المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أجواء زيارة أوباما إلى السعودية ونتائجها



عبد الواحد جعفر
08-04-2014, 09:15 PM
أجواء زيارة أوباما إلى السعودية ونتائجها

جاءت زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الرياض في الثامن والعشرين من آذار/ مارس الماضي، ولقاؤه العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، بعد أن شاب العلاقة بين الحليفين التاريخيين بعض التوتر وعدم الثقة في السنوات الثلاث الأخيرة.


أسباب التوتر

نبعت أسباب التوتر بين الطرفين السعودي والأميركي بالدرجة الأولى من تآكل ثقة المملكة العربية السعودية بعد ثورات "الربيع العربي" بجدوى الاعتماد الكامل على مظلة الحماية العسكرية الأميركية. ولم تخفِ المملكة استياءها من موقف إدارة الرئيس أوباما عندما تخلت عن حليفها الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك الذي واجه ثورة شعبية عارمة مطلع عام 2011، وعدّت ذلك مؤشرًا على إمكانية تخلي الإدارة الأميركية عن حلفائها المقربين في المنطقة. كما أنها عبّرت غير مرة عن استيائها من الموقف الأميركي من الاحتجاجات التي كانت تجري في البحرين، والتي ترى فيها السعودية وقوى خليجية أخرى بأنها انطلقت بتحريض إيراني واضح للطائفة الشيعية، وهي تتواصل على إيقاع الموقف الإيراني من مجمل الوضع الإقليمي. وفي المحصلة، فقد تدخلت السعودية ودول خليجية أخرى عسكريًا في البحرين في آذار/ مارس 2011 لتعزيز وضع النظام وقمع أعمال الاحتجاج فيها، متجاوزة عدم الموافقة الأميركية على هذا التحرك.

ثمّ جاء الموقف الأميركي الغامض والمتردد حيال دعم الثورة السورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد؛ وهي الثورة الوحيدة التي دعمتها المملكة لأسباب متعلقة بالصراع مع إيران وليس بمطالب الثورة ذاتها. وقد ضاعف موقف أوباما غير المكترث، حتى بمعاناة المدنيين في سورية، الاستياء السعودي، وبخاصة بعد تراجع إدارته عن تهديداتها بتوجيه ضربة عقابية لقوات النظام السوري الصيف الماضي بعد خرقه "الخط الأحمر" الذي وضعته واشنطن ضد استخدام السلاح الكيماوي. ووصل التوتر بين الطرفين ذروته في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وذلك عندما توصلت مجموعة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا (5+1) إلى اتفاق انتقالي مع إيران، تم بموجبه وضع قيودٍ على برنامجها النووي مقابل تخفيفٍ طفيفٍ للحصار المفروض عليها، وهو الاتفاق الذي فاجأ السعودية، وبخاصة أنه جاء بعد مفاوضات أميركية - إيرانية سرية دامت لعدة شهور بوساطة عمانية (خليجية) وغيرها، ومن دون أن تُطلع الولايات المتحدة أقرب حلفائها في المنطقة على تفاصيلها.

وتضاعفت الهواجس السعودية من تراجع الموثوقية في الحليف الأميركي جراء اكتشافات النفط والغاز الصخري الكبيرة في الولايات المتحدة، والتوجه نحو تقليل الاعتماد الأميركي على النفط المستورد من الخليج نتيجة لذلك. إنّ تحقيق اكتفاء ذاتي نفطي أميركي في المستقبل قد يؤدي، من وجهة نظر صانع القرار السعودي، إلى تراجع الالتزام الأميركي العسكري والأمني نحو المنطقة، ما قد يترك الدول الحليفة مكشوفة أمنيًا وإستراتيجيًا أمام النفوذ الإيراني.

وجاءت الأزمة الأوكرانية وضم روسيا لإقليم القرم في آذار/ مارس الماضي متحدية بذلك التحذيرات الأميركية - الأوروبية لتعمِّق المخاوف السعودية من أنّ الولايات المتحدة، في ظل إدارة أوباما، إنما تقوم بانسحاب مبرمج على الصعيد العالمي، غير مبالية بمصالح حلفائها وهواجسهم الأمنية، ومخلفة وراءها فراغًا قد تملؤه قوى غيرها، وهو ما فعلته من قبل عند انسحابها أواخر عام 2011 من العراق؛ إذ تركته نهبًا لنفوذ إيران، الخصم الجيوستراتيجي اللدود للسعودية.

وعلى نحو أبعد من ذلك، تتخوف السعودية من أن تفاجئها الولايات المتحدة، المنكفئة عن المنطقة بفعل الاستنزاف، بالمسلك ذاته الذي اتبعته في أزمة أوكرانيا على الصعيد الشرق أوسطي، والذي قد يتجسَّد عبر التقاط إيران إشارات تنمّ عن أنّ أميركا غير راغبة في تورطٍ عسكري جديدٍ في حال قررت توسيع نفوذها وتعزيزه في المنطقة على حساب حلفاء أميركا، ومنهم السعودية التي ترى في تنامي دور إيران تهديدًا وانتقاصًا من نفوذها في المنطقة.


