ابو العبد
23-10-2011, 08:52 AM
وعد القذافي بالموت في سبيل ليبيا، وفي سبيل نفطها. وهذا، كما يبدو، حدث في 20 اكتوبر/تشرين الاول.واذا ما انتهت اي حرب اهلية او مصائب البلدان بتصفية طغاتها او دكتاتوريها، فمن الممكن اعتبار ليبيا حرة الآن . ولكن للاسف، ان مشاكلها قد بدأت فحسب.علما ان هذه الحرب، حسب المعايير الافريقية، لم تستمر طويلا. فقد بدأت اولى التظاهرات السافرة ضد القذافي في 15 فبراير/شباط من هذه السنة. وللمقارنة مع حكم القذافي على مدى 42 عاما، منذ الاول من سبتمبر/ايلول عام 1969، استمرت على العموم 50 يوما.وكالعديد من الطغاة، الذين يبدأون كمحررين، اجتاز القذافي كافة الاطوار الخمس، من قائد الثورة المحبوب الجرئ الى مهرج قاس معجب بنفسه.
تصفية القذافي لا تعني ارساء اسس الديمقراطية
القضية حتى ليست في القذافي. فانه شخصيا لم يعد منذ فترة طويلة يحظى بأي تعاطف. ولكن ماحدث ويحدث وسيحدث في ليبيا، قد يغير الوضع في كل شمال افريقيا، وفي كل المنطقة العربية والشرق الاوسط بشكل ملموس. وليس غدا، ولا بعد اسبوع. في المستقبل، ولكن ليس البعيد جدا.
وان تصدير الدمقراطية من خلال الناتو، ليس ما كان ينتظره العرب على الاطلاق، او ما كانوا مستعدين له. وقد غير تدخل الناتو من الناحية الجيوسياسية، الكثير جدا. وعلى الارجح، بالاتجاه السلبي.
وقد طرحت آراء كثيرة بشأن قرار مجلس الامن الدولي 1973 السئ الصيت. ورضخت روسيا لاستدراجات ووعود الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بالالتزام ببنوده، بالرغم من انه كان واضحا من البداية، انه ستتم جرجرة الامور الى خارج الحدود المنصوص عليها في الوثيقة .
وفي واقع الامر لا يعتبر ذلك غدرا. فان قرارات الامم المتحدة تعد على الدوام بتفنن، بحيث من السهل ايجاد الثغرات تقود فيها التي تقود الى الانحراف عن المجرى الاساسي. وبوسع الحقوقيين البارعين جرجرتها بمختلف الاتجاهات الى مسافات تجعلها تختلف كثيرا عن الرئيسية. والقرار 1973 خير مثال، وخير درس.
وان فيتو الصين وروسيا على القرار المماثل (بدون مناطق محظورة على الطيران) بصدد سورية، كان اول رد على هذا الخداع. ومع ذلك لا خير في الخلافات في مجلس الامن الدولي (لحد استخدام حق الفيتو)، وهنا لا يستطيع الناتو والغرب إلقاء الذنب على نفسيهما فقط.
هل ليبيا .. تكرار لافغانستان؟
لكن الاسوأ حتى ليس هذا. فلا توجد في الحقيقة سلطة موحدة او اي حزب بوسعه استلام السلطة في ليبيا. وهذا ايضا غير مستحيل في البلدان التي اجتازت للتو مثل هذه الفترة التاريخية المضطربة.
والخطر آخر، ويكمن في تناقضات الحرب الليبية، التي لا يعار لها الاهتمام.
فمنذ ان غير الغرب موقفه من القذافي مجددا، منذ عام 2003 تقريبا، تحول الاخير من الصبي المشاكس الرئيسي الى حليف، ولم يكن لا لدى الولايات المتحدة ولا لدى بريطانيا ولا لدى ايطاليا وفرنسا (بدرجة اقل بالطبع) حليف افضل من المخابرات الليبية في الصراع مع اسامة بن لادن و"القاعدة" . وكان كل العمل التجسسي، وحصة الاسد من المعلومات يرد من او عبر ليبيا.
