فرج الطحان
18-02-2009, 04:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
كيف تنهض الأمّة الإسلامية
منذ عدة قرون والأمة الإسلامية تنحدر عن المستوى اللائق بها، وتتراجع عن مكانتها الحقيقية بين الأمم، وظلت تسير في طريق السقوط حتى سقطت وسقطت معها دولتها، يوم قام الغرب الكافر بالتآمر وبالاشتراك لإسقاط الدولة الإسلامية وإلغاء نظام الخلافة، فأصبحت غنيمة لهذا الغرب الذي مزقها أشلاء، ورسم لكل شلو حدودا بالمسطرة، ونسج له علما خاصا به، حتى إذا ما أراد هذا الغرب الخروج من البلاد، بعد أن اطمأن على ما أوجده من أوضاع، شنقت هذه الأعلام باسم الاستقلال المزيف، حتى صار المعيار في ذلك "أعطني قطعة أرض وقطعة قماش وقطعة موسيقية تسمى نشيدا وطنيا أعطيك دولة"، فنصبت على أشلاء دولة الإسلام ما يزيد على الخمسين دولة، بعد أن كانت هذه الخمسين دويلة.. دولة واحدة يحكمها حاكم واحد، يحيا الرضيع فيها وهو يتنفس العزة والكرامة والمجد.
ورحم الله الأمير الحسن بن علي آل عائض أمير عسير حينما خاطب أحد عملاء بريطانيا بقوله عنها ".. واستطاعت بعبوديتكم لها أن تمزق شمل الأمة، وجعلت كل عبد لها على رقعة من الأرض أسمتها وطنا وأحاطتها بسور، أطلقت عليه حدودا رسمتها هي. وألزمت كل صنيعة لها أن يحمي سوره من جواره، وهي المهيمنة على الجميع، وما من رقعة إلا وهي سجن لأهلها، فلا يخرج منها ولا يدخلها أحد إلا بعلمها حتى تضع أنوف أهلها في التراب".
وهاهي الأمة اليوم تدفع ثمن ما ضاع منها من أوطان، وما سكتت عليه من أوضاع أوجدها الغرب الكافر في بلادها، وهي لا تدفع ثمنا لذلك مالا كما هو الحال مع كل من ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء، وإنما تدفع أنفسا تزهق، ودماء تراق، وثروات تستنزف، وكرامة تهدر، وذلا ما بعده ذل تتسربله إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.. إلى أن تستيقظ هذه الأمة من سباتها وتستفيق من نومها، وتتحرك ثم تندفع ثم تزمجر فتكون النهضة، وتكون العزة وتكون الكرامة.
أيها الأخوة الكرام..
هل الواقع الذي تعيشه الأمة اليوم قدر لا يرد؟ وهل أوضاعها هذه تستعصي على العلاج؟ وهل ما تتسربله من عار وما تعيشه من ذل سيبقى ملازما لها؟ وهل ستبقى هذه الأوضاع التي أوجدها الغرب الكافر في بلادنا قائمة إلى مالا نهاية؟ فإذا كان جواب ذلك بالنفي فما هو السبيل إلى تغيير هذه الأوضاع؟ وما السبيل إلى نهضة هذه الأمة لتعود إلى العالم منارة من جديد وتزيل هذه الأوضاع الداخلية والدولية التي وجدت بعد أن غابت عن العالم مدة تزيد عن القرن؟ هذه الأسئلة سوف تكون مثار بحثنا في هذه الأمسية لعلنا نهتدي إلى السبيل التي تطوي هذه الحياة البائسة التي تعيشها الأمة هذه الأيام، ولعلنا نصل إلى الطريقة العملية والواقعية التي تعيد الأمة إلى سابق مجدها، وتعيد العالم معها إلى الهداية والسعادة المفقودة، بعد أن تغول على العالم أولئك الذين جعلوا من النظام الرأسمالي دينا جديدا يسوقون الدول والأمم والشعوب إلى اعتناقه قسرا، وإلى جعله طريقة عيش في حياتهم، وما خلفه هذا النظام من مآسٍ للبشرية لا تزال تعاني منها حتى هذا اليوم.
وإننا إذ نسلط الضوء على الكيفية التي تنهض فيها الأمة، إنما نطرح المبدأ الصحيح الذي لا ينقذ الأمة فحسب مما وصلت إليه ومما تعانيه، وإنما لننقذ البشرية جمعاء من التعاسة والشقاء اللذيْن آلت إليهما.
