المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نكران السنّة ومصير الأحكام الشرعية!



سليم
29-09-2009, 12:41 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحاقدون على الإسلام والعاملون على تقويضه عقائديًا وأحكاماً شرعية عملية ممن يدّعون الإسلام أو ممن يجهرون بالكفر صراحة في طريقهم المتخبط وسيرهم الحثيث لم يتركوا ركنًا من أركان الإسلام أو مصدرًا من مصادره إلا وحاولوا الطعن به وإعمال معاول الهدم في جسده الطاهر النقيّ الصفيّ.
لم ينجحوا في النيل من القرآن الكريم ,فكانوا عاجزين عن الظفر به, ومن ضيق ذراعهم ونفاذ حيلهم وقد باءت محاولاتهم هذه كلها بالفشل عطفوا على السنة النبوية كونها ثاني مصدر من مصادر التشريع الإسلامي:
لقد ظن المستشرقون أنهم قد وجدوا ضالتهم في السنة النبوية والطعن بها ,وظنوا أنها سهلة المنال ولينة الجانب, ولهذا نراهم قد أشبعوها دراسة وبحثًا ونقدًا, ظنًا منهم أنهم إن ناولوا من السنة قد نالوا من القرآن والإسلام.
السنّة هي كل ما أٌثر عن النبي من قول أو فعل أو تقرير...وتعتبر المصدر الثاني للتشريع في الإسلام.
ومن أبرز الطعون في هذا المجال أن اختار المستشرقون الرأي القائل بأن السنة لم تلق أي تدوين، واحتجوا لذلك بوجود بعض الأحاديث التي تسمح بكتابة الحديث بينما يعارض بعضها الكتابة، وقد وصل العلماء المسلمون إلى أن المنع عن الكتابة كان في أوائل الدعوة الإسلامية حتى لا تختلط السنة بالقرآن الكريم، وأن السماح بالكتابة هو الأغلب وقد وجد من الصحابة الكرام من قام بالكتابة، ووجدت عدة صحف تحتوي على عدد كبير من الأحاديث .
وأضاف المستشرقون سبباً آخر لفقدان الحديث أو وقوع الوضع فيه أو التزييف كما يقولون هو الصراعات السياسية بين فئات المجتمع بحيث لجأت بعض الفرق -وهم يزعمون أن كل الفرق فعلت هذا- إلى الوضع في الحديث، كما إن تطور الظروف الاجتماعية ودخول ثقافات أخرى إلى حياة المسلمين كالتأثر بالفرس والرومان والثقافة اليونانية والنصرانية واليهودية أدى إلى دخول كثير من الأفكار الدخيلة إلى الحديث النبوي الشريف.
وزعم المستشرقون أيضا أن الوضع في الحديث قد تأثر بتطور الحياة واحتياج المسلمين إلى تشريعات تواجه هذه التطورات فلجأوا إلى الوضع، ويزعمون أن الحديث الشريف لم يكن له حجية كاملة في بداية الدولة الإسلامية حيث اكتفى المسلمون بالقرآن الكريم، ولكن هذه التطورات جعلتهم يلجأون للحديث الشريف، فإن لم يجدوا رواية لحديث في المجال الذي يريدون قاموا بوضع الحديث. وقد أضاف بعض المستشرقين أن الوضع يكون أحياناً لأهداف شخصية.
الحديث كما هو معلوم يتكون من سند ومتن,وهم _أي المستشرقون_ وجدوا منفذًا يدخلون منه إلى الطعن به ,فقالوا أن علماء الحديث اهتموا بالسند أكثر من اهتمامهم بمتن الحديث، وأضافوا أنه من السهل على أي شخص أن يأتي بالسند الذي يرغب ويضيف له ما يشاء من كلام.
والواقع أنهم ما فهموا حقيقة الحديث ومدى أهميته عند المسلمين ,وما أدركوا الجهود الجبارة والذاكرة الواعية على حفظ الصحابة للأحاديث, وحبهم للرسول عليه الصلاة والسلام,وكونه قدوة لهم ولكل المسلمين, ,وان كلامه في الناحية الدينية أحكام شرعية وطاعته من طاعة الله سبحانه وتعالى.
