المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النهضة التونسي وامريكا



ابو العبد
28-10-2011, 12:18 PM
حزب النهضة في تونس: نحن ما تحتاج له أميركا
تكشف وثائق صادرة عن السفارة الأميركية في تونس، ضمن تسريبات «ويكيليكس» عن علاقة جيدة جداً تربط بقايا حزب النهضة الإسلامي التونسي في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بالبعثة الدبلوماسية الأميركية. زيارات متبادلة بين الطرفين، وتشديد من قادة النهضة على تمثيلهم الإسلام المعتدل، وهو، برأيهم، الحل للديموقراطية في المنطقة، وتونس تحديداً

ديما شريف
يكتب بعض مناصري حزب النهضة الإسلامي التونسي في منتديات إلكترونية عدّة أنّ السلطة، في أيام حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، كانت تلاحقهم وتضطهدهم بناءً على طلب أميركي. فالولايات المتحدة لا تريدهم أن يصلوا إلى السلطة، رغم أنّهم يمثلون «الإسلام المعتدل الذي سيحقق العدل والمساواة والديموقراطية». لكنّ مجموعة من برقيات السفارة الأميركية في العاصمة التونسية تشير إلى أنّ العلاقة بين الحزب والسفارة كانت متقدمة.

كذلك يبدو من الوثائق الاهتمام الأميركي الدائم بما يفعله الإسلاميون ونشاطهم السياسي، فموظفوها لا يوفرون أيّاً من زوارهم السؤال عن الناشطين الإسلاميين على الساحة السياسية، وقوتهم الفعلية على الأرض وحقيقة مشاريعهم.
ففي وثيقة تعود إلى 23 أيار 2005 (05tunis1081) تتناول الوضع في البلاد بعد الانتخابات المحلية بداية الشهر نفسه، يؤكد أحد أعضاء حزب التجديد (الشيوعي سابقاً) أنّ حزب النهضة الإسلامية لا يزال فاعلاً على هامش المعارضة القائمة ويستهدف الشباب الذين يترددون إلى المساجد. ويقول السفير الأميركي في تونس، وليم هادسون، الذي كتب البرقية، إنّ المعارضة العلمانية أدركت أهمية ذلك، واتصلت بالإسلاميين ومن ضمنهم فلول حزب النهضة في البلاد. وقد اعترف رئيس الحزب التقدمي الديموقراطي، نجيب الشابي، للسفير بأنّه التقى أعضاء من النهضة خارج تونس، أخيراً. وأسرّ زعيم حزب التجديد آنذاك محمد حرمل، بأنّه لا يستبعد اتخاذ بعض الترتيبات مع الإسلاميين لتعزيز نشاطات حزبه. لكن انتهازية الشابي وحرمل، دفعتهما إلى تحذير السفارة من التعامل مع الإسلاميين، أياً كانوا، «في العراق أو أيّ مكان آخر»، وانتقدوا «المكاسب السياسية التي ينالها الشيعة في العراق». ولم يقتصر التحذير من الإسلاميين على هؤلاء، بل وصل الى الجمعية التونسية للنساء الديموقراطيات خلال اجتماع في يوم 9 شباط 2006 (06tunis388) مع أحد الموظفين في السفارة. إذ قالت إلهام بلحاج وحفيظة شقير من الجمعية، إنّ القبول بحكومة إسلامية يعني «استبدال ديكتاتورية بأخرى». ورأتا أنّ الوضع مشابه مع من يطلقون على أنفسهم لقب «مسلمين معتدلين».
وفي وثيقة أخرى، تعود ليوم 29 تشرين الثاني 2005 (05tunis2564)، بعنوان «انقسام ثنائي للإسلام في تونس»، يتحدث السفير وليم هادسون عن وضع الإسلام في تونس، ويعرض تزايد التديّن في البلاد وتاريخ العلاقات بين السلطة والحركات الإسلامية. ويبدو من هذه الوثيقة، أنّ العلاقة بين السفارة وأعضاء حزب النهضة الإسلامي المنحلّ جيدة، اذ تستعين بهم السفارة للمعلومات. ففي هذه الوثيقة المذكورة، يقول السفير إنّ أحد أعضاء الحزب السابقين اشتكى لأحد الموظفين السياسيين في السفارة من أنّ المجموعات السياسية الإسلامية لا تهتمّ سوى بالنشاطات السياسية والتحالفات. وأضاف عضو النهضة أنّ الله والدين غير مهمّين لهؤلاء، أي أنّهم ليسوا أفضل من القيادة السياسية الحالية في البلاد.
ويبرز الاهتمام الأميركي بموضوع الإسلام في تونس أيضاً في وثيقة تعود ليوم 22 آذار 2006 (06tunis670) التي تنقل وقائع طاولة نقاش عقدت يوم 8 آذار، مع بعض ناشطي المجتمع المدني، فيعود الحديث دائماً إلى وضع الإسلاميين وقوّتهم.
ويبدو من بعض الوثائق أنّ شخصاً كزياد الدولالتي، وهو اليوم عضو المجلس التأسيسي للنهضة، كان صديقاً للسفارة، وعلى جدول الزوار الدائمين. زائر يسعى ما في وسعه للترويج لحزبه ولشخصه على أنّه يمثل الإسلام المعتدل.
وعلى غرار الدولالتي، يحاول أعضاء الحزب السابقين الترويج لأنفسهم على أنّهم يمثلون الإسلام المعتدل الذي تبحث عنه الولايات المتحدة في المنطقة. ففي وثيقة تعود لـ18 آب 2006 (06tunis2144) تتناول ردود الفعل التونسية على حرب تموز، يلتقي المستشار السياسي في السفارة مع زياد الدولاتلي، والناشط في المجتمع المدني صلاح الدين الجورشي، الذي قال إنّه ترك النهضة لخلافات معهم. قال الاثنان للمستشار إنّ الحرب في لبنان ودور الولايات المتحدة في مساندة اسرائيل قوّيا حزب الله ومجموعات متطرفة أخرى، كما عززا التوجه لدى الشباب التونسي إلى التماهي أكثر مع أفكار مجموعات جهادية مثل «القاعدة» عوض مجموعات «غير عنفية ومعتدلة من النهضة». ويضيف السفير إنّ الاثنين يطلقان على نفسيهما وصف «مسلمين معتدلين».
