المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مدى تأثير " سد النهضة " الاثيوبى على حصة مصر والسودان من مياه نهر النيل



عبد الواحد جعفر
29-05-2013, 03:08 PM
مدى تأثير " سد النهضة " الاثيوبى
على حصة مصر والسودان من مياه نهر النيل

مقدمة

باتت قضية المياه واحدة من أهم وأخطر القضايا التي تواجه مصر في الوقت الراهن، بل والمستقبل أيضاً وزاد من خطورتها مشروع إثيويبا في بناء شبكة من السدود على النيل الأزرق دون النظر إلى مصلحة مصر والسودان كدولتي مصب.
ويوضح أن إثيوبيا هي عبارة عن هضبة مرتفعة، صعبة التضاريس حيث تصل أعلى نقطة فيها إلى 4620 متراً فوق سطح البحر وأقل نقطة 122. وعلى الرغم من أن إثيوبيا تملك 9 أنهار كبيرة، وأكثر من40 بحيرة بينها بحيرة تانا، إلا أن نصيب الفرد السنوي فيها من المياه المخزنة يصل إلى 38 متر مكعب فقط (مقابل 700 متر مكعب للفرد في مصر)، بخلاف نصيبه من مياه الأمطار والتي تصل مقدارها سنوياً على إثيوبيا إلى 936 مليار متر مكعب، يتبخر 80٪ منها بسبب المناخ المداري وارتفاع درجة الحرارة ليجري على السطح 122 مليار متر مكعب فقط، ولا يبقى منها سوى 25 مليار متر مكعب حيث يخرج 97 مليار متر مكعب خارج الأراضي الإثيوبية توزيعها كالتالي: 80 مليار متر مكعب إلى نهر النيل، و8 مليار متر مكعب إلى كينيا و7 مليار متر مكعب إلى الصومال وملياران إلى جيبوتي. وتعد إثيوبيا الدولة الوحيدة في الحوض التي لا تستقبل أي مياه من خارج أراضيها. وبعد انتهاء الحرب الأهلية في إثيوبيا تتجه أنظار الحكومة إلى التنمية الداخلية مما جعلها تفكر في مياه النيل.
ولا جدال أن إقامة هذه السدود تعد تحدياً كبيراً يواجه الزراعة المصرية بإحداث عجز مائي ينتج عنه نقص في إنتاج الغذاء، إضافة إلى نقص الكهرباء المولدة من السد العإلى وخزان أسوان والتي سوف تقل بحوإلى 500 ميجاوات سنوياً. تلك الأهمية دفعت وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام إلى عقد ندوة أدارها هانئ رسلان رئيس الوحدة استضاف فيها الدكتور محمد نصر علام وزير الري والموارد المائية السابق باعتباره كان مسئولاً عن إدارة ملف هذه القضية في واحدة من أخطر مراحله بعد أن دبت الخلافات العميقة حول عدد من البنود الهامة والخطيرة والذي قدم ورقة تناولت مراحل القضية وموقف مصر منها.
في البداية أشارت الورقة أن هناك مظاهر وهن في العصر الحديث ظهرت في مصر منها: تخلفها عن الركب العلمي والتكنولوجي انتشار الفساد وتدهور الخدمات، تخلف اقتصادي واجتماعي وثقافي، تدهور في ملفات السياسة الخارجية: فشل الوساطة المصرية (فلسطين، لبنان، الصومال، السودان)، صفر المونديال وغيرها. إضافة إلى وجود تغيرات سياسية بدول حوض النيل مثل: بزوغ شمس أثيوبيا وأوغندا والدعم الدولي لهما، زيادة دور إسرائيل بدول المنبع وضعف التواجد المصري، الضغط على مصر في ملفها الأهم وهو حوض النيل من خلال مبادرة حوض النيل.
