فرج الطحان
25-08-2009, 12:17 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم زياد أبو غنيمة المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
قرأت مقالتك المنشورة بتاريخ 24/8/2009 في جريدة الدستور، حول ما أسميته أنت (اتهام حماس بأنها تتبع سنن سلطة فتح) من قبل حزب التحرير، وبعد ان تحدثت عن أن ما كتبته هو باب النصيحة وليس من باب الخصومة، وأنك كنت تتمنى أن "الذين صاغوا بيان حزب التحرير درسوا جيدا واستوعبوا جيدا طرح حماس بخصوص قبولهم بدولة فلسطينية ضمن حدود عام م1967" لما وقعوا في مغالطة توجيه الاتهام لحماس، وأن طرح هذه الأخيرة ليس جديدا وإنما هو قديم طرحه مؤسسها أحمد ياسين رحمه الله، ثم وجهت "نصيحتك" للحزب بعدم المزاودة على حركة حماس.
ثم قبل أن تنهي مقالتك وجهت السؤال التالي "وهل يؤمن الحزب أصلا بواجب الجهاد على أرض فلسطين ضد المغتصبين المحتلين اليهود أعداء الله ، وأعداء دينهم ، وأعداء نبيهم صلى الله عليه وسلم"
وختمت مقالك بقولك "إخواني في حزب التحرير ، قولوا خيرا أو فاصمتوا ، مع رجائي أن لا يفسد الخلاف في الرأي للود قضية."..
ونأمل حقيقة أن لا يفسد الخلاف في الرأي للود قضية.. ونحن عندما نخاطب الأخوة في حماس، أو أي حركة إسلامية أخرى، نخاطبهم أخوة لنا _مع حذف حرف الكاف للتشبيه لأنهم أخوة حقاً_ وننصح لهم جاهدين، ويعز علينا أن ينهجوا نهجاً يخالفون فيه الإسلام، ويعز علينا أيضا أن ينزلقوا في دهاليز مخططات الكفار لتصفية قضية فلسطين.. وهي الحركة التي قدم أبناؤها زهرة حياتهم في سبيل تخليصها من اليهود، وتحرير كامل ترابها من دنسهم.
نعم يعز علينا ذلك، وننصح لهم جاهدين وجاهياً، وغيابياً، بشكل شخصيِ، وبشكل مفتوح، عبر اللقاءت الفردية أو عبر المنشورات، توعية لهم وللأمة بالمكر الخبيث الذي يصنعه أعداء الأمة للمسلمين من الكيد والتآمر لتصفية قضية فلسطين، بعد أن أشغلوا العالم كله ومنه العالم الإسلامي بهذه القضية أكثر من ستة عقود.
وقبل التعليق على مقالك، أود في البداية أن أوضح أمراً مهماً، وهو أن الأخوان المسلمون وحماس منهم، قد حرَّموا ما يسمى بالحكم الذاتي وكذلك الانتخابات للحكم الذاتي والسلطة الفلسطينية، فضلاً عن تحريمهم تشكيل الحكومة في ظل سقف أوسلو وما أفرزته اتفاقية أوسلو وقد جاء هذا في الفتوى الشرعية التي نشرتها جريدة الرباط العدد 81 الصادرة في الأردن يوم الثلاثاء 4_11 ربيع الأول 1413هـ الموافق 1_7 أيلول 1992م والموقعة من قبل عشرين من علماء جماعة الأخوان في الأردن منهم على سبيل المثال د. محمد أبو فارس ود. همام سعيد، ود. صلاح الخالدي، ود. راجح الكردي، ود.عمر الأشقر وغيرهم والتي جاء فيها ما نصه "وإذا كان المقرر شرعا أن الحكم الذاتي محرم شرعاً والانتخابات وسيلة مؤدية إليه فإن الوسيلة إلى الحرام حرام، ومن ثم فالمشاركة في الانتخابات ترشيحاً ودعاية وانتخاباً حرام شرعاً". فإذا كانت جماعة الأخوان المسلمين ترى حرمة المشاركة في الحكم الذاتي وأن ذلك هو (تنازل معظم أرض فلسطين) وأنه تفريط بأرضها و(التفريط بشبر واحد من أي أرض إسلامية خيانة لله وللرسول وللمؤمنين، فكيف بالتفريط بأرض فلسطين المقدسة؟ فإن الخيانة أكبر والحرمة أشد، وتصبح الخيانة خيانة عظمى وكبيرة من الكبائر وبخاصة حين يسلم بالقدس أو بجزء منها لتكون عاصمة لدولة اليهود) كما أن (التسليم بالأمر الواقع المخالف للشرع مرفوض شرعاً ومحظور ديناً؛ لأن الواقع الذي يتصادم مع الشرع باطل، ولا يجعل التقادم حقاً مشروعاً وأمراً مقبولاً، بل يبقى باطلاً ومحرماً أبداً) وأن (التفريط بحقوق الشعب الفلسطيني حرام) وأن (بيع الأوطان للأعداء اليهود حرام حرمة قاطعة خاصة وأنه يؤدي إلى زوال السيادة الإسلامية عنها وبسط سيادة اليهود عليها).
وإذا كانت جماعة الأخوان المسلمين ترى حرمة المشاركة في انتخابات الحكم الذاتي و(المقصود بالانتخابات للحكم الذاتي هو أن يقوم الفلسطينيون الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة وحدهم دون غيرهم بانتخاب مجلس تشريعي أو إداري يقوم بسن القوانين لتنظيم شؤونهم الداخلية وإدارتها وحتى يتم ذلك ينبغي إسكات صوت الانتفاضة، ووقف فريضة الجهاد لتحرير الأوطان والمقدسات، وملاحقة الصحوة الإسلامية وإذا كان الأمر كذلك فإن المشاركة في هذه الانتخابات وإفراز الحكم الذاتي القائم على ما قررناه سابقاً من أمور وما ترتب عليها من آثار محرمة تصبح حراماً شرعاً لا شبهة في ذلك)..
وهذه كلها نقول من نص الفتوى، وبإمكانك أن ترجع إليها..
أخي الكريم.. إذا كان هذا هو رأي الأخوان المسلمين ومنهم حماس في الحكم الذاتي وما ينبثق عنه من انتخابات.. فلماذا أقدمت حركة حماس على المشاركة في انتخابات الحكم الذاتي والسلطة الفلسطينية ومن ثم المشاركة في تشكيل الحكومة في ظل اتفاق أوسلو وكجزء من مؤسسات السلطة التي قامت وفقاً لاتفاق أوسلو "الخياني"؟؟ ثم كيف يتحول الحرام ليصبح واجباً، كما هو الحال في الانتخابات التي جرت في 25/1/2006 وفازت فيها حماس بالأغلبية؟؟!! ثم ما الذي تغير في واقع السلطة وانتخاباتها، حتى يصبح الحرام ليس مباحاً فحسب، بل واجباً؟؟!!
وكم نصحنا لحماس بعدم المشاركة في انتخابات السلطة.. لكنها صمت آذانها وبادلت النصح بالاتهام.. وأنا هنا أذكرك ببعض ما جاء في التعليق السياسي المؤرخ في 26/جمادى الأولى/1422هـ الموافق 16/8/2001م والذي كان تعليقاً على دعوة سلطة عرفات (توسيع قاعدة المشاركة السياسية لتشمل كافة أطياف الشارع الفلسطيني عبر جر حركات وفصائل المعارضة الفلسطينية للمشاركة في حكومة فلسطينية قادمة ، والتي سيكون دورها تمثيل كافة أطياف الشارع الفلسطيني في التوقيع على اتفاقيات الحل النهائي للقضية الفلسطينية) حيث جاء فيه ما نصه:
(إن اتجاه الأحداث اليوم يسير نحو العمل على إنهاء العملية السلمية والتوقيع عليها من قبل جميع الأطياف التي تمثل الشارع الإسرائيلي بما يقابله التوقيع من كافة أطياف الشارع الفلسطيني، فتكون العملية السلمية قد وقع عليها وقبلها من يمثل الطرفين، لذلك فإننا نحذر الفصائل الفلسطينية من هذا الشرك الذي تسعى السلطة الفلسطينية إلى جرها إليه لتكون معينا لها على تمرير اتفاقيات الحل النهائي.