في الخامس عشر من آب 2006 عقد لقاء بين الإسلاميين التونسيين المعتدلين والمستشارين السياسي والاقتصادي والضابط السياسي في السفارة. وفي برقية في 21 آب (06tunis2155) يرسل نائب رئيس البعثة في تونس ديفيد بالارد تفاصيل ما دار في اللقاء، الذي أعدّه بناءً على طلب التونسيين، رضوان مصمودي، وهو أميركي من أصل تونسي يرأس مركز دراسة الإسلام والديموقراطية في واشنطن. شارك في الاجتماع سعيدة أكرمي، الأمينة العامة للرابطة الدولية لدعم السجناء السياسيين، صلاح الدين الجورشي، صحافي وناشط في المجتمع المدني وعضو سابق في حزب النهضة، وزياد الدولاتلي وهو من مؤسسي الحزب، وقضى 15 عاماً في السجن. وتوضح البرقية أنّ الإسلاميين المعتدلين، كما تسمهيم مع بعض التحفظات، إذ ترفق هذه العبارة بمزدوجين كأنّها تلقي المسؤولية بالتسمية على آخرين، أرادوا مقابلة ممثلين عن السفارة «لإعادة فتح حوار في «القضايا المشتركة». ونكتشف أنّ العلاقة بين الطرفين و«الحوار» بينهما يعودان إلى الثمانينيات وتوقف «الحوار» بعد الحملة الحكومية على الحزب وحلّه وزجّ قادته في السجن. وتضمّن هذا الحوار القديم لقاءات مع أعضاء من الكونغرس زاروا تونس».
المحاورون الإسلاميون رأوا أنّ تونس مثال للإصلاح الديموقراطي في الشرق الأوسط. وقال الدولاتلي إنّ «كون تسعين في المئة من التونسيين علمانيين يشجع على عملية تطوير ديموقراطية حقيقية». محاوروه الأميركيون لم تقنعهم هذه الفكرة، وعبّروا عن ذلك في البرقية، وخصوصاً أنّها تأتي من «إسلامي». وسخروا من ادعائه أنّ حزب النهضة حصل قبل حلّه على ستين في المئة من أصوات المقترعين (انتخابات 1989)، فيما لم تتعدّ النسبة الحقيقية، وفق بالارد، الذي كتب البرقية، الثلاثين في المئة في أفضل الحالات.
التونسيون حاولوا إقناع موظفي السفارة بأنّ التعاطي معهم يصبّ في مصلحة واشنطن كي تعيد الثقة والصدقية لنفسها في الشرق الأوسط، وهي تحتاح الى نموذج ناجح عن الديموقراطية في المنطقة. الدولاتلي، الأكثر تحمساً للتعاون مع واشنطن على ما يبدو، حاول خلال الاجتماع الترويج لبلاده على أنّها الأنسب لتحقيق هذا النموذج، وليس العراق. وقال إنّ من الجيّد أن يكون هناك بديل من «البن لادنية».
وطلبت المجموعة، التواقة ربما إلى اعتراف أكبر قوى امبريالية في العالم، بضع «خدمات» من السفارة. أهم هذه الخدمات زيارة ممثل عن البعثة الدبلوماسية الأميركية لحمادي الجبالي، أحد قادة حزب النهضة، وهو «إسلامي معتدل» كما قالوا، لأنّه ممنوع من مغادرة محافظة سوسة. إلى ذلك، طلبوا إدراج أسماء بعض الإسلاميين المعتدلين على لوائح زوار السفارة والزيارات التي تنظّمها للولايات المتحدة من وقت لآخر.
يقول بالارد في البرقية إنّ السفارة سعيدة لمبادرة المجموعة إلى الاتصال بها، لكنّها لا تأمل تغييراً كبيراً في المستقبل مثلهم، ويقول إنّها (البعثة الأميركية) واعية لدوافع المجموعة إلى الاتصال بها، وخصوصاً بعد تصريح دولالتي عن الستين في المئة.
نفّذت السفارة بعض الخدمات المطلوبة، وزارت الجبالي في إقامته الجبرية، فزار أحد الموظفين السياسيين في السفارة الجبالي في 31 آب 2006 (06tunis2298) في منزله في سوسة، لأكثر من ساعتين. ما لفت نظر الضابط أنّه على عكس كل من يلتقيهم من المجتمع المدني والمعارضة، لم يشتك الجبالي من السياسات الأميركية في لبنان، وإسرائيل والعراق. الجبالي، الذي قال إنّ راشد الغنوشي هو قائد النهضة، أكّد أنّ النهضة في تونس هو نفسه كما في أوروبا. وككل الحركات الإسلامية في حضرة الأميركي، قال الجبالي إنّ النهضة، بما هو حزب، يريد أن يدخل تدريجاً إلى السياسة التونسية، ولا يريد دولة إسلامية. وكما يفعل الجميع، انتقد الجبالي الأحزاب الإسلامية الأخرى التي تعتقد أنّها تملك «الحقيقة الإلهية، ولا تتقبل النقد». الجبالي، رداً على ملاحظة موفد السفارة أنّه يبدو علمانياً، قال إنّه يفصل ممارسته للدين عن الحياة العامة. وأضاف أنّ المسلمين المعتدلين كلّهم يفكرون مثله، ويرفضون العنف. إجابات الأميركي كانت حاضرة لتذكّره بتفجير مناصرين للحزب فنادق في الثمانينيات. ولم يصدق الموفد ما قاله الجبالي عن أنّه ممنوع من العمل، وعن التضييقات بحقه، نظراً إلى بيته المؤثث جيّداً وبذخه في استقبال الضيف. كذلك تطرق الجبالي إلى التطرف الإسلامي الحالي مقارناً بين عناصر النهضة المنفتحين والشباب التونسي المتديّن والمتطرف جداً، نتيجة القمع. وكذلك لمنع النهضة من ترويج أفكاره المعتدلة.
قد لا يكون جميع الناشطين في حزب النهضة، قبل حلّه، والذين بقوا أوفياء لنهجه بعد حظره «أصدقاء» للسفارة الأميركية في تونس، لكن مما لا شك فيه أنّ فاعلين في الحزب، وأهمّ رموزه والمتحدثين باسمه «حاوروا» الأميركيين لسنوات طويلة، طمعاً باعترافهم، ورغبة منهم ربما بتكرار تجربة العراق. فإذا قررت واشنطن قلب الطاولة على صديقها (السابق) بن علي، فالنهضاويون كانوا جاهزين، دوماً وأبداً، لمباركة ذلك وحكم البلاد، وخصوصاً أنّهم، كما كرروا، «معتدلون»، وهو «النوع الإسلامي» المفضّل للأميركيين.

