مشاهدة النسخة كاملة : سؤال عن الايمان الفطري و الوجدان
جاء في نظام الاسلام " الا ان الايمان بالخالق المدبر فطري "
ما معنى هذا الكلام ؟
ثانيا ما هو الوجدان ؟
ابوعبدالرحمن حمزة
12-12-2011, 03:59 PM
النص هكذا ( نعم إن الإيمان بالخالق المدبر فطري في كل إنسان. إلا أن هذا الإيمان الفطري يأتي عن طريق الوجدان. وهو طريق غير مأمون العاقبة، وغير موصل إلى تركيز إذا ترك وحده. فالوجدان كثيرا ما يضفي على ما يؤمن به أشياء لا حقائق لها، ولكن الوجدان تخيلها صفات لازمة لما آمن به، فوقع في الكفر أو الضلال.)
الإيمان الفطري هو الإيمان الناتج عن الغريزة، وعن احساسات هذه الغريزة اي نتيجة هذه المشاعر.
و المقصود هنا بالغريزة غريزة التدين وهي تعني احساس الانسان بالنقص والعجز والاحتياج ، واحساسات الغريزة اي مشاعرغريزة التدين اي الوجدان، فالوجدان إحساس غريزي، أو شعور داخلي، يظهر بوجود واقع محسوس يتجاوب معه، أو من تفكير بما يثير هذا الشعور. فإذا أحدث الإنسان رجعاً لهذا الشعور بمجرد وصوله دون تفكير، قد يؤدي ذلك إلى الضلال أو الخطأ.
ذلك أن الإيمان بوجود الله عقلي ومبني على العقل، فالله حقيقة يدرك وجودها الحس، وبالتالي العقل، فلا مجال لسيطرة مشاعر الغريزة عليه، بل هو الذي يسيطر على هذه المشاعر. فهذا الإيمان العقلي، وإن كان لا بد أن يطابق الغريزة، وأن يتجاوب معها، أي مع الوجدان ، ولكنه ليس إيماناً ناتجاً عن الغريزة، ولا عن إحساساتها، أي ليس هو نتيجة المشاعر أي الوجدان ، بل هو نتيجة العقل والإدراك، ولذلك لا بد أن يكون الإدراك هو الذي يسيّره، والعقل هو الذي يسند ويسيطر عليه.
فالله ليس هو فكرة تهتدي إليه الغريزة، ولا هو مجرد تصور يتطابق مع ميول الغريزة، وإنما هو حقيقة يدركها العقل، ويطمئن إليها القلب، وترتاح إليها النفس، ولذلك يجب التشديد على أنه لا يجوز أن يكون الإيمان بالمشاعر وحده، ولا أن يكون بالميول الغريزية، بل يجب أن يكون بالعقل، وأن يكون الإدراك هو المسيِّر، ومن الخطأ والخطر أن يؤمن المرء بناء على المشاعر، وأن تكون هذه المشاعر هي المسيّرة للإيمان، بل يجب أن يكون الإيمان بالعقل وحده، وإن كان لا بد من ارتباطه بالمشاعر وتجاوبها معه، وأن يكون العقل وحده هو المسيّر للمشاعر، والمصحح لها، والحائل دون انحرافها أو خطئها. فإن المشاعر وحدها تؤدي إلى الخطأ، بل قد تؤدي إلى الضلال والكفر. لذلك لا بد من ضبط هذه المشاعر بالإدراك، وصيانتها بالعقل، والحيلولة بينها وبين الانحراف والضلال والكفر بالعقل والإدراك.
هذا هو التدين وهذا هو الإيمان، وهذا هو ما أوجبه الإسلام. ونظراً لأنه طرأت على المسلمين بعض ترهات الأديان الأخرى، وهي أديان كفر، تفشت فيهم فاشية الإيمان بناء على المشاعر، وطغت عليهم سيطرة المشاعر، تماماً كما جرى لأتباع أديان الكفر، لذلك كان لا بد من إرجاع المسلمين إلى أفكار الإسلام وفي أساسها الإيمان بالله، ولا بد من التصدي للمشاعر والوقوف في وجه جعلها دليل الإيمان، وجعلها مسيّرة للإيمان أو للإنسان، وإلزامها الحد الذي جاء به الإسلام، ألا وهو العقل، فكان لا بد من التركيز تركيزاً قوياً على العقل، وعلى أن لا يكون الإيمان إلاّ بالعقل، وعلى أن المشاعر نفسها يجب أن يسيطر عليها العقل، وأن تسيّر بالعقل، وذلك حتى يحال بين المسلم وبين الانحراف، وبينه وبين الضلال والكفر وهو يظن نفسه أنه يؤمن الله وأنه يعبد الله.