وإننا لنربأ بالمخلصين في هذه التنظيمات من أن يكونوا أداة لتصفية قضية فلسطين وأن يثبتوا الكيان الإسرائيلي ويعطوه شرعية وجوده، وأن تكون دماء أبناء المسلمين الذين قضوا هي المداد الذي تسطر فيه كلمات معاهدات الخيانة وبيع فلسطين كي تثبت إسرائيل ويثبت الاستعمار وقوى الكفر الجاثمة على صدر هذه الأمة.
إننا نحذر الحركات الفلسطينية من الانجرار والاستدراج للوقوع في مثل هذا الشرك وبالتالي في تثبيت إسرائيل والمشاركة مع من أسس لأوسلو وسار في العملية السلمية التخاذلية والتي تلمسون بأيديكم وتبصرون بأم أعينكم بعضا من نتائجها وما وراء ذلك أكبر.
وفي الوقت نفسه نحذر المسلمين من طول صمتهم ومن موقفهم الحيادي إزاء ذلك، فالذين يذبحون هم أبناؤكم وإخوانكم، والمقدسات التي تدنس هي مقدساتكم، والمسؤولية عن كل ذلك هي مسؤوليتكم.) وواضح أن حماس انزلقت في هذا المخطط، وسارت فيه، ولم تلتزم لا بالحكم الشرعي، ولا بفتواهم ولا بنصحية حزب التحرير.
وبالرجوع إلى مقالتك، أقول أن حزب التحرير حزب سياسي مبدؤه الإسلام، وهو يتخذ من الإسلام وعودته لمعترك الحياة والدولة والمجتمع قضية له، وهو يرى أن ما تعيشه الأمة الإسلامية من تجزئة ومن تبعية حكامها للغرب، ليس من حل لذلك إلا بالعمل الجاد والمنتج لإقامة الخلافة لتطبيق الإسلام كاملاً في الداخل وحمله إلى الخارج عن طريق الجهاد وتحرير ما احتل من بلاد المسلمين وضم البلاد الأخرى التي خضعت للإسلام سابقاً إلى دولة الخلافة، هذا هو الحل الجذري لمشكلة الأمة الإسلامية، وهذا الحل طرحه حزب التحرير ولا يزال منذ أكثر من ستة عقود، وهو يعمل في سبيل تحقيقه، رغم المواجهات والاصطدامات والصعوبات التي واجهته، ورغم من قضى من شبابه في سجون الظلمة وأقبية مخابراتهم وزنازين أجهزتهم الأمنية، ورغم ما نالهم من أذى في سبيل تحقيق غايتهم، إنما يحتسب ذلك كله عند الله ولا يرجو على ذلك جزاءً أو شكوراً من أحد.. والقضية أخي الكريم ليست مزاودة أبداً.. فعقلية شباب حزب التحرير لا تعرف شيئاً اسمه المزاودة.. فهم يقدمون دون أن ينتظروا شكراً.. ويبذلون دون أن ينتظروا ثناءً، همهم الوحيد هو نوال رضوان الله عليهم في التزامهم بقضيتهم وعدم الحيد عنها رغم كل المشاق التي يتعرضون لها.. فهم هم لم يبدلوا ولم يغيروا .. ولن يبدلوا ولن يغيروا ما بقي فيهم نفس.
