المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس من الهجرة .. مكة أولاً



فرج الطحان
23-12-2009, 05:39 PM
منقول
"درس من الهجرة .. مكة أولا ً" .. احمد الزرقان



عندما ضاقت زعامات قريش برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبدعوته ذرعاً ، وتملكتهم شهوة الإنتقام وبتحريض من إبليس عليه لعنة الله ، عقدت هذه الزعامات العربية الحاقدة مؤتمر قمة طارئ , له صفة الإستعجال للأهمية في دار الندوة في مكة , حضره إبليس على هيئة شيخ ناصح من نجد - كما هو الحال في مؤتمرات القمم العربيه بمباركة من الشيطان الأكبر أمريكا - وفي بداية اللقاء كانت التوصية من عمر بن هشام الملقب بأبي جهل ( أن لا يرفعوا أصواتهم حتى لا يسمعهم رب محمد - صلى الله عليه وسلم - فيبلغ محمداً أسرار هذه القمة المبنية على المؤامرة , والكيد , والعدوان ، فرد عليهم رب العزة سبحانه وتعالى : ( وأسرّوا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور * ألا يعلمُ من خلق وهو اللطيف الخبير ) [ الملك 13- 14] .. ثم بدأت المداولات فقال: أحدهم أرى أن نقيد محمداً بالقيود ونحبسه حتى يموت ، فرد عليه الشيخ النجدي ما هذا بالرأي إنكم إن قيدتم محمداً فسيطلق أهله سراحه ، ثم إنبرى زعيم أخر فقال: أنا أرى أن ننفي محمداً خارج مكة فعندها نُكفى شره وأذاه ، فقال: لهم الشيخ النجدي بئس الرأي رأيك إن محمداً أينما حل وحيثما إرتحل فسينشر دعوته بحلو لسانه وعذاب بيانه وقوة منطقه وحجته ، إذاً فما الرأي فقام أبو جهل وقال: إنني أرى أن نجمع من كل قبيلة فتىً جَلداً ونعطيه سيفاً بتاراً , ويقفون بباب محمداً فإذا خرج إلى صلاة الغداة إجتمعوا عليه وضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه بين القبائل فلا تقوى بنوا هاشم على الأخذ بثأره ، وعندئذ هز الشيخ النجدي رأسه طرباً مما سمع , وقال نعمَ الرأي رأيك يا عمر بن هشام ووافقه الجميع, وانفض السامر سريعاً لتنفيذ المؤامرة بالسرعة الممكنة ليلا لتتم المهمة فجراً.. ولكن الله سبحانه وتعالى نقل صورة الإجتماع كاملة إلى حبيبه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بقوله عز من قائل : ( أم أبرموا أمراً فإنا مبرمون * أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ) [ الزخرف 79-80 ] .. ثم يأتي بتفاصيل الإجتماع السري بقوله تعالى : ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليُثبِتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) [ الأنفال 30 ].. ومكر هؤلاء الساده خداع , وخبث , ودهاء ، ومكر الله عقاب , وبطش , وانتقام ، مصداقاً لقوله تعالى : ( ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون * فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون ) [ النحل 50-52 ] ولما أحكموا المكيدة وأمروا أربعين شاباً جَلداً مدججين بالسلاح وهم من كافة قبائل قريش بتطويق بيت الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - ليلاً وفرض الحصار حتى إذا ما خرج لصلاة الفجر ضربوه ضربة رجل واحد فقتلوه ، وكان أبو جهل يمر على الشباب مشجعاً ومحفزاً ويقول إياكم أن يفوتكم هذه الليلة محمداً إنها الفرصة الذهبية الأخيرة للخلاص والراحة منه ، وكانت بنات الرسول - صلى الله عليه وسلم - يبكين على أبيهن خوفاً من قتله ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لهن مطمئناً ( إن الله مانع أباكم ) وأبو جهل وهو يشجع الشباب قال له أحدهم: هل نحن قاتلون محمداً , قال: نعم هذه مهمتكم ، قال: فلم الإنتظار حتى الصباح لم لا نتسور عليه وندخل البيت ونقتله وننهي المهمة بسرعة ونستريح فقال: له أبو جهل : وتقول العرب أن أبا الحكم قد روع بنات محمد في بيتهن لا والله لا تفعلوا ، ونقف عند هذا المشهد العجيب أبو جهل وبما حمل قلبه من حقد وكره وغل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخشى أن تُعيّره العرب أنه روع بنات الرسول - صلى الله عليه وسلم- في بيتهن بكسر الباب واختراق حرمة المنزل وقتل أباهن بين أيديهن ، ما يمنعك يا أبا الحكم ؟ المروءة والرجولة وشهامة العرب التي تقتضي عدم دخول المنازل لحرمتها وعدم ترويع النساء ، فيا ليت حكام العرب وأجهزتهم الأمنية وزوار الفجر التي تدعي العروبة والإسلام ليتها تعتبر من أبي جهل , فإن لم يمنعها خلق الإسلام , وتعاليمه السمحة , ودين الرحمة , فالمروءة , والرجولة, والشهامة العربية تفرض ذلك عند الجاهلين وتردعهم خوفاً من سمعة العار بين العرب فما بالك يا من تدعي الإسلام والإيمان والعروبة والأصالة والخلق .

