغانستان من النطاق الجغرافي للمبادرة مع الربط بين جهود الإصلاح وإحراز تقدم على صعيد الصراع العربي ـ الإسرائيلي.
وبخلاف هذه المبادرة، فإن هناك أيضًا مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية "AMEI" American Middle East Partnership Initiative التي تعمل على نشر الديمقراطية والتي بلغت ميزانيتها منذ إطلاقها عام 2002 وحتى عام 2008 أكثر من 534 مليون دولار، بالإضافة إلى 370 مليون دولار إضافية إجمالي ميزانيات مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمال بوزارة الخارجية الأمريكية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية United states Agency for international Development (USAID) اللذان قاما بتمويل مشروعات في الحكم الرشيد ومشروعات حقوقية نسائية وأخرى تعليمية.
وفي الجهة المقابلة، لا تزال المشروعات الأوروبية لنشر الديمقراطية والإصلاح والحكم الرشيد تعاني من ضعف التمويل بالرغم من زيادة ميزانياتها، وتقول الدراسة: إن المنطقة العربية تعتبر أكثر المناطق ضعفًا للتمويل على الأجندة الأوروبية خاصة في مجال الدعم السياسي.
يأمل كثيرون مع قدوم الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى البيت الأبيض في إعادة إحياء التعاون عبر ضفتي الأطلنطي، بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتجاوز مرحلة التوتر خاصة على المسرح الشرق أوسطي باعتباره منطقة تشتعل بالصراعات التي تختلف حولها الرؤى الأمريكية والأوروبية، وليس أدل على ذلك من حرب العراق (مارس 2003) التي سببت انقسامًا وتصدعًا حادًّا حتى في الأوساط الأوروبية ذاتها، وأحدثت توترًا في العلاقات على ضفتي الأطلنطي.
لكن الحقيقة هي أن الخلاف الأمريكي ـ الأوروبي أعمق من حرب العراق بكثير، فهو يحمل جذورًا لا علاقة لها بالقوة العسكرية بل بالنهج المختلف لكل طرف فيما يتعلق بقضايا الديمقراطية والإصلاح في الشرق الأوسط. وللوقوف على مدى التشابه أو الاختلاف في الاستراتيجية الأمريكية والأوروبية لنشر الديمقراطية، أصدر مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط Saban Center for Middle East Policy بمؤسسة بروكينجز Brookings Institution منذ بضعة أسابيع دراسة تحليلية بعنوان "أوروبا، الولايات المتحدة وديمقراطية الشرق الأوسط : إصلاح الصدع" Europe, the United States, and Middle Eastern Democracy: Repairing the Breach.
نشر الديمقراطية بين أمريكا وأوروبا
تشرح الدراسة التي أعدها الباحثان تمارا كوفمان Tamara Cofman Wittes بمؤسسة بروكينجز Brookings Institution، ومديرة مشروع ديمقراطية وتنمية الشرق الأوسط، وريتشارد يانجز Richard Youngs منسق مؤسسة العلاقات الدولية والحوار الأجنبيFoundation for International Relations and Foreign Dialogue (FRIDE) مبادئ الاستراتيجيتين المختلفتين. فبينما تنطلق الفرضية الأوروبية على أساس أن الأوروبيين هم أكثر دراية بالمنطقة وشعوبها من الأمريكيين نظرًا لتاريخهم الاستعماري في الشرق الأوسط مقابل سياسة أمريكية تحمل درجة عالية من السذاجة، تنطلق الاستراتيجية الأمريكية من منطلق التغير التدريجي الرافض للإجراءات العقابية وتفضيل عرض الحوافز بدلاً من تبني لهجة خطابية حادة، في إشارة إلى أن السياسة التي اتبعتها الإدارة الأمريكية السابقة كانت سياسة شاذة عن النهج الأمريكي.
