عبد الواحد جعفر
01-09-2012, 09:48 AM
نص كلمة الرئيس محمد مرسي في قمة دول عدم الانحياز المنعقدة في طهران
"الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى آل بيته وصحبه وارض اللهم عن سادتنا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين "واعتصموا بحبل الله جميعًا ولاتفرقوا".. السيد الرئيس محمود أحمدى نجاد، رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، السادة أصحاب السمو والفخامة الملوك والرؤساء، ورؤساء الوزراء والوزراء.. السيد ناصر عبد العزيز، رئيس الدورة 66 للجمعية العامة للأمم المتحدة، السيد بان كى مون، الأمين العام للأمم المتحدة والسادة الحضور.
أعلن افتتاح القمة 16 لحركة دول عدم الانحياز، يسعدنى أن أشارك معكم اليوم فى فاعليات القمة السادسة عشرة لحركة عدم الانحياز، تلك الحركة التى نجحت فى تحويل رؤى آبائها المؤسسين من مبادئ إلى أفعال، ومن فكر إلى سلوك، ومن مكمن ضعف إلى مكمن قوة على الساحة الدولية.
ولا يفوتنى أن أجدد الشكر لجمهورية كوبا لما قدمته من عمل صادق لدفع مسيرة حركة دول عدم الانحياز خلال فترة عضويتها بتلك الحركة فى الأعوام التسعة الماضية، وأن أرحب بعضوية "تورويكا" الجديدة والجمهورية البلوفيرية الفنزولاية التى ستستضيف القمة السابعة عشرة للحركة فى عام 2015 إن شاء الله.
أرحب بكل حب وإخلاص بالسيد بان كى مون، أمين عام الأمم المتحدة، والسيد ناصر عبد العزيز، رئيس الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن أثنى بحق على مشاركتهما فى فعاليات هذه القمة المهمة التى تنعقد بطهران.
نجتمع اليوم فى واحدة من أهم اللحظات فى تاريخنا المعاصر بعد ثورة مصر، بعد ثورة الشعب المصرى السلمية التى كانت بدايتها قبل ذلك بسنوات، ولكنها تبلورت فى الخامس والعشرين من يناير من عام 2011 حيث تحرك المصريون على قلب رجل واحد ليغيروا نظامًا استبد بهم ولا يتحرك لمصلحة هذا الشعب.
استطاع المصريون بفضل الله ثم بتضامنهم ووحدتهم أن يعبروا مرحلة انتقالية صعبة فيها الكثير من التحديات وكانت وحدة الصف ووحدة الفعالية ووحدة الأهداف وقوة الأداء وسلمية هذه الثورة وانضمام الشعب والجيش وتوحد هذه الفعالية بين جيش مصر الأبى وشعبها صاحب التاريخ الطويل فى النضال وفى الجهاد وفى مقاومة كل أنواع الظلم والاستعمار.
ولعل بدايات حركة دول عدم الانحياز كانت أيضًا بمشاركة فاعلة من مصر بقيادتها حين إذن التى كانت تعبر عن شعبها فلقد كان عبد الناصر يعبر عن إرادة الشعب فى كسر الهيمنة الخارجية على إرادة الشعوب الناهضة فى ذلك الوقت. لقد مثلت الثورة المصرية فى الخامس والعشرين من يناير حجر الزاوية بالنسبة لحركة الربيع العربى، حيث كانت قبلها بأيام قليلة ثورة تونس ثم تلتها ثورة ليبيا واليمن والآن ثورة سوريا على النظام الظالم فيها.
لقد نجحت بفضل الله الثورة المصرية فى تحقيق أهدافها السياسية فى انتقال السلطة الآن إلى سلطة مدنية حقيقية تم انتخابها بإرادة المصريين وحدهم، الآن مصر دولة مدنية بكل معنى الكلمة، الآن مصر هى الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة التى يتولى أبناؤها بإرادتهم دفة أمورهم كاملة.
