المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأخطاء التي ارتكبتها الادارة الامريكية في تعاطيها في الشرق الاوسط



بوفيصيل
11-06-2014, 04:27 PM
تغيرت منطقة الشرق الأوسط كثيرًا بعد ثورات الربيع العربي، وبدت السياسة الأمريكية في خضم هذه التحولات أكثر تأزمًا؛ فقد حملت هذه التحولات لواشنطن المزيد من الإشكاليات، ولم يتم التعاطى معها على أنها تعبير عن روح جديدة في المنطقة تحاول التخلص من إرث الاستبداد الذي كرست له الأنظمة الحاكمة بمساندة أمريكية، خصوصًا وأن الإدارات الأمريكية المتعاقبة كانت ترى في تلك الأنظمة حليفًا استراتيجيًّا يضمن الحفاظ على التوازنات القائمة بالمنطقة، فضلا عن المصالح الأمريكية.

موضوعات ذات صلة
كيف تساعدون مصر؟ سياسة السيسي الخارجية وصفة للتواصل الاستراتيجى مع العالم دوافع وأنماط الأدوار المتصاعدة للجيوش في المنطقة العربية مستقبل سياسة مصر العربية
وخلال ما يربو على العامين كانت السياسة الأمريكية بالمنطقة تتعرض لانتكاسات تلخصت في محطتين رئيسيتين بدأت مع ثورات الربيع العربي، وما تبعها من إسقاط الأنظمة الحليفة لواشنطن، وخاصة نظام الرئيس الأسبق مبارك في مصر، وحينما قامت الثورة في ليبيا ضد نظام القذافي سارعت الإدارة الأمريكية إلى التدخل العسكري عبر غطاء من مجلس الأمن، ولكن حتى مع إسقاط القذافي باتت الأوضاع داخل ليبيا أكثر تشابكًا، ولم يختلف الحال كثيرًا في سوريا، فقد تأخرت الإدارة الأمريكية عن التفاعل مع الأوضاع لتفسح المجال نحو دخول فاعلين جدد للأزمة، بالتزامن مع امتدادات للحرب الأهلية الدائرة هناك تلقي بظلالها على دول الجوار.
وكانت المحطة الثانية للانتكاسات الأمريكية مرتبطة بالتحالف مع تيار الإسلام السياسي بالمنطقة؛ حيث تَرَاءى للإدارة الأمريكية إمكانية التعويل على هذا التيار كحليف بديل للأنظمة البائدة، لا سيما مع بزوغ هذا التيار كفاعل رئيسي بعد ثورات الربيع العربي، ولكن بمرور الوقت تعرض حكم الإسلاميين لمأزق فعلي (خاصة نموذجي مصر وتونس)؛ فالغطاء الشعبي والجماهيري الذي كان يحظى به ممثلو التيار الإسلامي تآكل بشكل تدريجي ليصل في نهاية المطاف لإسقاط هذا التيار في مصر في 30 يونيو الماضي، وهو السيناريو الأقرب للتكرار في الحالة التونسية.
وفي هذا الصدد يحاول "والتر راسل ميد" من خلال مقاله المعنون بـ"الاستراتيجية الكبرى الفاشلة في الشرق الأوسط" في صحيفة "وول ستريت جورنال" بتاريخ 24 أغسطس تحليل الاستراتيجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط في المرحلة الراهنة، والأخطاء الجوهرية التي وقعت فيها واشنطن أثناء تعاملها مع أزمات المنطقة.
البحث عن الحليف الإسلامي
سعى أوباما عقب توليه الرئاسة إلى تقديم خطاب تصالحي مع العالم العربي والإسلامي؛ إذ إن المنطقة شهدت خلال السنوات الأخيرة عدة مآزق كانت الولايات المتحدة طرفًا حاضرًا فيها، فقد خلّف بوش الابن والمحافظون الجدد إرثًا ثقيلا حينما تبنت الإدارة الأمريكية آنذاك أجندة حاولت فرضها على المنطقة عبر ما أطلقت عليه الحرب على الإرهاب، وتوظيف هذه الحرب في الضغط على النظم القائمة، فضلا عن الإطاحة بنظامي طالبان في أفغانستان، وصدام حسين في العراق، ومن ثم فرضت هذه المعطيات على أوباما البحث عن صيغة توافقية للتعايش مع المنطقة، وتجاوز الحالة العدائية التي خلقتها سياسات بوش الابن.
ويشير ميد إلى أن إدارة أوباما تبنت استراتيجية كبرى في الشرق الأوسط ترتكز على التحالف مع تيار الاعتدال الإسلامي مثل حزب "العدالة والتنمية" في تركيا، وجماعة الإخوان المسلمين بمصر. وكانت الإدارة الأمريكية مدفوعة في هذا التحالف بتصور أن الإسلاميين يمكن أن يسهموا في التحول الديمقراطي، وتحسين الظروف المعيشية بدول المنطقة.
وبوجه عام فإن الإدارة الأمريكية أرادت من استراتيجية التحالف مع الإسلاميين تحقيق ثلاثة أهداف مركزية. الهدف الأول: هو محاولة تجسير الهوة الشاسعة، وإنهاء حالة العداء التي كانت تهيمن على العلاقة بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة خلال السنوات الماضية. أما الهدف الثاني: يتمثل في السعي لعزل التنظيمات الإرهابية، وتحييد الأصوات الراديكالية بالمنطقة، وهو ما يمكن أن يحدث من خلال نجاح تيار الاعتدال الإسلامي، وقدرته على تحقيق إنجازات بدعم ومساندة أمريكية، وبالتالي يصبح هذا التيار بديلا عن التيار المتطرف. وفيما يرتبط بالهدف الأخير: بمدى قدرة تيار الإسلام السياسي المدعوم أمريكيًّا على تحقيق الديمقراطية في أغلب دول المنطقة بما يعني تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية ليؤدي ذلك إلى تقويض ومعالجة الأسباب التي تدفع مواطني المنطقة إلى مزيد من التطرف، والانضمام لتنظيمات إرهابية.