تطمينات وليست تغييرات

جاءت زيارة أوباما إلى الرياض ضمن السياق الذي أشرنا إليه؛ فالولايات المتحدة التي تدرك جميع المعطيات والهواجس السابقة تسعى لطمأنة الحليف السعودي بأنّها لا تنوي الإخلال بالتزاماتها نحو المنطقة وحلفائها فيها، لكنها - من جهة أخرى - تبدو غير مستعدة لتغيير سياساتها المتبعة في أيٍ من القضايا محلّ الخلاف مع السعوديين.

وفي مسعى للتوفيق بين محاولات طمأنة الحليف مع عدم النزول عند رغباته، اختارت إدارة أوباما أن تحتوي الاستياء السعودي العام من السياسة الأميركية دون تكلفة، إذ أعلن البيت الأبيض أنّ أوباما لن يتطرق خلال لقائه العاهل السعودي لموضوعات الحريات الدينية وحقوق الإنسان، ومنها حقوق المرأة في المملكة. وكان المبرر الذي ذُكر في هذا السياق بأنّ مدة اللقاء بين الزعيمين (ساعتان) غير كافية لطرح جميع الملفات ذات الاهتمام المشترك، وبأنّ الهدف الأكبر من هذه الزيارة كان مناقشة القضايا الأمنية الأكثر إلحاحًا في المنطقة، بما في ذلك المفاوضات النووية مع إيران و"الحرب الأهلية" في سورية. وعلى الرغم من أنه لم يرشَح الكثير من المعلومات أميركيًا عن تفاصيل اجتماع الرئيس أوباما مع الملك عبد الله، فقد تطرق اللقاء إلى بحث الوضع في مصر أيضًا.

إيران

وفق تصريحات لمسؤولين في البيت الأبيض، فإنّ أوباما سعى خلال زيارته للتأكيد على أهمية العلاقات الأميركية – السعودية، وبأنّ الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي، كما أنها لن تغض الطرف عن نشاطات إيران الأخرى في المنطقة والتي تزعزع الاستقرار فيها. وحسب هؤلاء المسؤولين، فإنّ المفاوضات النووية الجارية مع إيران لا تشمل نشاطاتها الأخرى في المنطقة، والتي تتوجس السعودية منها؛ بمعنى أنها لن تُدرَج ضمن أي صفقة أميركية - إيرانية محتملة على حساب السعودية. كما أعاد الرئيس الأميركي التأكيد على أنّ الولايات المتحدة لن تنسحب من منطقة الشرق الأوسط ولن تترك فيها فراغًا تملؤه قوى أخرى مثل إيران بما يشكل تهديدًا للحلفاء الأميركيين. ومع ذلك، بقي أوباما مصرًّا على الاستمرار في نهج التفاوض والانفتاح الذي اعتمده مع الإدارة الإيرانية الجديدة التي يقودها الرئيس حسن روحاني، وهو خلاف ما ترغب فيه السعودية المتوجسة من عدم انعكاس خطاب إيران التصالحي أفعالًا على الأرض.


سورية

أما في ما يتعلق بسورية، فقد كانت لافتة تصريحات نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بنجامين رودس، والذي رافق أوباما في زيارته، بأنّ إدارة أوباما تفكِّر في توسيع برنامج سري وضعته لمساعدة قوات المعارضة السورية "المعتدلة"، وتعزيز موقفهم ضد قوات الأسد والتيارات الجهادية المتحالفة مع القاعدة في آن معًا. وأشار في تصريحاته تلك، قبل مغادرة الوفد الأميركي للرياض، بأنّ الولايات المتحدة عزّزت التنسيق والعمل مع السعودية في الأشهر الماضية في السياق السوري، وقال مسؤولون آخرون بأنّ الدولتين متفقتان على ضرورة حدوث انتقال سياسي في سورية ودعم معارضي الأسد "المعتدلين".

وقد فهمت هذه التصريحات حول هذا البرنامج على أنها محاولة أميركية لاسترضاء السعوديين المستائين من التردد الأميركي في سورية ورفض إدارة أوباما حتى الآن السماح للسعودية بتزويد مقاتلين "معتدلين" من المعارضة بصواريخ مضادة للطائرات، على الرغم من أنّ المملكة قدمت خطة معززة بضمانات تؤكد فيها أنّ هذه الصواريخ لن تقع بالأيدي الخطأ، وحتى في حال حدوث ذلك، فثمة ضمانات أخرى كفيلة بتعطيلها إلكترونيًا والسيطرة على فاعليتها وحركتها عن بُعد. وحسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست في 27 آذار/ مارس؛ أي قبل يومٍ واحدٍ من زيارة أوباما للسعودية، فإنّ تفاصيل هذا البرنامج السري، والذي لا يزال قيد النقاش ولم يحسم بعد، تتضمن تدريب مزيدٍ من قوات المعارضة السورية في معسكرات في الأردن وشمال السعودية وقطر. ويناقش البرنامج أيضاً إمكانية دعم المجالس المحلية والشرطة المدنية التي تديرها المعارضة في المناطق المحررة في سورية، فضلًا عن إمكانية فرض ممرات آمنة لإيصال المساعدات إلى تلك المناطق. ويهدف البرنامج في المحصلة إلى إيصال رسالة إلى نظام الأسد بأنّ الحل العسكري غير ممكن في سورية، وبخاصة في ظل تقدم قواته على الأرض مؤخرًا.

