المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جنيف2



وليد فهد
12-11-2013, 08:09 PM
كان يتوجب على مؤتمر جنيف الأول العام الماضي 2012 أن يرسي دعائم السلام في سورية. رأينا في تلك الفترة كيف تخلى حلف "ناتو" عن شهوته في قصف سورية بطريقة مماثلة لما فعله في ليبيا, تفاديا للدخول في صدام مع روسيا والصين. أما فرنسا في عهد نيكولا ساركوزي فقد تفاوضت على سحب مستشاريها العسكريين من الامارة الاسلامية في باب عمرو بحمص, مقابل استعادة ضباط فرنسيين كانوا محتجزين لدى السلطات السورية.

منطقيا, كان بوسعنا أن نعتبر أن سورية قد ربحت الجولة, وصارت قريبة من العودة إلى الوضع الطبيعي لاسيما بعد دمقرطة مؤسساتها.

مع ذلك, فقد أبدت فرنسا, عشية انتخاب فرانسوا أولاند رئيسا لها في 30 حزيران-يونيو 2012 تحفظها على تفسير البيان الختامي, الذي, ووفقا لها, كان يفترض بالحكومة الانتقالية, كي تكون مقبولة من جميع الأطراف, أن يتضمن رحيل الرئيس الأسد نهائيا.

بعد أسبوع من ذلك التاريخ, احتفل الرئيس أولاند باستقبال اللقاء الثالث "لأصدقاء الشعب السوري" في باريس, مستضيفا بوصفه نجما للحفل الصحفي الشاب أبو صلاح, مراسل قناتي فرانس24 والجزيرة, الذي أشاع الرعب والارهاب في حمص.

انتهت منذ ذلك التاريخ كل وعود ساركوزي : بما أن الجيل الرابع من الحروب ( القائمة على الأكاذيب الاعلامية) قد باء بالفشل, فقد صار لزاما الانتقال إلى نموذج الحرب النيكاراغوية عبر اغراق سورية بعشرات الألوف من المقاتلين المرتزقة الأجانب.

بناء على ذلك, كان هجوم 18 تموز-يوليو 2012 باكورة ذلك التغيير الذي أودى بحياة أعضاء مجلس الأمن القومي. ثم تلا ذلك حرب لاتزال مستعرة منذ عام ونصف العام, التهمت زهاء مئة ألف شخص.

من المتفق عليه القول أن الحرب الجارية الآن لن تنتهي بحل عسكري, طالما أن المقاتلين الذين تتم ابادتهم, يستبدلون بآخرين غيرهم.

تتحدث كل من موسكو وواشنطن هذه الأيام عن مؤتمر جنيف 2.

حسنا.

لقد اضطرت المملكة المتحدة على الانسحاب في الوقت المناسب, بموجب تصويت في مجلس العموم, وأجبرت الولايات المتحدة أمير قطر على التنازل عن العرش, وفرنسا لم تعد قادرة على الاستمرار بممارسة ضغوطاتها العسكرية منذ تورطها في مالي, أما تركيا فهي منقسمة إلى درجة أنها عاجزة عن القيام بأي عملية عسكرية واسعة النطاق, ولم يبق في الميدان إلا لاعب واحد : إنه المملكة العربية السعودية.

أرسلت الرياض مساعد وزير الدفاع لديها إلى العاصمة الأردنية عمان لكي يشكل قوات عسكرية قوامها 50 ألفا من المقاتلين المرتزقة. كانوا يتوقعون أن قصف المتمردين للغوطة بسلاح كيماوي وبمعدات تركية سوف يعطي اشارة البدء في انقلاب الوضع. لهذا اجتمع قادة التحالف في عمان لوضع خطة تفضي إلى تغيير النظام. ثم ماذا حصل؟ : لاشيء.

