المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تقسيم العراق والفيدرالية المؤجلة!



مؤمن
25-04-2009, 02:56 PM
تقسيم العراق والفيدرالية المؤجلة!






لاشك في أن الولايات المتحدة الأمريكية عندما طَرَحَتْ خِطَّة تقسيم العراق وجدت أن الواقع في العراق منقسمٌ بين مُؤَيِّدٍ ورافض لفكرة التقسيم للعراق، وليس الأمر محصورًا بالعراق وحده، بل بدول الجوار التي سيطالها الكثير جَرَّاء تقسيم العراق، خاصةً إذا ما وصل الأمر إلى دول الخليج العربي،ـ مما يصادم المصالح الأمريكية في هذه المنطقة؛ لذا عمدت الخطط والاستراتيجيات الأمريكية إلى إرجاء مشروع تقسيم العراق، لكن دون أن تُلْغِي فكرة التقسيم؛ لأن تقسيم العراق يُحَقِّق مصالح أكثر للسياسية الدولية الأمريكية.

وفي هذا السياق تأتي خطة جوزيف بايدن، وهو النائب الحالي للرئيس الأمريكي باراك أوباما، والتي وضعها في عام 2008 وتقضي بتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق؛ كردية وسنية وشيعية، تتمتع كُلٌّ منها بالحكم الذاتي, وهي الخطة التي واجهتْ رفضًا من قِبَلِ البيت الأبيض، على لسان المتحدث باسمه آنذاك توني سنو، الذي قال: "لا نريد بلقانًا جديدًا"، كما قوبل الاقتراح بهجومٍ كبيرٍ من قِبَلِ مجموعة دراسة العراق، برئاسة وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر، الذي اعتبر تقسيم العراق خطًّا أحمر لا يمكن تجاوزه، خاصةً وأن من شأن ذلك ما أَطْلَقَ عليه "فوضى إقليمية جديدة"، ستعطي طهران فُرْصَةً ذهبية للسيطرة على الإقليم الشيعي الجديد، كما ستُثِير حفيظة تركيا التي تَخْشَى من قيام دولة كردية جنوبها.

ورغم ظهور معارضين لخطة بايدن، إلا أن ذلك لم يَمْنَعْ من وجودِ مُؤَيِّدِين لها، ومنهم السيناتور الجمهورية كيلي بايلي هوتجيسون، التي ترى في تقسيم العراق المخرجَ الوحيد من المستنقع العراقي.

ويشير الواقع العراقي بشكلٍ واضِحٍ إلى أن الوضع في العراق سيئول في نهاية المطاف إلى التقسيم في ثلاثة أقاليم، ومما يَدُلُّ على ذلك هو إقرارُ ميزانيةٍ مُسْتَقِلَّةٍ لإقليمِ كُرْدِسْتَان العراق وبواقع 17% من الموازنة العامة للدولة العراقية, واستمرارُ النزوح الداخلي بين مدن العراق، والذي شَكَّل وضعا ديمغرافيا جديدًا؛ فاتجه السُّنَّة من أبناء العراق إلى مناطق وسط وغرب العراق، بينما نزح الشيعة على الأغلب لبغداد والجنوب.

ومن الشواهد على تعدد الرؤى الأمريكية في الشأن العراقي؛ تلك الدراسة التي أصدرها مركز سابن بمعهد بروكينجز للدراسات السياسية والإستراتيجية بواشنطن بعنوان "حالة التقسيم السهل للعراق"، وأَطْلَقَ المركز على هذه الدراسة الخطة "ب"، ويَعْنِي ذلك وجودَ أكثر من خِطَّةٍ استتراتيجيةٍ، في حال عدم نجاح خطة معينة يُلْجَأُ إلى الأخرى حتى تحقيق الهدف المرجو.

وقد أعد هذه الدراسة جوزيف إدوار، وهو باحث زائر بمعهد بروكينجز، ذو خبرة كبيرة في مجال إدارة الصراعات؛ حيث عمل عقدًا كاملًا مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بمنطقة البلقان، ولديه العديد من المؤلفات في هذا المجال، وشاركه في إعداد الدراسة مايكل هانلون الباحث المتخصص في شئون الأمن القومي الأمريكي بمعهد بروكينجز، والذي عمل مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في العديد من الدول.