راشد الغنوشي

في الأول من آذار الماضي، منحت الحكومة المؤقة في تونس حزب النهضة إذناً بإعادة تأسيس الحزب من جديد. فهو كان محظوراً معظم فترة حكم بن علي (منذ نهاية الثمانينيات). ينشط الحزب منذ الستينيات، وكان يعمل في السر لفترات طويلة. وبعد سقوط بن علي، عاد رئيسه راشد الغنوشي من منفاه في لندن. وقال هذا الأخير في مقابلة مع قناة «الجزيرة» نهاية كانون الثاني الماضي إنّ حزبه لا يريد تأسيس خلافة إسلامية وهو مع الدولة الديموقراطية. لم يعلن الحزب ارتباطه بحركة الإخوان المسلمين ولم ينف ذلك أيضاً، رغم أنّ الغنوشي عضو في مكتب الإرشاد العالمي لجماعة الإخوان. ويقول صلاح الدين الجورشي إنّ الغنوشي يرى أنّ الإخوان حلفاء لكنّهم ليسوا مرجعية للحزب. خلال فترة حكم بن علي، سجن عدد كبير من أعضاء الحزب لفترات طويلة، وضُيّق عليهم بعد خروجهم. فيما عاش البعض في المنفى.

ابو اسيد
02-02-2012, 08:49 AM
واشنطن معجبة بـ 'النهضة' وتحاورها منذ إدارة بوش


المنسق الأميركي الخاص لتحولات الشرق الأوسط وليام تايلور يعترف بتقديم مساعدات مالية لحركة النهضة الاسلامية التونسية

تونس - كشف المنسق الخاص لتحولات الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الأميركية ويليام تايلور أن علاقة واشنطن بحركة النهضة "ليست حديثة العهد" مشيرا إلى أن الإدارة الأميركية تجري محادثات مع الحركة منذ إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش".

وأعرب تايلور وهو المعني بملف التحولات الجارية في تونس وليبيا ومصر في حديث أجرته معه صحيفة "الصباح" التونسية عن "إعجاب واشنطن بحركة النهضة" وقال إن "الولايات المتحدة معجبة بالنهضة سواء في حملتها الانتخابية أوفي خطواتها الأولى وتشكيلها ائتلافا مع أحزاب مدنية".

وأكد أن لقاءات واشنطن بالحركات الإسلامية "ليست حديثة العهد واتصالاتنا بقيادات إسلامية من مختلف دول المنطقة مثل تونس ومصر ودول أخرى استمرت منذ إدارة بوش وإلى حد الآن".

وهذه أول مرة يكشف فيها مسؤول أميركي عن كواليس علاقة واشنطن بحركة النهضة بصفة خاصة وبالحركات الإسلامية بصفة عامة.

وكان تايلور زار تونس عشية انتخابات 23 تشرين الاول/ أكتوبر وأجرى محادثات مع مسؤولين من ضمنهم قيادات حركة النهضة الإسلامية.

واعترف وليام أن الإدارة الأميركية قدمت مساعدات مالية لحركة النهضة مشيرا إلى أن المساعدات شملت أيضا أحزاب أخرى.

وبخصوص عملية الانتقال الديمقراطي أوضح المسؤول الأميركي قائلا "عندي انطباع قوي بأن التونسيين يريدون مجتمعا منفتحا وشامل وعصريا يحكمه دستور ديمقراطي وانتخابات حقيقية".

لكنه انتقد أداء الحكومة ضمنيا مشددا على "أن المواطنين التونسيين في حاجة إلى أن يلمسوا الديمقراطية الحديثة تتجسم على أرض الواقع".

