بوفيصيل
09-03-2014, 08:02 AM
كتب هنرى سيجمان، رئيس مشروع الشرق الأوسط الأمريكى، مقالا نشر بجريدة هآرتس الإسرائيلية تناول فيه زيارة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، للولايات المتحدة. حيث يتردد على نطاق واسع أنه من المحتمل أن يقبل إطار الدولتين، الذى يتبناه وزير الخارجية جون كيرى، من أجل اتفاق سلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، على الرغم من تهديد عدد من شركاء ائتلافه بإسقاط حكومته. بل إنهم حذروه من أنهم سوف ينسحبون من حكومته إذا وافق على تجميد البناء فى المستوطنات الجديدة أثناء سير المفاوضات.
وقد فسر الكثيرون هذه الأنباء على أنها مؤشر على تغيير مهم فى موقف نتنياهو السابق المعارض بشدة لقيام دولة فلسطينية، وهو ما كان يصر على أن الفلسطينيين يقصدون منها أن تكون منصة انطلاق للقضاء على وجود الدولة اليهودية. ومن المعروف أن نتنياهو تعهد بحل الدولتين فى الخطاب الذى ألقاه فى بار إيلان يوم 14 يونيو 2009. ولكن لم يصدقه أحد فى إسرائيل. فقد فهم كل من منتقديه وأنصاره أنه كان يهدف إلى كسب الوقت، من أجل وصول مشروع الاستيطان الإسرائيلى فى الضفة الغربية إلى مرحلة اللا رجعة.
ويضيف سيجمان إن هناك اعتقادا واسع النطاق أن نتنياهو أدرك أخيرا أن احتلال إسرائيل للضفة الغربية لن يستمر، لأنه يهدد بعزل الدولة اليهودية ونزع شرعيتها.
يرى سيجمان أن هذه الرؤية لنوايا نتنياهو خاطئة للأسف، كما كانت دائما فى الماضى. ففى كل مر كانت ينتخب لرئاسة الوزراء هذه المرة هى الثالثة يؤكد الخبراء أننا نتعامل مع نتنياهو براجماتى جديد، ويتضح كل مرة أنهم مخطئون.
•••
ويسرد سيجمان أنه فى عام 1996، عند انتخاب نتنياهو، كان فى زيارة للرئيس السابق حسنى مبارك، الذى أبلغه بأن الرسائل التى تلقاها من نتنياهو عبر وسطاء، طمأنته أن رئيس الوراء الإسرائيل اكتسب براجماتية جديدة ومبشرة. ورفض الشكوك التى أبديتها، ولكن فى المرة التالية التى التقيا فيها، أعلن عن خيبة أمله العميقة فى نتنياهو وتشكك فى صدقه. وكرروا نفس المناقشة عند إعادة انتخاب نتنياهو رئيسا للوزراء فى 2009.
ويرى سيجمان أنه من الإجحاف القول بأن نتنياهو ليس زعيما ملهما. فهو بالتأكيد شخص بارع فى التكتيك يعرف كيف يستمر فى منصبه. وهذا الهدف الذى يعتقد أنه يرتبط ارتباطا وثيقا باستمرار قيادته لجناح اليمين السياسى يفوق فى الأهمية كل التحديات المحلية والدولية الأخرى، التى تواجه إسرائيل. وإذا صحت الأنباء عن استعداده لقبول إطار كيرى الحالى لاتفاق تفاوضى، فهو دليل على دهاء نتنياهو التكتيكى، وليس على تحوله. ولن تكون البراجماتية الجديدة، الذى تنسب إليه سوى نفس خدعة توفير وقت إضافى لتعميق المشروع الاستيطانى والتمهيد لإلقاء اللوم على الفلسطينيين بسبب فشل محاولة كيرى.
وبعبارة أخرى، سوف يكون متسقا مع استمرار السيطرة الإسرائيلية على إسرائيل الكبرى.
وبالنسبة للتهديد الذى يشكله قبول نتنياهو إطار كيرى لبقاء حكومة نتنياهو الائتلافية، فالحزب الوحيد الذى يحتمل أن ينسحب فى هذه الظروف هو البيت اليهودى برئاسة نفتالى بينيت؛ وهو حزب يمكن لنتنياهو استبداله بسهولة (يعلن رئيس حزب العمل الجديد، اسحاق هرتسوج، بانتظام، عن استعداده للانضمام إلى حكومة نتنياهو). وليس هناك ما يمكن أن يسعد نتنياهو أكثر من رحيل بينيت، الرجل الذى يكرهه.
