المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أزمة العلاقات الامريكية الإسرائيلية من وجهة النظر الإسرائيلية



بوفيصيل
18-11-2013, 07:07 AM
يرى منظرو علم العلاقات الدولية أمثال توماس شيلنج " بأنه لا يوجد حالة نزاع مطلق وحالة التقاء مطلق في العلاقات الدولية ، فالمصالح هي العامل الأساس لاستقرار العلاقات بين الدول " .
هناك تباين في التحليلات السياسية حول العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية وإمكانية دخول تلك العلاقات إلى التأزم لدرجة أن هناك من يطالب أمريكا بالتخلي عن إسرائيل . فالمعطيات ( الجيو - سياسية ) تشير إلى ثلاثة تطورات تحدد معالم مستقبل العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية .
وتلك التطورات الثلاثة هي :
الأول : إن المصالح القومية الأمريكية لم تعد بالضرورة متطابقة مع المصالح الإسرائيلية ، حيث تحولت الولايات المتحدة إلى لاعب إقليمي متواجد مباشرة في الشرق الأوسط بعد احتلالها للعراق وأفغانستان .
وتشكل تلك الرؤية نسفاً لوجهة النظر التي تقول بأن العلاقات بين أمريكا وإسرائيل تتجاوز أسس ومحددات العلاقات العادية ... فإسرائيل تعتبر أحد مكونات السياسة الداخلية الأمريكية وهي متجذرة في النسيج الاجتماعي والقيمي والديني للولايات المتحدة ، وهذا قد يفسر دور اللوبي اليهودي الذي يقف وراءه أكثر من (60) مليون مسيحي صهيوني يؤمنون بأن عودة المسيح مرتبطة بتجميع اليهود في فلسطين .
ولكن لا يجوز التسلم بوجهة النظر تلك ، فتبقى الولايات المتحدة دولة عظمى لها مصالحها الإستراتيجية العليا التي قد لا تلتقي بالمحصلة مع المصلحة الإسرائيلية .
الثاني : التصريحات التي أطلقتها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون خلال مؤتمر منظمة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة ( ايباك ) حول مسألة الحرب والسلام في الشرق الأوسط .
ربما كانت المرة الأولى في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي التي يتحدث فيما مسؤول أمريكي رفيع المستوى عن أن الحرب ليست في مصلحة إسرائيل .
وكانت القوة العسكرية الإسرائيلية إبان الحرب الباردة أهم ورقة تستخدمها الولايات المتحدة لردع خصومها ، وهذا النهج استمر حتى عهد الرئيس الأمريكي بوش الابن ولكن نتائجه لم تكن مشجعة بعد أن اتضح محدودية القوة العسكرية خلال حرب لبنان الثانية عام (2006) .
وكان قائد القيادة الوسطى الأمريكية المسؤولة عن العمليات في الشرق الأوسط وأفغانستان الجنرال ديفيد بترايوس قد ابلغ الكونغرس الأمريكي بأن رفض تل أبيب للسلام ودفعها الأمور إلى حافة الحرب سيعرض أمن الجنود الأمريكيين إلى الخطر في كل منطقة الشر ق الأوسط .
وحسب قوله : " إن العلاقة مع إسرائيل مهمة ولكنها ليست بنفس أهمية أرواح الجنود الأمريكيين " .
الثالث : خطاب نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن في جامعة
بار – ايلان الذي قال فيه بأن السلام ( الإسرائيلي – العربي ) هو مصلحة قومية أمريكية عليا .
إن مثل تلك التصريحات تعني تبنياًً رسمياً لوثيقة بيكر – هاملتون التي اعتبرت أن الولايات المتحدة لا تستطيع تحقيق مصالحها في الشرق الأوسط من دون تسوية الصراع (العربي – الاسرائيلي ) الأمر الذي يدفع إلى طرح

