المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفأر الذي يزأر



بوفيصيل
14-09-2014, 09:23 PM
الفأر الذي يزأر: كيف يمكن للمخابرات الأردنية أن تساعد الولايات المتحدة في الحرب على داعش؟
نشر في : الأحد 14 سبتمبر 2014 - 06:00 ص | آخر تحديث : الأحد 14 سبتمبر 2014 - 06:03 ص


فورين بوليسي

قالت إدارة باراك أوباما إنّ أكثر من ثلاثة عشر بلدًا تعهدت بالانضمام إلى المعركة الجديدة ضد داعش، ابتداءً من المملكة العربية السعودية، واحدة من أغنى دول المنطقة، إلى مصر، صاحبة واحد من أكبر وأفضل الجيوش في المنطقة.

ولكن المساعدة الأكثر أهمية، رغم ذلك، يمكن أن تأتي من الأردن، واحدة من أصغر الدول في الشرق الأوسط. ولكنها تمتلك قوة كبيرة تستطيع المساهمة بها، إنها المخابرات، والتي لديها شبكة من الجواسيس والمخبرين الذين ساعدوا الأميركيين في القبض على بعض أسوأ أعدائهم، وتأمل واشنطن، أنها سوف تكون قادرة على القيام بذلك مرة أخرى.



لعبت الأردن دورًا رئيسًا في مساعدة المخابرات الأمريكية في مطاردة وقتل أبي مصعب الزرقاوي، الزعيم السابق لتنظيم القاعدة في العراق، وفقًا لمسؤولين أمريكيين وأردنيين سابقين. وبعد إسرائيل، ينظر إلى المخابرات الأردنية بأنها الأكثر كفاءة والأقرب إلى منظمات الاستخبارات الأميركية.

ويقول مسؤولون أمريكيون سابقون إنه قد تم تدريب العديد من أعضاء المخابرات الأردنية على أيدي عدد من كبار موظفي وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. والتي ساعدت الأردن، على الرغم من صغر حجمها، في أن تمتلك خدمة استخبارات قادرة على تحقيق انتصارات مثل توقيف رياض الزرقاوي ومساعدة الأميركيين في إخماد التمرد السني في العراق في عام 2006.

إلا أن المخابرات الأردنية أيضًا لديها بعض الأخطاء، وعلى الأخص عندما أوصت بأن تتعاون وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مع الطبيب الأردني، همام خليل أبي ملال البلوي، والذي اتضح أنه عميل مزدوج يعمل لصالح تنظيم القاعدة.

وفي يوم 30 ديسمبر 2009، فجر البلوي نفسه في قاعدة أمريكية في خوست، بأفغانستان، مما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص بينهم سبعة من ضباط وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وكذلك ضابط مخابرات أردني.



وكان هذا أعنف هجوم على موظفي وكالة المخابرات المركزية الامريكية منذ التفجير الانتحاري في السفارة الأميركية في بيروت في 1983. كما تتهم الأردن بتعذيب الإرهابيين المشتبه بهم باستخدام أساليب استجواب وحشية.

ورغم فشل الاستخبارات الأردنية الهائل الذي بلغ ذروته في هجوم خوست، يقول مسؤولون إن التحالف بين الولايات المتحدة والأردن قوي ومنتج. حيث قال مروان المعشر، الذي شغل منصب وزير الخارجية الأردني في الفترة بين 2002-2004 ثم نائبًا لرئيس الوزراء حتى عام 2005، “إن الأردن لديه جهاز استخبارات قوي جدًا استطاع اختراق داعش في الماضي”.

وأرجع مسؤول سابق في المخابرات الأمريكية أيضًا الفضل للأردنيين في المساعدة على العثور على الزرقاوي، وقال: إن المخابرات العامة الأردنية لديها شراكة وثيقة مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وخاصة منذ هجمات 11 سبتمبر.