غير أنّ نقطة الخلاف المركزية بين الولايات المتحدة والسعودية تبقى بشأن تزويد قوات المعارضة "المعتدلة" بصواريخ مضادة للطيران من أجل تغيير المعادلة العسكرية التي فرضها تقدم النظام عبر تفوقه الجوي؛ وهي النقطة التي ما زالت واشنطن تبدي هواجس وشكوكًا كثيرة حولها. وكان الرئيس أوباما استبق زيارته إلى السعودية بالتقليل من إمكانية حدوث تغيير كبير في موقف إدارته من الأزمة السورية عندما رفض في مقابلة مع شبكة "سي . بي . إس" التلفزيونية فرضية أنّ بلاده كان بإمكانها منع الأزمة الإنسانية في سورية، فقد قال "أعتقد أنها فكرة خاطئة القول بأننا كنا بشكل ما في وضع يتيح لنا منع حدوث المعاناة التي نشهدها في سورية من خلال بضع ضربات منتقاة". كما عبّر عن تقديرات تشير إلى قلة الحيلة أو عدم الاكتراث تجاه القضية بقوله إنّ الصراع في سورية قد يستمر "عقدًا آخر ربما"؛ وذلك ليبرر رفضه التدخل عسكريًا.

عبد الواحد جعفر
08-04-2014, 09:16 PM
مصر

أما بشأن مصر، فقد سعى الأميركيون خلال الزيارة إلى التأكيد على اهتمامهم بتحقيق الاستقرار فيها وتضييق هوة الخلافات التي نشأت مع السعودية منذ إطاحة الرئيس الأسبق حسني مبارك، وتعمَّقت بسبب الموقف من الانقلاب العسكري الذي أطاح الرئيس محمد مرسي في 3 تموز/ يوليو 2013.

فعلى الرغم من أنّ الولايات المتحدة لم تعدّ عزل الرئيس محمد مرسي في الصيف الماضي على يد الجيش المصري بوصفه انقلابًا عسكريًا حتى لا تضطر إلى قطع المعونات العسكرية عن مصر حسب القوانين الأميركية - مع أنها أجلت بعضها - فإنها عبرت عن عدم رضاها عن أسلوب الجيش في معالجة الأوضاع بعد عزل مرسي، وبخاصة التعامل العنيف مع رافضي الانقلاب.

أثارت هذه المواقف حفيظة السعودية التي قامت مع الإمارات العربية المتحدة بتقديم مساعدات مالية كبيرة لتمويل حكومة الانقلاب وإسنادها، وصولًا إلى دعم ترشّح المشير عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع السابق وقائد الانقلاب، للرئاسة. ويبدو أنّ شقّة الخلاف بين الولايات المتحدة والسعودية أخذت تتضاءل في السياق المصري، وبخاصة مع قبول الولايات المتحدة ضمنيًا ترشّح السيسي "المدني" بعد استقالته من وزارة الدفاع. وتكتفي الولايات المتحدة الآن بمطالبة القاهرة بالالتزام بـ "خارطة طريق تستوعب كل مكونات المجتمع المصري".


خلاصة

يبدو واضحًا أنّ الخلاف الأميركي - السعودي يتمحور في جوهره حول قلق الرياض من الانطباع السائد الذي يشير إلى انكفاء أميركي وانسحاب من العديد من الساحات الدولية، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط. وهو قلق يساور حلفاء آخرين للولايات المتحدة. وبناء عليه، تشعر السعودية بالقلق من أن تكون المساعي الأميركية للوصول إلى اتفاق مع إيران على حسابها، كما أنها ترى في التردد الأميركي في سورية دليل ضعف يثير الكثير من الشكوك حول مدى التزام واشنطن بأمن حلفائها وإمكانية اعتمادهم على القوة الأميركية الرادعة. وقد عزّزت هذه الشكوك "مسارعة" إدارة أوباما إلى التخلي عن حلفائها خلال ثورات "الربيع العربي".