وعلماء المسلمين من فرط إهتمامهم بالحديث فقد وضعوا علومًا خاصة في الحديث ومصطلحات لا يخر لها ماء, ومنها علم مصطلح الحديث، وعلم الرجال، وعلم الجرح والتعديل، وعلم مشكل الحديث، وأسباب ورود الحديث، والناسخ والمنسوخ في الحديث الشريف وغيرها.
هذه من ناحية ومن ناحية آخرى فقد حبى الله العرب خاصية الحفظ ,فقد حفظوا الآف الأبيات من الشعر، ويحفظون الأنساب، ويحفظون أيام العرب وتواريخهم، وهذه الملكة تقوى مع الاستخدام والتدريب، ولمّا كانت العرب في الغالب أمة أمية فقد لجأوا إلى الحفظ، وقد أثبت التاريخ هذا الأمر في مجال الحديث بصفة خاصة وحتى يومنا هذا، فكم عدد النصارى الذين يحفظون كتابهم "المقدس" في مقابل الأعداد الغفيرة من المسلمين الذين يحفظون القرآن الكريم وكتب الحديث النبوي الشريف.
وأما مسألة السند والمتن فقد رد على هذه الشبهة ساسي سالم قائلًا:" "يبدو للباحث منذ الوهلة الأولى اهتمامهم بسند الحديث أكثر من اهتمامهم بمتنه، ولكن الحقيقة عكس ذلك، فهم عندما قسّموا الأحاديث إلى صحيحة وحسنة فإنهم في الحقيقة تناولوا السند والمتن معاً أو السند دون المتن أو المتن دون السند000 وعند حديث العلماء عن الحديث المعلل فإنهم لم ينفوا تعليل المتن، فقالوا "لايطلق الحكم بصحة حديث ما لجواز أن يكون فيه علة في متنه، وقد جاءوا بشواهد كثيرة على ذلك ".اهـ
إن من نتائج رفض السنّة وونبذها يؤدي إلى القضاء على الأحكام الشرعية التي جاءت بها السنّة,وهذا يؤدي بدوره إلى تعطيل حكم الله في الأرض ونسخه,لأن كثيرًا من المسائل الشرعية التي جاءت بها السنّة لم ينص عليها القرآن.
ويبدو أن الحاقدين على الإسلام من كفرة وعلمانيين والذين لا يريدونه نظامًا عالميًا يسود الأرض قد وعوا أهمية السنّة في حياة المسلمين وأثر الأحكام الشرعية من مصدرها الثاني _ألا وهو السنّة_ في استئناف الحياة الإسلامية.
هنا إن شاء الله سوف أحاول إظهار الأحكام الشرعية من السنّة وأهميتها:
إن من أهم المسائل الشرعية التي جاءت بها السنّة والتي هي شعار عزة الإسلام والمسمين هي استئناف الحياة الإسلامية وإعادة الخلافة,فالقرآن لم يفصل ولم يبيّن لنا وجوب إقامة الخلافة الإسلامية,وأما السنّة فهي حافلة بهذا المظهر الدولي.
أدلة إقامة الخلافة من السنّة:
إن أول دليل هو التقّيد بأفعال الرسول عليه الصلاة والسلام في إقامة الدولة الإسلامية والسير على نهجه في تحقيق هذا الهدف,فالرسول عليه الصلاة والسلام قد أسس اللبنة الأولى للدولة الإسلامية في المدينة المنوّرة بضياء وجهه ,وسار على مراحل ثلاث حتى تسلم زمام الأمور, ونحن كمسلمين من الواجب علينا أن نحذ حذوه, هذا بالإضافة إلى أحاديث جمة بوجوب أقامة الدولة الإسلامية ومن هذه الأحاديث:
1.أخرج مسلم من حديث عبد الله بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من خلع يداً من طاعة الله لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية›", والواجب في هذا الحديث أن تكون في عنق كل مسلم بيعة لا أن يبايع كل مسلم الخليفة، ووجود الخليفة هو الذي يوجد في عنق كل مسلم بيعة سواء بايع بالفعل أم لا، ولهذا كان الحديث دليلاً على وجوب نصب الخليفة لأن البيعة لا تكون إلا له.