أيها الإخوة الأحباب الحضور جميعًا السيدات والسادة نحن جميعًا الآن أمام تحديات كثيرة تواجهها دولنا الأعضاء، فالشعبان الفلسطينى والسورى يناضلان الآن ببسالة مبهرة طلبًا للحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، والنظام الدولى الراهن يتعرض لاختبارات عديدة، على خلفية الأزمة العالمية وعجز الأجهزة المعنية بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين، عجز عن الاضطلاع بمهامها.
كما تتعرض بعض دولنا لأخطار خارجية وداخلية غير مسبوقة وتتزايد على الساحة الدولية مظاهر التمييز والعنصرية والتعصب والإرهاب الدولى الممنهج وتتفاقم معضلة تغير المناخ وتزداد معاناة بعض دولنا النامية من آفات الفقر والأمراض المتوطنة.
أيها الإخوة والأخوات، أيها السيدات والسادة، إن قدر حركة دول عدم الانحياز أن تلعب دورًا محوريًا في هذه اللحظات الفاصلة، فقد جاءت نشأة الحركة فى أوج الحرب الباردة وفى ظل نضال الشعوب المستعمَرة حين إذن كانت للحصول على استقلالها وسيادتها، وأرست مبادئها العشرة ركائز حماية المصالح السياسية والاقتصادية بل إن شئت قل الاجتماعية والثقافية والدينية لشعوب دولها، وعلى الرغم من تغير الخريطة السياسية ومعها تغير العلاقات بين الدول بل والتركيبة الدولية برمتها.
وعلى الرغم من كل ذلك فإن الحركة قد حافظت على ثوابتها ولم تتغير بوصلتها ولم تنحرف عن المبادئ الأساسية التى نشأت من أجلها بل استطاعت هذه الحركة بهذا الكيان الجامع حماية مصالح الدول النامية حديثة الاستقلال، ونجح فى خلق مظلة دولية واسعة النطاق رسخت شرعية جديدة للسياسة الخارجية لدول عدم الانحياز، كانت ومازالنا نأمل ونصر على أن تبقى شرعية سمحت للدول حديثة الاستقلال حين إذن أن ترى منارة هدف جديد قائم على مبادئ الحياد الإيجابى ومنع التحالفات القطبية وترسيخ مفهوم الاستقلالية الصحيح.
السيدات والسادة الحضور، إن العنوان الموضوعى الذى تم اختياره لقمتنا هذه هو "الحوكمة" العالمية المشتركة وعلاقتها بالسلام الدولى، هذا العنوان يعكس بوضوح رؤية يتعين أن تلتف حولها حركتنا بكل قوة، ونحن نرفع شعارنا نحو عالم أكثر عدلاً، هل يمكن أن يتحقق هذا الشعار، وأن يتحول إلى واقع، هذا ما نسعى إليه وهذا ما نصر عليه، وهذا ما نتحرك من أجله جميعًا، عازمين على أن نكون دائمًا طرفًا فاعلاً فى النظام الدولى وإدارته.
إن مصر الجديدة بعد الثورة المباركة فى 25 يناير 2011 تنشد نظامًا عالميًا عادلاً يخرج الدول النامية من دائرة الفقر والتبعية والتهميش إلى دائرة الرخاء والريادة والقوة والمشاركة الحقيقية فى الشأن العالمى وهو الأمر الذى لن يتحقق بغير الوصول إلى قناعة دولية بضرورة تطبيق المبادئ الديمقراطية على النظام الدولى والتعددية على منظومته السياسية فلم يعد أبدًا مقبولاً أن نحترم أساسيات الديمقراطية على مستوى الدولة الواحدة ونلفظها على المستوى الدولى بين الدول بعضها وبعض ولم يعد مقبولاً أيضًا أن نتطلع إلى مبادئ التعددية وننحيها جانبًا فى إدارة العلاقات الدولية.