وأضاف: “من وجهة النظر المخابراتية، فإن الأردن لديها ميزة جغرافية نظرًا لموقعها المركزي والحدود مع العراق وسوريا. وسوف يتمثل جزء كبير من دورها القادم بالنسبة للولايات المتحدة في جمع المعلومات الاستخبارية، بما في ذلك تشغيل شبكات من الجواسيس والمخبرين وتجنيدهم في العراق وسوريا للمساعدة في استئصال أعضاء الدولة داعش وفهم التسلسل الهرمي للجماعة والهيكل التنظيمي لها.

فمنذ اجتاحت داعش مجموعة من المدن العراقية الرئيسة وصادرت مساحات واسعة من الأراضي في الصيف الماضي، ووكالة المخابرات الأمريكية تحاول فهم كيفية عمل المجموعة”.

وقال روبرت بليشر، مدير برنامج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: “من المعروف أن المخابرات الأردنية لديها شبكات في العراق منذ عام 2003 (وهي سنة الغزو الأمريكي) وحتى الآن”. وأضاف: إن “الأردنيين لديهم اتصالات جيدة، وقد جربنا استغلالها من قبل، وسوف تضطر إلى القيام بذلك مرة أخرى”.

ولكن البراعة الأردنية في التجسس ليست هي الشيء الوحيد الذي تحتاجه الولايات المتحدة. فالمخابرات الأردنية لديها أيضًا علاقات مع القبائل السنية العراقية المتحالفة مع داعش. وخلال الحرب العراقية، تمكنت الولايات المتحدة من تحويل تلك القبائل ضد القاعدة في العراق وحصلت على دعمها للقتال مع الأمريكان. وكان ذلك ركنًا أساسيًّا في الاستراتيجية التي ساعدت في نهاية المطاف على هزيمة الجماعة الإرهابية ولو مؤقتًا.



وقال المعشر إن صلات الأردنيين مع زعماء تلك العشائر السنية يمكن الآن أن تلعب دورًا هامًّا جدًّا في تحويلها بعيدًا عن داعش. وفي يوليو الماضي، التقى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع شيوخ العشائر السنية في العاصمة الأردنية عمّان، وحثهم على الانقلاب ضد الجماعة المتشددة.

ومن المحتمل أن يوفر الأردنيون أيضًا الدعم اللوجستي للحملة الجوية الأمريكية، والتي أطلقت حتى الآن أكثر من 150 غارة ضد مقاتلي داعش، إضافة إلى المركبات، والمدفعية والطائرات بدون طيار والطائرات المأهولة أيضًا. (وتقول وكالة المخابرات المركزية الآن إنّ الجماعة المتشددة قد جندت ما يصل إلى 31.500 مقاتل، ارتفاعًا من تقدير سابق بلغ 10.000 مقاتل).

وقال بليشر إن الأردن قد سمح للجيش الأمريكي باستخدام قواعده الجوية طوال العقد الماضي، على الرغم من أن المسؤولين الأردنيين مترددون في الاعتراف بذلك. وقال المعشر إنه من المرجح أن تقدم البلاد الدعم اللوجستي لكنه لا يتصور أن يكون لها دور في العمليات العسكرية المباشرة. وأضاف إن “الجهود العسكرية يجب أن تكون بقيادة الولايات المتحدة”.

وفي نفس الوقت، كانت الولايات المتحدة تعمل بشكل محموم على تجميع ائتلاف من الدول الراغبة للمساعدة في القتال ضد داعش، لكنه قد لا يكون شاملًا أو كبيرًا كما يأمل المسؤولون الأمريكيون. فتركيا لم توافق بعد على السماح للطائرات الأمريكية بإطلاق الضربات الجوية من أراضيها. كما قالت كندا، التي أرسلت قوات عمليات خاصة إلى العراق، إنها لن ترسل قوات برية تقليدية. بينما قالت ألمانيا إنها لن تشارك في أي هجمات جوية ضد داعش.



