المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقتصاد الصين



مؤمن
26-10-2009, 09:38 AM
كل ما تعرفونه عن الصين غير صحيح


كتب:رنا فروهار ـ : بتاريخ 25 - 10 - 2009
الرأي السائد هو أن الصين تمضي قدما على الرغم من الأزمة المالية العالمية مستغلة الزخم الذي اكتسبته في فترة الازدهار الاقتصادي الذي بدأ قبل 30 عاما. في الواقع، منذ أن نجحت بكين في تجاوز الأزمة العالمية الأخيرة العدوى الآسيوية قبل 10 أعوام أثني عليها لمهاراتها القيادية الفريدة في تخطي الاضطرابات المالية. لذا لعله من الطبيعي أن يفترض المحللون أن الدولة الصينية العملاقة غير قادرة على تعديل مسارها بسرعة الآن، لاسيما أنها تستمر في النمو بشكل مطرد فيما تغرق اقتصادات أخرى في حالة من الركود. غير أن هذه الأزمة مختلفة فهي أكبر وأكثر ضررا من أي أزمة شهدناها منذ أجيال وهي تفضح قدرة التحمل وتفرض التغيير في معظم نواحي النموذج الصيني: سطوة الدولة القائمة على حزب واحد، والإدارة الاقتصادية الذكية، والنمو المعتمد على الصادرات، والطبقة الاستهلاكية النامية، والقطاع الخاص النامي، والتركيز الطائش على النمو بغض النظر عن الأضرار البيئية، والاندفاع لإنشاء شركات عالمية المستوى. فيما يلي شرح يظهر سبب كون هذه الافتراضات الشائعة بشأن الصين غير دقيقة ولا صحيحة.



المعتقد الخاطئ الأول:

لا يمكن زعزعة الحزب الشيوعي.

لا، فالأزمة المالية تقسم الحزب، واضعة الشعبويين الريفيين في مواجهة المدينيين المؤيدين للنمو بأي ثمن. الشعبويون يتضمنون الرجلين الأكثر نفوذا في البلد حاليا، وهما الرئيس هوو جنتاو ورئيس الوزراء وين جياباو اللذان يفضلان نموا أبطأ، موزعا بشكل أكثر تكافؤا على المناطق الريفية الغربية الأفقر، ويراعي أسس حماية البيئة بشكل أفضل وأقل اعتمادا على الأسواق الحرة. في مواجهة هذا الفريق مجموعات نخبوية في مدن ساحلية مدينية، أبرزها شنغهاي، تريد وتيرة نمو سريعة جدا وتعزيز حرية الأسواق، ودعما أكبر للمتعهدين والقطاع الخاص. وبينما لا يمكن في هذه المرحلة المبكرة معرفة أي من هذين الطرفين سيكون الرابح، فمن الواضح أن القيادة الجديدة ستأخذ الصين في اتجاهات جديدة قد تكون غير متوقعة. يقول تشينغ لي، وهو خبير في الشؤون الصينية في معهد بروكينغز في واشنطن: "لعل أكثر المعتقدات الخاطئة بشأن الصين هو أنها تتطور اقتصاديا فقط، في حين أنها تتطور سياسيا أيضا".



المعتقد الخاطئ الثاني:

الشيوعيون مديرون اقتصاديون لامعون.

في اليوم الذي انهارت فيه شركة "ليمان براذرز" في سبتمبر عام 2008، بدأت الصين تخطط لمباشرة العمل بسرعة على تطبيق خطة تحفيزية بقيمة 600 مليار دولار سيتبين أنها الأضخم (كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي) والأسرع ويقول الكثيرون إنها الأكثر فعالية في العالم. النتائج تستمر الصين في النمو بوتيرة تفوق المعدل العالمي، تبلغ 8 بالمائة الآن رسخت سمعة قادة الحزب بأنهم بارعون في إدارة الاقتصاد العام. وبينما يوافق معظم علماء الاقتصاد على أن بكين برعت في حل المشكلة على المدى القصير، وهي كيفية إبقاء معدل النمو عاليا بما يكفي للتعويض عن معدلات البطالة المرتفعة والاضطرابات السياسية التي قد تنجم عن ذلك، ثمة قلق متزايد من أن تؤدي التحفيزات الكبيرة إلى تشويه الاقتصاد على المدى الطويل. لقد أصبح اقتصاد الصين معتمدا بشكل شبه كامل على الاستثمارات الحكومية، التي كانت في النصف الأول من عام 2009 تشكل 88 بالمائة من نمو الناتج المحلي الإجمالي, وهي نسبة يصعب إيجاد مثيل لها في أي بلد وأي وقت.

