سليم
18-06-2008, 10:55 PM
السلام عليكم
لقد حاول المفكرون الغربيون ان يعرفوا النهضة من خلال واقعهم المرير الذي كانوا يعيشونه أيام الكنيسة وتعسفها,واستبداد رجال الكنيسة واضطهاد العلم ورجاله ووصل الامر بالكنيسة ان تقتل العلماء الذين فندوا حقائق دينيه مقدسه على حد تعبير رجال الدين ,فخرجوا بتعاريف تجاري فكرة فصل الدين عن الحياة.فرأوا أن القضية كامنة في مدى الحرية التي يتمتع بها الإنسان. ورأوا أنه بقدر ما يتمتع الإنسان بالحرية تبرز قدرته على الإبداع والإنجاز والابتكار، فيؤدي به ذلك حتماً إلى التقدم والنهوض. بخلاف ما إذا خضع للعبودية والاستبداد والقيود بشتى أنواعها، فإنه حينئذ يعجز عن الحركة والإبداع والإنجاز، فيرتكس به ذلك حتماً إلى الانحطاط والتخلف والتقهقر. وقالوا أن أهم عائق يقف بين الإنسان وحريته في الحركة والعمل هو تعلقه بأوهام الغيب والكهنوت وما يسمى بالكائنات الروحانية غير المحسوسة. ويرى هؤلاء أن الشعوب حين يسيطر التفكير الديني على أذهانها، والنزعة الروحية على حياتها ومجتمعها ودولتها فإنها تبتعد عن التعاطي مع الواقع المحسوس، وتبقى مشدودة للتعلق فيما وراء المادة والحياة والكون، وتبقى أسيرة للمفاهيم الدينية والكهنوتية التي تحول بينها وبين حرية الحركة والإنتاج والإبداع، مما يؤدي بها إلى إهمال الواقع الحياتي وبالتالي إلى انحطاطها.
ومن مفكريهم الذين قالوا بهذا (ول ديورونت)فيقول:"وقد وجّه كثير من المسيحيين همهم كله إلى العمل على أن يستقبلوا يوم الحساب الرهيب طاهرين من الدنس، فكانوا لذلك يرون في كل لذة من ملذات الحواس غواية من غوايات الشيطان، ولهذا أخذوا ينددون بعالم الجسم ويعملون لكبت الشهوات بالصوم وبكثير من أنواع التعذيب البدني، وكانوا ينظرون بعين الريبة إلى الموسيقى والخبز الأبيض والخمور الأجنبية والحمامات الدافئة وحلق اللحية،ويرون في هذه الأعمال استهانة بإرادة الله الجلية الواضحة للعيان".وكذلك مارتن لوثر رائد الاصلاح الديني جيث يقول:"أنت لا تستطيع أن تقبل كلاً من الإنجيل والعقل، فأحدهما يجب أن يفسح الطريق للآخر إن كل آيات عقيدتنا المسيحية التي كشف لنا الله عنها في كلمته أمام العقل مستحيلة تماماً ومنافية للمعقول وزائفة... إن العقل هو أكبر عدو للإيمان... إنه أفجر صنائع الشيطان، كبغيّ فتك بها الجرب والجذام، ويجب أن توطأ بالأقدام ويقضى عليها هي وحكمتها... فاقذفها بالروث في وجهها... وأغرقها في العماد..."
وها هو فولتير الذي نقد في مؤلفاته التاريخية النظرة الإنجيلية والمسيحية عن تطور المجتمع ورسم خطوطاً عريضة لتاريخ الإنسانية. ففلسفة التاريخ تقوم عنده على أساس فكرة التطور التقدمي للمجتمع في استقلال عن إرادة الله، وقد ناضل ضد الكهنوتية وما سماه بالشطحات الخيالية الدينية. وكانت المسيحية والكنيسة الكاثوليكية الهدف الرئيس لتهكمه حيث اعتبرها العدو الرئيس للتقدم.واسمع الى ما يقوله جان جاك روسّو الذي اعتُبر كتابه "العقد الاجتماعي" عمدة الثورة الفرنسية الكبرى والذي أصبح إنجيل الشعب الفرنسي عقب الثورة، يدعو إلى الإيمان بالله وإنكار الوحي، وبالتالي إلى فصل الدين عن الحياة.
