المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حرب الفضائيات الشاملة



بوفيصيل
22-07-2012, 03:46 AM
عبد الباري عطوان
في احدى مقابلاته التلفزيونية قال الرئيس السوري بشار الاسد 'إنهم يسيطرون على الفضاء ولكننا نسيطر على الارض'، في اشارة الى ان قوات جيشه وأمنه لها الكلمة الاولى والاخيرة على طول بلاده وعرضها، ولكن يبدو، ووفق الاحداث الاخيرة في العاصمة دمشق والاطراف الحدودية، ان هذه السيطرة بدأت تتآكل تدريجيا بفعل النجاحات التي حققتها قوات المعارضة بانتماءاتها كافة.
الرئيس الاسد حاول ان يقلل من اهمية خسارة 'الفضاء' لمصلحة تعظيم اهمية السيطرة على الارض، وكان مخطئا في ذلك في تقديرنا، لأن اشرس الأسلحة التي استخدمت لتقويض نظامه هي اسلحة الدمار الشامل الفضائية، وهي أخطر بكثير من كل الأسلحة الاخرى، فمن تقف محطات تلفزة من الوزن الثقيل ضده من الصعب ان ينتصر في نهاية المطاف، خاصة تلك التي حققت رصيدا عاليا لدى الشارع العربي، وظّفته في خدمة أجنداتها.
الفضائيات المدعومة ماديا بشكل مهول هي التي سرّعت بهزيمة نظام العقيد القذافي، وربما كانت لا تقل فاعلية عن غارات طائرات الناتو، وزحف قوات المجلس الوطني على الارض، ولم يكن من قبيل الصدفة ان يتم ضرب محطات التلفزة الليبية التابعة للنظام في اللحظات الحرجة من المواجهات، وشلّها بالكامل رغم بؤس تغطيتها وبرامجها، وعندما تتم كتابة تاريخ ثورات الربيع العربي في مرحلة لاحقة، ستظهر حقائق مفاجئة، بل ربما مرعبة، عن الدور المبرمج والموجّه لمحطات التلفزة في هذا الاطار، وفي ليبيا وسورية على وجه الخصوص.
ولا بدّ من الاعتراف بأن حلول النظام الأمنية الدموية، وتاريخها الحافل في سحق كرامة الشعب واذلاله لسنوات طويلة واستفحال الفساد، والتعاطي بفوقية ودموية مع الانتفاضة الشعبية في بداياتها السلمية، في انعكاس واضح لسوء ادارة الأزمة، بالاضافة الى تخلف وسائل الاعلام المحلي وانعدام مهنيتها وحشوها بالموظفين عديمي الكفاءات ومن لون واحد مع وجود استثناءات قليلة، كلها عوامل سهّلت مهمة هذه الفضائيات لتعبئة الرأي العام السوري ضد النظام ولمصلحة المعارضة السلمية، ومن ثم المسلحة.
اغتيال اربعة ضباط كبار في عملية ما زالت غامضة، وجّه ضربة قوية للنظام السوري دون ادنى شك، ولكن الخسارة الاكبر جاءت معنوية قاتلة، تمثلت في سقوط المعابر الحدودية السورية في ايدي قوات الجيش السوري الحر، وبعض وحدات تابعة لتنظيمات اسلامية متشددة، مثل تنظيم القاعدة، فهذا التطور سيؤدي حتما الى حالة من الفوضى في البلاد، وتعدد الجبهات والجهات المقاتلة والمتقاتلة.
من الواضح ان النظام في سورية، وقد ادرك حجم التحديات التي تواجهه والقوى التي تريد اسقاطه، عربية كانت ام دولية، بدأ يتبع استراتيجية جديدة بالتخلي عن الاطراف، او بعضها، من اجل احكام، او بالأحرى الدفاع عن العاصمة، وبعض المدن الرئيسية الاخرى لأطول مدة ممكنة.
لا نعتقد ان الرئيس الاسد سيرضخ للضغوط المتعاظمة، من الداخل والخارج، التي تريده ان يتنحى ويغادر البلاد، ولا نستبعد ان يقاتل والمجموعة الموالية له حتى اللحظة الاخيرة، وإلاّ لما استخدم حلفاؤه الروس والصينيون حق النقض 'الفيتو' ثلاث مرات في مجلس الامن الدولي لمنع فرض اي عقوبات دولية على نظامه.