ومن هنا وبهذه المعانى والإرادة والنظرة الواعية للمستقبل فإن مصر تؤمن بأن إحدى الركائز الأساسية لهذا النظام الدولى العادل الجديد الذى نريده تكمن فى الأساس فى تعزيز مساهمة الدول النامية فى إدارة وإصلاح مؤسسات الحوكمة العالمية لضمان عدالة المشاركة فى صنع القرار وصياغة التوجهات على الساحة الدولية سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، ولعل الخطوة الأولى فى تحقيق هذا الهدف هى إصلاح وتوسيع مجلس الأمن بصورة شاملة ليكون أكثر تمثيلاً للنظام العالمى القائم فى القرن الواحد والعشرين وليس انعكاسًا لما كان عليه الوضع فى القرن الماضى وبحيث تكون قراراته أكثر مصداقية فلم يعد مقبولاً علي سبيل المثال استمرار الظلم التاريخى الواقع على إفريقيا جراء عدم تمثيلها بفئة العضوية الدائمة بمجلس الأمن بل وبضعف تمثيلها بالعضوية غير الدائم.
رغم أن الكثير من القضايا المثارة على أجندة مجلس الأمن الدولي تتعلق بالقارة الإفريقية وبالتوازى أيضًا علينا تفعيل دور الجمعية العامة للأمم المتحدة وزيادة مساهماتها فى قضايا السلم والأمن الدوليين باعتبارها الجهاز الأكثر لدول العالم والشعوب والمؤسسة الأكثر تعبيرًا عن رأى المجتمع الدولى، وقد شهدنا خلال الأشهر الماضية نماذج عدة لأهمية اضطلاع هذا الجهاز بدور أكثر فاعلية عندما شلت أيدى مجلس الأمن فى معالجة العديد من الأزمات بسبب حق الفيتو الذى يمنع الحلول الناجعة لتلك المشكلات، ولعل آخر تلك المشكلات التى مازالت تدمى قلوبنا جميعًا الأزمة السورية.
السيدات والسادة، إن القضية الفلسطينية كانت منذ بداية حركة عدم الانحياز على رأس أولوياتها وستظل كذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل وشامل لها يضمن الحقوق المشروعة غير القابلة للتصرف يجعلها فقط للشعب الفلسطيني، حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بإرادته وإقامة دولته الحرة على أرضه بإرادة كل أبنائه داخل وخارج الأرض الفلسطينية.
واليوم أيها الإخوة نحن مطالبون باستمرار الوقوف بجانب هذا الحق وتوفير الدعم السياسي وغيره من أنواع الدعم اللازم لتحقيق الاعتراف بالدولة الفلسطينية داخل الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية بالمنظمة وتسليط الضوء على ما يعانيه هذا الشعب وخاصة سجناءه من ظروف صعبة يفرضها الاحتلال تتنافى وكل أعراف ومبادئ القانون الدولي والقيم الإنسانية وحقوق الإنسان عموم الإنسان فضلاً عن فريضة السماء أن يكون الناس أحرارًا في أوطانهم وألا يطغى عليهم أحد.
ومن هنا اود ان اشيد بالإعلان الصادر عن الاجتماع الوزاري لمكتب تنسيق الحركة في شرم الشيخ في مايو الماضي حول السجناء الفلسطينيين والذى ابرز الاوضاع المؤسفة للأسرى الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الاسرائيلية وان الحركة تتضامن مع نضالهم الشريف ومقاومتهم للاحتلال ومن جانبها سوف تدعم مصر أي تحرك فلسطيني في الجامعة العامة او مجلس الامن للانضمام للولايات المتحدة اذا ما قررت القيادة الفلسطينية ذلك وسنستمر في رعاية المصالحة الوطنية الفلسطينية لدعم وحدة الصف الفلسطيني ومن هنا احث الاخوة الفلسطيني بمختلف توجهاتهم على ان يتموا المصالحة وان ينتقلوا الى تنفيذ ما تم التوصل اليه مؤخرا دون الالتفات الى خلافات ضيقة فيما بينهم حتى يمكنهم التركيز على قضيتهم الحقيقة وهي مقاومة الاحتلال والتحرر منه
ولا يسعني هنا أن أغفل أو أغض الطرف عن الإجراء الاسرائيلي الاخير بمنع بعض وزراء دول الحركة من الدخول إلى رام الله للمشاركة في الاجتماع الوزاري الطارئ للجنة فلسطين والأراضي الفلسطينية في 5 أغسطس الماضي وهو الإجراء الذى استنكرته مصر ودول الحركة.