أما طرح حماس فهو واضح إلى درجة أنه ليس بحاجة إلى تفسير، وقد توقعناه قبل طرحه، سواء من قبل المؤسس المرحوم أحمد ياسين، أو من قبل كلاً من خالد مشعل وإسماعيل هنية، ولقد كان خالد مشعل واضحاً في قبوله بحل الدولتين في مقابلته مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وأنت تعلم أن حل الدولتين، هي خطة أميركا لتصفية قضية فلسطين، فعن أي استيعاب تتحدث يا أبا غنيمة، وهل أصبح القبول بخطط الكفار بحاجة إلى استيعاب؟؟! وهل هذا الطرح "القبول بحل الدولتين" يختلف عن طرح حركة فتح بشيء؟؟! وأنت نفسك تقر أن طرح حركة حماس (بخصوص قبولهم بدولة فلسطينية ضمن حدود عام م1967) هو( طرح قديم) وأنا أسألك هنا: هل العمل لإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وفق خطة أميركا الدولية لتصفية قضية فلسطين هل هو عمل جائز شرعاً؟ بمعنى آخر: هل العمل لإيجاد الدولة الفلسطينية جائز شرعاً؟ وهل استبدال الدولة الفلسطينية بالتحرير الكامل لتراب فلسطين هل هو استبدال شرعي؟!
أما إيمان الحزب بالجهاد على أرض فلسطين، وما قدمته حركة حماس من شهداء، والسؤال عما قدمه حزب التحرير من شهداء دفاعاً عن القبلة الأولى ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالحزب يؤمن إيماناً قاطعاً أن تحرير فلسطين لا يكون إلا بالجهاد، والجهاد مفهوم شرعي، بين الشرع أحكامه وكيفية القيام به، وإذا غاب عنك فقه الجهاد فارجع إلى كتاب الحزب (الجهاد في الإسلام) الصادر سنة 2008م ففيه البيان الشافي.
وإذا كنت تنفر من المزاودة في المواقف فماذا تسمي أسئلتك هذه التي جاءت في نهاية مقالك؟! أترك لك الحكم..
وآمل فعلاً أن لا يفسد الخلاف للود قضية..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم أحمد الحلواني/الأردن
الأخ الكريم زياد أبو غنيمة المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
قرأت مقالتك المنشورة بتاريخ 24/8/2009 في جريدة الدستور، حول ما أسميته أنت (اتهام حماس بأنها تتبع سنن سلطة فتح) من قبل حزب التحرير، وبعد ان تحدثت عن أن ما كتبته هو باب النصيحة وليس من باب الخصومة، وأنك كنت تتمنى أن "الذين صاغوا بيان حزب التحرير درسوا جيدا واستوعبوا جيدا طرح حماس بخصوص قبولهم بدولة فلسطينية ضمن حدود عام م1967" لما وقعوا في مغالطة توجيه الاتهام لحماس، وأن طرح هذه الأخيرة ليس جديدا وإنما هو قديم طرحه مؤسسها أحمد ياسين رحمه الله، ثم وجهت "نصيحتك" للحزب بعدم المزاودة على حركة حماس.
ثم قبل أن تنهي مقالتك وجهت السؤال التالي "وهل يؤمن الحزب أصلا بواجب الجهاد على أرض فلسطين ضد المغتصبين المحتلين اليهود أعداء الله ، وأعداء دينهم ، وأعداء نبيهم صلى الله عليه وسلم"
وختمت مقالك بقولك "إخواني في حزب التحرير ، قولوا خيرا أو فاصمتوا ، مع رجائي أن لا يفسد الخلاف في الرأي للود قضية."..
ونأمل حقيقة أن لا يفسد الخلاف في الرأي للود قضية.. ونحن عندما نخاطب الأخوة في حماس، أو أي حركة إسلامية أخرى، نخاطبهم أخوة لنا _مع حذف حرف الكاف للتشبيه لأنهم أخوة حقاً_ وننصح لهم جاهدين، ويعز علينا أن ينهجوا نهجاً يخالفون فيه الإسلام، ويعز علينا أيضا أن ينزلقوا في دهاليز مخططات الكفار لتصفية قضية فلسطين.. وهي الحركة التي قدم أبناؤها زهرة حياتهم في سبيل تخليصها من اليهود، وتحرير كامل ترابها من دنسهم.
