بوفيصيل
10-02-2012, 05:36 AM
Center for Strategic and international Studies
الأزمات، والصراعات، والتعاون في العام 2012
روبرت لامب (زميل كبير ومدير برنامج الأزمات، الصراعات، والتعاون، CSIS)
يواجه المجتمع الدولي عدداً من الأزمات والنزاعات المستمرة، إضافة إلى أوضاع ما بعد الأزمات: ليبيا، مصر، السودانان، أفغانستان، العراق، والمكسيك. وهذا غيض من فيض. ينبغي أن نكون قلقين لأن المانحين الأجانب والجيوش الأجنبية ـ بمن فيهم الولايات المتحدة ـ لم يضعوا الوسائل لإدارة هذه الأوضاع بفعالية حيث يجب حتى الآن. فلطالما تصرف المجتمع الدولي على قاعدة الاعتقاد بأن بالإمكان "بناء" البلدان المتأثرة بالصراعات والمتعافية من الأزمات لتصبح دولاً تؤدي عملها ووظيفتها بمساعدة دول خارجية. إنه اعتقاد مفهوم، وقد قام المجتمع الدولي، بالواقع، بقدر كبير من أعمال الخير في عدد كبير من الأماكن: بناء مؤسسات وبنى تحتية، تدريب موظفين مدنيين وقوى أمنية، وتحقيق تحسينات في نوعية حياة ملايين الناس. إلا أن فكرة بناء الدولة بدعم خارجي غالباً جداً ما كانت تتقوض بفعل أوهامه الخاطئة نفسها. فقد كان الوهم الأساسي هو أن البناء السريع لمؤسسات تعتبر اعتيادية في دول فاعلة سوف يقود، بدوره، إلى نوع من السلوك السياسي يجعل تلك الدول مستقرة. نقول، المرة تلو الأخرى، لقد تحطم هذا الوهم على صخرة الواقع على الأرض. على سبيل المثال، وعند كتابة هذه السطور، تهدد أزمة سياسية مذهبية وحدة العراق واستقراره مع بدء رحيل القوات الأميركية مباشرة. أما التحدي الأكبر والمباشر لليبيا فلا يتعلق بعدم أداء مؤسسات الدولة لوظائفها بفعالية حتى الآن: التحدي الأكبر هو أن آلاف الرجال المسلحين، في عشرات الميليشيات، يطالبون بحصة من السلطة الآن. هذا النوع من المشاكل بحاجة للمعالجة قبل الانتخابات، قبل الإصلاحات القانونية، وقبل إمكانية التخطيط لإنهاء بناء القدرات. يواجه جنوب السودان كذلك الأمر مخاطر بحيث إن عمل بناء الدولة المعتاد غير مناسب الآن. باختصار، إذا لم يقم المجتمع الدولي بعمل أفضل بفهم المشهد السياسي والاقتصادي وحتى الأخلاقي للأماكن الواقعة تحت أخطر الظروف والعمل ضمنها، فإن وعودنا ستتخطى إنجازاتنا مجدداً، وستكون جهودنا في بعض الحالات غير فعالة في أفضل الأحوال، وغير مثمرة في أسوإها.
الخبر الجيد هنا هو أن النظرة التقليدية لبناء الدولة واستقرارها كانت موضع تساؤل من قبل عدد كافٍ من الناس بحيث إن من المرجح أن يشهد عام 2012 بدايات تغيير حقيقي في النموذج. لقد قادت الأزمة الاقتصادية العالمية الشعوب والمشرِّعين في عدد من الدول المانحة إلى التساؤل عن مدى فعالية استثمارات بلدانهم في الأمن، الاستقرار، التعافي، والتنمية قياساً إلى كلفتها. فأولئك الذين عملوا في أفغانستان وهايتي (هذا فقط لنُسمِّي حالتين من أكثر الحالات تطرفاً) شهدوا، مباشرة، التأثيرات المباشرة لعدد المانحين الكبير جداً وللموارد الكثيرة جداً المتدفقة لتصب في مكان سيئ التجهيز لاستيعاب كل ذلك، والنتائج الضارة للجهود المبذولة (والبعض يقول المفروضة) لتنمية مؤسسات دولة وجعلها حديثة وعصرية بسرعة في أماكن ليست (حتى الآن؟) ملائمة ومتناسبة طبيعياً مع العمليات المحلية. وقد أدرك كثيرون أن* "المخربين" ليسوا* فقط مقاتلين سابقين وفاعلين غير حكوميين، وإنما غالباً مسؤولي الحكومة المستفيدين الرئيسين من مساعداتنا: بالواقع، لقد كان واضحاً أن المخرب الأساسي ليس أية مجموعة محددة من الفاعلين، وإنما الحياة السياسية نفسها. لقد بدأت تصبح المعرفة بالاستقرار، تشكيل الدولة، التنمية والتطوير المؤسساتي، والتسويات السياسية متجمعة ومترجمة لمتابعي السياسة بطريقة أكثر وضوحاً ومنهجية بكثير عما كان يحصل في الماضي (تقرير التنمية العالمي للعام 2011 لعب دوراً تحفيزياً بهذا الخصوص). كما أن المانحين مهتمون، بشكل متزايد وحقيقي، بالحلول البراغماتية، بدلاً من الرؤى الكبرى. لذا فإن الفرص موجودة الآن، وأكثر من أي وقت مضى في العقد الفائت، لبلورة هذه الرؤى والأفكار في أطر عمل للعمل في بيئات معقدة، ومناطق يسيطر عليها فاعلون غير حكوميين، وأنظمة سياسية هجينة.
