بوفيصيل
30-01-2012, 03:25 AM
تقول الروايات الاسلامية انه في أعقاب اعمال السطو التي قام بها أصحاب محمد على أهل مكة فُرض على الرسول محمد وأصحابه ردا على ذلك حصار ضخم على أيدي 30 ألف مقاتل (10 آلاف المترجم) من الكفار بقيادة مقاتلي مكة سُموا 'الاحزاب'. واستعان الرسول الذي وجد ملاذا له في المدينة ليحمي نفسه بخندق عميق حفره حول المدينة التي أخذت علامات الحصار والجوع تهدد مصيرها.
ولحسن الحظ هاجمت عاصفة قوية معسكر المحاصِرين وشتتته في كل اتجاه وهكذا انتهى الحصار وانتصر الاسلام وأصبح ما بقي تاريخا.
ان موجة تسونامي قوية اسلامية هذه المرة تضرب الآن دول الشرق الاوسط. والعاصفة الهوجاء تسقط مباني سلطة وتجعل نظم حكم قديمة تتشتت في كل اتجاه. ويحاول النشطاء الاسلاميون ان يشتقوا خصائص نشاطهم في الحاضر والمستقبل اعتمادا على دروس الماضي والاستعداد. ويبدو أنه تحت هياج العاصفة يصعب حتى على المتطرفين الاسلاميين ان يحددوا من هم أعداؤهم المفترسون ومن هم أولياؤهم الحقيقيون في وضع الاضطراب الذي نشأ. يقول المثل االعربي 'الباب اللي بيجيك منه الريح سدو واستريح'. ولا يمكن فعل هذا في حال التسونامي الاسلامي. وفي الحقيقة ان جماعات من زعماء الدول يحتشدون الآن ويضم بعضهم بعضا في اطار المعسكرات والمصالح التي أخذت تتشكل في المنطقة. وقد تحدد مصير تونس وليبيا باعتبارهما دولتين ذواتي حكم اسلامي وأخذ يُستكمل في اليمن برعاية امريكية مسار نقل السلطة من الرئيس علي عبد الله صالح الى الثوار ويتباحث الجانبان الآن في سؤال هل يحصل الرئيس التارك على لجوء سياسي في الولايات المتحدة أو يُحاكم في اليمن كما يطلب الجماهير.
يمكن ان نلاحظ بين ذرات الغبار التي تضرب العيون والعاصفة التي تسبب العمى أيدي روسيا وايران والصين التي تؤيد سورية والجماعات الشيعية في لبنان والعراق والخليج في مقابل كل مصلحة غربية وامريكية. وفي المقابل تلتمع الأيدي الموجهة والداعمة للولايات المتحدة والغرب وحلف شمال الاطلسي بل تركيا ايضا التي تساعد الكتل السنية التي أخذت تتشكل على طول خط المواجهة الذي يحدد ما يشبه حدا فاصلا دينيا سلاليا أو ربما خط مواجهة قديما في حرب لم تبرد قط.
من الحُديبية الى واشنطن
في ظل محاكمة مبارك ورجاله تمت في منتصف هذا الاسبوع المرحلة الثالثة من الانتخابات في مصر. وفي التأليف بين حزب الاخوان المسلمين والمتطرفين الاسلاميين 'السلفيين' ما يُمكّن الاسلاميين من سيطرة على ثلثي مقاعد مجلس الشعب ويمنحهم في الحقيقة سيطرة مطلقة على الدولة.
تسرعوا في الايام الاخيرة وأصدروا في 'الأزهر' ميثاقا اسلاميا باعتباره وثيقة تحدد حريات الفرد وحرية العمل ومجال البحث العلمي ومجالات تعددية اخرى مشتقة من الاسلام. فهل يختار الاخوان المسلمون البديل التوحيدي هذا؟.
ليس الجواب واضحا من تلقاء نفسه. فطبيعة الائتلافات من هذا النوع في منطقتنا ان يكون الأشد تطرفا دائما ظهيرا أيمن وان يُملي ليستقيم الجميع معه. والاخوان المسلمون الذين فازوا بأكثر الاصوات يعلمون ان ائتلافا كهذا سيكون بالنسبة لكل حزب حاكم 'حُلة مجانين' تلزم بانتهاج سياسة اسلامية قطعية متطرفة مع الغرب ومع اسرائيل ولن يُقدم أي بديل وجودي واقتصادي واقعي للشعب الجائع للغذاء المتعطش للتغيير. وفي المقابل فان كل بديل ائتلافي سيأخذون به يشمل تخليا عن بعض مبادىء 'الشريعة' بدل اختيار 'السلفيين' شركاء سيجعلهم أعداء الاسلام المتطرف و'كفارا'.