ودعا حركة النهضة والحكومة إلى الاستماع "مطالب الشعب" وقال "أنصحهم بالتخلي عن الأجندات الحزبية وبالعمل على تحقيق الصالح العام للمواطنين التونسيين، أي المصلحة العامة لكافة أطياف الشعب".

ولم يتردد المسؤول الأميركي في القول أن واشنطن قدمت مساعدات للحكومة التونسية من أجل إنجاح عملية الانتقال الديمقراطي ف قائلا "نود رؤية نجاح العملية الديمقراطية في تونس، لقد قمنا بأشياء كثيرة ونواصل القيام بالمزيد".

ووصف تايلور تونس بـ "نموذج مهم جدا لمنطقة الشرق الأوسط بل وللعالم" ملاحظا أن "الجميع يعلم أن الربيع العربي بدأ في تونس، وأن التونسيين هم أول من أجرى انتخابات حرة ونزيهة تم التعبير فيها عن رؤى وأصوات التونسيين بطريقة جيدة".

وبخصوص الوضع الاقتصادي أوضح تايلور على أن "الوضع الاقتصادي في تونس حرج" وطالب الحكومة بضرورة "أن يترابط الوضع السياسي بالوضع الاقتصادي".

وأكد ويليام تايلور "استعداد واشنطن لمساعدة حركة النهضة" على إنجاح تجربتها في الحكم ملاحظا أن الولايات المتحدة "ستستخدم استقرارها الاقتصادي لمساعدة تونس على رفع موازنتها بحيث ستمنح تونس ضمانات قروض لمساعدتها على الاقتراض".

وقال"لقد منحنا تونس ضمانات بـ 30 مليون دولار مما سيخولها اقتراض 500 مليون دولار من السوق العالمية، وهو ما لم يكن بإمكانها القيام به دون هذه الضمانات إذ يصعب الاقتراض من السوق العالمية دون ضمانات أميركية".

يشار إلى أن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أدى زيارة إلى واشنطن بدعوة من "معهد واشنطن" للدراسات، وهو واحد من أهم المؤسسات السياسية والبحثية المؤيدة لإسرائيل.

ونوه الغنوشي خلال محاضرة ألقاها هناك بالموقف الأميركي من الثورات العربية مؤكدا انه "موقف إيجابي" معربا عن "امتنانه للمعهد الذي وجه له الدعوة".

وأثارت زيارة الغنوشي تلك إلى واشنطن قبل إعلانها عن تشكيل الحكومة مخاوف في الأوساط السياسية التونسية لا سيما القوى الديمقراطية واليسارية التي رأت فيها "زيارة لطمأنة واشنطن على مصالحها في تونس".

الأوراسي
02-02-2012, 11:43 AM
تونس وبن علي في عيون أمريكا: النص الكامل لوثيقة ويكيليكس

العــدد : 27 / بتــاريــخ : 2012.01.08


تنشر عرابيا. النص الكامل لوثيقة أمريكية كتبتها السفارة الأمريكية عن تونس. وهي عبارة عن تقرير موجه إلى الإدارة الأمريكية وبالذات إلى الرئيس أوباما. وفيه تقييم للسياسة التونسية ولطريقة حكم بن علي ثم اقتراح للضغط والعمل من أجل توجيه تونس.. وذلك بإغراء السلطة وإغراء الشباب على حدّ سواء


(الحلقة الأولى)

بكل المقاييس فان تونس يجب أن تكون حليفا قريبا وقويا لنا ولكنها ليست كذلك ، ففي الوقت الذي نشترك في القيم الأساسية ، والبلد يتمتع بسجل قوي في التنمية ، ولكنه يشكو من مشاكل كبيرة ، والرئيس بن علي يتقدم به العمر كثيرا ، والحال أن التصلب والتحجّر أصبح سمة أصيلة للنظام ، وفي نفس الوقت ليس هناك خليفة له في الأفق

يشعر الكثير من التونسيين بالإحباط من فقدان الحرية السياسية، وبالغضب من فساد العائلة الأولى (الحاكمة)، وبسبب النسبة العالية للبطالة والتفاوت في حظوظ التنمية بين الجهات. ويمثّل التطرف تهديدا مستمرا كجزء من مشاكل عويصة ومركّبة، في حين أن الحكومة التونسية ليس لديها قابلية لسماع النصح أو النقد سواء من جهات وطنية أو دولية. وفي المقابل تسعى السلطة التونسية باستمرار لفرض سيطرة أكبر علي كل الفضاءات، وتعتمد في ذلك في معظم الحالات على الوسائل البوليسية. ونتيجة لذلك فان الدولة التونسية أصبحت تشكو من مشاكل عميقة وخطيرة، وكذا الحال علاقاتنا الثنائية.

خلال السنوات الثلاثة الماضية، تجاوبت البعثة الأمريكية بتونس من خلال عرض تعاون أكبر مع الدولة التونسية، وقد عبّر النظام التونسي أنه يريد ذلك، لكنه عمليا لا يريد أن يقوم بالتغييرات الضرورية الملازمة لذلك. لقد حققنا بعض النجاحات وخصوصا بالنسبة لما تحقق من دعم في المجالات التجارية والعسكرية.

الا أنه هناك العديد من الإخفاقات كذلك. حيث أن حركتنا السياسية حُددت في جزئها الأكبر من قبل وزارة الخارجية (في فترة عبد الوهاب عبد الله) التي تسعى للسيطرة على كل الجهات التي نتصل بها، سواء في داخل الحكومة أو من قبل منظمات أخرى كثيرة غير حكومية. وفي أغلب الأحيان فان الحكومة التونسية تخيّر حديث السراب بديلا عن العمل الجاد لتحقيق التعاون والتفاعل المسؤول.