السؤال : انتم معنا أيها الإسرائيليون الأعزاء أم علينا حسب ما ذكره المحلل السياسي بن كسبيت في صحيفة معاريف (26/3/2010).
هناك تباين حقيقي بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول طبيعة الصراع وشكله في المنطقة ، وهو يفسر العديد من نواحي التباين بين الجانبين حيال كيفية معالجة المشاكل الإقليمية كافة ابتداء من ايران ومروراً بسوريا وانتهاءً بالمسألة الفلسطينية
وسأتطرق في هذه الدراسة إلى ملامح أزمة العلاقات ( الأمريكية – الإسرائيلية ) منذ بداياتها وتداعياتها على ملف الشرق الأوسط ومستقبل تلك العلاقات وذلك حسب رأي كبار المحللين السياسيين والاستراتيجيين في إسرائيل كما جاء في الصحافة الإسرائيلية .
أولاً : " بداية الخلاف الأمريكي – الإسرائيلي "
أشار المحلل السياسي بن كسبيت في صحيفة معاريف (18/3/2010) إلى " أن بداية الأزمة الأمريكية – الإسرائيلية قد بدأت في أعقاب إعلان إسرائيل عن بناء (1600) وحدة سكنية في حي رامات شلوماه بالقدس الشرقية خلال زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل " .
وجاء في الصحيفة : " أكد مصدر أمريكي رفيع المستوى بأن الأحداث الأخيرة تثبت بأن التحالف بين نتنياهو وحزب شاس الديني أهم كثيراً من مصالح إسرائيل الإستراتيجية بما في ذلك العلاقات مع الولايات المتحدة . وحسب المصدر فإن الأمريكيين سيقترحون على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن يتخذ خطوة حقيقية ربما تكون المطالبة باستقالة وزير الداخلية ايلي يشاي من منصبه وذلك لأنه العامل الأساس في حدوث الأزمة بين إسرائيل
والولايات المتحدة " .
وحسب رأي بن كسبيت فقد طرأ انفراج في الأزمة بين إسرائيل
والولايات المتحدة من خلال التصريحات التي أطلقها الرئيس الأمريكي في مقابلة مع محطة فوكس ، حيث قال : " يختلف الأصدقاء أحياناً ، حيث توجد اختلافات مع إسرائيل حول سًبل التقدم في المسيرة السلمية ولكن يتوجب على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني اتحاد قرارات لإعادة الثقة بينهما " .
وحسب رأي المحلل السياسي جدعون ليفي في مقال لصحيفة هآرتس (18/3/2010) " فإن الحديث لا يدور حول مستقبل (1600) وحدة سكنية بل حول مستقبل إسرائيل " .
وحسب استطلاع مقياس الحرب والسلام – صحيفة يديعوت احرونوت (23/3/2010) فإن (81%) من الإسرائيليين يعتقدون بأن قرار وتوقيت البناء في حي رمات شلوماه بالقدس كان خاطئاً .

ثانياً : " أسوأ أزمة في ( العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية ) منذ أكثر من (35 )عاماً " .
ذكر المحلل السياسي في صحيفة هآرتس باراك رابيد (15/3/2010) " بأنه على الرغم من محاولات مكتب رئيس الوزراء التقليل من حدة الأزمة مع واشنطن على خلفية الإعلان عن بناء (1600) وحدة سكنية في القدس الشرقية فقد قدر السفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل اورن في اتصالات هاتفية مع القناصل العامين الإسرائيليين في الولايات المتحدة بأن هناك حالياً أسوأ أزمة في العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية منذ أكثر من (35) عاماً .
وحسب الصحيفة فقد تصاعدت وتيرة التصريحات القاسية لمسؤولين في الإدارة الأمريكية ضد إسرائيل . فقال كبير مستشاري الرئيس الأمريكي ديفيد اكسلورد بأن الأعمال الإسرائيلية التي تم تنفيذها عن قصد تهدف للمس بالمسيرة السلمية ، كما قال الناطق باسم البيت الأبيض روبرت جيمس بأن هناك حاجة إلى مزيد من خطوات إعادة الثقة بين إسرائيل والولايات المتحدة .
وحسب رأي الكاتب كما جاء في الصحيفة فإن الإدارة الأمريكية قد طلبت من الحكومة الإسرائيلية ستة مطالب أساسية هي :
الأول : عدم الإعلان عن بناء (1600) وحدة سكنية بالقدس الشرقية اثناء زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل . فالأمريكيون مهتمون بتلقي إجابة رسمية من إسرائيل فيما إذا كان خطأ بيروقراطي ام سبق إصرار متعمد . وكان نتنياهو قد أعلن عن تشكيل لجنة تحقيق لتقصي الحقائق حول ذلك الأمر .
الثاني : إلغاء قرار اللجنة اللوائية للتخطيط فيما يتعلق ببناء (1600) وحدة سكنية في حي رمات شلوماه بالقدس الشرقية .
الثالث : ضرورة قيام إسرائيل باتخاذ خطوات ( حسن نية ) ملموسة تجاه الفلسطينيين لاستئناف المفاوضات ، وتشمل تلك الخطوات :
1- إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين .
2- الانسحاب من مناطق أخرى من الضفة الغربية .
3- إزالة مزيد من الحواجز في الضفة الغربية .
4- تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة .
5- فتح مكتب التجارة الفلسطيني في القدس الشرقية .
6- وقف هدم البيوت والمباني الفلسطينية في القدس الشرقية .
الرابع : الإعلان الرسمي الإسرائيلي بأن المفاوضات التي ستجري مع السلطة الفلسطينية حتى في حال كونها غير مباشرة ستشمل كل المسائل
مثار الاختلاف بين الجانبين وهي الحدود والقدس واللاجئين والتسوية الأمنية .
الخامس : تحويل المفاوضات غير المباشرة لاحقاً إلى مفاوضات مباشرة .
السادس : إيجاد إطار يتم من خلاله فرض تسوية دائمة على الجانبين يتم بلورتها من قبل الأمريكيين .