لقد حاول الرئيس أوباما أن يبدّد هذه المخاوف خلال زيارته إلى السعودية، كما حاول تأكيد التزام بلاده أمن منطقة الخليج وعدم السماح لإيران بالهيمنة عليها. لكنه لم يبدِ - في الوقت نفسه - أي مؤشرات بشأن استعداده لتبني سياسات مختلفة إزاء إيران أو حلفائها خاصة في سورية، كما استمر في اعتبار حكومة نوري المالكي – على الرغم من سياساتها الطائفية وتهميشها جزءًا كبيرًا من مكونات الشعب العراقي بسنته وشيعته وأكراده – حليفًا في الحرب على الإرهاب. ويشير هذا السياق إلى أنّ الطرفين الأميركي والسعودي مضطران إلى التعايش مع خلافاتهما في إطار العلاقة التحالفية التي تجمعهما، ما يجعل السعودية في وضعها الحالي تحتاج فعلًا إلى تطمينات، لكنها تطمينات ليس بوسع أي رئيس أميركي أو غير أميركي أن يمنحها، بل يجب أن تنبع من حركة الشعوب العربية ذاتها في مرحلة عاصفة حبلى بالأحداث.

بوفيصيل
09-04-2014, 01:17 AM
فرضية أنّ بلاده كان بإمكانها منع الأزمة الإنسانية في سورية، فقد قال "أعتقد أنها فكرة خاطئة القول بأننا كنا بشكل ما في وضع يتيح لنا منع حدوث المعاناة التي نشهدها في سورية من خلال بضع ضربات منتقاة". كما عبّر عن تقديرات تشير إلى قلة الحيلة أو عدم الاكتراث تجاه القضية بقوله إنّ الصراع في سورية قد يستمر "عقدًا آخر ربما"؛ وذلك ليبرر رفضه التدخل عسكريًا

بل على العكس ان من أشعل فتيل الحرب الأهلية في سوريا هم الأمريكان وعملائهم حيث ان امريكا زجت في مرتزقة شركة بلاك ووتر وعملائها زجوا من سمي بالجهاديين وغيرهم ممن تبرعوا للجهاد حيث ان سوريا أصبحت تزخر بوجود شتى انواع المخابرات العالمية على أرضها لتازيم الوضع الى ما وصلت عليه الان !!

