مشاهدة النسخة كاملة : هل بحث النهضة هو بحث شرعي ام هو بحث في واقع ؟
السلام عليكم
هل بحث النهضة هو بحث شرعي ام هو بحث في واقع ؟
وتقبلوا تحياتي .
ابوعبدالرحمن حمزة
06-12-2011, 04:04 PM
بحث النهضة هو بحث في واقع ودليله هو العقل .
فالنهضة هو بحث في سبب انتقال وتغير الشعوب من حال منخفض الى حال مرتفع .
ذلك ان النهضة هي الارتفاع الفكري،إلاّ أن الفكر الذي تحصل بارتفاعه نهضة هو الفكر المتعلق بوجهة النظر في الحياة وما يتعلق بها لأن ارتفاعه هو الانتقال من الناحية الحيوانية البحتة إلى الناحية الإنسانية، فالفكر المتعلق بتنظيم الحصول على الطعام فكر ولكنه غريزي منخفض، والفكر المتعلق بتنظيم الحصول على الطعام أعلى منه، والفكر المتعلق بتنظيم شؤون الأسرة فكر ولكن الفكر المتعلق بتنظيم شؤون القوم أعلى منه، وأمّا الفكر المتعلق بتنظيم شؤون الإنسان باعتباره إنساناً لا فرداً هو أعلى الأفكار. ومن هنا كان مثل هذا الفكر هو الذي يُحدث نهضة.
والطريقة لحصول هذه النهضة هي إقامة الحكم على فكرة لا على أنظمة وقوانين وأحكام، فإقامة الدولة على قوانين وأحكام لا يمكن أن تحصل به نهضة بل على العكس هو مخدر عن النهضة ولا يمكن أن تحصل النهضة إلاّ إذا أقيم الحكم والسلطان على فكرة ثم عن هذه الفكرة تنبثق المعالجات اليومية لمشاكل الحياة أي تنبثق الأنظمة والقوانين والأحكام.
فكل هذا هو بحث في واقع وهو بحث عقلي الا ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد اقام دولة الاسلام على أساس معيّن فيجب أن يكون هذا الأساس هو أساس الدولة الإسلامية في كل زمان ومكان، فإنه عليه السلام حين أقام السلطان في المدينة وتولى الحكم فيها أقامه على العقيدة الإسلامية من أول يوم ولم تكن آيات التشريع قد نزلت بعد، فجعل شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله أساس حياة المسلمين وأساس العلاقات بين الناس، وأساس دفع التظالم وفصل التخاصم، أي أساس الحياة كلها وأساس السلطان والحكم. ثم لم يكتف بذلك بل شرع الجهاد وفرضه على المسلمين لحمل هذه العقيدة للناس، قال صلى الله عليه وسلم: (أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، فإنْ قالوها عَصموا مني دماءهم وأموالهم إلاّ بحقها)، ثم جعل المحافظة على استمرار وجود العقيدة أساساً للدولة فرضاً على المسلمين وأمر بحمل السيف والقتال إذا ظهر الكفر البواح، أي إذا لم تكن هذه العقيدة أساس السلطان والحكم، فقد سئل عن الحكام الظلمة أنُنابذُهم بالسيف؟ قال: (لا، ما أقاموا الصلاة) وجَعل بيعته أن لا ينازِع المسلمون أولي الأمر إلاّ أن يروا كفراً بواحاً، ففي حديث عوف بن مالك عن شرار الأئمة (قيل: يا رسول الله أفلا نُنابذُهم بالسيف؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة) وفي حديث عُبادة بن الصامت في البيعة (وأن لا ننازِع الأمر أهله إلاّ أن تروا كفراً بواحاً) ووقع عند الطبراني (كفراً صراحاً) ووقع في رواية (إلاّ أن تكون معصية الله بواحاً). فهذا كله يدل على أن أساس الدولة هو العقيدة الإسلامية، إذ أن الرسول أقام السلطان على أساسها وأمر بحمل السيف في سبيل بقائها أساساً للسلطان، وأمر بالجهاد من أجلها.
وهذا كله بحث شرعي .
اذا افهم منك ان النهضة هي بحث عقلي .
الان لي عدة اسئلة على فقرتك
الاول كيف نميز بين السلوك المنحط و السلوك الراقي ( اي السلوك الانساني ) ؟
الثاني : قلت " والطريقة لحصول هذه النهضة هي إقامة الحكم على فكرة لا على أنظمة وقوانين وأحكام " ماذا يعني اقامة الحكم على فكرة ولماذا لا يحصل نهضة بأقامة الحكم على انظمة ؟ استحملني انا كثير غلبه في الاسئلة هذا طبعي ، احب افهم بشكل مفصل .