واقع الأمر يقول أنه, مثلما أجبرت الولايات المتحدة أمير قطر على مغادرة الساحة, مثلما كان مغريا لها اكراه السعودية على الانسحاب أيضا. لهذا سرعان ماعاد آل سعود إلى حظيرة الطاعة رغم صراخهم من الألم وإطلاقهم التهديدات العلنية باتخاذ اجراءات عقابية ضد الولايات المتحدة, بعد أن جاء إليهم جون كيري ليذكرهم بأن بقاءهم على عروشهم رهن بإرادة الغرب.

صار ممكنا بعد ذلك أن ينعقد مؤتمر جنيف 2, إما في بداية الشهر القادم كانون أول-ديسمبر, أو في نهاية الشهر الأول من العام الجديد 2014. كما صار لزاما على حلفاء الولايات المتحدة المصادقة على الاتفاق السري الذي عقد بين موسكو وواشنطن منذ عام ونصف العام تقريبا.

تييري ميسان

وليد فهد
21-11-2013, 06:34 PM
واحدة من التحديات التي تواجهها التحضيرات لانعقاد مؤتمر جنيف, هي كتابة تاريخ سورية الحديث. لهذا تسعى القوى الكبرى, سواء في حلف شمال الأطلسي أو في مجلس التعاون الخليجي إلى فرض رؤيتها للأحداث بشكل يمنحها ميزة على طاولة المفاوضات. هذا ما يفسر السيل المفاجئ للمقالات, والتقارير الموجزة في وسائل الاعلام الغربية والخليجية على حد سواء, والتي أكدوا فيها أن الأزمة السورية هي امتداد "للربيع العربي". وأن "نظام بشار" قمع بشكل دموي تطلعات شعبه إلى الديمقراطية. الأمر الذي كان يفرض على حلف شمال الأطلسي ودول مجلس التعاون الخليجي التدخل لحماية السكان المدنيين.

غير أن الحقيقة مخالفة لذلك تماما :

لقد وضعت الولايات المتحدة خطة لتدمير سورية أثناء اجتماع عقد في كامب ديفيد في 15 أيلول-سبتمبر 2001. وقد بدأت الولايات المتحدة بالإعداد لمخططها من خلال تبني قرار محاسبة سورية بتاريخ 12 كانون أول-ديسمبر 2003.

حاولوا بعد ذلك دفع سورية نحو الحرب. أولا من خلال اعتماد القرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن, وثانيا من خلال اغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري وتوجيه التهمة للرئيس الأسد شخصيا على أنه من أعطى الأمر بذلك. وعندما فشل هذا السيناريو, أوكلوا أمر شن الحرب إلى بريطانيا وفرنسا, اللتان أتمتا استعداداتهما من خلال التوقيع على معاهدة لانكستر في 2 تشرين ثاني-نوفمبر 2010. بعد ذلك, أعطت الولايات المتحدة في بداية شهر شباط-فبراير 2011, من القاهرة, إشارة البدء بالعمليات.

منذ ذلك التاريخ, وعلى مدى خمسة عشر شهرا, كان حلف شمال الأطلسي ودول الخليج يخوضون حرب الجيل الرابع اعتمادا على سيطرتهم على وسائل الاعلام الكبرى, التي جعلت العالم يعتقد, بمن فيهم الشعب السوري, أن البلد برمته قد انتفض, بينما لم يتجاوز عدد المشاركين في أكبر مظاهرة خرجت, خمسة آلاف شخص. لكنهم بفضل قناصتهم وقواتهم الخاصة تمكنوا من اقناع العالم بوقوع عمليات قمع دموي.

مع ذلك, وخلال شهري مارس-أبريل 2012, اي بعد سقوط الامارة الاسلامية في باب عمر, وبينما كان نيكولا ساركوزي يفاوض على انسحاب فرنسا, كان الشعب السوري, بدءا من شهر أيار-مايو, يشكك في مصداقية تقارير قناة الجزيرة, وصولا إلى اعلان واشنطن هزيمتها أثناء انعقاد مؤتمر جنيف في شهر حزيران-يونيو.

غير أن انتخاب فرانسوا أولاند رئيسا لفرنسا, وتعيين الصهيوني لوران فابيوس وزيرا لخارجيتها, أعاد اطلاق الحرب من جديد.

