المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نذر التوتر في امريكا الجنوبية



أبوحفص
10-08-2009, 06:32 PM
ما هي معاني التوتر الذي نشهده في امريكا الحنوبية في الاسابيع القليلة الماضية ؟ حيث اعلن شافيز عن نية بلاده شراء عدد من المدرعات و الدبابات الروسية ، ثم زاد على ذلك ان طلب من الجيش التاهب للدخول في عمليات عسكرية ضد كولومبيا الجارة بعد ان تم الاعلان عن ارادة امريكا نشر جيشها في عدد من قواعد الجيش الكولومبي .

ابو طلال
28-08-2009, 11:38 AM
بوجوتا: قدمت كولومبيا الأربعاء احتجاجًا رسميًا إلى منظمة الدول الأمريكية على الرئيس الفنزويلي هوجو شافير متهمة الزعيم اليساري بالتدخل في شئونها الداخلية.

وذكرت صحيفة "القدس العربي" ان التوتر أشتد بين كولومبيا وفنزويلا بسبب خطة كولومبية تتيح للولايات المتحدة توسيع استخدام قواعدها العسكرية.

وجاءت الشكوى المقدمة إلى منظمة الدول الأمريكية بعد وصف شافيز كولومبيا بأنها دولة عصابات المخدرات وأمر بإجراء تحقيقات بشأن الشركات الكولومبية في فنزويلا وحث أنصار الحزب الاشتراكي الذي يتزعمه على الاتصال بالساسة وذوي الميول اليسارية في كولومبيا.

وندد سفير كولومبيا لدى منظمة الدول الأمريكية لويس هويوس بما ترى حكومته انه خطط لشافير تتسم بالتدخل في شؤونها.

وقال هويوس في رسالة إلى دورة منظمة الدول الأمريكية في واشنطن هذا المشروع ينتهك المبادئ الأساسية للعلاقات بين الدول.

وأكد شافيز في كلمة نقلها التلفزيون الأربعاء انه سيستمر في التعبير عن رفضه لخطة القواعد. وقال: " نحن ملزمون باستخدام كل ما في وسعنا لضمان ان يصل صوتنا وأفكارنا الحقة إلى الشعب الكولومبي في مواجهة هذا السيل من الأكاذيب".

وأضاف قوله: "ان الحديث عن حقيقتنا ليس محاولة للتوسع، والشعب الكولومبي هو نفسه الذي سيقرر مستقبله والشعب الكولومبي له الحق في ان يعرف الحقيقة".

ويعتبر شافيز خطة القواعد الأمريكية عدوانا امبرياليا واتخذ إجراءات اقتصادية على كولومبيا من بينها إلغاء اتفاق لإمدادها بوقود رخيص وتهديد الواردات منها.

وحذر مساء الثلاثاء من انه قد يقطع العلاقات الدبلوماسية مع كولومبيا بسبب الاقتراح الخاص بالقواعد ومن المتوقع ان يحاول حشد معارضة للاقتراح في قمة لزعماء أمريكا لجنوبية يعقد يوم الجمعة في الأرجنتين.

وتقول كولومبيا ان الخطة المقترحة ستسمح للجيش الأمريكي باستخدام سبع قواعد على الأقل في مهام مكافحة المخدرات ومكافحة التمرد.


فعلا ما الذي تريده امريكا من حديقتها الخلفية ؟؟

abo mahmoud
28-08-2009, 05:21 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ان امريكا الجنوبية هي ضمن السيطرة الامريكية التامة لكن الولايات المتحدة جاءت بتشافيز بديلا لكاسترو و بقيت سياستها على حالها لم تتغير الا في بعض الاساليب لتضليل الشعوب هناك عن اعمالها الاستعمارية و تحركات شركاتها .