ويشير الباحث إلى أنه رغم وجود عراقيل لتطبيق خطة تقسيم العراق، ومنها التزاوُجُ مابين الطوائف بالعراق، إضافةً إلى رفض دول الجوار، وخاصةً الخليج العربي، لتقسيم العراق؛ لانعكاس ذلك عليها بالسلب, لكن تؤكد الدراسة مع كل ذلك أنّ واقع التقسيم في العراق هو الذي سيَحْدُث، خاصةً وأن الانتخابات التي جرت في العراق تُؤَكِّدُ أنّ عملية الانتخاب في غالبها تمت وَفْقَ أسس طائفية ومذهبية.

وأشارت الدراسة إلى تفاوت موقف القوى العراقية من الفيدرالية, فالأكراد يؤيدون، والسنة يعارضون بشدة، والسبب هو الخوف من سيطرة القوى الشيعية على آبار النفط التي تتركَّزُ في جنوب العراق، وحرمان السنة منها، إضافةً إلى أن السُّنَّة بات لديهم يقينٌ بأن استعادتهم للسيطرة على العراق- كما كان في عهد صدام حسين- بات أمرًا صعبًا، مما حداهم إلى التفتيش عن صيغَةٍ جديدةٍ تُنَاسِبُ الوضع السياسيَّ والديمغرافي الحالي.

وتتطرق الدراسة إلي حالة الانقسامِ والتَّشَرْذُم التي تسيطر على الكُتَلِ السياسية في العراق.

فالمشهد الشيعي، ليس لديه- حسب الدراسة- مَوْقِفٌ مُوَحَّدٌ تجاه هذه القضية؛ حيث عارض العديد منهم الخطة التي روج لها عبد العزيز باقر الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، بشأن تقسيم العراق لأقاليم، تتمَتَّعُ كُلٌّ منها بحكمٍ ذاتيٍّ، ولاسيما التيار الصدري، الذي أبدى زعيمه مقتدى الصدر في أكثر من مناسبة معارَضَتَهُ إنشاء إقليمٍ شيعيٍّ في الجنوب.

وقد أوصتْ هذه الدراسة بأهمية وضع التقسيم للحدود على أساس جغرافيٍّ، لا على أساس طائفي، وذلك من خلال استخدام الظواهر الطبيعية، كالأنهار والجبال، ويرى الباحثان أنه ليس هناك مشكلةٌ فيما يخص المحافظاتِ الواقعةَ جنوب العراق؛ لأن معظم قاطنيها من العرب الشيعة، إلا أنّ المشكلة الحقيقة في المحافظات والمدن الرئيسية، مثل بغداد والموصل وكركوك .

لقد دُرِسَتْ قضية تقسيم العراق بشكل مكثفٍ من قِبَلِ المعاهد الأمريكية، مما يُؤَكِّدُ أن أمريكا تضع خِطَّةَ التقسيم ضِمْنَ خططها الاستراتيجية.

وهنالك دراسة أخرى لنفس المعهد، من خلال الباحِثَيْنِ كارلوس باسكوال؛ نائب رئيس مؤسسة بروكينجز، ومدير برنامج السياسة الخارجية، وكينيث بولاك؛ الخبير بمعهد سابان التابع لمؤسسة بروكينجز. وقد حملت الدراسة عنوان " فرص ضعيفة للاستقرار، أو اجتياز الخيارات السيئة في العراق".

وقد أوصى الباحثان في هذه الدراسة بأشياء كثيرة، منها: أهمية الفيدرالية في حكم العراق، وأنّ الولايات المتحدة عليها القيام بعدة أمور من أجل أن تحقق نصرًا واقعيًّا في العراق تتمثل في:

أولًا: زيادة القوات الدولية في العراق ما بين 250 – 450 ألفَ جندي، وهو ما لا تستطيع الولاياتُ المتحدة القيامَ به وحدها.

ثانيًا: إعادة توزيع عائدات النفط، وتحقيق الفيدرالية، وضمان حقوق الأقليات.

ثالثًا: ضَمَانُ تنفيذ أحكام القضاء علي الجميع، وتفعيل مبدأ حكم القانون.