2.وعن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به", وهو خبر أريد به الطلب.
3.وأخرج أحمد والترمذي والنسائي والطيالسي من حديث الحارث الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ". . وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن بالجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله، فإنه من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يرجع. ."؟
4.وعن حذيفة الذي رواه مسلم وفيه " .قال تلزم جماعة المسلميـن وإمامهم".
5.وحديث عرفجة عند مسلم "من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه".
6. وحديث فضالة بن عبيد عند أحمد والبيهقي :"ثلاثة لا تسأل عنهم رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصياً".
فهذه بعض سنتة عليه الصلاة والسلام في وجوب إقامة الخلافة واستئناف الحياة الإسلامية.
ومن الأحكام التي قد تعطل أيضًا وهي من الأحكام التي يطنطن عليها العلمانيون والملحدون والكفار بوجه خاص حكم الردة, فالقرآن لم يبيّن لنا حكم من يرتد عن الإسلام فجاءت السنّة وبينت لنا هذا الحكم الشرعي:
1. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه"
2.قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك الجماعة".
ومن أفعاله استدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل عبد الله بن أبي سرح وابن خَطل وأناس آخرين.
هذه بعض الأحكام ومن لديه المزيد وغيرها فعليه وضعها هنا كي تتضح الصورة لمن ينادي برفض السنة وطرحها من مصادر التشريع الإسلامي.
المصدر:
1. كتاب"أعاء اللغة العربية"/ سليم الحشيم
2.بعض المقالات على الشبكة العنكبوتية.

سليم
30-09-2009, 03:01 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طبعًا جل الأحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات وخاصة الصلاة والحج وأنصبة الزكاة هي في بيانها من السنة, فالسنة بينت لنا وفصلت عدد الركعات وهيئة الحركات وصفة الأقوال والأدعية وكيفية الإداء من تكبير وتحريم ورفع أيادي وسبلها وسجود السهو وغيرها من أحكام.
والحج كذلك ,وهناك أيضًا أحكام أخرى في حياتنا بينتها السنة منها:
1_ قال تعالى: "يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ",فإن ظاهر هذه الآية يدل على أن كل والد يرث ولده وكل مولود يرث والده، لكن جاءت السنة فبينت أن المراد بذلك مع اتفاق الدين بين الوالدين والمولودين، وأما إذا اختلف الدينان فإنه مانع من التوارث، واستقر العمل على ما وردت به السنة في ذلك فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أسامة بن زيد أنه قال: " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ".
2_ قال تعالى في المرأة التي يطلقها زوجها ثلاثا: "فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ", فاحتمل أن يكون المراد به عقد النكاح وحده واحتمل أن يكون المراد به العقد والإصابة معا، فجاءت السنة فبينت أن المراد به الإصابة بعد العقد، فعن عائشة رضي الله عنها أن رفاعة القرظي طلق امرأته فبتّ طلاقها فنكحت بعده عبد الرحمن بن الزَّبِير فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إنها كانت تحت رفاعة فطلقها آخر ثلاث تطليقات فتزوجت بعبد الرحمن بن الزّبير وإنه والله ما معه إلا مثل هذه الهدبة وأخذت بهدبة من جلبابها قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا وقال: "لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته"، قالت وأبو بكر جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالد بن سعيد بن العاص جالس باب الحجرة لم يؤذن له، فطفق خالد ينادي أبا بكر ألا تزجر هذه عما تجهر به عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3_ قال تعالى: "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، لكن ليس في الآية الكريمة بيان قيمة المسروق ولا الحرز الذي هو شرط القطع ولم تبين الآية الكريمة من أين تقطع يد السارق أمن الكف، أم من المرفق، أم من المنكب؟ فجاءت السنة فبينت مقدار المسروق وهو ربع دينار كما بينت الحرز وهو يختلف لأنه يكون في كل شيء بما يناسبه، كما بينت السنة أن القطع يكون من مفصل الكف.
يتبع إن شاء الله.