كيف تنهض الأمة الإسلامية
حتى نبصر الطريق إلى النهضة لا بد من معرفة واقع النهضة معرفة تمكننا من وضع الإصبع على مدلولها، فالنهضة في اللغة هي: القيام والارتفاع، وفي الاصطلاح الفكري: النهضة هي الارتقاء الفكري، والمقصود بالارتقاء الفكري، هو وجود فكر كلي يعالج مشاكل الإنسان بوصفه إنسانا. والنهضة ليست الارتقاء الاقتصادي ولا الارتقاء الروحي ولا الارتقاء الخلقي كما يتوهم بعضهم، وإنما هي الارتقاء الفكري ليس غير. أمّا أن الارتقاء الاقتصادي ليس بنهضة، فذلك واضح من أن الكويت وقطر مثلا مرتفعتان اقتصادياً ومع ذلك فإنه بديهيا لا أحد يدعي أن أيا منهما دولة ناهضة، وكذلك الارتفاع الأخلاقي ليس بنهضة بدليل أن المدينة المنورة اليوم هي أعلى بلدان الدنيا أخلاقاً ومع ذلك ليست ناهضة، وبدليل أن باريس من أحط البلدان أخلاقاً ومع ذلك فهي ناهضة، فالنهضة هي الارتقاء الفكري.
قلنا أن النهضة هي الارتقاء الفكري، فإذا كان هذا الارتقاء الفكري مبنياً على أساس روحي _أي على أساس الإيمان بالله خالقا لهذا الكون ومسيرا لشؤونه_ كانت النهضة نهضة صحيحة، لأن الفكرَ مستنيرٌ فيها إلى أساس يستحيل عليه النقص فلا يتسرب الخطأ إلى الفكر من ناحية أسسه وإنما يكون الخطأ ممكناً عليه من ناحية الفروع، ولذلك يكون مأمون الأساس ثابت الاتجاه مقطوعاً بنتائجه. أمّا إذا كان الارتقاء الفكري غير مبني على أساس روحي _على أساس المادية، أو عقيدة فصل الدين عن الحياة مثلا _ فإنه يكون نهضة ولكنها نهضة غير صحيحة لأن الفكر فيها لا يستنير إلى ما يستحيل عليه النقص فيكون عُرضة للخطأ والخلل والاضطراب والضلال وجميع أنواع النقص فيتسرب ذلك إلى الأساس وبالتالي إلى الاتجاه والنتائج ولكنه على أي حال يُحدث نهضة.
وعلى ذلك فإن هذه النهضة قد تكون نهضة صحيحة وقد تكون نهضة غير صحيحة فأمريكا وفرنسا اليوم بلاد ناهضة ولكنها نهضة غير صحيحة لأن نهضتهم ليست قائمة على أساس روحي، إذ النهضة الصحيحة هي الارتقاء الفكري القائم على الأساس الروحي فإن لم يكن الارتقاء الفكري قائماً على الأساس الروحي فإنه يكون نهضة ولكن لا تكون نهضة صحيحة ولا توجِد نهضة صحيحة سوى النهضة على أساس الفكرة الإسلامية أي سوى النهضة الإسلامية لأنها وحدها ارتقاء فكري قائم على الأساس الروحي.
إلاّ أن الفكر الذي تحصل بارتقائه نهضة هو الفكر المتعلق بوجهة النظر في الحياة وما يتعلق بها لأن ارتقاءه هو الانتقال من الناحية الحيوانية البحتة إلى الناحية الإنسانية، فالفكر المتعلق بالحصول على الطعام فكر ولكنه غريزي منخفض، والفكر المتعلق بتنظيم الحصول على الطعام أعلى منه، والفكر المتعلق بتنظيم شؤون الأسرة فكر ولكن الفكر المتعلق بتنظيم شؤون القوم أعلى منه، وأمّا الفكر المتعلق بتنظيم شؤون الإنسان باعتباره إنساناً لا فرداً فإنه أعلى الأفكار. ومن هنا كان مثل هذا الفكر هو الذي يُحدث نهضة، فعلى دعاة النهضة إذن أن ينشروا هذا الفكر ويجعلوه أساساً لغيره من الأفكار وأن يجعلوا العلوم والمعارف مبنية على هذا الفكر وأخذه الدرجة الثانية من الاهتمام حتى يستطيعوا أن يُحدثوا نهضة.