رابعًا: إنفاق ملايين الدولارات من أجل إيجادِ وظائف لآلاف العراقيين.

خامسًا: ضمانُ إنجَازِ اتفاق سياسيٍّ لمدةٍ لا تَقِلُّ عن ثماني سنوات، وذلك بِدَعْمٍ من المجتمع الدولي والأمم المتحدة.

وأكدت الدراسة في نهاية الأمر على أن أي تقسيم للعراق دون اتفاقٍ سياسي بين الأطراف العراقية، من شأنه أن يزيد العنف في العراق بشكل لا يُمْكِنُ السيطرة عليه

أبو محمد
27-04-2009, 11:52 PM
السلام عليكم

أخي مؤمن
تعليقا على المقال أدناه، خطر ببالي مجموعة من الأسئلة:

1- هل فعلا تريد امريكا تقسيم العراق لتصل الى استقراره؟
2- هل تسعى أمريكا جديا لأستقراق العراق أم تريد الفوضى الخلاقة؟
3- هل وضع فلسطين ضمن استراتيجية أمريكا "الفوضى الخلاقة"؟

من خلال ردودك في مسألة جدية أمريكا بحل قضية فلسطين أشرت غير مرة الى "الفوضى الخلاقة" وأن أمريكا تريد أبقاء العالم كرة ملتهبة-ومنه الشرق الأوسط- كي تبقى تصول وتجول بالمنطقة، حبذا لة وضحت لنا هذه الأستراتيجية.

ودمتم

مؤمن
28-04-2009, 11:26 AM
نعم أخي هو مقال وضعته لما رأيت أن له فائدة

بخصوص العراق يبدو أن أمريكا الآن تهدئ بالأمور، على صعيد التقسيم هو حاصل فعلا فهي أوجدت دولة كردية، فلا يقال هل تريد التقسيم فهي قسمت فعلا و أجودت الدولة الكردية.
بخصوص الدولة السنية و الشيعية يبدو أنها لها ترتيبات كثيرة و لم تجهز بعد ويغلب على أظني أن أمريكا ستقسم العراق.
ما يسمى الفوضى الخلاقة هو عملية الهدم ثم البناء أي إيجاد اضطرابات سياسية و عسكرية و اقتصادية في منطقة معينه لإيجاد أو تنفيذ مشروع معين و هو قديم جدا يعني ليس بالأمر الجديد ففرنسا أوجدت اضطرابات في تونس مثلا اقتصادية، وهكذا.
قضية استقراء العراق أظن أنها قادرة على وضع استقرار له في أي لحظة فهي أوجدت المقاومة ثم أوجدت قوات الصحوة ثم بدأت تنهي الصحوة و الآن تريد دمج البعثيين فهي عبث وتضلل و تعمل ما تريد لأن الجو خلا لها فيمكنها أن تبيض و تصفر كما تريد هناك .
و بحسب الأحوال إذا أرادت تصعيد الأمور صعدتها أو أرادت استقرار تضعه بحسب ما يقتضيه مشروعها هناك.
و الأمور لحد الآن تميل نحو التقسيم.
قضية فلسطين من أن وجدت أمريكا تبنتها و كان الشيخ تقي يفهم الأمور ضمن إحداثية معينة أن اليهود عملاء للإنجليز والإنجليز هم من يقف ضد مشروع الدولتين، لكن الواقع غير هذا كليا لان اليهود لا يريدون إيجاد دولة فلسطينية و لا حتى حكم ذاتي فهذا يناقض مصالحهم بل يناقض فكرتهم وهي كل فلسطين لنا هذا خط عريض عندهم سواء يمين أو شمال أو أي شخص في إسرائيل لا يجرؤ على مخالفة هذا الخط العريض.
فأمريكا من خلال تتبع أعمالها تجد أنها تريد إبقاء القضية مشتعلة لحد هذه اللحظة.
بخصوص اشعال العالم فهو أمر طبيعي لأن أمريكا تهدف إلى ايجاد العدو الوهمي و لا يسعني هنا إلا أن أنقل لك بعض ما جاء في دراسة وضعت حديثا من قبل أحد الشباب:
وجد قادة أمريكا أن عليهم دخول الحرب العالمية الثانية:


الحرب لسببين :
أولهما :- أن النصر الألماني على باقي الأوروبية الكبرى وعلى روسيا سيؤدي إلى إخلال خطير بميزان القوى ما سيترتب علية أن تنفرد ألمانيا بالسيطرة على القارة الأوروبية برمتها وبالتالي ببسط سيطرتها الاستعمارية على المستعمرات الدول الأوروبية في أسيا وإفريقيا وهذا سيشكل بدورة خطرا عظيما واقعا على امن الولايات المتحدة وسلامتها واستعمارها .
وثانيهما :- أن القوى الدولية الكبرى في أوروبا بما فيها ألمانيا وروسيا سوف تستنزفها هذه الحرب استنزافا عظيما يؤدي_لا محالة_ إلى الحصول على فراغ سياسي هائل خليق بأمريكا أن تبتهل هذه الفرصة السانحة لملئه فالظروف الدولية كلها مواتية والقوى الكبرى محطمة والطريق ممهد لان تفرض أمريكا زعامتها وتبسط هيمنتها على كافة أرجاء العالم على نحو لا محيد عنه ولا رجعه فيه .
ولما كان الرأي العام في أمريكا ثانويا على حرير العزلة والحياد في الموقف الدولي كان لا بد من تحريكه في اتجاه الدخول في الحرب العالمية الثانية لتجاوز سياسة العزلة ووضع اليد على مقدرات الدول الأوروبية وعلى مستعمراتها في شتى أنحاء العالم ووضع نهاية للعبة توازن القوى بين الدول الأوروبية الكبرى ورسم خريطة جديدة للعلاقات الدولية .
فكان أن اصطنع الرئيس الأمريكي فرانلكين روزفلت حشدا بحريا هائلا في ميناء بيرل هابر(Pearl harbor) جمع فيه السفن والزوارق وكافة القطع البحرية الأمريكية المحالة على التقاعد كي يكون ذلك الحشد فخا دوليا لاستدراج اليابان لشن الحرب على أمريكا وبالفعل فقد نجحت هذه المناورة وقام اليابانيون بهجوم جوي كاسح على بيرل هاربر متوهمين أنهم بذلك يسددون ضربة وقائية ساحقة للأسطول الحربي الأمريكي فكان ذلك منهم أعظم هدية تقدم للرئيس روزفلت تمكنه من تعبئة الرأي العام في أمريكا لتطليق سياسة العزلة طلاقا بائنا بينونة كبرى والدخول في الحرب العالمية الثانية ضد دول المحور :ألمانيا وايطاليا واليابان بعد أن استنزفت الحرب كل الدول الأوروبية وأدت إلى انهيار بعضها كفرنسا وصار البعض الآخر على شفير الهاوية والانهيار التام .
كانت نتيجة تلك الحرب أن فتحت أبواب العالم على مصرع أمام الزحف الاستعماري الأمريكي الجديد على القارة الأوروبية وخاصة وعلى سائر أنحاء العالم القديم عامة.
وقد كان في مقدور الولايات المتحدة هذه المرة أن تضع يدها على مقدرات روسيا والصين كما وضعت يدها على مقدرات القارة الأوروبية فهي وحدها التي كانت تمتلك الأسلحة النووية كما تمتلك وسائل توصيلها إلى سائر أرجاء الأرض بل كان في وسعها أن تفتعل أكثر من ذلك اعني أن تفتت الاتحاد الروسي والصين إلى دويلات وإمارات ومشيخات ومحميات تابعة لها كما فعلت بريطانيا وفرنسا في أعقاب الحرب العالمية الأولى بالنسبة للدولة العثمانية وان تحفز أمريكا بين هذه الكيانات المصطنعة خنادق من الخصام والنزاع والصراع العرقي أو الديني أو المذهبي أو الطائفي أو العشائري أو الإقليمي يستحيل أن يعقد فوقها بجسور وبعبارة أخرى فان أمريكا كانت قادرة تماما على تجزئتها ووضع الإجراءات الكفيلة بتأييد تلك التجزئة بغير ما عناء أو تضحيات فالطريق كان أمامها سهلا ممهدا قليل التكاليف لبلوغ تلك الغاية .
غير أن أمريكا سارت على العكس من ذلك تماما فهي قد سمحت لروسيا في نهاية الحرب العالمية الثانية أن تمتد وتبسط سيطرتها المباشرة على دول أوروبا الشرقية وتصبح بالتالي إمبراطورية كبرى تقف في وجه الولايات المتحدة وتعمل على نقل حدودها إلى أماكن قاضية في أرجاء المعمورة كما تعمل على إقامة تنظيمات حزبية شيوعية في مختلف بلاد العالم تتولى مهمة أحداث ثورات وقلاقل للإطاحة بالأنظمة والحكام والنفوذ الاستعماري الغربي في تلك الأصقاع .