بوفيصيل
12-04-2014, 02:24 AM
واشنطن والرياض من أخل بـ’صفقة السفينة’
لا يبدو أن زيارة الرئيس الأمريكي أزالت شيئاً من الشكوك السعودية حيال تغير موقف واشنطن إزاء إيران
يوئيل جوجنسكي وعوديد عيران
APRIL 11, 2014
الهدف الأساس لزيارة الرئيس أوباما الأخيرة الى السعودية كان ترميم صورة الولايات المتحدة في نظر النخبة السعودية واعادة الثقة بتصميم الولايات المتحدة على الهروع لحماية حلفائها عند الحاجة. والفهم بان الولايات المتحدة ستفعل ذلك كان في اساس العلاقات التي تطورت منذ اكتشاف النفط في شبه الجزيرة العربية ولا سيما منذ لقاء الرئيس روزفيلت والملك بن سعود على ظهر البارجة الامريكية USS Quincy في قناة السويس في شباط 1945. ومنذئذ استندت علاقات الولايات المتحدة والسعودية الى ‘الصفقة’ التي يمكن تسميتها ‘النفط مقابل الأمن’. وعلى مدى عشرات السنين تؤدي السعودية دورها ‘في الصفقة’ فيما ترشح كميات النفط التي تنتهجها وفقا للاعتبارات الاستراتيجية الامريكية أيضا. ومن جهة اخرى، تصدع في السنوات الاخيرة احساس اليقين في الرياض من أن الولايات المتحدة ستلتزم بنصيبها في الصفقة. وينبع الاحساس في الرياض من سلوك الولايات المتحدة في سلسلة من المسائل الاقليمية، وأولا وقبل كل شيء مسألة النووي الايراني والحرب الاهلية في سوريا والتي عززت صورة الولايات المتحدة كقوة عظمى في حالة تراجع.
لقد وصل الرئيس اوباما للمرة الثانية الى الرياض دون أمل في فتح ‘صفحة جديدة مع العالم الاسلامي’، ولكن في ساعة مصيرية لعلاقات الدولتين والنظام الاقليمي والعالمي. وكانت الزيارة الاولى للرئيس الى الدول العربية هي للسعودية في تموز 2009، عشية خطابه الى العالم الاسلامي، شهادة على الاهمية التي يوليها اوباما للمملكة ولمكانتها في العالم الاسلامي. وسعى الرئيس في حينه الى التشاور مع الملك عبدالله في الموضوع الايراني والحصول على تأييده لتحريك المسيرة السلمية الاسرائيلية الفلسطينية. وفوق كل شيء، سعى الرئيس اوباما الى الفكاك من إرث سلفه و ‘فتح صفحة جديدة’ مع العالم الاسلامي. ولهذا السبب فقد حبذ، على حد قوله، المجيء الى ‘المكان الذي ولد فيه الاسلام’.
ومع ان الولايات المتحدة والسعودية لا تتقاسمان القيم، الا انهما تتقاسمان، حتى الان مصالح غير قليلة. فعلى مدى نحو 70 سنة أعربت الادارات الجمهورية والديمقراطية على حد سواء عن الالتزام بالحفاظ على أمن المملكة. وبالفعل، فقد اجتازت العلاقات بين الدولتين حتى الان أزمات حادة في الماضي بدء بحظر النفط في 1973 وحتى الازمة في أعقاب الهجمة الارهابية في 11 ايلول 2001 في الولايات المتحدة. ولا تزال الاخيرة بحاجة الى السعودية في حربها ضد الارهاب وعلاقاتها في اليمن، افغانستان والباكستان والمملكة بحاجة الى القوة العسكرية للولايات المتحدة كي توازن التهديد المحدق من ايران. ولكن في بعض الحالات فان السياسة التي تتخذها المملكة تمس، وأحيانا تتضارب، والسياسة الامريكية: التأييد لنظام الجنرالات في مصر والمتطرفين الاسلاميين في سوريا هما مثالان بارزان على ذلك. ومن الجهة الاخرى فان التقارب المدروس بين الولايات المتحدة وايران، الخصم الاقليمي المركزي للسعودية، هم مثار للانزعاج في نظر السعوديين.
في المدى القصير فان التخوف الاكبر في الرياض هو من تقارب امريكي ايراني. فالنشاط الدبلوماسي الامريكي الرامي الى محاولة تهدئة حلفائها العرب لم يغير الانطباع في الخليج في أن الاتفاق المرحلي مع ايران يستند الى تضليل ايراني والى خداع ذاتي من جانب الامريكيين. وتخشى السعودية بقدر أقل من المعاني الفنية للاتفاق المرحلي، وبقدر اكبر من الامكانية الكامنة في المحادثات الجارية الان على الاتفاق الدائم، لتقارب أمريكي ايراني ومن الاثار التي فيه على مكانة ايران في الخليج وما وراءه.
في نظر السعودية، فان الاتفاق مع ايران ليس سوى تمهيد لابتعاد امريكي عن المنطقة مما سيترك ايران دولة حافة نووية وذات مكانة اقليمية محسنة. فضلا عن ذلك فان التقارب الامريكي الايراني من شأنه أن يؤثر على السياسة الامريكية تجاه سوريا، ومعناه ابقاء الاسد في الحكم (الفرضية، المقبولة على السعوديين، هي أن اوباما لم يتدخل عسكريا في سوريا في ايلول 2013 كي لا يعرض للخطر الاتفاق المقترب من ايران).
الاحساس في الرياض هو أن ايران تراكم قوة والولايات المتحدة أق جذابية. بيد أن الامكانيات التي توجد امام المملكة الشائخة ليست كثيرة وليست فضلى. فليست اي قوة عظمى الصين، روسيا أو الهند قادرة، أو معنية، في هذه المرحلة بلعب الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في الحفاظ على أمن الخليج. ولكن السعودية لا تطرح فقط شكوكا بالنسبة للجدوى في الابقاء على التحالف مع الولايات المتحدة بل تتخذ خطوات مختلفة يفهم منها بانها تحاول تصميم منظومة علاقات مختلفة مع الولايات المتحدة سيتاح لها في اطارها حرية مناورة أكبر. وبالتالي فان ترتيبات امنية جزئية ومتوازية مع دول اخرى كفيلة هي ايضا بان تدرس بجدية في الرياض. فقد عاد ولي العهد سلمان مؤخرا من جولة وصفت بالتاريخية الى الباكستان، اليابان، الهند والصين بحث فيها في سلسلة منم المواضيع الاقتصادية، السياسية والعسكرية دليل ربما على تفكير من هذا النوع في المملكة.