ان التغيير الكبير السياسي في تونس يجب أن يترقب حتى رحيل بن علي ، إلا أن الرئيس أوباما وسياساته الجديدة أوجدت فرصا مهمة الأن. فمالذي يجب أن نقوم به من أجل الإستفادة من السياسات والفرص الجديدة منذ مجيء الرئيس أوباما؟، وعلى ضوء ذلك نوصي القيام بما يلي:

الحفاظ على التركيز القوي من أجل تحقيق الإصلاح الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، ولكننا يجب كذلك أن نغيّر أساليبنا في كيفية تحقيق هذه الأهداف.

السعي من أجل دفع الحكومة التونسية للإلتزام بالحوار الجاد والحازم، من أجل تحقيق المصالح المشتركة بما في ذلك التجارة والإستثمار، والسلام في الشرق الأوسط، وتحقيق اندماج أكبر بالنسبة للمغرب العربي ككل.

توفير تكوين وتدريب أكبر في اللغة الإنجليزية، والتبادل التعليمي والبرامج الثقافية، للتونسيين وللشباب منهم بالخصوص تحويل مساعتنا العسكرية بعيدا عن صندوق العون العسكري، ولكن علينا أن نجد طرقا أخرى من أجل الإبقاء وتطوير التعاون الأمني والإستخباراتي، مع توسيع التواصل مع أعلى مستوى في السلطة التونسية، لكن مع التأكيد كذلك أن تعاونا أعمق وأكبر مع الولايات المتحدة يستوجب في المقابل تفاعلا جادا وحقيقيا من طرف السلطة التونسية.

الخلفيــــــة : العلاقات الثنائية والقيم المشتركة

ان الولايات المتحدة الأمريكية وتونس لهما علاقة جيدة عمرها 200 سنة، ولنا مصالح مشتركة بما فيها العمل على استتباب السلم الإقليمي ومحاربة الإرهاب وبناء الإزدهار الاقتصادي والإجتماعي. ومنذ الإستقلال فان تونس تستحق الاشادة بها لما حققته من تقدم اقتصادي واجتماعي.

وذلك رغم أنها لا تتمتع بنفس القدر من الثروات الطبيعية لجيرانها، فتونس ركزت على شعبها وعلى تنويع اقتصادها. ولها نجاح نادر جدا، اذ أن الحكومة التونسية ناجعة في توفير خدمات التعليم والصحة والبنية التحتية والأمن لشعبها. وقد عملت الحكومة التونسية لبناء اقتصاد معرفي ولجذب الإستثمار الأجنبي المباشر والذي يمكنه إيجاد نسبة كبيرة من فرص العمل. ونتيجة لذلك فان البلاد التونسية تمتعت في العشرية الماضية بنمو اقتصادي بـ 5 %.

وبالنسبة لحقوق المرأة فتونس تعتبر نموذجا لغيرها في البلاد العربية. كما أن تونس لها تاريخ طويل في التسامح الديني وبرهنت على ذلك من خلال تعاملها مع الأقلية اليهودية في البلاد. وفي الوقت ذاته ما زالت هناك تحديات كبيرة (وعلى رأسها نسبة البطالة العالية بـ 14%)، ولكن في المحصّلة فان تونس حققت نتائج أفضل من غالبية البلدان في المنطقة.

وفي مجال السياسة الخارجية، فان تونس منذ مدة طويلة لعبت دورا معتدلا (بالرغم من أنها في المرحلة الأخيرة أصبح هدفها ارضاء أي طرف تتعامل معه رغم التناقضات بين تلك الأطراف). ان الحكومة التونسية ترفض مقاطعة الجامعة العربية للبضائع الإسرائيلية. ورغم أنها قطعت علاقاتها مع اسرائيل في سنة 2000، لكن الحكومة التونسية من حين لآخر تقيم جلسات ونقاشات هادئة مع المسؤولين الإسرائليين.

كما تدعم الحكومة التونسية قيادة الرئيس محمود عباس للسلطة الفلسطية. وقد شاركت تونس في مؤتمر«أنابوليس» وساندت المجهودات الرامية لتطوير المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية. أما بالنسبة لإيران فان الحكومة التونسية لها نفس القناعة والتوجه تماما مثل الولايات المتحدة الأمريكية، كما أنها حليف في الحرب ضد الإرهاب، وقد حافظت على وجود سفارتها في العراق على مستوى القائم بالأعمال. وأكثر من ذلك فإن تونس قد وقّعت أخيرا عقدا مع الحكومة العراقية للعفو عن ديونها تجاه العراق التي كانت خاضعة لنفس شروط نادي باريس، وبذلك تكون تونس أول بلد عربي يقوم بذلك.

وختاما فرغم ان الشعب التونسي كان غاضبا جدا على حرب الولايات المتحدة الأمريكية ضد العراق، واعتباره أن الولايات المتحدة منحازة لصالح اسرائل، فان أغلب التونسيين ما زالوا معجبين بالحلم الأمريكي. ورغم الغضب على السياسة الخارجية الأمريكية لكن هناك رغبة متزايدة لتعلم اللغة الإنجليزية والسعي الى تبادل أكبر على المستوى التربوي والعلمي مع أمريكا، وكذلك الثقة العالية في ثقافة الابداع الأمريكية. ويرى التونسيون ان كل هذه المسائل هي هامة جدا بالنسبة لمستقبلهم.