ابو العبد
28-08-2009, 11:55 PM
السلام عليكم اخي ابو محمود
اتفق معك فيما تقول ولكن السؤال المطروح ما هى الابعاد السياسية من التصعيد الاخير بين فنزويلا وكولومبيا ؟ ولماذا الاعلان الامريكي عن بناء 7 قواعد عسكرية في كولومبيا بحجة محاربة تجارة المخدرات ؟

المستخلف
29-08-2009, 12:58 AM
أليس من يقول أن فنزويلا وتشافيز حاكمها هو بديل لكاسترو جاءت به الولايات المتحدة وأن ما يحصل في أمريكا الجنوبية هو صورة من الصور المتعددة من الأساليب المتنوعة التي تتبعها أمريكا في إدارة حديقتها الخلفية التي لا ينازعها فيها أحد، أليس من يقول بهذا الرأي هو صاحب تفكيــر رتيــب يتبع المقياس الشمولي في السياسة ؟؟

أحقا أمريكا هي وحدها من يتدخل في الشرق الوسط وهي اللاعب الوحيد في أفريقيا وكذلك هي تسير بسياساتها التي ترتئيها في امريكا اللاتينية والكل هناك هم أدوات لها، وكل المواقف المعادية لنفوذها هناك هي شكلية خادعة ؟

برأيي أنه يلزم توضيح أكثر فهذه الآراء فيها مجازفة وليس من السهل الاطمئنان لها لذا نحتاج مزيدا من الاستدلالات والتوضيح.

وللإخوة الكرام كل الشكر والتقدير

ابو طلال
30-08-2009, 12:07 AM
بارك الله بك اخي المستخلف

سؤالك وجيه وانا معك انتظر من الاخوة الشباب التوضيح والمزيد من الاستدلال .

فرج الطحان
30-08-2009, 12:16 PM
(أليس من يقول أن فنزويلا وتشافيز حاكمها هو بديل لكاسترو جاءت به الولايات المتحدة وأن ما يحصل في أمريكا الجنوبية هو صورة من الصور المتعددة من الأساليب المتنوعة التي تتبعها أمريكا في إدارة حديقتها الخلفية التي لا ينازعها فيها أحد، أليس من يقول بهذا الرأي هو صاحب تفكيــر رتيــب يتبع المقياس الشمولي في السياسة ؟؟

أحقا أمريكا هي وحدها من يتدخل في الشرق الوسط وهي اللاعب الوحيد في أفريقيا وكذلك هي تسير بسياساتها التي ترتئيها في امريكا اللاتينية والكل هناك هم أدوات لها، وكل المواقف المعادية لنفوذها هناك هي شكلية خادعة ؟

برأيي أنه يلزم توضيح أكثر فهذه الآراء فيها مجازفة وليس من السهل الاطمئنان لها لذا نحتاج مزيدا من الاستدلالات والتوضيح.