ولقد حار كثير من كبار المفكرين السياسيين والأيديولوجيين وحتى في الأوساط الأمريكية نفسها في دوافع هذه السياسة ومراميها فردها بعضهم إلى جهل الساسة الأمريكان في مضمار السياسة العالمية أو قلة خبرتهم ودرايتهم بشعاب السياسة الدولية وتشابكها وتعقيدها كما ردها بعضهم الآخر إلى جبن الساسة الأمريكان وترددهم في أن يقوموا بمخاطرة كبرى مدروسة ومحسوبة من شانها أن تقلب المعادلات الدولية رأسا على عقب وتغير العلاقات الدولية تغيرا جذريا من غير أن تجشم نفسها مخاطر الدخول مع القوى الدولية الكبرى يف حروب باردة وساخنة محدودة أو غير محدودة مباشرة أو غير مباشرة طالما كان بوسعها و بالضربة القاضية أن تجعل من هذه الحرب خاتمة الحروب .
غير أن أمر تلك السياسة قد بات واضحا لدى الكثير من المفكرين والمحللين السياسيين في أيامنا هذه فلقد تبين لهم أن تلك السياسة كانت مدروسة عميقة بعيدة النظر مبنية على فلسفة سياسة لخصها المحلل السياسي الأمريكي حون لويس جاديس في معرض مناقشته لأفكار وليام ابلمان وليامز وأطروحته الباهرة في مجلة الفورين افيرز، حيث قال :- " يلاحظ في هذه الأيام _بعد أن انتهت الحرب الباردة _ أن كثير من الدارسين والباحثين قد عادوا يتساءلون ترى لماذا كانت هذه الحرب الباردة من الأصل طالما كنا ندرك أن الاتحاد السوفيتي كان ضعيفا في داخلة، وأن الماركسية اللينينية لم تكن غير ضرب من ضروب السخافة الاقتصادية، وأن الشيوعية العالمية لم تكن تشكل في أي وقت من الأوقات صرحا متحداً متماسك الجنبات؟
وما الذي كان يهدد المصالح الأمريكية على وجه التحديد ؟ وما الذي كان يبرر ذلك الإنفاق الهائل على برامج التسلح ؟ وما الذي كان يبرر الانتهاكات المتواصلة لحقوق الإنسان في الخارج أو يبرر أن تنتقص الحريات المدنية من أطرافها في الداخل ؟ وما الذي كان يبرر القفز عن الأولويات الداخلية إلى السعي والتهديد بتفجير العالم على رؤوس أصحابة ؟ وما الذي كان يبرر كل تلك الأفاعيل المؤسفة والتجاوزات السياسية الخطيرة التي كانت الولايات المتحدة ترتكبها أثناء الحرب الباردة طالما أنه لم يكن هناك في حقيقة الأمر أي خطر داهم يهدد مصيرنا في أي لحظة من لحظات الصراع المتواصل ؟ " لا جرم أنه كان من شأن هذه التساؤلات وأمثالها أن تثير شكوك وليامز في أن النظام الأمريكي لدية دوما رغبة أصلية في إيجاد طرف آخر يلعب معه دولا الخصم الخطير العنيد كي يشن الحروب تارة باردة وتارة ساخنة .
كما أشار هنري كيسنجر في كتابة " الدبلوماسية " إلى حاجة النخبة السياسية والمفكرين السياسيين والمخططين في أمريكا إلى تنصيب عدو دائم للولايات المتحدة حقيقا كان أم وهميا كي يبرروا للرأي العام الأمريكي ضرورة أن تنغمس أمريكا في شؤون العالم الخارجي للحفاظ على أمنها وسلامتها وأسواقها ومصالحها الحيوية في شتى بقاع العالم مهما كلف ذلك من تضحيات مادية وبشرية .
ولقد كان الزعماء السياسيون السوفيات يدركون هذه اللعبة الأمريكية ويتعايشون معها فقد نقل عن جورج ارباتوف مستشار الرئيس السوفيتي الأخير ميخائيل جورباتشوف في أواخر عقد الثمانينات من القرن الماضي عندما كانت الحرب الباردة تقترب من نهايتها : " أننا سننزل بكم خطبا جللا .... إننا سوف نجردكم من العدو " وفي عام 1991 تكلم جوربا تشوف مخاطبا دول حلف الأطلسي عامة والولايات المتحدة خاصة قائلا: " سوف نلحق بكم أذى بليغا وضررا جسيما. سنحرمكم من خصم مبين " .
ومما يؤكد مصداقية هذا التحليل أن الأمريكان _بعد انهيار الاتحاد السوفيتي _ راحوا يصطنعون خصومات جديدة يفتعلونها هنا وهناك فمن صدام حسين وخطر العراق المدمج بأسلحة الدمار الشامل المزعومة على المنطقة بأسرها وعلى الولايات المتحدة وعلى العالم بأسره إلى خطر الإرهاب الدولي الإسلامي المتمثل في بعض رموزه من أمثال عمر عبد الرحمن العاجز الضرير والشريدين الطريدين أسامة بن لادن وأيمن الظواهري إلى ضرب قواعد الإرهاب المزعومة في السودان وأفغانستان باعتبارهما ملاذين امنين للإرهاب وقواعد انطلاق لعمليات الإرهاب الدولي في شتى أنحاء العالم ثم إلى الخطر الذي يشكله زعيم الصرب سولفان ميلوسوفتش على السلام والأمن الدوليين في البلقان و أوروبا والولايات المتحدة .