مخاطر هذا الازدهار غير المتوازن حقيقية. فالفريق المؤيد للسوق يخشى أن يتم تجاهل تحرير الأسواق المالية وخصخصة قطاعات استراتيجية (بما فيها معظم القطاعات الأغنى مثل القطاع المصرفي وقطاعي الاتصالات والبناء) لمصلحة مشاريع على غرار بناء "جسور لا تفضي إلى أي مكان". حتى المسؤولون الحكوميون يعترفون الآن بأن 60 بالمائة أو أكثر من أموال الخطة التحفيزية انتهى بها المطاف في البورصة وأسواق العقارات، مما يزيد المخاوف من حصول ارتفاع مفرط جديد خطير في أسعار الأصول. في بعض المدن الساحلية، بلغت مبيعات العقارات ثلاثة أضعاف ما كانت عليه العام الماضي، وارتفع مؤشر بورصة شنغهاي أكثر من 60 بالمائة هذا العام. يقول عالم الاقتصاد المستقل آندي جي: "إنه مجرد إجراء مؤقت, لقد تم تركيز كل الجهود التحفيزية على إنشاء بنى تحتية جديدة وإعادة تنشيط قطاع العقارات".

هذا قد يسبب المتاعب لهوو ووين. فعجز الميزانية الصينية، الذي كان ضئيلا جدا في السابق، أصبح يساوي رسميا نحو 30 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، لكن بعض علماء الاقتصاد الغربيين يقدرون أن النسبة الحقيقية تقارب الـ70 بالمائة. وبينما لاتزال هذه النسبة منخفضة مقارنة بالبلدان الغربية (نسبة الديون الأمريكية مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي ستصل إلى نحو 100 بالمائة العام المقبل)، فهي تقض مضاجع السياسيين الصينيين. الشهر الماضي، قال وين لمجموعة من كبار المسؤولين في المنتدى الاقتصادي العالمي في داليان إن النهوض الصيني "غير مستقر وغير متوازن وغير متماسك". وقبل ذلك بأسبوع، عبر تشي فولون، وهو عضو في المؤتمر الاستشاري السياسي الشعبي الصيني عن رأيه بصراحة أكبر قائلا في مقابلة: "على القادة الصينيين أن يعيدوا النظر في خطة البلد الإصلاحية".

يجادل المتفائلون بشأن مستقبل الصين بأن الطلب كبير على المزيد من مشاريع تعبيد الطرقات في هذا البلد، حيث إن 40 بالمائة من القرى لاتزال تفتقر إلى طرقات معبدة تصلها بالأسواق القريبة. لكن المتشائمين يسألون ما هي المكاسب التي تحققها الصين من توفير سبل تصل القرويين الفقراء (الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد في الصين لايزال يقارب الـ2.000 دولار، وهو أقل من ذلك بكثير في المناطق الريفية) بالأسواق. يقول مينغ هوانغ، وهو أستاذ الشؤون المالية في كلية تشونغ كونغ لإدارة الأعمال في بكين وفي جامعة كورنيل: "إذا قدت سيارتك على إحدى هذه الطرقات السريعة الريفية الجديدة، فلن ترى الكثير من السيارات. سيتطلب الأمر بعض الوقت كي يؤدي هذا النوع من الاستثمارات إلى تعزيز الاستهلاك". في غضون ذلك، فإن الخطة التحفيزية بمنزلة جرعة منشطة للقطاع العام الطاغي في السوق الصينية، والذي حصل على نحو 95 بالمائة من أموال الخطة التحفيزية حتى الآن، وفقا لجون لي الباحث في معهد هادسون. وإذا شهد هذا القطاع أي تراجع، فستلقى الملامة على هوو ووين، بدلا من أن يثنى عليهما على أنهما مديران لامعان.



المعتقد الخاطئ الثالث:

الرأسمالية تزدهر

كان هذا صحيحا جزئيا حتى هذا العام. فعدد المؤسسات الخاصة في الصين تضاعف من 20 مليونا عام 1990 إلى 40 مليونا عام 2008. لكن بحسب لي، من المرجح أن ينخفض هذا العدد ليصل إلى 38 مليونا بحلول نهاية العام الحالي، بسبب إفلاس الكثير من المصنعين في القطاع الخاص. لقد حظيت المؤسسات العامة بأفضلية كبيرة، حتى قبل أن تخصص خطة التحفيز التي اعتمدتها بكين المزيد من الأموال لها. فيمكن للشركات العامة أن تحصل بسهولة من بنوك تملكها الدولة على قروض بنسبة فائدة تبلغ 3 بالمائة، في حين أنه يجب على الشركات الخاصة أن تدفع معدلات فائدة تفوق الـ10 بالمائة وغالبا ما تجبر على اللجوء إلى مصادر غير رسمية للحصول على تمويل. منذ عام 1992، ازداد نمو الاستثمارات في الأصول الثابتة في القطاع الخاص بنسبة 10 بالمائة سنويا مقارنة بنمو القطاع العام بنسبة تتراوح بين 20 و50 بالمائة. ومنذ تسعينات القرن الماضي، لم ينم حجم المؤسسات الخاصة الناجحة في الصين ولم يتخط عدد موظفيها الـ30، والسبب الأساسي يعود إلى صعوبة حصولها على تمويل. لا عجب في أن استطلاعات الرأي الحديثة المتعلقة بالأسواق أظهرت أن المؤسسات العامة متفائلة بالمستقبل في حين أن رجال الأعمال في القطاع الخاص أقل تفاؤلا إلى حد كبير.

السنوات الكثيرة الأخيرة من النمو المطرد لم تحفز الحكومة للحد من سيطرتها على القطاعات الأكثر ربحا، وقد لا تكون الأزمة كافية لحثها على ذلك. يقول هوانغ: "لسوء الحظ، تم استنفاد الإصلاحات السهلة التطبيق وقد وصلنا الآن إلى نقطة حيث يجب علينا أن نتخلى عن بعض مصالحنا في قطاعات أساسية من الاقتصاد مثل قطاع التمويل والاتصالات والطاقة والمؤسسات الحكومية إلخ ـ لتحقيق المزيد من الإصلاحات". إن الحكومة الصينية تملك أكثر من ثلثي الأصول الثابتة مثل خطوط الاتصالات ومصانع توليد الطاقة والعقارات في البلد. والشركات الحكومية تشكل نحو 70 بالمائة من قيمة البورصات الأساسية. وبينما لايزال القطاع الخاص يسيطر على أكثر

مؤمن
26-10-2009, 09:39 AM
نصف الاقتصاد العام بقليل، فإن معظم مراقبي الصين يعتقدون أن الخطة التحفيزية ستغير هذه المعادلة. يقول وانغ شوو، مدير تحرير صحيفة كاي جينغ الاقتصادية الصينية: "لا شك لدي في أن الدولة ستمتلك حصة أكبر من الاقتصاد الإجمالي بعد مرور هذه الأزمة. هذا سيئ للطلب المحلي، لأنه يعني أن الأفراد سيسيطرون على حصة أصغر من الاقتصاد. إن العائلات تدعم المؤسسات التي تملكها الدولة بواسطة مدخراتها، التي تُمنح لهذه الشركات غير الفعالة في معظمها عبر بنوك تملكها الدولة بمعدلات فائدة متدنية جدا".

الأزمة تكشف الدور الخفي للدولة. عام 2007، أدرجت الحكومة ثلاثة من أكبر أربعة بنوك تملكها في بورصة هونغ كونغ في خطوة وصفت آنذاك بأنها تهدف إلى جعلها أكثر تجارية وأقل سياسية. لكن حالما بدأت الأزمة، أصدرت بكين تعليمات لرؤساء البنوك تملي عليهم كيف ومتى يجب أن يبدأوا بالإقراض. وهذا حال دون حصول أزمة حادة في سوق القروض كتلك التي ضربت الأسواق الغربية، لكن الكثير من المحللين يخشون أن تؤدي إلى ارتفاع حاد في عدد القروض غير المسددة العام المقبل. تتدخل بكين الآن في السوق بطرق كثيرة, ملقية القبض على مديري شركة مناجم أسترالية بعدما رفضت الاندماج مع شريك صيني، وداعمة الشركات التي تملكها الدولة والتي تريد أن تخرق عقودها الآجلة مع الغرب، مما يسمح للدولة بالاستيلاء على المؤسسات الخاصة الأكثر فعالية. لقد شرعت الصين أبوابها للرأسمالية في ظل حكم دينغ هسياو بينغ في أوائل ثمانينات القرن الماضي، لكن "هذا الباب لم يعد مفتوحا بالكامل"، حسبما يقول وانغ.



المعتقد الخاطئ الرابع:

الصين اقتصاد قائم على الصادرات.

إذا كان هذا صحيحا بالفعل، فكيف يمكن أن تنخفض الصادرات بنسبة 20 بالمائة هذه السنة، ويستمر الاقتصاد في النمو بنسبة 8 بالمائة؟ يقول فانغ شينغهاي، مدير مكتب الخدمات المالية في شنغهاي: "بينما لاتزال الصادرات مهمة للصين بقدر ما هي مهمة لليابان أو ألمانيا، فإنها ليست العنصر الأساسي الوحيد".