ابوعبدالرحمن حمزة
07-12-2011, 11:47 AM
اولا : إلاّ أن الفكر الذي تحصل بارتفاعه نهضة هو الفكر المتعلق بوجهة النظر في الحياة وما يتعلق بها لأن ارتفاعه هو الانتقال من الناحية الحيوانية البحتة إلى الناحية الإنسانية، فالفكر المتعلق بتنظيم الحصول على الطعام فكر ولكنه غريزي منخفض، والفكر المتعلق بتنظيم الحصول على الطعام أعلى منه، والفكر المتعلق بتنظيم شؤون الأسرة فكر ولكن الفكر المتعلق بتنظيم شؤون القوم أعلى منه، وأمّا الفكر المتعلق بتنظيم شؤون الإنسان باعتباره إنساناً لا فرداً هو أعلى الأفكار. ومن هنا كان مثل هذا الفكر هو الذي يُحدث نهضة.
ثانيا : (كيف تنهض الأمّة الإسلامية
النهضة هي الارتفاع الفكري وأمّا الارتفاع الاقتصادي فإنه ليس بنهضة بدليل أن الكويت مرتفعة اقتصادياً أكثر بكثير من دول أوروبا مثل السويد وهولندا ومع ذلك فالسويد وهولندا وبلجيكا ناهضة والكويت ليست نهضة، وكذلك الارتفاع الأخلاقي ليس بنهضة بدليل أن المدينة المنورة اليوم هي أعلى بلدان الدنيا أخلاقاً ومع ذلك ليست ناهضة، وبدليل أن باريس من أحط البلدان أخلاقاً ومع ذلك فهي ناهضة، فالنهضة هي الارتفاع الفكري.
غير أن هذه النهضة قد تكون نهضة صحيحة وقد تكون نهضة غير صحيحة فأمريكا وروسيا بلاد ناهضة ولكنها نهضة غير صحيحة لأن نهضتهم ليست قائمة على أساس روحي، إذ النهضة الصحيحة هي الارتفاع الفكري القائم على الأساس الروحي فإن لم يكن الارتفاع الفكري قائماً على الأساس الروحي فإنه يكون نهضة ولكن لا تكون نهضة صحيحة ولا توجِد نهضة صحيحة سوى النهضة على أساس الفكرة الإسلامية أي سوى النهضة الإسلامية لأنها وحدها ارتفاع فكري قائم على الأساس الروحي.
والطريقة لحصول هذه النهضة هي إقامة الحكم على فكرة لا على أنظمة وقوانين وأحكام، فإقامة الدولة على قوانين وأحكام لا يمكن أن تحصل به نهضة بل على العكس هو مخدر عن النهضة ولا يمكن أن تحصل النهضة إلاّ إذا أقيم الحكم والسلطان على فكرة ثم عن هذه الفكرة تنبثق المعالجات اليومية لمشاكل الحياة أي تنبثق الأنظمة والقوانين والأحكام، فأوروبا حين نهضت إنما نهضت على فكرة فصل الدين عن الدولة والحريات، وأمريكا حين نهضت إنما نهضت على فكرة هي كذلك فصل الدين عن الدولة والحريات، وروسيا حين نهضت إنما نهضت على فكرة هي المادية والتطور المادي أي انتقال الأشياء ذاتياً من حال إلى حال أخرى فيحصل التغيير من حال إلى حال أحسن، فأقامت الحكم على هذه الفكرة سنة 1917 وبذلك نهضت، والعرب حين نهضوا على الفكرة الإسلامية حين جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم رسالة من الله وأقام الحكم والسلطان عليها فحصلت النهضة للعرب حين اعتنقوها وأقاموا الحكم عليها، وهذا كله دليل قطاع على أن الطريق لحصول النهضة هي إقامة الحكم على فكرة، والدليل على أن إقامة الحكم على أنظمة وقوانين لا يوجِد نهضة ما فعله مصطفى كمال في تركيا فإنه أقام الحكم على أنظمة وقوانين ليوجِد نهضة، فقد أخذ الأنظمة الغربية والقوانين الغربية وأقام الحكم عليها وأخذ يطبقها واستطاع أن يطبقها بالفعل عن طريق القوة ولكنه لم يوجِد نهضة، فلم تنهض تركيا بل انحلت عما كانت عليه وها هي ذي تركيا من أحط البلدان في حين أن لينين جاء في نفس الوقت الذي جاء به مصطفى كمال واستطاع لينين أن يُنهض روسيا نهضة قوية وها هي ذي اليوم من أقوى دول العالم والسبب في ذلك هو أن لينين أقام الحكم على فكرة هي الفكرة الشيوعية ثم عن هذه الفكرة أخذت تنبثق معالجات المشاكل اليومية أي الأنظمة والقوانين، أي أخذ يعالج المشاكل بأحكام يأخذها من هذه الفكرة، أي من الفكرة التي أقام عليها الحكم، ولذلك نهض لينين في سنة 1917 أقام الحكم في روسيا على فكرة فأنهض روسيا، ومصطفى كمال في سنة 1924 أقام الحكم على أنظمة وقوانين ليُنهض تركيا فلم ينهضها بل تأخرت إلى الوراء. وقيام الحكم على هذه الأنظمة والقوانين هو الذي حال دون أن تنهض تركيا لأنها خدرت به. ثم إن أقرب مثال على ذلك ما قام به جمال عبدالناصر في مصر فإنه منذ سنة 1952 أقام الحكم على أنظمة وقوانين فأقامه في أول الأمر على تغيير نظام الحكم بوضع النظام الجمهوري مكان النظام الملكي وعلى توزيع الأراضي ثم انتقل به الأمر على أنظمة اشتراكية، مما يسمى اشتراكية الدولة، ومضى عليه الآن عشرون عاماً ولم يوجِد أي نهضة بل على العكس مصر اليوم من ناحية فكرية واقتصادية وسياسية أحط منها بل سنة 1952 أي قبل انقلاب الضباط، ومقارنة أعضاء برلمانها اليوم أي مجلس الأمّة بين الأمس واليوم، والوضع فيها يحول دون النهضة لأن إقامة الحكم على الأنظمة والقوانين لا يوجِد نهضة وإنما الذي يوجِد النهضة هو فقط إقامة الحكم على فكرة. غير أن إقامة الحكم على فكرة لا تعني القيام بانقلاب عسكري وأخذ الحكم وإقامته على الفكرة، فإن هذا لا يوجِد نهضة ولا يمكن الثبات في الحكم وإنما يعني إفهام الأمّة أو الفئة الأقوى في الشعب الفكرة المراد إنهاض الأمّة عليها وجعلها تبني حياتها عليها وتتجه في معترك الحياة على أساس الفكرة وحينئذ يقوم الحكم عن طريق الأمّة على هذه الفكرة وبذلك تحصل النهضة قطعاً. فالأصل في النهضة ليس أخذ الحكم وإنما هو جمع الأمّة على الفكرة وجعلها تتجه في حياتها على هذه الفكرة ثم يؤخذ الحكم ويقام على تلك الفكرة، وأخذ الحكم ليس غاية ولا يصح أن يكون غاية، وإنما هو طريقة للنهضة عن طريق إقامته على الفكرة، فهو أخذ ليقام على الفكرة حتى تحصل النهضة. والمثال الصحيح على ذلك ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه حين بعثه الله تعالى برسالة الإسلام دعا الناس إلى العقيدة الإسلامية، أي للفكرة ثم لما جمع أهل المدينة الأوس والخزرج على العقيدة الإسلامية، أي على الفكرة وجعلهم يتجهون في حياتهم عليها، أخذ الحكم في المدينة، وأقامه على العقيدة الإسلامية، ثم صار يقول: (أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلاّ بحقها) أي صار يدعو للفكرة وبذلك حصلت النهضة في المدينة ثم في العرب ثم في كل شعب دخل في الإسلام أي اعتنق الفكرة وكان سلطانه الذي يرعى شؤونه قائماً عليها. والأمة الإسلامية اليوم في جميع أقطارها، ومنها هذا البلد سوريا منحطة ولا شك، وهي تحاول النهضة منذ ما يزيد عن مائتي عام، ولم تفلح في النهضة حتى هذه الساعة، والسبب في ذلك هو أن الحكم القائم فيها قائم على أساس أنظمة وقوانين، والحكم سواء كان قائماً على أنظمة غير إسلامية أي أنظمة كفر، كما هي الحال في اكثرها ومنها هذا البلد، أو قائماً على أنظمة إسلامية وأحكام شرعية كما هي الحال في بعض الأقطار وهي قليلة مثل اليمن قبل ثورة السلال، فإنها كلها منحطة ولا توجد بها نهضة، والسبب في ذلك هو إقامة الحكم على أنظمة وعدم إقامته على فكرة، حتى الأنظمة الإسلامية والأحكام الشرعية إذا قام الحكم عليها لا توجِد نهضة في الأمّة، إنما الذي يوجِد النهضة هو إقامة الحكم على الفكرة الإسلامية أي العقيدة الإسلامية، فإقامة الدولة على لا إله إلاّ الله محمد رسول الله هو الذي يوجِد النهضة، أمّا إقامتها على مذهب أبي حنيفة أو على كتاب الطحاوي أو على الأحكام الشرعية فإنه لا يوجِد نهضة مطلقاً، لأنها تؤخذ كأنظمة وقوانين فلا تحدِث أي نهضة، وإنما يجب أن تقام على لا إله إلاّ الله محمد رسول الله ثم بعد ذلك تؤخذ الأحكام الشرعية باعتبارها أوامر ونواه من الله فيُعمل بها لأنها أمر لله فهي مأخوذة من (لا إله إلاّ الله محمد رسول الله) وبذلك تحصل النهضة.
فالأمة الإسلامية اليوم حتى تحصل لها النهضة لا بد أن تجعل العقيدة الإسلامية الأساس الذي تتجه في حياتها عليه، وتقيم الحكم والسلطان عليه ثم تعالج المشاكل اليومية بالأحكام المنبثقة عن هذه العقيدة أي بالأحكام الشرعية بوصفها فقط أوامر ونواه من الله لا بأي وصف آخر وبذلك ستحصل النهضة قطعاً.
بل ستحصل النهضة الصحيحة لا مجرد نهضة وتعود الأمّة الإسلامية لاقتعاد ذروة المجد وأخذ قيادة العالم مرة أخرى.
هذه هي كيفية إنهاض الأمّة الإسلامية اليوم نهضة صحيحة.)
vBulletin® v4.0.2, Copyright ©2000-2024, Jelsoft Enterprises Ltd.