خمسة أخطاء استراتيجية
اعتبر ميد أن الاستراتيجية التي وضعتها إدارة أوباما للتعامل مع منطقة الشرق الأوسط تعاني من قصور فعلي تجلت ملامحه في الآونة الأخيرة مع تعاظم حدة الأزمات التي تعاني منها دول المنطقة.
وفي هذا الإطار يشير المقال إلى خمسة أخطاء استراتيجية وقعت فيها الإدارة الأمريكية، تتمثل فيما يلي:
الأهلية السياسية للإسلاميين:أصبحت الولايات المتحدة خلال السنوات القليلة الماضية على قناعة بأن حركات الإسلام السياسي المعتدلة لديها النضج السياسي والإمكانات الإدارية الكافية لإنجاحها في إدارة الدولة، وتولي مقاليد السلطة. وقد أثبت هذا التصور نجاحًا (ولو بشكل جزئي) في الحالة التركية؛ إذ إن حزب العدالة والتنمية التركي استطاع أن يحقق إنجازات تضمن له الاستمرارية في السلطة، لكن هذه الإنجازات تخللتها مؤشرات سلبية عبر عنها لجوء الحكومة التركية إلى إجراءات تعسفية ضد أصوات المعارضة والإعلام المناهض للحزب، كما أن العلاقات التركية-الأمريكية مرت بأزمة في الأيام الأخيرة على خلفية اتهام رئيس الحكومة التركية أردوغان لإسرائيل بالتورط في الإطاحة بالرئيس المصري السابق (المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين) محمد مرسي.
ومن ناحية أخرى، كان الواقعُ المصري مغايرًا لنظيره التركي، حيث بدا أن جماعة الإخوان المسلمين غير مؤهلة لإدارة المشهد السياسي عقب إسقاط نظام مبارك، واتضح أن الجماعة غير قادرة على قراءة المشهد بشكل دقيق، فهي لم تدرك ماهية وحدود التفويض الممنوح لها، فضلا عن عجزها في التعامل مع الوضع الاقتصادى المأزوم، ومع تراكم المشكلات خلال فترة حكم الرئيس السابق محمد مرسي تزايدت حدة السخط المجتمعي، ومن ثم أصبحت أحداث 30 يونيو نهاية لفترة حكم الإخوان المسلمين.