الرئيس الاسد حسم أمره بتبني الخيار الجزائري، اي القتال بشراسة ضد الثورة المسلحة التي تريد اسقاطه، وهو الخيار الذي ادى الى سقوط اكثر من 200 الف قتيل، في حرب اهلية استمرت ثماني سنوات انتهت بانتصار النظام.
الظروف التي اندلعت فيها الحرب الجزائرية مختلفة كليا عن نظيرتها الحالية في سورية، وابرز اوجه الخلاف ان النظام الجزائري كان مدعوما من الغرب ،بطريقة او بأخرى، لمواجهة معارضة اسلامية متشددة، بينما يحدث العكس تماما في سورية، فالغرب يعادي النظام ومعه عرب الخليج وتركيا، ومصمم على اسقاطه، ويدعم هذا المعسكر المعارضة بشكل شرس، ماديا وعسكريا واعلاميا.
***
سورية تتحول وبشكل متسارع الى حرب شوارع في المدن الكبرى، وهي حرب مرشحة للاستمرار لسنوات، هذا اذا لم تحدث حرب اقليمية تقلب كل الموازين، لأن النظام السوري يحظى بدعم دول اقليمية (ايران، العراق، وحزب الله)، ودولية روسيا والصين، وهناك من يريد التخلص منه للانتقال الى الهدف الأخطر، وهو حليفه الايراني وذراعه العسكرية في لبنان اي حزب الله.
تعاظم الحديث عن اسلحة النظام السوري الكيماوية يصب في هذا الاطار، ولا نستبعد ان تكون الولايات المتحدة ،ومعها اسرائيل، تخطط لإحداث الفوضى العسكرية في سورية لتبرير تدخلها في عملية خاطفة للاستيلاء على هذه الاسلحة مبكرا، حتى لا يستخدمها النظام او حزب الله ضد اسرائيل في حال بدء الهجوم الاسرائيلي ـ الامريكي على ايران، وهو يبدو قد بات وشيكا.
لم يكن من قبيل الصدفة ان تجرى مناورات عسكرية على الحدود الاردنية ـ السورية قبل شهرين، تحت اسم 'الاسد المتأهب' بمشاركة 19 دولة بقيادة امريكية، وتتمحور حول السيطرة على ترسانة الاسلحة السورية الكيماوية، في حال فقدان النظام لسيطرته على الأوضاع في البلاد.
صحيفة 'الفايننشال تايمز' البريطانية تحدثت بالأمس عن اتصالات اردنية ـ امريكية ـ اسرائيلية لبحث موضوع هذه الترسانة، وكيفية الاستحواذ عليها، وجاء هذا الحديث بعد يومين من تصريحات ادلى بها العاهل الاردني لمحطة 'سي ان ان' اكد فيها وجود تنظيم القاعدة في سورية، وحذر من امكانية وقوع اسلحة سورية كيماوية في قبضته.
اي عملية للاستيلاء على هذه الاسلحة غير مضمونة النجاح، كما ان النظام الذي يتابع هذه المناورات والاتصالات في هذا الاطار ليس على درجة من الغباء بحيث يتركها في العراء، وفي عناوين معروفة، ولا نستبعد ان يكون اخفاها في اماكن عدة، او سرّب بعضها الى 'حزب الله' ليستخدمها في الساعة الحاسمة، وهذا ما يفسر تكرار حديث السيد حسن نصر الله زعيم الحزب عن مفاجآت كبيرة في اي حرب قادمة ضد اسرائيل.
سورية تتحول بسرعة الى دولة فاشلة، ولن يكون غريبا اذا ما فلتت الأمور من ايدي النظام والقوى العاملة على اسقاطه في المستقبل القريب، لمصلحة قوى فاعلة لا تحتكم الى معايير او قيود دولية، او قانونية (Non state actors).
***
اذا صحت التقارير الاستخبارية الاردنية التي تقول بأن هناك ستة آلاف عنصر تابع لتنظيم القاعدة موجودون حاليا في سورية، فإن علينا ان نتوقع ان يكون هؤلاء كتائب المقاومة الجديدة التي ستزلزل اسرائيل، سواء في حال انكمش النظام السوري او سقط.