الأزمات، والصراعات، والتعاون في العام 2012
روبرت لامب (زميل كبير ومدير برنامج الأزمات، الصراعات، والتعاون، CSIS)
يواجه المجتمع الدولي عدداً من الأزمات والنزاعات المستمرة، إضافة إلى أوضاع ما بعد الأزمات: ليبيا، مصر، السودانان، أفغانستان، العراق، والمكسيك. وهذا غيض من فيض. ينبغي أن نكون قلقين لأن المانحين الأجانب والجيوش الأجنبية ـ بمن فيهم الولايات المتحدة ـ لم يضعوا الوسائل لإدارة هذه الأوضاع بفعالية حيث يجب حتى الآن. فلطالما تصرف المجتمع الدولي على قاعدة الاعتقاد بأن بالإمكان "بناء" البلدان المتأثرة بالصراعات والمتعافية من الأزمات لتصبح دولاً تؤدي عملها ووظيفتها بمساعدة دول خارجية. إنه اعتقاد مفهوم، وقد قام المجتمع الدولي، بالواقع، بقدر كبير من أعمال الخير في عدد كبير من الأماكن: بناء مؤسسات وبنى تحتية، تدريب موظفين مدنيين وقوى أمنية، وتحقيق تحسينات في نوعية حياة ملايين الناس. إلا أن فكرة بناء الدولة بدعم خارجي غالباً جداً ما كانت تتقوض بفعل أوهامه الخاطئة نفسها. فقد كان الوهم الأساسي هو أن البناء السريع لمؤسسات تعتبر اعتيادية في دول فاعلة سوف يقود، بدوره، إلى نوع من السلوك السياسي يجعل تلك الدول مستقرة. نقول، المرة تلو الأخرى، لقد تحطم هذا الوهم على صخرة الواقع على الأرض. على سبيل المثال، وعند كتابة هذه السطور، تهدد أزمة سياسية مذهبية وحدة العراق واستقراره مع بدء رحيل القوات الأميركية مباشرة. أما التحدي الأكبر والمباشر لليبيا فلا يتعلق بعدم أداء مؤسسات الدولة لوظائفها بفعالية حتى الآن: التحدي الأكبر هو أن آلاف الرجال المسلحين، في عشرات الميليشيات، يطالبون بحصة من السلطة الآن. هذا النوع من المشاكل بحاجة للمعالجة قبل الانتخابات، قبل الإصلاحات القانونية، وقبل إمكانية التخطيط لإنهاء بناء القدرات. يواجه جنوب السودان كذلك الأمر مخاطر بحيث إن عمل بناء الدولة المعتاد غير مناسب الآن. باختصار، إذا لم يقم المجتمع الدولي بعمل أفضل بفهم المشهد السياسي والاقتصادي وحتى الأخلاقي للأماكن الواقعة تحت أخطر الظروف والعمل ضمنها، فإن وعودنا ستتخطى إنجازاتنا مجدداً، وستكون جهودنا في بعض الحالات غير فعالة في أفضل الأحوال، وغير مثمرة في أسوإها.
الخبر الجيد هنا هو أن النظرة التقليدية لبناء الدولة واستقرارها كانت موضع تساؤل من قبل عدد كافٍ من الناس بحيث إن من المرجح أن يشهد عام 2012 بدايات تغيير حقيقي في النموذج. لقد قادت الأزمة الاقتصادية العالمية الشعوب والمشرِّعين في عدد من الدول المانحة إلى التساؤل عن مدى فعالية استثمارات بلدانهم في الأمن، الاستقرار، التعافي، والتنمية قياساً إلى كلفتها. فأولئك الذين عملوا في أفغانستان وهايتي (هذا فقط لنُسمِّي حالتين من أكثر الحالات تطرفاً) شهدوا، مباشرة، التأثيرات المباشرة لعدد المانحين الكبير جداً وللموارد الكثيرة جداً المتدفقة لتصب في مكان سيئ التجهيز لاستيعاب كل ذلك، والنتائج الضارة للجهود المبذولة (والبعض يقول المفروضة) لتنمية مؤسسات دولة وجعلها حديثة وعصرية بسرعة في أماكن ليست (حتى الآن؟) ملائمة ومتناسبة طبيعياً مع العمليات المحلية. وقد أدرك كثيرون أن* "المخربين" ليسوا* فقط مقاتلين سابقين وفاعلين غير حكوميين، وإنما غالباً مسؤولي الحكومة المستفيدين الرئيسين من مساعداتنا: بالواقع، لقد كان واضحاً أن المخرب الأساسي ليس أية مجموعة محددة من الفاعلين، وإنما الحياة السياسية نفسها. لقد بدأت تصبح المعرفة بالاستقرار، تشكيل الدولة، التنمية والتطوير المؤسساتي، والتسويات السياسية متجمعة ومترجمة لمتابعي السياسة بطريقة أكثر وضوحاً ومنهجية بكثير عما كان يحصل في الماضي (تقرير التنمية العالمي للعام 2011 لعب دوراً تحفيزياً بهذا الخصوص). كما أن المانحين مهتمون، بشكل متزايد وحقيقي، بالحلول البراغماتية، بدلاً من الرؤى الكبرى. لذا فإن الفرص موجودة الآن، وأكثر من أي وقت مضى في العقد الفائت، لبلورة هذه الرؤى والأفكار في أطر عمل للعمل في بيئات معقدة، ومناطق يسيطر عليها فاعلون غير حكوميين، وأنظمة سياسية هجينة.