المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تركيا وايران وتنفيذ المشروع الامريكي



بوفيصيل
20-10-2011, 04:47 AM
*
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

تركيا وإيران.. مدخلهما الرئيس إلى المنطقة فلسطين.. لماذا؟

*
السلام عليكم ورحمة الله وبكاته
كما وصلني عبر البريد الخاص لي
د. أبا الحكم

·******* تركيا.. تجعل من فلسطين مدخلاً إلى المنطقة

·******* إيران.. ترى في فلسطين مدخلاً إلى المنطقة

·******* الأولى.. ترى في فلسطين المفتاح للحلم العثماني

·******* الثانية.. ترى في فلسطين غطاءً لسحنتها الطائفية

*

خطان سياسيان أساسيان بينهما برزخ لا يلتقيان، هما كل من إيران وتركيا.. ولكن قد يلتقيان على مصالح الأمن المشترك بالضد من أكراد بلديهما والتنسيق على خط مطاردتهما خارج حدود جغرافيتهما السياسية، دون رادع سياسي أو قانوني أو أخلاقي يتعلق بحقوق الإنسان.

والغريب في الأمر، إن الغرب الإمبريالي يلوذ بالصمت حيال القصف التركي والإيراني المتزامن على المدن وقرى العراق الحدودية في الشمال. ويسكت على المجازر التي تحصل في العراق على وجه الخصوص وما يحدث في هذين البلدين، ويتحمس بصورة غير مسبوقة إزاء ساحات أخرى تعيش اختلال الأمن واضطرابه نتيجة المطالب المشروعة التي سرعان ما أطرها (الناتو) الإمبريالي بحملاته العسكرية والمخابراتية والإعلامية في شكل سيناريوهات تأخذ هي الأخرى شكل التصعيد المبرمج.. والهدف هو تعزيز (سابقة) في السياسة الدولية تستهدف إسقاط النظم السياسية وتفكيك الدول وتمزيق المجتمعات، تنتهي نتيجتها إلى منحيين : إما حرب أهلية أو دولة فاشلة أو كليهما معاً على أساس المحصلة، كما جرى في الصومال وأفغانستان والعراق وليبيا، وسيناريوهات الفوضى ما تزال تأخذ مجراها في اليمن وسوريا وساحات عربية أخرى موضوعة على نار هادئة في الخليج العربي.

والغريب في الأمر أيضاً، أن دول العالم العظمى مثل روسيا والصين والهند.. إلخ، باتت تدرك أن أسلوب (الناتو) وقيادته السياسية في واشنطن، التي انتهزت فرصة الغليان الشعبي المشروع بالضد من النظام العربي الرسمي، العاجز والفاسد والمتواطئ حصراً لأعمام الفوضى المنظمة، سينسحب على أوضاعها الداخلية عن طريق تغذية حراكها الشعبي، خاصة وإن هذه الدول العظمى والكبرى وغيرها تعاني من مشكلات أو لديها ثغرات في مسائل الاقتصاد والمجتمع ومسائل التهميش والضغط السلطوي الذي ينضوي تحت خط حقوق الإنسان.. ذلك الفخ الأجنبي الذي نصبه الغرب للتدخل تحت أغطية حماية الإنسان وحماية الشعوب من سيطرة الديكتاتورية، وكأن الإمبريالية ومنذ نشأتها هي التي تحمي الشعوب ولا تستعمرها، تحمي الشعوب ولا تنهب ثرواتها، تحمي الشعوب ولا تنزع عنها حريتها وكرامتها وسيادتها!!

*

تركيا.. يحركها عاملان أساسيان :

أولهما : واجباتها في "الناتو" على الرغم من أن الإتحاد الأوربي قد أغلق أبوابه في وجهها، واعتبرها شوكة في خاصرته، ومع ذلك تستمر تركيا في تنفيذ ما يريده لعل في نجاحها في مهماتها أن يفتح لها نافذة تشتم من خلالها الهواء الأوربي. والدليل هو مقررات مؤتمر أنقرة المتعلق بالناتو، وقرارات مؤتمر لشبونة الذي عقد في 19/نوفمبر- تشرين الثاني/2010، حيث قال " أحمد داوود أوغلو " وزير الخارجية التركي (إن بلاده هي في قلب الناتو، وإنها لا تحتاج إلى من يقنعها لتغيير مواقفها.....إلخ).

