ابو العبد
07-04-2009, 09:07 AM
بقلم :فلاديمير سادافوي
كثيراً ما تخطئ واشنطن في التعامل مع الدول الأخرى، وهذه مصيبة، لكن المصيبة الأكبر هي الإصرار على الاستمرار في الخطأ، وبلدان مثل أوكرانيا وجورجيا خير مثال على هذا الأمر، فعندما اندلعت فيهما الثورتان الوردية في جورجيا عام 2003 والبرتقالية في أوكرانيا عام 2004 دعم شعبا البلدين الثورتين بعد أن صدقا شعاراتهما المستوردة من واشنطن مثل «الحرية والديمقراطية والرفاهية والانفتاح على العالم الحر والرخاء الاقتصادي» وغير ذلك من الشعارات الأميركية الرنانة.
ومضت الأعوام ولم يتحقق أي شيء من هذه الشعارات، بل على العكس زادت الاضطرابات وعمت الفوضى وزاد الفقر، كما زادت المشكلات مع الجيران، وخاصة الجارة الأم روسيا التي يرتبط بها الشعبان الجورجي والأوكراني اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً.
وبدا واضحاً أن الأنظمة التي أتت بها واشنطن في هاتين البلدين ودعمتهما مادياً وعسكرياً لم يعودا قادرين على الصمود أمام الغضب الشعبي الذي يتزايد يوماً بعد يوم، ورغم هذا فإن واشنطن لا تريد أن تعترف بأخطائها ولا تسعى لتغيير الأوضاع للأفضل، بل على العكس مستمرة في سياستها في دعم النظامين القائمين، نظام ساكاشفيلي في جورجيا ونظام يوشينكو في أوكرانيا، والخطير في الأمر أن الدعم الأميركي للنظامين سيجلب المزيد من المخاطر وربما الكوارث للبلدين، إذ أنه دعم عسكري يهدف في الأساس إلى تثبيت الوجود العسكري الأميركي في البلدين، وهو الأمر الذي ترفضه تماماً شعوب البلدين.
وتعتزم الولايات المتحدة الأميركية تقديم عدة سفن حربية إلى أوكرانيا كهدية. وزارت إحدى هذه السفن ـ فرقاطة «كلاكرينغ» ـ ميناء سيفاستوبول الأوكراني منذ أيام قليلة. واحتج الكثير من أهالي مدينة سيفاستوبول على هذه الزيارة، وخرجت مظاهرات شعبية ترفع أعلام أوكرانيا وروسيا وتطالب بمنع السفن الحربية الأميركية من دخول المياه الأوكرانية.
والأكثر إثارة في الأمر ما أعلن عن أن طواقم السفن الحربية الأميركية التي ستتسلمها أوكرانيا ستتكون من البحارة العسكريين الأميركيين خلال «فترة انتقالية» لا يعرف أحد إلى متى تستمر، ومن الواضح في أية حال أن المقصود إدخال مجموعة سفن حربية أميركية إلى البحر الأسود لتتواجد هناك بصفة مستمرة وإن استظل بعضها بالعلم الأوكراني.
وقد دخلت قطع بحرية أميركية إلى البحر الأسود في العام الماضي ضمن مجموعة السفن الحربية التي أرسلها حلف شمال الأطلسي (الناتو) مدعياً أنها تحمل «مواد إغاثية» إلى جورجيا بعد أن قرر الناتو حث خطاه لإصلاح الآلة العسكرية الجورجية التي حطمتها القوات الروسية في حرب القوقاز في أغسطس من العام الماضي.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية في عام 1999 أن البحر الأسود يعتبر من مناطق العالم التي ترى الولايات المتحدة ضرورة تثبيت الوجود العسكري الأميركي فيها. وفي عام 2005 وقعت الولايات المتحدة اتفاقية إقامة قواعد للقوات البحرية الأميركية على شواطئ البحر الأسود مع كل من بلغاريا ورومانيا.
ويُقلق كل ذلك حتى تركيا التي هي إحدى دول الناتو حيث تخشى أنقرة أن تؤدي تطورات من هذا القبيل إلى إخراج الممر الذي يربط البحر الأسود بالبحر المتوسط عن نطاق سيطرة الحكومة التركية.
أما روسيا فإنها ترى أن دخول القطع البحرية الأميركية والأطلسية إلى البحر الأسود يمثل تهديداً لأمنها وأمن غيرها من الدول المطلة على البحر الأسود لاسيما وأن تسليح بعض هذه السفن يشتمل على صواريخ مجهزة برؤوس نووية.
أما أوكرانيا فشعبها الذي يعاني من ويلات الأزمة المالية والاقتصادية كان ينتظر من زعماء الثورة البرتقالية أن يطلبوا من واشنطن سفناً محملة بالمساعدات والمعونات وليس سفناً مدججة بأخطر الأسلحة المدمرة، ولكن على ما يبدو أن المخططات الأميركية في البحر الأسود سوف تجعله أكثر سواداً على شعوب الدول الواقعة على شواطئه.
