المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نداء إلى أهل الأردن



عبد الواحد جعفر
10-02-2015, 11:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

نداء إلى أهل الأردن

منذ أن قرر الأردن المشاركة في الحلف الشيطاني الذي أقامته أميركا لمحاربة ومكافحة ما يسمى "الإرهاب"، والرأي العام فيه ضد المشاركة، وقد بدا ذلك واضحا من خلال الرفض لدى قطاعات عريضة من العشائر الأردنية التي أحست بخطر اشراك أبنائهم في حرب ليست حربهم لقتل أبناء المسلمين نيابة عن الأميركان، ويبدو أن قيادة التحالف كانت تحضر للحرب البرية _كما أعلنت الولايات المتحدة الأميركية بمشاركة اثني عشر لواء عراقي_ وقد أسندت للأردن دوراً فيها، وهذا ما يفسر قرار دعم الإدارة الأميركية للأردن بثلاثة مليارات دولار لهذا العام.
وفي ظل رفض الرأي العام الواضح لمشاركة الأردن في الأدوار المطلوبة منه على صعيد "مكافحة الإرهاب" كان لا بد من العمل على تطويع الرأي العام للاصطفاف خلف النظام في قراره الاشتراك مع التحالف لحرب "داعش" والقضاء على ما يسمى "بؤر الإرهاب" وهي الحرب المعلنة من قبل قوات التحالف، فكان لا بد من العمل على ايجاد المبررات القوية لدفع الرأي العام للقبول بمتطلبات المرحلة المقبلة في هذه الحرب المعلنة، فجاء اسقاط الطائرة الأردنية فوق الرقة أثناء قيامها بتنفيذ إحدى الغارات على مواقع الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، وقد كان من المتوقع قيام التنظيم بإعدام الطيار الأردني "معاذ الكساسبة" لإثارة حنق الناس على "الدولة الإسلامية" باعتبارها تمثل الإسلام والمسلمين فيكون الهجوم المبرمج على مفهوم الدولة الإسلامية بذريعة الإعدام، علماً بأنه كان هناك متسع من الوقت لإنقاذ الطيار الأردني بعد أن أسقطت طائرته ومكوثه لأكثر من ساعة في مياه النهر، إلا أن التنظيم فاجأ الجميع وخالف كل التوقعات عندما قام بالإعلان عن إحراقه حياً وبطريقة هوليودية أشبه بأفلام الأكشن الأميركية، مما أثار حفيظة الناس في الأردن على ما قام به التنظيم وانقلب الرأي العام رأساً على عقب ضد التنظيم وأفعاله المشينة ووصمه بالإرهاب والتطرف والهمجية التي يتمتع بها قيادات هذا التنظيم، فيكون التنظيم قد حقق ما أريد منه بحيث دفع الناس لإعطاء القيادة الأردنية مبررات الإستمرار في التحالف والقيام بما هو أبعد من الطلعات الجوية.
لقد قدمت قيادات خائنة في تنظيم "داعش" _وبعضهم من بقايا نظام البعث العراقي_ خدمة جليلة للنظام في الأردن عندما أقدمت على إحراق الطيار وبطريقة إعلامية إحترافية تركت الأثر الأكبر في عقول الناس وقلوبهم، وأوجدت غضباً عارماً لدى الناس في الأردن وخارجه، حتى باتت المشاعر متقدة والعواطف جياشة ضد التنظيم، واتخذ النظام هذه الجو المشاعري ذريعة للرد وبالطريقة التي يراها تحت مظلة التحالف .