اسرائيل ستكون الخاسر الأكبر من جراء ما يحدث في سورية من تطورات، فالمقاتلون على الارض السورية، سواء في النظام او المعارضة، او المنظمات الاسلامية المتشددة قد يختلفون مذهبيا او عقائديا او في الاهداف، ولكن هدفا واحدا سيوحدهم جميعا، وهو ان اسرائيل هي العدو الاول، وستبقى كذلك.
التغيير الذي يحدث في سورية حاليا، وايا كانت نتائجه، لن يتوقف عند الحدود السورية، وهي دون حارس على اي حال حاليا، وانما سيمتد الى دول الجوار، وسيحرق اصابع وربما اجساد الكثيرين، انه 'تسونامي' كاسح.

بوفيصيل
22-07-2012, 03:52 AM
مليار ونصف المليار دولار ثروة عائلة الاسد.. وقد ينتقل الى اللاذقية لاعلان دولة علوية.. ودعوة لحكومة بديلة ومنطقة حظر جويلندن ـ 'القدس العربي': الفوضى هي الكلمة السحرية التي تتردد الآن في كل التعليقات الصحافية، وتتعلق بمرحلة ما بعد الاسد، من يملأ الفراغ ومن يقود المرحلة؟ والفوضى نابعة من مخاوف عمليات انتقامية ومن الصور التي تبث على (يوتيوب) تشير للطريقة الفوضوية التي يتم فيها الاعلان عن انتصارات المقاتلين.
والفوضى هي الكلمة المحببة للمعلقين الغربيين لانها تعني دعوة للرئيس الامريكي للتدخل وحسمها قبل ان يفوت الوقت. والكلمة الاخرى السحرية هي الاسلحة الكيماوية، ومخاطر من استخدامها ضد الشعب، او نهبها من قبل الجماعات المتشددة وتحديدا القاعدة.
وفي هذا السياق قالت صحيفة 'لوس انجليس تايمز' ان الحكومة الامريكية التي ظلت تدفع ولمدة 16 شهرا نحو الحل الدبلوماسي بدأت الآن تهرول وتدرس ما لديها من خيارات لمنع حمام الدم الذي بدأت ملامحه تظهر في ظل عدم قدرة الاسد على الاستمرار في السلطة.
وقالت ان الحكومة الامريكية اتصلت مع قادة المعارضة السورية للتحاور حول مستقبل سورية بعد رحيل الاسد وتحقيق انتقال سلمي للسلطة. وقالت ان المسؤولين الامريكيين اتصلوا مع القادة الاسرائيليين وطلبوا منهم عدم استخدام القوة لتأمين الاسلحة الكيماوية التي تملكها سورية، مذكرين الاسرائيليين ان تدخلا عسكريا يعني دعما للاسد في العالم العربي. وعبر مسؤولون امريكيون عن اعتقادهم من ان السلطات الامنية السورية قد تلجأ الى حلول قصوى ضد قوات المعارضة ان شعرت ان النظام سينهار مثل استخدام الغازات السامة. وقالت ان المسؤولين الامريكيين يخشون من انتصار 'سني' ينهي حكم الاسد سيؤدي الى عمليات انتقامية وحرب طائفية ضد العلويين، اضافة لخشيتهم من القاعدة التي بدأت تثبت قدمها في سورية. من دمشق للاذقيةولم يستبعد مسؤولون ودبلوماسيون امريكيون من ان استمرار الاسد في السلطة لوقت يجعل من التكهن بالنتيجة امرا صعبا. وقالوا ان الاسد ودائرته قد تنقل عملياتها من دمشق الى اللاذقية معقل العلويين ان استمر المقاتلون بتعزير قواتهم في العاصمة.