مؤمن
28-04-2009, 11:27 AM
وفي هذا السياق اعني البحث عن عدو دائم حقيقي أو وهمي في السياسة الأمريكية طلع علينا المفكر الأمريكي صامويل هنتجتون (samuel Huntington) بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بنظرية تضليلية سماها " صراع الحضارات " كي يبقى على فكرة العدو الدائم الخطير الذي يشكل تهديدا للحضارة الغربية التي تعتبر أمريكا حامية حماها والمنافح عنها ووراثة أمجادها فبقاء الحضارة الغربية وازدهارها وهيمنتها على سائر حضارات الناس وخاصة الحضارة الإسلامية هو القضية المصيرية الكبرى التي يتوجب على أمريكا أن تخوض غمرات الصراع الدولي من اجلها وان تقدم التضحيات العظيمة في سبيلها فان من شان الحضارة الإسلامية _على وجه الخصوص _ لو كتب لها النجاح في صراعها وتحديها للحضارة الغربية أن تؤدي إلى انهيار تلك الحضارة والى سقوط القائمين عليها وعلى رأسهم أمريكا نفسها وهذه النظرية الفلسفية السياسية التي تصدر عنها السياسة الأمريكية ليست بالفكرة الجديدة في منظومة المفاهيم السياسية الأساسية التي تحكم النهج الأمريكي في ممارسة السياسة الدولية فهذه هي على وجه التحديد ما كان ينادي به الفيلسوف الألماني هيغل في القرن التاسع عشر في معرض بسط اطروحتة عن الحروب بين البشر باعتبارها تحديا كان على مر العصور أمرا لا مفر منة حينا ولا بد منة حينا آخر وحتى هيغل لم يكن بدعا بين المفكرين والفلاسفة قبلة وبعدة فهو إنما يمثل مدرسة فكرية فلسفية في هذا الاتجاه .
فأرباب هذه المدرسة وإن اعتبروا الحرب شراً لا بد منة فبواسطتها تحافظ الأمم على عافيتها الخلقية، وتصون نفسها من التراخي والترهل والتفسخ الذي يولده السلام الدائم وبحوافز الحرب تستخرج الأمم طاقاتها الكامنة فتحشدها وتطورها وتفجرها كي تحقق النصر وتتجنب الهزيمة لئلا يستعبدها خصومها أو يصدروا عليها حكما بإعدامها وتذهب هذه المدرسة إلى القول بان لم يحدث في التاريخ أن ارتقت امة أو قامت إمبراطورية أو دولة كبرى أو نشأت حضارة عظيمة إلا على اثر حروب والسلام ليس في حقيقة الأمر أكثر من استراحة بين الحربين فالحرب هي الحياة والحياة لا تنال بسلام واسترخاء بل تؤخذ فقط بالقوة والمغالبة كما قال الشاعر العربي " ولكن تؤخذ الدنيا غلابا " أو كما قال الفيلسوف الألماني نيتشه " إذا أرادت أن تجني من الوجود أسمى ما فيه فليس لذلك من سبيل إلا للعيش في خطر .
والأمم الحية هي تلكِ التي تستطيع أن تحارب دائما بشكل أو بآخر " أو كما قال الكاتب السياسي الأمريكي ألامع في عقد الستينات من القرن الماضي صول بادوفر " أن العيش في خطر ليس بالأمر المستنكر على أي حال أما العيش في جهالة واسترخاء فهو المصيبة التي ما بعدها مصيبة " .