نعم يعز علينا ذلك، وننصح لهم جاهدين وجاهياً، وغيابياً، بشكل شخصيِ، وبشكل مفتوح، عبر اللقاءت الفردية أو عبر المنشورات، توعية لهم وللأمة بالمكر الخبيث الذي يصنعه أعداء الأمة للمسلمين من الكيد والتآمر لتصفية قضية فلسطين، بعد أن أشغلوا العالم كله ومنه العالم الإسلامي بهذه القضية أكثر من ستة عقود.
وقبل التعليق على مقالك، أود في البداية أن أوضح أمراً مهماً، وهو أن الأخوان المسلمون وحماس منهم، قد حرَّموا ما يسمى بالحكم الذاتي وكذلك الانتخابات للحكم الذاتي والسلطة الفلسطينية، فضلاً عن تحريمهم تشكيل الحكومة في ظل سقف أوسلو وما أفرزته اتفاقية أوسلو وقد جاء هذا في الفتوى الشرعية التي نشرتها جريدة الرباط العدد 81 الصادرة في الأردن يوم الثلاثاء 4_11 ربيع الأول 1413هـ الموافق 1_7 أيلول 1992م والموقعة من قبل عشرين من علماء جماعة الأخوان في الأردن منهم على سبيل المثال د. محمد أبو فارس ود. همام سعيد، ود. صلاح الخالدي، ود. راجح الكردي، ود.عمر الأشقر وغيرهم والتي جاء فيها ما نصه "وإذا كان المقرر شرعا أن الحكم الذاتي محرم شرعاً والانتخابات وسيلة مؤدية إليه فإن الوسيلة إلى الحرام حرام، ومن ثم فالمشاركة في الانتخابات ترشيحاً ودعاية وانتخاباً حرام شرعاً". فإذا كانت جماعة الأخوان المسلمين ترى حرمة المشاركة في الحكم الذاتي وأن ذلك هو (تنازل معظم أرض فلسطين) وأنه تفريط بأرضها و(التفريط بشبر واحد من أي أرض إسلامية خيانة لله وللرسول وللمؤمنين، فكيف بالتفريط بأرض فلسطين المقدسة؟ فإن الخيانة أكبر والحرمة أشد، وتصبح الخيانة خيانة عظمى وكبيرة من الكبائر وبخاصة حين يسلم بالقدس أو بجزء منها لتكون عاصمة لدولة اليهود) كما أن (التسليم بالأمر الواقع المخالف للشرع مرفوض شرعاً ومحظور ديناً؛ لأن الواقع الذي يتصادم مع الشرع باطل، ولا يجعل التقادم حقاً مشروعاً وأمراً مقبولاً، بل يبقى باطلاً ومحرماً أبداً) وأن (التفريط بحقوق الشعب الفلسطيني حرام) وأن (بيع الأوطان للأعداء اليهود حرام حرمة قاطعة خاصة وأنه يؤدي إلى زوال السيادة الإسلامية عنها وبسط سيادة اليهود عليها).
وإذا كانت جماعة الأخوان المسلمين ترى حرمة المشاركة في انتخابات الحكم الذاتي و(المقصود بالانتخابات للحكم الذاتي هو أن يقوم الفلسطينيون الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة وحدهم دون غيرهم بانتخاب مجلس تشريعي أو إداري يقوم بسن القوانين لتنظيم شؤونهم الداخلية وإدارتها وحتى يتم ذلك ينبغي إسكات صوت الانتفاضة، ووقف فريضة الجهاد لتحرير الأوطان والمقدسات، وملاحقة الصحوة الإسلامية وإذا كان الأمر كذلك فإن المشاركة في هذه الانتخابات وإفراز الحكم الذاتي القائم على ما قررناه سابقاً من أمور وما ترتب عليها من آثار محرمة تصبح حراماً شرعاً لا شبهة في ذلك)..