وقال اندرو تابلر من معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى انه يشك في حدوث انهيار سريع للنظام. ويقول المحللون ان القتال هو الذي سيحسم المعركة، مشيرين الى ان الكفة بدأت ترجح في صالح المقاتلين على الرغم من قوة الالة العسكرية للنظام. وقالت ان ما يقلق بال الغربيين هو الاسلحة الكيماوية حيث هددت اسرائيل بانها ستقوم بعملية عسكرية لتدميرها، لكن محللين حذروا من ان خطوة كهذه ستؤدي الى تسرب الغازات السامة للجو. وعلى الرغم من الاجراءات التي قامت بها اسرائيل على الحدود الا ان المسؤولين الامريكيين قالوا ان اي هجوم اسرائيلي سيعزز من موقف الاسد، حيث قال داني ياتوم ، مدير الموساد السابق، ان الاسد سيستخدمها لاتهام المعارضة بتلقي الدعم من اسرائيل. من سينتصر؟وفي ضوء التطورات الجديدة وتوازن القوة يقول محللون ان المعارضة المسلحة لن تقبل الآن التفاوض بأي شكل من الاشكال مع النظام، حسبما قال جيفري وايت، الباحث في معهد واشنطن، مضيفا ان المعارضة 'تعتقد انها انتصرت، وربما انتصرت فعلا'. ومن غير الواضح ان كانت السيطرة على المعابر الحدودية ستعزز من قوة المقاتلين، خاصة انه عندما سيطر المقاتلون على معبر قرب الحدود التركية قامت الحكومة التركية باغلاقه، وايا كان فان السيطرة تظل انتصارا رمزيا للمقاومة وتظهر ضعف النظام في السيطرة على المناطق الريفية التي اصبحت مسرحا للمقاتلين. ونقلت عن مسؤول في الجيش الحر قوله ان العمليات مهمة لانها ترفع من معنويات المقاتلين وتحمل رسائل سياسية.
ونقلت الصحيفة عن مقاتل على الحدود ان مقاتلين انسحبوا من بعض المعابر بعد ان هددت الحكومة بالرد. وفي سياق مختلف نقلت صحيفة 'نيويورك تايمز' عن مسؤول عراقي قوله ان المعابر مع سورية اغلقت وان حرس الحدود العراقيين شاهدوا عمليات اعدام لجنود سوريين على يد المقاتلين.
ويرى محللون ان الوضع في الريف الذي ظل منطقة لا يستطيع اي طرف الاحتفاظ بالسيطرة عليها لفترة طويلة قد يتغير الآن. وعلى الرغم من الانجازات الا ان اندرو تابلر من معهد واشنطن قال 'لواشنطن بوست' يرى انها ليست كافية لترجيح الكفة لصالح المقاتلين، مشيرا الى ان الحكومة لم تستخدم كل قواتها التي قد تستدعيها في اي وقت وتعتمد كذلك على القوة الجوية.

خيارات صعبةولا بد من الاشارة ان كل التحليلات تشير الى وضعا متفجرا ولا يمكن التكهن بنتائجه، فاعلان المقاتلين سيطرتهم على المعابر الحدودية يعتبر تحولا مهما في مسار الحرب. واستمرت الشائعات او حربها بين القنوات الفضائية والقناة الرسمية السورية حول مصير الاسد، ان كان هرب للاذقية او هرب مع زوجته الى موسكو، وان كانت اسماء وابناؤها قد فروا الى روسيا وحدهم. وقالت صحيفة 'اندبندنت' ان ظهور الاسد القصير في قصر الشعب حيث ادى امامه وزير الدفاع الجديد فهد جاسم الفريج القسم قد خفف من عجلة الشائعات لكن الاحاديث لم تتوقف خاصة عن طبيعة الحادث الذي قتل كبار القادة يوم الاربعاء حيث اقترحت بعض الشائعات ان تفجيرا لم يحدث ابدا وان النظام سممهم.
وفي الوضع الحالي سيواجه الفريج معضلة على كل الجبهات خاصة بعد ان فقد النظام ثلاثة من رؤوسه، ونقلت صحيفة 'الغارديان' عن مصادر دبلوماسية غربية قولها ان النظام سيواجه خيارات صعبة حول المدى الذي سيذهب فيه في استخدام القوة بدون ان يحرج حليفه القوي روسيا التي صوتت مع الصين ضد فرض عقوبات على نظام الاسد.
