المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حقيقة القضية الفلسطينيه ومستواها السياسي



shareff
04-06-2008, 03:04 PM
قال تعالى
سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله)
صدق الله العظيم

إنّما أراد أن ينوّه بفضل هذا المسجد الأقصى وبقدسية البلاد التي تحويه. والرسول صلى الله عليه وآله وسلم حين قال: (لا تُشد الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى) إنّما أراد أن يقرن المسجد الأقصى بالكعبة قبلة المسلمين وبمسجده صلى الله عليه وسلم بوصفه رسول الله ليعلم المسلمون أن قدسية المسجد الأقصى كقدسية المسجد الحرام وكقدسية مسجد رسول الله، في الذروة من المقدسات. ومن هنا كان حكم هذه المساجد الثلاثة في القدسية واحداً، فكل منها واجب التقديس، وكان حكم الدفاع عن كل واحد منها واحداً بأنه دفاع عن أقدس المقدسات، وهو في الذروة من فروض الجهاد فوق كونه دفاعاً عن بلاد الإسلام وحمايةً لذمار المسلمين. ولهذا خاض المسلمون الحروب الصليبية في سبيل المسجد الأقصى والبلاد التي تحويه، واستمروا فيها في معارك متتالية حتى أنقذوها وطهّروها من رجس الكفار ومن دنس عبّاد الصليب.
وهذه الحقيقة تعرفها الدول الغربية كلها، ولذلك فإنهم حين خاضوا آخر حرب مع الدولة الإسلامية في الحرب العالمية الأولى وضعوا مخططاتهم لجعل فلسطين بما فيها بيت المقدس منطقة دولية تدافع عنها جميع الدول. وحين انتصروا عليها ذلك الانتصار الساحق تولت انجلترا رأس الكفر وأعدى أعداء الإسلام مهمة جميع الدول، فدمرت الخلافة مصدر الخطر الإسلامي على الغرب واستولت على أكثر البلاد الإسلامية ووضعت لفلسطين خطة جهنمية تقوم مقام تدويلها وتضمن سلخها إلى الأبد عن سائر بلاد الإسلام وإخلائها من المسلمين وتحريم سكناها أبدياً على أهل الإسلام، فأعطوا وعد بلفور، وأوجدوا قضية اسمها قضية فلسطين، ثم عملوا على أن يجعلوا أمر فلسطين يهم أهلها الساكنين ضمن الحدود التي حددوها لها، وحاولوا أن يجعلوا البلدان المجاورة لها تهتم بها اهتمام المرء بشقيقه وليس اهتمامه بنفسه، وبوصفهم عرباً وليس بوصفهم مسلمين، وعملوا في نفس الوقت على عزل مسلمي العالم عن أمر فلسطين، وبذلك رفعوا الصفة الإسلامية عنها، فرُفع الدفاع عنها بوصفها من مقدسات المسلمين، وقطعوا صلة المسلمين بها بوصفهم مسلمين، فقُطع الإمداد الإسلامي عن الجهاد لطرد الكفار الحربيين منها، فتمكنوا بهذا من السير في خطتهم التي رسموها، وأصابوا نجاحاً لم يكونوا يحلمون به. حتى إذا تم لهم إنشاء الوطن القومي اليهودي كانت قضية فلسطين قضية سكانها أولاً ثم قضية العرب بوصفهم عرباً لا بوصفهم مسلمين، ولم تكن من قضايا سائر المسلمين، اللهم إلاّ لدى مسلمي الهند وما يسمى اليوم بالباكستان إلى حد ما. ولذلك سهل عليهم –أي الانجليز- أن ينجحوا بأساليبهم الخبيثة بتحويل هذا الوطن القومي اليهودي إلى دولة وأن يقيموا ما يسمى بدولة اسرائيل في مأمن من المسلمين أن يغضبوا غضبة إسلامية، وفي مأمن من الدول العربية أن يكون لغضبهم أي تأثير.