كيف تنهض الأمّة الإسلامية
منذ عدة قرون والأمة الإسلامية تنحدر عن المستوى اللائق بها، وتتراجع عن مكانتها الحقيقية بين الأمم، وظلت تسير في طريق السقوط حتى سقطت وسقطت معها دولتها، يوم قام الغرب الكافر بالتآمر وبالاشتراك لإسقاط الدولة الإسلامية وإلغاء نظام الخلافة، فأصبحت غنيمة لهذا الغرب الذي مزقها أشلاء، ورسم لكل شلو حدودا بالمسطرة، ونسج له علما خاصا به، حتى إذا ما أراد هذا الغرب الخروج من البلاد، بعد أن اطمأن على ما أوجده من أوضاع، شنقت هذه الأعلام باسم الاستقلال المزيف، حتى صار المعيار في ذلك "أعطني قطعة أرض وقطعة قماش وقطعة موسيقية تسمى نشيدا وطنيا أعطيك دولة"، فنصبت على أشلاء دولة الإسلام ما يزيد على الخمسين دولة، بعد أن كانت هذه الخمسين دويلة.. دولة واحدة يحكمها حاكم واحد، يحيا الرضيع فيها وهو يتنفس العزة والكرامة والمجد.
ورحم الله الأمير الحسن بن علي آل عائض أمير عسير حينما خاطب أحد عملاء بريطانيا بقوله عنها ".. واستطاعت بعبوديتكم لها أن تمزق شمل الأمة، وجعلت كل عبد لها على رقعة من الأرض أسمتها وطنا وأحاطتها بسور، أطلقت عليه حدودا رسمتها هي. وألزمت كل صنيعة لها أن يحمي سوره من جواره، وهي المهيمنة على الجميع، وما من رقعة إلا وهي سجن لأهلها، فلا يخرج منها ولا يدخلها أحد إلا بعلمها حتى تضع أنوف أهلها في التراب".
وهاهي الأمة اليوم تدفع ثمن ما ضاع منها من أوطان، وما سكتت عليه من أوضاع أوجدها الغرب الكافر في بلادها، وهي لا تدفع ثمنا لذلك مالا كما هو الحال مع كل من ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء، وإنما تدفع أنفسا تزهق، ودماء تراق، وثروات تستنزف، وكرامة تهدر، وذلا ما بعده ذل تتسربله إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.. إلى أن تستيقظ هذه الأمة من سباتها وتستفيق من نومها، وتتحرك ثم تندفع ثم تزمجر فتكون النهضة، وتكون العزة وتكون الكرامة.
أيها الأخوة الكرام..
هل الواقع الذي تعيشه الأمة اليوم قدر لا يرد؟ وهل أوضاعها هذه تستعصي على العلاج؟ وهل ما تتسربله من عار وما تعيشه من ذل سيبقى ملازما لها؟ وهل ستبقى هذه الأوضاع التي أوجدها الغرب الكافر في بلادنا قائمة إلى مالا نهاية؟ فإذا كان جواب ذلك بالنفي فما هو السبيل إلى تغيير هذه الأوضاع؟ وما السبيل إلى نهضة هذه الأمة لتعود إلى العالم منارة من جديد وتزيل هذه الأوضاع الداخلية والدولية التي وجدت بعد أن غابت عن العالم مدة تزيد عن القرن؟ هذه الأسئلة سوف تكون مثار بحثنا في هذه الأمسية لعلنا نهتدي إلى السبيل التي تطوي هذه الحياة البائسة التي تعيشها الأمة هذه الأيام، ولعلنا نصل إلى الطريقة العملية والواقعية التي تعيد الأمة إلى سابق مجدها، وتعيد العالم معها إلى الهداية والسعادة المفقودة، بعد أن تغول على العالم أولئك الذين جعلوا من النظام الرأسمالي دينا جديدا يسوقون الدول والأمم والشعوب إلى اعتناقه قسرا، وإلى جعله طريقة عيش في حياتهم، وما خلفه هذا النظام من مآسٍ للبشرية لا تزال تعاني منها حتى هذا اليوم.
وإننا إذ نسلط الضوء على الكيفية التي تنهض فيها الأمة، إنما نطرح المبدأ الصحيح الذي لا ينقذ الأمة فحسب مما وصلت إليه ومما تعانيه، وإنما لننقذ البشرية جمعاء من التعاسة والشقاء اللذيْن آلت إليهما.