لقد حذرنا مراراً من حرمة مشاركة الأردن وبقية الدول في التحالف للحرب على ما يسمى "الإرهاب" ﻷنها حرب معلنة على الإسلام والمسلمين بقتل أبناء الأمة المخلصين، الذين توجهوا وهم مضللين لهذا التنظيم للإنخراط في صفوفه. كما حذرنا من الفتنة المترتبة على مشاركة الأنظمة العربية في هذا التحالف الشيطاني وأنه سينعكس سلباً على الدول المشاركة فيه، وأن أبناء العشائر المشاركين في هذه الحرب سيكونون الوقود الذي تستخدمه قيادة التحالف لتنفيذ حربها على دين الله بالنيابة والوكالة عن القوات الأميركية التي لم تخسر في هذه الحرب ولا جندي.
وبناءً على ما تقدم فإنه سيتم تقصد ايجاد حالة عدم استقرار أمني من المرجح أن تقف خلفها أجهزة الإستخبارات الغربية والتي سيكون لها موطئ قدم في الاردن. كما أن من المرجح القيام بأعمال "ارهابية" تنسب لاحقاً لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وسيكون أهل الأردن الخاسر الأكبر في مشاركة النظام في هذا الحلف الشيطاني، ومن المتوقع ألا ينجو بعض المسؤولين في الأردن من عمليات تنسب للتنظيم من أجل الزيادة في التحريض على الاستمرار في الحلف الشيطاني لتحقيق أهداف مخططات أميركا والغرب الكافر في المنطقة .

أيها المسلمون في الأردن..
لقد تم استثارتكم عاطفياً ومشاعرياً ليكون ذلك ذريعة للنظام الأردني ليقوم بهذه الحرب نيابة عن أميركا العدو اللدود لكم. إن الدخول في التحالف هو خدمة لأهداف أميركا في زيادة اصطدام الأمة بنفسها لتفقد أبناءها ومقدرات بلادها وتفتيتها لتبقى ضعيفة وغير قادرة على النهوض .
إن من قام بتصميم فيلم إحراق الطيار الأردني هو عينه من صمم التحالف؛ لأن مصلحته هي في تأجيج نار الفتنة بين المسلمين والمضي قدماً في التحالف لقتل من تم جذبهم من شباب الأمة المخلصين لدولة التنظيم، وإشاعة عدم الاستقرار في بلاد المسلمين ومنها الأردن .
فالمضي في هذا التحالف بحجة الثأر للطيار هو مضي في تنفيذ مخططات أميركا بعد أن أوجدت الذريعة المناسبة لذلك، على الرغم من أن ذلك يعني السير بالبلد نحو عدم الاستقرار والذي سيكون مقدمة لإراقة الدماء _لا قدر الله_ وإثارة الفتنة والدهماء، وستنعكس سلباً على الوضع الإقتصادي والدخول في الفوضى .

أيها المسلمون في الأردن..
إن الذي يطلب الثأر يأخذه ممن قتل أو أمر بالقتل ويكتفي بذلك؛ لأن القِصاص شرعاً لا يجوز أن يكون من غير القاتل أو من أمر بالقتل ولا يكون القِصاص من أهله .
ومن هم في تنظيم الدولة هم في مجملهم من أبناء الأمة المخلصين وإن ضلوا الطريق، أما الخونة فهم أفراد في الجماعات أو الجيوش أو الدول، فهل خيانة الأفراد تكون مبرراً لقتل الشعوب والقضاء على الجيوش أو الجماعات؟!!
إنا نحذر من الاستمرار في هذه الحرب الكارثية، وإن التعهد الذي قدمه المسؤولون في الأردن بالقيام بها حتى النهاية هو قتل للعباد ودمار للبلاد، وهي حرب بالوكالة عن قوى الشر والاستعمار الأميركي الذي لا يقيم وزناً لدماء المسلمين سواء في الأردن أو في سورية أو في أي مكان.