مؤمن
01-10-2009, 10:53 AM
هلا سليم أتمنى أن تكتب لنا عن الصحف الصادقة انا قرات كل ما تكتب هنا و لكن بصمت الآن اريد أن تعمل لنا بحث عن الصحف الصادقة التي تنسف فكرة عدم تدوين السنة و عسى لو تناقش حديث لا تكتبوا عني غير القرآن و تبين تناقضه مع النصوص الكثيرة التي تفيد أن السنة تم تدوينها في حياة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تسليما

سليم
01-10-2009, 11:12 PM
هلا سليم أتمنى أن تكتب لنا عن الصحف الصادقة انا قرات كل ما تكتب هنا و لكن بصمت الآن اريد أن تعمل لنا بحث عن الصحف الصادقة التي تنسف فكرة عدم تدوين السنة و عسى لو تناقش حديث لا تكتبوا عني غير القرآن و تبين تناقضه مع النصوص الكثيرة التي تفيد أن السنة تم تدوينها في حياة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تسليما

السلام عليكم
وهلا بك حبيبي مؤمن...,كل عام وانت بخير ...واشتقنا لكلامك الطيب فأين أنت؟
وبالنسبة إلى ما سألت فقد بدأت به بعون الله وهو تحت عنوان"رد شبهة عدم تدوين السنة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام".

سليم
02-10-2009, 01:46 AM
السلام عليكم
وهاكم أخي مؤمن مسالتك...وإن شاء الله نكون من الفالحين:
"رد شبهة عدم تدوين السنة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام"
الرسول عليه الصلاة والسلام كان أفصح العرب وأقوم الناس لسانًا وقد أتاه الله جوامع الكلِم كما جاء عنه صلى الله عليه وسلّم:" أوتيت جوامع الكلم، واختصر لي الكلام اختصاراً",فجوامع كلمه ما قل ودل وأوجز وأبلغ وكيف لا وهو الذي قال عن نفسه:" أنا أفصح الناس بيد أني من قريش",ورحم الله الشاعر حين قال:
بالله لفظك هذا سال من عسل = أم قد صببت على أفواهنا العسلا
أم المعاني اللواتي قد أتيت بها = أرى بها الدر والياقوت متصلا
لو ذاقها مدنف قامت حشاسته = ولــو رآها غريــبٌ داره لســلا

ورحم الله شوقي حين قال عن الرسول عليه الصلاة والسلام:
أخوك عيسى دعا ميتاً فقام له = وأنت أحييت أجيالاً من الرمم
فألفاظه يسيل من العسل ومعانيه كلها درر وحكم وتحيي من به صمم.
وأسلوبه عليه الصلاة والسلام جاء مختلفًا مغايرًا لأسلوب القرآن المعجز بأسلوبه وبلاغته,وكل من له باع في اللغة ويتذوق البلاغة يعرف هذا الأمر,وأما قول القائلين أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن تدوين الحديث خوفًا من الإختلاط فهو محض وهم وينفيه العقل والشرع,فأما العقل فهو في التغاير والإختلاف بين الأسلوبين وهذا واضح بيّن لكل ذي لب رشيد ولسان سديد,وأما الشرع فهو لقوله تعالى في سورة الحجر:" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ", فالله سبحانه وتعالى تعهد بحفظ القرآن من كل شيء ومن إختلاطه بغيره من الكلم وأساليب البلاغة,لأن القرآن الكريم هو المعجز ببلاغته والمتعبد بتلاوته, وأما السنة فلا يتعبد بتلاوتها, وعلى هذا لا يملك المسلم ولا يصح له أن يقول آية بالمعنى أو أن يقول كما قال الله بالمعنى, وأما الحديث فيصح هذا إن لم يخل بالمعنى المقصود وأن يكون الناقل عالمًا بالفقه واللغة.
فالذكر أي القرآن محفوظ ,وحافظه هو الله سبحانه وتعالى وهو حافظه بألفاظه كما هي دون تغيير أو تبديل أو تحريف للفظ أو حتى حرف, ولم يحفظ سبحانه كتاباً من الكتب كذلك بل استحفظها جل وعلا الربانيين والأحبار فوقع فيها ما وقع وتولى حفظ القرآن بنفسه سبحانه فلم يزل محفوظاً أولاً وآخراً.