والحاصل ان الغرب قصف شريكه الرئيسي في الحرب الخفية ضد الارهاب الدولي، الشر الاكبر في ايامنا.
ولا تثير الانتباه ميزة اخرى للحرب الاهلية الليبية. وبعبارة ادق، حرب فصائل الثوار المتفرقة بدعم قوات الناتو ضد قوات القذافي الحكومية. وان الكتلة الاساسية في مجمل قوى الثوار، حوالي 80%، ناهيك عن النواة، من انصار الاسلام الراديكالي، وتنظيم "الاخوان المسلمين".
وخير مثال على ذلك عبد الحكيم بلحاج، حاكم طرابلس العسكري. ولهذا الشخص نفوذ كبير، ويطمح بمناصب عالية في الحكومة، ولا يخفي نفوره من التشكيلة الحالية للمجلس الوطني الانتقالي وقيادته، ومن الشركاء في الناتو بقدر اكثر.
وبلحاج الشخص الاول في الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة، التي اعتبرتها وزاة الخارجية الامريكية منظمة ارهابية، وقامت المخابرات البريطانية "m16" وقتها بمطاردته والقت القبض عليه في ماليزيا، وجرى تسليمه الى وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية، ومن ثم سلمته الاخيرة.. الى العقيد القذافي. وقضى في السجن الليبي تحت التعذيب المتواصل 7 سنين. وقام باستجوابه بما في ذلك ضباط وكالة الاستخبارات المركزية و"m15"، ولم تتخذ اي اجراءات لاطلاق سراحه.
ورعت الولايات المتحدة وبريطانيا بنفس الشكل تقريبا في البداية، حركة "طالبان" في باكستان. والجميع يعرفون نتيجة ذلك. والكثير في ليبيا، للاسف، مشابه جدا.
والثورات من المسائل الخطرة، التي يتعين وضع حد لها. ولا يخالف هذا الرأي الا القليلون. انها خطرة في الشرق الاوسط بصورة مزدوجة، اذ يوجد هناك النفط والغاز وقناة السويس والنزاع العربي الاسرائيلي، وحرب العراق، وافغانستان. ولربما ستصبح "الثورة الليبية" اخر عملية قلب لنظام حكم سيء بالقوة. والمشكلة تنحصر في البديلالذي سيأتي بعده.
المصدر: وكالة "نوفوستي" الروسية للانباء
تصفية القذافي لا تعني ارساء اسس الديمقراطية
القضية حتى ليست في القذافي. فانه شخصيا لم يعد منذ فترة طويلة يحظى بأي تعاطف. ولكن ماحدث ويحدث وسيحدث في ليبيا، قد يغير الوضع في كل شمال افريقيا، وفي كل المنطقة العربية والشرق الاوسط بشكل ملموس. وليس غدا، ولا بعد اسبوع. في المستقبل، ولكن ليس البعيد جدا.
وان تصدير الدمقراطية من خلال الناتو، ليس ما كان ينتظره العرب على الاطلاق، او ما كانوا مستعدين له. وقد غير تدخل الناتو من الناحية الجيوسياسية، الكثير جدا. وعلى الارجح، بالاتجاه السلبي.
وقد طرحت آراء كثيرة بشأن قرار مجلس الامن الدولي 1973 السئ الصيت. ورضخت روسيا لاستدراجات ووعود الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بالالتزام ببنوده، بالرغم من انه كان واضحا من البداية، انه ستتم جرجرة الامور الى خارج الحدود المنصوص عليها في الوثيقة .
وفي واقع الامر لا يعتبر ذلك غدرا. فان قرارات الامم المتحدة تعد على الدوام بتفنن، بحيث من السهل ايجاد الثغرات تقود فيها التي تقود الى الانحراف عن المجرى الاساسي. وبوسع الحقوقيين البارعين جرجرتها بمختلف الاتجاهات الى مسافات تجعلها تختلف كثيرا عن الرئيسية. والقرار 1973 خير مثال، وخير درس.