ثالثاً : " محاور رسالة التحذير الأمريكية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو " .
قال المحلل السياسي الوف بن في صحيفة هآرتس (14/3/2010) :
" حقاً لقد وصل نتنياهو إلى نقطة الحسم بين عقيدته اليمينية وتحالفه مع اليمين المتطرف وبين الحاجة للدعم الأمريكي . إن مأزق نتنياهو صعب جداً ، ففي حالة إعلانه تجميد الاستيطان وحتى تقييد البناء الاستيطاني في القدس الشرقية فإن عقد ائتلافه الوزاري الهش سوف ينهار . وفي حال مواجهة نتنياهو مع الإدارة الأمريكية فإنه يعرض التعاون الأمني بين إسرائيل والولايات المتحدة إلى مخاطر جسيمة وتحديداً على ضوء التهديد النووي الإيراني " .
وحسب رأي الوف بن فقد جاءت رسالة التحذير الأمريكية لنتنياهو عبر المحاور الأساسية الأربعة التالية :
وفيما يلي تلك المحاور هي :
الأول : رسالة التوبيخ من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون خلال مباحثات هاتفية مع نتنياهو ، حيث اعتبرت بناء الوحدات الاستيطانية خلال زيارة نائب الرئيس الأمريكي بمثابة إذلال له ، واعتبرت تلك الخطوة غير صحيحة .
الثاني : استدعاء السفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل اورن إلى وزارة الخارجية الأمريكية ، حيث تباحث معه نائب وزير الخارجية جيم ستاينبرغ حول مسألة بناء وحدات استيطانية في القدس الشرقية .
الثالث : شجب اللجنة الرباعية للخطوة الإسرائيلية .
الرابع : تصريحات وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لمحطة
( c.n.n) التي تضمنت عبارات توبيخ علنية لرئيس الوزراء .

بوفيصيل
18-11-2013, 07:08 AM
رابعاً : " زيارة مهينة لنتنياهو الى واشنطن " .
قد يبدو أن جوهر الخلاف بين إسرائيل والإدارة الأمريكية يتمحور بصورة خاصة حول الرفض الإسرائيلي تجميد البناء في القدس الشرقية ولكن الوقائع تشير إلى انه أوسع من ذلك بكثير وبأنه يشمل نقاطاً كثيرة وجذرية تتجاوز مسالة النزاع الفلسطيني والإسرائيلي الى كيفية مواجهة الخطر النووي الإيراني والانعكاسات السلبية للسياسات الإسرائيلية في المنطقة على الدور الأمريكي في الشرق الأوسط .
وحسب رأي المحلل السياسي باراك رابيد في مقال بصحيفة هآرتس (15/3/2010) " فإن الاجتماع الذي عقد في البيت الأبيض بين نتنياهو والرئيس الأمريكي بتاريخ 24/3/2010 كان فاشلاً ، حيث كان ذلك الاجتماع بعيداً عن كاميرات التصوير ولم يكن هناك مجاملات وابتسامات . وكان المحور الأساس في الخلافات يتعلق بالبناء في القدس الشرقية ، حيث طلب الرئيس الأمريكي من نتنياهو مزيداً من التوضيحات فيما يتعلق بالتزام الحكومة الإسرائيلية بمراقبة البناء في القدس الشرقية بينما طلب نتنياهو من الرئيس الأمريكي توضيح المطالب الأميركي التي قدمتها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في أعقاب الأزمة بين البلدين والتي تتعلق بمبادرات " حسن نية " إسرائيلية تجاه السلطة الفلسطينية ، وكذلك الاستعداد لبحث كل القضايا مثار الخلاف بين الجانبين مثل الحدود والقدس واللاجئين والتسوية الأمنية في المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين " .
وحسب رأي رابيد " فإن هناك عاملاً آخر كان له الأثر البالغ في توتر المفاوضات وهو الخطاب الذي ألقاه نتنياهو في مؤتمر اللوبي – اليهودي في الولايات المتحدة الذي قال فيه بأنه لن يتخلى مطلقاً عن البناء في القدس ، حيث قال : " إن العلاقة بين الشعب اليهودي ولقدس لا يمكن إنكارها ، فالقدس ليست مستوطنة ، وهي عاصمة إسرائيل والشعب اليهودي منذ (3000سنة) . وطرأ تطور أدى إلى زيادة التوتر بين الجانبين الأمريكي والإسرائيلي ، حيث تم الإعلان عن خطة جديدة لبناء (20) وحدة سكنية في نطاق فندق شبارد بحي الشيخ رضوان بالقدس الشرقية ، ولم يكن نتنياهو يعرف قبل لقائه مع الرئيس الأمريكي معلومات حول خطة البناء الجديدة " .
وخير وصف لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي المهينة للولايات المتحدة ما ذكره المحلل السياسي بن كسبيت في صحيفة معاريف (25/3/2010) ، حيث قال : " حصل نتنياهو في البيت الأبيض على معاملة رئيس غينيا
المنبوذة ، دخل وخرج تقريباً بالسر ، فكمين أوباما أعد بعناية ونفذ بدقة
فتاكة . أما وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون فقد أعدت الأرضية فيما نائب الرئيس الأمريكي جون بايدن شدد من التلميحات ، وبعد ذلك جاء الرئيس أوباما وحطم الأواني .
إن العَرَق الذي تراكم في السفارة الإسرائيلية في واشنطن ( حيث عقد نتنياهو وايهود باراك اجتماعاً مغلقاً بينهما ) كفيل على الأقل بحل أزمة المياه في إسرائيل " .
خامساً : " تحول دراماتيكي في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل " .
جاء في مقال بصحيفة هآرتس (29/3/2010) للمحلل السياسي آري شابيط " بأنه ينظر في إسرائيل إلى المطالب الأمريكية بأنها ليست خطيرة فحسب وإنما تمثل نمطاً جديداً من الدبلوماسية الأمريكية ، حيث أن هناك توجهاً لدى البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية للطلب من حلفاء إسرائيل في أوروبا وعلى رأسهم ألمانيا بالضغط على إسرائيل ، وعزلها إذا استدعى الأمر .
وأضاف آري شابيط قائلاً : " تدعي إسرائيل بأن السياسات الجديدة للإدارة الأمريكية تحمل في طياتها التزامات تتناقض بالمطلق مع التزامات الإدارة الأمريكية السابقة مثل رسالة الرئيس جورج بوش لرئيس الوزراء الأسبق ارئيل شارون عام (2004) ، وتتناقض تماماً مع الخطوط الأساسية لأفكار الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون عام 2000 لحل الصراع . وحسب تقديرات إسرائيلية رفيعة المستوى فإنه من المتوقع ان تكون تداعيات السياسة الأمريكية الجديدة تجاه إسرائيل مزيداً من التصلب في مواقف الفلسطينيين . وهناك تقديرات أخرى في إسرائيل بأن مواقف الإدارة الأمريكية الجديدة قد قوضت بشكل أساس السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه حلفائها منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية "

سادساً :" إشكالية العلاقة بين اوباما ونتنياهو ".
أشار ديفيد ماكوفنسكي من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط في مقال لصحيفة هآرتس ( 13/4/2010 ) بان إشكالية العلاقة بين الرئيس الأمريكي باراك اوباما ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تقف في مركز التوتر القائم حالياً في العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية .
وحسب رأى ديفيد ماكوفنسكي فإن هناك ثلاثة مجالات أساسية تتمحور فيها الخلافات بين اوباما ونتنياهو وتلك المجالات هي :
الأول :" العلاقة بين الرؤية والثقة ".
من المهم وجود تفاهم بين أوباما ونتنياهو في رؤية حل الدولتين لكي يعرض كإنجاز استراتيجي قابل للتطبيق ، وحسب الاعتقاد فان هناك غباراً في الرؤية المشتركة لحل الدولتين وايضاً هناك غياب الثقة مما يقلص فرصة بلورة رؤية مشتركة .
الثاني :" مدى الحاجة الملحة للتوصل الى تسوية ".
يتضح وجود اختلاف في وجهات النظر بين أوباما ونتنياهو في مسألة مدى ودرجة الحاجة الملحة للتوصل الى تسوية ، حيث لا يمكن الفصل بين ذلك الأمر وبين الرؤية المشتركة .
يعتقد الرئيس الأمريكي بأنه يعمل أيضاً لمصلحة إسرائيل باعتبار أن حل الدولتين سيقوّض المشكلة الديمغرافية في إسرائيل وهو يعتقد كذلك بان فشل قيادة السلطة الفلسطينية سيعزز من سلطة حماس ، كما يعتقد الرئيس الأمريكي بأن التقدم في المسيرة السلمية سيساعد في إيجاد مناخ إقليمي يضعف ايران .
الثالث : " العلاقة بين السياسة الداخلية والخارجية ".
لا يرى الرئيس الأمريكي وجود قيود سياسية داخلية (الائتلاف الحكومي) أمام نتنياهو تعيق دفع المسيرة السلمية ، وحسب اعتقاد أوباما فإن هناك خياراً أمام نتنياهو لضم حزب كاديما برئاسة تسيبي لفني أم حكومته . وبناءً على ما سبق فإن اعتقاد أوباما يقوم على أساس أن نتنياهو يفرض تلك القيود على نفسه.
سابعـاً: حجم المساعدات الأمريكية لإسرائيل وتداعياتها على مستقبل العلاقة بينها .
لوحت الإدارة الأمريكية السابقة بتخفيض حجم المساعدات الأمريكية لإسرائيل في حال عدم التقدم في المسيرة السلمية مع الفلسطينيين ابان حكومة ايهود اولمرت.
وكانت وقد وقعت مذكرة تفاهم بين الولايات المتحدة وإسرائيل
عام ( 2007 ) تتضمن منح إسرائيل مساعدات تصل إلى (30) مليار دولار خلال فترة زمنية تمتد الى عشر سنوات .
وقد حصلت إسرائيل عام ( 2009 ) على مبلغ (2.5) مليار دولار ، تقرر حصولها عام ( 2010 ) على مليار دولار ، وسيصل هذا المبلغ إلى ( 3) مليارات تدفع سنوياً بشكل منتظم وثابت .
وحسب رأي المحلل السياسي امير اورن في مقال بصحيفة هآرتس
( 21/4/2010 ) فإن ديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء في إسرائيل قد استوعب جيداً مسألة أمن إسرائيل ،ولذلك بادر إلى التخلي عن وهم " مملكة إسرائيل الثالثة " وانسحب من سيناء وقطاع غزة عام ( 1956 ) بضغوطات
أمريكية – سوفييتية ".
وأضاف اورن قائلاً: "لقد استوعب ديفيد بن غوريون التناقض بين احتلال الأرض وتوسيع حدود الدولة وبين الحاجة لتقسيم الأرض للحيلولة دون التصادم مع القوى العظمى الداعمة لإسرائيل ".
واختم اورن مقاله قائلاً : " لقد ذكرتنا وزيرة الخارجية الأمريكية في رسالة التهنئة لإسرائيل بمناسبة الذكرى الثانية والستين لقيامها باعتراف الرئيس الأمريكي هاري ترومان السريع بدولة إسرائيل ، بعد دقائق قليلة من إعلان ديفيد بن غوريون الاستقلال ".
وحسب رأي المحلل السياسي في صحيفة هآرتس ألوف بن (14/3/2010) "فإن مواجهة نتنياهو مع الإدارة الأمريكية سيعرض التعاون الأمني بين إسرائيل والولايات المتحدة الى مخاطر جسيمة وتحديداً على ضوء التهديد النووي الإيراني ... يدرك نتنياهو حاجة طائرات سلاح الجو الإسرائيلي الى وقود والى قطع غيار ، كما يدرك ايضا حاجة الجبهة الداخلية في إسرائيل الى منظومة ردع ضد الصواريخ المعادية المتوقع وصولها من
واشنطن ، والاهم من كل ذلك فإن نتنياهو يدرك جيدا بأنه لا يوجد له حليف في مواجهة ايران سوى الولايات المتحدة .
ثـامناً : أغلبية الجمهور اليهودي في الولايات المتحدة يؤيد سياسية أوباما فيما يتعلق بالأزمة الحالية مع إسرائيل .
أظهر استطلاع نشر في صحيفة هآرتس (13/4/2010 ) بأن ( 78% ) من الجمهور اليهودي في الولايات المتحدة يؤيدون سياسة الرئيس اوباما فيما يتعلق بالأزمة الحالية في العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة .
كما اظهر الاستطلاع بأن ( 57% ) من الجمهور اليهودي في الولايات المتحدة راضون عن أداء الرئيس الأمريكي لمهام منصبه مقابل ( 38% ) غير راضين . واظهر الاستطلاع بأن 55% من الجمهور اليهودي في الولايات المتحدة راضون عن أسلوب الإدارة الأمريكية في معالجة العلاقات مع إسرائيل ، ومع ذلك أعرب ( 57% ) من المستطلعة آراؤهم عن تأييدهم لسياسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مقابل ( 30% ) أعربوا عن معارضتهم لتلك السياسة .
وفيما يتعلق بسياسة أوباما تجاه ايران، قال ( 53% ) من الجمهور اليهودي في الولايات المتحدة بأنهم يؤيدون عملاً عسكرياً ضد ايران مقابل معارضة ( 42% ) وفيما يتعلق بالعلاقة بين إسرائيل والفلسطينيين اظهر الاستطلاع بان (48%) من يهود الولايات المتحدة يؤيدون إقامة دولة فلسطينية مستقلة مقابل معارضة ( 45% ).
تاسـعاً : " مستقبل العلاقات (الأمريكية - الإسرائيلية )" .
يتردد المحللون السياسيون في تقديراتهم لحدود ما أسموه أزمة العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة بين نظرتين هما : نظرة متشائمة لا ترى فيها سوى خلاف عرضي بين حليفين استراتيجيين ، ونظرة متفائلة تنظر إليها بوصفها بداية مواجهة أمريكية – إسرائيلية قد تقود إلى انقلاب واشنطن على حليفتها أو على الأقل إكراه تل أبيب على الاصطفاف وراء إستراتجيتها بدل أن تورطها هذه في مواجهة جديدة .

