المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حزب التحرير والخلافة



ابو العبد
07-01-2010, 10:05 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الكلمة التي القاها احد شباب حزب التحرير في الضفة الغربية في امسية حوار...

حزب التحرير و الخلافة

لقد خلع الكافر المستعمر ردحا من عمر الزمن يجهد في محاولة القضاء على الاسلام ، و لما كان القرن التاسع عشر، و على ضوء الثورة الصناعية في الغرب ، قام الكفار الغربيون بشن حملة فكرية كاسحة على العالم الاسلامي ، تمكنوا من جرّائها من زعزعة ثقة المسلمين بنظام الاسلام ، أي بمجوعة المفاهيم و المقاييس و القناعات التي يقوم عليها كيان الامة و كيان الدولة، وتمكنوا من إزالة أي وصف سياسي عن الاسلام، كما نفروا المسلمين من الخلافة، مشبهينها بالحكم الثيوقراطي حينا، و بالدكتاتوري أحيانا أخرى . و بذلك تمكنوا من القضاء على الخلافة موضوعا قبل ان يقضوا عليها ذاتا بمعونة طغمة من خونة العرب و الترك . و قاموا على إثر ذلك بتركيز استعمارهم المباشر في العالم الاسلامي، على قدم و ساق مع غزو المسلمين – لا سيما مفكريهم و سياسييهم – بالقيادة الفكرية الراسمالية، أي باساس فكرة الغرب عن الحياة . فأحكموا قبضتهم على المسلمين كما يقبض فقير على درهم !
و خيّل للغرب آنذاك في أكثر أحلامه جموحا أنه قد استأصل شأفة الاسلام مرة واحدة و إلى الابد. فلا الاوضاع الفكرية البالية، ولا طبقة السياسيين والمفكرين بما فيها التكتلات الحزبية كانت تنبىء عن تغيير جذري، يحرر بلاد المسلمين، و يقلع نفوذ الغرب الفكري و السياسي ، و يستأنف العمل بالاسلام في الحياة و الدولة و المجتمع. بيد أن الله قيض لمبدأ الاسلام حزبا سياسيا واعيا، يحمل الدعوة للاسلام قيادة فكرية في الطريق السياسي، مستهدفا إنهاض الامة، و إقامة الخلافة ، و بناء المجتمع ، و حمل رسالة الاسلام للعالم . ذاك هو حزب التحرير.
و بالرغم من ضعف وسائل الاسلام ، و قوة وسائل الكفر، إلا أن قوة الفكرة الاسلامية ، ووعي حزب التحرير عليها ، مكنه من خوض المعارك الفكرية و السياسية بشكل رائع ، أفضى في وقت قياسي إلى احياء الناحية السياسية في الاسلام، و نقله من الناحية الروحية المحضة إلى الناحية السياسية و الفكرية، حتى التصق بالحزب وصفه السياسي وصبغته الفكرية في أذهان الحكام و السياسيين و المفكرين ناهيك عن عوام الناس. وأصبح مشهورا عن الحزب أنه يريد تسلم السلطة لاقامة دولة اسلامية. ولما دخل الحزب مرحلة التفاعل أخذ يركز مفهوم الدولة الاسلامية محاولا تقريب صورة الخلافة إلى أذهان مسلوبة للحضارة الغربية، مذهولة بديموقراطيتها. فالحزب أعلن منذ اليوم الاول أنه يسعى لاستئناف الحياة الاسلامية و حمل الدعوة الاسلامية ، وأنه يتقصد الوصول إلى السلطة لاقامة الدولة الاسلامية لتحقيق غاياته. بيد أن نجاح الحزب في نقطة الانطلاق، واستيقاظ الحكام والأوساط السياسية عليه كحزب سياسي معين له مبدأ معين ، يريد مزاحمتهم على الحكم، و تطلع الشباب أنفسهم إلى الحكم، حتم على الحزب لما دخل دور التفاعل أن يرمز صراحة إلى الحكام و الامة على أخذ الحكم . فصار لا بد من افهام الامة الاساس الذي يزاحم الحزب الحكام لاخذ الحكم منهم بواسطتها عليه، أي افهامها أنه الاسلام، وإفهامها علاوة على ذلك أنه الخلافة، وقد كان الحزب