كاتب أوكراني
كثيراً ما تخطئ واشنطن في التعامل مع الدول الأخرى، وهذه مصيبة، لكن المصيبة الأكبر هي الإصرار على الاستمرار في الخطأ، وبلدان مثل أوكرانيا وجورجيا خير مثال على هذا الأمر، فعندما اندلعت فيهما الثورتان الوردية في جورجيا عام 2003 والبرتقالية في أوكرانيا عام 2004 دعم شعبا البلدين الثورتين بعد أن صدقا شعاراتهما المستوردة من واشنطن مثل «الحرية والديمقراطية والرفاهية والانفتاح على العالم الحر والرخاء الاقتصادي» وغير ذلك من الشعارات الأميركية الرنانة.
ومضت الأعوام ولم يتحقق أي شيء من هذه الشعارات، بل على العكس زادت الاضطرابات وعمت الفوضى وزاد الفقر، كما زادت المشكلات مع الجيران، وخاصة الجارة الأم روسيا التي يرتبط بها الشعبان الجورجي والأوكراني اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً.
وبدا واضحاً أن الأنظمة التي أتت بها واشنطن في هاتين البلدين ودعمتهما مادياً وعسكرياً لم يعودا قادرين على الصمود أمام الغضب الشعبي الذي يتزايد يوماً بعد يوم، ورغم هذا فإن واشنطن لا تريد أن تعترف بأخطائها ولا تسعى لتغيير الأوضاع للأفضل، بل على العكس مستمرة في سياستها في دعم النظامين القائمين، نظام ساكاشفيلي في جورجيا ونظام يوشينكو في أوكرانيا، والخطير في الأمر أن الدعم الأميركي للنظامين سيجلب المزيد من المخاطر وربما الكوارث للبلدين، إذ أنه دعم عسكري يهدف في الأساس إلى تثبيت الوجود العسكري الأميركي في البلدين، وهو الأمر الذي ترفضه تماماً شعوب البلدين.
وتعتزم الولايات المتحدة الأميركية تقديم عدة سفن حربية إلى أوكرانيا كهدية. وزارت إحدى هذه السفن ـ فرقاطة «كلاكرينغ» ـ ميناء سيفاستوبول الأوكراني منذ أيام قليلة. واحتج الكثير من أهالي مدينة سيفاستوبول على هذه الزيارة، وخرجت مظاهرات شعبية ترفع أعلام أوكرانيا وروسيا وتطالب بمنع السفن الحربية الأميركية من دخول المياه الأوكرانية.
والأكثر إثارة في الأمر ما أعلن عن أن طواقم السفن الحربية الأميركية التي ستتسلمها أوكرانيا ستتكون من البحارة العسكريين الأميركيين خلال «فترة انتقالية» لا يعرف أحد إلى متى تستمر، ومن الواضح في أية حال أن المقصود إدخال مجموعة سفن حربية أميركية إلى البحر الأسود لتتواجد هناك بصفة مستمرة وإن استظل بعضها بالعلم الأوكراني.
وقد دخلت قطع بحرية أميركية إلى البحر الأسود في العام الماضي ضمن مجموعة السفن الحربية التي أرسلها حلف شمال الأطلسي (الناتو) مدعياً أنها تحمل «مواد إغاثية» إلى جورجيا بعد أن قرر الناتو حث خطاه لإصلاح الآلة العسكرية الجورجية التي حطمتها القوات الروسية في حرب القوقاز في أغسطس من العام الماضي.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية في عام 1999 أن البحر الأسود يعتبر من مناطق العالم التي ترى الولايات المتحدة ضرورة تثبيت الوجود العسكري الأميركي فيها. وفي عام 2005 وقعت الولايات المتحدة اتفاقية إقامة قواعد للقوات البحرية الأميركية على شواطئ البحر الأسود مع كل من بلغاريا ورومانيا.
ويُقلق كل ذلك حتى تركيا التي هي إحدى دول الناتو حيث تخشى أنقرة أن تؤدي تطورات من هذا القبيل إلى إخراج الممر الذي يربط البحر الأسود بالبحر المتوسط عن نطاق سيطرة الحكومة التركية.
أما روسيا فإنها ترى أن دخول القطع البحرية الأميركية والأطلسية إلى البحر الأسود يمثل تهديداً لأمنها وأمن غيرها من الدول المطلة على البحر الأسود لاسيما وأن تسليح بعض هذه السفن يشتمل على صواريخ مجهزة برؤوس نووية.
أما أوكرانيا فشعبها الذي يعاني من ويلات الأزمة المالية والاقتصادية كان ينتظر من زعماء الثورة البرتقالية أن يطلبوا من واشنطن سفناً محملة بالمساعدات والمعونات وليس سفناً مدججة بأخطر الأسلحة المدمرة، ولكن على ما يبدو أن المخططات الأميركية في البحر الأسود سوف تجعله أكثر سواداً على شعوب الدول الواقعة على شواطئه.
كاتب أوكراني