المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حرب جديدة في الافق



وليد فهد
26-11-2012, 02:56 PM
حرب جديدة.. في الأفق!

ارسال الى صديق طباعةطباعة مع التعليقات تكبير/تصغير الخط
محمد خروب
يبدو أن المنطقة لن تعرف الهدوء, ولو في شكل نسبي, حتى يتم «تظهير» الأزمة السورية ومعرفة المآلات التي ستنتهي اليها, وما اذا كانت هذه النهاية (غير المؤكدة) ستستند الى صفقة اميركية – روسية, لن تخرج في كل الاحوال عن اتفاق جنيف وهو السقف الذي حددته موسكو لنفسها, حتى لو أبدت مرونة أو غموضاً أو أطلقت بالونات اختبار في بعض التصريحات أو المواقف, اضافة بالطبع الى ما يمكن أن تأتي به خطة الابراهيمي «الوشيكة», التي يجري تسريب بعض نصوصها, والمرجح أن يعلنها صاحبها يوم الخميس المقبل عبر تقريره الى مجلس الأمن.. أم انها (مآلات الازمة السورية) ستأخذ طابع التصعيد العسكري, الذي بدأت أنقرة تمهّد له بعد أن استجلبت بعض بطاريات الباتريوت, رغم معارضة موسكو وطهران, بل وزادت حكومة اردوغان من تعنتها عندما قلّلت من اهمية التحذيرات الروسية والايرانية من عواقب خطوة استفزازية كهذه, ورأت (انقرة) أن هذه قضايا داخلية لا يحق لأحد التدخل فيها اضافة بالطبع الى اعتبارها شأناً أطلسياً..
ليس هذا موضوعنا, رغم أن المنطق التركي لا يصمد أمام التدخل الفظ والمباشر والميداني, الذي تمارسه حكومة انقرة في الأزمة السورية, لأن لا أحد يجهل أن ما يجري في سوريا هو شأن داخلي «محض», لكن اردوغان ورئيس دبلوماسيته, زَعَما أن ما يجري في سوريا شأن «تركي داخلي», فكيف يدافعان عن منطق متهافت كهذا؟
على أي حال.. لم نبتعد كثيراً عن ما أردنا التأشير عليه, وهي نذر الحرب التي تلوح في الافق بين اقليم كردستان وحكومة بغداد, بعد أن وصلت حدة التراشق الاعلامي بل والحشد العسكري المترافق مع استقدام أسلحة ثقيلة, الى مدى غير مسبوق, وبخاصة بعد فشل الوساطات التي قامت بها اطراف عديدة عراقية وغير عراقية, بدأها الرئيس طالباني ودخل على خطها مقتدى الصدر, وانتهت (حتى الان) عند اسامة النحيفي رئيس البرلمان, الذي قيل انه نجح في دفع الطرفين للموافقة على العودة لاتفاق العام 2009 الذي رعته واشنطن (عند وجود الاحتلال) والذي ينص في جملة ما ينص عليه، ادارة مشتركة للملف الامني في المناطق المتنازع عليها.
احتمالات نجاح هذا المسعى تبدو «صفرية» في ظل التشدد (المعلن على الاقل) الذي يبديه قطبا الازمة, وهما هنا نوري المالكي رئيس الحكومة الاتحادية ومسعود برزاني رئيس اقليم كردستان الذي يرى في ما يحدث الان بانها «ازمة كبيرة» وأنه لا يستطيع المساومة على قضية تشكيل «قيادة عمليات دجلة» حيث ان تشكيلها «غير دستوري» وانه مهما كانت النتائج, فلن يتراجع عن مطلبه بحل هذه القوة العسكرية.
هي طبول الحرب إذاً, والعواصم الاقليمية وتداعيات الازمة السورية وطبيعة التحالفات التي نشأت منذ العام 2009 (حين نجح الاميركيون في جمع الطرفين على اتفاق حول تلك المناطق) ليست بعيدة عما يحدث الان على ابواب كركوك والتي يصعب كذلك فصلها عن الاحتقان المتواصل الذي سببته «العقود النفطية» التي يواصل اقليم كردستان توقيعها مع شركات نفطية عديدة دون العودة الى بغداد, وهنا تدخل انقرة كحليف داعم لبرزاني نفطيا وسياسيا وبخاصة ازاء النظام السوري, حيث يسعى اردوغان الى «شراء» دعم برزاني كي يكبح جماح اكراد سوريا وخصوصا حزب الاتحاد الديمقراطي «السوري» الداعم لحزب العمال الكردستاني PKK بزعامة اوجلان.
صراع مفتوح متعدد الاهداف والاطراف, ومتداخل على نحو يصعب إبعاد ملف عن اخر, سواء نظرت اليه في سياق الصراع المزعوم «السني الشيعي» الآخذ في التعمق بعد نجاح انقرة وبعض العواصم العربية في اظهاره وكأنه النقطة الاولى في جدول الاعمال الاقليمي دون أي اهتمام يذكر بالصراع الرئيسي مع الصهيونية والاحتلال الاسرائيلي الطويل والممتد للقدس (التي لم يَعِدْ اردوغان بقرب صلاته في مسجدها الاقصى حتى وهو في القاهرة مؤخرا) وكانت الحرب العدوانية الاخيرة على غزة مثالا ساطعا على الكيفية التي يتعاطى فيها قادة المحور السني الناشئ او القائم مع القضية الفلسطينية سياسيا واعلاميا على حد سواء مقابل تعاطيهم الساخن وغب الطلب و24/24 مع الازمة السورية.. أم نظر المرء اليها من بوابة «لعبة الامم» التي تعكس انهيار معادلات لم تصمد طويلاً, والاحتمالات القائمة لإشهار معادلات وتحالفات جديدة كُرِّس بعضها بصفقة (تاريخية حتى لا ننسى) بين واشنطن وجماعة الاخوان المسلمين المعتدلة, وأخرى لم تزل رهن التجريب اذا ما نجح العربان والسلطان اردوغان, في تحطيم الدولة السورية واغراقها في الدم والدمار والفرز الطائفي والمذهبي المؤدي حتما الى التقسيم والبلقنة.
هل هي اذا معركة كركوك.. ام معركة دمشق.. أم معركة «نووي» طهران؟
.. الايام ستقول.
[email protected]