واستعرض المحلل السياسي في صحيفة هآرتس الوف بن(25/4/2010 ) ملامح مستقبل العلاقات الأمريكية –الإسرائيلية، وحسب قوله: " يريد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقد صفقة مع الإدارة الأمريكية لتهدئة الخلافات العلنية بين البلدين، كما يعمل الرئيس الأمريكي باراك اوباما على إصلاح العلاقات مع إسرائيل بعد تصاعد وتيرة الضغط والغضب الأمريكيين على إسرائيل . وكان نتنياهو قد رفض تجميد البناء في القدس الشرقية وعرض على أوباما رسالة مصالحة لإسرائيل تتضمن رغبته الجدية بإنهاء الأزمة بين البلدين ".
وفيما يلي المكونات الأساسية للصفقة الغامضة لترميم العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة حسب ما جاء في الصحيفة :
أولاً: تقترح إسرائيل تحقيق تسوية مؤقتة جديدة في الضفة الغربية تؤدي بالنتيجة إلى إقامة دولة فلسطينية بحدود مؤقتة مقابل تأجيل بحث مسألة القدس".
وحسب تقديرات نتنياهو فإن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) ليس مؤهلاً للتقدم في التسوية الدائمة ولذلك فإنه يتهرب بطريقة غير مباشرة من استئناف المفاوضات . وقد أوضح نتنياهو للأمريكيين بأنه جاد لتحقيق التسوية الدائمة ، ولكن لا يوجد شريك فلسطيني ، وبالنهاية لا مناص من تحقيق التسوية المؤقتة .
ثانياً:"تحديد مجالات الخلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة للحيلولة دون شروخات تشوش علاقات الصداقة بينهما ".
وكان مستشار الأمن القومي الأمريكي الجنرال جيمس جونز قد ألقى الأسبوع الماضي خطاباً في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط قال فيه :
" نعم يوجد خلافات أمريكية – إسرائيلية ولكن نستطيع حلها كدولتين حليفتين " . أما بشأن المسار الإسرائيلي – الفلسطيني ، فقال جونز :" أدعو الجانبين للامتناع عن الاستفزازات مثل بناء المستوطنات بالقدس الشرقية والتحريض الفلسطيني ".
ثالثاُ: " تصلب المواقف الأمريكية تجاه إسرائيل وسوريا بهدف كبح جماح المشروع النووي الإيراني ،والحيلولة دون اشتعال حرب في الشمال، وتوطيد العلاقات الأمنية مع إسرائيل ".