ولمّا خرجت أمريكا من عزلتها بعد الحرب العالمية الثانية تقدمت إلى بلاد الإسلام تريد أن ترثها عن الانجليز لبسط سيطرتها ونفوذها عليها واستغلال ثرواتها وخيراتها، وأدركت خطة الانجليز الخاصة ومدى فظاعتها على المسلمين فأسرعت لاحتضان الكيان اليهودي في فلسطين وصارت تحاول أن تتولى دولياً ومالياً إتمام عمليات إقامة اسرائيل، حتى أصبحت الدولة الأولى في العالم في احتضان دولة اسرائيل وإحاطتها بالحماية والرعاية وإمدادها بالقوة والنفوذ، وصار جزءاً من سياستها إبقاء اسرائيل لتجعلها قاعدة لها في الشرق الأوسط ضد المسلمين وضد بلاد الإسلام.
وصارت الدولتان تتنافسان على تثبيت اسرائيل وتتسابقان على خدمتها وضمان بقائها، بالرغم من تباين مصالحهما بشأنها واختلاف طرقهما في استخدامها. وانتقل أمر فلسطين من يد أهلها بعد أن أصبحوا لاجئين إلى يد الدول العربية، أو بعبارة أخرى إلى يد الحكام العرب، وأُخرس الصوت الإسلامي الوحيد الذي كان يُسمع أحياناً من الهند أو ما يسمى بالباكستان، وصارت المسألة خلافاً بين الدول العربية واسرائيل، وليست قضية فلسطين. غير أن أمريكا أحست أن هذا الوضع يخدم الانجليز ولا ينهي هذه القضية، وهي إذ تهتم باسرائيل إنّما تهتم لتنفيذ الخطط الأمريكية ضد المسلمين وضد بلاد الإسلام وليس حباً بإقامة دولة لليهود، لذلك وضعت خطة لتدويل القدس حتى تستولي هي عليها تحت اسم تدويلها، ولإقامة كيان فلسطيني يحجز بين اسرائيل والأردن، لرفع يد اليهود عن الأردن، وحتى تبعدهم عن ثرواته الهائلة وتحُول دون استخدام الانجليز لهم. ومن أجل أن تصل إلى هذين الأمرين وضعت مشروعاً لحل قضية فلسطين يتلخص في حصر القضية بين طرفين هم عرب فلسطين واليهود، ورفع يد الدول العربية عن القضية. ولمّا كان الطرفان غير متكافئين من جميع الوجوه فإنه يسهل بعدها تحقق الهدف الأمريكي ألا وهو: تدويل القدس ورفع يد اليهود عن الأردن ثم ضمان استقرار اسرائيل نهائياً. وهذا يعني إنهاء موضوع اسرائيل كقاعدة لأمريكا ضد المسلمين وضد بلاد الإسلام وإيجاد قاعدة دولية إلى جانبها في القدس، حتى إذا لم تقو اسرائيل على الصمود أمام المسلمين تصدت لهم القاعدة الدولية بقيام جميع الدول ضدهم للدفاع عن القدس الدولية، فلا يستطيعون حينئذ استرجاع القدس لحظيرة المسلمين ولا القضاء على اسرائيل، وهنا يكمن الخطر البالغ من هذه الخطة الأمريكية الفظيعة.
إن مسألة تدويل القدس ترجع إلى خطط الدول الغربية ضد البلاد الإسلامية، وهي خطط قديمة ولا تزال لديهم حتى الآن. فإن الغرب يرسم سياسته ضد المسلمين لآماد بعيدة وأهداف عميقة، وفي سنة 1916 كانت الدولة الإسلامية موجودة، وكانت الخلافة قائمة، وكانت تشتبك في حرب ضد الانجليز والفرنسيين والطليان والروس، أي ضد من كانوا يُسمّون بالحلفاء، فأرادوا أن يفتحوا لهم باباً على العالم الإسلامي بإنشاء قاعدة دولية في المنطقة الحساسة منه وهي فلسطين، فنصوا في معاهدة سايكس-بيكو على أن تكون البلاد الواقعة غربي الأردن فيما بين عكا شمالاً وغزة جنوباً منطقة دولية، أي قاعدة للدول الغربية الكافرة ورأس جسر للعالم الكافر يربض على قلوب المسلمين في أهم بقاع الأرض استراتيجية لدى المسلمين تجاه الغرب الكافر. وكان قصدهم أن يتمكنوا من تمزيق الدولة الإسلامية وأن يضمنوا أن لا تعود مرة ثانية إلى الظهور. غير أنه حين انتهت الحرب العالمية الأولى، وكانت انجلترا حينئذ الدولة الأولى في العالم، لم ينفذ هذا التدويل، فقد استأثرت انجلترا بالمنطقة لنفسها وأعطت وعد بلفور بمجرد أن وطئت جيوشها أرض فلسطين ليكون اليهود بدل هذا التدويل، وليقيموا كياناً يهودياً يستخدمونه ضد العالم الإسلامي، فكان الوطن القومي الذي تحوّل إلى دولة اسرائيل ليكون قاعدة للغرب تحت يد الانجليز عوضاً عن تدويل المنطقة وفق مخطط الدول الكافرة ضد المسلمين.
