Abu Taqi
13-10-2024, 07:26 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
متابعة سياسية
قراءة في مسار التصعيد الشرس بين الكيان الصهيوني وإيران وحزب الله
قامت إيران مطلع هذا الشهر بالرد على الاستفزازات والاعتداءات الصهيونية عليها وعلى أذرعها، ونفذت تعهدها بالانتقام لاغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية على الأراضي الإيرانية، واغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، وكبير المستشارين الإيرانيين اللواء عباس نيلفروشان. واستعملت إيران في ردها على الكيان ما يقارب 200 صاروخ، وصل منها 80 صاروخًا إلى أهدافهم دون أن تتمكن أنظمة الدفاع الجوي الصهيوني المتطورة من إسقاطها، وقد أظهرت التسجيلات وصور الأقمار الصناعية إصابة القواعد الجوية وبعض آثار الهجوم بشكل لا لبس فيه. وهذا فضلًا عن اعتراف الكيان الصهيوني الذي يتكتم عادة على خسائره حيث نشرت يديعوت أحرونوت أن الهجمات الإيرانية تسببت بأضرار كبيرة في 10 مواقع سقطت فيها الصواريخ من بينها عدة قواعد عسكرية.
ويندرج العدوان الصهيوني والردود المتبادلة مع إيران ضمن حسابات سياسية واستراتيجية لكلا الطرفين عبر سياسة شد الحبل وعض الأصابع. وفي هذا السياق قال وزير الأمن الإسرائيلي: من يعتقد أن محاولة استهداف سلاح جونا ستردعنا فلينظر إلى بيروت وغزة. ولا يخفى أن الاستفزازات والاعتداءات الصهيونية على إيران إنما تهدف إلى تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط وتقويض النفوذ والمكتسبات الإيرانية لصالح الكيان الصهيوني ومشروعه الاستعماري الذي ترعاه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون وعملاؤها في المنطقة، وهو ما عبر عنه الناطق باسم الجيش الإسرائيلي بقوله: "هذه لحظة تاريخية، ليس فقط للإسرائيليين، بل وللبنانيين والعرب والمسيحيين الشرقيين". كما لم تسلم تركيا من تهديد الكيان المجرم، وهو ما يُفهم من تعليق غالانت على الغارات الإسرائيلية على اليمن بقوله "لا يوجد مكان بعيد جدًا بالنسبة لإسرائيل"، وهو الأمر الذي أثار حفيظة أردوغان ودعا البرلمان التركي لمناقشة التحدي الإسرائيلي، لا سيما وأن للمليشيات الكردية العراقية والسورية والتركية علاقات مع الكيان الصهيوني.
وفي ضوء التوجه الصهيوني والمعطيات المحيطة بالمنطقة يحاول نتنياهو تحطيم حزب الله الذي يعتبر الركيزة الأساسية لأذرع إيران المسلطة على كيانه، ويعمل على تعزيز شعبيته وتحصين حكومته وحزامها البرلماني وتوجهاتها التصعيدية ومخططاتها بعناصر من نفس قماشته السياسية كجدعون ساعر. فعلى الصعيد اللبناني يعتزم نتنياهو فرض منطقة أمنية عبر تفريغ البقاع وجنوب الليطاني من خلال القصف الجوي والاجتياح البري الذي لا يزال مستعصيًا بسبب بسالة المقاتلين وجبن الجنود الصهاينة، تمامًا كتفريغه لشمال قطاع غزة وفصله عن جنوبه ضمن ما يسمى "خطة الجنرال" لفرض منطقة أمنية عبر التجويع والمذابح المتتابعة والتي تنطوي على التهجير القسري، والتي تلقى شجاعة لا نظير لها من قِبل أهل غزة والمقاومين.
ويسعى نتنياهو كذلك إلى تقويض قوة حزب الله في الحكومة وتحقيق مآربه بشأن الحدود البرية والثروات البحرية. يسانده في ذلك مواقف القوى المنافسة لحزب الله. حيث دعا سمير جعجع زعيم مليشيا "القوات اللبنانية" في مؤتمر بعنوان "دفاعًا عن لبنان" إلى ضرورة نزع سلاح حزب الله. واستعادة الدولة منه ومن إيران. وحرض على الحزب من خلال تحميله مسؤولية الدمار والفساد والهيمنة على الدولة بالسلاح. وفي وقت سابق من هذا العام هاجم البطريرك الماروني اللبناني بشارة بطرس الراعي حزب الله واعتبر أن الشعب اللبناني "يرفض أن يكون رهينة ودرعًا بشرية وكبش فداء" لـ"ثقافة الموت التي لم تجلب سوى انتصارات وهمية". وفي هذا الجانب تتقاطع مصالح نتنياهو مع الولايات المتحدة وعملائها الذين استغلوا فرصة ضرب حزب الله لإنهاء حالة الفراغ الرئاسي والمطالبة بتعيين رئيس للجمهورية. وهو الأمر الذي نادت به إسرائيل والولايات المتحدة.