ابو العبد
29-04-2009, 09:45 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخوة الكرام السلام عليكم ورجمة الله وبركاته
بالنسبة لتقسيم العراق فعلا امريكا تريد تقسيمه وبداءت منذ زمن وشمال العراق اصبح اقليم منفصل وله علم خاص به وجيش خاص به ( قوات البشمركة) وتعكف الان على ترتيب اوراق الوسط أي ايجاد اقليم للسنة واقليم في الجنوب للشيعة
وما مطالبة الحكيم بان يكون اقليم للشيعة في الجنوب ما هو الا تعبير عن السير في المشروع الامريكي لتقسيم العراق وايضا ما تم الاعلان عنه من قبل تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين من اقامة دولة اسلامية تواجدها في الوسط أي بغداد وما حولها ما هو الا تجسيد للتقسيم لهذا البلد المسلم وتنفيذا للمشروع الامريكي لمنطقة الشرق الاوسط الذي بداءت فيه في العراق لكي يكون نموذجا سينسحب على باقي المنطقة
وفعلا تعد العدة امريكا في مناطق اخرى من منطقة الشرق الاوسط لتقسيمه ولكن هذه المرة ليس من خلال جيوشها بل من خلال اشعال فتيل الفتنة الطائفية بين ابناء المسلمين وما يحصل الان في شرق السعودية خير مثال على ذلك
اما بالنسبة لما يحصل في العراق حيث قامت امريكا في السنوات الماضية في اذكاء الفتنة الطائفية في العراق وكان وللاسف ادواتها في ذلك ابناء المسلمين من خلال ما يسمى تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات وكذلك قوات بدر وجيش المهدي وغيرهم الكثير في تنفيذ ما تريده امريكا من تقسيم العراق وفعلا هذه الحرب الضروس بين ابناء المسلمين بعضهم البعض التي اكلت الاخضر واليابس وهجرت ما هجرت من ابناء المسلمين جسدت عند اهل العراق فكرة الانفصال بين ما يسمى سنة وشيعة
ولكن هناك اشكاليات تواجه امريكا المجرمة في استكمال تنفيذ جريمتها بحق ابناء المسلمين في العراق ولذلك نرى عودة التفجيرات والسيارات المفخخة في اوساط الناس وهذه الاعمال من ورائها امريكا من اجل تهيئة الاوضاع للسير قدما في جريمتها النكراء في حق اهل العراق وليس كما يظن البعض ان بريطانيا وراء هذه التفجيرات من اجل افشال المشروع الامريكي لان المتابعة الدقيقة لمجريات الاحداث تكشف لنا عن الجهة المستفيدة من هذه الاعمال
واذا دققنا النظر فان البرلمان العراقي مقبل على التصويت على سن قانون الفدرالية في العراق حيث انه حتى الان ما زال مشروع قانون يحتاج التصويت عليه ولكن اهل " السنة " غير موافقين عليه لانهم يعتبرون انفسهم مظلومين في عملية التقسيم هذه حيث موارد النفط موجودة في الجنوب والشمال وهذا يحتاج الى ترتيب ولذلك من المرجح ان تتصاعد اعمال العنف في الفترة القادمة
وايضا لا ننسى الدور الايراني فامريكا تريد اشراك ايران في ترتيب اوراق العراق وتاتي هذه الاعمال في اعطاء المبرر لامريكا في التفاوض مع ايران حول العراق