بوفيصيل
18-11-2013, 07:09 AM
وجاء في خطاب مستشار الأمن القومي الأمريكي الجنرال جيمس جونز ، حيث اقتبس جملة للرئيس اوباما :" الولايات المتحدة مصممة على منع ايران من تطوير السلاح النووي ". كما أكد جونز التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل ،وأثنى على التعاون الميداني مع " أصدقائي في الجيش الإسرائيلي " ومساهمته المهمة بأمن أمريكا .
نقطة التحول في الموقف الأمريكي كانت في المقالات التي نشرها عضوا " طاقم مفاوضات السلام " أيام الرئيس الأسبق بيل كلينتون ، وهما ارون ميلر ومارتن انديك ، وهما ليسا متعاطفين مع نتنياهو أو مع حزب الليكود ، حيث وجه الاثنان انتقادات لسياسة اوباما وعرضا له بدائل بدلاً من تحطيم محاولات التقدم للتسوية الدائمة بين إسرائيل والفلسطينيين .
وقال ميلر :" هناك مسائل أكثر أهمية لأمريكا من الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني مثل أفغانستان والعراق وطبعاً المواجهة مع ايران " وحذر ميلر من ممارسة ضغوط أمريكية على إسرائيل لتقديم تنازلات فيما يتعلق بالقدس والحدود لان ذلك سيدفعها للعمل من جانب واحد ضد ايران .
وجاء في خطاب مستشار الأمن القومي أمام معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط :" حان الوقت لقادة المنطقة أن يتحلوا بالشجاعة ويحذوا حذو أنور السادات والملك الحسين واسحق رابين ".
وكتب الدكتور عوديد عيران رئيس مركز دراسات الأمني الوطني والسفير الأسبق في الأردن مقالاً في صحيفة يديعوت احرونوت(15/3/2010) بعنوان "سجل مفتوح بالعلاقات الأمريكية

– الإسرائيلية" قال فيه :" تضمن خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي ألقاه في جامعة تل أبيب على نقطتين جوهريتين هما :
الاولى : هناك حاجة ماسة لإجراء توازن أمام خطاب الرئيس الأمريكي باراك اوباما في جامعة القاهرة .
الثانية : التذكير بالسجل الحافل الأمريكي بدعم إسرائيل خلال العقود الأربعة الماضية ، وكانت النتيجة انه تلقى صفعة من الإسرائيليين .
واختتم عيران مقاله بتأكيدات نائب الرئيس الأمريكي " بأن على إسرائيل أن لا تخطيء بحق الصديق ،ويظهر جلياً في هذه المرحلة فتح سجل مفتوح للعلاقات الأمريكية – الإسرائيلية سيتضمن حسابات كثيرة ".

الخاتمــــــــة

صحيح ان الأزمة الحالية في العلاقة ليست الأولى بين حكومة إسرائيلية وإدارة أمريكية ، ولكن هذه الأزمة تحدث في ظل تراجع وضع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل في ميزان القوى الدولي ، حيث تورطت الولايات المتحدة في المستنقعين العراقي والأفغاني ،أما إسرائيل فقد انكشفت حدود قوتها في حرب لبنان الثانية عام ( 2006 ) .
وتعتبر إدارة أوباما بأن حل الصراع العربي – الإسرائيلي بات يشكل جزءاً من أمنها القومي باعتباره يسهل لها حل الأزمات الأخرى من أفغانستان وباكستان إلى العراق ولبنان ويسهم في تعزيز مكانتها في الشرق الأوسط .
وتقف إسرائيل في مواجهة إدارة مختلفة لا تجامل وتختزن تجربة عقدين من المفاوضات والتملصات الإسرائيلية ، ويبدو أن هذه الإدارة ترى بأن محاباة إسرائيل تؤثر سلباً على هيبة الولايات المتحدة وعلى مكانتها في المنطقة العربية . لذا لم يعد غريباً سماع عبارات من نوع ان " أوباما مل لعبة الوقت " كما جاء في افتتاحية صحيفة معاريف ( 27/3/2010 ) .
وأخيراً ، إن التجاذب الأمريكي – الإسرائيلي يتمحور في هذه المرحلة حول أولوية السياسة الشرق أوسطية بين ايران وفلسطين لا سيما وأن أدارة أوباما تتحسب للتداعيات التي تنجم عن انسحابها من العراق وضمن ذلك خطر السيطرة الإيرانية على العراق وتهديد دول الخليج . وحسب رأي المحلل السياسي يوئيل ماركوس في مقال بصحفية هآرتس(26/3/2010) :" فإن الخطاب الأمريكي لإسرائيل يتضمن : هل تريدون مساعدتنا في ايران ؟، تعهدوا بتسوية مع الفلسطينيين ".