وللإخوة الكرام كل الشكر والتقدير)
الأخوان المستخلف وأبو طلال، تحية طيبة، وبعد:
القياس الشمولي في السياسة هو وضع قضايا متشابهة سياسياً في سلة واحدة، دون أية دلائل أو مؤشرات.
وهذا لا ينطبق على التحليل السياسي المستند إلى الدلائل والمؤشرات، ونحن لا نعتمد القياس الشمولي في التحليل السياسي، وإنما نبني الرأي السياسي وفق أسس سياسية متبناة، وهذا الأسس المتبناة هي بحد ذاتها آراء سياسية، لكنها آراء سياسية في قضايا أساسية، وهي قابلة للتغيير، لكن تغييرها يحتاج إلى زمن؛ لأنها أقرب إلى الاستراتيجيات، التي تبقى ثابتة رغم تغيير الخطط والأساليب في تنفيذها، وهي بحاجة إلى مراقبة دائمة ومستمرة لملاحظة ما يطرأ عليها من تغيير أو تعديل، وفي حال التعديل أو التغيير تتغير هذه الأسس، ويتغير تبعا لذلك التحليل السياسي.
وكمثال على ذلك كانت منطقة الشرق الأوسط ساحة صراع إنجلو أميركي طيلة فترة الستينات والسبعينات، ولكن السياسة البريطانية بدأت بالتغير عندما قررت بريطانيا تأمين مصالح أميركا، بدلا من تهديدها، فانتهى الصراع الأنجلو أميركي على منطقة الشرق الأوسط، فمن لم يتتبع تغير السياسة البريطانية في العالم وفي الشرق الأوسط ظل يحلل الأحداث على أساس الصراع الأنجلو أميركي، ومن تتبع التغيير على السياسة البريطانية ولاحظ السياسة الجديدة التي بدأت تنتهجها بريطانيا فإنه يحلل الأحداث تحليلا آخر.
أما واقع أميركا، فإنه لا يخفى على أحد اليوم، وبخاصة بعد إرساء قواعد النظام الدولي الجديد على يد بوش الأب، وتنفيذ هذا النظام فعلياً بالقوة الناعمة على يد كلينتون، وبالقوة الخشنة على يد بوش الابن. فتفرد أميركا المطلق في الموقف الدولي، أصبح أمراً يبصره كل الناس. وهيمنة الولايات المتحدة على أميركا اللاتينية أمرٌ طبيعي وبدهي، وليس بحاجة إلى أية مؤشرات لإثباته، فأميركا اللاتينية لا تزال الحديقة الخلفية لأميركا، ولا يوجد أي مؤشر على تغير هذا الخط السياسي العريض عند أميركا منذ مبدأ مونرو.. أما هيمنتها في منطقة الشرق الأوسط فإن وضوحه لا يخفى على أحد، حتى من رجل الشارع العادي، ولم يعد يلمس لا لبريطانيا ولا لفرنسا ولا للإتحاد الأوروبي، أية سياسات خفية أو معلنة يعملون على تنفيذها في الشرق الأوسط، بل الملاحظ هو أن أميركا هي التي تستخدم أوروبا في تنفيذ خططها وتأييد سياساتها، بما ترميه إليهم من فتات المصالح هنا او هناك.

فرج الطحان
30-08-2009, 12:19 PM
أما موضوع تشافيز.. فإن حزب التحرير وضح واقع هذا الرجل توضيحاً شافياً، وإليك جواب سؤال حول هذا الموضوع:
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب سؤال