وثانيهما : مصلحة تركيا وإسلامها المعتدل – حسب التعبير الأمريكية – والمهمة الموكولة لها في قيادة التيار الإسلاموي في عموم الساحات التي ظهر فيها الحراك الشعبي المتصاعد في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا...إلخ، وستبدأ دورها في مصر لتقود منها تحركها تحت أغطية مختلفة تقع في مقدمتها القضية الفلسطينية، اعتقاداً منها، وهذا صحيح تماماً، بأن القضية الفلسطينية لها مكانتها المركزية في العقل العربي ومن الصعب اختراق المنطقة سياسياً بدون هذا المدخل الذي يعد المفتاح الإستراتيجي لأي دور يمكن أن تلعبه تركيا، حتى لو اقتضى الأمر الاصطدام مع الكيان الصهيوني مؤقتاً وضمن شروط تتحدد تحتها خطوط حمراء متفق عليها، وإلا كيف يمكن لتركيا أن تجد المسوغ المعقول والمقبول لدى الشعب العربي، الذي ما تزال ذاكرته قوية ومتقدة من نيات تركيا ومؤسستها العسكرية العاملة في ظل منهج أتاتورك العثماني المراد نشره بطريقة تتماشى مع عصر تنفيذ مشروع "الشرق الأوسط الجديد" طالما استمرت أوربا في تعنتها وطالما استمرت تركيا تحاول أن تثبت بأن أوربا لا يمكن أن تستغني عن خدماتها الجيو- إستراتيجية في منطقة أوراسيا و(الشرق الأوسط الجديد)!!

وبالقدر الذي تدخل فيه تركيا إلى المنطقة العربية على وجه الخصوص والعالم الإسلامي بوجه عام، على أساس (النموذج الإسلامي المعتدل)، حسب التوصيف الأمريكي، فأن الفرز واضح والاتهام على قدر كبير من الوضوح بأن هناك نموذج (إسلامي غير معتدل – بمعنى متطرف- بمعنى إرهاب إسلامي)، ينبغي تشديد الخناق عليه ومحاربته بكل الوسائل الممكنة والمتاحة وعلى رأسها توظيف عناصر تقود العنف وتشوه نهج الدين الإسلامي الحنيف.. مثل القاعدة التي خلقتها أمريكا في أفغانستان، والقاعدة التي خلقتها أمريكا في العراق تحت رعاية إيرانية، والقاعدة التي أطلقتها في الجزائر وخلفتها باستحياء في مصر، وخلقتها الآن عن طريق الدم في ليبيا، وفي اليمن، وجاء دور سوريا على هذا الخط.. والرؤية المؤكدة من سياسة الفوضى الخلاقة أن أمريكا والغرب يعملان على خلق القاعدة في كل الوطن العربي، تمهيداً لـ (سايكس- بيكو) جديد!!

وبالقدر الذي تدخل فيه إيران إلى المنطقة العربية على وجه الخصوص ومناطق مختلفة في أفريقيا وتجمعات هنا وهناك، كنموذج لا يمثل الدين الإسلامي، إنما نموذج تشيع فارسي صفوي أقحم بعناية فائقة في الدين الإسلامي من أجل نخره من الداخل وتدميره وتشويه رموزه وتفكيك عصمته في القرآن الكريم بتحريف نصوصه.. هذا النموذج السيئ المؤذي للإسلام لم يعترض عليه أحد من الغرب، كما أنه لم يصنف على أساس أنه نموذج متطرف أو حتى معتدل، والسبب إن الغرب المتصهين يشجع ذلك كأداة هدم وتمزيق للدين الإسلامي من جهة، وللمجتمعات العربية والإسلامية من جهة أخرى، وهنا بات الهدف مشتركاً مع الصهيونية وكيانها العنصري في إلغاء الكيان العربي ومحو هويته القومية العربية، وفرض واقع جديد يعمل على أساس (براغماتية) العمل الاقتصادي و(ميكافيلية) فرض سياسة الأمر الواقع على الشعب العربي.

