المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خيوط اللعبة عند القاتل الاقتصادي



ابن التحرير
26-03-2013, 02:39 PM
خيوط اللعبة

يقول جون بيركنز مؤلف كتاب القاتل الاقتصادي إنه مع الخبراء الاقتصاديين قاموا بتطويع اللغة لتغليف إستراتيجيتهم في النهب الاقتصادي، وذلك باستخدام مفاهيم مثل "الحكم الرشيد وتحرير التجارة وحقوق المستهلك" بحيث لا تصبح السياسات الاقتصادية جيدة إلا من خلال مخططات الشركات الكبرى. وعلى الدول التي تقبل هذه المفاهيم خصخصة الصحة والتعليم وخدمات المياه والكهرباء أي أن تبيعها للشركات الكبرى وهي مضطرة بعد ذلك إلى إلغاء الدعم وجميع القيود التجارية التي تحمي الأعمال الوطنية، بينما عليها القبول باستمرار أميركا وشركائها من الدول الصناعية الكبرى في تقديم الدعم لقطاعات أعمالها وفرض القيود لحماية صناعاتها!.

ولا تريد النخبة الأميركية بالفعل قيام الدول بسداد ديونها، لأن ذلك هو السبيل إلى تحقيق أهدافها بعد ذلك من خلال مفاوضات سياسية واقتصادية وعسكرية، ويفترض بيركنز "أن حرية طبع النقد الأميركي دون أي غطاء هي التي تعطي لإستراتيجية النهب الاقتصادي قوتها، لأنها تعني الاستمرار في تقديم قروض بالدولار لن يتم سدادها.
يحدد المؤلف دوره في استخدام المنظمات المالية الدولية لخلق ظروف تؤدي إلى خضوع الدول النامية لهيمنة النخبة الأميركية التي تدير الحكومة والشركات والبنوك. فالخبير يقوم بإعداد الدراسات التي بناء عليها توافق المنظمات المالية على تقديم قروض للدول النامية المستهدفة بغرض تطوير البنية الأساسية وبناء محطات توليد الكهرباء والطرق والموانئ والمطارات والمدن الصناعية، بشرط قيام المكاتب الهندسية وشركات المقاولات الأميركية بتنفيذ هذه المشروعات.

وفي حقيقة الأمر فإن الأموال بهذه الطريقة لا تغادر الولايات المتحدة حيث تتحول ببساطة من حسابات بنوك واشنطن إلى حسابات شركات في نيويورك أو هيوستن أو سان فرانسيسكو، ورغم أن هذه الأموال تعود بشكل فوري إلى أعضاء في "الكوربورقراطية" فإنه يبقى على الدولة المتلقية سداد أصل القرض والفوائد. أما المثير في اعترافات المؤلف فهو تأكيده بأن مقياس نجاح الخبير يتناسب طرديا مع حجم القرض بحيث يجبر المدين على التعثر بعد بضع سنوات!وعندئذ تفرض شروط الدائن التي تتنوع مثل الموافقة على تصويت ما في الأمم المتحدة أو السيطرة على موارد معينة في البلد المدين أو قبول إقامة قاعدة عسكرية على أراضيه.
يحدد المؤلف نماذج التنبؤ التي يستعين بها الخبير لدراسة تأثير استثمار مليارات الدولارات في بلد ما على النمو الاقتصادي المتوقع لسنوات قادمة ولتقويم المشروعات المقترحة، كاشفا عن خداع الأرقام، فنمو الناتج الإجمالي القومي -على سبيل المثال- قد يكون نتيجة استفادة أقلية من المواطنين النخبة على حساب الأغلبية بحيث يزداد الثري ثراءً ويزداد الفقير فقراً. ورغم ذلك فإنه من الناحية الإحصائية البحتة يعتبر تقدماً اقتصادياً.

وفي هذا المقام يكشف المؤلف عن الجانب غير المرئي في خطة القروض والمشروعات، وهي تكوين مجموعة من العائلات الثرية ذات نفوذ اقتصادي وسياسي داخل الدولة المدينة تشكل امتدادا للنخبة الأميركية ليس بصفة التآمر، ولكن من خلال اعتناق نفس أفكار ومبادئ وأهداف النخبة الأميركية، وبحيث ترتبط سعادة ورفاهية الأثرياء الجدد بالتبعية طويلة المدى للولايات المتحدة.
ويدلل المؤلف على ذلك بأن مديونية العالم الثالث وصلت إلى 2.5 تريليون دولار، وأن خدمة هذه الديون بلغت 375 مليار دولار سنويا في عام 2004، وهو رقم يفوق ما تنفقه كل دول العالم الثالث على الصحة والتعليم، ويمثل عشرين ضعف ما تقدمه الدول المتقدمة سنوياً من مساعدات خارجية.