قبل ذلك يستعمل تعبير الدولة الإسلامية، وتعبير الحكم بالإسلام ، حتى في دستوره الذي اخرجه باديء الامر كان يقول الدولة الاسلامية ، و رئيس الدولة ، و لا يقول الخلافة و الخليفة. وكان القصد من ذلك التقريب للأفكار وإيجاد الجو الذي يدرِك فيه الناس من مسلمين وغير مسلمين معنى دعوة الحزب لإقامة الخلافة، من أنه ليس خليفة كخلفاء العثمانيين في أواخر أيامهم، بل إقامة نظام حكم إسلامي يُحكم فيه بما أنزل الله في الدولة كلها. ولما نجح الحزب في نقطة الانطلاق أخرج كتاب الخلافة، ليوجِد مناقشات في الخلافة وليبلور معنى إقامة الدولة الإسلامية وإيجاد الحكم بالإسلام بأنه إيجاد نظام الخلافة وإقامة خليفة. و لم يعد الحزب يفوت فرصة لا يتحدث فيها عن الخلافة، بوصفها نظام الحكم في الاسلام ، مبينا أجهزتها ، شارحا وظيفتها ، مجليا الفرق بينها و بين أنظمة الحكم الاخرى، و عن جريمة هدمها، و فرضية العمل لاقامتها، وكونها قضية مصيرية تستأهل أن يتخذ تجاها إجراء الحياة او الموت، وعن كيفية اقامتها، طالبا من المسلمين العمل معه في سبيل ذلك. و كان من جراء ذلك أن التصقت الخلافة بحزب التحرير، حتى لكأنها اصبحت رديفا لاسمه ، لا يذكر الحزب إلا ومعه الخلافة ، و لاتذكر الخلافة إلا و الحزب معها. و عزز ذلك تجمد المجتمع في وجه الحزب، مما صعب التفاعل مع الناس و ايصال الافكار، وأخذ الكثير من الشباب يتخيرون من الافكار ما لا يجر عليهم مغرما إن هم نافشوا الناس بها. فأخذ الحزب يركز الافكار مزيدا بعد،حتى اصبح مطلق التركيز على العقيدة و الخلافة و الجهاد. وبعد المحاولة الاولى للوصول إلى الحكم عام1969 أصبح تفكير الشباب محصورا في تسلم الحكم، و أهملوا الامة و سقيها بالافكار فترة من الزمن. ولم يبق من فكر الحزب في المجتمع و في نقاشات الناس سوى القليل، كانت الخلافة ابرزها .وزاد الطين بلة حالة الجمود التي دخل فيها الحزب قرابة عقدين من الزمن، فكانت ضغثا على ابالة. كل هذا كاد أن يختزل الحزب بفكرته و طريقته و هدفه في الخلافة. فصار لا بد من التفكير في ذلك، و أثره على سير الحزب، وعلاج ما قد يترتب عليه.
لاشك أن الحزب قد أحرز نصرا مؤزرا على الغرب الكافر باحياء فكرة الخلافة، و ايجاد النقاش حولها، و ربطها بحزب سياسي جديّ كحزب التحرير، و تحويلها من مجرد تاريخ يقرأ إلى مشروع سياسي طموح. ولكن السؤال الذي يطرح :ما هو دور الخلافة في فكر الحزب كحزب سياسي ؟ و كيف يمكن للحزب أن يبلور فكرة الخلافة كمفهوم سياسي في اذهان المسلمين؟
إن الحزب أدرك أن أزمة الامة هي أزمة فكرية في المقام الاول ، وأن هدم الخلافة لم يكن سوى أثر لحالة التردي الفكري ، و أن انقاذ الامة الاسلامية من الفناء يكون باعادة ثقتها بصحة أفكر الاسلام و أحكامه و صدقها وصلاحيتها ، عن طريق جعل الوقائع و الحوادث تنطق بهذه الصحة و هذا الصدق، لتحصل القناعة التامة بذلك ، أي عن طريق حمل الدعوة الاسلامية في الطريق السياسي ، اي بالعمل لايجاد الخلافة الاسلامية عن طريق بث الافكار الاسلامية و الكفاح في سبيلها . فالعمل على ايجاد الخلافة يترتب عليه تصوير الاسلام عقيدة سياسية يحتوي على نظام للحكم كما يحتوي الاخلاق، و يفصل في المعالجات الاقتصادية كما يفصل في احكام العبادات، و يتناول العلاقات الدولية كما يتناول علاقات الافراد في المجتمع . كما أنه