وقالت الورقة أن كميات الأمطار 1700 مليار متر مكعب يصل منها 84 مليار إلى مصر والسودان ثلثها بالهضبة الاستوائية، ومثله في جنوب السودان، والأخير في الهضبة الإثيوبية، وان 85% من تصرفات النهر الواردة من وإلى مصر والسودان تأتي من الهضبة الأثيوبية، 15% يأتي من الهضبة الاستوائية وجنوب السودان، إضافة لمصادر أخري بمعظم دول الحوض، فواقد البرك والمستنقعات في الحوض تصل إلى 150مليار متر مكعب سنوياً، تأثير مشاريع الهضبة الاستوائية على حصتي مصر والسودان محدودة ولا تتعدى 10-15%، وتأثير مشاريع الهضبة الإثيوبية والسودان بالغة على مصر وتبلغ حوالي 90%.
أما الوضع المائي المصري فإن نهر النيل هو المورد الرئيسي للمياه في مصر بحصة سنوية مقدارها 55.5 مليار متر مكعب والأمطار لا تتعدى مليار متر مكعب في السنة على الساحل الشمالي وساحل البحر الأحمر وبعض مناطق سيناء فيما المخزون الجوفي في الصحراء الغربية غير متجدد ولا يسمح بأكثر من 3-5 مليار متر مكعب سنوياً لمدة 50 - 100عام. التحلية تكلفتها عالية ولا تزيد كمياتها حالياً عن 200 مليون متر مكعب ولكن الإحتياجات المائية تزيد على 75 مليار متر مكعب سنوياً بما يفوق كثيراً الموارد المتاحة بـ 30% ويتم تغطية العجز عن طريق إعادة الاستخدام. نصيب الفرد من المياه أقل من 700 متر مكعب سنويا، وقد بلغت الفجوة الغذائية إلى 6 مليار دولار عام 2009 والآن أكثر نتيجة لزيادة أسعار المحاصيل وللزيادة السكانية، ولكن مع 2050 والزيادة السكانية فإن نصيب الفرد 350 متر مكعب سنوياً.
وحول تأثير مشاريع أعالي النيل فقد أشارت رؤية د. علام إلى أنها تتمثل في: فقدان مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، انخفاض كهرباء السد العالي وخزان أسوان وقناطر إسنا ونجع حمادي، توقف العديد من محطات مياه الشرب التي على النيل والعديد من الصناعات، تأثر محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز وتعتمد على التبريد من مياه النيل، تدهور نوعية المياه في الترع والمصارف، تداخل مياه البحر في المنطقة الشمالية، وتدهور نوعية المياه في البحيرات الشمالية.
وقال إن تنظيم استخدامات مياه النهر حددته العديد من الإتفاقات والمعاهدات الدولية بما يحافظ على بقاء دولتي المصب واعتمادهما الكامل على النهر وهي: بروتوكول 1891 بين بريطانيا وإيطاليا بعدم إقامة أي منشآت على نهر عطبرة، معاهدة 1902 الحدودية بين إمبراطور إثيوبيا وبريطانيا لعدم إقامة أي منشآت على النيل الأزرق أو السوباط دون موافقة مصر والسودان، اتفاقية 1906 بين بريطانيا والكونغو بعدم إقامة أي منشآت على نهر سمليكي، اتفاقية 1929 بين مصر وبريطانيا ممثلة لدول الهضبة الإستوائية والسودان بعدم إقامة أي مشروعات على النيل أو روافده أو البحيرات اتفاقية 1934 بين بريطانيا وبلجيكا لتنظيم استخدامات المياه على نهر كاجيرا، المذكرات المتبادلة بين مصر وبريطانيا 1952 - 1953 لإنشاء سد أوين في إطار اتفاقية 1929، اتفاقية مصر والسودان لعام 1959.