والرسول عليه الصلاة والسلام وهو الذي يوحى إليه علم أن الله تعهد بحفظ القرآن ورفعه عن سراديب التحريف والتبديل,ومتاهات التغيير والإختلاط.
فلا يُعقل أن يكون نهيه جاء من هذه الأبواب_هذا إن كان قد نهى حقًا_ ,ويمكن أن يكون نهيه لو وُجد من باب عدم تدوين أحاديثه في نفس صفحة القرآن.
والذي يؤكد أنه عليه الصلاة والسلام لم ينه عن تدوين كلمه الأتي:
1.رسائله للملوك والأمراء يدعوهم فيها إلى الإسلام,فقد جاء في كتب السيرة أنه عليه الصلاة والسلام بعث إلى هرقل ملك الروم ونصها:"بسم الله الرحمن الرحيم " من محمد بن عبدالله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين (أي الرعايا من الفلاحين والزراع) " َيا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ".
وأرسل لكسرى ملك فارس ونصها:" بسم الله الرحمن الرحيم " من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك".
وأرسل للنجاشي ونص الرسالة:"بسم الله الرحمن الرحيم"
هذا كتاب من محمد النبي إلى النجاشي الأصحم عظيم الحبشة ,سلام على من اتبع الهدى,وآمن بالله ورسوله,وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له,لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا,وأن محمدًا عبده ورسوله,وأدعوك بدعاية الإسلام,فإني أنا رسول الله فأسلم تسلم,"يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ", فإن أبيت فإن عليك إثم النصارى من قومك".
وغيرهم من الملوك والأمراء.
2.المعاهدات التي أبرمت في عهده عليه الصلاة والسلام, ومن هذه صلح الحديبية,فقد أرسلت قريش سهيل بن عمرو، وكان رجلا فصيحًا عاقلا يجيد التفاوض، فلما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم قال: قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل، فلما جاء سهيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلما طويلا ثم جري بينهما
الصلح، فاتفق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على:
- أن يرجع المسلمون هذا العام ويعودوا في العام القادم
-وأن تتوقف الحرب بينهما لمدة عشر سنوات.
-وأن من أراد أن يتحالف مع المسلمين فله ذلك، ومن أراد التحالف مع قريش فله ذلك.
-وأن يرد الرسول صلى الله عليه وسلم من جاء إليه من قريش دون إذن وليه، ولا ترد قريش من يأتيها من المسلمين.
وعند سماع عمر بهذه الشروط أتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر أليس برسول الله؟ قال
بلي. قال: أو لسنا بالمسلمين؟ قال: بلى. قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلي. قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا؟ قال أبو بكر: يا عمر الزم غرزه، فإني أشهد أنه رسول الله. قال عمر: وأنا أشهد أنه رسول الله..
ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وقال له اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم. فقال سهيل: لا أعرف هذا، ولكن اكتب: باسمك اللهم. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: اكتب باسمك اللهم. فكتبها، ثم قال: اكتب: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو. فقال سهيل : لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك. فقال صلى الله عليه وسلم اكتب هذا ما صالح عليه محمدُ بن عبدالله، سهيلَ بن عمرو, فرفض على أن يمحو كلمة رسول الله بعد ما كتبها، فمحاها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه.
3.وصاياه وإرشاداته الفقهية إلى بعض الصحابة:
* كتابه إلى وائل بن حجر ضمَّنه الأصول العامة للإسلام، حمل به إلى أهله في حضر موت مرشداً وهادياً.
* كتابه إلى عمرو بن حزم عامله على اليمن، وقد احتوى شيئاً من عقائد الدين الجديد وأحكامه الشرعية .
* كتابه الذي دوَّن فيه حقوق الأنصار والمهاجرين وأهل المدينة بعد الهجرة المباركة .
* كتابه الذي طلب (صلى الله عليه وآله) إملاءَهُ لأمته قبيل وفاته لكي يعصمها من الضلال التأبيدي، فمنعه عمر، وقال قولته الشهيرة: "كفانا كتاب الله إن الرجل ليهجر", وفي رواية "غلبه الوجع".