واليوم تأتي أمريكا لتعيد نفس الأسلوب وتسير في نفس الخطة، فتركز القاعدة التي أقامتها انجلترا وهي اسرائيل وتوجِد إلى جانبها قاعدة أخرى دولية، ومن أجل ذلك أخذت تسعى لتحقيق التدويل الوارد في قرارات هيئة الأمم سنة 1947 من رام الله إلى بيت لحم، أي جعل القدس ومنطقتها تحت السيطرة الأمريكية باسم التدويل لتكون قاعدة دولية بيدها ضد المسلمين وضد بلاد الإسلام، فتكون تحت يد أمريكا، ولكن تكون الدول كلها مجبَرة على حمايتها بالحديد والنار ضد المسلمين.
إن هذا التدويل في حقيقته الآن هو تحويل القدس ومنطقتها إلى السيطرة الأمريكية المباشرة. والتدويل في واقعه هو وضع المنطقة تحت سيطرة الكفار نهائياً وإلى الأبد، فإنه مهما تبدل الميزان الدولي لا يتصور مطلقاً أن تتخلى أمريكا أو أوروبا أو عن أعظم نصر على المسلمين، وإذا وقع فإنه يقتضي أن على المسلمين أن يحاربوا العالم أجمع ويدفعوا الثمن ملايين الأنفس والاموال لاستردادها. وانجلترا قالت بتدويل فلسطين في معاهدة سايكس-بيكو حين كانت الخلافة موجودة، ولم تنفذه لأنها دمرت الخلافة، والخلافة لا بد آتية اليوم أو غداً، فأسهل عليها أن تحارب اسرائيل ولو كان من ورائها الأمريكان والانجليز -والحرب معها لا بد واقعة لا محالة- من أن تحارِب العالم أجمع، لذلك كان التدويل للقدس أو أي بلد من بلاد الإسلام من أفظع ما يتصوره المسلمون.
هذه هي خطة أمريكا إقامة قاعدة دولية للغرب تكون كياناً دولياً في القدس تحت يد أمريكا وفي حماية جميع دول العالم إلى جانب تركيز قاعدة الغرب الأخرى التي أقامها الانجليز وتحويلها من يدهم إلى يد الأمريكان. فالقضية إذن لدى الأمريكان ليست قضية عطف على اليهود، ولا قضية حل لمشكلة بين العرب واليهود، حتى ولا قضية تنافس على الاستعمار أو تسابق على الثروات، وإنما القضية لديها معاً قضية إقامة قاعدة ضد المسلمين وضد بلاد الإسلام تحُول دون رجوع الدولة الإسلامية مرة ثانية، وتقضي على البقية الباقية من العلاقات والمعتقدات الإسلامية. ولذلك يجب أن يكون تفكير المسلمين السياسي وفي هذه القضية بالذات، قضية فلسطين وتدويل القدس، على مستوى دولي وعلى مستوى شرق إسلامي وغرب كافر، أي يجب أن ينظر الحكام والساسة المسلمون إلى قضية فلسطين بأنها قاعدة للغرب ضدهم، وأن يُنظر إلى القدس على أنها قاعدة دولية ضدهم، لأن هذا هو مستواها السياسي وهذا هو واقعها حسب مخططات الأمريكان، ومِن قبلهم مخططات دول الغرب الذين كانوا يسمون بالحلفاء. فالمسألة مسألة قواعد للدول الغربية ضد المسلمين تأخذ اسم دولة اسرائيل و تدويل القدس لدى الأمريكان، وما إعطاء الوطن القومي ثم إقرار محاولات حل قضية فلسطين، إلاّ أساليب لإنشاء هذه القواعد في قلب بلاد الإسلام ضد جميع المسلمين. ولذلك يجب أن يرتفع زعماء المسلمين وساستهم ولا سيما حكامهم عن مستوى الطفولة في التفكير السياسي، وأن يدركوا أن قضية فلسطين بما في ذلك قيام اسرائيل وتدويل القدس، قضية إسلامية صميمة، إذ هي قضية بلد جاء نص القرآن القطعي بقدسيته، وجاءت السنّة تقرنه بالمسجد الحرام ومسجد رسول الله لتؤكد أنه من أقدس المقدسات، فوق ما جاء من آيات الجهاد في وجوب القتال للدفاع عنه لإنقاذه من يد الكفار المحارِبين، وأن يدركوا أيضاً أنها من وجهة نظر الغرب قضية إسلامية بحتة، إذ هي قضية قواعد للدول الغربية الكافرة ضد المسلمين وضد الإسلام وضد البلاد الإسلامية. وإدراكهم هذا يريهم بكل وضوح أن القضية ليست قضية فلسطينية، ولا قضية عربية، وإنما هي قضية إسلامية ليس غير، وأنها ليست قضية أهل فلسطين ولا قضية العرب، وإنما هي قضية المسلمين.