السؤال: نحن نعلم أن أميركا اللاتينية هي الحديقة الخلفية لأميركا، وأن مبدأ مونرو لا يزال سارياً ويشمل الأميركيتين بما فيها أميركا اللاتينية، غير أن بعض حكام دول أميركا اللاتينية يظهر منهم أنهم يناصبون أميركا العداء، بل ويتحدونها ويهاجمون تسلطها وغطرستها، وعلى رأس هؤلاء الحكام هوغو تشافيز الذي أعطى السفير الأميركي في كاراكاس مهلة 72 ساعة لمغادرة بلاده تضامناً مع الخطوة التي اتخذها الرئيس البوليفي موراليس، فهل يعمل هوغو تشافيز فعلياً على تقويض النفوذ الأميركي في أميركا اللاتينية واستقطاب حكامها؟ وإبعاد التدخلات الأميركية عنها وعن دولها؟ وهل هو يتصرف ذاتياً لحماية مكتسبات دولته؟ أم أن هناك جهات ترعاه وتقدم له العون والمساعدة؟ وهل هو عميل لأميركا كما هو الحال لدى سائر حكام أميركا اللاتينية أم استطاع أن يفلت من سيطرتها ونفوذها؟ نأمل توضيح واقع الرئيس الفنزويلي وحقيقة أعماله وسياساته في فنزويلا وسائر دول أميركا اللاتينية؟
الجواب: مرة أخرى سطع "نجم" الرئيس الفينزويلي هوغو تشافيز بإعلانه أنه يعطي السفير الأميركي 72 ساعة لمغادرة فنزويلا وذلك تضامناً مع رئيس بوليفيا إيفو موراليس الذي قام قبل ذلك بيومين بطرد السفير الأميركي بحجة أنه يتدخل في شؤون بلاده الداخلية. وكان موراليس الزعيم النقابي الذي يُعد أول حاكم لبوليفيا من سكانها الأصليين والذي يقول عن نفسه إنه "كابوس إدارة الرئيس بوش"، قد اتهم السفير الأميركي بتأجيج أعمال الانفصال والانقسام داخل بوليفيا عبر دعم أربعة من حكام الأقاليم المعارضين لموراليس بالسعي للإطاحة به بسبب خطته منح الأغلبية التي تنتمي للسكان الأصليين مزيداً من السلطات السياسية فضلاً عن تقسيم المزارع الكبيرة وإعادة توزيع الأراضي على الفقراء. وقد أثارت هذه الخطة معارضة شرسة في محافظات شمال وشرق البلاد التي تسعى للحصول على مزيد من الاستقلالية عن الحكومة المركزية في لاباز، وتريد أيضا حصة أكبر من موارد الطاقة. وقد أدت هذه الأحداث المتفجرة في بوليفيا أن تنعقد في العاصمة التشيلية سانتياغو يوم الاثنين 15/9/2008 قمة طارئة لدول إتحاد أميركا الجنوبية (أوناسور) المكون من 12 دولة للبحث في الأزمة البوليفية. وقد أكدت الدول الأعضاء باتحاد الأوناسور دعمها لحكومة إيفو موراليس في الأزمة التي تشهدها بلاده بسبب النزاع مع خصومه. وأكد قادة الدول التسع الذين شاركوا في القمة أنهم "لن يعترفوا بأي وضع ينجم عن انقلاب مدني أو خلل في النظام الدستوري يمكن أن يضر باتحاد جمهورية بوليفيا". وأشار هؤلاء القادة في بيانهم إلى ضرورة تشكيل لجنة تنسق شؤونها الرئاسة التشيلية للاتحاد، من أجل المشاركة في المفاوضات التي يجريها موراليس مع معارضيه.
وكان هوغو تشافيز _قبل انعقاد قمة إتحاد دول أميركا الجنوبية_ قد هاجم الأميركيين قائلاً "اذهبوا إلى الجحيم أيها اليانكز (الأميركيين)، نحن شعب له كرامته فلتذهبوا إلى الجحيم 100 مرة". وبعد أن طالب أميركا بإعادة سفير فنزويلا على الفور قال "سنرسل سفيراً عندما تكون هناك حكومة جديدة في الولايات المتحدة، حكومة تحترم شعب أميركا اللاتينية". وأضاف: "نريد أن نكون أحراراً مهما حصل وأياً كان الثمن". وقد هدد شافيز بوقف شحنات النفط الفنزويلي إلى الولايات المتحدة في حال تعرضت بلاده لهجوم من قبل واشنطن كما تعهد بدعم نظيره البوليفي إيفو موراليس في حالة وقوع انقلاب ضده. ومنذ انتخابه رئيساً لفينزويلا في كانون أول/ديسمبر 1998 بدعم من القوى اليسارية ومن أغلبية المواطنين الذين عانوا من حالة الفوضى والفساد السائدة منذ أربعين سنة تحت حكم الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي اللذين تقاسما السلطة طوال هذه الفترة، أصبح هوغو تشافيز الرئيس الأكثر شعبية في أميركا اللاتينية التي ارتبطت باسمه في السنوات الأخيرة. ومما زاد من شعبية تشافيز هو ظهوره بمظهر الند للولايات المتحدة ومطالبته بإنشاء "البديل البوليفاري لأميركا والكاريبي" (alba) (ألبا)، وهو اتفاق وقعه الرئيسين كاسترو وشافيز في هافانا يوم 14 كانون أول/ديسمبر 2004 بهدف إنشاء مشروع اندماج على مستوى أميركا اللاتينية رداً على منطقة التبادل الحر للأميركتين المدعومة من الولايات المتحدة. وقد صرح تشافيز في دعم هذا المشروع قائلا في 2 آذار/مارس 2005 بأنه: "علينا اختراع الاشتراكية الجديدة للقرن الواحد والعشرين، فالرأسمالية ليست نموذجاً طويل الأمد للازدهار". وجاء هذا رداً على ما صرحت به وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في شباط/فبراير من نفس العام قائلة: "إن فنزويلا تمارس تأثيراً يخلّ بالاستقرار في أميركا اللاتينية".