ثم هل سيقوم النظام في الأردن بإعدام كل من يتهم بالإنتماء لهذا التنظيم داخل الأردن بحجة مسحه والقضاء عليه؟! من يريد الإسلام والدفاع عنه لا يجوز له أن يشترك في هذه الحرب المدمرة للمسلمين أطفالاً ونساءً، فالصواريخ التي يطلقها التحالف لا تقتل إلا مسلمين، من دون أن تفرق بينهم. ومن كان حريصاً على الإسلام والدفاع عنه عليه أن يرجع الأمر للأمة تختار عنها من تشاء. وأن يكف عن تصنيف المسلمين مذهبياً، وقتلهم بناءً على ذلك؛ فإن هذا العمل لا يخدم إلا الكفار الذين كادوا لهذه الأمة ليضرب بعضهم رقاب بعض وهم ينظرون إليهم شامتين!
وإذا كان الحديث عن الثأر فلماذا لم يثأر النظام في الأردن من اليهود الذين قتلوا القاضي الأردني "زعيتر" وهو ذاهب لزيارة أهله في فلسطين؟! ولماذا لم يثأر لأشلاء الأطفال والنساء الذين أحرقتهم إسرائيل بالنابالم في غور الأردن عام 68 - 69؟ أو من تقتلهم صباح مساء من أهل فلسطين الصابرين؟!
إن من يُقتل في غارات الطيارين الأردنيين هم مسلمون، ومنهم المئات من شباب هذا البلد الذين ذهبوا لنصرة إخوانهم في سوريا أو الذين ظنوا أن تنظيم الدولة يقيم خلافة إسلامية حقاً! فلماذا لا يعمل على إنقاذهم بدلاً من قتلهم؟!
الميت لا سبيل لإنقاذه لأنه أفضى إلى بارئه، ولكن لماذا تسد كافة المنافذ أمام من يريد العودة من سوريا والمناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة؟! ألا يدل ذلك على عدم الحرص على الشباب المسلم من هذا البلد كما يحرص النظام على تنفيذ مخططات أميركا؟!

أيها المسلمون في الأردن..
إن الحرب المعلنة على التنظيم هي حرب طويلة كما صرَّح بذلك العديد من المسؤولين الأميركيين وقد تستغرق سنين طويلة، وما جاء على لسان بعض المسؤولين الأردنيين بأن الضربات الجوية التي حدثت هي بداية، وأنهم سيستمرون حتى القضاء على تنظيم الدولة وأنهم سيمسحون هذا التنظيم وأن حربهم هو دفاع عن الإسلام وقد أصبحت الآن حربهم لا حرب أميركا، إن مثل هذه التصريحات تعكس مدى انصياع المسؤولين لتنفيذ ما تريده أميركا لإبقاء الأردن جزءاً من هذا التحالف والذي سيجر البلاد إلى الهاوية، فكما تهاوى العراق وتهاوت سوريا فإن أميركا لن يهمها تفجيراً هنا أو قتل هناك ما دام الأردنيون هم من سيدفعون الثمن، وما دام القتل في أبناء الأمة يحصل بالوكالة عن الجنود الأميركان الذين يقبعون في ثكناتهم.
إن الإسلام يحرم تحريماً قاطعاً قتل المسلمين قال تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً} ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم" ويقول أيضاً: "المسلم أخ المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه" ويقول: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه".
فاتقوا الله أيها المسلمون في الأردن، ولا تسمحوا لفئة منتفعة أن تجرَّ البلاد والعباد إلى دوامة من الفوضى التي لا نعلم كيف ستنتهي؟ ومن سيقتل في هذه الحرب؟ ومن كان يظن أنها ستقف عند حد الطيار الأردني فإنه يكون واهماً.
لذلك عليكم يتوقف انسحاب الأردن من هذا التحالف الذي لا يريد الخير للمسلمين بل وظيفته قتل شباب الأمة المخلصين.
إنكم تعلمون أنه لا عزة لنا إلا بالإسلام الذي يوجب عليكم شرعاً أن تعملوا على إقامة دولته وتطبيق شرعه، وأنه لن تقوم لهذه الأمة قائمة إلا بإقامة الدولة الإسلامية التي تطبيق الإسلام وتقيم العدل وتنشر الرحمة بين العباد.
{يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}

19/ربيع الآخر/1436هـ حزب التحرير
9/2/2015م لجنة الولاية في الأردن

أبو أسيد
10-02-2015, 11:20 PM
شفاء الصدور أم إيغار الصدور.
وفّر تنظيم الدولة لأمريكا وعملائها في الشريط الذي بثه بعنوان "شفاء الصدور" غطاءَ سياسياً لإيغار الصدور على تنظيم الدولة بل على مفهوم الدولة الإسلامية والجهاد والتنظيمات الإسلامية وعلى الإسلام ذاته، وبعيدا عن العواطف المُتأججة من قبل الإعلام الموجه لتجريم تنظيم الدولة فإن الحرب على التنظيم هي حرب أمريكية على الإسلام والمسلمين والتنظيم هو أحد أدواتها ، والصراع بيننا وبين تنظيم الدولة هو صراع فكري ولا يجوز أن يكون دمويا لحرمة دم المسلم على المسلم إلا فيما أقره الشرع ، والشرع لا يقر التحالف مع أعداء الدين والأمة خصوصا أن التنظيم لا يمثل سوى عددا ضئيلا من عدد السكان الذين سيتعرضون للإرهاب والحرق الذي استنكره العالم وجيّش الجيوش بذريعته. حريّ بهذه الأمة أن تتعظ من الحروب الصليبية التاريخية والمعاصرة وأن لا تثق بمن يقرع طبولها أو تنجرّ لفخاخهم، وحريًّ بها أن تمارس دورها في إقامة خليفتها بدل أن تلعن من غصبوا سلطانها أو تشمئز من تنظيم الدولة وسلوكه دون أن تسعى لاستبداله بخير منه . ويجدر بتنظيم الدولة وقادته أن يتقوا الله ويقطعوا مع أعداء أمتهم وأن يفوّتوا الفرصة عليهم وعلى عملائهم وأن يعلنوا التراجع عن الطريق الذي يسلكونه وأن يسارعوا لإنقاذ أنفسهم والرعايا الذين يحكمونهم كًرّاراً غير فُرّار . قال صلى الله عليه وسلم : "الدين النصيحة" ، ولذلك ننصح تنظيم الدولة بما يلي :
أولا : أن يتراجعوا عن إعلان الدولة ويعتبروا الواقع الذي هم عليه ليس سوى تنظيم حرر مناطقه من هيمنة أنظمة الكفر السورية والعراقية ، وأن يعلنوا بأن مناطقهم لا تخضع لسلطان الكفر ولا لسلطان الإسلام لأن هذا هو واقعها وحقيقتها، وأن يدعوا الأمة وليس التنظيم وحده لإقامة سلطان الإسلام بالبيعة الشرعية لمن تختاره الأمة وليس التنظيم ليحكمها بشرع الله حسب اجتهاده من الكتاب والسنة على أن يوضِّح من يترشح لمنصب الحكم طريقة فهمه للإسلام لتكون ميثاقا بينه وبين الرعيّة ، لأن البيعة هي عقد على الحكم بما أنزل الله ولا بد أن تكون الأمة طرفاً فيه حتى يكون ناجزا ويكون السلطان إسلاميا يستند في وجوده إلى الأمة لا إلى التنظيم لأن السطان للأمة وليس للتنظيم حتى لو كان التنظيم سببا في تحرير مناطقه من سلطة بغداد ودمشق، والأمة الإسلامية ملزمة شرعا بالدفاع عن سلطانها بموجب عقد البيعة وهو ما أكدته بيعة الحرب التي أخذها الرسول صلى الله عليه وسلم من أهل المدينة . فإذا كانت ذريعة التحالف الدولي هي اختطاف التنظيم البلاد وأهلها فليعلن التنظيم عن انتخابات رئاسية تعيد الحق