ويمكن أن تكون الوسيلة الوحيدة التى قد تتيح لكيرى تغيير تاريخ طويل من فشل الدبلوماسية الأمريكية فى إبرام اتفاق الدولتين، أن يتخلى عن فكرة أن الطرفين قادران وحدهما على التوصل إلى اتفاق دولتين معقول إذا وفرت الولايات المتحدة الصيغة الدبلوماسية المناسبة. ويجب أن تكون الولايات المتحدة قد فهمت منذ فترة طويلة أنه نظرا للاختلافات الكبيرة بين إسرائيل والفلسطينيين فى المجالات الاقتصادية والعسكرية والقدرات الدبلوماسية، فلن يمكن التوصل لاتفاق من هذا القبيل إذا ما تركا لأدواتهما الخاصة.
•••
ويرى سيجمان أن الطريقة الوحيدة، التى تستطيع الولايات المتحدة، بواسطتها، إقناع الإسرائيليين بقبول اتفاق دولتين معقول، هى بتغيير حسابات إسرائيل للتكلفة مقابل المنفعة، ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا إذا أبلغت الولايات المتحدة إسرائيل بأنها سوف تنسحب من عملية السلام الزائفة، وسوف تسمح لمجلس الأمن بتعيين حدود إسرائيل وعواقب عدم الالتزام. ومن شأن ذلك أن يسف فورا عن معقولية إسرائيلية جديدة، ربما تنقذ الطابع اليهودى والديمقراطى للدولة.
ويختتم سيجمان المقال بقوله إنه لا شك أن إسرائيل فى حاجة لمثل الإنقاذ. فهل يمكن أن يقبل واحدة من الأربعة عشر ألف مشارك فى اجتماع ايباك هذا الأسبوع فى واشنطن الادعاءات الديمقراطية لبلد يدين سكانه اليهود بتعريض الشعب الفلسطينى لنصف لقرن من القهر، الحرمان والطرد.
وسوف تحسن دولة اليهود صنعا إذا التفتت لموعظة الحكماء فى أخلاقيات الآباء: «لا تحكم على أخيك الإنسان حتى تضع نفسك فى مكانه».
الشروق
وقد فسر الكثيرون هذه الأنباء على أنها مؤشر على تغيير مهم فى موقف نتنياهو السابق المعارض بشدة لقيام دولة فلسطينية، وهو ما كان يصر على أن الفلسطينيين يقصدون منها أن تكون منصة انطلاق للقضاء على وجود الدولة اليهودية. ومن المعروف أن نتنياهو تعهد بحل الدولتين فى الخطاب الذى ألقاه فى بار إيلان يوم 14 يونيو 2009. ولكن لم يصدقه أحد فى إسرائيل. فقد فهم كل من منتقديه وأنصاره أنه كان يهدف إلى كسب الوقت، من أجل وصول مشروع الاستيطان الإسرائيلى فى الضفة الغربية إلى مرحلة اللا رجعة.
ويضيف سيجمان إن هناك اعتقادا واسع النطاق أن نتنياهو أدرك أخيرا أن احتلال إسرائيل للضفة الغربية لن يستمر، لأنه يهدد بعزل الدولة اليهودية ونزع شرعيتها.
يرى سيجمان أن هذه الرؤية لنوايا نتنياهو خاطئة للأسف، كما كانت دائما فى الماضى. ففى كل مر كانت ينتخب لرئاسة الوزراء هذه المرة هى الثالثة يؤكد الخبراء أننا نتعامل مع نتنياهو براجماتى جديد، ويتضح كل مرة أنهم مخطئون.