فرج الطحان
30-08-2009, 12:19 PM
والسؤال المهم الآن هو: هل فعلاً أن الولايات المتحدة فقدت أو بصدد فقدان وزنها السياسي ونفوذها الاقتصادي في أميركا الجنوبية وأنها فعلاً تتخوف من هوغو تشافيز في فنزويلا أو من إيفو موراليس في بوليفيا؟
رغم ما يبدو ظاهريا أن أميركا في حالة صراع مع تشافيز أو موراليس أو أنهما يعملان على ضرب النفوذ الأميركي في القارة فإن هذا الأمر في حقيقته هو عبارة عن مسرحية هي جزء من المخططات الأميركية. فمما لا يجب أن يغيب عن ذهن السياسي أن كل القارة الأميركية خاضعة للنفوذ الأميركي طبقاً لقانون مونرو الذي يحظر على أي دولة باستثناء الولايات المتحدة التدخل بل والتصرف في أحوال هذه القارة. ولذلك لا تزال أميركا اللاتينية تمثل الحديقة الخلفية للولايات المتحدة رغم ما يبدو من هجوم بعض زعمائها وتمردهم على أميركا سياسياً واقتصادياً. أما الدور الذي يقوم به هوغو تشافيز أو غيره من الزعماء اليساريين الجدد في أميركا الجنوبية بالنسبة للسياسة الأميركية وضمن مخططاتها فيمكن إجماله في أمرين:

1 ـ مما لا شك فيه أن رؤساء الدول التي ترفع لواء الاشتراكية في أميركا الجنوبية يجدون زخماً شعبياً كبيراً لمعارضتهم الولايات المتحدة، وهذا غاية ما تتمناه أميركا. ففي قارة ذات ثروات بشرية وطبيعية ضخمة يعيش سكانها في حالة من البؤس والفقر لا تختلف عن الحالة التي يعيشها مواطني دول العالم الثالث حين يجدون أن الولايات المتحدة تريد فرض اتفاقيات وأوضاع سياسية واقتصادية غير عادلة عليهم مثل احتكار الشركات الأميركية للثروات الطبيعية ودعم انقلابات لأنظمة حاكمة مستبدة لا تلقى تأييداً بين الشعوب، فإن هذا من شأنه أن يؤجج المشاعر ضدها. ولذلك فإن وجود دول بحجم كوبا وفنزويلا وشيلي وبوليفيا يسودها التيار الاشتراكي بقيادة رؤساء قدموا من قواعد يسارية تنتمي إلى الشعب وتطبق نظماً تحظى بالتأييد الشعبي من شأن ذلك أن يمتص الغضب العارم الذي يجتاح القارة الأميركية وبقية دول العالم من السياسة الأميركية وبخاصة منذ أحداث أيلول/سبتمبر 2001.
لقد لوحظ منذ هذا التاريخ أن أميركا اللاتينية أصبحت في المرتبة الثانية على سلم أولويات أميركا وسياستها الخارجية المنشغلة بمحاربة الإسلام تحت مسمى الإرهاب وبحربها المباشرة على المسلمين في العراق وأفغانستان وبمسألة تصفية قضية فلسطين. ولذلك من المهم جداً بالنسبة لأميركا أن يوجد في جنوب القارة الأميركية من يملأ هذا الفراغ ويكون النموذج الذي يتطلع إليه معارضو السياسة الأميركية هو اليسار الكافر وليس الإسلام، وهذا ليس في أميركا الجنوبية فحسب بل وفي العالم عموماً والعالم العربي خصوصاً. وفي هذا السياق ينبغي فهم طبيعة الزيارات التي قام بها هوغو تشافيز إلى العالم العربي وكذلك طبيعة العلاقات بين فنزويلا وإيران، بل وحتى بين فنزويلا وروسيا وبخاصة بعد اعتراف تشافيز باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا ودعوته لإجراء مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا. ويكفي للتدليل على ذلك ما بات يتغنى به معارضو السياسة الأميركية في المنطقة العربية من بطولة هوغو تشافيز ودعوتهم للتحالف مع اليسار في أميركا اللاتينية بدل توجههم نحو الإسلام. لقد وصل الأمر بزعيم حركة حماس خالد مشعل في أكثر من خطاب له في الفترة الأخيرة أن يتغنى بهوغو تشافيز كأنه صحابي، بل وصل به الانحراف الفكري والوقاحة السياسية أن يطلب من العرب والمسلمين أن يقتدوا بفنزويلا التي حسب زعمه أدركت أن العالم لم يعد أحادي القطبية بعد الأحداث الأخيرة في جورجيا.