يترتب عليه تصوير الحياة الاسلامية، وأنظمة المجتمع فيها ، و تصوير الدولة الاسلامية، و دورها في تطبيق الاسلام و حمله إلى الامم و الشعوب . و بعبارة اخرى تغيير نظرة الناس إلى الحياة المتمثلة في مجموعة من المفاهيم و المقاييس و القناعات . فالدولة من حيث هي كيان تنفيذي لمجموعة من المفاهيم و المقاييس و القناعات تقبلتها مجموعة من الناس، أي هي مجموعة من المفاهيم و المقاييس و القناعات و مجموعة من الناس يربط بينهما السلطان. فاقامة الدولة إنما تعني ايجاد المفاهيم و المقاييس و القناعات التي يقوم عليها كيانها ، وحمل الناس عليها ، و على التوجه في الحياة على اساسها . وقد وضح الحزب أن غايته ليست استلام الحكم ، و لا حتى استلام الحكم لاجل تنصيب خليفة ، بل هي بناء دولة. فالخلافة ليست غاية للحزب ، بل هي طريقة لاستئناف الحياة الاسلامية و حمل الدعوة الاسلامية . لذا نجد أن الحزب قد تناول الخلافة في ثقافته بالحد الذي يبلور صورتها في الاذهان ، تمكنه من السير في طريق ايجادها لاستئناف الحياة الاسلامية . فهو قد تناول شروط الخليفة كما تناول اثبات وجود الله، و تناول اجهزة الحكم كما تناول القضاء و القدر ، و تناول صلاحيات الحاكم كما تناول الروح و الروحانية و الناحية الروحية . و بالاجمال تناولها في ثقافته كما تناول باقي أفكار الاسلام و أحكامه بالحد الذي يمكنه من انهاض الامة و بناء المجتمع و اقامة الدولة و حمل الدعوة. فكان من الخطر تصوير الحزب على أنه حزب الخلافة ، لا يعني نفسه الا بها و الدعوة اليها و الحديث عنها. على أن الحزب لما كان حزبا سياسيا انقلابيا ، يستهدف تغيير الانظمة في المجتمع ابتداءا بنظام الحكم ، فهو يعني نفسه بالحكم ، و بنظام الحكم ، و بالوصول إلى الحكم ، فكان لا بد من ايجاد صورة عنه أنه حزب سياسي ، يعني نفسه بالحكم الحاضر في العالم الاسلامي ، فالسلطة القائمة و الحكم المسيطر و السلطان الذي يخضع له الناس ، هذا الحاضر هو الذي يستهدف الحزب تسلمه بواسطة الامة ، فيغير شكله و نظامه ، و يسير من اجل تطبيق الاسلام و حمل رسالته . و يترتب على ذلك ألا يقال للامة أن مصالحها تتحق عند قيام الخلافة ، لان هذا القول يبعد الناس عن ادراك تحقق مصالحهم ، و يساعد على ابعاد الحزب عن الحكم و عن التاثير في الحكم . بل يتعرض للطريقة التي يحكم بها الناس حسب احكام الاسلام ، ببيان الحكم الشرعي ، على نحو يوجد القناعة بصحة الاسلام و صدقه وصلاحيته ، و يمكن الحزب من التاثير في السلطة ، و اسقاطها في نهاية الامر . فمثلا : يتناول الحزب مشاكل الناس و همومهم ، و يتبنى مصالحهم ، لا سيما القريبة منها ، و لا يقول لهم أنها تتحقق عند قيام الخلافة هكذا دون أن يبين الحكم الشرعي و يعالج الوقائع السياسية و يتبنى مصالح الامة لاجل تحقيقها فعلا ، و لا يقحم عليهم الخلافة اقحاما في النقاشات ، يفقد الحديث معناه ، و يبعد الاذهان عن ادراك الاحكام الشرعية منزلة على الواقع ، بل يحصر البحث و يركزه في موضوعه أي في واقعه . على أنه لا يغفل الناحية العملية في تطبيق الاحكام ، و ربط المعالجات بطريقة تنفيذها ، و بيان أن الدولة هي الطريقة العملية لتطبيق الاحكام ، كل ذلك بالحد الذي يلزم لتوضيح الحكم الشرعي ، و الناحية العملية فيه ، دون ابتذال لافكار الحزب ، يجعل مجرد ذكرها ممجوجا عند الناس .