youniss
21-11-2013, 03:39 PM
تلمود العم سام لمنير العكش

بوفيصيل
13-12-2013, 11:46 PM
قرأت تصريحات يوفال ديسكن، رئيس المخابرات السابق والتي يقرر فيها بان العناية بالموضوع الفلسطيني اكثر الحاحا من العناية بالجبهة الايرانية، وأنا اختلف معه.
اولا، يحتمل أحيانا وضع يكون فيه هدفان ذوي اهمية مشابهة. والعرض الذي يكون فيه هدف واحد افضل من الثاني، في ظروف ساحة سائلة، ليس صحيحا من ناحية منطقية. برأيي الهدفان اللذان اعرفهما كـ ‘الغاء خطر تحول ايران الى قوة عظمى حافة نووية’ من جهة و ‘الوصول الى توازن معين مع الفلسطينيين’ من جهة اخرى هما ذوا وزن حاسم. ومع ذلك، اعتقد بان العناية بالخطر الايراني توجد اولوية اعلى وبشكل واضح.
ايران على حافة قدرة نووية عسكرية يمكنها أن تلحق ضررا كبيرا بدولة اسرائيل، حتى لو لم تهاجمها بقنابل نووية. وعلى مدى الزمن، من شأن الضرر باسرائيل أن يكون وجوديا. عندما تصبح ايران قوة عظمى حافة نووية، سيزيد نفوذها على العالم العربي الاسلامي. وستضطر الدول العربية الى الامتثال لامرتها بسبب الردع الذي ستكتسبه ايران تجاهها. اما العالم الغربي، بتعبه، فلن يتمكن من تجديد نظام العقوبات، واتفاقات سلام جديدة بيننا وبين دول عربية اخرى لن توقع، واتفاقات قائمة من شأنها أن تذوي وتكف. كما أن الارهاب العالمي من شأنه أن يرتفع درجة في قدراته نحو ارهاب ‘شبه نووي’، ودول مؤيدة للارهاب ستتعزز. ”’ ايران، كقوة عظمى حافة نووية، ستغير قواعد اللعب في الشرق الاوسط مرة اخرى. وسيكون هذا مرة اخرى شرق اوسط جديد يكون له تأثير على كل الاتفاقات التي وقعت او ستوقع في المنطقة. واذا ما أخذ نتنياهو بمشورة يوفال ديسكن وتوجه نحو التوقيع على اتفاق سلام مع الفلسطينيين، والذي ثمنه الاستراتيجي اثقل من الاحتمال وذلك قبل أن يعنى بالخطر الايراني، فقد يتطور سيناريوهان: الاول تدفع فيه ايران الى الغاء الاتفاق أو تدعو الى بدء مفاوضات جديدة تبدأ بشروط الاتفاق الصعب الذي سبق ان وقع كنقطة انطلاق جديدة؛ والثاني ايران تساعد حماس، التي تكون في حينه في الحكم في فلسطين على مهاجمة اسرائيل بعد ان تكون قدمت تنازلات استراتيجية ثقيلة (شجاعة على حد قول الناطقين بلسان اليسار)، وتكون قدرتها على الدفاع عن نفسها قد تضررت.
يخيل لي أن من الافضل ان نوقف الان الحملة للتسوية الدائمة مع الفلسطينيين وانتظار نتائج النشاط الاكثر الحاحا الا وهو العناية التي لا هوادة فيها بالتحول النووي العسكري لايران.
واذا ما وصلنا الى المسيرة السلمية، بعد أن يزول الخطر الايراني، فاننا سنعرف بقين اكبر في أي شرق اوسط نحن نعمل، وسنعرف بشكل افضل حدود التنازلات للفلسطينيين. ليس لنا اليوم أي فكرة الى اين يسير الشرق الاوسط، واي استراتيجية نتخذ في موضوع المفاوضات مع الفلسطينيين.
سيكون هناك من يقولوا ان ايران تتوجه الى التعايش مع الغرب ووجهتها نحو السلام انطلاقا من الخوف من انقلاب يأتي بسبب أزمة اقتصادية للجماهير في بلادنا. غير أن هذا مجرد تخمين.
ان انعدام اليقين الذي ينشأ عن التهديد الايراني يحملني الى الاستنتاج بان يوفال ديسكن مخطيء. على نتنياهو ان يعالج اولا التهديد الايراني، وفقط بعد ذلك يقرر اذا ما وكم يمكن التنازل في المفاوضات مع الفلسطينيين.’