وإذا أمعنا النظر في الصادرات الصينية، يتضح لنا أنها ليست محرك النمو. وبينما تشكل الصادرات الإجمالية أقل من 40 بالمائة من الاقتصاد، فإن هذه النسبة مضللة، كما يقول آندي روثمان الخبير الاستراتيجي في شركة "سي أل أس أيه"، لأنها تولي أهمية مبالغا بها للسلع الموسومة بأنها مصنوعة في الصين. فمعظم هذه السلع تم تجميعها في الصين من أجزاء صنعت في كوريا الجنوبية وتايوان وغيرهما من البلدان الأكثر ثراء. لنأخذ مثلا جهاز آي بود يبلغ سعره 299 دولارا يباع بالجملة من مصنع التجميع الصيني لقاء 150 دولارا. إن نحو 5 بالمائة فقط، أو 7.50 دولار من سعر الجملة يأتي من القطع واليد العاملة الصينية. وهذه الـ7.50 دولار هي القيمة التصديرية الصافية، والمساهمة الفعلية في الاقتصاد الصيني. فالصادرات الصافية تشكل أكثر بقليل من 7 بالمائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي الصيني. هذا يفسر قدرة الصين على الاستمرار في النمو فيما تشهد أسواق صادراتها الغربية الأساسية ركودا عميقا.

إن الصين تعتمد، كما رأينا، على الإنفاق الحكومي. المساهمة المتنامية للمستهلكين لها تأثير فعلي لكن مبالغ به، كما يشير رئيس شركة "مورغان ستانلي" في آسيا ستيفن روتش والكثيرون غيره. فالاستهلاك الصيني يشكل 37 بالمائة فقط من قيمة الاقتصاد، وهي الحصة الأصغر في أي بلد كبير. وكون المستهلكين الصينيين لايزالون أكثر تفاؤلا وأقل مديونية من نظرائهم الغربيين مرتبط إلى حد كبير بالإعانات الحكومية السخية. في الآونة الأخيرة، بدأت الطبقة الوسطى بشراء الشقق السكنية بأعداد كبيرة في بكين وشنغهاي فضلا عن شراء الأثاث والأدوات المنزلية، بفضل التعليمات الحكومية للبنوك بزيادة عدد القروض الممنوحة خلال العام الماضي. لقد ازدادت القروض بنسبة 32 بالمائة في شهر سبتمبر بعد زيادات مماثلة في الأشهر الكثيرة الماضية. استنتاج روثمان، الذي يؤيده بشكل متزايد عدد من علماء الاقتصاد الصينيين والغربيين، هو أن الصين قادرة على الاستمرار في النمو بمعدل 6 إلى 9 بالمائة سنويا مرتكزة على الإنفاق الحكومي والاستهلاكي "من دون أي مساهمة من الصادرات الصافية"، مما يدحض الفكرة القائلة إن الصين تعتمد على الصادرات.



المعتقد الخاطئ الخامس:

الشركات الصينية ستحكم العالم

صحيح أن الكثير من الشركات الحكومية الصينية الكبيرة تجوب العالم بحثا عن أصول بأسعار رخيصة، مما يخلق وهما بأن الأزمة تعزز طموحات الصين التجارية العالمية. لكن معظم هذه المؤسسات التجارية هي من الشركات الحكومية الضخمة التي تعمل في قطاعي النفط والمناجم، والتي تبحث عن موارد رخيصة في بلدان نامية أخرى. والاحتمالات ضئيلة بأن تصبح شركات ذات سمعة عالمية. يقول مايكل بيتيس، الأستاذ في جامعة بكين: "بكل بساطة، الابتكارات قليلة والقدرة التسويقية ضعيفة في الصين". العوائق تتضمن حماية قانونية ضعيفة للملكية الفكرية والعقود ونظاما تعليميا لا يشجع على الإبداع والابتكار بل يركز على حفظ المعلومات عن ظهر قلب وعلى المبادئ العامة. على الطريقة الصينية التقليدية، أدت الأزمة المالية إلى صدور أوامر من بكين تقضي بضرورة مضي الشركات قدما في عملية الابتكار, وتدفع الآن مكافآت مالية كبيرة لقاء براءات الاختراع الجديدة التي يتم تسجيلها. لكن وكما قد يقول لك أي عالم اقتصاد أو مستثمر، فإن براءات الاختراع نادرا ما تتحول مباشرة إلى شركات حقيقية تمتلك تقنيات جديدة وفريدة، والجهود الحكومية لإنشاء شركات جديدة لا يمكن أن تنافس العملية الخلاقة العفوية التي تحدث في أماكن مثل وادي السليكون وكيمبردج.