بعد اللقاء علم أن الرئيس اوباما فصل جهوده في الموضوع الايراني، وهدأ الملك بان الولايات المتحدة ستبقى المملكة في صورة المفاوضات وفي كل حال لن تتخذ ‘صفقة سيئة’ مع ايران. المشكلة هي أن الوعود من هذا النوع لا تحظى بثقة كبيرة في السعودية. وشرح اوباما للملك، هكذا حسب التقرير، بانه دخل المحادثات مع ايران ‘بعيون مفتوحة’ (with eyes wide open ) ولكن من المعقول ان يكون الملك بقي شكاكا بالنسبة للمفاوضات مع ايران وفي كل حال ناشد الرئيس اتخاذ خط أكثر حزما حيال ما يسميه ‘الدور السلبي’ لايران في المنطقة.
في حديثهما الذي استغرق نحو ساعتين، ركز الرجلان اضافة الى الموضوع الايراني في الحرب الاهلية في سوريا ايضا. ولا بد أن يكون الملك ابن التسعين قد أوضح للرئيس بان البحرين هي خط احمر بالنسبة للسعوديين وانه لا ينبغي حث المملكة السنية في الجزيرة الصغيرة على تنفيذ اصلاحات في ضوء المخاطر التي تحدق بها من جهة ايران.
في موضوع الحرب الاهلية في سوريا، التي تدخل سنتها الرابعة، معقول ان الملك ناشد الرئيس لاتخاذ خطوات حقيقية تؤدي الى اسقاط الاسد. وقبل اللقاء سرب الامريكيون بانهم يعتزمون تشديد دعمهم للمعارضة للاسد. غير أنه ليس واضحا لهم بعد باي شكل ولاي مجموعة ثوار. ويفهم من التقارير ما بعد اللقاء بان الطرفين قلصا الفجوات في الموضوع وان كانت الخلافات لا تزال قائمة. وعلى نحو خاص، يطلب السعوديون تسليح الثوار ‘المعتدلين’ بصواريخ كتف (MANPADS)، من شأنها على حد قول الامريكيين ان تقع في أيدي ‘غير الصحيحة’. وهذا مجرد مثال واحد على الادعاء الامريكي بان الامريكيين والسعوديين ‘يتفقون على الاستراتيجية ولكنهم مختلفون على التكتيك’. ويبدو السعوديون مصممين على مواصلة دعم الثوار السوريين حتى خلافا للخط الامريكي. فقبل بضعة ايام من اللقاء بين الرئيس اوباما والملك عبدالله، قال ولي العهد السعودي سلمان، في مؤتمر الجامعة العربية في الكويت، ‘نحن سنفعل هذا (سندعم الثوار السوريين) وحدنا، مهما صعب الأمر علينا’
مسألة لم تطرح في الحديث بين الزعماء كانت وضع حقوق الانسان في المملكة عقبة كأداء اخرى في العلاقات بين الدولتين. منذ بدء الهزة في المجال العربي قطعت الانظمة الملكية كل محاولة، حقيقية أم موهومة للمجتمع المدني لتحدث البنى السياسية القائمة. واختار اوباما منح وسام تقدير لنشيطة من أجل حقوق النساء والاطفال في المملكة بدلا من ان يطرح امام الملك مواضيع مثل غياب الحرية السياسية، الحرية الدينية ووضع حقوق الانسان في المملكة ليس سهلا الدعوة الى اصلاحات سياسية وبالتوازي طلب ثقة الانظمة الملكية بمتانة التحالف مع الولايات المتحدة.
ومع أن السعوديين أوفوا حتى الان بنصيبهم في معادلة العلاقات في كل ما يتعلق بسوق النفط العالمي ولكن المملكة السعودية على علم بالتوقعات التي تقول ان الولايات المتحدة كفيلة بان تصل الى استقلالها من الطاقة، مما من شأنه أن يسحب البساط من تحت التحالف الاستراتيجي بين الدولتين. ومن المتوقع لانتاج النفط في الولايات المتحدة أن يبلغ نحو 10 مليون برميل في اليوم في 2016 اكثر بقليل من الانتاج السعودي في 2013. والنتيجة، بعد 70 سنة، على الورق على الاقل، سيكون للامريكيين حرية مناورة اكبر في كل ما يتعلق بتصميم سياستهم في الشرق الاوسط.
ان لقاء اوباما وعبدالله (الرابع في عدده) والذي لولا الصدع بين بعض من دول الخليج وقطر كان يفترض أن يعقد مؤتمر قمة مشترك للرئيس الامريكي وللامارات الست العربية الاخرى لن يدخل اغلب الظن كتب التاريخ مثلما دخل لقاء بن سعود وروزفيلت. ومن السابق لاوانه أن نعرف هل سيولد اللقاء تغييرا في السياسة من جانب الامريكيين او السعوديين بالنسبة للمسائل على جدول الاعمال، وذلك لان الطرفين لم يطورا توقعات عالية منه. ويبدو أن بالنسبة للامريكيين هذا هو الحد الاقصى الذي هم مستعدون لعمله الان من أجل تحسين العلاقات. وبالنسبة للسعوديين كان هذا هو الحد الادنى الاضطراري. وكما يقول الكليشيه فان اهمية اللقاء هي في مجرد انعقاده.
في الاشهر الاخيرة يكثر المحللون من وصف ‘التحالف’ غير الرسمي الذي نشأ بين اسرائيل والسعودية بما في ذلك في ضوء قلقهما من النهج الامريكي في المسائل التي طرحت اعلاه. توصيتنا هي الا نشجع هذا الانطباع وان كانت عمليا تجري اتصالان كهذه. ومع أن ايران تمثل تحديا لاسرائيل وللسعودية، فليست كل الجوانب في هذا التحدي متماثلة بالنسبة للدولتين. كما أن شبكة العلاقات للدولتين مع الولايات المتحدة ليست متماثلة ومنظومة الاعتبارات مختلفة. وبالتالي فان ربط اسرائيل والسعودية معا، بالشكل الذي ترى فيه ذلك الادارة، الكونغرس والرأي العام الامريكي ليس مجديا لاسرائيل بالضرورة.
نظرة عليا 11/4/2014