ان الجمهور لا يساوي الاسلام بالضرورة مع ممثلي الاحزاب الاسلامية. والخوف هو من ان التغلغل الاسلامي في اطار 'الشريعة' في الحياة الخاصة للمواطنين الى جانب المحاربة المتطرفة لمميزات السياحة مثل ملابس البحر النسوية وحظر شرب الخمور و'الشرطة الدينية' قد تسبب ثورة يأس من اولئك الذين تجاوزوا من قبل حاجز الخوف، على النشطاء الاسلاميين.
ان ما ورد في اتفاق 'الحُديبية' الذي أتمه محمد مع كفار مكة يُمكّن من التوصل الى اتفاق قصير الأمد مع الكفار. وهذا الاتفاق يُمكّن من استعمال ارهاب الحليف الكافر في الخفاء ومن نقض الاتفاق آخر الامر مع الحليف في الوقت الذي يختاره.
هذا السؤال ذو صلة قوية بما يحدث في مصر التي هي في إفلاس اقتصادي شديد بسبب هرب المستثمرين وشلل الاقتصاد، ومرور سفن في القناة وتسويق الغاز ومستثمرين اجانب من الغرب والمساعدة المالية واللوجستية الامريكية التي تشمل الغذاء وقطع غيار لجيشها. وليس للاسلام الذي يشجع الولادة بنسبة خيالية في مصر أي حل يقترحه لا في الأمد القريب ولا في الأمد البعيد، ومن الواضح للاسلاميين أنه حتى الجهاد ضد اسرائيل لن يساعد على حل ازمات مصر بل سيزيدها شدة. وادراك ان العلاقات مع الغرب والحصول على مساعدة منه هما بمثابة 'صفقة رزمة' تشمل اسرائيل ايضا، يقض مضاجع الشيوخ الاسلاميين المتلوين الذين يعلمون كم هي ضرورية وحاسمة هذه المساعدة بالنسبة لمصر.
يقول المثل العربي 'أنا مع أخي على ابن عمي، ومع ابن عمي على الغريب'. ان اسلاميين أجلاء يتبعون ابن لادن والقاعدة يحلمون ويحاولون السيطرة على السعودية ودول الخليج لتغيير الفقر الاسلامي المُقدر من السماء. وهم يرون ان اموال نفط هذه الدول تستطيع ان تحل مشكلات المسلمين كافة بل ان تكون وقودا لمطامحهم الى السيطرة على العالم.
والمشكلة هي ان ايران الشيعية تعتقد هذا الاعتقاد بالضبط وهي التي تعتبر أشد كفرا حتى من اليهود. فايران هذه تريد الاستعانة بالقدرة الذرية من اجل ان تضرب المسلمين السنيين وتسيطر على احتياطياتهم من النفط. ويفحص الايرانيون على انه جزء من مخطط هيمنتهم عن امكانية ان يسدوا في وجه العالم مضيق هرمز ويُملوا الايقاع.
يدرك الاسلاميون برغم حلمهم اللذيذ بضرب اسرائيل والسيطرة على العالم ان ايران الشيعية هي خطر أكبر بالنسبة اليهم. ومن اجل هذا سيضطر هؤلاء الزعماء الاسلاميون المتطرفون ايضا الى ابتلاع حبة دواء مرة وان يستعينوا بالامريكيين في المرحلة القريبة على الأقل.
يعلن الشيوخ استعدادهم للاستعانة لكنهم يعلنون رفضهم تلقي إملاءات. وبرغم هذه التصريحات يمكن ان تكون مصر وسيلة اختبار وأداة ضغط ناجعة قد توجه، بادارة صحيحة حازمة، حركة الاسلام المتطرف الى البراغماتية في المنطقة كلها في اطار علاقته بالغرب. وهذه فرصة لا تتكرر للاسلاميين ليبرهنوا على أنهم الحل. ان فشلهم في قراءة الخريطة سيكون نقطة تحول وتهاويا حادا وخطيرا للاسلام. ويبدو ان الاخوان المسلمين في سورية بدأوا يدركون هذا في ازمتهم.