كيف تنهض الأمة الإسلامية
حتى نبصر الطريق إلى النهضة لا بد من معرفة واقع النهضة معرفة تمكننا من وضع الإصبع على مدلولها، فالنهضة في اللغة هي: القيام والارتفاع، وفي الاصطلاح الفكري: النهضة هي الارتقاء الفكري، والمقصود بالارتقاء الفكري، هو وجود فكر كلي يعالج مشاكل الإنسان بوصفه إنسانا. والنهضة ليست الارتقاء الاقتصادي ولا الارتقاء الروحي ولا الارتقاء الخلقي كما يتوهم بعضهم، وإنما هي الارتقاء الفكري ليس غير. أمّا أن الارتقاء الاقتصادي ليس بنهضة، فذلك واضح من أن الكويت وقطر مثلا مرتفعتان اقتصادياً ومع ذلك فإنه بديهيا لا أحد يدعي أن أيا منهما دولة ناهضة، وكذلك الارتفاع الأخلاقي ليس بنهضة بدليل أن المدينة المنورة اليوم هي أعلى بلدان الدنيا أخلاقاً ومع ذلك ليست ناهضة، وبدليل أن باريس من أحط البلدان أخلاقاً ومع ذلك فهي ناهضة، فالنهضة هي الارتقاء الفكري.
قلنا أن النهضة هي الارتقاء الفكري، فإذا كان هذا الارتقاء الفكري مبنياً على أساس روحي _أي على أساس الإيمان بالله خالقا لهذا الكون ومسيرا لشؤونه_ كانت النهضة نهضة صحيحة، لأن الفكرَ مستنيرٌ فيها إلى أساس يستحيل عليه النقص فلا يتسرب الخطأ إلى الفكر من ناحية أسسه وإنما يكون الخطأ ممكناً عليه من ناحية الفروع، ولذلك يكون مأمون الأساس ثابت الاتجاه مقطوعاً بنتائجه. أمّا إذا كان الارتقاء الفكري غير مبني على أساس روحي _على أساس المادية، أو عقيدة فصل الدين عن الحياة مثلا _ فإنه يكون نهضة ولكنها نهضة غير صحيحة لأن الفكر فيها لا يستنير إلى ما يستحيل عليه النقص فيكون عُرضة للخطأ والخلل والاضطراب والضلال وجميع أنواع النقص فيتسرب ذلك إلى الأساس وبالتالي إلى الاتجاه والنتائج ولكنه على أي حال يُحدث نهضة.
وعلى ذلك فإن هذه النهضة قد تكون نهضة صحيحة وقد تكون نهضة غير صحيحة فأمريكا وفرنسا اليوم بلاد ناهضة ولكنها نهضة غير صحيحة لأن نهضتهم ليست قائمة على أساس روحي، إذ النهضة الصحيحة هي الارتقاء الفكري القائم على الأساس الروحي فإن لم يكن الارتقاء الفكري قائماً على الأساس الروحي فإنه يكون نهضة ولكن لا تكون نهضة صحيحة ولا توجِد نهضة صحيحة سوى النهضة على أساس الفكرة الإسلامية أي سوى النهضة الإسلامية لأنها وحدها ارتقاء فكري قائم على الأساس الروحي.
إلاّ أن الفكر الذي تحصل بارتقائه نهضة هو الفكر المتعلق بوجهة النظر في الحياة وما يتعلق بها لأن ارتقاءه هو الانتقال من الناحية الحيوانية البحتة إلى الناحية الإنسانية، فالفكر المتعلق بالحصول على الطعام فكر ولكنه غريزي منخفض، والفكر المتعلق بتنظيم الحصول على الطعام أعلى منه، والفكر المتعلق بتنظيم شؤون الأسرة فكر ولكن الفكر المتعلق بتنظيم شؤون القوم أعلى منه، وأمّا الفكر المتعلق بتنظيم شؤون الإنسان باعتباره إنساناً لا فرداً فإنه أعلى الأفكار. ومن هنا كان مثل هذا الفكر هو الذي يُحدث نهضة، فعلى دعاة النهضة إذن أن ينشروا هذا الفكر ويجعلوه أساساً لغيره من الأفكار وأن يجعلوا العلوم والمعارف مبنية على هذا الفكر وأخذه الدرجة الثانية من الاهتمام حتى يستطيعوا أن يُحدثوا نهضة.