السيدات والسادة إن تضامننا مع نضال أبناء سوريا الحبيبة ضد نظام قمعي فقد شرعيته هو واجب أخلاقي، بمثل ما هو ضرورة سياسية واستراتيجية ينبع من ايماننا بمستقبل قادم لسوريا الحرة الابية وعلينا جميعا ان نعلن دعمنا الكامل غير المنقوص لكفاح طلاب الحرية والعدالة في سوريا وان نترجم تعاطفنا هذا الى رؤية سياسية واضحة تدعم الانتقال السلمي الى نظام حكم ديمقراطي يعكس رغبات الشعب السوري في الحرية والعدالة والمساواة وفي نفس الوقت يحفظ سوريا من الدخول في دائرة الحرب الاهلية او السقوط في هاوية التقسيم والصدام الطائفي ومن هنا تأتي اهمية توحيد صفوف المعارضة بما يؤمن مصالح كل اطياف المجتمع السوري بدون تفرقة او تمييز ويحفظ وحدة السلام لهذه الدولة الشقيقة ولهذا الشعب الحبيب وان مصر من جانبها على اتم استعداد للتعاون مع كل الاطراف سعيا لحقن الدماء والاتفاق على رؤية واضحة للمبادئ التي ستقوم عليها سوريا الحرة الجديدة تدشينا لمرحلة بناء ونهوض يطوق اليها كل سوري مخلص لوطنه وشعبه واهله وتاريخه ولقد تقدمت مصر بمبادرتها في هذا الشأن في مؤتمر مكة في أخر رمضان الماضي وتدعو الأطراف الفاعلة لأخذ الخطوات اللازمة لايجاد الحل المناسب للخروج من هذه المحنة الذي يعاني منها الشعب السوري
"الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى آل بيته وصحبه وارض اللهم عن سادتنا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين "واعتصموا بحبل الله جميعًا ولاتفرقوا".. السيد الرئيس محمود أحمدى نجاد، رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، السادة أصحاب السمو والفخامة الملوك والرؤساء، ورؤساء الوزراء والوزراء.. السيد ناصر عبد العزيز، رئيس الدورة 66 للجمعية العامة للأمم المتحدة، السيد بان كى مون، الأمين العام للأمم المتحدة والسادة الحضور.
أعلن افتتاح القمة 16 لحركة دول عدم الانحياز، يسعدنى أن أشارك معكم اليوم فى فاعليات القمة السادسة عشرة لحركة عدم الانحياز، تلك الحركة التى نجحت فى تحويل رؤى آبائها المؤسسين من مبادئ إلى أفعال، ومن فكر إلى سلوك، ومن مكمن ضعف إلى مكمن قوة على الساحة الدولية.
ولا يفوتنى أن أجدد الشكر لجمهورية كوبا لما قدمته من عمل صادق لدفع مسيرة حركة دول عدم الانحياز خلال فترة عضويتها بتلك الحركة فى الأعوام التسعة الماضية، وأن أرحب بعضوية "تورويكا" الجديدة والجمهورية البلوفيرية الفنزولاية التى ستستضيف القمة السابعة عشرة للحركة فى عام 2015 إن شاء الله.
أرحب بكل حب وإخلاص بالسيد بان كى مون، أمين عام الأمم المتحدة، والسيد ناصر عبد العزيز، رئيس الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن أثنى بحق على مشاركتهما فى فعاليات هذه القمة المهمة التى تنعقد بطهران.