اسرائيل اليوم 27/1/2012
ولحسن الحظ هاجمت عاصفة قوية معسكر المحاصِرين وشتتته في كل اتجاه وهكذا انتهى الحصار وانتصر الاسلام وأصبح ما بقي تاريخا.
ان موجة تسونامي قوية اسلامية هذه المرة تضرب الآن دول الشرق الاوسط. والعاصفة الهوجاء تسقط مباني سلطة وتجعل نظم حكم قديمة تتشتت في كل اتجاه. ويحاول النشطاء الاسلاميون ان يشتقوا خصائص نشاطهم في الحاضر والمستقبل اعتمادا على دروس الماضي والاستعداد. ويبدو أنه تحت هياج العاصفة يصعب حتى على المتطرفين الاسلاميين ان يحددوا من هم أعداؤهم المفترسون ومن هم أولياؤهم الحقيقيون في وضع الاضطراب الذي نشأ. يقول المثل االعربي 'الباب اللي بيجيك منه الريح سدو واستريح'. ولا يمكن فعل هذا في حال التسونامي الاسلامي. وفي الحقيقة ان جماعات من زعماء الدول يحتشدون الآن ويضم بعضهم بعضا في اطار المعسكرات والمصالح التي أخذت تتشكل في المنطقة. وقد تحدد مصير تونس وليبيا باعتبارهما دولتين ذواتي حكم اسلامي وأخذ يُستكمل في اليمن برعاية امريكية مسار نقل السلطة من الرئيس علي عبد الله صالح الى الثوار ويتباحث الجانبان الآن في سؤال هل يحصل الرئيس التارك على لجوء سياسي في الولايات المتحدة أو يُحاكم في اليمن كما يطلب الجماهير.
يمكن ان نلاحظ بين ذرات الغبار التي تضرب العيون والعاصفة التي تسبب العمى أيدي روسيا وايران والصين التي تؤيد سورية والجماعات الشيعية في لبنان والعراق والخليج في مقابل كل مصلحة غربية وامريكية. وفي المقابل تلتمع الأيدي الموجهة والداعمة للولايات المتحدة والغرب وحلف شمال الاطلسي بل تركيا ايضا التي تساعد الكتل السنية التي أخذت تتشكل على طول خط المواجهة الذي يحدد ما يشبه حدا فاصلا دينيا سلاليا أو ربما خط مواجهة قديما في حرب لم تبرد قط.
من الحُديبية الى واشنطن
في ظل محاكمة مبارك ورجاله تمت في منتصف هذا الاسبوع المرحلة الثالثة من الانتخابات في مصر. وفي التأليف بين حزب الاخوان المسلمين والمتطرفين الاسلاميين 'السلفيين' ما يُمكّن الاسلاميين من سيطرة على ثلثي مقاعد مجلس الشعب ويمنحهم في الحقيقة سيطرة مطلقة على الدولة.
تسرعوا في الايام الاخيرة وأصدروا في 'الأزهر' ميثاقا اسلاميا باعتباره وثيقة تحدد حريات الفرد وحرية العمل ومجال البحث العلمي ومجالات تعددية اخرى مشتقة من الاسلام. فهل يختار الاخوان المسلمون البديل التوحيدي هذا؟.
ليس الجواب واضحا من تلقاء نفسه. فطبيعة الائتلافات من هذا النوع في منطقتنا ان يكون الأشد تطرفا دائما ظهيرا أيمن وان يُملي ليستقيم الجميع معه. والاخوان المسلمون الذين فازوا بأكثر الاصوات يعلمون ان ائتلافا كهذا سيكون بالنسبة لكل حزب حاكم 'حُلة مجانين' تلزم بانتهاج سياسة اسلامية قطعية متطرفة مع الغرب ومع اسرائيل ولن يُقدم أي بديل وجودي واقتصادي واقعي للشعب الجائع للغذاء المتعطش للتغيير. وفي المقابل فان كل بديل ائتلافي سيأخذون به يشمل تخليا عن بعض مبادىء 'الشريعة' بدل اختيار 'السلفيين' شركاء سيجعلهم أعداء الاسلام المتطرف و'كفارا'.