هذا من حيث دور الخلافة في فكر الحزب ، وصورة الحزب عند الامة على أنه حزب سياسي . أما عن تركيز الناحيةالسياسية في فكرة الخلافة عند الامة، فإن الحزب يعمل على ايجاد راي عام للخلافة ، و تحويله إلى قوة شعبية تمكنه من اقامتها ، و للحزب طريقة في قياس الراي العام ، و هي قياس الافكار و المشاعر السائدة في المجتمع عن مصالح الناس وعلاقاتهم . و المتابع للراي العام ، المدقق في توجهات الامة يجد أن الخلافة قد وجد لها رأي عام ، و أنها آخذة في التحول إلى فكرة سياسية . بيد أن الناحية السياسية لا زالت تفتقر إلى بلورة تجلي واقع الخلافة تمام الجلاء ، تجعل الامة تبذل الغالي و الثمين في سبيل اقامتها . و علاج ذلك يكون بتغيير مفهوم الناس عن العمل السياسي من حيث هو على النحو الذي وضحناه، و يكون بادراك واقع الدولة التي يريد حزب التحرير اقامتها من حيث هي دولة معينة لها شكل مخصوص. فالخلافة هي نظام الحكم في الدولة الاسلامية، فالدولة لا تكون اسلامية إلا إذا كانت الخلافة هي شكل الحكم فيها. فلا بد من بيان شكل دولة الخلافة و اجهزتها و تشكيلاتها، و تمييزها عن غيرها من اشكال الحكم ، في قالب سياسي بعيدا عن التفصيل الفقهي إلا عند لزومه، فالبحث في الخلافة بحث سياسي في الاساس، فهو بحث في أعلى مناصب الحكم، و بالطبع هو بحث في افكار الحكم، وليس بحثا فقهيا عاديا .

ابو العبد
07-01-2010, 10:08 AM
ومن الخطر الاقتصار على ذلك، فالتفكير في الخلافة لا بد أن يكون تفكيرا سياسيا لاجل معالجة الواقع،لا لادراك واقع الحكم فقط . فإن الامة و هي تلمس أزمة الحكم في العالم الاسلامي، و تلمس أزمة الحكم في كثير من انحاء العالم جراء تطبيق أنظمة الكفر، و هي تلمس ذلك و تعاني اثاره حري بها أن تدرك أفكار الحكم في الاسلام، أي أن تدرك أحكام الخلافة، لتدرك ادراك تدبر أنها و قعت على علاج أزمات الحكم في العالم ، و منه العالم الاسلامي. وما لم تدرك الامة ذلك فإن الخلافة ستبقى فكرة دينية، او تاريخية ، تلجأ إليها الامة لتبحث عن امجدها الضائعة في سير الخلفاء، و تستجيب للداعي لها لما لجرس لفظها من أثر في ذاكرة المسلمين ، بعيدا عن إدارك واقعها السياسي من حيث هي علاج لازمة الحكم في العالم و منه العالم الاسلامي. فمثلا: تعدد رؤوس السطلة في البلد الواحد – كما هو حاصل في تركيا مثلا- يقال للامة في شأنه أن القيادة في الاسلام فردية ، و أن الخلافة هي خليفة يطبق الشرع ، و أن له السلطة المطلقة وفق نظام الاسلام، لا ينازعه فيها أحد . و مثلا: تسلط الحكام على رقاب المسلمين يقال في شأنه أن الخلافة عقد مراضاة و اختيار ، فلا بد من ضمانهما لانه حكم العقد ، فإذا لم يتحقق فإن العقد يكون باطلا ، فالامة تختار من يحكمها ، و تبايعه عن رضا منها . إلا ان السلطان الذي هو حق الامة لا ينتهي بنصب خليفة ، بل يبقى السلطان لها في كل الاحوال ، و يكون مظهره بمحاسبة الخليفة على اعماله في تطبيق الشرع، و في رعاية شؤونها . و يجب عليه أن يخضع لمحاسبتها ، وأن يبين لها الحال التي تشكو منها ، و تحاسبه عليها . حتى لو شهرت السلاح في وجهه لا يحل له أن يقاتلها حتى يبين لها الشبهة التي لديها ، ووجه الحق الذي يراه . و مثلا:تقلب القوانين و تغيرها و منع تمرير تشريع البعض منها في دول الغرب – كامريكا مثلا – يقال للامة في شأنه أن تبني التشريعات هو من حق الخليفة وحده ، فلا مجلس الامة ، و لا الاحزاب ، ولا مجوعات الضغط و لا الراسماليين هم الذين يوجهون التشريع في الدولة ، و بهذا يكون تبني التشريعات أمر مباشر ميسور .