2 ـ منذ وصول هوغو تشافيز إلى الحكم في فنزويلا استطاع أن يكسب في صفه عدداً من أوثق عملاء الولايات المتحدة في منطقة الكاريبي وأميركا الوسطى بفضل قروض نفطية منخفضة ومساعدات غذائية بملايين الدولارات تضاهي تلك التي تبذلها أميركا نفسها. لقد ظهر تشافيز بمظهر الند للولايات المتحدة وعلى قدم المساواة معها باعتباره من كبار المانحين حتى بالنسبة لعملاء واشنطن الذين يرحبون بما يقدمه من مساعدات لموازنة فواتير واردات الطاقة والغذاء المتزايدة قي بلدانهم. والمدقق في الأمر يجد أن تشافيز يقوم بدور محوري في استقرار المنطقة على المدى القصير والمتوسط لمصلحة الولايات المتحدة. إنه بعبارة أخرى يتولى مسؤوليات كبيرة نيابة عن أميركا عبر تخفيف الأعباء الاقتصادية عنها في حديقتها الخلفية. وإذا طرحنا جانباً الشعارات الاشتراكية والتهديدات الجوفاء التي يرفعها تشافيز أو موراليس من حين لآخر ونظرنا للوقائع على الأرض فسنجد أن تشافيز أنشأ هذا العام صندوقاً بقيمة 450 مليون دولار لمواجهة أسعار الغذاء المرتفعة في المنطقة، وهو مبلغ ينافس مبلغ 500 مليون دولار الذي خصصته وكالة التنمية الدولية الأميركية لتلك الدول لعام 2008. أما غواتيمالا، وهي ضمن مجموعة من دول أميركا الوسطى التي وقعت اتفاقا للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة، فتتلقى الآن قروضاً نفطية من فنزويلا. كما طلب رئيس كوستاريكا أوسكار أرياس وهو عميل آخر للولايات المتحدة تمويلاً من فنزويلا رغم انتقاداته السابقة لهوغو تشافيز.
وإضافة إلى ما سبق تنفق فنزويلا أموالها على توسعة مطار وصهريج لتخزين الوقود في الدومنيكان ومولدات للطاقة في نيكاراغوا وتستغل جاميكا الأموال التي تصلها من فنزويلا في مساعدة شركة للطيران. كما قدمت فنزويلا قروضاً بمليارات الدولارات لدول تشتري نفطها من خلال اتفاق يسمى بتروكاريبي يسمح لثماني عشرة دولة أعضاء بسداد قيمة ما يصل إلى 70 في المائة من وارداتها بفائدة قدرها واحد في المائة. ومنذ عام 2007 قدم اتفاق بتروكاريبي الذي يبيع النفط بسعر السوق لكن بقروض منخفضة الفائدة تمويلاً قيمته 1.2 مليار دولار وهو ما يعادل القروض الميسرة التي قدمها بنك "إنتر أميركان" للتنمية خلال نفس الفترة. كما تقدم فنزويلا منذ عام 2001 وقوداً ونفطاً إلى كوبا بأسعار مخفضة وتمدها الآن بأكثر من 90 ألف برميل يومياً مما يساعد الجزيرة على الاستمرار في ظل عقود من الحصار الاقتصادي الذي تفرضه عليها الولايات المتحدة. كما قام تشافيز في 2006 بشراء ملايين الدولارات من الديون المستحقة على كل من الأرجنتين والإكوادور من أجل تخفيف الضغوط الغربية على الدولتين. وأخيراً استطاع تشافيز أن يقنع هندوراس مؤخراً بالانضمام إلى تحالف دول البديل البوليفاري للأميركتين (ألبا ـalba ) والذي أنشئ كبديل لاقتراح أميركا بإنشاء منطقة للتجارة الحرة.