ويفترض ميد أن تلك المعطيات تعبر بدرجة أو بأخرى عن مشكلة لدى صانع القرار الأمريكي، لأنه لم يتمكن من قراءة الأحداث بشكل دقيق، وانطوى تقديره لقدرات الإسلاميين على مبالغة كبيرة.
ماهية التحولات السياسية المصرية:يذكر ميد أن واشنطن أخطأت في قراءة المشهد المصري بعد إسقاط الرئيس الأسبق مبارك، وذلك حينما اعتقدت أن ما يحدث في مصر بمثابة تحول ديمقراطي، ولكن الحقيقة أن ما حدث لا يعدو أن يكون مجرد صراع على شكل الدولة مع المؤسسة العسكرية التي رأت أن مبارك يحاول تغيير شكل الدولة التي تم إرساء معالمها منذ حقبة الخمسينيات من القرن المنصرم، إذ إنه طمح إلى توريث الحكم لابنه بالصورة التي تهدد شكل الدولة العسكرية المؤسسة منذ ثورة يوليو 1952، وبالتالي عندما اندلعت التظاهرات المناهضة لنظام مبارك، والمطالبة بإسقاطه؛ آثرت المؤسسة العسكرية التواري عن المشهد لتيسر في نهاية المطاف الإطاحة بمبارك.
وأثناء الفترة اللاحقة على تنحي الرئيس الأسبق مبارك كانت المؤسسة العسكرية تشكل المؤسسة الأقوى في الدولة (مقارنةً بالتيار الليبرالي وكذلك جماعة الإخوان المسلمين) وظل هدفها ومسعاها الحقيقي استعادة شكل ومعالم الدولة الذي أسس له الجيش بعد ثورة 1952، علاوةً على ذلك فقد تأزمت العلاقة بين التيار المدني وتيار الإسلام السياسي، وبات من الطبيعي أن ترى الطرف المدني يستدعي الجيش للحياة السياسية، لأنه يعتبر أن الجيش فقط هو الذي يمكن أن يحميهم من الإسلاميين.
ويضيف ميد أنه في خضم هذه التشابكات والحسابات المعقدة كانت الإدارة الأمريكية ترتكب خطأ كبيرًا، فقد تجاهلت كل هذه الأمور، وظلت على قناعتها الأولية بأن ما يحدث في مصر هو تحول ديمقراطي.
العلاقات مع المملكة العربية السعودية وإسرائيل:غاب عن إدارة أوباما وهي تضع استراتيجية التحالف مع الإسلاميين تداعيات هذه الاستراتيجية على علاقاتها مع المملكة العربية السعودية، وإسرائيل، وكيف يمكن أن تتعامل مع تخوفات كلتا الدولتين. فمن ناحية كانت العلاقات بين واشنطن وتل أبيب ليست على ما يرام، فقد اعتقد أوباما أنه يمكن أن يرغم إسرائيل على إيقاف بناء المستوطنات، واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، ولكن هذا الأمر انعكس سلبًا على إدارة أوباما، لأنه لم يتمكن من إقناع إسرائيل، وهكذا كان أول إخفاق في سجل السياسة الخارجية للإدارة.
ويعتقد ميد أن العلاقات مع الرياض كانت أكثر تعقيدًا، فالإدارة الأمريكية لم تراعِ تخوفات المملكة العربية السعودية من تزايد نفوذ تركيا وجماعة الإخوان المسلمين بالمنطقة، وعطفًا على هذا عندما اختارت واشنطن التحالف مع تركيا ومحمد مرسي في مصر كان هذا يعني وضع قيود وخصمًا من حرية حركة الساسة السعوديين في الإقليم لحساب دول أخرى مجاورة مثل قطر التي تطمح لانتزاع المبادرة الدبلوماسية من جارتها الأقوى والأكثر تاثيرًا (المملكة السعودية).
وفي هذا السياق يقول الكاتب إن أغلب الأمريكيين لا يدركون مدى الكره الذي يكنه المسئولون السعوديون لجماعة الإخوان، وللإسلاميين في تركيا؛ حيث سيطر على الرياض لفترة طويلة اعتقاد راسخ بأن جماعة الإخوان تشكل تهديدًا سياسيًّا في عالم الإسلام السني، كما أن طموح رئيس الوزراء التركي أردوغان -المرتبط بإحياء مجد الإمبراطورية العثمانية، وتحويل مركز الثقل في العالم الإسلامي إلى تركيا- لا يمكن أن ترتضيه المملكة السعودية، لأنه تهديد مباشر لنفوذها، ومن ناحية أخرى فإن دعم واشنطن للتحالف القطري مع تركيا وجماعة الإخوان المسلمين في مصر أغضب المملكة السعودية بصورة أكبر، وهو ما جعلها تنضم إلى الطرف غير الداعم لأهداف الدبلوماسية الأمريكية، ولم يكن هذا الأمر غائبًا عن مشهد 30 يونيو في مصر، فالمملكة تحالفت مع المؤسسة العسكرية (عقب إطاحة الأخيرة بالرئيس السابق محمد مرسي) ووجدت في هذا التحالف فرصة للإطاحة بمحور قطر والإخوان والأتراك المدعوم من الولايات المتحدة.