وان فيتو الصين وروسيا على القرار المماثل (بدون مناطق محظورة على الطيران) بصدد سورية، كان اول رد على هذا الخداع. ومع ذلك لا خير في الخلافات في مجلس الامن الدولي (لحد استخدام حق الفيتو)، وهنا لا يستطيع الناتو والغرب إلقاء الذنب على نفسيهما فقط.
هل ليبيا .. تكرار لافغانستان؟
لكن الاسوأ حتى ليس هذا. فلا توجد في الحقيقة سلطة موحدة او اي حزب بوسعه استلام السلطة في ليبيا. وهذا ايضا غير مستحيل في البلدان التي اجتازت للتو مثل هذه الفترة التاريخية المضطربة.
والخطر آخر، ويكمن في تناقضات الحرب الليبية، التي لا يعار لها الاهتمام.
فمنذ ان غير الغرب موقفه من القذافي مجددا، منذ عام 2003 تقريبا، تحول الاخير من الصبي المشاكس الرئيسي الى حليف، ولم يكن لا لدى الولايات المتحدة ولا لدى بريطانيا ولا لدى ايطاليا وفرنسا (بدرجة اقل بالطبع) حليف افضل من المخابرات الليبية في الصراع مع اسامة بن لادن و"القاعدة" . وكان كل العمل التجسسي، وحصة الاسد من المعلومات يرد من او عبر ليبيا.
والحاصل ان الغرب قصف شريكه الرئيسي في الحرب الخفية ضد الارهاب الدولي، الشر الاكبر في ايامنا.
ولا تثير الانتباه ميزة اخرى للحرب الاهلية الليبية. وبعبارة ادق، حرب فصائل الثوار المتفرقة بدعم قوات الناتو ضد قوات القذافي الحكومية. وان الكتلة الاساسية في مجمل قوى الثوار، حوالي 80%، ناهيك عن النواة، من انصار الاسلام الراديكالي، وتنظيم "الاخوان المسلمين".
وخير مثال على ذلك عبد الحكيم بلحاج، حاكم طرابلس العسكري. ولهذا الشخص نفوذ كبير، ويطمح بمناصب عالية في الحكومة، ولا يخفي نفوره من التشكيلة الحالية للمجلس الوطني الانتقالي وقيادته، ومن الشركاء في الناتو بقدر اكثر.
وبلحاج الشخص الاول في الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة، التي اعتبرتها وزاة الخارجية الامريكية منظمة ارهابية، وقامت المخابرات البريطانية "m16" وقتها بمطاردته والقت القبض عليه في ماليزيا، وجرى تسليمه الى وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية، ومن ثم سلمته الاخيرة.. الى العقيد القذافي. وقضى في السجن الليبي تحت التعذيب المتواصل 7 سنين. وقام باستجوابه بما في ذلك ضباط وكالة الاستخبارات المركزية و"m15"، ولم تتخذ اي اجراءات لاطلاق سراحه.
ورعت الولايات المتحدة وبريطانيا بنفس الشكل تقريبا في البداية، حركة "طالبان" في باكستان. والجميع يعرفون نتيجة ذلك. والكثير في ليبيا، للاسف، مشابه جدا.
والثورات من المسائل الخطرة، التي يتعين وضع حد لها. ولا يخالف هذا الرأي الا القليلون. انها خطرة في الشرق الاوسط بصورة مزدوجة، اذ يوجد هناك النفط والغاز وقناة السويس والنزاع العربي الاسرائيلي، وحرب العراق، وافغانستان. ولربما ستصبح "الثورة الليبية" اخر عملية قلب لنظام حكم سيء بالقوة. والمشكلة تنحصر في البديلالذي سيأتي بعده.
المصدر: وكالة "نوفوستي" الروسية للانباء