ان الجمهور لا يساوي الاسلام بالضرورة مع ممثلي الاحزاب الاسلامية. والخوف هو من ان التغلغل الاسلامي في اطار 'الشريعة' في الحياة الخاصة للمواطنين الى جانب المحاربة المتطرفة لمميزات السياحة مثل ملابس البحر النسوية وحظر شرب الخمور و'الشرطة الدينية' قد تسبب ثورة يأس من اولئك الذين تجاوزوا من قبل حاجز الخوف، على النشطاء الاسلاميين.
ان ما ورد في اتفاق 'الحُديبية' الذي أتمه محمد مع كفار مكة يُمكّن من التوصل الى اتفاق قصير الأمد مع الكفار. وهذا الاتفاق يُمكّن من استعمال ارهاب الحليف الكافر في الخفاء ومن نقض الاتفاق آخر الامر مع الحليف في الوقت الذي يختاره.
هذا السؤال ذو صلة قوية بما يحدث في مصر التي هي في إفلاس اقتصادي شديد بسبب هرب المستثمرين وشلل الاقتصاد، ومرور سفن في القناة وتسويق الغاز ومستثمرين اجانب من الغرب والمساعدة المالية واللوجستية الامريكية التي تشمل الغذاء وقطع غيار لجيشها. وليس للاسلام الذي يشجع الولادة بنسبة خيالية في مصر أي حل يقترحه لا في الأمد القريب ولا في الأمد البعيد، ومن الواضح للاسلاميين أنه حتى الجهاد ضد اسرائيل لن يساعد على حل ازمات مصر بل سيزيدها شدة. وادراك ان العلاقات مع الغرب والحصول على مساعدة منه هما بمثابة 'صفقة رزمة' تشمل اسرائيل ايضا، يقض مضاجع الشيوخ الاسلاميين المتلوين الذين يعلمون كم هي ضرورية وحاسمة هذه المساعدة بالنسبة لمصر.
يقول المثل العربي 'أنا مع أخي على ابن عمي، ومع ابن عمي على الغريب'. ان اسلاميين أجلاء يتبعون ابن لادن والقاعدة يحلمون ويحاولون السيطرة على السعودية ودول الخليج لتغيير الفقر الاسلامي المُقدر من السماء. وهم يرون ان اموال نفط هذه الدول تستطيع ان تحل مشكلات المسلمين كافة بل ان تكون وقودا لمطامحهم الى السيطرة على العالم.
والمشكلة هي ان ايران الشيعية تعتقد هذا الاعتقاد بالضبط وهي التي تعتبر أشد كفرا حتى من اليهود. فايران هذه تريد الاستعانة بالقدرة الذرية من اجل ان تضرب المسلمين السنيين وتسيطر على احتياطياتهم من النفط. ويفحص الايرانيون على انه جزء من مخطط هيمنتهم عن امكانية ان يسدوا في وجه العالم مضيق هرمز ويُملوا الايقاع.
يدرك الاسلاميون برغم حلمهم اللذيذ بضرب اسرائيل والسيطرة على العالم ان ايران الشيعية هي خطر أكبر بالنسبة اليهم. ومن اجل هذا سيضطر هؤلاء الزعماء الاسلاميون المتطرفون ايضا الى ابتلاع حبة دواء مرة وان يستعينوا بالامريكيين في المرحلة القريبة على الأقل.
يعلن الشيوخ استعدادهم للاستعانة لكنهم يعلنون رفضهم تلقي إملاءات. وبرغم هذه التصريحات يمكن ان تكون مصر وسيلة اختبار وأداة ضغط ناجعة قد توجه، بادارة صحيحة حازمة، حركة الاسلام المتطرف الى البراغماتية في المنطقة كلها في اطار علاقته بالغرب. وهذه فرصة لا تتكرر للاسلاميين ليبرهنوا على أنهم الحل. ان فشلهم في قراءة الخريطة سيكون نقطة تحول وتهاويا حادا وخطيرا للاسلام. ويبدو ان الاخوان المسلمين في سورية بدأوا يدركون هذا في ازمتهم.
اسرائيل اليوم 27/1/2012