عبد الواحد جعفر
20-09-2014, 11:58 PM
ماذا عن خطة العرب؟
السبت 20 أيلول / سبتمبر 2014
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
توماس فريدمان – (نيويورك تايمز) 13/9/2014
في الحياة ثلاثة أشياء لا ينبغي لك أن تقوم بها بتردد وباحتمال نظرتين: الزواج، وشراء منزل، والذهاب إلى الحرب. لكننا، للأسف، على وشك القيام بالأمر الثالث. هل ينبغي لنا؟
لقد اتخذ الرئيس أوباما هذا القرار بوضوح ليقود التحالف الرامي إلى تفكيك وتدمير تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية، أو "داعش"، بتردد وتناقض عميقين. وكيف لا يكون كذلك؟ إن مقدار قوتنا الباقية غامض، وعدونا بربري، وحلفاءنا الإقليميين ذوو وجهين، وحلفاءنا الأوروبيين سقيمون، والعراقيين والسوريين الذين نحاول أن نساعدهم منقسمون. ليس هناك أي طرف مباشر وواضح في العصبة. وبخلاف ذلك، فإن الأمر أشبه بإنزال قوات حلفاء عسكرية.
لنتأمل العربية السعودية. إنها سوف تساعد بتدريب جنود الجيش السوري الحر، لكنها تشكل في الوقت نفسه واحداً من أكبر مصادر المتطوعين الجهاديين في سورية. ووفقاً لدراسة أميركية سرية في العام 2007، والتي وقعتها وزيرة الخارجية حينذاك، هيلاري كلينتونن وكشف النقاب عنها موقع "ويكيليكس"، فإن المانحين الخاصين "في العربية السعودية يشكلون المصدر الأهم لتمويل الجماعات الإرهابية السنية على مستوى العالم".
وتركيا، سمحت للجهاديين الأجانب بالعبور داخلين خارجين من سورية، وشكلت سوقاً مهماً للنفط الذي تقوم "داعش" بتهريبه إلى خارج العراق من أجل المال. وإيران هي التي صنعت المتفجرات الخارقة للدروع التي استخدمتها الميليشيات الشيعية العراقية للمساعدة في طرد أميركا إلى خارج العراق، وشجعت قادة العراق الشيعة على تجريد السنة العراقيين من أكبر قدر ممكن من السلطة والمال، مما ساعد في خلق الثورة السنية المضادة التي تمثلها "داعش". أما رئيس سورية، بشار الأسد، فقد سمح لداعش بالظهور عمداً حتى يستطيع أن يري العالم أنه لم يكن القاتل الجماعي الوحيد في سورية. وقطر، تكون معنا يوم الأحد والأربعاء والخميس، وضدنا يوم الاثنين والثلاثاء. ثم تأخذ، للأسف، عطلة نهاية الأسبوع.
في الأثناء، وهنا في الوطن، يعرف أوباما أن أعضاء حزبه الخاص نفسه والحزب الجمهوري الذين يحثونه على قصف "داعش" سيكونون أول من يهرب وينجو بنفسه إلى التلال إذا ما علقنا في مستنقع هناك وواجهتنا مشكلة، أو فشلنا، شأو قصفنا بالخطأ صفاً في حضانة للأطفال.
وإذن، لماذا قرر الرئيس المضي قدماً؟ إنه مزيج من القلق الجيوسياسي المشروع –إذا استطاع جهاديو "داعش" تقوية سلطتهم في قلب العراق وسورية، فإنهم يمكن أن يهددوا بعض الجزر الحقيقية الباقية للياقة والاستقرار، مثل كردستان والأردن ولبنان، وربما يولدون في يوم من الأيام قدرة كافية لإلحاق الأذى بالغرب بشكل أكثر مباشرة- ومن استطلاعات الرأي. لقد أصبح أوباما يشعر بوضوح بأنه يقاد إلى ما يفعله أخيراً بذلك التحول المفاجئ في الرأي العام بعد عمليات قطع الرؤوس المصورة المروعة التي نشرتها "داعش" لاثنين من الصحفيين الأميركيين.