وأما بشأن إيران فيسعى نتنياهو إلى جر الولايات المتحدة للمواجهة معها لضمان تحقيق أهدافه في المنطقة. فمنذ الهجوم الإيراني الواسع وإسرائيل تستعد لما أسمته بالرد القوي والقاسي ومن ذلك قيام سلاحها الجوي بمناورات عسكرية فوق البحر المتوسط، تتضمن محاكاة لرحلات طويلة المدى والتزود بالوقود جوا. فيما تخوض مع الولايات المتحدة نقاشات حول المواقع الإيرانية التي تريد استهدافها، إذ تعترض الولايات المتحدة على استهداف الكيان المحتل للمنشآت النووية والنفطية الإيرانية وتحاول احتواء الموقف وتبريده عبر الإغراءات والمساعدات للكيان الصهيوني وعبر الضغوط المختلفة على الجانبين لما للحرب الواسعة من تداعيات جمة على الإقليم والمصالح الأميركية، ولما لها من تداعيات اقتصادية وسياسية تدخل في حسابات الإدارة الأميركية لناحية أثر توسع الحرب على أولوية بناء الردع الأميركي في مواجهة الصين وروسيا، وأثرها على أسعار الطاقة وعلى التحالفات والعلاقات الدولية، وعلى أنظمة المنطقة ومسار الحل الإقليمي والنهج الإبراهيمي، وعلى حملة الحزب الديمقراطي الانتخابية الحرجة، حيث أدى تمحور المواقف السياسية من إسرائيل حول المزايدات الانتخابية من ضعف إدارة بايدن أمام التعنت الصهيوني وعرّضها لنقد داخلي لاذع بلغ حد تندّر النُقاد بضعفها وقولهم "إن إدارة بايدن تتصرف مثل الكلب الذي قرر أن ذيله يجب أن يهزه"!!. وفي هذا الصدد تفيد التقارير الإخبارية بأن الديمقراطيين يسودهم قلق متزايد بشأن "فشل بايدن في كبح جماح نتنياهو وما قد يعنيه لآفاق هاريس في انتخابات متقاربة".
ولا يخفى أن توسع الحرب يستوجب توجيه الموارد المالية والعسكرية الأميركية إلى الشرق الأوسط على حساب موارد المواجهة مع الصين وروسيا، بالإضافة إلى أثر توسع الحرب على أسعار الطاقة فيما إذا تعرض مضيق هرمز الذي يمر منه نحو40% من النفط العالمي إلى إغلاق، والذي قد يزيد من اعتماد الصين والهند على الطاقة الروسية ويُعمق العلاقة بينهم، وإن كان تصعيد المخاطر في مضيق هرمز وباب المندب يخدم الخط التجاري الموازي والمنافس للحزام والطريق الصيني والمزمع إطلاقه من الهند إلى البحر المتوسط ومنه إلى أوروبا عبر الخليج العربي والأردن و"إسرائيل"، وهو المشروع الذي يخدم أيضًا دمج إسرائيل في المنطقة من البوابة الاقتصادية، وهو ما صرح به الرئيس الأميركي.
ولذلك تسعى أميركا لضبط الرد الإسرائيلي على إيقاع مصالحها الدولية التي تتعدى الشرق الأوسط، ومن ثم تسعى لإبقاء النزاع الصهيوني مع إيران ضمن قواعد الاشتباك ولو بسقف مرتفع ينتهي إلى حدود الردع، لئلا تنزلق المنطقة إلى حرب إقليمية واسعة، تختفي فيها الخطوط الحمراء، وتضع المصالح الأميركية في أتون حرب ضروس. وهذا ما يُفسر إفشاء إدارة بايدن للإعلام عن نوايا الحكومة الإسرائيلية بشأن الرد الصهيوني على الهجوم الإيراني، ويفسر كذلك قلق الولايات المتحدة مما يخطط له نتنياهو.