عوديد تيرا
معاريف 12/12/2013

بوفيصيل
01-01-2014, 02:57 PM
نفاق امريكي
رؤوبين بارك
december 30, 2013
‘حينما نكلم الامريكيين في الافراج عن بولارد نتلقى أجوبة قاطعة تقول إن الحديث عن شأن داخلي امريكي، وإن مواطنا تجسس لمصلحة دولة اجنبية يجب أن يعاقب عقابا شديدا. ويقولون إن استعمال عميل يجعل صورة الجماعة اليهودية مشكوكا فيها كان خطأ. وإن ابقاء بولارد في سجنه ينبع من الحاجة الى ردع اليهود المندمجين اندماجا جيدا في المؤسسة الامبريالية عن عمل مشابه. لكن الافراج عن بولارد عند الاسرائيليين هو اليوم قضية قيمية تتصل بتراث ‘افتكاك الأسرى’ اليهودي القديم. وحينما يفرج عنه سيتبنونه مواطنا وضحية لخطأ اعترفوا به علنا. وتتجاهل المؤسسة الامريكية هذا الألم بقسوة وهي تعلم أن بولارد لم يعرض امريكا للخطأ بل اخطأ بمساعدة اسرائيل وهي حليفة ومطلعة على أخفى أسرارها، في حربها للارهاب. لن يفرج عن بولارد قبل موعد الافراج حتى بدقيقة واحدة. وفي مقابل ذلك فان الامريكيين مستعدون لتدخل في شؤون اسرائيل الداخلية للافراج عن قتلة فلسطينيين سجنتهم سيصبحوا عند الافراج عنهم قدوة لأبو مازن ونشطاء ارهاب آخرين.
‘أفرج الامريكيون، وهذا محزن، منذ كان سجن بولارد عن جواسيس أضروا بأمنهم. وهم خصوصا الذين يزعمون أن الحديث عن ‘شأن داخلي’، يطلبون الآن الى اسرائيل أن تفرج عن ارهابيين قتلوا مواطنين اسرائيليين، وذلك في اطار خطة سلام هاذية. ولا شك في أنه من الواضح للامريكيين ايضا أن الحديث عن خطوة مدمرة عميقة في شؤون اسرائيل الداخلية تضعف مواطنيها وتشجع الارهاب الفلسطيني والاسلامي.
‘وفي هذه الاثناء وكما يقول المثل العربي ‘زاد الامريكيون الطين بلة’. فقد تبين بمساعدة المسرب الامريكي سنودن للجميع أن الامريكيين خصوصا الذين يشفقون ‘على شؤونهم الداخلية’ ينبشون (بأظفار غير مقلمة) في شؤوننا الداخلية وتشتغل اجهزة استخباراتهم بتغطية استخبارية لزعماء واهداف امنية واجتماعية في اسرائيل بواسطة عملاء واجهزة الكترونية. فليقم من فاجأه النفاق.
‘إن الباعث الامريكي القوي حول ‘المشكلة الفلسطينية’ يبدو عجيبا ولا سيما على خلفية الضعف الامريكي في قضايا جوهرية في الشرق الاوسط وانهيار الثقة بينهم وبين الدول العربية. فقد بين ‘الشتاء العربي’ للجميع وللامريكيين ايضا أن ‘المشكلة الفلسطينية’ لا توجد حتى في هوامش الاهتمام في منطقتنا النازفة التي يذوي فيها اللاجئون الحقيقيون ملايين. إن البواعث المجهولة للضغط الامريكي والاوروبي على اسرائيل كي لا تبني في المستوطنات التي ستشتمل عليها التسوية السلمية أصلا والافراج عن قتلة في المقابل ودفع مصالح اسرائيلية وجودية عوض ‘رؤيا السلام’ المتخيلة هذه، تثير الشك والصدود.
‘إن تأييد الولايات المتحدة لطلب أبو مازن الافراج عن سجناء امنيين من مواطني اسرائيل بلغ بالنفاق الى ذروته. تعلمون أن الزعيم الفلسطيني غير مستعد للاعتراف بأن اسرائيل دولة يهودية بسبب ادعاء ‘الأقلية العربية’ فيها. وهو يدعي تمثيل الأقلية العربية في اسرائيل تخصيصا باعتبار ذلك جزءا من عدم اعترافه بسيادتها. وعلى ذلك فان التدخل الامريكي في هذا الشأن الاسرائيلي الداخلي ايضا هو الوالد الوغد للنفاق والتلون. ونقول بالمناسبة إن السجناء الامنيين من مواطني اسرائيل الذين حاربوها سيلتزمون خطيا أن أبو مازن يمثلهم حقا وسيفرج عنهم فورا بصفتهم فلسطينيين فخورين، الى دولتهم.
‘يأتي جون كيري ويذهب وفي اثناء ذلك أخذت تتلاشى الطوائف المسيحية في الشرق الاوسط وتُحرق كنائسها. ويتعذب بولارد اليهودي تحت النسر الاستعماري الروماني الذي تبنته امريكا.فاذا استمر الغرب في التدهور بسبب سياسته ‘الحكيمة’ فسيكون البابا الذي يتوقع أن يزور منطقتنا هو المسيحي الاخير في الشرق الاوسط كما يبدو، وآنذاك سيمكن حصر العناية في اليهود بصورة أفضل.

اسرائيل اليوم 30-12-2013