هذا من ناحية القضية وحقيقتها، أمّا من ناحية مستواها السياسي فإنها ليست قضية محلية بين سكان منطقة، ولا قضية محلية بين دولتين متجاورتين أو أكثر، وإنما هي قضية بين دول الغرب الكافر من انجليز وأمريكان وفرنسيين وطليان وغيرهم وبين المسلمين جميعاً في العالم الإسلامي، أي بين جميع الدول القائمة في بلاد الإسلام وبين جميع دول الغرب. فهي ليست قضية بين عرب فلسطين واليهود، ومن الإجرام أن تكون كذلك، ولا هي بين الدول العربية واسرائيل، ولا يجوز أن تكون هكذا، وإنما مباشرة بين اندونيسيا وباكستان وتركيا ومصر والعراق وإيران وسائر دول العالم الإسلامي وبين الانجليز والأمريكان بالذات ومعهم ما يسمى بدولة اسرائيل. هذا هو مستواها السياسي، وهذا ما يجب أن تكون عليه، ولهذا يجب أن يرتفع التفكير السياسي فيها إلى هذا المستوى.
والله من وراء القصد

أبو محمد الراشد
20-06-2008, 08:25 PM
قال تعالى
سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله)
تحقق الهدف الأمريكي ألا وهو: تدويل القدس ورفع يد اليهود عن الأردن ثم ضمان استقرار اسرائيل نهائياً. وهذا يعني إنهاء موضوع اسرائيل كقاعدة لأمريكا ضد المسلمين وضد بلاد الإسلام وإيجاد قاعدة دولية إلى جانبها في القدس، حتى إذا لم تقو اسرائيل على الصمود أمام المسلمين تصدت لهم القاعدة الدولية بقيام جميع الدول ضدهم للدفاع عن القدس الدولية، فلا يستطيعون حينئذ استرجاع القدس لحظيرة المسلمين ولا القضاء على اسرائيل، وهنا يكمن الخطر البالغ من هذه الخطة الأمريكية الفظيعة.
واليوم تأتي أمريكا لتعيد نفس الأسلوب وتسير في نفس الخطة، فتركز القاعدة التي أقامتها انجلترا وهي اسرائيل وتوجِد إلى جانبها قاعدة أخرى دولية، ومن أجل ذلك أخذت تسعى لتحقيق التدويل الوارد في قرارات هيئة الأمم سنة 1947 من رام الله إلى بيت لحم، أي جعل القدس ومنطقتها تحت السيطرة الأمريكية باسم التدويل لتكون قاعدة دولية بيدها ضد المسلمين وضد بلاد الإسلام، فتكون تحت يد أمريكا، ولكن تكون الدول كلها مجبَرة على حمايتها بالحديد والنار ضد المسلمين.
.
والله من وراء القصد
السؤال هل هذا لكلام ـ التحليل ـ لا زال قائماً الآن ؟ .
أم هو تبديل ؟ وأتصور أن الواقع كما هو وأي مخطط وبديل سيفشل ولن يتم شيء وسيبقى الصراع قائم ..