متابعة سياسية
قراءة في مسار التصعيد الشرس بين الكيان الصهيوني وإيران وحزب الله
قامت إيران مطلع هذا الشهر بالرد على الاستفزازات والاعتداءات الصهيونية عليها وعلى أذرعها، ونفذت تعهدها بالانتقام لاغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية على الأراضي الإيرانية، واغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، وكبير المستشارين الإيرانيين اللواء عباس نيلفروشان. واستعملت إيران في ردها على الكيان ما يقارب 200 صاروخ، وصل منها 80 صاروخًا إلى أهدافهم دون أن تتمكن أنظمة الدفاع الجوي الصهيوني المتطورة من إسقاطها، وقد أظهرت التسجيلات وصور الأقمار الصناعية إصابة القواعد الجوية وبعض آثار الهجوم بشكل لا لبس فيه. وهذا فضلًا عن اعتراف الكيان الصهيوني الذي يتكتم عادة على خسائره حيث نشرت يديعوت أحرونوت أن الهجمات الإيرانية تسببت بأضرار كبيرة في 10 مواقع سقطت فيها الصواريخ من بينها عدة قواعد عسكرية.
ويندرج العدوان الصهيوني والردود المتبادلة مع إيران ضمن حسابات سياسية واستراتيجية لكلا الطرفين عبر سياسة شد الحبل وعض الأصابع. وفي هذا السياق قال وزير الأمن الإسرائيلي: من يعتقد أن محاولة استهداف سلاح جونا ستردعنا فلينظر إلى بيروت وغزة. ولا يخفى أن الاستفزازات والاعتداءات الصهيونية على إيران إنما تهدف إلى تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط وتقويض النفوذ والمكتسبات الإيرانية لصالح الكيان الصهيوني ومشروعه الاستعماري الذي ترعاه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون وعملاؤها في المنطقة، وهو ما عبر عنه الناطق باسم الجيش الإسرائيلي بقوله: "هذه لحظة تاريخية، ليس فقط للإسرائيليين، بل وللبنانيين والعرب والمسيحيين الشرقيين". كما لم تسلم تركيا من تهديد الكيان المجرم، وهو ما يُفهم من تعليق غالانت على الغارات الإسرائيلية على اليمن بقوله "لا يوجد مكان بعيد جدًا بالنسبة لإسرائيل"، وهو الأمر الذي أثار حفيظة أردوغان ودعا البرلمان التركي لمناقشة التحدي الإسرائيلي، لا سيما وأن للمليشيات الكردية العراقية والسورية والتركية علاقات مع الكيان الصهيوني.
وفي ضوء التوجه الصهيوني والمعطيات المحيطة بالمنطقة يحاول نتنياهو تحطيم حزب الله الذي يعتبر الركيزة الأساسية لأذرع إيران المسلطة على كيانه، ويعمل على تعزيز شعبيته وتحصين حكومته وحزامها البرلماني وتوجهاتها التصعيدية ومخططاتها بعناصر من نفس قماشته السياسية كجدعون ساعر. فعلى الصعيد اللبناني يعتزم نتنياهو فرض منطقة أمنية عبر تفريغ البقاع وجنوب الليطاني من خلال القصف الجوي والاجتياح البري الذي لا يزال مستعصيًا بسبب بسالة المقاتلين وجبن الجنود الصهاينة، تمامًا كتفريغه لشمال قطاع غزة وفصله عن جنوبه ضمن ما يسمى "خطة الجنرال" لفرض منطقة أمنية عبر التجويع والمذابح المتتابعة والتي تنطوي على التهجير القسري، والتي تلقى شجاعة لا نظير لها من قِبل أهل غزة والمقاومين.
ويسعى نتنياهو كذلك إلى تقويض قوة حزب الله في الحكومة وتحقيق مآربه بشأن الحدود البرية والثروات البحرية. يسانده في ذلك مواقف القوى المنافسة لحزب الله. حيث دعا سمير جعجع زعيم مليشيا "القوات اللبنانية" في مؤتمر بعنوان "دفاعًا عن لبنان" إلى ضرورة نزع سلاح حزب الله. واستعادة الدولة منه ومن إيران. وحرض على الحزب من خلال تحميله مسؤولية الدمار والفساد والهيمنة على الدولة بالسلاح. وفي وقت سابق من هذا العام هاجم البطريرك الماروني اللبناني بشارة بطرس الراعي حزب الله واعتبر أن الشعب اللبناني "يرفض أن يكون رهينة ودرعًا بشرية وكبش فداء" لـ"ثقافة الموت التي لم تجلب سوى انتصارات وهمية". وفي هذا الجانب تتقاطع مصالح نتنياهو مع الولايات المتحدة وعملائها الذين استغلوا فرصة ضرب حزب الله لإنهاء حالة الفراغ الرئاسي والمطالبة بتعيين رئيس للجمهورية. وهو الأمر الذي نادت به إسرائيل والولايات المتحدة.