وهذه كلها نقول من نص الفتوى، وبإمكانك أن ترجع إليها..
أخي الكريم.. إذا كان هذا هو رأي الأخوان المسلمين ومنهم حماس في الحكم الذاتي وما ينبثق عنه من انتخابات.. فلماذا أقدمت حركة حماس على المشاركة في انتخابات الحكم الذاتي والسلطة الفلسطينية ومن ثم المشاركة في تشكيل الحكومة في ظل اتفاق أوسلو وكجزء من مؤسسات السلطة التي قامت وفقاً لاتفاق أوسلو "الخياني"؟؟ ثم كيف يتحول الحرام ليصبح واجباً، كما هو الحال في الانتخابات التي جرت في 25/1/2006 وفازت فيها حماس بالأغلبية؟؟!! ثم ما الذي تغير في واقع السلطة وانتخاباتها، حتى يصبح الحرام ليس مباحاً فحسب، بل واجباً؟؟!!
وكم نصحنا لحماس بعدم المشاركة في انتخابات السلطة.. لكنها صمت آذانها وبادلت النصح بالاتهام.. وأنا هنا أذكرك ببعض ما جاء في التعليق السياسي المؤرخ في 26/جمادى الأولى/1422هـ الموافق 16/8/2001م والذي كان تعليقاً على دعوة سلطة عرفات (توسيع قاعدة المشاركة السياسية لتشمل كافة أطياف الشارع الفلسطيني عبر جر حركات وفصائل المعارضة الفلسطينية للمشاركة في حكومة فلسطينية قادمة ، والتي سيكون دورها تمثيل كافة أطياف الشارع الفلسطيني في التوقيع على اتفاقيات الحل النهائي للقضية الفلسطينية) حيث جاء فيه ما نصه:
(إن اتجاه الأحداث اليوم يسير نحو العمل على إنهاء العملية السلمية والتوقيع عليها من قبل جميع الأطياف التي تمثل الشارع الإسرائيلي بما يقابله التوقيع من كافة أطياف الشارع الفلسطيني، فتكون العملية السلمية قد وقع عليها وقبلها من يمثل الطرفين، لذلك فإننا نحذر الفصائل الفلسطينية من هذا الشرك الذي تسعى السلطة الفلسطينية إلى جرها إليه لتكون معينا لها على تمرير اتفاقيات الحل النهائي.
وإننا لنربأ بالمخلصين في هذه التنظيمات من أن يكونوا أداة لتصفية قضية فلسطين وأن يثبتوا الكيان الإسرائيلي ويعطوه شرعية وجوده، وأن تكون دماء أبناء المسلمين الذين قضوا هي المداد الذي تسطر فيه كلمات معاهدات الخيانة وبيع فلسطين كي تثبت إسرائيل ويثبت الاستعمار وقوى الكفر الجاثمة على صدر هذه الأمة.
إننا نحذر الحركات الفلسطينية من الانجرار والاستدراج للوقوع في مثل هذا الشرك وبالتالي في تثبيت إسرائيل والمشاركة مع من أسس لأوسلو وسار في العملية السلمية التخاذلية والتي تلمسون بأيديكم وتبصرون بأم أعينكم بعضا من نتائجها وما وراء ذلك أكبر.
وفي الوقت نفسه نحذر المسلمين من طول صمتهم ومن موقفهم الحيادي إزاء ذلك، فالذين يذبحون هم أبناؤكم وإخوانكم، والمقدسات التي تدنس هي مقدساتكم، والمسؤولية عن كل ذلك هي مسؤوليتكم.) وواضح أن حماس انزلقت في هذا المخطط، وسارت فيه، ولم تلتزم لا بالحكم الشرعي، ولا بفتواهم ولا بنصحية حزب التحرير.