- تأثير السدود الاثيوبية على مصر
وحول تأثير السدود الإثيوبية على مصر قال إن هناك عنصرين رئيسيين يتمثلان في السعة التخزينية للسد وفي استهلاك المياه في الزراعات المروية، فكلما زادت السعة التخزينية وزادت المساحة المروية زادت الآثار السلبية. السعة التخزينية للسدود ستكون خصماً من مخزون المياه أمام السد العالي الذي يستخدم لسد العجز المائي لإيراد النهر في السنوات التي يقل فيها الإيراد عن قيمته المتوسطة، وبالتالي سيظهر بعد إنشاء هذا السدود ظاهرة الجفاف والعجز المائي في سنوات الفيضان المنخفضة كما كان الوضع قبل بناء السد العالي، أما المياه التي سوف تستخدم للري ستكون خصماً مباشراً من حصتي مصر والسودان السنوية. والعنصر الثانوي الذي قد يؤثر أيضاً في إيراد النهر ولكن بدرجة أقل كثيراً يتمثل في السياسة التشغيلية للسدود.
وقد أظهرت نتائج الدراسات المصرية الحديثة للسدود الأثيوبية أنه حتى في حالة قيام إثيوبيا بإنشاء هذه السدود وملئها خلال فترة 40 عاما كاملة فإنها سوف تتسبب في حدوث عجز مائيٍّ لدولتي المصب أثناء سنوات الملء وأن هذا العجز سوف يحدث مرة على الأقل كل 4 سنوات ويصل العجز المائي إلى 8 مليار متر مكعب في السنة كحد أقصى وذلك في حصة مصر وحدها ويحدث عجزاً مماثلاً في حصة السودان، وسوف تقل الكهرباء المولدة من السد العالي وخزان أسوان بحوالي 20% سنويا (600 ميجاوات سنويا).
وبعد الفترة المقترحة للإنشاء والملء واستخدام السدود لتوليد الطاقة فقط فإن نسبة حدوث العجز سوف تقل إلى مرة كل 8 سنوات مع زيادة في قيمة العجز الأقصى من 8 مليار متر مكعب إلى 14 مليار متر مكعب من حصة مصر وحدها ومثلها السودان ويصبح متوسط النقص في إنتاج كهرباء السد العالي وخزان أسوان حوالي 500 ميجاوات في السنة. أما في حالة استخدام مياه السدود في الأغراض الزراعية فسوف يزداد نسبة حدوث العجز المائي ليصبح مرتين كل 5 سنوات بواقع (مرة كل 2.5 سنة) ويصل العجز إلى 19 مليار متر مكعب سنوياً كحد أقصى في حصة مصر ومثلها السودان (أكبر من إجمالي حصة السودان التي تبلغ 18.5 مليار متر مكعب)، ويقل إنتاج الكهرباء من السد العالي وخزان أسوان بحوالي 1000 ميجاوات سنوياً.
وفي الآونة الأخيرة أطلقت أثيوبيا اسم سد النهضة أو سد الألفية على سد بوردر بسعة تصل أكثر من 60 مليار متر مكعب وبارتفاع يصل إلى 150 مترا وقدرة توليد كهربية تزيد عن 5000 ميجاوات أي أكثر من ضعف السد العالي مما يضاعف من آثاره السلبية على كل من مصر والسودان. ومن الملفت للنظر أن دراسات وتصميمات هذا السد قد تمت في سرية تامة وفي غفلة من مبادرة حوض النيل وبدون علم مصر والسودان.
فيما أكد هنري فيرهوفن طالب الدكتوراة بجامعة اكسفورد بالمملكة المتحدة في بحث نشره المعهد الملكي البريطاني للشئون الدولية يونيو 2011: إن السدود الأثيوبية تمثل مكوناً رئيسياً من إستراتيجية أثيوبية قومية لتحويل أثيوبيا من دولة ضمن أشد دول العالم فقراً حالياً حيث يقع ترتيبها رقم 171 من 182 دولة على مستوى العالم إلى مصاف الدول متوسطة الدخل بحلول فترة 2020-2025. تقدر كميات الطاقة الكهرومائية التي يمكن توليدها على الأنهار المختلفة في
أثيوبيا، حوالي 45000 ميجاوات منها 20000 ميجاوات من النيل الأزرق وروافده.
إضافة إلى أهداف أخرى منها إعطاء دور القيادة لأثيوبيا في منطقة القرن الأفريقي وحوض النيل، واحتكار الطاقة الكهربائية في المنطقة، واستغلال السدود في الزراعات المروية في أثيوبيا وخاصة في حوض النيل الأزرق باحتياجات مائية في حدود 5 مليار متر مكعب سنوياً.