حسناً، ولكن، وبالنظر إلى هذا الطاقم من الشخصيات، هل هناك أي طريقة يمكن أن تنتهي بها خطة أوباما إلى خير؟ فقط إذا كنا منضبطين تماماً وصارمي التفكير حول كيف، ومتى من أجل من سوف نستخدم قوتنا.
قبل أن نطلق حملة القصف على "داعش"، يجب بالتأكيد أن يكون الطرف الذي نقاتل إلى جانبه واضحاً تماماً. إن "داعش" لم تظهر بالصدفة ومن العدم. إنها طفل الكراهية لحربين أهليتين تعرض فيهما المسلمون السنة للسحق والقمع. إحداهما تلك الحرب الشرسة الدائرة في سورية، والتي قتل فيها النظام الشيعي العلوي المدعوم من إيران ما يقرب من 200.000 شخص، الكثيرون منهم من المسلمين السنة، بالأسلحة الكيميائية وقذائف البراميل. والأخرى هي الحرب الأهلية العراقية التي قامت فيها حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي الشيعية المدعومة من إيران أيضاً بتجريد سنة العراق من سلطتهم ومواردهم بطريقة منهجية.
لن يكون هناك أي استقرار قابل لإدامة نفسه إلا إذا انتهت هاتان الحربان الأهليتان تماماً، وتم إرساء الأساس لحوكمة ومواطنة لائقتين. ولا يستطيع سوى العرب والمسلمين أن يفعلوا ذلك عن طريق إنهاء حروبهم الطائفية وعداواتهم القبلية. إننا نستمر في القول لأنفسنا إن المشكلة هي "التدريب"، عندما تكون المشكلة الرئيسية في الواقع هي الحكم. لقد أنفقنا مليارات الدولارات على تدريب الجنود العراقيين الذين هربوا على أعقابهم من طريق "داعش" –ليس لأنهم لم يحظوا بتدريب مناسب، وإنما لأنهم يعرفون أن ضباطهم قراصنة فاسدون، والذين لم يتم تعيينهم على أي من أسس الجدارة، وأن حكومة المالكي القذرة لم تكن جديرة بالقتال من أجلها. كما أننا نقلل أيضاً من حقيقة كم هم العرب جائعون، في كل هذه الصحوات، إلى حكم نظيف ولائق.
يجب أن لا ننسى أبداً أن هذه حرب تخاض على جبهتين: "داعش" هي العدو الخارجي، والطائفية والفساد في العراق وسورية هما العدوان الداخليان. ويمكننا، بل وينبغي لنا أن نساعد في تفكيك الأولى، وإنما فقط إذا تمكن العراقيون والسوريون، من السنة والشيعة، من وقف الثانية حقاً. وإذا ما أصبح تصعيد قصفنا، في العراق وسورية، سابقاً للمصالحة بينهم، فإننا نحن سنصبح القصة والهدف. وذلك بالضبط هو ما تنتظره "داعش".
سوف تخسر "داعش" في حال تمكن شركاؤنا العرب المسلمون المعتدلون من التوحد، وجعل هذه الحرب الأهلية واحدة تدور في داخل الإسلام نفسه –حرباً أهلية تشكل فيها الولايات المتحدة القوة الجوية للسنة والشيعة المحترمين والمتحضرين في مقابل أولئك البربريين. وسوف تكسب "داعش" إذا استطاعت أن تجعل من هذا حرباً أميركية مع الإسلام السني –حرباً تشكل فيها الولايات المتحدة القوة الجوية للشيعة/ العلويين ضد السنة في العراق وسورية. وسوف تستخدم "داعش" كل زاوية من شبكة "تويتر" و"فيسبوك" لمحاولة تصوير الأمر على هذا الشكل الأخير، وأن تجتذب بذلك المزيد من المجندين.
إننا نستمر في جعل هذه القصة تدور حولنا "نحن"، حول أوباما، حول ما نفعله "نحن". لكن هذا ليس شأننا وحدنا. إنه يتعلق بهم "هم" وبما يريدون أن يكونوه. إنه يتعلق بمنطقة تعددية تفتقر إلى التعددية، وتحتاج إلى أن تتعلم كيف تتعايش. إنه القرن الحادي والعشرين. إنه شأن يخصهم هم.