بوفيصيل
23-04-2014, 02:06 AM
السعودية تتأرجح
صحف عبرية
april 21, 2014

النبأ الرسمي الذي نشر هذا الاسبوع باسم عبدالله ملك السعودية اكتفى، كالمعتاد، بتقرير موجز عن ‘الاعفاء بناء على طلبه’ لبندر بن سلطان، من منصب رئيس المخابرات واستبداله بالجنرال يوسف الادريسي.
ظاهرا، هذا تغيير آخر في المناطق ينفذه الملك في السنتين الاخيرتين. كما أن التفسير هو الاخر عادي ظاهرا، وذلك لان الامير بندر ابن الـ 65 يعاني من عدة أمراض. وقد خضع في الاشهر الاخيرة لعلاج طبي في الولايات المتحدة وأمضى بعد ذلك فترة الشفاء في المغرب. ولكن بندر الذي عين قبل سنتين فقط في منصبه لم يتطوع للاستقالة ومشكوك أن يكون توقع البيان الملكي الذي أنهى، مؤقتا على الاقل، الدراما الجارية في البلاط الملكي منذ سنة.
في نهاية شهر اذار هبطت طائرة الرئيس اوباما في الرياض في محاولة لتحسين العلاقات مع المملكة التي بدأت تبرد منذ شهر تشرين الاول عندما كانت المفاوضات بين القوى العظمى الست وايران في مسألة النووي على وشك الاختراق الذي أدى الى الاتفاق المرحلي. وقد هزت قصة الغرام الامريكية الايرانية المملكة التي ترى في ايران خصما ومنافسا سياسيا، دينيا وايديولوجيا، ليس فقط في الشرق الاوسط بل وفي وسط آسيا ايضا.
الامير بندر، ابن من كان ولي العهد، سلطان (الذي كان لنحو نصف يوبيل وزير الدفاع في السعودية وقائد الجيش في فترة حرب الخليج الاولى) أصدر عندها بيانا غير مسبوق جاء فيه ان السعودية ستنظر في انعطافة في سياستها تجاه الادارة الامريكية. فتأهبت واشنطن، حيث أن اوباما على علم جيد بخيبة الامل السعودية من قراره عدم الهجوم في سوريا في أعقاب استخدام السلاح الكيميائي، كما أنه يعرف الاحباط السعودي من عجز الادارة في معالجة النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني، الاحباط الذي نجح في أن يهدىء قليلا منه بفضل نشاط وزير الخارجية جون كيري. ولكنه تبين للادارة الامريكية أغلب الظن بان الامير بندر ينتقد سياستها بالذات على مسمع من الخصوم الجمهوريين، ويشجعهم على مهاجمة سياستها من على كل منصة ممكنة ولا سيما في الكونغرس.
وحسب تقارير في السعودية، فقد كان الرئيس اوباما هو الذي طلب من الملك احالة بندر من منصبه كي يهديء الالتهاب الذي اشتعل في علاقات الدولتين.
بندر، الذي خدم كسفير للسعودية في واشنطن على مدى 22 سنة، وعاد الى وطنه في العام 2005 كان دوما رجل بوش الابن والابن. بل انه في واشنطن حظي بلقب ‘بندر بوش’.
وبين عائلة بوش والاسرة المالكة نسجت على مدى السنين علاقات تجارية واسعة ومنفعة متبادلة، شخصية وسياسية، جعلت السفير الملياردير وجه السعودية في الولايات المتحدة. وتمتعت السفارة السعودية في عهد ولايته بحماية دائمة من الجهاز السري، وكان لبندر قدرة وصول حرة في كل وقت الى الغرفة البيضاوية.
وعندما وقعت عمليات 11 ايلول، كان بندر هو الذي نجح، بخلاف موقف الـ اف.بي.آي، في نيل إذن خاص لنقل الطلاب السعوديين الى السعودية في الوقت الذي حل فيه حظر طيران في كل الولايات المتحدة. زوجة بندر، الاميرة هيفاء، اشتبه بها في حينه بعلاقة مع الوسيط ورجل الاموال اللذين عملا في خدمة القاعدة، ولكن التحقيق توقف.
انتخاب اوباما لم يجمد العلاقات بين العائلتين، ولكن البيت الابيض أصبح غرضا مشبوها. ورغم أن التجارة بين الولايات المتحدة والسعودية تطورت، والسعودية التي تحتفظ بأرصدة عملة صعبة بحجم نحو 650 مليار دولار، استثمرت مالا طائلا في سندات الدين الامريكية، أثارت سياسة اوباما في الشرق الاوسط قلقا بلغ ذروته في ثورة 25 يناير في مصر.
واعتبر تأييد اوباما غير متحفظ لحركات الاحتجاج ودعوته مبارك الى ترك كرسيه، في نظر السعودية كخيانة سواء على المستوى الشخصي أم على المستوى الايديولوجي. ثورة محبي الديمقراطية التي من شأنها أن تنتقل الى دول الخليج، هي آخر ما يتمناه الملك.