المـــأزق: التصلب والتحجر سمة أصيلة في النظام والفساد في اتساع مستمر

رغم التقدم الإقتصادي والاجتماعي في تونس الا أن سجلّها في الحريات السياسية كان ضعيفا. فتونس دولة بوليسية، مع قدر قليل جدا من حرية التعبير والتنظم، وهي تعيش مشاكل حادة بالنسبة لحقوق الإنسان. لكن الحكومة التونسية يمكنها الاشارة الى بعض التقدم السياسي في العشرية الماضية بما في ذلك انهاء مراجعة حرية دخول الكتب التي كان معمولا بها سابقا، والسماح للصليب الأحمر الدولي بزيارة الكثير من السجون.

الا أن الحكومة التونسية كلما تقدمت خطوة تتأخر خطوة أخرى الى الوراء، والمثال على ذلك سيطرتها أخيرا على وسائل اعلام خاصة من قبل عناصر قريبة من الرئيس بن علي.

المشكلة الواضحة : ان تونس ما زالت تُحكم منذ أكثر من 22 سنة من قبل نفس الرئيس

وليس هناك من يخلفه في الأفق. وفي الوقت الذي يستحق الرئيس بن علي الاشادة بحفاظه على السياسات التقدمية للرئيس بورقيبة، فانه ونظامه فقدا التواصل والإحساس بنبض الشعب التونسي. والرئيس ونظامه لا يسمحان بالنصيحة أو النقد سواء كان من جهة وطنية أو دولية. وأصبح تعويلهم على البوليس في تعاظم من أجل التشبث بالسلطة وبسط سيطرة أكبر.

كما أن الفساد في الدائرة الضيقة للحكم اصبح في اتساع مستمر. فحتى التونسيين العاديين أصبحوا على علم بذلك، وكذلك فإن الشكاوى والتذمر أصبحا في متزايد مستمر. والتونسيون لا يحبون بالمرّة، بل يكرهون، السيدة الأولى ليلي الطرابلسي وعائلتها، ففي الجلسات الخاصة يستهزىء معارضو النظام بها، بل حتى أولائك القريبين من الحكومة يعبّرون عن الاحباط الذي يشعرون به من سلوكياتها.

وفي نفس الوقت فان الغضب (في كل شرائح المجتمع) يتسع باستمرار، وذلك نتيجة لنسبة البطالة العالية وتفاوت الجهات في حظوظ التنمية. الشيء الذي جعل المخاطر تتعاظم وتهدد استقرار النظام على المدى البعيد. العلاقات الأمريكية التونسية: 
 كنا نتمنى أن نقول أنها على أحسن ما يُرام. تعكس العلاقات الأمريكية التونسية الحقائق التي يعيشها نظام بن علي.

فبالنسبة للمستوى الإيجابي فقد حققنا أهدافا عديدة في السنوات الماضية بما في ذلك:

الترفيع الهام للدعم الأمريكي العسكري من أجل محاربة الإرهاب.

تحسين بعض البرامج لمقاومة الإرهاب (رغم أنها ما زالت تشكو من بعض الصعوبات بفعل النظام التونسي). تم تقوية العلاقات التجارية بما في ذلك القيام بلقاء مجلس مشترك في إطار TIFA (1 )، وقد تم ارسال بعثات تجارية واقتصادية عديدة، وزيادة النشاط في عالم الأعمال بين البلدين

بناء ارتباطات بين الشباب والمثقفين من خلال برامج تعليم اللغة الانجليزية، ومهرجان للسنما، ومجهودات التواصل في مجال الاعلام. والسعي المتواصل على تشجيع اهتمام نواب الكغرس الأمريكي بتونس.

ولكننا كذلك شهدنا عددا كبيرا من الإخفاقات . فالحكومة التونسية غالبا ما تتجنب التفاعل الجاد، وبالتالي هناك عدد هائل من الفرص الضائعة

والحكومة التونسية رفضت التعامل بإيجابية مع «مشروع تحدي الألفية الجديدة» : (الذي يوفّر المحاسبة الجادة للحكومة التونسية من أجل تحقيق مستوى عال للحكم الرشيد وتطبيق الديمقراطية). الحكومة التونسية امتنعت عن تحقيق دعم مشاريع الشباب عبر البرامج المتاحة لمنظمة العون الأمريكي. الحكومة التونسية قلّصت من جانب واحد عدد الطلبة المنتفعين بالمنح الدراسية التي ترصدها الولايات المتحدة الأمريكية تحت مشروع «فول برايت» للدراسة في الجامعات الأمريكية

الحكومة التونسية امتنعت عن التفاوض حول فتح الأجواء (لتسهيل الملاحة الجوية). -ومن أكثر الأشياء المثيرة أن الحكومة التونسية فرضت ضرائب ذات فعل رجعي بطريقة أحادية، ومفتقدة للباقة بخصوص مدرسة التعاون الأمريكية بتونس. وليس هناك شك أن هذا الفعل تم بإيعاز من عناصر قوية (وربما تكون ليلي الطرابلسي من بينهم) تشرف على المدرسة الدولية بقرطاج (المؤسسة حديثا).