على أن قيام الخلافة إنما يعني تحرير البلاد الاسلامية من نفوذ الاستعمار،و تطبيق أحكام الاسلام و توحيد بلاد المسلمين في دولة واحدة .فكان لا بد من توضيح المعنى السياسي لهذه الامور. أما عن تحرير بلاد المسلمين ، فإن الامة قد ضللت عن طريق التحرير الحقيقي ، و عن اسلوب الكفاح الذي يحققه . و خيل للبعض أن الدعوة للخلافة هي طريق التحرير ، و أن الاساليب البائسة التي تثير الامة ولا تحرك فيها التفكير هي اساليب الكفاح التي تحققه . فتحولت الخلافة لدى هؤلاء إلى شعار مفرغ من المتحوى ، تماما كشعار الاسلام هو الحل . و عمي عليهم أن انقاذ الامة من سطوة الكفر و نفوذه إنما تكون بادراك مخططاته ، و كشف مؤامراته ، بوعي سياسي نادر ،و ايجاد التفكير السياسي عند الامة على ارفع وجه ممكن ، و قيادتها لاحباط المؤامرات فورا، لا بتخديرها بالقول أن قيام الخلافة سوف يحررها ، دون أن تدرك للتحرير معناه الحقيقي .كما عمي عليهم أن الدعوة للخلافة دون أن يكون في ذهن الامة تصور عن واقع الدول الكبرى ، و مخططاتها ، و مكائدها التي تحيكها للحيلولة دون عودة الاسلام ، لا ينتج شيئا ، و لا يقرب من اقامة الخلافة قيد شعرة ، ناهيك عن أنه يعقد طريق التحرير ، و يضع الامة في مواجهة الاخطار غير متسلحة إلا بامل الخلافة . فلا بد أن يدرك المسلمون أنهم ما بقوا ضحايا للتضليل السياسي ، و اداوات لتنفيذ مخططات الكفر ، فلن تقوم للاسلام قائمة . و ما تركيز الحزب على رفع الناحية السياسية في العقد المنصرم ، إلا تعبيرا عن ادراكه أن الاجواء متاحة للدخول مع الامة في ناحية رفع تفكيرها السياسي ، و أن الدعوة يجب أن تتحرك في اتجاه انقاذ الامة و تحريرها ، على قدم و ساق مع العمل لاقامة الخلافة و انهاض الامة .
أما عن تطبيق الاسلام ، فإن الغرب الكافر قد أدرك أن الامة قد استيقظت على مبدأ الاسلام ، واخذت تتطالب بالاحتكام إليه ، و تؤيد من يدعو – أو يدّعي أنه يدعو- إلى تطبيقه في الحياة و الدولة و المجتمع . ففكر وقدر، فقتل كيف قدر ، ثم قتل كيف قدر . فكر و مكر للمسلمين بأن يعطيهم ما يريدون ، فسمح بوصول بعض الاسلاميين للحكم ، او اشراكهم فيه ، إما لاجل افشالهم و اجهاض المشروع الاسلامي ، و احباط الامة و ادخالها في حالة اليأس ، او لايجاد توجه يقبل بأن يكون الاسلام بديلا مطروحا يقبل المشاركة في الحكم ، و اقتسام الادوار . ثم إنه وجه الحكام، ووسائل الاعلام لتسمح للمسلمين بالتعبير عن حبهم للاسلام ، و شوقهم للعيش في ظله في اشكال تافهة، توهم المسلمين بأنه في مكنتهم تطبيق أحكام الاسلام دون أن يغيروا أنظمة الكفر . وبذلك اصبحت الدعوة للتغيير الجذري بقلع الانظمة و اقامة الخلافة أصعب من ذي قبل . فلا بد من مهاجمة من يقبل بالاشتراك بالحكم من الاسلاميين بشكل عنيف ، يعريه و يفضح تفاهته و تواطئه . ولا بد من تركيز فكرة التغيير الجذري ، وأن الاسلام لا يقبل القسمة على اثنين ، وأن على المسلمين أن يأخذوه جملة ، وأن احكام الاسلام آحذ بعضها برقاب بعض ، وان طريقة ايجاد الاسلام في الحياة و الدولة و المجتمع إنما تكون بقلع السلطة القائمة ، و تغيير انظمة المجتمع تغييرا انقلابيا يبدأ بنظام الحكم. وأن هذا هو معنى دعوة الحزب لاقامة الخلافة .