نجتمع اليوم فى واحدة من أهم اللحظات فى تاريخنا المعاصر بعد ثورة مصر، بعد ثورة الشعب المصرى السلمية التى كانت بدايتها قبل ذلك بسنوات، ولكنها تبلورت فى الخامس والعشرين من يناير من عام 2011 حيث تحرك المصريون على قلب رجل واحد ليغيروا نظامًا استبد بهم ولا يتحرك لمصلحة هذا الشعب.
استطاع المصريون بفضل الله ثم بتضامنهم ووحدتهم أن يعبروا مرحلة انتقالية صعبة فيها الكثير من التحديات وكانت وحدة الصف ووحدة الفعالية ووحدة الأهداف وقوة الأداء وسلمية هذه الثورة وانضمام الشعب والجيش وتوحد هذه الفعالية بين جيش مصر الأبى وشعبها صاحب التاريخ الطويل فى النضال وفى الجهاد وفى مقاومة كل أنواع الظلم والاستعمار.
ولعل بدايات حركة دول عدم الانحياز كانت أيضًا بمشاركة فاعلة من مصر بقيادتها حين إذن التى كانت تعبر عن شعبها فلقد كان عبد الناصر يعبر عن إرادة الشعب فى كسر الهيمنة الخارجية على إرادة الشعوب الناهضة فى ذلك الوقت. لقد مثلت الثورة المصرية فى الخامس والعشرين من يناير حجر الزاوية بالنسبة لحركة الربيع العربى، حيث كانت قبلها بأيام قليلة ثورة تونس ثم تلتها ثورة ليبيا واليمن والآن ثورة سوريا على النظام الظالم فيها.
لقد نجحت بفضل الله الثورة المصرية فى تحقيق أهدافها السياسية فى انتقال السلطة الآن إلى سلطة مدنية حقيقية تم انتخابها بإرادة المصريين وحدهم، الآن مصر دولة مدنية بكل معنى الكلمة، الآن مصر هى الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة التى يتولى أبناؤها بإرادتهم دفة أمورهم كاملة.
أيها الإخوة الأحباب الحضور جميعًا السيدات والسادة نحن جميعًا الآن أمام تحديات كثيرة تواجهها دولنا الأعضاء، فالشعبان الفلسطينى والسورى يناضلان الآن ببسالة مبهرة طلبًا للحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، والنظام الدولى الراهن يتعرض لاختبارات عديدة، على خلفية الأزمة العالمية وعجز الأجهزة المعنية بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين، عجز عن الاضطلاع بمهامها.
كما تتعرض بعض دولنا لأخطار خارجية وداخلية غير مسبوقة وتتزايد على الساحة الدولية مظاهر التمييز والعنصرية والتعصب والإرهاب الدولى الممنهج وتتفاقم معضلة تغير المناخ وتزداد معاناة بعض دولنا النامية من آفات الفقر والأمراض المتوطنة.
أيها الإخوة والأخوات، أيها السيدات والسادة، إن قدر حركة دول عدم الانحياز أن تلعب دورًا محوريًا في هذه اللحظات الفاصلة، فقد جاءت نشأة الحركة فى أوج الحرب الباردة وفى ظل نضال الشعوب المستعمَرة حين إذن كانت للحصول على استقلالها وسيادتها، وأرست مبادئها العشرة ركائز حماية المصالح السياسية والاقتصادية بل إن شئت قل الاجتماعية والثقافية والدينية لشعوب دولها، وعلى الرغم من تغير الخريطة السياسية ومعها تغير العلاقات بين الدول بل والتركيبة الدولية برمتها.
وعلى الرغم من كل ذلك فإن الحركة قد حافظت على ثوابتها ولم تتغير بوصلتها ولم تنحرف عن المبادئ الأساسية التى نشأت من أجلها بل استطاعت هذه الحركة بهذا الكيان الجامع حماية مصالح الدول النامية حديثة الاستقلال، ونجح فى خلق مظلة دولية واسعة النطاق رسخت شرعية جديدة للسياسة الخارجية لدول عدم الانحياز، كانت ومازالنا نأمل ونصر على أن تبقى شرعية سمحت للدول حديثة الاستقلال حين إذن أن ترى منارة هدف جديد قائم على مبادئ الحياد الإيجابى ومنع التحالفات القطبية وترسيخ مفهوم الاستقلالية الصحيح.