اما بالنسبة لما يسمى الفوضى الخلاقة فما هى الا مسميات تطلقها امريكا من اجل تجميل جرائمها النكراء وصرف الانظار عن المسمى الحقيقي لما يحدث
انظر في العراق اطلقت عليها الفوضى الخلاقة وفي حرب تموز 2006 في لبنان اطلقت عليها مخاض شرق اوسط جديد وهكذا !!!!!!!
فالاستراتيجية الامريكية لمنطقة الشرق الاوسط هى صياغته من جديد على اساس طائفي وعرقي بحيث تضمن بقاء تفردها بالموقف الدولي وترى ان بوابة العبور للمنطقة هو حل القضية الفلسطينية
اخ مؤمن انت طلبت مني على الخاص ان نؤجل النقاش في موضوع جدية امريكا في حل القضية الفلسطينية لفترة وقبلت ذلك مع انك لم ترد على ما طرحته عليك هناك وتاتي هنا وتكرر ما كنت تقوله هناك من عبارات ممجوجة وعموميات لا قيمة لها في الحديث السياسي حول خطاء الشيخ تقي رحمه الله في تحليله السياسي حول القضية الفلسطينية
مع انك انت وغيرك يعلم ان ما سطره الشيخ من مفاهيم سياسية كانت بمثابة البوصلة في الفهم السياسي التي اذا تركها احدهم كانت النتيجة التيه في بحر من الظلمات
فتأتي وتقول ان الاحداثية التى انطلق منها الشيخ في تحليل القضية الفلسطينية كانت خطاء دون ان تستطيع التدليل على ذلك مكتفيا بعبارات عامة وحديث في عموميات لانك سمعتها من احدهم فهذا لا يليق وغير مقبول منك ومن غيرك
وانا هنا لا اضفي القداسة على اراء الشيخ تقي فهو بشر ولذلك يخطيء ويصيب ولكن من باب اعطاء الرجل حقه فله الفضل على الامة الاسلامية كغيره من العلماء والفقهاء ورجال الدولة كانوا في عصور مضت
فعلى سبيل المثال لا يحق لي ان اقو ل ان الامام احمد ابن حنبل ليس فقيها وانا لا افهم بالفقه شيئا فعندما اقول انه ليس فقيها فيجب ان تكون عندي القدرة على توضيح عدم فقهه وعندما اقول ان الشيخ تقي اخطاء في تحليله لانه انطلق من احداثية اثبت الواقع خطاءها فيجب ان تكون عندي القدرة تبيان ذلك بالتفصيل وليس في عموميات
فارجو منك اخي الكريم ان تعود حيث ناقشنا الامر وترد على ما طرحته عليك في هذا الصدد ونكمل النقاش هناك
وكأني بالاخ ابو محمد عندما طرح عليك هذا السؤال اراد ان يعيدك الى استكمال النقاش في هذا الموضوع

أبو محمد
29-04-2009, 10:53 PM
السلام عليكم

أرجو أن يكون الحوار أقل حدة وأن نتجاوز التقييم الشخصي للنفس أو للغير، وعلى كل حال أرى التناقض برأي الأخ مؤمن فأعدت عليه الأسئلة التي تخص الفوضى الخلاقة سواء على صعيد القضية الفلسطينية أو العراقية وكنت أتمنى أن يستمر النقاش حتى تعم الفائدة.

أنا أقرأ كل ما يكتب بالمنتدى، ولكني لم أقرأ قولا لمؤمن يقول فيه أن ابن حبل رحمه الله ليس فقيها مع اني سمعت هذا الرأي من كثير من شبابنا، على كل أرجو الأستمرار بالحوار بروح الأخوة.

ودمتم