توضح الدراسة أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اختلفا على قضايا بارزة تتعلق بالإصلاح في المنطقة بما أثر على العلاقات بين الطرفين وجعلها تفتقر للثقة في مرحلة ما بعد هجمات سبتمبر 2001 عندما وجدت إدارة جورج بوش حاجة ملحة في نشاط دبلوماسي لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط في سياق معركة كسب القلوب والعقول ضمن الحرب على الإرهاب.
وبالرغم من إعلان أمريكا وأوروبا التزامهما القوي بدعم الديمقراطية العربية باعتبارها دعامة أساسية لضمان أمن الدول الغربية، إلا أن هذه الالتزامات سرعان ما تلاشت بفوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير 2006، ليعود الطرفان من جديد لسياستهما القديمة القاضية بدعم أنظمة "الحكم الاستبدادية" في العالم العربي مع إبداء قدر من الاهتمام بالحوار مع جماعات المعارضة الإسلامية وإن كان ذلك الحوار قد تم في مراحل مختلفة.
مبادرات إدارة بوش تغرد خارج السرب
وفي معرض تحليلها لسياسة نشر الديمقراطية التي انتهجتها إدارة بوش، ذكرت الدراسة أن الإدارة الأمريكية السابقة غالبًا ما وجهت انتقادات حادة للأنظمة العربية في هذا الخصوص كما أنها اتخذت قضية الديمقراطية في بعض الأحيان ذريعة لتبرير عزل الحكومات "غير الصديقة" أو غير الموالية لها.
وأضحت أن السياسة الأمريكية في ذلك الوقت أكثر ميلاً إلى استخدام العصي أي لغة التهديد والوعيد مقارنة بأوروبا التي قدمت الجزر أي الحوافز الاقتصادية والسياسية لتحقيق انجازات محددة على صعيد الديمقراطية والحرية.
ومن هذا المنطلق، أطلقت إدارة بوش مبادرة "الشرق الأوسط الكبير" أو The Greater Middle East Initiative عام 2004 على أمل تبنيها في ختام مشاورات مجموعة الدول الثماني الصناعية G8، إلا أنها قوبلت بجملة من الاعتراضات الأوروبية التي اعتبرت أن واشنطن تسعى لاستغلال التواجد والخبرة الأوروبية في المنطقة لصالحها في محاولة لانتزاع السيطرة على القضية فتستأثر وحدها بالمبادرات الفعالة. كما عبرت الاعتراضات الأوروبية أيضًا عن رفض استبعاد الحكومات العربية أو المجتمعات المدنية في هذه المنطقة من المشاورات لأخذ رأيهم في الاعتبار عند وضع بنود المبادرة، ليتغير اسم المبادرة بعد ذلك إلى مبادرة الشرق الأوسط الأوسع وشمال إفريقيا Broader Middle East and North Africa (BMENA) بعد تشاور الأوروبيين مع الحكومات العربية واستبعاد باكستان وأفغانستان من النطاق الجغرافي للمبادرة مع الربط بين جهود الإصلاح وإحراز تقدم على صعيد الصراع العربي ـ الإسرائيلي.
وبخلاف هذه المبادرة، فإن هناك أيضًا مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية "AMEI" American Middle East Partnership Initiative التي تعمل على نشر الديمقراطية والتي بلغت ميزانيتها منذ إطلاقها عام 2002 وحتى عام 2008 أكثر من 534 مليون دولار، بالإضافة إلى 370 مليون دولار إضافية إجمالي ميزانيات مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمال بوزارة الخارجية الأمريكية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية United states Agency for international Development (USAID) اللذان قاما بتمويل مشروعات في الحكم الرشيد ومشروعات حقوقية نسائية وأخرى تعليمية.
وفي الجهة المقابلة، لا تزال المشروعات الأوروبية لنشر الديمقراطية والإصلاح والحكم الرشيد تعاني من ضعف التمويل بالرغم من زيادة ميزانياتها، وتقول الدراسة: إن المنطقة العربية تعتبر أكثر المناطق ضعفًا للتمويل على الأجندة الأوروبية خاصة في مجال الدعم السياسي.