أما عن توحيد بلاد المسلمين ، فإن الوحدة من أكثر الافكار عرضة للتضليل الفكري و السياسي ، فقد قام الكفار الغربيون لا سيما امريكا و بريطانيا باقامة تكتلات في بلاد المسلمين ، ظاهرها أنها توحيد لها ، وحقيقتها انها تكريس لتمزيقها ، و الحفاظ عليها كما هي . فالجامعة العربية ، و الجامعة الاسلامية ، و منظمة المؤتمر الاسلامي كانت اشكالا سياسة كرست تمزيق العالم الاسلامي ، و تلاعبت بعواطف المسلمين التواقة للوحدة . و اليوم تمارس امريكا ابشع صور التمزيق في اطار ما صار يعرف بمشروع الشرق الاوسط الكبير ، الذي هو مشروع لبعث الملل و النحل ، و تقسيم الامة على اسس اثنية و طائفية ، تفتت الامة ثقافيا فضلا عن تقسيمها الجغرافي . فعلى الحزب أن يقوم بعملية بناء شاملة للامة ، يصهرها في مبدأ الاسلام ، و ينقيها من الادران و المفاسد التي ادت إلى انحطاطها ، او التي تكونت أثناء انحطاطها ، كالوطنية و القومية و الطائفية . و أن يباشر في مخاطبة الامة بوجوب توحيد البلاد الاسلامية ولو بالقوة . فالوحدة بين مصر و سوريا واجب ، كان التراجع عنه جريمة . و الوحدة بين العراق و الكويت واجب ، و الوحدة بين باكستان و بنغلادش واجب ، و هكذا . و لا بد أن يكون واضحا عند الامة أن توحيد البلاد الاسلامية لا ينفصل عن تطبيق احكام الاسلام ، فلا بد من توحيد البلاد بعد تحريرها ، او السير في تحريرها بعد توحيدها ، كما لا بد من تطبيق الاسلام ، و استئناف العمل به . و هذا هو معنى اقامة الخلافة . فلا بد ان تلمس الامة أن اقامة الخلافة هو هذا ، و ليست مبايعة خليفة ، او استلام الحكم في بلد في اقاصي الارض . فلا يقال للامة بان اقامة الخلافة توحد بلاد المسلمين ، بل لا بد أن تدرك الامة معنى الوحدة ، و عدم انفصالها عن التحرير و عن استئناف العمل بالاسلام ، و بهذا تدرك معنى قيام الخلافة ، ومعنى دعوة الحزب لها .
بهذا يتأتى اعادة الصورة الحقيقة للحزب ، و لمعنى دعوته للخلافة ، و يتأتى تحويل الخلافة إلى فكرة سياسية ، لا مجرد شعار يدغدغ المشاعر ، و يبعثر الطاقات . و يتاتى العمل السياسي في المجتمع بمباشرة رعاية الشؤون ، مع وضوح للغاية يبعد عنها أي غموض .
و الله نسال و اليه نبتهل أن يمدنا بروح من عنده وأن يعقد لنا لواء النصر أنه على ذلك قدير .

ابواحمد
10-02-2010, 08:49 PM
السلام عليكم ور حمة الله وبركاته
لاشك ان هذا الطرح العميق المستنير المبصرللواقع والواعي على الذات وعلى سلوك الامة ومواقفها من الحزب والفكرة .وهو مايعكس حالة اليقظة والتنبه وعمق الاحساس الفكري لدي الحزب وشبابه .

دعواتنا لكم بالتوفيق والنجاح الدائم وزادكم الله هدا ورشادوكثرالرجال من امثالكم .ودمتم

muslem
02-08-2012, 09:53 AM
يرفع للتذكير