صحيح أن أميركا قد نجحت في آب/أغسطس 2005 في إجبار دول أميركا الوسطى الفقيرة على التوقيع على اتفاقية إقامة منطقة التجارة الحرة المعروفة اختصاراً باسم ftaaِ، والتي بموجبها يتم إلغاء حواجز تجارية بين الولايات المتحدة وستة دول هي كوستاريكا والسلفادور وغواتيمالا وهندوراس ونيكاراغوا وجمهورية الدومينيكان. إلا أن هذه الاتفاقية في الحقيقة ليست لها أية قيمة اقتصادية وبخاصة إذا علمنا أن الصادرات الأميركية لهذه المنطقة لا تتجاوز اثنين في المائة من إجمالي الصادرات السنوية للولايات المتحدة، ولذلك انسحبت دول أميركا الجنوبية الكبيرة مثل البرازيل والأرجنتين من المفاوضات. إن أقصى ما تطمح إليه دول أميركا اللاتينية في تعاملها مع الولايات المتحدة هو أن تقوم أميركا بتسهيل سياسة الهجرة نحوها وأن تقوم أميركا أيضاً بتغيير سياستها الزراعية عبر تقليص الحواجز بوجه صادرات المنطقة الغذائية وتخفيض التعريفات والحصص على السلع الرئيسية؛ ولذلك فان الإدارة الأميركية تريد من خلال إقامة مثل هذه المنطقة الحرة هو تثبيت سيادتها وسيطرتها على شعوب المنطقة ودعم القيم الأميركية فيها وتشجيع الأنظمة الليبرالية الموالية لها بهدف الحد من تيار العداء الشعبي لها والمتصاعد في أميركا اللاتينية.
إلا أنه بسبب انعدام الثقة في السياسات الأميركية خاصة بعد فشل ما سمي بالإصلاحات الليبرالية الأميركية في تلك الدول خلال الثمانينيات والتسعينيات في تحسين مستوى المعيشة أو توفير وظائف جديدة للأغلبية الساحقة من سكان تلك الدول الفقيرة في أميركا الوسطى والجنوبية، فإنه لم يعد أمام إدارة الرئيس بوش الكثير لكي تقدمه لشعوب أميركا اللاتينية في أية قضايا أخرى. هنا يأتي دور زعماء أمثال هوغو تشافيز الذي يتلقي 25 بليون دولار سنويا من عائدات النفط ليقوم بإنفاقها في إبقاء دول الكاريبي وأميركا اللاتينية ضمن المجال الحيوي للولايات المتحدة. هذا بالإضافة إلى أن أميركا لا تزال وستظل تعتمد في احتياجاتها النفطية المتزايدة على هذه المنطقة، ففنزويلا لا تزال هي ثالث أكبر مزود للنفط للولايات المتحدة (بعد كندا والسعودية)، والمكسيك هي رابع أكبر مزود أما كولومبيا فهي في المرتبة السابعة.
وهكذا ففي الوقت الذي يستخدم فيه هوغو تشافيز ثروات بلاده الطبيعية لمساعدة الدول الفقيرة في المنطقة تستخدم إدارة الرئيس بوش سياسة الترغيب والترهيب والتهديد والإهمال والشعارات في هذه الدول من أميركا اللاتينية والكاريبي. إذن فالسياسة الأميركية هي التي توفر الأرضية الصلبة ليتحرك عليها رجال أميركا من أمثال تشافيز وموراليس وكاسترو وغيرهم من زعماء اليسار الذين يخدمون المصالح الإستراتيجية الأميركية التي تصب في إبقاء دول الكاريبي وأميركا اللاتينية ضمن الحديقة الخلفية، حديقة النهب والسلب الخاصة بالولايات المتحدة الأميركية.

‏9/‏ ذي القعدة/1429هـ
‏7‏/11‏/2008م