بوفيصيل
11-06-2014, 04:27 PM
الحركات الإرهابية:عقب اغتيال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن اعتقدت الولايات المتحدة أنها قضت على تنظيم القاعدة، ولكن سرعان ما اتضح أن الأمر أكبر من اغتيال بن لادن. صحيح أن تنظيم القاعدة تعرض لصدمة كبيرة أثرت على مناطق تمركزه الرئيسية في أفغانستان وباكستان، ولكن في نفس الوقت دفعت هذه الضغوط التنظيم للبحث عن مسارات ومواطئ أقدام أخرى، وبدا أن سرعة التكيف مع الأوضاع المغايرة سمة من سمات التنظيم. وهكذا وجد التنظيم في مالي فرصة للظهور وإثبات تواجده، وأصبح لعناصر التنظيم (سواء المنضمة له أو تلك التي تتبنى أفكاره) امتدادات في مناطق عدة بالإقليم، منها على سبيل المثال سوريا والعراق واليمن. علاوة على ما سبق فإن إغلاق نحو 20 منشأة دبلوماسية أمريكية خلال الشهر الجاري على خلفية تهديدات باستهدافها يمثل انتصارًا معنويًّا للعناصر الإرهابية، ويبعث برسالة مفادها أن تلك العناصر لا تزال لديها القدرة على تهديد المصالح الأمريكية.
الملف السوري:يشير ميد إلى أن التلكؤ الأمريكي في التعاطي مع الملف السوري أفضى إلى تعقيد الأوضاع هناك، فتكلفة الصراع أصبحت مرتفعة، والدولة دخلت في حرب أهلية تخطت حدود الداخل السوري، وانتقلت إلى دول أخرى بالمنطقة كالعراق ولبنان وتركيا. هذا على صعيد التكلفة بالنسبة لدول الجوار، أما بخصوص الجانب الأمريكي فتأخر التدخل في الأزمة السورية منح فرصة سانحة لأطراف أخرى لتحقيق مكاسب على حساب المصالح الأمريكية بالمنطقة؛ إذ إن روسيا وإيران تلعبان دورًا بارزًا في الملف السوري عبر دعمهما الواضح لنظام بشار الأسد، وهو الأمر الذي كشف عن عجز إدارة أوباما، لا سيما أنها تطالب برحيل النظام، ولكنها حتى الوقت الراهن لم تحقق ذلك الأمر، وهو ما يعني انتصار المحور الروسي الإيراني.
بالإضافة إلى ذلك فإن العناصر الإرهابية وجدت في سوريا ساحة جديدة للتمركز والانتشار، وهو أمر قد يرتبط أيضًا بالتأخر الأمريكي في التعامل مع القضية السورية، فهذا التلكؤ ساهم في إطالة أمد الصراع، ومن ثم السماح للعناصر الراديكالية والتنظيمات الإرهابية بتنظيم نفسها، والانخراط في حرب مقدسة يخوضها السنة ضد العدو الشيعي.
ويخلص الكاتب إلى التأكيد على أن إدارة أوباما يتعين عليها الاستفادة من الأحداث التي مرت بها المنطقة خلال السنوات الماضية، وهو ما يتطلب منها أولا الحفاظ على حلفائها الاستراتيجيين بالمنطقة (المملكة السعودية وإسرائيل والجيش المصري)، والعمل على تقليل مساحات الخلاف معهم، لأن التقارب معهم ينعكس إيجابيًّا على المصالح الأمريكية بالمنطقة. وفي هذا السياق يمكن استدعاء التهديد الإيراني مجددًا، والتركيز عليه، خصوصًا وأنه يمثل المقاربة الأكثر نجاحًا في توحد الأهداف الإسرائيلية والسعودية والأمريكية.
عرض: محمد بسيوني عبد الحليم، باحث في العلوم السياسية.