السلام عليكم بارك الله بك اخي الكريم ، ورد في كلامك
" واحساسات الغريزة اي مشاعرغريزة التدين اي الوجدان، فالوجدان إحساس غريزي، أو شعور داخلي، يظهر بوجود واقع محسوس يتجاوب معه، أو من تفكير بما يثير هذا الشعور. "
لقد استعملت كلمة احساسات الغرائز وقد ورد في المجموعة الفكرية نفس الكملة في هذا السياق " فالمسيّر للإنسان إنما هو ما جاء به الوحي، وليس إحساسات الغرائز، ولا الحاجات العضوية فهو إذا تحركت فيه غريزة التدين أي مشاعر التقديس فيجب أن يسيّرها بما جاء به الإسلام، فيقدّس الله ويكسر الصليب..."
وقد وضحت ان احساسات الغرائز هي المشاعر ، والسؤال
لماذا قلنا عن المشاعر ( او الوجدان ) التي هي الحب و الكره و التعظيم ... انها من احساسات الغزائز ؟
وهل الغرائز تحس ؟
وما معنى غريزة ؟
وشكرا لك .
ابوعبدالرحمن حمزة
13-12-2011, 11:30 AM
الغريزة هي طاقة أصلية و هي جزء من ماهية الإنسان، فلا يمكن علاجها ولا يمكن محوها، ولا يمكن كبتها، فإنها لا بد أن توجَد بأي مظهر من مظاهرها، بخلاف مظهر الطاقة الأصلية، أي مظهر الغريزة، فإنه ليس جزءاً من ماهية الإنسان، ولذلك يمكن علاجه، ويمكن محوه، ويمكن كبته. فغريزة البقاء من مظاهرها الأثَرة ومن مظاهرها الإيثار، فيمكن معالجة الأثرة بالإيثار، بل يمكن محوها ويمكن كبتها. ومثلاً الميل للمرأة بشهوة، من مظاهر غريزة النوع، والميل للأم من مظاهر غريزة النوع، فغريزة النوع لا يمكن علاجها ولا يمكن محوها، ولا يمكن كبتها. ولكن معالجة مظاهر هذه الغريزة ممكنة، بل يمكن محو هذه المظاهر ويمكن كبتها. فمثلاً من مظاهر غريزة النوع الميل للمرأة بشهوة، والميل للأم، والميل للأخت، والميل للبنت، وهكذا. فيمكن معالجة الميل للمرأة بشهوة بالميل بحنان للأم، فالحنان يعالِج الشهوة كما يعالج الإيثار الأثرة. وكثيراً ما يكون حنان الأم صارفاً عن الزوجة وحتى عن الزواج وعن الميل الجنسي. وكثيراً ما يَصرف الميل الجنسي الرجل عن حنان أمه. فأي مظهر من مظاهر غريزة النوع يمكن أن يسد مسد مظهر آخر، ويمكن أن يعالَج مظهر بمظهر. فالمظهر يجري علاجه، بل يجري كبته ومحوه، ولكن الغريزة لا يمكن فيها ذلك، لأن الغريزة جزء من ماهية الإنسان، بخلاف المظهر فإنه ليس جزءاً من ماهيته.
والغرائز محصورة بثلاث غرائز هي: غريزة البقاء، وغريزة النوع، وغريزة التدين أو التقديس. وذلك أن الإنسان يحرص على بقاء ذاته، فهو يملك ويخاف ويندفع بالإقدام ويتجمّع، إلى غير ذلك من مثل هذه الأفعال من أجل بقاء ذاته. فالخوف ليس غريزة، والملك ليس غريزة، والشجاعة ليست غريزة، والقطيع ليس غريزة.. الخ، وإنّما هي مظاهر لغريزة واحدة هي غريزة البقاء. وكذلك الميل إلى المرأة عن شهوة، والميل إلى المرأة عن حنان، والميل إلى إنقاذ الغريق، والميل إلى إغاثة الملهوف.. الخ، كل ذلك ليس غرائز وإنّما هي مظاهر لغريزة واحدة هي غريزة النوع، وليست غريزة الجنس، لأن الجنس يجمع الحيوان والإنسان، والميل الطبيعي إنّما هو من الإنسان للإنسان، ومن الحيوان للحيوان. فالميل بشهوة من الإنسان للحيوان هو شاذ وليس طبيعياً، ولا يحصل طبيعياً وإنّما يحصل شذوذاً. والغريزة هي الميل الطبيعي. وكذلك ميل الذكر للذكر هو شاذ وليس طبيعياً، ولا يحصل طبيعياً وإنّما يحصل شذوذاً. فالميل بشهوة للمرأة، والميل بحنان للأم، والميل بحنان للبنت، كلها مظاهر لغريزة النوع. ولكن الميل بشهوة من الإنسان للحيوان، ومن الذكر للذكر، ليس طبيعياً وإنّما هو انحراف بالغريزة، فهو شاذ. فالغريزة هي غريزة النوع وليست غريزة الجنس، وهي لبقاء النوع الإنساني لا لبقاء جنس الحيوان.