وقالت الصحيفة ان التقارير عن سيطرة المقاتلين على المعابر الحدودية ستسهل عملية تسليحهم وتمويلهم من قبل السعودية وقطر، ونقلت عن ناشط سوري قوله ان محافظة ادلب ستكون 'بنغازي سورية'. ويتحدث الناشطون عن حرب عصابات داخل العاصمة بشكل ينهك فيه الجيش النظامي. وعلقت صحيفة 'ديلي تلغراف' على التطور الجديد بقولها انها جاءت لتوفير معابر آمنة للجنود الراغبين للانشقاق عن الجيش كي يهربوا. وقالت ان ثقة الشعب السوري بنظام الاسد تتراجع حيث يشكون في استمراره في حكم البلاد. ونقلت عن دبلوماسي غربي قوله ان نسبة الانشقاق عن الجيش تتزايد 'نشاهد في الفترة الاخيرة نسبة عالية ومستمرة من الانشقاق عن الجيش السوري، وقد زادت وتيرتها في الايام القليلة الماضية'، واضاف ان احداث يوم الخميس تمثل ضربة لمعنويات الجيش، مشيرا الى ان قدرة بعض وحدات الجيش تراجع اداؤها الى نسبة 60 بالمئة.مخاوف من التقسيموترى صحيفة 'التايمز' ان مآلات الصراع قد تؤدي الى تقسيم سورية على الخطوط التي حدثت في البلقان بعد انهيار يوغسلافيا القديمة، وهناك امكانية في ان يقرر العلويون انشاء دولة في مناطقهم، مشيرة الى انهم اقاموا دولة بمعونة من الفرنسيين ما بين 1920-1936 'دولة جبل العلويين'.
وترى الصحيفة ان الانقسام واحد من سيناريوهات قد تحدث نتيجة الحرب، اما الخيار الثاني فهو قيام دولة فيدرالية هلامية تأخذ بعين الاعتبار الفوارق الطائفية والعرقية تماما كما قرر مؤتمر دايتون بشأن البوسنة عام 1995. اما الخيار الثالث وهو مثير للخوف، حرب دموية، حيث يقرر حزب البعث والعلويون مقاومة المقاتلين بدون الاسد.
وعلى الرغم من قلة عدد العلويين الا انهم يملكون قوة عسكرية كبيرة، وما سيدفع الطرفين للقتال حتى اخر لحظة هي الممارسات الامنية التي تبنوها خلال الانتفاضة مما يجعل من حصولهم على عفو امرا بعيدا، اي 'سياسة ان اقتل او اقتل' على غرار الحرب الاهلية اللبنانية. والى هذا قال ريتشارد سبنسر في'ديلي تلغراف' ان ما حدث في دمشق يوم الاربعاء جعل من اي سيناريو وحتى لو كان متخيلا عن خروج سلمي للاسد امرا مستحيلا، مشيرا الى ان الحلم والتوقعات بين السوريين الذين قابلهم خلال العام الماضي في داخل وخارج سورية كانت دائما مغلفة بالخوف. ويضيف ان الاسد سيغادر دمشق في الاشهر القادمة وللابد ان لم يكن قد غادرها فعلا ـ ولن يكون له اي مكان فيما 'ارض السنة' كما قال الكاتب، والمشكلة هي انه ان انتقل من 'قصر الشعب' الى قصر في مناطق طائفته فعلينا ان نعرف انه يفكر في سيناريو اخر غير الخروج من السلطة بشكل سلمي. فتقسيم سورية الى مناطق سنية وعلوية يبدو عمليا وقد يقود الى منطقة كردية مستقلة، مما يعني بلقنة سورية. ولكن الكاتب يقول ان سورية ليست مثل البلقان لان تقسيم سورية لدويلات سيكون وصفة لعدم الاستقرار في المنطقة، وستتحول سورية الى منطقة صراع بالوكالة بين القوى الاقليمية والدولية، اضافة الى ان تصبح سورية مركزا لتصدير كل شيء للجيران، تطرف وسلاح، وستعيش اسرائيل طبعا في حالة من الخوف الدائم من ايران التي سيظل مشروعها النووي مخيما عليها. وفي ظل عدم تسليم العلويين وايران وروسيا بالهزيمة مما يعني استمرار الحرب، فهناك امكانية للتوصل لحل من خلال حكومة سنية، ومنظمة على نظام المحاصصة لكن السؤال هل سينجح هذا الحل؟ ويذكر الكاتب بليبيا التي لا يزال شبح الحرب الاهلية مخيما عليها، فقد استطاعت القاعدة السيطرة على شمال مالي بأسلحة منهوبة من مخازن القذافي. وفي السياق السوري فأسلحة النظام اكثر تقدما وفاعلية وستترك اثارا كارثية على سورية وجوارها ان وقعت في يد الجماعات المتشددة.حكومة بديلةويختم بالقول ان الغرب باستخباراته وحكوماته مع امريكا يدرس كل هذه الاحتمالات وفي غياب الشهية للتدخل العسكري. وقال ان امريكا، لا تزال شرطي العالم ومنشغلة بالانتخابات والاقتصاد وليس فيما يحدث في الشرق الاوسط، فعاجلا ام اجلا ستقرر اوروبا وامريكا ما يجب عمله في سورية واسلحتها ومن سيحملها، وان لم يحن الوقت الا ان دقات الساعة تسير بسرعة بحيث لن تسمح لاي طرف اوروبي او امريكي مواصلة التركيز على الانتخابات فقط.