في غضون ذلك، فإن الفوضى السائدة في الصين لا تشجع التفكير الطويل الأمد الضروري لإنشاء مؤسسات تجارية عالمية وقطاع أبحاث وتطوير عالمي المستوى. يقول هوانغ: "القوانين غير الواضحة والفساد أمور تشجع مبدأ التفكير القصير الأمد هنا. لا يشعر المتعهدون بالأمان هناك الكثير من الأمثلة عن استيلاء الحكومة على مؤسسات تجارية خاصة أو تغييرها للقوانين كي تتمكن من جني الأرباح بأسرع وقت ممكن". في غضون ذلك، فإن الشركات الحكومية الأغنى (مثل "سينوبيك" أو "شينالكو") تستخدم مواردها الهائلة لشراء الممتلكات من أجل تلبية الطلب المحلي بدلا من الاستثمار في الأبحاث والتسويق. ما الداعي لإنفاق الأموال لتحقيق المزيد من التنافسية العالمية عندما تكون محتكرا لسوق البلد الأكثر كثافة سكانية في العالم؟ النتيجة هي أن أكبر الشركات التجارية الصينية لن تحل مكان الشركات الغربية الكبيرة في وقت قريب.



المعتقد الخاطئ السادس:

الصين تفضل جني الأرباح على حماية البيئة.

ميل الصين المتنامي لتجاهل القوى المحركة للأسواق له تأثير في قطاع غير متوقع: وهو التكنولوجيا النظيفة. طوال سنوات، قاومت الصين الضغوط للمساهمة في الحد من انبعاثات الكربون، مصرة على أنها بحاجة إلى التطور أولا وأن معدلات انبعاثاتها للفرد الواحد أقل بكثير من معدلات الغرب. الآن وبعدما أصبحت الصين تعي أن شعبها قد يكون المتضرر الأكبر من الاحتباس الحراري، بدأت بكين باستغلال مواردها بشكل قد يكون مستحيلا في أي مكان غير الصين. بفضل الإعانات الحكومية السخية، بدأت الشركات الصينية مثلا تلعب دورا رياديا في إنتاج الخلايا الشمسية وهي تتقدم في مجالات كثيرة أخرى. هذا الخريف، أعلن القادة الصينيون عن أهداف جديدة للحد من انبعاثات الكربون، إن تم التوصل إليها، ستضع البلد في موقع ريادي لمكافحة التغير المناخي بحلول عام 2020.

لقد جعلت الصين من قطاع التكنولوجيا المراعية للبيئة أولوية وطنية، مطلقة مبادرات كبيرة في مجال الأبحاث على البطاريات التي تستمد طاقتها من الشمس، وتوليد الطاقة بواسطة الهواء. وتبلغ قيمة خطتها التحفيزية المراعية للبيئة 218 مليار دولار، وهي الأكبر في العالم، وقد أدت إلى إنشاء العشرات من الشركات المختصة بمصادر الطاقة البديلة خلال العام الماضي. كمية الطاقة التي تنتجها الصين من مصادر متجددة تفوق ما ينتجه أي بلد آخر في العالم. وفي الوقت نفسه، أدى الركود الاقتصادي والقلق بشأن اتجاه أسعار النفط إلى تباطؤ الاستثمارات البيئية في الغرب. هذا لا يعني أن الصين قادرة على تحسين وضعها البيئي قريبا: لتلبية حاجاتها من الطاقة، تستمر في بناء المصانع التقليدية لتوليد الطاقة بالفحم بمعدل مصنع كل أسبوع. لكنها قد تصبح المصنّع الأهم لتكنولوجيا الطاقة النظيفة لبقية العالم.

هذه التغييرات لا تشكل مفاجآت حقيقية إن أمعنا النظر فيها. فخلال الأزمات السابقة، لطالما أظهرت الصين قدرة جريئة على التكيف. انفتاحها في البداية على الأسواق العالمية كان بسبب الاضطرابات التي ترافقت مع الثورة الثقافية. وانفتاحها الأكبر الأخير أتى نتيجة للأزمة المالية في آسيا، عندما انضمت إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001. الآن يبدو أن التغييرات تحصل في الاتجاه المعاكس، نحو اقتصاد أكثر انعزالا تديره الدولة وأقل ترحيبا بالشركات التجارية الخاصة والأجنبية، ويترافق مع مفاجأة كبيرة. وإذا فشل الفريق الحاكم، فهناك فريق بديل ينتظر للحلول مكانه في الكواليس.

المصدر : النيوزويك