هذه هي خلاصة المفهوم الغربي المعاصر عن حركتي الانحطاط والنهضة في التاريخ,الا ان واقع النهضة يخالف ما جاء به هؤلاء العلماء,ولم يستطعوا ان يفسروا سر النهضة الاسلامية التي كانت قائمة على الدين والعباده.
وهذا يدل على ان تعريفهم للنهضة على هذا النمط غير صحيح,وبما انها نهضة فالاصل ان تنطبق على كل النهضات.
والحق هو ان النهضة لا تكون الا بوجود حضارة يقوم على اساسها ويرتقي ويسمو بها او انه ينحط ويهوي بها ,ومعنى الحضارة "طريقة عيش يعرف بها كل مجتمع على حدة"، وبما أن سلوك الناس وعلاقاتهم وطريقة عيشهم هي رهن المفاهيم التي يحملونها عن الحياة، فهذا يعني أن الحضارة "هي مجموعة المفاهيم عن الحياة". وعندما كان المسلمين يطبقون افكار الاسلام خير تطبيق وعلى احسن وجه كانوا اكثر شعوب العالم نهضةً ,وبذلك تحققت النهضة في بلاد العرب لتتوسع وتشمل مساحة عظيمة من المعمورة، منتشرة بسرعة لم يسجل لها التاريخ مثيلاً، من الصين شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً. ويصف ديورانت البلاد الإسلامية في ظل الخلافة، فيرى أن "الخلفاء قد أمّنوا الناس إلى حد كبير على حياتهم وثمار جهودهم، وهيأوا الفرص لذوي المواهب، ونشروا الرخاء على مدى ستة قرون في أصقاع لم تر قط مثل هذا الرخاء بعد عهدهم، وبفضل تشجيعهم ومعونتهم انتشر التعليم، وازدهرت العلوم والآداب والفلسفة والفنون ازدهاراً جعل آسية الغربية مدى خمسة قرون أرقى أقاليم العالم كله حضارة".
أما في أوربا، فقد أدى الصراع بين رجال الكنيسة من جهة والملوك والفلاسفة من جهة أخرى إلى ولادة مبدأ جديد هو الراسمالية,. وهذا ما أدى إلى النهضة الغربية التي لاتزال قائمة إلى يومنا هذا، وتعمل على غزو المجتمعات وتحويلها إلى طريقة عيشها.
هذا هو التفسير الحقيقي للنهضة. إنها ذلك الارتقاء الفكري المتمثل في عقيدة عقلية سياسية تصلح قاعدة لأفكار المجتمع وأصلاً لانبثاق نظامه وأساساً لحضارته. وبعبارة مختصرة : إن وجود "المبدأ" لدى أمة هو السبب في نهضتها.
واما سبب سقوط الحضارات فهو ما اشار اليه المؤرخ "توينبي" الإنكليزي المتوفى سنة 1975 هو عجز النخبة الخلاقة عن الاستمرار في مواجهة التحديات المستمرة كما واجهتها بداية الأمر، فيقول:"عندما تنحط الأقلية الخلاقة في تاريخ أي مجتمع من المجتمعات إلى أقليّة مسيطرة تحاول أن تحافظ بالقوة على مركز لم تعد تستأهله، هذا التبدل الهدام في طبيعة العنصر الحاكم يحفز البروليتاريا (الأكثرية) على الانفصال عنه والتخلي عن تلقائيّتها وحريتها في الانجذاب إليه ومحاكاته... وهكذا يشكل سقوط الحضارة طبقة محاربة داخل مجتمع واحد لم يكن كيانه في دور النمو الحضاري منقسماً على ذاته انقسامات حادة...".
واني ارى ما رأه هذا المؤرخ في ان سبب سقوط الحضارة الاسلامية هو بعد المسلمين عن الاسلام ومفاهيمه وضعف فهمهم له الى حد الانحراف مما ادى الى احداث هوة عميقة بين العقلية والنفسية وبالتالي الى ضياع الشخصية الاسلامية وزوال دورها في الحياة .