وذلك يثير أسئلة حرجة حول طبيعة الحكم التونسي وحول صداقتنا. وإذا حصل في النهاية أن أفعال الحكومة التونسية هذه، ستجبر عمليا مدرسة التعاون الأمريكي على الإغلاق فإن هذا يستوجب منا أن نقلّص من بعثتنا الدبلوماسية ونحدّ من برامجنا وأن نحجّم علاقاتنا الثنائية إلى الحدّ الأدني.

http://www.orabia.tn/ar/detail_arabique.php?ID=209

الأوراسي
02-02-2012, 11:54 AM
تونس وبن علي في عيون أمريكا النص الكامل لوثيقة ويكيليكس

العــدد : 28 / بتــاريــخ :2012.01.15

(الحلقة الثانية)

وفي نفس الوقت فان الحكومة التونسية رفعت وتيرة سيطرتها حيث جعلت من نشاط البعثة الأمريكية يكاد يكون وبشكل استثنائي مستحيلا. ان وسائل مراقبة وتحديد نشاطاتنا والتي وضعها وزير الخاريجة عبد الوهاب عبد الله، حيث أصبحت تتطلب من البعثة الدبلوماسية الأمريكية الحصول على رخصة مكتوبة قبل الإتصال بأي مسؤول في اي وزارة كانت، بل تعدى ذلك إلى المنظمات شبه الرسمية، أما بالنسية للمستوى المتوسط من السمؤولين التونسيين فلم يعد مسموحا لهم التحادث مع أي شخص من السفارة الأمريكية من دون الحصول على رخصة واضحة تتضمن التعليمات الدقيقة في مواضيع الحديث وكيفية طرقها. بل ان كل مطالب اللقاءات أو أي اجراءات آخرى يجب أن تمر عبر الإجراء الدبلوماسي الرسمي. وحتى اغلبية تلك المطالب الدبلوماسية الرسمية لا نحصل على جواب لها. والملاحظ أن هذا التمشي لم يكن خاصا بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، بل هو شامل لكل السفارات الأجنبية في تونس والتي تخضع لنفس هذه الألوان من التسلط لكننا أصبحنا نلحظ أن السفارات الأخرى أصبحت أقل انزعاجا لخضوعها لتلك الإجراءات (المتعسفة).

وبالاضافة الى المراقبة والتسلط البيروقراطي، فان الحكومة التونسة تجعل من الواجب العادي لتواصل البعثة الأمريكية مع عامة مكونات المجتمع التونسي صعبة للغاية.
ان الصحف التى تسيطر عليها الحكومة التونسية كثيرا ما تهاجم نشطاء المجتمع المدني الذين يشاركون في بعض نشاطات السفارة بوصمهم بالخونة، وفي بعض الأحيان يقوم البوليس بالزي الرسمي المتواجد خارج السفارة، باهانة وشتم المشاركين الذين يدخلون السفارة. وكمثال على تكتيكات السلطة التونسية: فحينما رصدنا منحة لمرأة تونسية كجائزة من خلال برنامج (MEPI) (2 )، فإن مديرها المسؤول في وزارة التجارة طلب منها ألا تذهب للحصول عليها. فأصرّت على تسلمها لكنها في النهاية خضعت لطلب المدير المسؤول خصوصا بعد تلقيها لتهديدات بالقتل مجهولة المصدر.
ان بعض تصرفات الحكومة التونسية (المتوترة) ربما تعزى الى بغضها الشديد لأجندة الادارة الأمركية السابقة من أجل اشاعة الحريات في تونس والعالم العربي. وذلك لأن الحكومة التونسية تعتبر تلك السياسة (توسيع الحريات والديمقراطية) خطيرة عليها، وتعتقد أنها ستفتح الباب أمام المتطرفين الإسلاميين لإستلام السلطة (عند تثبيت الديمقراطية واحترام حقوق الانسان).
المسؤولون في الحكومة التونسية لم يتركوا ذلك سرّا، بل عبّروا عن رفضهم لتلك السياسات للسفير مباشرة، كما عبروا عن رفضهم تواصل شخصيات سياسية من السفارة مع زعماء أحزاب المعارضة التونسية وبالخصوص بالسيد نجيب الشابي زعيم الحزب الديمقراطي التقدمي الذي يحظى من الرئيس التونسي بعداوة شخصية قوية جدا، ونفس الشعور تجاه نشطاء المجتمع المدني الذين ينتقدون نظامه. كما عبّرت السلطات التونسيةعن انتقادها اللاذع للادارة الأمريكية السابقة بسبب تصريحاتها المنتقدة لها علنيا (من مثل التصريح،في اليوم العالمي لحرية الصحافة في سنة 2008) والذي حسب رأيهم استهدف ظلما الحكومة التونسية.

مالذي يجب علينا فعله أمام هذه الأوضاع السيئة ؟
انه لا يمكننا ان نتحمّل مزيدا من الاحباط نتيجة ظروف العمل هنا، ولكننا لا نستطيع بحال من الأحوال أن نشطب تونس، لأن المصالح في الميزان كبيرة جدا ولا يمكن بحال التخلي عنها. حيث أن لنا مصلحة كبيرة في التوقي من خطر تعاظم دور القاعدة في المغرب الاسلامي، وكذا بعض المجموعات المتطرفة الأخري، من أن يتمكنوا من وضع ساقهم في تونس. ولذا فمن مصلحتنا الحفاظ على أن يبقى الجيش التونسي محترفا ومتسما بالحياد. كما أنه من مصلحتنا كذلك بناء انفتاح سياسي أكبر، وتوسيع احترام حقوق الانسان في تونس. انه من مصلحتنا كذلك بناء الازدهار الإقتصادي والإجتماعي وتقوية الطبقة المتوسطة في تونس لأنها تمثل ركيزة الاستقرار على المدى البعيد للدولة التونسية. بل الأكثر من ذلك فإننا في حاجة الى تقوية التفاهم الثنائي من أجل اصلاح صورة الولايات المتحدة لدى الناس وأن نحقق تعاونا أكبر تجاه الكثير من التحديات الإقليمية.
ان الولايات المتحدة تحتاج الى المساعدة في هذه المنطقة من أجل تحقيق سياساتنا. وتونس هو البلد الذي نجده لصالحنا في الوقت المناسب.