وقد عكست صحيفة 'التايمز' في افتتاحيتها قلق الدول الغربية بعد الفشل الثالث في مجلس الامن من تفاقم الوضع وقالت ان هناك حاجة لتدخل الناتو وفرض منطقة حظر جوي، مما سيحرم الاسد من فرصة ضرب شعبه بالطائرات. واشارت الى ان جهود امريكا وحلفاءها مشلولة في الامم المتحدة. وبمساعدة المقاتلين فانها تحمي علاقاتها معهم وليس كما تفعل روسيا والصين. وحثت الصحيفة الدول الغربية تجميع المعارضة المنقسمة تحت مظلة مجموعة اصدقاء سورية واعلان حكومة بديلة تكون جاهزة عندما يحين الوقت. وتشير الى ان مجرد وجود الحكومة قد يعجل في نهاية النظام بحث حلفائه في الداخل على التخلي عنه. وعلى المعارضة ان تؤكد انها ستحمي الاقليات. وتنهي بالقول ان الامر رهن الاسد فما ان يتخلى عن السلطة ويواجه العدالة او يواجه لعنة شعبه. فرحيله ضروري لاخراج سورية من الجحيم الذي تعيشه.

ثروة الاسدوقالت 'الغارديان' ان الاسد ومن حوله من العائلة قد جمعوا ثروة هائلة تصل الى 1.5 مليار دولار (950 مليون جنيه استرليني)، ونقلت عن مقربين ومعارف ان معظم ارصدة الاسد محفوظة في مصارف روسية وفي هونغ كونغ ومصارف في اعالي البحار. ونقلت عن شركة للمعلومات المالية الامنية (الاكو) ان الاسد يستخدم سلسلة من الشركات والواجهات المالية كي يخفي ثروته. ونقلت عن ايان ويليس مدير دائرة البحث في الشركة ان الحسابات المجمدة للنظام في لندن لا تمثل الا جزءا صغيرا من الثروة العالمية. ومما يجعل الارقام تكتسب مصداقية ان الاسد ومن حوله كانوا في وقت الاستقرار يملكون ما بين 60 - 70 بالمئة من رصيد البلاد والتي تتراوح من ملكية اراضي ومصانع ووكالات لبيع واستيراد البضائع الاجنبية والتي قدر ويليس قيمتها بما بين مليار ومليار ونصف دولار اي تقارب ثروة مبارك وماركوس رئيس الفلبين السابق، واضاف ويليس ان الاموال ليست مودعة باسم الاسد فقط بل عائلته واقاربه وابناء اخواله. مشيرا الى هذه الاموال ربما مودعة في المغرب ودبي ولبنان وروسيا وهونغ كونغ. وكانت بريطانيا قد جمدت مبلغ مئة مليون جنيه استرليني تعود للنظام قبل 14 شهرا، كما ان المصارف السويسرية قد جمدت 23.5 مليون جنيه تعود للاسد والمقربين منه. وقالت سويسرا انها وضعت 127 شخصية في النظام على القائمة السوداء اضافة الى 40 شركة سورية، فيما وضع الاتحاد الاوروبي 129 شخصية و49 شركة على القائمة.
qar
qpt