بوفيصيل
02-07-2014, 04:52 AM
توجد أمريكا ويوجد باقي العالم. الحلم الامريكي، حريات الانسان والديمقراطية، كل هذه تبدو في عيون الناس كنموذج ممكن ومرغوب فيه تحقيقه في كل مكان وموقع في العالم. صحيح، هذه ليست سياسة الادارة الامريكية الحالية، بل توجد هنا تقاليد طويلة السنين وان كانت مفعمة بأساطير عديدة.
المأساة الامريكية والفشل الذريع جدا لتسوية النزاعات بالطرق السلمية، لخلق بنى تحتية ديمقراطية من خلال القضاء على أنظمة شمولية قائمة، فشلت فشلا ذريعا. وستذكر ادارة اوباما الى الابد كمن فشلت تماما في سياستها الخارجية وجلبت الولايات المتحدة الى وضع هزيل امام العالم المنتهج وموجة التطرف الاسلامي التي تغمره باكمله. والسنتان اللتان بقيتا للادارة الحالية لن تغيرا من الاساس الواقع الذي نشأ في السنوات الستة الاخيرة في العالم. لا يوجد احد في العالم المتنور لا يفهم حجم الفشل في احلال السلام من خلال سياسة مصالحة غبية تأييد عناصر متطرفة للغاية من اجل اسقاط انظمة بدت مهددة، ولكنها عمليا كانت مرغوبة أكثر بكثير من تيار الاسلام الاصولي متعدد الاذرع الذي يبعث بأكثر الناس تزمتا الى حملات القتل والدمار.
قبل الخطوات الامريكية الغبية، لم يشكل العراق، سوريا، ليبيا وغيرها أبدا خطرا ملموسا على استقرار المنطقة والعالم بأسره. بحرب الخليج الاولى والثانية، اسقاط القذافي المجنون، التأييد غير المفسر لمعارضي النظام في سوريا ممن ليسوا سوى رجال القاعدة ومنظمات متطرفة، كل هذا لا يستوي مع العقل السليم. فهل يحتمل أن يكون النظام الديمقراطي المهم جدا للامريكيين ان يقوم في سوريا التي يسقط فيها الاسد ويستولي فيها رجال القاعدة على مكانه؟ هذه مبالغة، غباء وقصر نظر سياسي. وحتى لو لم يطب ما سنقوله لبعض الآذان فان الاسد افضل بعشرات الاضعاف من كل زعيم اسلامي متطرف قد يصعد الى الحكم في سوريا. وبالتالي فمن غير المفهوم لماذا يتحمس الامريكيون لمساعدة الثوار في سوريا؟ وماذا بالنسبة للعراق، مصر، ليبيا؟ ذات الاخطاء الفظيعة للادارات الامريكية والسياسة الخارجية غير المعقولة وغير الناجعة على نحو ظاهر. في هذا السياق يجدر الاقتباس عما قاله دنيس روس في كتابه «عن السياسة». وقد كتب روس في مقدمة الكتاب: «لم تكن لدي ملاحظات على سلم الاولويات الامريكية. فهل البيت الابيض والبنتاغون تصرفا بحكمة في انتقالهم من الحرب الاضطرارية في افغانستان الى الحرب الاختيارية في العراق؟ هل أجدت جهودنا لاسقاط صدام حسين أم اضربت بالحرب ضد الارهاب؟ فاذا كان «محور الشر» تهديدا على هذا القدر من الخطورة، فلماذا ركزنا جدا في العراق الذي ظهر منه الخطر الاقل فورية من ناحية اسلحة الدمار الشامل، وعملنا قليلا جدا بالنسبة لكوريا الشمالية وايران اللتين يحدق منهما الخطر الاساس؟»
هذه أسئلة جوهرية للغاية، ورغم محاولة روس طمس جسامة الاخطاء السخيفة، ولا سيما لادارة بوش، فان الواقع اليوم اصعب بكثير. فقد تطرفت ادارة اوباما جدا بايمانها بقيم الديمقراطية، وخطاب اوباما السياسي الاول في القاهرة اصبح قصة بائسة. ولم نتحدث بعد عن روسيا التي تفعل كل ما يروق لها، عن الصين التي تتجاهل الولايات المتحدة وقصر يد ادارة اوباما. ان السياسة الخارجية الامريكية، بما في ذلك بالنسبة لاسرائيل بالطبع، فشلت تماما لان الايديولوجيا لا يمكن فرضها.