معتمدة على وكالة الاستخبارات المركزية, والجنرال ديفيد بترايوس, وخبرة السفير روبرت فورد ( مساعد جون نيغروبونتي الأسبق) أطلقت فرنسا هذه المرة, اشارة البدء لطراز جديد من

الحرب, وهو نموذج الحرب النيكاراغوية, الذي تكلل في عقد اجتماع "أصدقاء الشعب السوري" في 6 تموز-يوليو 2012 في باريس.

كان من نتائج ذلك بعد أسبوعين, تفجير ضخم بدمشق أطاح بأعضاء مجلس الأمن القومي. ثم تلا ذلك زج 40 ألف مجاهد مرتزق, يدعمهم بضعة آلاف من السوريين, بإشراف ضباط فرنسيين وبريطانيين, في الهجوم على دمشق.

تلك كانت لحظة الحقيقة.

السوريون, الذين كانوا حتى ذلك اليوم سلبيون جدا, هبوا دفعة واحدة لمناصرة جيشهم في الدفاع عن العاصمة, ودحر الغزاة, تلا ذلك الهجوم, عام من حرب قاسية ودموية راح ضحيتها 100 ألف شهيد.

لكن بعد أن تبين لقوى حلف شمال الأطلسي ودول الخليج فشلهم مجددا, حاولوا الخروج من ورطتهم عبر خلق أزمة السلاح الكيماوي وقصف سورية تماما كما فعلوا في ليبيا. غير أن نشر قطع الأسطول الروسي قبالة الشواطئ السورية في البحر المتوسط, أجبر البنتاغون على اطلاق هجومه من مياه البحر الأحمر, الأمر الذي يعني ضرورة عبور صواريخه الأجواء السعودية والأردنية, وبالتالي اغراق حلفائهم في الحرب.

من الواضح أن انضمام الدبلوماسية الأمريكية إلى الجهود الساعية لعقد مؤتمر جنيف 2 دليل على عدم رغبة واشنطن بالانخراط في الصراع الاقليمي.

تييري ميسان
ترجمة

بوفيصيل
22-11-2013, 07:19 AM
اخي وليد السلام عليكم ورحمة الله
بخصوص جينيف 2 على حسب ظني انه لن ينعقد ولم ولن يكتمل نصابه الا بحضور ايران والسعودية وهذا الامر لن يتم لذلك قامت مجموعات القاعدة بتفجير السفارة الإيرانية لتعطيل انعقاد جنيف 2 والذي اذا تم سوف يكون منقوصا في عدم تواجد ايران والسعودية وكله تضييع للوقت والذي تلعب عليه امريكا لترسيخ مشروعها على نار هادئة وقد تطول لمدة تتعدى ال ستة شهور تزامناً مع المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية

وليد فهد
13-01-2014, 08:45 PM
غير أن الوضع أكثر تعقيدا, والسبب في ذلك يعود إلى تفكك ماتبقى من تحالف دولي مناهض لسورية, بشكل دفع كل واحد من هؤلاء الحلفاء السابقين إلى البحث عن وسيلة ينقذ فيها مصالحه, من وراء ظهر حلفائه السابقين.

في الواقع فإن ماتبقى من التحالف الدولي المناهض لسورية عشية انعقاد مؤتمر جنيف 2 تفتت وتلاشى, بينما الدول التي لحقت بروسيا, أو حتى بالولايات المتحدة أثناء انسحابها, أخذت أماكنها في إعادة الاعمار.

السؤال الأول الذي لابد من طرحه يتعلق بالصفة التمثيلية لوفد "المعارضة السورية".

مايتم تداوله حتى الآن, يدور حول ما اذا كان الوفد سيتشكل من ائتلاف اسطنبول, أم من المعارضة الوطنية التي رفضت التدخل الأجنبي, سواء منها معارضة الداخل أوالخارج.

صار لزاما من الآن تحديد فيما إذا كان "الائتلاف الوطني" يمثل مصالح السعودية, أم مصالح قطر, أم تركيا.