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
What’s their Plan?
[email protected]
@alaeddin1963
السبت 20 أيلول / سبتمبر 2014
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
توماس فريدمان – (نيويورك تايمز) 13/9/2014
في الحياة ثلاثة أشياء لا ينبغي لك أن تقوم بها بتردد وباحتمال نظرتين: الزواج، وشراء منزل، والذهاب إلى الحرب. لكننا، للأسف، على وشك القيام بالأمر الثالث. هل ينبغي لنا؟
لقد اتخذ الرئيس أوباما هذا القرار بوضوح ليقود التحالف الرامي إلى تفكيك وتدمير تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية، أو "داعش"، بتردد وتناقض عميقين. وكيف لا يكون كذلك؟ إن مقدار قوتنا الباقية غامض، وعدونا بربري، وحلفاءنا الإقليميين ذوو وجهين، وحلفاءنا الأوروبيين سقيمون، والعراقيين والسوريين الذين نحاول أن نساعدهم منقسمون. ليس هناك أي طرف مباشر وواضح في العصبة. وبخلاف ذلك، فإن الأمر أشبه بإنزال قوات حلفاء عسكرية.
لنتأمل العربية السعودية. إنها سوف تساعد بتدريب جنود الجيش السوري الحر، لكنها تشكل في الوقت نفسه واحداً من أكبر مصادر المتطوعين الجهاديين في سورية. ووفقاً لدراسة أميركية سرية في العام 2007، والتي وقعتها وزيرة الخارجية حينذاك، هيلاري كلينتونن وكشف النقاب عنها موقع "ويكيليكس"، فإن المانحين الخاصين "في العربية السعودية يشكلون المصدر الأهم لتمويل الجماعات الإرهابية السنية على مستوى العالم".
وتركيا، سمحت للجهاديين الأجانب بالعبور داخلين خارجين من سورية، وشكلت سوقاً مهماً للنفط الذي تقوم "داعش" بتهريبه إلى خارج العراق من أجل المال. وإيران هي التي صنعت المتفجرات الخارقة للدروع التي استخدمتها الميليشيات الشيعية العراقية للمساعدة في طرد أميركا إلى خارج العراق، وشجعت قادة العراق الشيعة على تجريد السنة العراقيين من أكبر قدر ممكن من السلطة والمال، مما ساعد في خلق الثورة السنية المضادة التي تمثلها "داعش". أما رئيس سورية، بشار الأسد، فقد سمح لداعش بالظهور عمداً حتى يستطيع أن يري العالم أنه لم يكن القاتل الجماعي الوحيد في سورية. وقطر، تكون معنا يوم الأحد والأربعاء والخميس، وضدنا يوم الاثنين والثلاثاء. ثم تأخذ، للأسف، عطلة نهاية الأسبوع.
في الأثناء، وهنا في الوطن، يعرف أوباما أن أعضاء حزبه الخاص نفسه والحزب الجمهوري الذين يحثونه على قصف "داعش" سيكونون أول من يهرب وينجو بنفسه إلى التلال إذا ما علقنا في مستنقع هناك وواجهتنا مشكلة، أو فشلنا، شأو قصفنا بالخطأ صفاً في حضانة للأطفال.
وإذن، لماذا قرر الرئيس المضي قدماً؟ إنه مزيج من القلق الجيوسياسي المشروع –إذا استطاع جهاديو "داعش" تقوية سلطتهم في قلب العراق وسورية، فإنهم يمكن أن يهددوا بعض الجزر الحقيقية الباقية للياقة والاستقرار، مثل كردستان والأردن ولبنان، وربما يولدون في يوم من الأيام قدرة كافية لإلحاق الأذى بالغرب بشكل أكثر مباشرة- ومن استطلاعات الرأي. لقد أصبح أوباما يشعر بوضوح بأنه يقاد إلى ما يفعله أخيراً بذلك التحول المفاجئ في الرأي العام بعد عمليات قطع الرؤوس المصورة المروعة التي نشرتها "داعش" لاثنين من الصحفيين الأميركيين.
