الايمان و بعث الارادة

[من تونس]

طريقان يأخذان الناس, طريق الاذعان للغرائز و طريق الارادة الناجمة عن العقل بما تعنيه من تقيّد بمفارز الفكر المستنير لأنّ غير الفكر المستنير حتما يكون للمجبول عليه من هوى نصيبا فيما أقدم عليه لذلك كان الايمان المتولّد عن شواهد المدركات بطريق الحسّ الصادق و التفسير الصحيح بما سبق من معلومات متعلّقة به متحقّقة فيه هو فقط الطريق الآخر الممايز لطريق الغرائز و لمّا كان الايمان حقيقة هو ذلك الفكر العميق المستنير الذي يفضي الى الفهم و الوعي بحقيقة هذا الوجود كان ذلك هو الأساس و المنطلق للانجاز الأفخم و الفعل الأبهر للانسان و هو ما نسميه الارادة, يتجلى ذلك في ما سطّره صحابة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم من مآثر و ملاحم لا زالت الى اليوم المثال البشري الأسمى الذي لا زال يشكّل مبعث عزّ و محلّ تأثّر و مثالا يسعى الصادقون من أبناء الأمة لاتباعه و تقليده.
تنطلق ارادة الانسان الباهرة حينما يقتلع يقينا في مستوى ما يدركه يعطيه معنا للحياة و طريقا سالكة للفعل الموجّه, فحينما يتحقّق الايمان الجازم عنده بالله سبحانه و تعالى خالقا و هاديا و محاسبا و بالنبي صلّى الله عليه و سلّم مبلّغا عن ربّه سبحانه و تعالى و تنظبط في ذهنه طريقة عملية للحياة حينها ينقلب حاله الى مسلم متقيّد بأحكام ربّه و تهون كلّ الدنيا أمامه نظير رضوان ربّه سبحانه و تعالى و حينها لا يأبه بجوع و لا عطش و يتغلّب على أهوائه و شهواته و لا يكون له غاية غير نوال رضوان الله تعالى فيسخّر كلّ قدراته و ما يمتلك لتلك الغاية و هو ما يمكن أن نطلق عليه اكتمال الارادة