بات من الواضح على الأرض أن الرعاة الثلاثة للحرب على سورية قد انفصلوا عن بعضهم بعضا, لا بل راحوا يخوضون معارك بلا شفقة فيما بينهم, غير مكترثين البتة بقضية اسقاط الحكومة السورية التي تكاتفوا على محاربتها.

إذا كنا نتحدث هنا عن "الجيش السوري الحر" فنحن نتحدث عن شيء لاوجود له على الأرض. يبقى هناك إذن, الجبهة الاسلامية (التي شكلها مؤخرا الأمير بندر بن سلطان) وكذلك جبهة النصرة (الموالية دائما لقطر) وداعش, التي أظهرت الشرطة التركية وكذلك القضاء التركي أنها كانت تمول بشكل مخالف للقانون من قبل رجب طيب أردوغان.

في المرحلة الأولى, قامت داعش ( يعني بالوكالة عن تركيا, وتحديدا حلف ناتو) بمهاجمة مقر هيئة الجيش السوري الحر, ونهب محتوياته. الأمر الذي أدى إلى فرار قادته باتجاه قطر وأوروبا. غير أن الأمير بندر بن سلطان تمكن من استرداد بعض هذه العناصر وتشكيل الجبهة الاسلامية, بعد اضافة عناصر جدد من المرتزقة إلى هذا التشكيل الجديد. ثم تلقت داعش تعليمات بتحريك الجزء الأكبر من قواتها إلى العراق حيث استولت على الرمادي والفلوجة. وبما أن الطبيعة تكره الفراغ, فقد هرعت كل القوى, بدءا من قوات الجيش العربي السوري, إلى مليء الفراغ.

لايبدو أن الاعلام الغربي مهتم بمعرفة سبب تلقي تنظيم القاعدة, المكمل الأبدي لحلف شمال الأطلسي, الأوامر هذه المرة بمغادرة ميدان المعارك في سورية, والتوجه إلى العراق.

تحقق هذه العملية لواشنطن ثلاث مزايا في غاية الأهمية:

أولا, ستنتهي العملية بانتصار رئيس الوزراء نوري المالكي, والاستقرار المؤقت للعراق, ثانيا, سوف تؤدي إلى تقليص أعداد الجهاديين الذين سيتعرضون لخسائر فادحة في الأرواح في مواجهة جيش طازج ومجهز بشكل جيد. وثالثا, سوف تسمح هذه العملية بتصفية أحد اللاعبين الذي ليس من اللائق مشاركته في جنيف 2.

في غضون ذلك, تأمل وفود الدول التي امتلكت الحكمة في الوقت المناسب للانسحاب من النزاع, أو تلك التي كانت داعمة لسورية, أن يوجه لها الشكر في مؤتمر جنيف 2. وهم نحوا من عشرين دولة, ينتظرون عقودا بإعادة الاعمار التي سوف تمولها منظمات دولية غير حكومية.

سيلتحق الوفد الحكومي السوري بالمؤتمر بكل تفاؤل, بعد الهزيمة النكراء لقوى المعارضة المسلحة, لاسيما بعد زوال "الجيش السوري الحر" ومغادرة أعداد كبيرة من داعش للأراضي السورية.

تبدو دمشق الآن أكثر انشغالا باختراع زينة لحفلات تنكرية بغية توزيعها على محاوريها في المؤتمر, كي تساعدهم في وضعها كأقنعة تخفي هزيمتهم, ومن ثم الاحتفال بالانتصار الساحق للمصلحة العليا للبلاد.

تنوي دمشق بهذا الخصوص, انشاء وزارات مؤقتة, توكلها إلى موظفين سابقين عادوا وأصبحوا مواطنين صالحين, مكلفة بإدارة العلاقات مع الأعداء السابقين الذي أضحوا مانحين أسخياء.

وهكذا يكون الائتلاف الوطني قد اكتسب كفاءة جديدة بفضل خيانته الماضية.

تييري ميسان