وأيضاً فإن الميل لعبادة الله، والميل لتقديس الأبطال، والميل لاحترام الأقوياء، كل ذلك مظاهر لغريزة واحدة هي غريزة التدين أو التقديس. وذلك أن الإنسان لديه شعور طبيعي بالبقاء والخلود. فكل ما يهدد هذا البقاء يشعر تجاهه طبيعياً، شعوراً حسب نوع هذا التهديد، بالخوف أو الإقدام، بالبخل أو الكرم، بالفردية أو التجمع، حسب ما يراه، فيوجِد عنده شعوراً يدفعه للعمل، فتظهر عليه مظاهر من الأفعال ناتجة عن الشعور بالبقاء. وكذلك عنده شعور ببقاء النوع الإنساني، لأن فناء الإنسان يهدد بقاءه، فكل ما يهدد بقاء نوعه يشعر تجاهه طبيعياً شعوراً حسب نوع هذا التهديد. فرؤية المرأة الجميلة تثير فيه الشهوة، ورؤية الأم تثير فيه الحنان، ورؤية الطفل تثير فيه الإشفاق، فيشعر شعوراً يدفعه للعمل، فتظهر عليه مظاهر من الأفعال قد تكون منسجمة وقد تكون متناقضة. وأيضاً فإن عجزه عن إشباع شعور البقاء أو بقاء النوع يثير فيه مشاعر أخرى هي الاستسلام والانقياد لِما هو حسب شعوره مستحق للاستسلام والانقياد. فيبتهل إلى الله، ويصفق للزعيم، ويحترم القوي، وذلك نتيجة لشعوره بالعجز الطبيعي. فأصل الغرائز هو الشعور بالبقاء أو بقاء النوع أو العجز الطبيعي، ونتج عن هذا الشعور أعمال، فكانت هذه الأعمال مظاهر لتلك الأصول الطبيعية، وهي في مجملها يرجع كل مظهر منها إلى أصل من هذه الأصول الثلاثة. لذلك كانت الغرائز ثلاث ليس غير.
أما الوجدان فهي احساسات غريزة التدين اي المشاعر الناتجة عن غريزة التدين، والمسألة هي أن الوجدان مصطلح فكري له واقع وهذا التعريف هو وصف لهذا الواقع ، تماما كبحث حقيقة النهضة وبحث حقيقة العقل والمجتمع فهذه كلها ابحاث لمصطلحات فكرية لها واقع معين، وصحة البحث مرتبطة بانطباق هذا الوصف على الواقع الذي يدل عليه الموضوع .
أما المشاعر فهي التعبير الخارجي الذي يظهر نتيجة احساسات الغريزة ، والمقصود بالاحساس هنا هو الاحساس الداخلي في الانسان فأنت تحس بالجوع والعطش وتحس بالخوف وتحس بالألم لموت عزيز وتحس بعظمة الله ، اما كيف يتشكل ذلك فإن للإنسان طاقة حيوية تدفعه للقيام بأعماله وتتطلب إشباعاً. وهذه الطاقة الحيوية ذات مظهرين اثنين: أحدهما يتطلب الإشباع الحتمي، وإذا لم تُشبع يموت الإنسان، وهذه هي الحاجات العضوية كالأكل والشرب وقضاء الحاجة. والثانية تتطلب الإشباع ولكن إذا لم تُشبع لا يموت الإنسان وإنّما يكون قلقاً حتى يشبعها، وهذه هي الغرائز، وعملها يكون بشعور طبيعي يندفع متطلباً الإشباع.