وبالرجوع إلى مقالتك، أقول أن حزب التحرير حزب سياسي مبدؤه الإسلام، وهو يتخذ من الإسلام وعودته لمعترك الحياة والدولة والمجتمع قضية له، وهو يرى أن ما تعيشه الأمة الإسلامية من تجزئة ومن تبعية حكامها للغرب، ليس من حل لذلك إلا بالعمل الجاد والمنتج لإقامة الخلافة لتطبيق الإسلام كاملاً في الداخل وحمله إلى الخارج عن طريق الجهاد وتحرير ما احتل من بلاد المسلمين وضم البلاد الأخرى التي خضعت للإسلام سابقاً إلى دولة الخلافة، هذا هو الحل الجذري لمشكلة الأمة الإسلامية، وهذا الحل طرحه حزب التحرير ولا يزال منذ أكثر من ستة عقود، وهو يعمل في سبيل تحقيقه، رغم المواجهات والاصطدامات والصعوبات التي واجهته، ورغم من قضى من شبابه في سجون الظلمة وأقبية مخابراتهم وزنازين أجهزتهم الأمنية، ورغم ما نالهم من أذى في سبيل تحقيق غايتهم، إنما يحتسب ذلك كله عند الله ولا يرجو على ذلك جزاءً أو شكوراً من أحد.. والقضية أخي الكريم ليست مزاودة أبداً.. فعقلية شباب حزب التحرير لا تعرف شيئاً اسمه المزاودة.. فهم يقدمون دون أن ينتظروا شكراً.. ويبذلون دون أن ينتظروا ثناءً، همهم الوحيد هو نوال رضوان الله عليهم في التزامهم بقضيتهم وعدم الحيد عنها رغم كل المشاق التي يتعرضون لها.. فهم هم لم يبدلوا ولم يغيروا .. ولن يبدلوا ولن يغيروا ما بقي فيهم نفس.
أما طرح حماس فهو واضح إلى درجة أنه ليس بحاجة إلى تفسير، وقد توقعناه قبل طرحه، سواء من قبل المؤسس المرحوم أحمد ياسين، أو من قبل كلاً من خالد مشعل وإسماعيل هنية، ولقد كان خالد مشعل واضحاً في قبوله بحل الدولتين في مقابلته مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وأنت تعلم أن حل الدولتين، هي خطة أميركا لتصفية قضية فلسطين، فعن أي استيعاب تتحدث يا أبا غنيمة، وهل أصبح القبول بخطط الكفار بحاجة إلى استيعاب؟؟! وهل هذا الطرح "القبول بحل الدولتين" يختلف عن طرح حركة فتح بشيء؟؟! وأنت نفسك تقر أن طرح حركة حماس (بخصوص قبولهم بدولة فلسطينية ضمن حدود عام م1967) هو( طرح قديم) وأنا أسألك هنا: هل العمل لإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وفق خطة أميركا الدولية لتصفية قضية فلسطين هل هو عمل جائز شرعاً؟ بمعنى آخر: هل العمل لإيجاد الدولة الفلسطينية جائز شرعاً؟ وهل استبدال الدولة الفلسطينية بالتحرير الكامل لتراب فلسطين هل هو استبدال شرعي؟!
أما إيمان الحزب بالجهاد على أرض فلسطين، وما قدمته حركة حماس من شهداء، والسؤال عما قدمه حزب التحرير من شهداء دفاعاً عن القبلة الأولى ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالحزب يؤمن إيماناً قاطعاً أن تحرير فلسطين لا يكون إلا بالجهاد، والجهاد مفهوم شرعي، بين الشرع أحكامه وكيفية القيام به، وإذا غاب عنك فقه الجهاد فارجع إلى كتاب الحزب (الجهاد في الإسلام) الصادر سنة 2008م ففيه البيان الشافي.
وإذا كنت تنفر من المزاودة في المواقف فماذا تسمي أسئلتك هذه التي جاءت في نهاية مقالك؟! أترك لك الحكم..
وآمل فعلاً أن لا يفسد الخلاف للود قضية..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم أحمد الحلواني/الأردن