عبد الواحد جعفر
29-05-2013, 03:08 PM
- خريطة الطريق
كما أوضحت ورقة د. علام أن السودان شمالاً وجنوباً أهم شريك لمصر في المستقبل المنظور
فكلاهما يحتاج لدعم وخبرة واستثمارات مصر، لديهما الموارد المائية والتي من الممكن أن تزيد إيراد النهر، وبهما الأراضي الصالحة للزراعة والرعي، وبهما ثروات من المواد الخام، يمثلان سوقاً واعدة للصناعة المصرية الناهضة وللعمالة المصرية الماهرة، إن الوحدة بينهما ستؤدي إلى إجهاض ما يحاك حالياً على المستوى الإقليمي والدولي لتقطيع أوصال السودان وإجهاض محاولات الوقيعة بين البلدين للاستفراد بهما واحداً بعد الآخر. ضرورة قيام الهيئة الفنية المشتركة بالبلدين بمناقشة الآثار السلبية للسدود الأثيوبية عليهما واستعراض نتائج الدراسات المصرية والسودانية في هذا الشأن وتوحيد الرؤى نحو هذه السدود من منطلق إطار اتفاقية 1959 التي تحكم العلاقة المائية بين البلدين.

- أهمية السدود لأثيوبيا
وعن أهمية السدود التي تنوي أثيوبيا إقامتها قالت الورقة إنها تمثل حلماً أثيوبياً قديماً للتحكم في مياه النيل الأزرق، تحقيق أرباح من خلال تصدير الطاقة الكهربائية للدول المجاورة، أن تصبح أحد المصادر الرئيسية للدخل القومي بالعملة الصعبة للمساهمة في نقلة اقتصادية واجتماعية لأثيوبيا تعظيم دورها السياسي بالقرن الأفريقي وحوض النيل كمنتج رئيسي للطاقة في المنطقة.
صافي ربح سد مندايا وحده يصل 7 مليار دولار من خلال إنتاج الكهرباء وتصديرها إلى دول الجوار، قد تزيد الأرباح عن ذلك كثيراً لسد النهضة الذي يفوق سد مندايا في السعة وفي إنتاج الكهرباء. ولكن عادت الورقة وأوضحت أنه لن تكون هناك جدوى اقتصادية لهذه السدود من دون مباركة مصر والسودان لهذا المخطط وشرائهما جزءاً كبيراً من كهرباء هذه السدود. لا يتوفر لأثيوبيا حالياً، البنية الأساسية والشبكات اللازمة لاستيعاب ونقل واستخدام معظم الكهرباء الناتجة عن هذه السدود. من دون مشاركة مصر والسودان لا يوجد مستخدم آخر لهذه الكميات الضخمة من الكهرباء إلا من خلال نقلها عبر أراضي السودان أو مصر. عدم مشاركة مصر والسودان سيؤدي حتماً إلى تعطيل مخطط إنشاء السدود الأثيوبية على الأقل حتى يتم استكمال البنية التحتية الأثيوبية الكافية لاستيعاب كميات الكهرباء الضخمة التي ستولدها هذه السدود، وقد يستغرق ذلك عدة عقود من الزمن. مع العلم أن التحرك المصري الدولي والإقليمي نحو قضية السدود كان قد بدأ بالفعل منذ النصف الثاني من العام المنقضي. وقد رفضت مصر دراسات الجدوى لهذه السدود لعدم الأخذ في الاعتبار الآثار السلبية على دولتي المصب. كما تم إرسال ملاحظات مصر على الآثار السلبية لهذه السدود إلى سكرتارية مبادرة حوض النيل، وإلى المكتب الفني لحوض النيل الشرقي، وإلى البنك الدولي والسوق الأوروبية، وإلى الاستشاري الكندي لمبادرة حوض النيل، وإلى المكتب الاستشاري النرويجي الذي يقوم بدراسات الجدوى والدراسات التصميمية للسدود. الاستمرار في الحوار مع المانحين ومع الصين توضيحاً للآثار السلبية العديدة لهذه السدود وتأثيراتها العنيفة على كل من مصر والسودان وأن هذا الموقف ليس ضد التنمية في أثيوبيا بل حماية لحقوقنا المائية ومستقبل أمتنا.