سياسة «نمــدّ يدنــا»
منذ الاحتفاء بالتسمية الرسمية للرئيس أوباما، أصبح التونسيون أكثر قابلية للولايات المتحدة الأمريكية، ورحّب المسؤولين الكبار في الحكومة التونسية بحرارة، بتصريحات وخطب الرئيس أوباما، بل كان الاطراء خاصة لخطابه المشهور في القاهرة، والذي وصفه وزير الخارجية بالمشجع. وفي نفس الوقت فإن بعض الشخصيات في المجتمع المدني الذين قاطعوا نشاطات السفارة الأمريكية التى كانوا يدعون إليها، وذلك تعبيرا على معارضتهم الشديدة لحرب العراق، قد بدؤوا الآن يتجاوبون مع السفارة مجددا. وفي العموم فان التحولات التي أحدثتها سياسة مدّ اليد من الرئيس أوباما عند خطاب تقلده الرئاسة كان له الصدى القوى لدى التونسيين. لقد كان ملموسا ترحيب التونسيين بالكثير مما فعلته ادارة الرئيس أوباما بما في ذلك قراره غلق سجن غوانتانامو، وتخطيطه لسحب قواته من العراق. وفوق كل ذلك فان التونسيين كانوا مبتهجين ومرتاحين لنوعية خطابات الرئيس أوباما وبياناته وأفعاله (الى حدّ الآن في الشرق الأوسط ).

كيف يمكننا التقدم بالنسبة للديمقراطية وحقوق الانسان «في تونس«
لقد أوجدت إدارة الرئيس أوباما فرصة كبيرة لنا، ولذا فعلينا استكشاف كيف يمكن أن نسلك الطريق من أجل تحقيق علاقات ثنائية أكثر مردودية لصالح البلدين.
يقول المسؤولون في الحكومة التونسية أن الولايات المتحدة الامريكية تحاول التركيز على القضايا التي لا تجد الحكومة التونسية ارتياحا في التجاوب معها (مثل قضية الحريات والديمقراطية)، ويشيرون في هذا الى نداءاتنا من أجل توسيع الاصلاحات الديمقراطية واحترام حقوق الانسان، ويحتجون بأنهم بصدد تحقيق تقدم (على شاكلتهم).
فمنذ سنين وهدف السفارة الأمريكية الأول، كان وما يزال تحقيق التقدم في هذه المجالات (الديمقراطية وحقوق الانسان).

ونحتاج الى الحفاظ على تركيزنا على ذلك الهدف خصوصا وسنة 2009 هي سنة الانتخابات في تونس .والرئيس بن علي متيقن أنه سينتخب مجددا وبفارق كبير جدا، وذلك طبقا لعملية انتخابية لن تكون جتما حرّة ولا نزيهة، وفي هذا الإطار لا بد من مواصلة التقليل من أهمية هاته المواضيع وأن نحافظ على التواصل (الجيد) مع بعض أحزاب المعارضة ومجموعات المجتمع المدني المنتقدة للنظام القائم في تونس.
ويجب أن ندرس كيفية اعلان سياستنا هذه، وعلينا كذلك أن نكون يقظين في كيفية التعبير العلني عن سياستنا المذكورة أعلاه.

ومنذ سنوات عديدة، كانت الولايات المتحدة الأمريكية دائما في المقدمة، سواء كان ذلك في السرّ أو العلن، في انتقاد الحكومة التونسية بسبب غياب الديمقراطية وافتقار احترام حقوق الإنسان بتونس. وما زال هناك مجال لذلك الإنتقاد، و يجب علينا أن لا نتخلى مطلقا عن مواصلة تبنى هذه السياسة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وسفارتها. ولكن لا يفوتنا أن نوصي بتوخي مقاربة أكثر براغماتية في هذا المجال، حتى يتسنّى لنا ان نتحدث بصراحة ووضوح مع المسؤولين الكبار في السلطة التونسية حول انشغالاتنا فيما يتعلق بواقع الديمقراطية وممارسة حقوق الانسان في تونس، لكن علينا التقليل من انتقادهم علنيا.
ان المسألة الأساسية والتي يجب القيام بها دائما هي التشبث بالحديث الصريح والواضح اثناء اللقاءات الخاصة التي تجمعنا مع كبار المسؤولين. كما نوصي بأن نكون واضحين جدا مع مسؤولي الحكومة التونسية بأننا غيّرنا مقاربتنا السابقة في انتقادنا للسلطة، لكنه في الوقت ذاته يجب علينا كذلك أن نكلمهم بوضوح بأننا سنواصل التفاعل المباشر في لقاءات خاصة مع أحزاب المعارضة وعناصر المجتمع المدني.

واضافة لذلك، علينا مضاعفة الجهود من أجل اقناع شركائنا الأوروبيين والبلدان التى نشترك معها في القناعات من أجل تكثيف مجهوداتهم لإقناع الحكومة التونسية لتسريع الاصلاح السياسي المنشود.
لكننا في الوقت الذي نجد أن بعض البلدان الأوروبية (مثل بريطانيا وألمانيا) متفقين معنا، نجد بعض الدول الأساسية مثل فرنسا وايطاليا تستحيان من ممارسة ضغوطا على الحكومةالتونسية، وبالتالي علينا ان نعمل من أجل دفعهم للقيام بذلك، وأن تتم مقايضة الدعم من أجل الحصول على «مرتبة الشريك المتقدم» بالتزام النظام التونسي بتحقيق الديمقراطية واحترام حقوق الانسان.

http://www.orabia.tn/ar/detail_national.php?ID=221