وكالة المخابرات المركزية الامريكية تدرب بالفعل المتمردين السوريين في الأردن. غير أن الوكالة كانت مترددة في تسليحهم خوفًا من أن تنتهي الأسلحة الأميركية في أيدي المقاتلين الذين قد يتحالفون مع داعش.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إنّ وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قد فحصت خلال عدة أشهر الجماعات المتمردة السورية، بإشراف مباشر من قبل مدير الوكالة، جون برينان، وأكد: “لدينا ثقة أكبر بكثير الآن في الذين نتعامل معهم”.

وتريد إدارة أوباما الآن زيادة المهمة بأن تقوم وزارة الدفاع بتدريب وتسليح هؤلاء المتمردين السوريين. كما وافقت المملكة العربية السعودية على استضافة هذا المشروع.

تعاونُ الأردنيين مع وكالة الاستخبارات الأمريكية لم يكن فقط بسبب تحالفها طويل الأمد مع الولايات المتحدة. فداعش تشكل تهديدًا عميقًا داخل الأردن. حيث تطمح الجماعة السنية المتشددة إلى توسيع نطاق أعمالها خارج حدود العراق وسوريا.

وقال خبراء إن مقاتلي داعش يمكن أن يتسللوا سرًّا إلى الأردن عن طريق الاختباء بين ملايين اللاجئين الذين تدفقوا عبر الحدود من سوريا، هربًا من الحرب الأهلية الوحشية التي تشهدها البلاد.



وتقدر الحكومة الأردنية أن هناك أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري في الأردن، وأن ما بين 200 و 300 لاجيء يتدفقون عبر الحدود كل يوم. وتقوم بلدان الخليج، التي تخاف من انهيار الملكية الأردنية تحت وطأة أزمة اللاجئين، بضخ عشرات المليارات من الدولارات من المساعدات المباشرة إلى عمّان.

ويشعر القادة الأردنيون على أعلى المستويات بالقلق من التهديد الذي تشكّله داعش عليهم. حيث صرح العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني في يونيو/حزيران الماضي، بعد اجتياح داعش لمدينة الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق: “لقد أظهرت لنا الأزمة في سورية أن الإرهابيين لا يعتبرون بأي حدود، فضلًا عن التحدي الذي نواجهه عندما يعود مقاتلو تلك المنظمات الإرهابية أو يعود أولئك المتطرفون إلى الدول المضيفة”.

ويقدر خبراء أن ما يصل إلى 700 أردني يقاتلون مع داعش وأن آلافًا آخرين قد غادروا بلادهم للقتال مع تنظيم جبهة النصرة، التابع لتنظيم القاعدة في سوريا.

ويقوم المسؤولون في إدارة أوباما بجولات مكوكية في الشرق الأوسط هذا الأسبوع لضمان مشاركة البلدان في الائتلاف ضد داعش. وقال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية الذي قضى وقتًا في المنطقة في مؤتمر عبر الهاتف: “من خلال المناقشات مع الحكومات في المنطقة، لا سيّما السعوديين والأردنيين، أصبح واضحًا أن لدينا رؤية مشتركة تجاه هذا التهديد، وأن الأردنيين يعانون من تأثير تدفق اللاجئين على زعزعة الاستقرار، كما يشعرون بالقلق العميق من الطموحات الإقليمية لداعش التي تتخطى العراق وسوريا”.

وقال بليتشر من مجموعة الأزمات الدولية إنّه خلال زياراته إلى الأردن، أظهر المسؤولون له خرائط تظهر كيف يمكن أن تبدو المنطقة إذا تركت الحرب الأهلية السورية والعنف الطائفي في العراق دون رادعٍ.

والآن، مع جهود الولايات المتحدة لبناء تحالف من عشرات الدول لمحاربة داعش، فإنّ الأردن قد يشعر أخيرًا بأن العالم قد صار إلى جانبه. لكن الملك عبد الله الثاني يجب أن يضع خطًّا فاصلًا بين الوقوف مع حلفائه وبين إنعاش الاقتصاد المتعثر تحت وطأة أزمة اللاجئين.