ثم يُلقي الله النعاس والنوم الشديد على الشباب المُحاصِر ويخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأ سورة ياسين وإمعاناً في التحدي يضع على رؤسهم جميعاً التراب , ويذهب إلى بيت أبي بكر , ويصعدان إلى غار ثور , وعندما تنفس الصباح , وأشرقت الشمس بنور ربها , جاء أحد الرعاة , ووجد المُحاصِرين نائمين حول بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحيطون به إحاطة السوار بالمعصم , فأيقضهم , وقال: ماذا تريدون, قالوا: نريد قتل محمد - صلى الله عليه وسلم – قال: لقد خرج محمد ووضع التراب على رؤوسكم ووالله لقد قابلني محمداً مع أبي بكر خارجين من مكة ، وتسور الشاب الهائج المائج المغرور الباب , ووجدوا علياً كرم الله وجهه ينام في فراش الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندئذ جن جنون قادة قريش فذهب أبو جهل يصحب أبا سفيان إلى بيت أبي بكر, ويطرقان الباب فتخرج أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها- فيقول: أبو جهل أين أبوك, قالت: لا أعلم , ومن شدة الغضب والحنق وفشل المخطط لطمها على وجهها حتى أطار قرطها , ولما قفلا راجعين ندم أبو جهل على فعلته , وانتبه أنه عمل عملاً مخزياً ومشيناً ,فأمسك بيد أبي سفيان فقال: يا أبا سفيان ناشدتك بالرحم التي بيننا , أن تكتم عني ما رأيت حتى لا تقول العرب أن أبا الحكم يضرب جاريه تتكتم على أبيها ، مرة أخرى أبو جهل يخشى أن تُعيّره العرب بخرق مبادئ الرجولة , والمروءة , والشهامة التي تلتزم بها العرب في الجاهلية كمبادئ لا يجوز خرقها أو التجاوز عليها ، ابو جهل يحسب حسابا للرأي العام , والاعلام العربي (الشعراء) , ويا ليت هذه المعاني العربية الجاهلية يحضى بها جلاوزة العذاب في عالمنا العربي الذين لا يعرفون حرمة بيت , أو امرأة , أو طفل , هؤلاء مدعي الإيمان والإسلام في العصر الحديث عصر الحريات والديمقراطيات المصطنعة وجمعيات حقوق الإنسان الكاذبة ، فاين نحن من هذه المعاني العربية الطيبة الكريمة , والتي حافظ عليها الإسلام , ونمّاها , ورعاها , وأكدها في كتابه الكريم وفي سيرة رسوله العظيم العطرة , وصحبه الغرالميامين .

وصعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر - رضي الله عنه - إلى غار ثور ورغم أن قريشاً وقفت على باب الغار الذي لا يتسع إلا لإثنين حتى أن أبا بكر - رضي الله عنه - كان يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم - يا رسول الله بينما أنا أعتدل في جلستي إذ وقعت عيناي في عيني أبي جهل ما أظن الرجل إلا قد رآني , فيرد عليه الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم- في ثبات الجبال الرواسي بقوله تعالى : ( وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ) [ الأعراف 198 ] ( يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟ إن الله معنا ) فمعية الله مع الأمة ما دامت مع الله , ومع تطبيق شرعه , وإلتزام أمره , وإجتناب نهيه ، وحمى الله رسوله وصاحبه في الغار بخيوط بيت العنكبوت هذا هو السلاح القوي الذي استخدمه الله للرد على جبروت قريش : ( وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ) [ العنكبوت 41 ] ليعطينا ربنا درساً ونحن نعيش هذه الظروف الصعبة , وتكالب الأمم علينا والصراع المرير مع ألد أعداء الله من يهود وأميركان ، إن معية الله ونصره يمنحها الله لعباده المخلصين الطائعين , وإن الله ينصر المؤمنين ولو كانوا قلة بأضعف جنده , وما علينا إلا أن نعد الأسباب كما أمر ربنا , ونتوكل على الله , فلا بد أن ينزل النصر من عند الله لا محالة , وهذه هي سنة الله ونواميسه التي لا تتبدل ولا تتغير على امتداد التاريخ ومر الزمان.

( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ) [ التوبة 40 ] .

وبعد أن مكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه ثلاثة أيام في الغار , واطمأن أن قريشاً قد هدأت , خرج مهاجراً إلى المدينة وعندما أصبح على خط الأفق من مكة , جلس في ظل شجرة , وهو ينظر إلى مكة بحزن وألم , مودعاً , وعيناه قد إغرورقت بالدمع ثم قال : ( والله إنني لأعلم أنك أحب أرض الله إلى الله وأحب الأرض إليّ ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت ) , ثم هطلت دمعات ساخنة على وجنتيه الشريفتين , وودع الحبيب مكة الحبيبة بالدموع , والعواطف الجياشة , والعبارات الحانية , المليئة بالحب , والحنين , والوجد ، فمكة كانت أحب البقاع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- لأنها أحب البقاع إلى الله فمكة أولاً , والمدينة ثانياً , والقدس الشريف ثالثاً , لأن الأولى تحتضن بيت الله الحرام , والثانية فيها مسجد الرسول وقبره الشريف , والثالثة فيها المسجد الأقصى المبارك , ولكن دين الله أولى منها جميعاً فالإنسان المسلم قد يترك هذه البقاع المشرفة المكرمة من أجل الحفاظ على دين الله , وتبليغه لأن دين الله أهم من كل شيء ودين الله هو أولا ً وآخراً .

ابو عمر الحميري
28-05-2010, 04:23 PM
من الدروس المستفادة من الهجرة :
1- التخطيط الدقيق والاخذ بالاسباب فعندما اخبر الله نبيه بأن قريشا تأتمر به ليقتلوه ذهب الى بيت ابي بكر في وقت الظهر على غير عادته ورسم هو وابو بكر خطة الهجرة .
2- التمويه على قريش بأن جعل عليا ينام في فراشه حيث تسجى علي ببردة النبي عليه السلام حتى يوهم قريشا بأنه لا زال نائما في فراشه .
3- التضحية ويتجلى ذلك في مبيت علي في فراش النبي عليه السلام فداء له وكذلك موقف اسماء رضي الله عنها عندما كانت ترسل الطعام لوالدما وللرسول عليه السلام حيث كانت تقطع ثلاثة اميال في كل ليلة حيث ظلام الليل ووحشة الطريق وكذلك مواقف ابي بكر رضي الله عنه حيث دخل الغار قبل الرسول عليه السلام ليتأكد من خلوه من كل ما هو مؤذ حتى لا يصاب الرسول بأي اذى .
4- حفظ السر حيث ان اسماء رضي الله عنها لم تبح بمكان الرسول وابي بكر عندما سألها عدو الله ابي جهل عن ذلك فلم تخبره بشيء رغم انه لطمها على وجهها .
5- التوكل على الله والاعتماد عليه والثقة به وذلك عندما قال ابي بكر للرسول عليه السلام ( يا رسول الله لو نظر احدهم تحت قدمه لرآنا ) فأجابه عليه السلام ( ما ظنك يا ابا بكر بإثنين الله ثالثهما لا تحزن ان الله معنا ) وكذلك عندما لحقهما سراقة وغاصت فرسه في الرمال وبدأ يستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عليه السلام ( ارجع ولك سواري كسرى ) .
هذه بعيض من الدروس المستفادة من الهجرة النبوية الشريفة تلك الهجرة التي كانت من اجل اقامة دولة الاسلام الاولى في المدينة المنورة على ساكنها افضل السلام .