معاريف الاسبوع 30/6/2014

تشيلو روزنبرغ

بوفيصيل
03-07-2014, 03:43 AM
أوباما في مواجهة الواقع في الشرق الأوسط

صحف عبرية

July 2, 2014

لو استطاع براك اوباما لمحا الاسبوع الماضي من تاريخ رئاسته لأن درجة تأييد الجمهور له بلغت في ذلك الاسبوع حضيض 40 بالمئة من التأييد فقط، ومن اسباب ذلك في الاساس الانتقاد السريع لنظام حكم المالكي في العراق.
وتوجد السخرية في حقيقة أن سلفه ايضا في الغرفة البيضوية جورج بوش الابن عانى من درجة تأييد مشابهة في أواخر فترة رئاسته الثانية، لكن في وقت كان فيه بوش مهندس التدخل في العراق وآمن من أعماق قلبه بالقضاء على نظام قمع صدام.
قد يمهد أوباما لانشاء ديمقراطية تعددية في المنطقة بين الفرات ودجلة، ورفع اوباما راية الانفصال عن العراق. وبرغم ذلك نشهد أن الرئيس الحالي يتعرض لنقد لاذع يشمل الحزبين في المجال العراقي برغم أنه أوفى بالموعد الذي وعد به لاتمام الانسحاب.
إن مصدر هذا التناقض موجود في القلق العام السائد من التحدي الذي أوجدته منظمة داعش لنظام المالكي. وهذا القلق مصحوب بشعور بأن الرئيس الـ 44 نكث مع كل ذلك التزامه الصريح للأمة الامريكية، وهو أن يسقط من برنامج عملها القضية العراقية حتى نهاية سنة 2011 لأنه بعد سنتين ونصف من ترك آخر جندي امريكي لبغداد أخذ ينهار سريعا النظام السياسي الجديد الذي صيغ في العاصمة العراقية بوحي من واشنطن.
ولم يكن هذا فقط بل إن قرار الرئيس على أن يرسل الى العراق 300 «مستشار» ورجل استخبارات وحراسة (مع تغطية جوية يكمن فيها خطر تصعيد ايضا) أثار من هاوية النسيان مأساة امريكية اخرى ألا وهي حرب فيتنام.
ما زال كثيرون يذكرون جيدا اخفاقات وفشل الماضي التي جعلت ادارتي كنيدي وجونسون تنزلقان في المنزلق الزلق الى الدوامة الفيتنامية التي لا مخرج منها بعد أن كان بدء تلك الصدمة القومية وضع بضع مئات من المستشارين الامريكيين على ارض فيتنام الجنوبية في 1960.
برغم صدود اوباما العميق عن استعمال القوة يتعرض لانتقاد شديد بسبب ما يفسره الجمهور بأنه عودة ممكنة في نفق الزمان الى السيناريو الفيتنامي الكارثي وهو الغرق التدريجي في مستنقع مُغرق قد يجبي ثمنا بشريا واقتصاديا باهظا.
وتعبر استطلاعات الرأي العام الاخيرة مع ما يضاف الى ذلك من رواسب ايام فيتنام، عن ايمان بأن ادارة اوباما واصلت مسيرة حماقة سلفه بوش في حين آمن هو بأن خطة التحويل الى العراقية التي صاغها ستُمكن القوات الامريكية من مغادرة الميدان دون خشية فوضى وسفك دماء. لكن مصير هذا التصور يبدو اليوم كمصير خطة «الفتنمة» السيئة الذكر.
وبعبارة اخرى فانه في مجتمعات مشحونة بالانقسام العرقي والديني والعقائدي، لا يكون التحويل الكثيف لمساعدة عسكرية واقتصادية والنفقة الكثيرة على توجيه وتدريب القوات الموالية للنظام ضمانا لاستقرار سياسي في الحد الأدنى، ويتم التعبير عن ذلك الآن في الجبهتين العراقية والافغانية.
مع عدم وجود شرعية واسعة ودعم اجتماعي للنظام السياسي الذي يعتمد على الحراب الامريكية بقيادة المالكي غير الموثوق به بصورة واضحة، فلا فائدة من المساعدة والدعم والتأييد بتحكم من بعيد لضمان بقاء نظام الحكم.
ستُبين الايام والاسابيع القريبة هل يصحو العم سام من بعض أوهامه على الأقل أم يستمر على السير نحو النهاية المحتومة للعصر الامريكي.

إفيعاد كوهين
اسرائيل اليوم 30/6/2014