حسناً، ولكن، وبالنظر إلى هذا الطاقم من الشخصيات، هل هناك أي طريقة يمكن أن تنتهي بها خطة أوباما إلى خير؟ فقط إذا كنا منضبطين تماماً وصارمي التفكير حول كيف، ومتى من أجل من سوف نستخدم قوتنا.
قبل أن نطلق حملة القصف على "داعش"، يجب بالتأكيد أن يكون الطرف الذي نقاتل إلى جانبه واضحاً تماماً. إن "داعش" لم تظهر بالصدفة ومن العدم. إنها طفل الكراهية لحربين أهليتين تعرض فيهما المسلمون السنة للسحق والقمع. إحداهما تلك الحرب الشرسة الدائرة في سورية، والتي قتل فيها النظام الشيعي العلوي المدعوم من إيران ما يقرب من 200.000 شخص، الكثيرون منهم من المسلمين السنة، بالأسلحة الكيميائية وقذائف البراميل. والأخرى هي الحرب الأهلية العراقية التي قامت فيها حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي الشيعية المدعومة من إيران أيضاً بتجريد سنة العراق من سلطتهم ومواردهم بطريقة منهجية.
لن يكون هناك أي استقرار قابل لإدامة نفسه إلا إذا انتهت هاتان الحربان الأهليتان تماماً، وتم إرساء الأساس لحوكمة ومواطنة لائقتين. ولا يستطيع سوى العرب والمسلمين أن يفعلوا ذلك عن طريق إنهاء حروبهم الطائفية وعداواتهم القبلية. إننا نستمر في القول لأنفسنا إن المشكلة هي "التدريب"، عندما تكون المشكلة الرئيسية في الواقع هي الحكم. لقد أنفقنا مليارات الدولارات على تدريب الجنود العراقيين الذين هربوا على أعقابهم من طريق "داعش" –ليس لأنهم لم يحظوا بتدريب مناسب، وإنما لأنهم يعرفون أن ضباطهم قراصنة فاسدون، والذين لم يتم تعيينهم على أي من أسس الجدارة، وأن حكومة المالكي القذرة لم تكن جديرة بالقتال من أجلها. كما أننا نقلل أيضاً من حقيقة كم هم العرب جائعون، في كل هذه الصحوات، إلى حكم نظيف ولائق.
يجب أن لا ننسى أبداً أن هذه حرب تخاض على جبهتين: "داعش" هي العدو الخارجي، والطائفية والفساد في العراق وسورية هما العدوان الداخليان. ويمكننا، بل وينبغي لنا أن نساعد في تفكيك الأولى، وإنما فقط إذا تمكن العراقيون والسوريون، من السنة والشيعة، من وقف الثانية حقاً. وإذا ما أصبح تصعيد قصفنا، في العراق وسورية، سابقاً للمصالحة بينهم، فإننا نحن سنصبح القصة والهدف. وذلك بالضبط هو ما تنتظره "داعش".
سوف تخسر "داعش" في حال تمكن شركاؤنا العرب المسلمون المعتدلون من التوحد، وجعل هذه الحرب الأهلية واحدة تدور في داخل الإسلام نفسه –حرباً أهلية تشكل فيها الولايات المتحدة القوة الجوية للسنة والشيعة المحترمين والمتحضرين في مقابل أولئك البربريين. وسوف تكسب "داعش" إذا استطاعت أن تجعل من هذا حرباً أميركية مع الإسلام السني –حرباً تشكل فيها الولايات المتحدة القوة الجوية للشيعة/ العلويين ضد السنة في العراق وسورية. وسوف تستخدم "داعش" كل زاوية من شبكة "تويتر" و"فيسبوك" لمحاولة تصوير الأمر على هذا الشكل الأخير، وأن تجتذب بذلك المزيد من المجندين.
إننا نستمر في جعل هذه القصة تدور حولنا "نحن"، حول أوباما، حول ما نفعله "نحن". لكن هذا ليس شأننا وحدنا. إنه يتعلق بهم "هم" وبما يريدون أن يكونوه. إنه يتعلق بمنطقة تعددية تفتقر إلى التعددية، وتحتاج إلى أن تتعلم كيف تتعايش. إنه القرن الحادي والعشرين. إنه شأن يخصهم هم.
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
What’s their Plan?
[email protected]
@alaeddin1963