السيدات والسادة الحضور، إن العنوان الموضوعى الذى تم اختياره لقمتنا هذه هو "الحوكمة" العالمية المشتركة وعلاقتها بالسلام الدولى، هذا العنوان يعكس بوضوح رؤية يتعين أن تلتف حولها حركتنا بكل قوة، ونحن نرفع شعارنا نحو عالم أكثر عدلاً، هل يمكن أن يتحقق هذا الشعار، وأن يتحول إلى واقع، هذا ما نسعى إليه وهذا ما نصر عليه، وهذا ما نتحرك من أجله جميعًا، عازمين على أن نكون دائمًا طرفًا فاعلاً فى النظام الدولى وإدارته.
إن مصر الجديدة بعد الثورة المباركة فى 25 يناير 2011 تنشد نظامًا عالميًا عادلاً يخرج الدول النامية من دائرة الفقر والتبعية والتهميش إلى دائرة الرخاء والريادة والقوة والمشاركة الحقيقية فى الشأن العالمى وهو الأمر الذى لن يتحقق بغير الوصول إلى قناعة دولية بضرورة تطبيق المبادئ الديمقراطية على النظام الدولى والتعددية على منظومته السياسية فلم يعد أبدًا مقبولاً أن نحترم أساسيات الديمقراطية على مستوى الدولة الواحدة ونلفظها على المستوى الدولى بين الدول بعضها وبعض ولم يعد مقبولاً أيضًا أن نتطلع إلى مبادئ التعددية وننحيها جانبًا فى إدارة العلاقات الدولية.
ومن هنا وبهذه المعانى والإرادة والنظرة الواعية للمستقبل فإن مصر تؤمن بأن إحدى الركائز الأساسية لهذا النظام الدولى العادل الجديد الذى نريده تكمن فى الأساس فى تعزيز مساهمة الدول النامية فى إدارة وإصلاح مؤسسات الحوكمة العالمية لضمان عدالة المشاركة فى صنع القرار وصياغة التوجهات على الساحة الدولية سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، ولعل الخطوة الأولى فى تحقيق هذا الهدف هى إصلاح وتوسيع مجلس الأمن بصورة شاملة ليكون أكثر تمثيلاً للنظام العالمى القائم فى القرن الواحد والعشرين وليس انعكاسًا لما كان عليه الوضع فى القرن الماضى وبحيث تكون قراراته أكثر مصداقية فلم يعد مقبولاً علي سبيل المثال استمرار الظلم التاريخى الواقع على إفريقيا جراء عدم تمثيلها بفئة العضوية الدائمة بمجلس الأمن بل وبضعف تمثيلها بالعضوية غير الدائم.
رغم أن الكثير من القضايا المثارة على أجندة مجلس الأمن الدولي تتعلق بالقارة الإفريقية وبالتوازى أيضًا علينا تفعيل دور الجمعية العامة للأمم المتحدة وزيادة مساهماتها فى قضايا السلم والأمن الدوليين باعتبارها الجهاز الأكثر لدول العالم والشعوب والمؤسسة الأكثر تعبيرًا عن رأى المجتمع الدولى، وقد شهدنا خلال الأشهر الماضية نماذج عدة لأهمية اضطلاع هذا الجهاز بدور أكثر فاعلية عندما شلت أيدى مجلس الأمن فى معالجة العديد من الأزمات بسبب حق الفيتو الذى يمنع الحلول الناجعة لتلك المشكلات، ولعل آخر تلك المشكلات التى مازالت تدمى قلوبنا جميعًا الأزمة السورية.
السيدات والسادة، إن القضية الفلسطينية كانت منذ بداية حركة عدم الانحياز على رأس أولوياتها وستظل كذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل وشامل لها يضمن الحقوق المشروعة غير القابلة للتصرف يجعلها فقط للشعب الفلسطيني، حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بإرادته وإقامة دولته الحرة على أرضه بإرادة كل أبنائه داخل وخارج الأرض الفلسطينية.