بعد أربعة ايام من بدء المظاهرات في مصر، حذر عبدالله اوباما من الضغط على مبارك للاعتزال، والسماح له بان يشرف على اجراءات التحول الديمقراطي في الدولة وان يعتزل بعد ذلك فقط. وتعهد عبدالله ايضا بانه اذا ما اوقفت الولايات المتحدة مساعدتها لمصر فان السعودية ستملأ مكانها.
وتعاظم الضغط السعودي عندما حظي الاخوان المسلمون في الانتخابات الاولى للبرلمان المصري بعد الثورة باغلبية ساحقة بل واكثر من ذلك عندما فاز محمد مرسي بالسباق للرئاسة.
وسمعت المدائح التي اطلقتها الادارة الامريكية في حينه عن المسيرة الديمقراطية في مصر مثابة الشتيمة في آذان السعودية. ويعد التأييد الامريكي لحكم الاخوان المسلمين دعوة تشجيع للاسلاميين في المملكة والتي تدور ضدهم منذ بضع عشرات السنين معركة ضروس مضرجة بالدماء والضحايا.
وتنفست السعودية الصعداء عندما عزل مرسي في حزيران 2013 واستولى الجيش على الحكم، ولكن التلوي الامريكي وموقف الكونغرس والادارة ضد ما اعتبر بشكل غير رسمي كانقلاب عسكري، وحررت كل كوابح الاعلام السعودي حين غمر هذا المجال العام العربي بانتقاد لاذع للرئيس الامريكي براك اوباما.
وبينما الخلاف مع واشنطن هو كالزيت في عظام بندر فان الجدال في البيت الابيض بدأ يكثف السحب من فوق رأسه. بندر، كرئيس المخابرات كان مسؤولا ايضا عن سياسة السعودية في سوريا. وكان هو الذي وجه المملكة نحو موقف حازم طالب بالتدخل العسكري، العربي والدولي. ومارس ضغطا سعوديا على الاردن كي يكون ليس فقط قاعدة لتدريب الثوار بل ومنطلق لهجوم عسكري ضد نظام الاسد. ووجد بندر مصادر تسليح في اوكرانيا ودول اخرى، ونقل تمويلا سخيا لجماعات الثوار.
ولكن في ذات المعركة شجع ايضا متطرفين سعوديين للخروج الى الجهاد ضد الاسد. وطور في سوريا بعضا من الميليشيات المتطرفة التي يرتبط بعضها بعلاقات طيبة مع القاعدة. ونال بندر بالفعل اسنادا من الملك، ولا سيما لانه وعده بان هزيمة الاسد قريبة.
أثارت رعاية الثوار السعوديين قلقا عميقا في قلب وزير الداخلية شديد القوة، الامير محمد بن نايف، الذي كان أبوه وزير الداخلية وقبل أن يموت كان ايضا بين المرشحين لخلافة الملك عبدالله. محمد، مثل أبيه، أدار صراعا لا هوادة فيه ضد المنظمات المتطرفة في السعودية بل ونجح بقدر واضح في تقليص الارهاب الاسلامي في الدولة لدرجة ان قيادة القاعدة السعودية اضطرت الى الهجرة واقامة قاعدة لها في اليمن.
ويتمثل تخوف محمد بن نايف في أن يعود اولئك السعوديون الذين يقاتلون في سوريا الى وطنهم ليبثوا روح الحياة في الارهاب الاسلامي. وطالب بالكف عن ارسال المتطوعين بل واصدر أمرا يحظر على ابناء السعودية الخروج الى الحرب في سوريا.
وهكذا فقد اصطدم جبهويا مع بند وانتصر. في شهر شباط قرر الملك نقل ‘ملف سوريا’ من يد بندر الى يد محمد الكفيل هو نفسه أن يكون المرشح لخلافة الملك. وفي نفس الوقت عين عبدالله الامير مقرن، الابن الاخير للملك عبدالعزيز، ولي عهد لولي العهد الامير سلمان المريض بـالزهايمر. وكان مقرن هو رئيس المخابرات الذي حل بندر محله في تموز 2012، التغيير الذي نبع ايضا من الاخفاق في ادارة السياسة السعودية في سوريا.
يبدو مقرن في هذه اللحظة بانه المرشح المتصدر للخلافة، وابعاد بندر يأتي لتهدئة تراشق الضربات السياسية في البلاط الملكي. وسيكون الخلاف المتوقع التالي أغلب الظن بين الامير محمد وبين مقرن، والسؤال هو اذا كان الملك ابن التسعين ترك منذ الان وصية تضم اسم الملك التالي.
ستكون هذه هي المرة الاخيرة التي يقرر فيها الملك خليفته. فالملك التالي سيضطر الى التشاور والى أن يحصل على تخويل لجنة الامناء التي تضم 35 عضوا، وكلهم من ابناء العائلة الملكية.
يمكن لواشنطن على الاقل ان تكون هادئة فمعارضوها في البلاط الملكي قلوا، ويبدو أن الملك ايضا يفحص حلم اسقاط بشار الاسد بعينين مفتوحتين. وهي الان تنتظر ايضا الخليفة آملة بان يكون هذا هو الامير محمد، الذي ارتبط بعلاقات وثيقة بها واصبح رجل سر أوباما.

تسفي برئيل
20/4/2014