لقد حاول المفكرون الغربيون ان يعرفوا النهضة من خلال واقعهم المرير الذي كانوا يعيشونه أيام الكنيسة وتعسفها,واستبداد رجال الكنيسة واضطهاد العلم ورجاله ووصل الامر بالكنيسة ان تقتل العلماء الذين فندوا حقائق دينيه مقدسه على حد تعبير رجال الدين ,فخرجوا بتعاريف تجاري فكرة فصل الدين عن الحياة.فرأوا أن القضية كامنة في مدى الحرية التي يتمتع بها الإنسان. ورأوا أنه بقدر ما يتمتع الإنسان بالحرية تبرز قدرته على الإبداع والإنجاز والابتكار، فيؤدي به ذلك حتماً إلى التقدم والنهوض. بخلاف ما إذا خضع للعبودية والاستبداد والقيود بشتى أنواعها، فإنه حينئذ يعجز عن الحركة والإبداع والإنجاز، فيرتكس به ذلك حتماً إلى الانحطاط والتخلف والتقهقر. وقالوا أن أهم عائق يقف بين الإنسان وحريته في الحركة والعمل هو تعلقه بأوهام الغيب والكهنوت وما يسمى بالكائنات الروحانية غير المحسوسة. ويرى هؤلاء أن الشعوب حين يسيطر التفكير الديني على أذهانها، والنزعة الروحية على حياتها ومجتمعها ودولتها فإنها تبتعد عن التعاطي مع الواقع المحسوس، وتبقى مشدودة للتعلق فيما وراء المادة والحياة والكون، وتبقى أسيرة للمفاهيم الدينية والكهنوتية التي تحول بينها وبين حرية الحركة والإنتاج والإبداع، مما يؤدي بها إلى إهمال الواقع الحياتي وبالتالي إلى انحطاطها.
ومن مفكريهم الذين قالوا بهذا (ول ديورونت)فيقول:"وقد وجّه كثير من المسيحيين همهم كله إلى العمل على أن يستقبلوا يوم الحساب الرهيب طاهرين من الدنس، فكانوا لذلك يرون في كل لذة من ملذات الحواس غواية من غوايات الشيطان، ولهذا أخذوا ينددون بعالم الجسم ويعملون لكبت الشهوات بالصوم وبكثير من أنواع التعذيب البدني، وكانوا ينظرون بعين الريبة إلى الموسيقى والخبز الأبيض والخمور الأجنبية والحمامات الدافئة وحلق اللحية،ويرون في هذه الأعمال استهانة بإرادة الله الجلية الواضحة للعيان".وكذلك مارتن لوثر رائد الاصلاح الديني جيث يقول:"أنت لا تستطيع أن تقبل كلاً من الإنجيل والعقل، فأحدهما يجب أن يفسح الطريق للآخر إن كل آيات عقيدتنا المسيحية التي كشف لنا الله عنها في كلمته أمام العقل مستحيلة تماماً ومنافية للمعقول وزائفة... إن العقل هو أكبر عدو للإيمان... إنه أفجر صنائع الشيطان، كبغيّ فتك بها الجرب والجذام، ويجب أن توطأ بالأقدام ويقضى عليها هي وحكمتها... فاقذفها بالروث في وجهها... وأغرقها في العماد..."
وها هو فولتير الذي نقد في مؤلفاته التاريخية النظرة الإنجيلية والمسيحية عن تطور المجتمع ورسم خطوطاً عريضة لتاريخ الإنسانية. ففلسفة التاريخ تقوم عنده على أساس فكرة التطور التقدمي للمجتمع في استقلال عن إرادة الله، وقد ناضل ضد الكهنوتية وما سماه بالشطحات الخيالية الدينية. وكانت المسيحية والكنيسة الكاثوليكية الهدف الرئيس لتهكمه حيث اعتبرها العدو الرئيس للتقدم.واسمع الى ما يقوله جان جاك روسّو الذي اعتُبر كتابه "العقد الاجتماعي" عمدة الثورة الفرنسية الكبرى والذي أصبح إنجيل الشعب الفرنسي عقب الثورة، يدعو إلى الإيمان بالله وإنكار الوحي، وبالتالي إلى فصل الدين عن الحياة.