•••
ويسرد سيجمان أنه فى عام 1996، عند انتخاب نتنياهو، كان فى زيارة للرئيس السابق حسنى مبارك، الذى أبلغه بأن الرسائل التى تلقاها من نتنياهو عبر وسطاء، طمأنته أن رئيس الوراء الإسرائيل اكتسب براجماتية جديدة ومبشرة. ورفض الشكوك التى أبديتها، ولكن فى المرة التالية التى التقيا فيها، أعلن عن خيبة أمله العميقة فى نتنياهو وتشكك فى صدقه. وكرروا نفس المناقشة عند إعادة انتخاب نتنياهو رئيسا للوزراء فى 2009.
ويرى سيجمان أنه من الإجحاف القول بأن نتنياهو ليس زعيما ملهما. فهو بالتأكيد شخص بارع فى التكتيك يعرف كيف يستمر فى منصبه. وهذا الهدف الذى يعتقد أنه يرتبط ارتباطا وثيقا باستمرار قيادته لجناح اليمين السياسى يفوق فى الأهمية كل التحديات المحلية والدولية الأخرى، التى تواجه إسرائيل. وإذا صحت الأنباء عن استعداده لقبول إطار كيرى الحالى لاتفاق تفاوضى، فهو دليل على دهاء نتنياهو التكتيكى، وليس على تحوله. ولن تكون البراجماتية الجديدة، الذى تنسب إليه سوى نفس خدعة توفير وقت إضافى لتعميق المشروع الاستيطانى والتمهيد لإلقاء اللوم على الفلسطينيين بسبب فشل محاولة كيرى.
وبعبارة أخرى، سوف يكون متسقا مع استمرار السيطرة الإسرائيلية على إسرائيل الكبرى.
وبالنسبة للتهديد الذى يشكله قبول نتنياهو إطار كيرى لبقاء حكومة نتنياهو الائتلافية، فالحزب الوحيد الذى يحتمل أن ينسحب فى هذه الظروف هو البيت اليهودى برئاسة نفتالى بينيت؛ وهو حزب يمكن لنتنياهو استبداله بسهولة (يعلن رئيس حزب العمل الجديد، اسحاق هرتسوج، بانتظام، عن استعداده للانضمام إلى حكومة نتنياهو). وليس هناك ما يمكن أن يسعد نتنياهو أكثر من رحيل بينيت، الرجل الذى يكرهه.
ويمكن أن تكون الوسيلة الوحيدة التى قد تتيح لكيرى تغيير تاريخ طويل من فشل الدبلوماسية الأمريكية فى إبرام اتفاق الدولتين، أن يتخلى عن فكرة أن الطرفين قادران وحدهما على التوصل إلى اتفاق دولتين معقول إذا وفرت الولايات المتحدة الصيغة الدبلوماسية المناسبة. ويجب أن تكون الولايات المتحدة قد فهمت منذ فترة طويلة أنه نظرا للاختلافات الكبيرة بين إسرائيل والفلسطينيين فى المجالات الاقتصادية والعسكرية والقدرات الدبلوماسية، فلن يمكن التوصل لاتفاق من هذا القبيل إذا ما تركا لأدواتهما الخاصة.
•••
ويرى سيجمان أن الطريقة الوحيدة، التى تستطيع الولايات المتحدة، بواسطتها، إقناع الإسرائيليين بقبول اتفاق دولتين معقول، هى بتغيير حسابات إسرائيل للتكلفة مقابل المنفعة، ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا إذا أبلغت الولايات المتحدة إسرائيل بأنها سوف تنسحب من عملية السلام الزائفة، وسوف تسمح لمجلس الأمن بتعيين حدود إسرائيل وعواقب عدم الالتزام. ومن شأن ذلك أن يسف فورا عن معقولية إسرائيلية جديدة، ربما تنقذ الطابع اليهودى والديمقراطى للدولة.
ويختتم سيجمان المقال بقوله إنه لا شك أن إسرائيل فى حاجة لمثل الإنقاذ. فهل يمكن أن يقبل واحدة من الأربعة عشر ألف مشارك فى اجتماع ايباك هذا الأسبوع فى واشنطن الادعاءات الديمقراطية لبلد يدين سكانه اليهود بتعريض الشعب الفلسطينى لنصف لقرن من القهر، الحرمان والطرد.
وسوف تحسن دولة اليهود صنعا إذا التفتت لموعظة الحكماء فى أخلاقيات الآباء: «لا تحكم على أخيك الإنسان حتى تضع نفسك فى مكانه».
الشروق