وأما بشأن إيران فيسعى نتنياهو إلى جر الولايات المتحدة للمواجهة معها لضمان تحقيق أهدافه في المنطقة. فمنذ الهجوم الإيراني الواسع وإسرائيل تستعد لما أسمته بالرد القوي والقاسي ومن ذلك قيام سلاحها الجوي بمناورات عسكرية فوق البحر المتوسط، تتضمن محاكاة لرحلات طويلة المدى والتزود بالوقود جوا. فيما تخوض مع الولايات المتحدة نقاشات حول المواقع الإيرانية التي تريد استهدافها، إذ تعترض الولايات المتحدة على استهداف الكيان المحتل للمنشآت النووية والنفطية الإيرانية وتحاول احتواء الموقف وتبريده عبر الإغراءات والمساعدات للكيان الصهيوني وعبر الضغوط المختلفة على الجانبين لما للحرب الواسعة من تداعيات جمة على الإقليم والمصالح الأميركية، ولما لها من تداعيات اقتصادية وسياسية تدخل في حسابات الإدارة الأميركية لناحية أثر توسع الحرب على أولوية بناء الردع الأميركي في مواجهة الصين وروسيا، وأثرها على أسعار الطاقة وعلى التحالفات والعلاقات الدولية، وعلى أنظمة المنطقة ومسار الحل الإقليمي والنهج الإبراهيمي، وعلى حملة الحزب الديمقراطي الانتخابية الحرجة، حيث أدى تمحور المواقف السياسية من إسرائيل حول المزايدات الانتخابية من ضعف إدارة بايدن أمام التعنت الصهيوني وعرّضها لنقد داخلي لاذع بلغ حد تندّر النُقاد بضعفها وقولهم "إن إدارة بايدن تتصرف مثل الكلب الذي قرر أن ذيله يجب أن يهزه"!!. وفي هذا الصدد تفيد التقارير الإخبارية بأن الديمقراطيين يسودهم قلق متزايد بشأن "فشل بايدن في كبح جماح نتنياهو وما قد يعنيه لآفاق هاريس في انتخابات متقاربة".
ولا يخفى أن توسع الحرب يستوجب توجيه الموارد المالية والعسكرية الأميركية إلى الشرق الأوسط على حساب موارد المواجهة مع الصين وروسيا، بالإضافة إلى أثر توسع الحرب على أسعار الطاقة فيما إذا تعرض مضيق هرمز الذي يمر منه نحو40% من النفط العالمي إلى إغلاق، والذي قد يزيد من اعتماد الصين والهند على الطاقة الروسية ويُعمق العلاقة بينهم، وإن كان تصعيد المخاطر في مضيق هرمز وباب المندب يخدم الخط التجاري الموازي والمنافس للحزام والطريق الصيني والمزمع إطلاقه من الهند إلى البحر المتوسط ومنه إلى أوروبا عبر الخليج العربي والأردن و"إسرائيل"، وهو المشروع الذي يخدم أيضًا دمج إسرائيل في المنطقة من البوابة الاقتصادية، وهو ما صرح به الرئيس الأميركي.
ولذلك تسعى أميركا لضبط الرد الإسرائيلي على إيقاع مصالحها الدولية التي تتعدى الشرق الأوسط، ومن ثم تسعى لإبقاء النزاع الصهيوني مع إيران ضمن قواعد الاشتباك ولو بسقف مرتفع ينتهي إلى حدود الردع، لئلا تنزلق المنطقة إلى حرب إقليمية واسعة، تختفي فيها الخطوط الحمراء، وتضع المصالح الأميركية في أتون حرب ضروس. وهذا ما يُفسر إفشاء إدارة بايدن للإعلام عن نوايا الحكومة الإسرائيلية بشأن الرد الصهيوني على الهجوم الإيراني، ويفسر كذلك قلق الولايات المتحدة مما يخطط له نتنياهو.