هذه هي خلاصة المفهوم الغربي المعاصر عن حركتي الانحطاط والنهضة في التاريخ,الا ان واقع النهضة يخالف ما جاء به هؤلاء العلماء,ولم يستطعوا ان يفسروا سر النهضة الاسلامية التي كانت قائمة على الدين والعباده.
وهذا يدل على ان تعريفهم للنهضة على هذا النمط غير صحيح,وبما انها نهضة فالاصل ان تنطبق على كل النهضات.
والحق هو ان النهضة لا تكون الا بوجود حضارة يقوم على اساسها ويرتقي ويسمو بها او انه ينحط ويهوي بها ,ومعنى الحضارة "طريقة عيش يعرف بها كل مجتمع على حدة"، وبما أن سلوك الناس وعلاقاتهم وطريقة عيشهم هي رهن المفاهيم التي يحملونها عن الحياة، فهذا يعني أن الحضارة "هي مجموعة المفاهيم عن الحياة". وعندما كان المسلمين يطبقون افكار الاسلام خير تطبيق وعلى احسن وجه كانوا اكثر شعوب العالم نهضةً ,وبذلك تحققت النهضة في بلاد العرب لتتوسع وتشمل مساحة عظيمة من المعمورة، منتشرة بسرعة لم يسجل لها التاريخ مثيلاً، من الصين شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً. ويصف ديورانت البلاد الإسلامية في ظل الخلافة، فيرى أن "الخلفاء قد أمّنوا الناس إلى حد كبير على حياتهم وثمار جهودهم، وهيأوا الفرص لذوي المواهب، ونشروا الرخاء على مدى ستة قرون في أصقاع لم تر قط مثل هذا الرخاء بعد عهدهم، وبفضل تشجيعهم ومعونتهم انتشر التعليم، وازدهرت العلوم والآداب والفلسفة والفنون ازدهاراً جعل آسية الغربية مدى خمسة قرون أرقى أقاليم العالم كله حضارة".
أما في أوربا، فقد أدى الصراع بين رجال الكنيسة من جهة والملوك والفلاسفة من جهة أخرى إلى ولادة مبدأ جديد هو الراسمالية,. وهذا ما أدى إلى النهضة الغربية التي لاتزال قائمة إلى يومنا هذا، وتعمل على غزو المجتمعات وتحويلها إلى طريقة عيشها.
هذا هو التفسير الحقيقي للنهضة. إنها ذلك الارتقاء الفكري المتمثل في عقيدة عقلية سياسية تصلح قاعدة لأفكار المجتمع وأصلاً لانبثاق نظامه وأساساً لحضارته. وبعبارة مختصرة : إن وجود "المبدأ" لدى أمة هو السبب في نهضتها.
واما سبب سقوط الحضارات فهو ما اشار اليه المؤرخ "توينبي" الإنكليزي المتوفى سنة 1975 هو عجز النخبة الخلاقة عن الاستمرار في مواجهة التحديات المستمرة كما واجهتها بداية الأمر، فيقول:"عندما تنحط الأقلية الخلاقة في تاريخ أي مجتمع من المجتمعات إلى أقليّة مسيطرة تحاول أن تحافظ بالقوة على مركز لم تعد تستأهله، هذا التبدل الهدام في طبيعة العنصر الحاكم يحفز البروليتاريا (الأكثرية) على الانفصال عنه والتخلي عن تلقائيّتها وحريتها في الانجذاب إليه ومحاكاته... وهكذا يشكل سقوط الحضارة طبقة محاربة داخل مجتمع واحد لم يكن كيانه في دور النمو الحضاري منقسماً على ذاته انقسامات حادة...".
واني ارى ما رأه هذا المؤرخ في ان سبب سقوط الحضارة الاسلامية هو بعد المسلمين عن الاسلام ومفاهيمه وضعف فهمهم له الى حد الانحراف مما ادى الى احداث هوة عميقة بين العقلية والنفسية وبالتالي الى ضياع الشخصية الاسلامية وزوال دورها في الحياة .