بوفيصيل
20-10-2011, 04:56 AM
*

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

تركيا وإيران.. مدخلهما إلى المنطقة فلسطين.. لماذا؟

ح (2)

شبكة البصرة

د. أبا الحكم

إذن.. نموذجان سيئان في النيات والعمل يجابهان بالضد من المشروع العربي، وكل منهما له أجندة سياسية واستخبارية تسهل حركتهما في أجواء أنظمة عربية خائبة وعاجزة ومتواطئة وغارقة بالفساد والتهتك!!

فإذا كان القطبان الأساسيان الإتحاد السوفياتي السابق والولايات المتحدة الأمريكية قد حققا توازناً كونياً نسبياً في ظل الحرب الباردة فأن هذا التوازن لم يكبح جماح إيران من العدوان على العراق استمر ثمان سنوات بسبب من التوظيف الأمريكي- الصهيوني لإيران للإخلال بالتوازن الإقليمي، ولم يُحِد التوازن الدولي من طبيعة خيارات إيران حيال العراق ودول المنطقة، كما أن انهيار الإتحاد السوفياتي وتصدع حلف وارسو، قد فتح الباب على مصراعيها لخيارات إيران التي جعلت المنطقة تتعرض إلى عدم استقرار عنيف كان مقدمة لتغيرات واسعة نتيجة الإخلال في ميزان تعادل القوى الإقليمي، تكرسَ باحتلال العراق، الذي كان له تأثيراً كبيراً على تداعيات المنطقة برمتها، انتعشت بأجوائها سيناريوهات إقليمية وأخرى غربية معززة بمشاريع مصممة على مقاسات المنطقة العربية، تستهدف إسقاط الأنظمة العربية بطريقة الفوضى العارمة وحروبها ألأهلية، كما هو واضح من أسلوب الإمعان في خلق عدم توازن في المنطقة يتحمل مسؤوليته النظام العربي الرسمي.. جاءت في شكل سيناريوهات، الفراغ، والإرهاب، وتصدير الطائفية والنزعات العرقية، وإنعاش روح التمرد غير الهادف، وإشاعة مفهوم الفيدرالية أو الكونفدرالية، التي يراد تجربتها في العراق تمهيداً لأعمامها على النظم المشمولة بمشروع (الشرق الأوسط الجديد)، لأن محور ميزان تعادل القوى الدولي قد انهارَ، فتصدعت معظم التوازنات الإقليمية، ومنها توازنات المنطقة العربية بصورة مركبة بعد تكبيل مصر واحتلال العراق.

فتركيا تعاني من الدعم الأمريكي والصهيوني لنشاطات حزب العمال الكردي- التركي (p.k.k)، في الأنضول وشمال العراق، الأمر الذي جعل القوات التركية تقوم بنشاطات تخرق فيه أرض وأجواء العراق المحتل لمطاردة عناصر هذا الحزب، مدعية بكل صفاقة (سد فراغ السيطرة الذي نجم عن الحرب الإيرانية العراقية من جهة، ومحاربة الإرهاب من جهة ثانية)، فيما يتكبد شعبنا في شمال العراق القصف والتدمير والتهجير، كما يحصر من قتل وتهجير وتجريف وإفراغ للأرض في فلسطين العربية من لدن الكيان الصهيوني.!!