واليوم أيها الإخوة نحن مطالبون باستمرار الوقوف بجانب هذا الحق وتوفير الدعم السياسي وغيره من أنواع الدعم اللازم لتحقيق الاعتراف بالدولة الفلسطينية داخل الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية بالمنظمة وتسليط الضوء على ما يعانيه هذا الشعب وخاصة سجناءه من ظروف صعبة يفرضها الاحتلال تتنافى وكل أعراف ومبادئ القانون الدولي والقيم الإنسانية وحقوق الإنسان عموم الإنسان فضلاً عن فريضة السماء أن يكون الناس أحرارًا في أوطانهم وألا يطغى عليهم أحد.
ومن هنا اود ان اشيد بالإعلان الصادر عن الاجتماع الوزاري لمكتب تنسيق الحركة في شرم الشيخ في مايو الماضي حول السجناء الفلسطينيين والذى ابرز الاوضاع المؤسفة للأسرى الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الاسرائيلية وان الحركة تتضامن مع نضالهم الشريف ومقاومتهم للاحتلال ومن جانبها سوف تدعم مصر أي تحرك فلسطيني في الجامعة العامة او مجلس الامن للانضمام للولايات المتحدة اذا ما قررت القيادة الفلسطينية ذلك وسنستمر في رعاية المصالحة الوطنية الفلسطينية لدعم وحدة الصف الفلسطيني ومن هنا احث الاخوة الفلسطيني بمختلف توجهاتهم على ان يتموا المصالحة وان ينتقلوا الى تنفيذ ما تم التوصل اليه مؤخرا دون الالتفات الى خلافات ضيقة فيما بينهم حتى يمكنهم التركيز على قضيتهم الحقيقة وهي مقاومة الاحتلال والتحرر منه
ولا يسعني هنا أن أغفل أو أغض الطرف عن الإجراء الاسرائيلي الاخير بمنع بعض وزراء دول الحركة من الدخول إلى رام الله للمشاركة في الاجتماع الوزاري الطارئ للجنة فلسطين والأراضي الفلسطينية في 5 أغسطس الماضي وهو الإجراء الذى استنكرته مصر ودول الحركة.
السيدات والسادة إن تضامننا مع نضال أبناء سوريا الحبيبة ضد نظام قمعي فقد شرعيته هو واجب أخلاقي، بمثل ما هو ضرورة سياسية واستراتيجية ينبع من ايماننا بمستقبل قادم لسوريا الحرة الابية وعلينا جميعا ان نعلن دعمنا الكامل غير المنقوص لكفاح طلاب الحرية والعدالة في سوريا وان نترجم تعاطفنا هذا الى رؤية سياسية واضحة تدعم الانتقال السلمي الى نظام حكم ديمقراطي يعكس رغبات الشعب السوري في الحرية والعدالة والمساواة وفي نفس الوقت يحفظ سوريا من الدخول في دائرة الحرب الاهلية او السقوط في هاوية التقسيم والصدام الطائفي ومن هنا تأتي اهمية توحيد صفوف المعارضة بما يؤمن مصالح كل اطياف المجتمع السوري بدون تفرقة او تمييز ويحفظ وحدة السلام لهذه الدولة الشقيقة ولهذا الشعب الحبيب وان مصر من جانبها على اتم استعداد للتعاون مع كل الاطراف سعيا لحقن الدماء والاتفاق على رؤية واضحة للمبادئ التي ستقوم عليها سوريا الحرة الجديدة تدشينا لمرحلة بناء ونهوض يطوق اليها كل سوري مخلص لوطنه وشعبه واهله وتاريخه ولقد تقدمت مصر بمبادرتها في هذا الشأن في مؤتمر مكة في أخر رمضان الماضي وتدعو الأطراف الفاعلة لأخذ الخطوات اللازمة لايجاد الحل المناسب للخروج من هذه المحنة الذي يعاني منها الشعب السوري