حددت الورقة أيضاً محاور الرؤية الخاصة
بالسدود الأثيوبية في:
الحوار مع أثيوبيا حول مخطط السدود كلها وليس سداً واحداً فقط، وأثارها السلبية على دولتي المصب، طرح بدائل فنية للسدود الأثيوبية الضخمة لا تسبب أضرار مؤثرة على دولتي المصب، مقاطعة مصر والسودان للسدود وعدم المشاركة فيها، التواصل مع المجتمع الدولي وخاصة الجهات المشاركة في تمويل أو تنفيذ هذه السدود والقوى السياسية حول أثار هذه السدود السلبية. كما أن الاتفاقية الإطارية لمبادرة حوض النيل في شكلها الحالي لا يمكن لمصر توقيعها لنواقصها العديدة، لا تعفي هذه الاتفاقية دول المنبع من التزاماتهم القانونية في الاتفاقيات القائمة نحو مصر والسودان، الاتفاقية الإطارية في وضعها الحالي من دون مشاركة مصر والسودان تفقد معظم مميزاتها لدول المنبع لأنها لا تحقق لهم التحلل من الاتفاقيات القديمة القائمة مع كل من مصر والسودان ولا تحقق لهم إلا مكاسب سياسية محلية محدودة. أيضاً الدول التي وقعت الاتفاقية الإطارية منهم خمسة في الهضبة الاستوائية يجمعهم بالفعل تجمع دول شرق أفريقيا ولن تضيف لهم في رأيي أي جديد، وهناك أيضاً تجمع مماثل لدول بحيرة فكتوريا ليست له الفاعلية المأمولة بالرغم من مرور سنوات طويلة على إنشائه. والدولة السادسة التي وقعت على الاتفاقية الإطارية هي أثيوبيا والتي لا تشترك مع الدول الاستوائية في الحوض المائي بل تقع هي وإريتريا في منبع الحوض الشرقي لنهر النيل وليس بينها وبين بقية دول المنبع الأخرى أي قواسم مشتركة داخل الحوض. من صالح دول المنبع قبل دولتي المصب العودة إلى مائدة المفاوضات للاتفاق حول النقاط العالقة في الاتفاقية الإطارية والعودة العادلة الواعدة لن تتأتي إلا بالاتفاق أولاً بين دول الحوض على تجميد الاتفاقية لفترة زمنية معقولة يتم الاتفاق عليها يتم خلالها العودة إلى التفاوض الجاد حول النقاط العالقة. في حالة رفض دول المنبع العودة للمفاوضات الجادة فإنني أرى أن تقوم مصر بالتنسيق والمشاركة مع السودان بإغلاق ملف الاتفاقية الإطارية نهائياً وعدم الالتفات إلى أي مناقشات حولها وفي حالة العودة إلى المفاوضات فإنني أرى أنه هناك عدة مرتكزات للتفاوض تشمل ما يلي: حق جميع دول الحوض استغلال مياه النهر للتنمية الاقتصادية لمجتمعاتهم. أن الوضع المائي في دولتي المصب حرج جداً بل إن العديد من الاحتياجات المائية الحالية في مصر لا يتم الإيفاء بها حالياً، إن مبدأ عدم الإضرار لا معنى له وغير قابل للتطبيق من دون الإقرار بالممارسات التاريخية لاستغلال مياه النهر لدول الحوض كافة، إن تضمين الإجراءات التنفيذية للأخطار المسبق في الاتفاقية الإطارية ضرورة قصوى لإجراءات التفاوض والموافقة على أي مشاريع تقام على الأنهار المشتركة، أن المشروع الأهم في حوض النيل هو استقطاب الفواقد المائية الهائلة والتي تزيد عن 150 مليار متر مكعب ويجب الأعداد لهذا المشروع وتسويقه للجهات المانحة وأن يكون هذا المشروع مدخلاً لإقامة محاور تنمية رئيسية في دول المنبع وأن يكون هناك توافقاً بين دول الحوض على تعريف مبدأ التوافق والذي شهد انقساماً كبيراً في تعريفه ما بين دول المنبع ودولتي المصب في اجتماعات المبادرة.
لقد أدت المشاكل المصاحبة للاتفاقية الإطارية إلى: توقف اجتماعات حوض النيل الشرقي، غابت مصر والسودان عن جميع اجتماعات النيل الجنوبي، وأصبحت اجتماعات المجلس الوزاري واللجنة الفنية الاستشارية مظهراً لانقسام دول الحوض ما بين دول المنبع ودولتي المصب. تعمل دول المنبع على التصديق المنفرد على الاتفاقية الإطارية لتحويل المبادرة إلى مفوضية لإعادة توزيع الحصص المائية في غياب دولتي المصب، وسيتم نقل جميع أصول المبادرة إلى المفوضية المزمع إنشاؤها من دون مصر والسودان. في حالة عدم الوصول إلى اتفاق مناسب مع دول المنبع للعودة إلى مائدة التفاوض وإصرار هذه الدول على الاتفاقية الإطارية بشكلها الحالي، فإنني أرى الانسحاب الكامل من المبادرة وذلك بالتنسيق مع السودان، أو على الأقل الإعلان رسمياً على تعليق العضوية وتجميد المشاركة في الأنشطة على نحو ما سبقتنا إليه السودان. لا يعني ذلك عدم تعزيز العلاقات مع دول الحوض أو وقف برامج التعاون الثنائية معه.
وقد حظيت الورقة بمناقشات مستفيضة استمرت حوالي أربع ساعات متصلة تناولت مختلف الجوانب الفنية والقانونية والسياسية والاقتصادية، على وعد بعقد لقاءات أخرى لتغطية كل وجهات النظر المطروحة، سعياً وراء رؤية موضوعية متوازنة تحمي حقوق مصر وأمنها ولا تتصادم مع تطلعات وطموحات باقي دول الحوض في أطر معادلة تعاونية تحقق المنفعة للجميع وليس لطرف على حساب أطراف أخرى.
انتهى

عبد الواحد جعفر
29-05-2013, 09:16 PM
هذا المقال نشره موقع الإهرام الرقمي تحت عنوان:


خريطة الطريق لمخاطر السدود الإثيوبية

المصدر: الأهرام الإقتصادى بقلم: عبدالعزيز جيرة

http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=769001&eid=531