بيد أن الإستراتيجية التركية وهي تعمل في إطار المتغيرات الدولية وتوجهات (الناتو)، بعد أن خرج عن جغرافيته- السياسية، باتت تربط بين إقليم القوقاز و(الشرق الأوسط) على خط العراق والخليج العربي، وهو الخط، الذي يعد امتداداً – حسب هذه الإستراتيجية – بين شرق الأنضول نحو الخليج العربي من جهة، وبين القوقاز والمحيط الهندي من جهة ثانية، تحت مؤشرات جديدة للتوازن (النفط والمياه).. هذان المؤثران باتا أكثر إلحاحاً وصرامة في مجرى التحولات الجارية إقليمياً ودولياً، إذ ترى الإستراتيجية التركية في أبعادها خطوط ارتباط لهذه المؤثرات مثل (منطقة نفط بحر قزوين، ومياه العراق، ومشروع مياه الأنضول، ونفط منطقة الخليج العربي).. الرؤية الإستراتيجية التركية هذه لها مشتركات يتعذر فصلها عن تطلعات الناتو طالما بات العراق يمثل أهم مركز لخط الارتباط الجيو- اقتصادي في المنطقة. فتركيا تعمل على هذا الخط المرادف لخط شرق بحر الأبيض المتوسط، الذي يعتبر حزام لمحور القوقاز- الشرق الأوسط - البلقان. وكلا الخطان الإستراتيجيان يضمان العديد من الإشكاليات والمشكلات مثل (قضية العراق المحتل، والعلاقات العربية الإيرانية المحتقنة، والعلاقات العربية الإسرائيلية المعقدة، والمسألة الكردية في ساحات عدد من دول المنطقة، والتي تحظى بدعم إسرائيلي وأمريكي بالضد من الأمن القومي التركي بوجه خاص، والأمن القومي لدول جوار العراق سوريا وإيران بوجه عام، ثم مشكلة قبرص، والخليج العربي الذي تصر إيران على تطبيعه باسم قوميتها الفارسية، فيما هو خليج عربي منذ ألاف السنين وضفتيه الشرقية والغربية هما أرض عربية، وامتدادها من البصرة إلى نهاية أطراف سلطنة عمان)!!

فإذا كان التوسع العثماني الجيو- سياسي يجمع قديماً بين خطي التوسع لكل من (داريوش) و (الاسكندر الأكبر)، الأول نحو شرق – غرب، والثاني باتجاه غرب- شرق ونقطة انتشارهما الإستراتيجي من الأنضول، كما يقول المحللون الأتراك، فأن خط ((المجابهة)) بين هذين الخطين يتمثل في غرب آسيا بخط العراق.. والواضح هنا أن إيران لم تعد قادرة على أو لديها إمكانية خلق توازن بين الضرورات الإقليمية وبين الخيارات الدولية، فهي في وضعها الراهن الذي تعمل فيه على أساس (أيديولوجية الدولة الفارسية القومية)، تتجاوز واقع الخيارات ليس الإقليمية فحسب إنما الدولية في كل أبعادها السياسية والاقتصادية ومكونات استقرارها، على الرغم من استعراضاتها العسكرية التي هي مدعاة للسخرية، وتوافقها الإستراتيجي الهش على خط توسعها المذهبي من خلال الهيمنة الأمريكية على العراق.. أما تركيا فأن عمق ارتباطاتها بالكيان الصهيوني واستعمارها للأراضي العربية (الاسكندرون) وأراضي ومياه إقليمية سورية، ونزعتها في التدخل الأحمق في العراق، وتصرفاتها المشبوهة حيال ليبيا التي تتعرض لعدوان الناتو الوحشي، وحيال سوريا التي تتعرض لمثل هذه الموجه التآمرية الكبرى، فأن صدقيتها في استخدام مفتاح فلسطين أو القضية الفلسطينية لا يجدي نفعاً لكي تنجح في أن تلعب دوراً في المنطقة العربية، وإذا كانت كل من تركيا وإيران تفكران في شيء أسمه استغلال الفراغ الجيو- سياسي الناجم عن تفكك الإتحاد السوفياتي، والذي استحدث هامشاً أكثر مرونة سياسية أيقظ الحلم التركي بعثمانية جديدة، وحلم إيراني بمسحة فارسية- طائفية، فأن هذه المرونة غير المحسوبة لن تحقق شيئاً في واقع عربي له حساباته الخاصة أيضاً مهما كانت المشاريع العدوانية شرسة وغادرة ومخاتلة.. لأن قضية فلسطين قضية لها عمقها في التاريخ النضالي للشعب العربي، وإن اللعب التركي والإيراني على وتر هذه القضية هو كمن ينفخ في رماد!!

تمت..

17/10/2011