إلاّ أن الغرائز ليست كالحاجات العضوية من حيث الدافع، بل تختلف عنها، لأن الحاجات العضوية دافعها داخلي، أمّا الغرائز فإن الذي يدفعها أو يُظهِر الشعور بتطلب الإشباع هو: إما أفكار تتداعى عن الشيء الذي يثير المشاعر، أو واقع محسوس يثير المشاعر للإشباع. فغريزة النوع مثلاً يثيرها التفكير بفتاة جميلة، أو بما يتعلق بالجنس، أو برؤية فتاة جميلة أو أي شيء يتعلق بالجنس. وإذا لم يحصل ذلك لا يحصل ما يثير الغريزة. وغريزة التدين يثيرها التفكير بآيات الله، أو في يوم القيامة، أو ما يتعلق بذلك، أو النظرة إلى بديع صنع الله مما في السموات والأرض، أو ما يتعلق بذلك. ومن هنا نجد الغريزة ظاهرة آثارها عند حصول ما يثيرها، ولا تُرى هذه الآثار في حالة عدم وجود ما يثيرها، أو في حالة تحويل ما يثيرها عن الإثارة بتفسيره تفسيرات مغالطة تُفقده لدى مفهوم الشخص صفته الأصلية التي تثير الغريزة.
فعندما تثار الغريزة وتتحرك في الانسان إحساسات الغريزة اي تدفعه للأشباع، عندها تظهر الى الخارج المشاعر المتعلقة بالإشباع لهذه الغريزة من رضا او حب او كره او خوف أو الخضوع ... الخ
السلام عليكم
اولا بارك الله بك اخي الكريم ، لكن اسمح لي بالسؤال على التالي " الغريزة هي طاقة أصلية و هي جزء من ماهية الإنسان، فلا يمكن علاجها ولا يمكن محوها، ولا يمكن كبتها، فإنها لا بد أن توجَد بأي مظهر من مظاهرها، بخلاف مظهر الطاقة الأصلية، أي مظهر الغريزة، "
انت تقر فيما سبق ان الغريزة تتكون من مظاهرها وبدون المظاهر لا تكون هنالك غريزة ، وثم تعود بعد ذلك لتقول انه يمكن الغاء مظهر الغريزة ، الا يؤدي هذا الى الغائها .
هذا حسب فهمي وصححني ان اخطأت في فهمك .
ابوعبدالرحمن حمزة
14-12-2011, 12:52 PM
القول (ان الغريزة تتكون من مظاهرها وبدون المظاهر لا تكون هنالك غريزة ، وثم تعود بعد ذلك لتقول انه يمكن الغاء مظهر الغريزة ، الا يؤدي هذا الى الغائها.) هو قول غير صحيح ذلك أن الغرائز هي الطاقة الأصيلة و هي جزء من ماهية الإنسان، فلا يمكن علاجها ولا يمكن محوها، ولا يمكن كبتها، فالشعور ببقاء الذات ( غريزة البقاء ) والشعور ببقاء النوع ( غريزة النوع) والشعور بالنقص والإحتياج و العجز الطبيعي ( غريزة التدين ) هي جزء من ماهية الإنسان ولا يمكن لإي قوة أن تنزعها ابدا تماما كأي خاصية من خواص الأشياء فالإرواء في الماء و الإحراق في النار خواص لا يمكن نزعها من الشيء مطلقا .
أما مظاهر الغريزة فإنها ليست مكون للغريزة وإنما هي نتيجة لوجود الغريزة ، فالخوف على النفس هونتيجة لغريزة البقاء ( أي مظهر من مظاهرها ) والحنان على الأبناء هو نتيجة غريزة النوع ( أي مظهر من مظاهرها ) واحترام الأبطال هو نتيجة غريزة التدين ( أي مظهر من مظاهرها ) وهكذا كل المظاهر فإنها ليست مكون للغريزة وانما هي نتيجة للغريزة تظهر في افعال الإنسان في الخارج نتيجة لوجود هذه الغريزة ، وهذه المظاهر الكثيرة ممكن ان تكبت بعضها على حساب مظاهر أخرى اي ممكن أن لا تظهر نتيجة لمظاهر أخرى تظهر محلها فمثلاً من مظاهر غريزة النوع الميل للمرأة بشهوة، والميل للأم، والميل للأخت، والميل للبنت، وهكذا. فيمكن معالجة الميل للمرأة بشهوة بالميل بحنان للأم، فالحنان يعالِج الشهوة كما يعالج الإيثار الأثرة. وكثيراً ما يكون حنان الأم صارفاً عن الزوجة وحتى عن الزواج وعن الميل الجنسي. وكثيراً ما يَصرف الميل الجنسي الرجل عن حنان أمه. فأي مظهر من مظاهر غريزة النوع يمكن أن يسد مسد مظهر آخر، ويمكن أن يعالَج مظهر بمظهر. فالمظهر يجري علاجه، بل يجري كبته ومحوه.
vBulletin® v4.0.2, Copyright ©2000-2024, Jelsoft Enterprises Ltd.