فهذا يدل على أمرين وهما:
1.إباحته عليه الصلاة والسلام كتابة كلمه وأحاديثه في عهده عليه الصلاة والسلام.
2.أنه تم تدوين كلمه وأحاديثه في عهده عليه الصلاة والسلام.

سليم
02-10-2009, 02:15 AM
وأما مذهب الذين نفوا وأنكروا أن الحديث دُوّن في عهده فهم يأخذون بأحاديث عنه عليه الصلاة والسلام في النهي والتحذير في التدوين وهذه الأحاديث في جملتها والتي تحمل الكراهية هي ثلاثة أحاديث ,إثنان عن أبي سعيد الخدري وواحد عن أبي هريرة رضي الله عنهما, وهي:
1.عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه".
2.وعن أبي سعيد الخدري جهدنا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم أن يأذن لنا في الكتابة فأبى". وفي رواية أخرى "استأذنّا النبي صلى الله عليه وسلّم في الكتابة فلم يأذن لنا".
3.وعن أبي هريرة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم ونحن نكتب الأحاديث. فقال: ما هذا الذي تكتبون؟! قلنا: أحاديث نسمعها منك. قال: كتاب غير كتاب الله؟ أتدرون ما ضلَّ الأمم قبلكم إلاَّ بما اكتتبوا من الكتب مع كتاب الله تعالى".
وأما الأحاديث التي جاءت في إباحة تدوين الحديث في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام فهي كثيرة ومنها:
1. عن أبي هريرة: ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم أحد أكثر حديثاً عنه مني، إلاَّ ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب".
2 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلّم أريد حفظه، فنهتني قريش. وقالوا: تكتب كل شيء سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، ورسولُ الله بشر يتكلم في الغضب والرضا!، فأمكست عن الكتابة. فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلّم فأومأ إلى فيه وقال: اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلاَّ الحق".
3 - عن أبي هريرة: "أن رجلاً من الأنصار كان يشهد حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلا يحفظه، فيسأل أبا هريرة فيحدّثه، ثم شكا قلَّة حفظه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .فقال له النبي: "استعِن على حفظك بيمنك"
4 - عن رافع بن خديج:"قلنا: يا رسول الله، إنا نسمع منك أشياء، أفنكتبها؟ قال: اكتبوا ولا حرج".
5 - وعن أنس بن مالك: "قال رسول الله صلى الله عليه :"قيّدوا العلم بالكتاب".
6 - عن أبي هريرة: لما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلّم مكة، قام الرسول صلى الله عليه وسلّم وخطب الناس، فقام رجل من أهل اليمن يقال له أبو شاه، فقال: يا رسول الله: اكتبوا لي. فقال: اكتبوا له. فقال أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد ليس يروى في كتابه الحديث شيء أصح من هذا الحديث لأن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: اكتبوا لأبي شاه".
ومما تقدم يتبيّن لنا أن أحاديث الإباحة أكثر من أحاديث النهي ,فالكثرة تعضد بعضها هذه واحدة ,والثانية :لو أخذنا أحايث المنع والنهي وتمعنا بألفاظها لوجدنا أن المنع في الحديثين عن أبي سعيد الخدري قد يكونان في حقه فقط وليس عامًا في حق باقي المسلمين,وكذلك ألفاظهما لا تدلان على المنع النهي الجازم ,فالأول قال فيه لا تكتبوا عني وعقب بقوله عليه الصلاة والسلام "ومن كتب عني غير القرآن فليمحه"ووهذا يؤدي بنا إلى القول بأن النهي وإن كان نحويًا إلا أنه لا يعتبر نهيًا شرعيًا لغياب القرائن,وقوله "غير القرآن" يقودنا إلى نهي الكتابة مع القرآن في نفس الصحيفة.
والحديث الثاني فيه طلب الإستئذان في الكتابة وجاء رفض السؤال,وهذا لا يعني المنع والنهي الشرعي للتدوين وإنما منع الكتابة مع القرآن وعدم الإذن بالكتابة وقتذاك.