لأصحابه ويسحب البساط من تحت أرجلهم ويُبطل ذرائعهم، وأما البيعة التي أخذها البغدادي من مجلس شورى التنظيم فلا قيمة لها شرعا وليست ملزمة لأحد من المسلمين، وتغلّب البغدادي لا يضفي شرعية على حكمه لأن المتغلب لا طاعة له حتى تعلن الأمة قبولها ورضاها به وهو ما لم يحصل بل حصل خلافه وأظهر أغلب المسلمين سخطهم على ما قام به تنظيمه . وأما دعوى التنظيم برضى الناس عن عيشهم في ظل دولته فلا يضفي الشرعية عليه لأن هناك فرق بين رضى الناس عن النظام وبين رضاهم عن الحاكم ، فالرضى عن النظام لا يعبر بالضرورة عن رضى الناس على الحاكم خصوصا أن المسلمين يرضون بحكم الإسلام ولا يقاومونه ولو كان مشوهاً، ولا محل للاستدلال على قبول الناس للبغدادي بسكوتهم على نظامه لأن شرعية النظام غير شرعية السلطان ولأن سكوت الناس عليه كان بسبب اكتوائهم بنظام البعث الكافر وتمييزه القومي والطائفي وبسبب اشتياقهم لنظام الإسلام ، وحتى لو طبق البغدادي الإسلام صافيا نقياً فإنه لا يعكس رضى الناس به أو يضفي شرعية عليه ما دام لم يأخذ الحكم منهم، لأن تطبيقه الإسلام يعكس الرضى بشريعته ويعبر عن ميول الناس نحوها وثقتهم بعقيدتها وأحكامها وليس تعبيراً عن قبوله حاكما . ومع كون إقامة خليفة في حال غيابه فرض كفائي يعطي الحق بتولي السلطة لمن يقيمه ابتداءاً لاستئناف الحياة الإسلامية، لكن شرطه أن يكون برضى الناس أو من يمثلهم تمثيلا حقيقيا لا بالغصب والتغلّب .
ثانيا : يجب أن يعلن التنظيم عن نيته تأسيس مجلس شورى للمسلمين بالانتخاب لأن "شورى التنظيم" لا يعبر عن إرادة الناس وإنما يعبر عن إرادة أفراده ولم نشهد تنظيما يعتبر نفسه الأمة والدولة إلا الحزب الشيوعي ، فلا بد من تمكين المسلمين من التعبير عن رأيهم واختيار خليفتهم ومنح الثقة لجهاز حكمه أو حجبها عنه، ولا بد من تمكينهم من محاسبة الحكام وردعهم عن التغوّل على الناس وإساءتهم لرعاية شؤونهم أو إساءتهم لدين الله وصورته الحقيقية أمام الأمم والشعوب لأن الأمة الإسلامية هي الدولة وهي المكلفة بحماية دينها وحمله إلى العالم ، ولا نعرف حاكما يعتبر نفسه الدولة والدولة هو غير لويس الرابع عشر وحكام العرب العملاء المستبدين فيجب أن ينتفي ذلك عن خليفة المسلمين . فالدولة الإسلامية هي دولة بشرية يقودها بشر يصيبون ويخطئون ولا بد من مراقبة أدائهم ومحاسبتهم وخلعهم إذا اقتضى الأمر لأن دولة الإسلام ليست دولة إلاهية وخليفتها لا يحكم بالحق الإلهي وإنما بالشرع الإلهي . فلا بد ان يسمح التنظيم بتاسيس مجلس للشورى وأن يستقيل زعيمه من "الحكم" ليقوم المجلس بانتخاب من يتولى الحكم ويرعى شؤون الناس ويعيد الثقة بدينهم ويجسّد صورة الإسلام الحقيقية التي أفسدها تنظيم الدولة بممارساته ، هذا إذا كان التنظيم يريد الخير للإسلام والمسلمين.
ثالثا : ينبغي أن يدرك تنظيم الدولة وباقي التنظيمات "الإسلامية" أن الدولة هي الأمة وهي من تُنيب عنها من يباشر رعاية شؤونها على شرطها ، والتنظيم الذي يجعل من مبدئه وفهمه للإسام مبدأ للأمة سيحكمها طبيعيا وليس جبراً أو تغلّبا، ولنا عبرة في إجماع الصحابة على ترك عثمان بن عفان رأيه واجتهاده وتوليه الحكم على شرط المسلمين ، وهذا يعني أن الخليفة مقيّد بطريقة الأمة في فهم الإسلام وليس منفصلا عنها وعن منهج تفكيرها وإن كان له وحده حق تبني الأحكام وسن القوانين ، فمن حق الأمة أن تعرف أي فهم للإسلام سيحكم سلوكها ويرعى مصالحها ولا يتأتى ذلك إلا بالتنافس بين الأحزاب الإسلامية عند طرح أفكارهم على الناخبين ، وينبغي على الحاكم أن يرفع الحرج عن المسلمين عند تبني الأحكام وسن القوانين لأن ذلك أدعى لوحدة الأمة وتماسكها وقوّة الدولة وبقائها وإلا واجه النظام خطر الانهيار من الداخل إلى جانب الخطر الخارجي . ولا شك أن الأمة قد أظهرت غضبها مما تبنّاه البغدادي وتنظيمه و"دولته" خصوصا في طريقة أخذ الحكم وفي نظام العقوبات ، فقد أظهر تنظيم الدولة جهلا سياسيا وفكريا فاضحا في تنفيذه حكم الإعدام حرقا بالطيار الأردني ، ولو سلمنا بأن الحرق مباح قصاصا وفق قاعدة المعاملة بالمثل ، فإن المسألة هي على الإباحة لا على الوجوب وحتى لو كانت على الوجوب فللخليفة أن يدفع دية القتلى ليُجنّب المسلمين البلاء ، والأصل في القصاص هو حفظ النفس "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب" فهل عصم القصاص من الطيار دماء المسلمين وحفظ حياتهم ، وهل شرّد الحرق بالكفار من خلفهم أم ألّبَ المسلمين على التنظيم ودولته وركز نفوذ الكافرين وحقق أهدافهم وبرر للحكام المجرمين خيانتهم، كان ينبغي على التنظيم أن يبث شريطا "يشفي الصدور" لا أن يوغر الصدور على الإسلام ونظامه وتنظيماته . لقد ثبت أن نظام البغدادي أنه فاقدا للسلطان الشرعي وأنه لا يمثّل قناعات الناس وفهمهم للإسلام لأنه لم يقم على بيعة تعبّر عن سلطان الأمة ونظامها الذي تريد ، ولم يعرض على الأمة أو من يمثلها ما يتبناه من أنظمة الإسلام ومعالجاته التي ستُرعى بها شؤونهم.
فإذا كان البغدادي مخلصا وتنظيمه نقيّا عليه أن يعيد الاعتبار لمفاهيم الإسلام ويوقف القتال ضد المسلمين لأن الجهاد هو قتال للكفار، وعليه أن يعيد السلطان للأمة بتأسيس مجلس منتخب للشورى من الناس في المناطق التي يسيطر عليها كي يقيموا خليفتهم ، وأن يستقيل من "الحكم" ، وقبل ذلك عليه أن يُلجٍم تنظيمه عن التغوّل على الناس كما فعل عمر بن عبد العزيز الذي قوّض نفوذ بني أمية في الحكم وأقام العدل في الرعيّة . وإن لم يفعل فإنه يؤكد على خيانته وعمالته ويكشف عن دوره الوظيفي ودور تنظيمه في مشاريع الغرب لتمزيق الأمة وتشويه دينها ومنع تحررها ونهضتها .
10\2\2015