وأما حديث أبي هريرة فهو صريح وواضح في نهي الكتابة مع القرآن لقوله عليه الصلاة والسلام:" أتدرون ما ضلَّ الأمم قبلكم إلاَّ بما اكتتبوا من الكتب مع كتاب الله تعالى".
واحاديث الإباحة فهي تصرّح عن نفسها في جواز التدوين والكتابة في عهده عليه الصلاة والسلام.
فحديث عبد الله بن عمرو بن العاص يدل دلالة قطعية على إباحة بل وأمر الرسول عليه الصلاة والسلام التدوين بقوله:" اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلاَّ الحق"وففي هذا الحديث أمر وقرينة تدل على وجوب هذا الأمر وهي " ما خرج منه إلاَّ الحق" أي أن كل ما يلفظ به هو من عند الله فهو الحق.
وحديث أبي هريرة وقول النبي: "استعِن على حفظك بيمنك",فهو امره أن يستعين على حفظ ما يقوله الرسول عليه الصلاة والسلام بالكتابة,فهي ألم في الحفظ والرواية.
وحديث رافع بن خديج وقول الرسول له:" اكتبوا ولا حرج",فهو أيضًا أمر وجاء بصيغة الجمع أي لكل المسلمين اكتبوا عني ولا حرج فيما تكتبوه.
والحرج لغة هو أضيق الضيق ويطلق ويراد به الأثم أي لا إثم عليكم ولا ضيق فيما تكتبونه عني.
وفي حديث أبي هريرة في فتح مكة يدل دلالة واضحة كالبدر في ليلة ظلماء أن الرسول أثنى على الكتابة وأمر أن يكتب المسلمون لأبي شاه,حيث قال قولًا صريحًا لا تلميح فيه:" اكتبوا لأبي شاه".
هذا عدا عن وجود ما سمي بالصحف الصادقة والتي دُونت في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وسميت الصادقة لصدق ما جاء فيها وهي عبارة عن أحكام شرعية أوردها الصحابة في كتاباتهم من أجاديثه عليه الصلاة والسلام لتكون لهم مرجعًا ومن أهم هذه الصحف:
1. الصحيفة (الصادقة) التي كتبها عبد الله بن عمرو بن العاص، وقد انتقلت إلى حفيده (عمر بن شعيب) وفيها الشيء الكثير عن رسول الله كما تنوّه وتصرّح مصادر الجمهور في الحديث .
2 - صحيفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهي تشمل على مقادير الديات .
3 - صحيفة سعد بن عبادة، وقد جمع فيها طائفة من أحاديث النبي .
4 - صحيفة عبد الله بن أبي الذي كان يكتب الأحاديث بيده.
5 - صحيفة سمرة بن جندب وقد ضمّنها أحاديث عديدة، ورثها ابنه .
6 - صحيفة جابر بن عبد الله الأنصاري .
7 - صحف أبي هريرة الكثيرة التي لم يبق منها إلاَّ صحيفة واحدة، رواها عنه تلميذه (همام بن منبه) وهو من التابعين .
هذا ما كان من أمر التدوين وبيان مبدئه في عهد النبي الأمي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وأما لماذا أُثيرت هذه المسألة في عصور متأخرة وحاول بعضهم زورًا وبهتانًا وظلمًا وعدوانًا أن يثبتوا أن التدوين كان في عصور متأخرة وذلك لأن الأحاديث رويت مشافهة والرواة هم بشر يجري عليهم ما يجري على بني جلدتهم من موت ونسيان وغيرها من أمور وخوفًا من انقراض الرواة الثقة وعدم وجود مرجع لهم وخاصة بعد القرن الثالث وهو قرن تابعي التابعين وضياع ما دُون من أحاديث في عهده اهتم المسلمون بالأحاديث وعكف بعضهم على تدوينها وتخريجها وتصحيحها ونشأت مدارس علم الحديث ,وتوخى علماء الحديث الدقة في اختيار الأحاديث وتصنيفها وبيان العمل بها وتبويبها.
جزاهم الله عنا وعن المسلمين كل خير وحسنة.
فهل بعد هذا يتعظ المتعظون.
يقول الله تعالى:" مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً"